استعصاءات "بناء الدولة" وخطاب القسم وظاهرة الخوف

استعصاءات

 

Telegram

 

 

استعصاءات جوهرية تعترض سعي الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون في بناء الدولة. ومن هذه الاستعصاءات ما هو داخلي وما هو خارجي وما هو "بنيوي" مرتبط بفكرة المواطنة.

ما هو "خارجي" يرتبط بالضغوط الأميركية والاسرائيلية والغربية وبعنوان "أن لا ثقة دولية حاليا بلبنان". وهو عنوان الهدف الأساسي منه الحؤول دون إعمار لبنان ومساهمة دول الخليج في التمويل وربط ذلك بسحب سلاح حزب الله.

الضغوط الأميركية تمارسها واشنطن عبر مبعوثها توم باراك بالمباشر وبالإيحاء ومن دون إعطاء "ضمانات أميركية" بتنفيذ اسرائيل الإنسحاب من النقاط الخمس المحتلة أو وقف الإعتداءات والأغتيالات وإقراره بأن واشنطن "لا تستطيع فعل شيء مع اسرائيل". ولا تستبعد الضغوط الأميركية الايحاء بدفع لبنان إلى "الإنهيار" عبر إعداد المسرح اللبناني إلى فتنة أهلية. وأكثر من ذلك واشنطن في جانب من أهدافها خلق "هوة ما" بين حزب الله وايران. واستطرادا الإمساك بالموقفين الأوروبي والخليجي واستبعاد أي تفرد فرنسي أو تمايز للرئيس ماكرون.

في الاستعصاءات الداخلية لا يبدو أن مقاربات المكونات اللبنانية هي واحدة للقرار ١٧٠١ ولا للعدو الاسرائيلي ولا للتوجهات الأميركية ولا لسياسات الرئيس جوزاف عون والمخارج التي يبحث عنها للأزمة. كما أن ضغوط الخارج الدولي تعيق الوصول إلى "تنازلات متبادلة" على قاعدة المعادلة اللبنانية التي حكمت خلافات اللبنانيين "لا غالب ولا مغلوب". ذلك أن الخروج على هذه القاعدة يرتب استتباعا وارتهانا إلى الاستعصاءات الخارجية بتوجيه أميركي. ومع ذلك "المفردات اللبنانية" لا تحمل نفس المعاني بالنسبة للمكونات. وهذا ينسحب على مفردة العدو والديموقراطية والشراكة والمحاصصة والعلمانية والسلام والحدود واللامركزية والإنماء الشامل...

أما في موضوع الإستعصاءات البنيوية فيأتي على رأسها فكرة المواطنة. هناك "مواطن ممتاز هو الماروني والسني والشيعي" ومواطن درجة ثالثة ورابعة هو الدرزي والكاثوليكي والأرثوذكسي واللاتيني والعلوي والأقلي والأرمني والكردي... أي أن هناك سقوفا متعددة للمواطنة ما يكرس "فكرة المواطن الطائفي". كما أن هناك إستعصاءا بنيويا يرتبط بإقامة "دولة لبنان الكبير" حيث تم استتباع الأطراف شكليا إلى المركز بيروت وجبل لبنان فبقيت عمليا خارجه إلى أن ألحقها إداريا وإنمائيا الجنرال فؤاد شهاب الذي لم تكتمل تجربته الإصلاحية.

هذه الإستعصاءات مجتمعة وغيرها تجعل اللبناني إلى أي طيف انتمى ينظر بخوف إلى المستقبل. فهو "المتلقي" الذي لا حول له ولا قرار. ورغم أهمية خطاب القسم للرئيس جوزاف عون وبحثه عن عناصر وحدة اللبنانيين فإن جسامة الإستعصاءات والحسابات الطائفية وتعثر وحدة القرار على مستوى السلطة هي أمور تعيق إمكانية ترجمة هذا الخطاب إلى ممارسة وتنفيذه خصوصا في ظل حسابات الخارج الدولي ورهاناته. وكل ذلك يفترض أن يبادر الرئيس جوزاف عون إلى تكوين "الحاملة الإجتماعية" وإلى كون "الشعب العنيد" الذي أشار إليه الفنان الراحل زياد الرحباني هو المتحد الإجتماعي والتاريخي للتغيير. وهذا يتطلب مقاربة جديدة بحكم تمكن القوى الطائفية من النظام السياسي.

عبد الهادي محفوظ

رئيس المركز الوطني للاعلام

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram