في خطوة تُعدّ مفصلية على طريق “بسط السيادة وتعزيز هيبة المؤسسات”، أقرت الحكومة “البند الحاسم” في هذه المرحلة الحساسة، والذي يقضي بحصر السلاح بيد الدولة عن طريق الجيش، ورفض أي مظاهر للتسلّح خارج إطار الشرعية.
القرار الذي جاء وسط انقسام داخلي حاد وتحديات أمنية متصاعدة، فالإعتداءات الإسرائيلية لا تتوقف، والضغط الدولي يزداد يوماً بعد يوم على لبنان، ومسألة السلاح أصبحت عائقاً أمام بناء الدولة، بحسب البعض.
ردود الفعل على القرار
وصَف “حزب الله” قرار الحكومة بأنه “خطيئة كبرى”، معتبرًا أنه يشكّل خرقًا للميثاق الوطني ويضعف سيادة لبنان، ممهّدًا الطريق لـ”إسرائيل” لتحقيق أهدافها الأمنية، وأعلن الحزب أنه سيتعامل مع القرار كما لو أنه “غير موجود”، في تلميح مباشر إلى رفضه الاعتراف بشرعيته أو تطبيقه.
ورأى أن القرار يأتي تحت ضغط مباشر من المبعوث الأميركي توم براك، وأنه يعكس إستسلامًا لفرض أجندات لا تخدم سوى المصلحة الإسرائيلية.
أما على صعيد حركة “أمل”، اعتبرت أن الحكومة قامت بـ”تنازلات مجانية” تجاه “إسرائيل” عبر اتفاقات لم تخدم المصلحة الوطنية، ودعت إلى التركيز على تثبيت وقف إطلاق النار ووقف آلة القتل الإسرائيلية بدلاً من الانزلاق نحو قرارات أتت في وقت غير مناسب، مؤكدة أن قرارات الحكومة تتعارض مع يمين رئيس الجمهورية والمبادئ المعلنة في البيان الوزاري، معتبرة أن جلسة يوم الخميس فرصة لتصحيح المسار واستعادة التضامن اللبناني.
وفي المقابل، رحبت أطراف سياسية أخرى بالقرار، معتبرة أنه “يشكل بداية حقيقية لاستعادة الدولة لهيبتها، وشرطًا أساسيًا لأي إصلاح سياسي واقتصادي مستدام”.
السيناريوهات المتوقعة بعد “التصعيد”
هذا التصعيد في بياني الحزب و”أمل”، يفتح الباب أمام عدد من السيناريوهات المتوقعة في لبنان:
– تجميد “الثنائي الشيعي” مشاركته في الحكومة على اعتبار أن القرار المُتّخذ يخالف البيان الوزراي وخطاب القسم، فالحزب أكد أنه سيتعامل مع القرار “كأنه غير موجود”، و”أمل” أعطت الحكومة فرصة للتصحيح في جلسة الغد.
– الإنزلاق نحو الفوضى في الشارع اللبناني، بحيث يصطدم الجيش مع الحزبين وجمهورهما، وهذا ما لا يريده الطرفان، إلا أن الدفع باتجاه الإحتقان الطائفي والسياسي قد يساعد في تأجيج نار الفتنة.
– الضغط الدولي سيشتد على الحكومة لتنفيذ القرار تحت وطأة الضغط الاقتصادي من جهة، وعودة الحرب الشاملة من جهة ثانية، مما سيدفع الدولة إلى تضييق الخناق على الحزب أكثر وأكثر، ويصبح تسليم السلاح قضية حياة أو موت.
قدرة الدولة على تطبيق القرار؟
بين مؤيد يرى في قرار حصرية السلاح مدخلاً لبناء دولة عادلة، ومعارض يشكك في توقيته وأهدافه، يُطرح السؤال: هل تملك الحكومة فعلاً الأدوات اللازمة لترجمة القرار على أرض الواقع؟ وهل ردات الفعل ستبقى محصورة في البيانات؟
هل تستطيع الدولة تلقّف ردات الفعل الصادرة عن شارع بيئة المقاومة؟
أعطت الحكومة الجيش اللبناني الضوء الأخضر، في البدء بإعداد خطة شاملة قبل نهاية شهر آب الحالي لحصر السلاح، فيما تنتظر الأوساط السياسية والشعبية ملامح الخطة، في ظل الانقسام حول تنفيذ القرار، خاصة “الثنائي الشيعي” الذي يرى السلاح جزءًا من معادلة الردع الوطني.
ولا يمكن الحسم بعد إذا كان للجيش قدرة على إعداد خطة مرضية لجميع الأطراف، خصوصاً بعدما وصل جواب “حزب الله” مبكراً بالرفض للخطة. وهذا ما يجعل “الفوضى” تتصدّر التوقعات في المجتمع اللبناني.
الأيام المقبلة ستحسم كل هذا الجدل، السيناريوهات المتوقعة صعبة وسيئة، والحديث عن الإيجابيات في هذه المرحلة هو ذر رماد في العيون فقط لا غير، ففي ظل تمسّك “حزب الله” بسلاحه ورفضه قرار الحكومة، مقابل إصرار الدولة على حصر السلاح بيدها من دون أي خطة لوقف العدوان الغاشم على لبنان، يقف لبنان أمام سيناريوهات مفتوحة، تتراوح بين التصعيد السياسي وربما الأمني، أو الدخول في حوار وطني جديد، يهدف إلى تسوية تُبقي على الاستقرار وتفتح الباب أمام إعادة ترتيب العلاقة بين الدولة والمقاومة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :