ثمة قول شائع في تركيا: "الله لا يمتحن أحدا بالجوع". ذلك لأن الجوع يعد أقسى ألم يمكن للإنسان احتماله، ويعتقد أنه أقسى الابتلاءات. فالإنسان الجائع يفقد كل قيمه في لحظة، ويرتد إلى غرائزه الأولى، يفعل أي شيء للبقاء.
لهذا يخشى الجوع وينظر إليه بوصفه اختبارا عظيما.
لا أدري، ربما يقال هذا في بلدان أخرى أيضا.
لم أستطع أن أنظر إلى صورة طفل في غزة عظام عموده الفقري بارزة من تحت جلده، يحتضن أمه، ولكن ما إن رأيت الصورة بطرف عيني حتى خطر ببالي ذاك القول:
"الله لا يمتحن أحدا بالجوع."
غير أنني لم أفكر في هذا القول من أجل ذلك الطفل النحيل حتى الهزال، ولا من أجل أمه التي برزت عظام وجنتيها، ولا حتى من أجل إسرائيل التي تقتل الفلسطينيين بأبشع أنواع الموت: الموت جوعا، وقد حكمت على مليوني إنسان بالجوع.
بل أردت أن أقول هذه الجملة للبشرية جمعاء التي تشاهد موت أولئك الأطفال، الذين نُهشت أجسادهم حتى باتت عظامهم تعد عدا، دون أن يتحرك فيها ضمير:
العالم يمتحن بالجوع، وهو يرسب في هذا الامتحان.
الاحتياج الأشد للإنسان، غذاؤه وماؤه، يُقطع عنه، ويترَك لمصير الموت البطيء على يد نظام إسرائيل المجرم، وذلك وسط صمت عالمي مريب.
بل إن إسرائيل لم تكتفِ بحرمان غزة من الغذاء، بل أطلقت الرصاص على الفلسطينيين الذين حاولوا توزيع القليل الذي دخل، فزادت فتكا وبشاعة. ومع ذلك، لم يصدر صوت من هذا العالم.
لذلك، لا تخدعنكم بعض التصريحات الجوفاء التي تصدر عن دول تقول: "يجب إيصال المساعدات إلى غزة".
فما لم تفتَح الحدود، وما لم ترسَل الإغاثات، وما لم يتوقف إطلاق النار، وما لم يمنع القتلة من مطاردة الأبرياء، فإن هذه الأقوال لا معنى لها.. لا معنى لكلام بلا فعل.
الناس يقتلون جوعا، ومن يحاول الوصول إلى كيس دقيق يردى برصاصة، ثم يحاول رفاقه أن يحملوا كيس الطحين المغطى بالدماء فوق أكتافهم.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :