افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الجمعة 16 تموز 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الجمعة 16 تموز 2021

Whats up

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء:

 

الحريري: 9 شهور لشدّ العصب الطائفيّ وليس لتشكيل حكومة… واعتذار يُكمِل المشوار العهد والتيار: تحقّق الهدف… فما هو سيناريو الإنقاذ وكيف ستتشكل حكومة جديدة؟ لبنان.. بين فرضيّات الاهتمام الدوليّ والإقليميّ ومخاطر شوارع الطوائف المستنفرة!

 

لم يعد مهماً التدقيق الا من باب الفضول بأسماء التشكيلة الحكوميّة التي قدمها الرئيس السابق سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون (تفاصيل التشكيلة في متن النص)، ولا بمضمون تحفظات رئيس الجمهورية عليها، فالفريقان تعاملا منذ اليوم الأول على التكليف، على قاعدة أنهما يسعيان لهدف واحد، وهو اعتذار الحريري، فالحريري الذي اكتشف مع إعلان رغبته بالعودة لرئاسة الحكومة عبر مواقف حلفائه المفترضين والمشتركين مع السعودية الراعي الإقليمي المفترض لرئاسته، أن الفيتو السعودي مستمرّ على توليه رئاسة الحكومة مجدداً، لكنه كان يحتاج إلى التوقيت المناسب والمخرج المناسب للاعتذار، توقيت ومخرج يضمن معهما أنه أحسن توظيف ترشيحه واعتذاره في معركة الانتخابات النيابية المقبلة يقطع الطريق على أي عبث بشارعه التقليدي من السعودية وغير السعودية من أشقاء وغير أشقاء، وهذا له شروط، أولها رفع منسوب التوتر الطائفيّ تحت عنوان صلاحيات رئيس الحكومة، وإعادة توحيد مرجعيات الطائفة الدينية والسياسية وراءه، وتحميل العهد والفريق الرئاسيّ مسؤولية التعطيل، وشد العصب الطائفي في الشارع الذي أصابته أمواج وتداعيات الأزمة الاقتصادية ودفعت ببعض شرائحه إلى الشارع تحت عناوين أوحت بها انتفاضة تشرين عام 2019، واستهلاك الوقت الذي يتيح ولادة حكومة جديدة برئاسة سواه تحمل عنوان الإنقاذ الاقتصادي، قبل أن يصير المتاح الممكن فقط هو حكومة تشرف على الانتخابات، أو البقاء بلا حكومة، تحت شعار تولي حكومة تصريف الأعمال مهمة الإشراف على الانتخابات، وقد دأب الحريري منذ استقالته وصولاً لترشيح نفسه وانتهاء بالاعتذار على إدارة الوقت بهذه الطريقة، فهكذا أطاح بفرضيات ترشيح سمير الخطيب ومحمد الصفدي وبهيج طبارة ولاحقاً مصطفى أديب، ومستقبلاً بمن يرد اسمه مرشحاً لرئاسة الحكومة، مبشراً سلفاً بعدم المشاركة بالاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، وعدم المشاركة بأي بحث بتسمية جديدة، أي فرض الحرم الطائفيّ على كل مَن يرشّح نفسه أو يتم التداول به كمرشح بديل، فاعتذار الحريري الذي أكد أن ليس هناك مبادرة مصريّة ونفى تمنياً مصرياً بعدم الاعتذار، كشف ان ما نقلته قناة العربية التي يملكها ولي العهد السعودي قامت بحملة إعلاميّة للتشويش على الاعتذار، الذي جاء بنصف أسبابه محكوماً بمحاولة الحريري عدم التصادم مع السعودية وولي عهدها.
من طرف الفريق الرئاسي في بعبدا والتيار الوطني الحر لم يكن خافياً أن الرغبة بعدم تولي الحريري رئاسة الحكومة كانت العامل الحاكم لتعامل العهد والتيار مع الملف الحكومي، وأن كل مقاربات الفريقين للتشكيلات الحكومية والمفاوضات حولها كان يتم تحت عنوان تسريع الاعتذار الذي تم أمس، وقد خاض الفريقان خلال شهور تكليف الحريري معركتهما داخلياً وخارجياً تحت عنوان السعي لهذا الاعتذار، ووضعا الصلاحيات الرئاسية وخلفيتها في التوازنات الطائفية عنواناً للاشتباك، أملاً باستعادة ما نزف في الشارع بعد انتفاضة تشرين 2019، ومحاصرة الخصوم في الطائفة، ومخاطبة الخارج الغربي بلغة الوجود المسيحي، وقطع الطريق على المرجعيات الدينية في الطائفة للعب أي دور وسطي، وبنسبة غالبة نجح الفريقان في تحقيق الكثير خلال الشهور التسعة بمثل ما نجح الحريري، لكن مهمتهما اليوم تبدو أشدّ تعقيداً من مهمة الحريري الذي سيكون سهلاً عليه المضي بخطاب تصعيدي واستنهاض شارعه الطائفي ومحاصرة المرشحين لرئاسة الحكومة بدلاً منه، وصولاً للانتخابات النيابية، فيما سيكون على العهد والتيار إثبات مقولة أن إزاحة الحريري تفتح طريق الحلول، فالفيتو السعودي على الحريري ثبتت صحته، لكن هل يترجم بتزكية سعودية لسواه، أم أنه كما قال الحريري فيتو على لبنان وعلى العهد قبل الآخرين، وهل الخيار الأوروبي والغربي المالي للتعاون مع لبنان هو خيار إنقاذي منفتح على حكومة جديدة يرضاها العهد أم أن حدوده هي مجرد منع الانهيار بإجراءات إنعاش اجتماعيّ لا تحتاج حكومة جديدة، ولا شراكة في حمايتها ورعايتها، وبالتالي هل لدى العهد والتيار بعد تحقيق الهدف بإخراج الحريري خريطة طريق للإنقاذ، تبدأ بالجواب عن سؤال حول تسمية رئيس جديد للحكومة وتشكيل حكومة قادرة على الوقوف على قدميها وتحقيق ما لم تحقّقه حكومة الرئيس حسان دياب أو ما لم يُسمح لها تحقيقه؟
لبنان مع دولار يقفز فوق الـ 20 الف ليرة، وشوارع طائفية مستنفرة، وغياب الملاءة اللازمة لتوفير الاحتياجات الأساسية من محروقات ودواء، وفوضى تنتظر الشارع، ومناخ اقليمي دولي لم يدخل مراحل التفاهمات، أمامه طريق واحد راهن هو السير بحكومة تتجرأ على اتخاذ خطوات بحجم الانفتاح الجدّي على خيارات العروض الروسيّة والصينيّة والاستيراد المباشر للنفط من إيران بالليرة اللبنانيّة، ومخاطرة رئيسها وأعضائها بالتعرض للعقوبات الأميركية، فهل يوجد مَن هم مستعدون لهذه التضحية، وهل العهد والتيار جاهزان لها أصلاً؟
وبعد حوالي 9 شهور على تكليفه قدّم الرئيس سعد الحريري اعتذاره، وذلك بعد زيارة لبعبدا التقى خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسلمه كتاب الاعتذار، مشرعاً بذلك البلاد على كافة الاحتمالات والسيناريوات الخطيرة التي بدأ أكثر من مسؤول غربي وعربي الحديث عنها والتحذير منها وبدأت تتظهر بتحركات شعبية وأحداث أمنية عنفية في الشارع.
وقال الحريري بعد اللقاء: "التقيت الرئيس عون وأجرينا مشاوراتنا في الموضوع الحكومي. ومن ضمن الكلام، كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، اعتبرها أنا جوهريّة في التشكيلة. كما تناقشنا بالأمور التي تتعلّق بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك. الواضح أن الموقف لم يتغيّر في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكّن من الاتفاق مع فخامة الرئيس. وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي إننا لن نتمكن من التوافق. ولذلك، قدمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة، و"الله يعين البلد".
وتداولت وسائل الإعلام بالتشكيلة التي قدمها الحريري إلى عون:
رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من المذهب السني،
وزارة الداخلية والبلديات وليد عبود من المذهب السني،
وزارة الصحة فراس الأبيض من المذهب السني،
وزارة العدل لبنى مسقاوي من المذهب السني،
وزارة البيئة ناصر ياسين من المذهب السني.
5 حقائب للمذهب الشيعي: وزارة المال يوسف خليل، إبراهيم شحرور لوزارة الأشغال العامة والنقل، وزارة العمل لمايا كنعان، وزارة التنمية الإدارية عبدالله نصرالدين، وزارة الثقافة جهاد مرتضى، ومقعدان درزيان تقسما على عباس حلبي في وزارة التربية والتعليم وفؤاد حسن في وزارة المهجّرين.
وحصلت الطائفة المسيحية على 12 مقعداً، 5 منهم للمذهب الماروني، تقسموا على فاديا كيوان في الخارجية، فراس أبي نصيف في الاتصالات، لارا حنا في الزراعة، وسليم هاني في الشؤون الاجتماعية، ووليد نصّار في السياحة.
أما حقائب الروم فسمّى الحريري جو صدي في نيابة رئاسة الحكومة، أنطوان شديد في الدفاع، سعادة الشامي في الاقتصاد، وطرح الحريري لحقائب الكاثوليك كارول عياط لوزارة الطاقة، فادي سماحة للصناعة، ومقعداً واحداً للأرمن وهو لحقيبة الشباب والرياضة باسم كارابيت سليخانيان، وجو ميلا لوزارة الإعلام عن الأقليات.
في المقابل أصدر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية بياناً أكد فيه أن "الرئيس عون عرض على الرئيس المكلف سعد الحريري، خلال لقاء اليوم (أمس)، ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالباً البحث في إجراء بعض التعديلات للعودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري". وأضاف: "الرئيس المكلف لم يكن مستعداً للبحث في أي تعديل من أي نوع كان مقترحاً على الرئيس عون أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً. وعند هذا الحد انتهى اللقاء وغادر الرئيس الحريري معلناً اعتذاره".
وتابع: "الرئيس عون شدد على ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تمّ التوصل إليه سابقاً إلا أن الحريري رفض أي تعديل يتعلق بأي تبديل بالوزارات وبالتوزيع الطائفي لها وبالأسماء المرتبطة بها أو الاخذ بأي رأي للكتل النيابية لكي تحصل الحكومة على الثقة من المجلس النيابي وأصرّ على اختياره هو لأسماء الوزراء". وأردف: "رفض الرئيس المكلف لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية ولفكرة التشاور معه لإجراء أي تغيير في الأسماء والحقائب يدلّ على أنه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار ساعياً إلى إيجاد أسباب لتبرير خطوته، وذلك على رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس الجمهورية لتسهيل مهمة التأليف". وختم البيان: "بعد اعتذار الرئيس المكلف، سيحدّد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن".
وأشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" إلى أن "الحريري وقبيل زيارته إلى مصر وضع جدول أعمال الاعتذار وبدأ بتنفيذه بداية من زيارته الأولى إلى بعبدا حيث قدم تشكيلة مفخخة لعون لا تراعي أبسط المعايير والأصول ولا تأخذ بعين الاعتبار تمثيل الكتل النيابية التي ستمنح الحكومة الثقة ولا راعى الحريري أصول التخاطب والتعاطي مع رئيس الدولة وحقه في المشاركة في تأليف الحكومة، والدليل على تقيد الحريري بمسار الاعتذار وتوقيته والإخراج مهما كان رد عون على تشكيلته، هو أنه ضرب موعداً لمقابلة تلفزيونيّة مساء أمس ليقدم التبريرات والذرائع التي استدعت الاعتذار لاستمالة شارعه وتوجيه الرسائل إلى الخارج الأميركي والأوروبي والسعودي وإثارة العصبية داخل طائفته وشارعه".
وفيما عكست أجواء عين التينة لـ"البناء" عدم ارتياح الى ما آلت اليه الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد حذرت الجميع من العبث في الأمن الداخلي والاستقرار والسلم الاهلي الذي يبقى أولوية لا سيما في ظل تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية بانتظار تأليف الحكومة الجديدة.
وأكد الرئيس بري، بحسب ما نقل زواره عنه لـ"البناء" أننا دخلنا في أزمة نظام لا أزمة حكومة، والحل بالتخلّص من النظام الطائفي والطائفية والانتقال نحو الدولة المدنية، مؤكداً أنه طالما أن الطائفيّة تتحكم بالحياة السياسية في لبنان فالأزمات مستمرة.
وقالت مصادر في فريق المقاومة لـ"البناء"إن حزب الله بـ "حالة ترقب وينتظر جولة جديدة من المشاورات بين الكتل السياسية الأساسية للتوافق على معالم المرحلة المقبلة لا سيما على اسم رئيس للحكومة قبيل الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا. متخوّفة من أزمة تكليف تلوح في الافق بسبب تمنع الحريري عن تزكية اسم بديلاً له ورفض اي شخصية سنية أخرى الترشح مخافة غضب بيت الوسط ودار الفتوى على غرار ما حصل مع الرئيس حسان دياب والسفير مصطفى أديب. متوقعة أن يطول الفراغ الحكومي وبالتالي اللجوء الى خيار تفعيل حكومة تصريف الأعمال أكثر للحد من الازمات قدر الإمكان".
في المقابل ترى مصادر أخرى في اعتذار الحريري فأل خير وتفاؤل حيث يفتح الباب أمام تغير في الموقف الدولي والسعودي تحديدأً تجاه لبنان ويدفع الى حل سريع للأزمة اللبنانية. وأكد رئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهاب، أن "المبادرة الفرنسية ستستمر بدون اسم الحريري والوضع لن يذهب الآن إلى الفوضى رغم بعض الاحتجاجات". ولفت إلى أنه لا يستبعد "موقفاً سعودياً من لبنان قد يفاجئ الجميع".
وبرزت مواقف رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط حملت انتقادات عنيفة للحريري، حيث أكد أنه "منذ سنة ونصف وأنا أنصح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بأن يكلّف أحداً آخر، لأنني أعلم مسبقا أن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريده، ولا يجوز أن يكون مصير البلد مرتبط بشخص هنا أو هناك، ولكن لم يسمع النصيحة، أو برأيي لم يعد هناك من نصيحة تنفع". واعتبر جنبلاط في حديث تلفزيوني أن "عون والحريري أجهضا المبادرة الفرنسية". وتابع، "منذ سنة يقول لنا الحريري "أنا أو لا أحد غيري" ونحن رضخنا، ثم أتى موضوع السفير مصطفى أديب ورضخنا، وفي وقائع الوضع على الارض لا يتحمّل "مزاجيّة" أحد". موضحاً أن "المبادرة الفرنسية وغيرها تقبل بـ "حزب الله" أساساً، وإذا أردنا ان نعود لأصول الموضوع، فإن إضعاف "حزب الله" من خلال تدمير لبنان اقتصادياً "غلط".
وقال: "نحن نحب الحريري ولكن ما علاقتنا بخلافه مع السعودية! لا يمكن أن تشخصن نفسك والأزمة أنت أو غيرك".
وردّ الحريري على جنبلاط في حوار مطول مساء أمس، على قناة الجديد بالقول: "إذا مفكرني إني جزء من الإجهاض أشكره على تصريحه ونحن ضد الفراغ ونقطة على السطر".
وأضاف: "سألت عون بالنسبة الى إعطاء الحكومة الثقة فكان الجواب ان كتلة نواب "لبنان القوي" لن تعطي ثقة كاملة بل ربع ثقة"، موضحاً أن "أساس الاعتذار إذا لم أستطع أن أشكل الحكومة، البلد بحاجة إلى حكومة، رئيس الجمهورية حامل السلم بالعرض مع تشكيل حكومة مع سعد الحريري". واضاف: "اعتذاري عن التشكيل هو لأني رأيت أن رئيس الجمهورية لا يريد أن يشكل وعندما يقرّر رئيس الجمهورية متى الاستشارات أتحدّث مع حلفائي ونقرر ماذا سنفعل". وأردف: "أشكر الرئيس بري على كل مواقفه خلال هذه المرحلة وكان يريد حقاً تشكيل الحكومة". ورداً على سؤال "لماذا لا تزور السعودية"، قال الحريري: "أيمتى ما بدي بروح على السعودية بس أنا ما عم روح والسبب بالبداية هو الكورونا". ولفت الى أنني "ذهبت إلى مصر للبحث في موضوع تأمين الغاز المصري للبنان عبر سورية".
وعلى وقع الاعتذار وقبيل وصول الرئيس المعتذر إلى منزله في بيت الوسط، اشتعل الشارع في عدة مناطق شمالاً وبقاعاً وجنوباً وفي العاصمة بيروت وبعض مناطق الجبل، فيما سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء قفزة نوعيّة بلغت 2000 ليرة للمرة الأولى منذ أزمة تشرين 2019، حيث تراوح ما بين 21900 و22000 ليرة للدولار الواحد، في ظاهرة اقتصادية لم يشهدها لبنان. وسط توقعات من الخبراء الاقتصاديين بأن يرتفع أكثر خلال الأيام المقبلة في ظل الغموض في المشهد السياسي وغياب تسمية الحريري لأي مرجعية أو اسم للتكليف والتأليف ما يفتح الباب على مخاطر أمنية.
وحذّرت مصادر مطلعة على الوضع الأمني لـ"البناء" من تداعيات أمنية خطيرة على الأرض بعد قرار الحريري الذي سيؤدي إلى انفجار كبير بدأت مظاهره على الأرض عبر قطع الطرقات في العديد من المناطق. ولفتت المصادر إلى أن "الاعتذار هو قرار سياسي بتفجير البلد اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً في إطار استكمال حلقات خطة وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو التي وضعها خلال زيارته إلى لبنان في ربيع العام 2019 أي قبل اندلاع أحداث 17 تشرين الأول بأشهر قليلة". وشددت المصادر على أن "البلد مفتوح على كافة الاحتمالات من انهيارات اقتصادية ومالية وفوضى اجتماعية وأحداث أمنية عنفية خطيرة في الشوارع ستؤدي إلى إشكالات طائفية ومذهبية في عدد من المناطق".
وكشفت المصادر أن "الأجهزة الأمنيّة وأجهزة بعض الأحزاب السياسية الفاعلة، رصدت تحضيرات على الأرض منذ أيام تقوم بها جهات عدة لافتعال أحداث أمنية بعد اعتذار الحريري مباشرة لا سيما قطع طريق صيدا - بيروت الساحلي وطرق عدة في البقاع والجنوب على أن يجري تفجير مدينة طرابلس أمنياً في الفترة المقبلة". لكن الأخطر بحسب المصادر هو استكمال تنفيذ الحلقات المقبلة من خطة بومبيو. أي الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأمني الكامل وتأليب بيئة المقاومة عليها تمهيداً لاستدراج الوصاية الدولية تحت دواعٍ إنسانيّة ثم استدراج عدوان إسرائيلي على لبنان لأسباب أمنية - سياسية للانقضاض على لبنان في لحظة إنهاك المقاومة وتضعضع الدولة اللبنانية.
لكن المصادر حذّرت من أن حزب الله والقوى الحليفة بصدد مراقبة تطور الأحداث بدقة وعناية شديدين وفي حال شعرت بأنها "محشورة" واقترب لبنان من لحظة السقوط النهائي ودخل دوامة العنف القاتل والجوع والفوضى الاجتماعية والفتن الأهلية، فلن يقف مكتوف الأيدي بل سيقوم بردات فعل سريعة وخاطفة ومتتالية على عدة محاور سياسية وأمنية واقتصادية ومن ضمنها اللجوء إلى خيار الشرق اقتصادياً ما سيؤدي إلى تغييرات كبرى في موازين القوى الداخليّة.
وربطت المصادر في التوقيت بين قرار قاضي التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار وما شهده منزل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي من احتجاجات وفوضى أمنية، وبين اعتذار الحريري والأحداث الأمنيّة التي تلت الاعتذار. منذرة بوجود مؤامرة أمنية - اقتصادية - سياسية كبيرة يجري تنفيذها منذ الآن وخلال الأشهر المقبلة. ورجّحت أن تبقى ردات الفعل محدودة نوعاً ما في الأيام التي تسبق عيد الأضحى وبعد العيد ستأخذ الأمور منحًى آخر أكثر خطورة وعنفاً ويبدأ العد العكسيّ للانفجار الكبير.
وفي هذا الإطار شبّه مرجع رسمي مطلع على الواقع الأمني المشهد بمرحلة 7 أيار 2008 وما تلتها من أحداث أمنيّة.
وتوالت المواقف الدوليّة حيال الأوضاع في لبنان بعد اعتذار الحريري، وأكّد وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان، أن "لبنان يشهد حالة تدمير ذاتي، والطبقة السياسيّة اللبنانيّة تتحمّل مسؤولية ذلك".
من جهته، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من نيويورك، حيث يشارك في جلسة مجلس الأمن عن ليبيا، أن "تبعات اعتذار الحريري قد تكون خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان".
وقبيل زيارة الحريري الى بعبدا، استقبل رئيس الجمهورية السفيرتين الفرنسية آن غريو والأميركية ودوروثي شيا، حيث اطلع منهما على نتائج اللقاءات التي عقدت في الرياض مع المسؤولين السعوديين على اثر إجتماع وزراء خارجية اميركا وفرنسا والسعودية في إيطاليا. وسلمت السفيرتان الرئيس عون رسالة خطيّة مشتركة من وزيري الخارجية الاميركية والفرنسية انطوني بلينكن وجان ايف لودريان، أكدا فيها "اهتمام بلديهما بالوضع اللبناني وضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة تواجه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان".
وأكدت وزارة الخارجية الاميركية ان "على قادة لبنان تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات للخروج من الأزمة". وكشفت أن الوزير انتوني بلينكن سيبحث مع نظيره الفرنسي الجهود المبذولة لمعالجة الوضع في لبنان.
على صعيد آخر، وفيما تراجعت أزمة المحروقات واختفت طوابير السيارات أمام المحطات، أعلن مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم انه "تم إنجاز اتفاقية المليون طن الخاصة بالفيول مع العراق، وسيتم توقيع العقد خلال يومين، بحيث نتسلم الكمية خلال أسبوعين، كما أن الترتيبات ستجري حالياً بين المصرف المركزي في العراق ونظيره قي لبنان."

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

الحريري يهرب إلى الانتخابات

 

 

بعد 9 أشهر من المماطلة، وإقفال كلّ السبل الداخلية والخارجية التي تعيده إلى السرايا، اعتذر الرئيس سعد الحريري عن عدم تأليف حكومة، وقرّر الهروب نحو الانتخابات النيابية. بالتحريض على حزب الله، افتتح الحريري حملته الانتخابية، أمس، التي سبقه إليها الأميركيون والفرنسيون الذين يطلبون أكثرية نيابية معادية للحزب


بعد 9 أشهر من التكليف، خرج رئيس الحكومة سعد الحريري من القصر الجمهوري يوم أمس مُجردّاً من تكليفه. الحريري، الذي سُمِّيَّ لتأليف الحكومة في 22 تشرين الأول عام 2020، تعهّد آنذاك بتأليف حكومة من اختصاصيّين غير حزبيين بسرعة لوقف الانهيار الذي يهدّد البلاد. لكن ما حصل فعلاً أن الأشهر التي تلت التكليف كانت الأشدّ انهياراً على السكان وقدراتهم المعيشية. ارتفع سعر الدولار من 7 آلاف ليرة الى 22 ألف ليرة يوم أمس. فيما بدت حكومة الاختصاصيين التي تحدّث عنها أقرب الى حكومة تُمَثّل حزب المصرف وشركائه. فالمجلس الذي يأتي "تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية" في صلب مهامه، يضمّ في التشكيلة الأخيرة التي قدّمها الحريري يوم أول من أمس، مدير العمليات المالية في مصرف لبنان ومهندس الهندسات المالية يوسف خليل وزيراً للمالية وأحد المستشارين في جمعية المصارف أنطوان شديد وزيراً للدفاع. هذه الحكومة نفسها كان يفترض لها أن تُواكب تدقيقاً جنائياً في حسابات مصرف لبنان وتُقرّ خطة تعافٍ مالي سبق لها أن نُحرت على أيدي مصرف لبنان والمصارف ورعاتهم/ شركائهم السياسيين.


اعتذار الحريري كان منتظراً منذ الأشهر الأولى لتكليفه، لمعرفته المُسبقة بأن لا قدرة له على المضيّ في مفاوضات تأليف الحكومة، ما دامت السعودية تُشهر الفيتو في وجهه. لكنه، في المقابل، عوّل على مساعٍ فرنسية وإماراتية ومصرية لعقد مصالحة بينه وبين وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان... الى أن تيقّن أخيراً في زيارته لمصر أن ابن سلمان يرفض الحديث باسمه، وهو ما تكفّل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنقله له. عندها، باتت مسألة الاعتذار حتمية، ولم يبق سوى إعداد إخراج لها.


إلى جانب العوامل الخارجية، كان تأليف حكومة أمراً شبه مستحيل، لأسباب داخلية، أولها الخلاف المستحكم بين قطبَيها الرئيسيين: رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر من جهة، والحريري من جهة ثانية. إضافة إلى ذلك، غياب الرغبة لدى القوى السياسية الرئيسية (الحريري، حركة أمل، الحزب الاشتراكي...)، نيابة عن حزب المصرف، بإقرار خطة إنقاذ مالي، لأن الانهيار هو الخطة التي فوّضت هذه القوى لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمر تطبيقها من أجل إنقاذ المصارف على حساب باقي المجتمع، وتحديداً الشرائح الأكثر ضعفاً فيه. وفي هذا السياق تحديداً، لم يكن الحريري يريد تحمّل المسؤولية الحكومية، مع ما يترتّب عليها من مسؤولية تبعات الانهيار. فعلى سبيل المثال، على أي حكومة جديدة أن تتخذ قرارات بشأن دعم السلع الحيوية (الأدوية والمحروقات) والتصدي للأزمة الصحية الناجمة عن الانهيار الاقتصادي، مع ما يعنيه ذلك من قرارات ستصبّ حتماً في غير مصلحة معظم السكان.


هذه العوامل مجتمعةً تستظلّ بمساعٍ دولية، أميركية - فرنسية تحديداً، لفتح معركة الانتخابات النيابية المقبلة منذ الآن، بهدف تامين أغلبية نيابية معادية لحزب الله. وظهر ذلك في أداء السفيرتين دوروثي شيا وآن غريو، اللتين ضغطتا أمس لقبول رئيس الجمهورية بالتشكيلة التي قدّمها الحريري، على قاعدة أنها تعني تأليف حكومة من دون حزب الله! وفي هذا الإطار، أتى هجوم رئيس تيار المستقبل على حزب الله، وتحديداً على التحالف بين الحزب والرئيس ميشال عون، في ما يبدو أنه الهدف الأول لحملته الانتخابية.
فرنسا تريد تأليف حكومة في غضون 3 أسابيع... وجنبلاط يذكّر بالخلاف بين الحريري والسعودية


وعملياً، كان قد بدأ منذ أسبوع البحث عن بديل للحريري يحظى بموافقته، وهو ما كان قد اشترطه الرئيس نبيه بري عليه قبيل اعتذاره. وبحسب المعلومات، فإن اسم نجيب ميقاتي لا يزال الأوفر حظاً، رغم اشتراط الأخير تعهداً مسبقاً من الفرنسيين والأميركيين والسعوديين بتشكيل الحكومة وبتأمين مساعدات مالية لها لإنجاحها. يبقى السؤال المطروح هنا، عما سيكون موقف الحريري من أي رئيس مكلّف آخر، وما إذا سيكون مسهّلاً له أو معرقلاً لمهمته، وفي ما إذا كان سيرضى بمن تدعمه السعودية ليحلّ مكانه أو سيقف في مواجهته، إضافة إلى موقف التيار الوطني الحر، وخاصة أن ميقاتي لن يكون أكثر مرونة من الحريري مع مطالب باسيل. ولهذه الأسباب، من غير المستبعد أن تبقى حكومة الرئيس حسان دياب في حالة تصريف أعمال، إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة.


يجري كل هذا النقاش في غياب أي خطة لوقف الانهيار لدى أيّ فريق من قوى السلطة، باستثناء اعتماد خطة سلامة (الانهيار نفسه)، وانتظار "مساعدات" خارجية تعيد إحياء النموذج الذي تسبّب بالانهيار.


الحريري يهجم على حزب الله
الحريري كان قد طلب موعداً من رئيس الجمهورية ميشال عون يوم الأربعاء ليعرض عليه تشكيلة حكومية "مستحيلة" بعدما تعمّد تفخيخها والخروج عن كل الاتفاق الذي وصلت إليه مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري. كان الهدف الرئيسي جرّاء هذا السلوك رفض عون مباشرة لها، ليعتذر الحريري بسرعة. لكن استمهال رئيس الجمهورية الرئيس المُكلّف لدراسة التشكيلة أخلّ قليلاً بالسيناريو المرسوم، فاضطر الحريري الى طلب موعد بعد مرور 24 ساعة ليؤكد لعون أن "لا مجال لتغيير أي اسم في التشكيلة أو النقاش فيها"، ويخرج معلناً اعتذاره من أروقة القصر الجمهوري. عنوان مقابلته مع الزميلة مريم البسام على قناة "الجديد" أمس، "من دون تكليف"، المُحدّد تاريخها مسبقاً وقبيل تقديمه التشكيلة الأخيرة، أبرز دليل على عدم نيته المحاولة مجدداً. اللافت هنا، أن الحريري الذي وقف على يمين حزب الله في الأشهر التسعة الأخيرة، انتقل سريعاً يوم أمس الى تصعيد موقفه تجاهه. فحمّل الحزب خلال الحلقة التلفزيونية مسؤولية التعطيل ودعمه للحليف المُعطّل، شاكراً بري فقط. وحرص على التأكيد أن "لا تواصل مع حزب الله وسأترك الناس لكي تحكم إذا سهّلوا وساعدوا في تشكيل الحكومة". كذلك طالب قوى 8 آذار، أي ضمناً حزب الله، بوقف شتم السعودية وتصدير الكبتاغون إليها ووقف التدخل في الشؤون العربية واليمن حتى "يمشي الحال" مع السعودية. وفي معرض استكمال هجومه على حزب الله، لفت الى أن "المملكة العربية السعودية لم تقدم للبنان سلاحاً ولم تقم بـ 7 أيار، إنما أعطت السلام للبنان ولا تريد إلا الخير له كما كل دول الخليج، لكن لديهم مشكلة مع فريق اسمه حزب الله".


هذه الحملة المناقضة لكل المسيرة التي اعتمدها الحريري تجاه حزب الله في الأشهر الأخيرة لا يمكن إلا أن تُفسّر على أنها بيع لمواقف شعبوية لزوم فتح معركة الانتخابات وشدّ العصب الطائفي مجدّداً... ومحاولة لرأب الصدع مع السعودية الذي برّر عدم زيارته لها بـ"كورونا"! وأعلن الحريري أنه "قادر على تثبيت سعر الدولار والتفاوض مع صندوق النقد، وواثق من الفوز بالانتخابات النيابية إذا شكّلتُ حكومة"، رغم أن التدهور الأكبر لسعر الصرف تمّ في الفترة التي أزهقت على تكليفه. رغم ذلك، شدّد على أنه سيردّ "في الانتخابات ضدّ كلّ الموبقات التي ارتكبت بحق تيار المستقبل". واتهم الحريري حزب الله بعرقلة كل الإصلاحات التي اقترحها فريقه السياسي منذ تسعينيات القرن الماضي، كزيادة الضريبة على القيمة المضافة!


"المهلة" الفرنسية
اعتذار الحريري الذي لم يكن مفاجئاً، سبقته جولة المبعوث الرئاسي الفرنسي السفير باتريك دوريل، الذي لم يبدِ تمسكاً بالحريري لا بل بدأ النقاش في البديل، مشيراً الى أن أي حكومة جديدة تحظى بالثقة وتكون مهامها إصلاحية ستلقى دعماً فرنسياً من ناحية تأمين مساعدات فورية لها ليس من باريس فحسب، بل من مختلف الدول. وصبّ كلام رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط مساء أمس ضمن السياق نفسه، فأكدّ أنه "لا يزال هناك من مجال لحكومة تفاوض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عبر الفرنسيين وتوقف الانهيار". وكان لافتاً قوله إن المشكلة الرئيسية بين الحريري والسعودية، مشيراً من جهة أخرى الى أن "المبادرة الفرنسية من الأساس تقبل بحزب الله، وإذا أردنا أن نعود إلى أصول الموضوع، فإن إضعاف الحزب من خلال تدمير لبنان اقتصادياً غلط". واعتبر جنبلاط أن عون والحريري أسقطا المبادرة الفرنسية، ليسأل بعدها عن علاقة اللبنانيين بخلاف سعد الحريري مع السعودية: "لا يجوز لأحد شخصنة الأزمة، ومنذ سنة يقول لنا الحريري أنا أو لا أحد غيري ونحن رضخنا، ثم أتى موضوع السفير مصطفى أديب ورضخنا، وفي وقائع الوضع على الأرض لا تتحمّل مزاجيّة أحد". وأضاف: "بطّل في أشخاص يستلموا الحكومة ولو؟". كذلك، رأى جنبلاط خلال مقابلة مع برنامج "صار الوقت" على قناة "أم تي في" أن "غالبية النواب يعملون على الانتخابات"، مُضيفًا إنّ "الدولار 22000 وبعدين 30000 هذا جنون (...) المطلوب حكومة تبدأ بالإصلاح، توقف الانهيار، ثم تحترم الانتخابات بمواعيدها، وهذه خريطة طريق المجتمع الدولي الذي كانت كلمته واضحة ويريد حكومة توقف الانهيار". وكشف أنه ينصح الحريري "منذ سنة ونصف بأن يكلّف أحداً آخر، لأنني أعلم مسبقاً أن رئيس الجمهورية لا يريده، ولا يجوز أن يكون مصير البلد مرتبطاً بشخص هنا أو هناك، ولكن لم يسمع النصيحة، أو برأيي لم يعد هناك من نصيحة تنفع". أما في ما خصّ الخطوات المقبلة، فأعلن جنبلاط أن "اللقاء الديموقراطي سينظر بمن يمكن أن يسميه لرئاسة الحكومة، ولكن يجب أن نترك الدستور يأخذ مجراه وممنوع مخالفته".


على مقلب قصر بعبدا، "المسرحية الحريرية كانت مكشوفة من قَبل أن يطلب الرئيس المُكلّف موعداً"، لكنه فوجئ بإيجابية الرئيس عون فأُحبطت محاولة استقالته يوم أول من أمس. لذلك آثر طلب موعد على عجل للسير وفق السيناريو المخطّط له قبيل حلقته التلفزيونية، مستعملاً عبارة "الله يعين البلد"، التي تحيل إلى عبارة والده يوم استقالته عام 2004، عندما قال "أستودع الله هذا الوطن الحبيب"، في إشارة انطلاق لحشد العصبية المذهبية تمهيداً للانتخابات. ورأت المصادر أن الحريري "ذاهب لخوض الانتخابات بأعلى درجات التصعيد، ولن يكون مسهّلاً لعملية تأليف حكومة جديدة أو تكليف البديل". رغم ذلك، لن ينتظر عون طويلاً قبل الدعوة الى استشارات نيابية، يريدها الفرنسيون بأسرع وقت ممكن حتى تتألّف حكومة في غضون ثلاثة أسابيع كحدّ أقصى. ووصفت مصادر بعبدا سلوك الحريري بأنه "انقلاب تام على الاتفاق الذي تولّى رعايته السيد حسن نصر الله والمسعى الذي دخل فيه بري. انقلاب على صيغة الاتفاق ومعادلاته وتوازناته وأسمائه". فبعدما كان توزيع الحقائب "قد حُسم بما في ذلك حقيبتا الداخلية (أرثوذكسي) والخارجية (ماروني)، إذا بالحريري يطيح هذا التوافق ويتعمّد تسمية كل الوزراء بنفسه لينتقل بعدها الى إطاحة الشق الثاني من الاتفاق الذي ينصّ على أن الوزيرين المسيحيين يُسمَّيان بالتوافق بين الرئيسين، على أن يكونا مستقلين". أما بقية الوزراء، "من وزير المالية الموظف على مدى 30 سنة لدى رياض سلامة، الى لبنى مسقاوي ابنة تيار المستقبل، فلا يمكن الذهاب بتشكيلة منهم لتطبيق إصلاحات وتلبية شروط صندوق النقد". ذلك عدا عن ابتكار الحريري "أعرافاً جديدة إنْ بتحديد مهلة لرئيس الجمهورية أو رفضه المناقشة بأي تفصيل يتعلق بالتشكيلة على قاعدة إما أن ترضى وإما أن ترفض. وعندما دعاه الرئيس الى النقاش بالمبادئ التي على أساسها تمّ الانتقال الى صيغة 24 وزيراً، عرض الحريري عليه 24 ساعة إضافية لربما يقتنع بما قدّمه من دون إمكانية إضفاء أي تعديل". وبعدما ردّ الرئيس بأن التشكيلة بحاجة إلى نقاش لأنه لا يقبل بها كما هي، قال الحريري: "ما في لزوم نكفي، رح اطلع اعتذر".


وما إن أعلن الحريري اعتذاره عن عدم التأليف، حتى بادر أنصاره إلى قطع الطرقات في معظم المناطق، حيث النفوذ المستقبلي، وسط دعوات منظّمة للنزول إلى الشارع رغم إعلانه لاحقاً في المقابلة التي أجراها أنه "ضد قطع الطرقات". وفيما كان طريق الجنوب الساحلي يُقطع في الناعمة بواسطة السواتر الترابية، ما تسبّب بسجن المواطنين داخل سياراتهم لساعات وسط مناشدة القوى الأمنية لفتحها، شهدت منطقة الطريق الجديدة إشكالات بين الجيش وأنصار الحريري، أدّت إلى وقوع إصابات. كما تنقّل مشهد إقفال الطرقات بين صيدا وطرابلس والبقاع، واستمر حتى وقت متأخّر من ليل أمس، في ظل اعتداء عدد من مناصري الحريري على مواطنين في منطقة الروشة.

 

***************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

إعتذر الحريري .. لبـنـان إلـى الأخطـر

 

إذا كان السقف “التاريخي” الجديد الذي خرقه سعر الدولار في الأسواق قافزاً فوق الـ 22 الف ليرة، والموجة العارمة لقطع الطرق في العاصمة ومعظم المناطق من العصر الى ساعات الليل واشتعال الشارع واندلاع مواجهات في بعض احياء بيروت بين المتظاهرين سخطاً لاعتذار الرئيس سعد الحريري والقوى الأمنية، والتخوف من تفاقم قياسي في أزمات الكهرباء والمحروقات والدواء بدءاً من اليوم، تشكل فقط العينات الأولية لردود الفعل المتفجرة على إعتذار الرئيس الحريري عن تشكيل الحكومة، فإن السؤال الأكبر الذي يوجه الى العهد هو بماذا تراه يعد اللبنانيين اليوم بعدما أنجز أسوأ “انتصاراته” قاطبة في حمل الحريري على الإعتذار ودفع لبنان الى نهاية مراحل الجحيم الموعود على لسان سيد العهد يوماً ؟

 

الواقع ان أخطر وأسوأ ما يمكن ان يكون واكب تفجير العهد للمحاولة الانقاذية الأخيرة لـ”حكومة المهمة” ودفع الحريري الى الاعتذار، هو أن يعتقد العهد أنه حقق إنتصاراً سياسياً فيما ركام الأزمات يتصاعد منذراً بأن يودي بلبنان الى ما لم يعرفه بلد يقاسي الانهيارات المماثلة. ما حصل لم يكن سوى تتويج لمسار تعطيل العهد لتشكيل الحكومة والتمترس وراء الذرائع المفتعلة منذ تسعة اشهر، لأن سيد العهد وتياره تعهدا عدم الإستسلام لتشكيل الحريري الحكومة تماماً كما عطّلت سدّة رئاسة الجمهورية سنتين ونصف السنة بدعم من “حزب الله” الى أن فرض إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً. وربما هي نسخة منقّحة أيضاً عن الحروب الخاسرة التي حصلت خلال ولاية الحكومة العسكرية برئاسة العماد عون بين 1989 و 1990. ولكن هذه المرة وتحت سيطرة العهد وحليفه ذهب الرئيس ميشال عون الى ذروة المغامرة والخطورة لأن لبنان إبّان عهده إنهار ولم يبق قادراً على الصمود اطلاقاً، وليس من المغالاة في شيء التخوف ان يكون لبنان إنزلق من البارحة الى المجهول الأخطر اطلاقاً منذ بدء أزمات انهياراته بدءاً بأزمة حكم هذه المرة تترجم باستعصاء في تكليف وتأليف أين منهما أزمة التكليف المنتهية مع اعتذار الحريري.

 

ثم ان الرئيس عون الذي استمر يلتقى مراجعات الدول وتحذيراتها من مغبة المضي في التعطيل حتى ما قبل دقائق من لقائه العشرين مع الرئيس الحريري تلقّى على اثر صدمة إعتذار الحريري أول ضربة قاسية من فرنسا نفسها، اذ أفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان مسؤولاً فرنسياً رفيعاً أعرب لـ”النهار” عن أسف باريس الشديد لاستمرار التعطيل وقال بوضوح “ان مسؤولية التعطيل الاساسية هي على ميشال عون وصهره جبران باسيل”. وأضاف “ان باريس  تطالب المسؤولين بيقظة من أجل تنفيذ إصلاحات طارئة كي تكسب ثقة الاسرة الدولية وللتحضير للانتخابات التشريعية “.

 

لقاء “الطلاق”

التطورات الدراماتيكية التي أنهت مسيرة مضنية منذ تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة قبل تسعة اشهر تمثلت في خروج الحريري من زيارته “الأخيرة” كرئيس مكلف من مكتب رئيس الجمهورية ليعلن اعتذاره قائلا : “كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، اعتبرها أنا جوهرية في التشكيلة. تناقشنا بالأمور التي تتعلق بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك. الواضح أن الموقف لم يتغير في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكن من الاتفاق مع فخامة الرئيس. وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي أننا لن نتمكن من التوافق. ولذلك، قدمت اعتذاري عن عدم تشكيل الحكومة، و”الله يعين البلد”.

 

وفي روايتها المضادة بعد أكثر من ساعتين من مغادرة الحريري، قالت رئاسة الجمهورية ان عون “عرض على الرئيس المكلف ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالباً البحث في إجراء بعض التعديلات للعودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري. إلا ان الرئيس الحريري لم يكن مستعداً للبحث في اي تعديل من أي نوع مقترحاً على الرئيس عون أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً. وعند هذا الحد انتهى اللقاء وغادر الرئيس الحريري معلناً اعتذاره”. واعتبرت ان الرئيس الحريري “رفض أي تعديل يتعلق بأي تبديل بالوزارات وبالتوزيع الطائفي لها وبالاسماء المرتبطة بها، أو الاخذ بأي رأي للكتل النيابية لكي تحصل الحكومة على الثقة اللازمة من المجلس النيابي، وأصر على اختياره هو لأسماء الوزراء مما يدلّ على أنه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار ساعياً إلى إيجاد أسباب لتبرير خطوته”. وختمت بأنه “وبعد اعتذار الرئيس المكلف، سيحدد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت”.

 

“حكومة ميشال عون”

وتناول الحريري في حديثه إلى قناة “الجديد” مساء الوقائع التي أدت الى اعتذاره فاكد انه اعتذر عن عدم تشكيل حكومة ميشال عون وقال  “لقد تمنيت على الرئيس ميشال عون دراسة التشكيلة في 24 ساعة، ولم افرض شروطي”. وأضاف: “رشحت نفسي لحل مشكلة البلد بحسب المبادرة الفرنسية. واليوم، اعتذرت عن حكومة الرئيس ميشال عون. كنت سائراً بورقة الرئيس نبيه بري، لكن الرئيس عون يريد كل شيء. لقد سألت الرئيس عون اليوم عن موضوع اعطاء الثقة وتسمية المسيحيين فأجابني الاجابة نفسها بأن كتلة التيار الوطني قد تعطيني ربع ثقة”.

 

وسأل: “بأي منطق يطلبون الثلث المعطل، طالما لم يسموني ولا يريدون اعطائي الثقة؟”. وقال: “كنت اريد ان أقدم اعتذاري منذ مدة طويلة، لولا تمني الجميع، وبخاصة الفرنسيين. اليوم، اكتشفت خلال زيارتي ان الحديث السابق نفسه ما زلنا نتحاور فيه ولم يتغير شيء. لقد ابلغت الرئيس عون انني لا اقفل الباب امام تغيير بعض الاسماء، لكنني اكتشفت اننا نضيع الوقت. عندما ابلغت الرئيس عون انني سأزوره غداً في الرابعة، اجابني ألا ضرورة لذلك”.

 

أضاف: “عندما استقلت في عام 2019 كان على اساس انني اريد حكومة اختصاصيين. اما ان أترأس حكومة ميشال عون فلن أستطيع من خلالها ادارة البلد”. ولفت الى ان حاول طوال ثمانية اشهر التشكيل ولكن عون لا يريد الا تشكيل حكومة ميشال عون، وأشار إلى أن “ثمة فريقاً قرر تعذيب البلد وأخذه الى جهنم ولا يريد التعاون مع سعد الحريري”، متسائلا: “هل مهمّتي ان أصعد فقط الى بعبدا لاتفاوض من دون تشكيل حكومة؟”، وقال: “الحل الوحيد ان تتشكل الحكومة بغضّ النظر عن إسم رئيسها، شرط العمل على تحقيق برنامج النقد الدولي واجراء الانتخابات، وهذا ما كنت سأعمل انا عليه”. وأكد ان موقفه سيكون عدم تسمية احد لرئاسة الحكومة ولن نعرقل، مؤكداً انه رفض ان يصبح جزءاً من الفراغ الذي يريده عون في عهده. وردّ متهكماً على تصريح لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي اتهمه وعون بإجهاض المبادرة الفرنسية فقال “اشكر جنبلاط ما دام بدأ هكذا باعتباري جزءاً من اجهاض المبادرة الفرنسية “. وتوجه بالشكر للرئيس نبيه بري على كل مواقفه فيما اكد ان “حزب الله” لم يقم بالجهد الكافي لتشكيل الحكومة .

 

وكان جنبلاط  قال في مقابلة عبر محطة “ام تي في”  تزامنت مع مقابلة الحريري  “منذ سنة ونصف سنة وأنا أنصح الرئيس المعتذر سعد الحريري بتكليف أحد آخر لأنني أعلم أن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريده ولا يجوز رهن البلد بمزاج شخص من هنا أو هناك ولكن لم يعد هناك من نصيحة تنفع”.

 

وأضاف ” قال البطريرك الراعي مرة لغازي العريضي إن عون لا يريد الحريري فهناك تناقض بين مشروعين فهل نضحي البلد؟”. وأكد أنه ” لا يجوز ترك البلد لهذا الانهيار في كل المجالات فليتفضلوا بمشاركة اللبناني العادي في همومه من الدولار الى الدواء والبنزين وغيرها والحريري وعون أجهضا المبادرة الفرنسية”. وأضاف أن “الوضع على الأرض لا يتحمّل مزاجية هذا أو ذاك وخلافاً لكل الذي يزايدون عليّ وينتقدونني فأنا أدعو الى التسوية ولكن لا أحد يريد أن يضحي بأنانيته من أجل التسوية “.

 

لودريان وبلينكن

اما على الصعيد الخارجي فأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بعد لقائه ووزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن انه  “في ما يتعلّق بلبنان، اتفقت مع وزير الخارجية الأميركي على مواصلة تنسيق أنشطتنا على نحو وثيق، من أجل التوصّل إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية والإنسانية التي تعانيها البلاد. وإننا نعمل على اتخاذ تدابير فرنسية وأميركية لممارسة الضغوط على المسؤولين عن التعطيل في لبنان، إضافةً إلى القرارات التي اتخذها مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في 12 تموز الجاري. وإننا نسعى معاً إلى حشد جهود شركائنا الإقليميين دعمًا لهذه المساعي، وذلك بعد الزيارة المشتركة التي أجرتها السفيرتان الفرنسية والأمريكية إلى الرياض في 8 تموز”.

 

*************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

 

الحريري حمَّل عون المسؤولية وجمهوره يقطع الطرقات ويواجه الجيش في العاصمة

نهاية المهزلة… طلاق “بالثلاثة”

 

ما كان متوقعاً حصوله في يوم التكليف في 22 تشرين الأول الماضي حصل في 15 تموز. تسعة أشهر من المناكفات والمماحكات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، وبين الرئيس المكلف حتى أمس سعد الحريري انتهت إلى حيث لم يكن يجب أن تبدأ. لقد فرض الرئيس سعد الحريري نفسه مرشحاً طبيعياً في مقابلة تلفزيونية قبل أن يتم تحديد موعد الإستشارات النيابية لتسميته، وأعلن اعتذاره من القصر الجمهوري ثم راح يفسر مواقفه في مقابلة تلفزيونية. لم يعطِ الحريري مسألة التفاوض مع الرئيس عون الوقت الذي أعطاه للإعلام. ولم يعطِ الرئيس عون الفرصة للتفاوض مع الحريري. منذ البداية لم يكن يريد الحريري وأجرى الإستشارات وهو يدعو النواب لعدم اختياره ولتحمل مسؤولية هذا الإختيار. كبّل الحريري نفسه بالتزامات ترافقت مع جمع الأصوات اللازمة للفوز بالتكليف بأكثرية واضحة، وكبله رئيس الجمهورية بسلسلة مطالب تعجيزية. تلك المهمة التي بدأت مشوبة بالعيوب لم يكن مقدراً لها أن تنجح ولذلك انتهت إلى فشل تراكم على مدى تسعة أشهر.

 

“الله يعين البلد”، قال الرئيس سعد الحريري بعد اعتذاره. في العام 1998 عندما توجه والده الرئيس رفيق الحريري إلى قصر بعبدا ليبلغ اعتذاره للرئيس الأسبق إميل لحود، قال إنه يستودع لبنان الحبيب بين يدي الله. ثمة فارق بين اعتذار الحريري الأب واعتذار الحريري الإبن. بعد اعتذاره ذهب الرئيس رفيق الحريري إلى مواجهة مفتوحة أدت إلى فوزه بالتحالف مع وليد جنبلاط في انتخابات العام 2000 في ظل عهد الوصاية السورية، فهل يراهن الرئيس سعد الحريري على معركة انتخابات العام 2022، وما هي حظوظه في تحقيق نصر يحتاج إلى تحالفات كبيرة ضمن استراتيجية أكبر ليست متوفرة بعد؟

 

إعتذار الحريري يأتي في ظل انهيار كامل للدولة وللمؤسسات. وطالما أن الخطوة لا تقترن بما سيكون بعدها فهي تظل خطوة في المجهول، ستسرّع في عملية الإنهيار الأمني والمالي والإقتصادي والإجتماعي. ولعلّ السؤال الأبرز اليوم وبعده هو عمّن سيجرؤ على خوض غمار تشكيل حكومة جديدة بمعزل عن موافقة سعد الحريري، أو من دون مباركة وبركة الطائفة السنية ودار الفتوى ونادي رؤساء الحكومة السابقين. وهل يجرؤ “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” مع الرئيس عون على تكرار تجربة حكومة حسان دياب؟

 

أبعد من ذلك. ما هو مدى صحة المعلومات التي تحدثت عن أن السفيرتين الفرنسية والأميركية آن غريو ودوروثي شيا، قد بحثتا مع الرئيس عون في مسألة ما بعد اعتذار الرئيس الحريري مكلفتين من وزيري خارجية بلديهما؟ وهل يدخل المسعى الدولي المنسق مع السعودية في مسألة الإستفادة من اعتذار الحريري لفتح الإحتمالات أمام خيارات إنقاذية؟ وهل يسمح “حزب الله” والرئيس عون بهذا الخيار؟ الإجابة على هذه الأسئلة تقتضي معرفة متى سيحدد الرئيس عون موعد الإستشارات النيابية؟

 

المعلومات التي توفرت لـ”نداء الوطن” قالت إنه قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية يفترض حصول أحد الإحتمالات التالية:

 

• ان يتم التوافق على رئيس حكومة يحظى بأصوات عدد من الكتل النيابية.

 

• ان يكون هناك اتفاق على رئيس حكومة يحظى بغطاء سني وهذا الأفضل.

 

• العودة إلى خيار رئيس حكومة قد يفسّر انه رئيس حكومة مواجهة. وهنا المصيبة.

 

وفي مطلق الاحوال يبقى تصريف الأعمال سيد الموقف وبالتالي تستمر حكومة الرئيس حسان دياب في القيام بما يمكنها أن تقوم به.

 

الرئيس المعتذر لم يفتح الباب أمام تسهيل مهمة الرئيس عون بالدعوة إلى استشارات جديدة. في حديثه التلفزيوني أمس أعلن أنه لن يسمي أحداً لرئاسة الحكومة ولكنه لن يعطل مسألة التسمية. كلام الحريري جاء على وقع التحركات الشعبية المؤيدة له في أكثر من منطقة تخللها قطع طرقات ومواجهات مع الجيش، من كورنيش المزرعة إلى البقاع والناعمة والجية. الحريري قال إنه ذهب إلى لقاء الرئيس عون منفتحاً وقدم تشكيلة حكومية لدراستها، ولكنه اعتذر لأن عون يريد حكومة عون. وقال إن عون أبلغه أن “التيار الوطني الحر” لن يعطي الثقة للحكومة. وشكك في أن يكون “حزب الله” مارس ضغطاً كبيراً على الوزير جبران باسيل من أجل تسهيل عملية التشكيل. الحريري ظهر كأنه على خلاف مع جنبلاط وسمير جعجع بينما لم يتوانَ عن شكر نبيه بري.

 

وإذا كان أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أعلن أن اعتبارات اعتذار الحريري قد تكون لها عواقب وخيمة على لبنان، فإن وزير الخارجية الفرنسي اعتبر أن لبنان يشهد عملية تدمير ذاتي والطبقة السياسية تتحمل المسؤولية.

 

في ظل هذا الحديث المتفاقم عن الإنهيار يبدو كأن هناك قبساً من نور في مؤتمر دعم لبنان الذي أعلنت باريس أنها تحضر له في 4 آب المقبل في ذكرى تفجير مرفأ بيروت، حيث لا يزال التحقيق يدور في حلقة مفرغة بانتظار استكمال البت بمسألة رفع الحصانات التي طلبها القاضي طارق بيطار، وفي ظل استمرار إضراب نقابة المحامين. وبينما طالب الرئيس الحريري بتحقيق دولي، اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” بعد اجتماع تكتل الجمهورية القوية أن عدم رفع الحصانات جريمة بحد ذاته.

 

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

اعتذار الحريري يدفع الأزمة الحكومية والمعيشية إلى التصعيد

مصادر رؤساء الحكومات السابقين: عون ينقلب على «الطائف»

بيروت: نذير رضا

حسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري خياره بالاعتذار عن متابعة مهمته، وقال في حديث تلفزيوني مساء أمس لقناة «الجديد» إن اعتذاره كان عن «تشكيل حكومة ميشال عون»، في إشارة إلى أن رئيس الجمهورية بقي مصراً على العقدتين اللتين عرقلتا تشكيل الحكومة طوال 9 أشهر، وهما إصرار عون على «الثلث المعطل» ورفض نواب «التيار الوطني الحر» منح الثقة للحكومة.

 

وجاء اعتذار الحريري بعدما قال له عون: «لن نتمكن من التوافق»، فيما قالت الرئاسة اللبنانية إن الحريري لم يكن مستعداً للبحث في أي تعديل فيها.

 

وبمجرد اعتذار الحريري، تضاعفت المخاوف في لبنان من مرحلة سياسية ضبابية تدفع الأزمة الحكومية والمعيشية إلى التصعيد، وبدأت أولى مؤشراتها أمس بارتفاع سعر صرف الدولار ليلامس 22 ألف ليرة للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وسط احتجاجات وحالة غضب في الشارع، فيما رأت مصادر قريبة من رؤساء الحكومات السابقين أن ممارسات عون «تؤكد انقلابه على اتفاق الطائف»، وأن الأزمة الأخيرة «تفتح البلاد على المجهول».

 

وقال الحريري بعد اللقاء مع عون: «أجرينا مشاوراتنا في الموضوع الحكومي. ومن ضمن الكلام، كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، أعتبرها أنا جوهرية في التشكيلة. كما تناقشنا بالأمور التي تتعلق بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك». وأضاف: «الواضح أن الموقف لم يتغير في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكن من الاتفاق مع فخامة الرئيس».

 

في المقابل، قالت الرئاسة اللبنانية، في بيان، إنه خلال اللقاء عرض الرئيس عون على الرئيس المكلف ملاحظاته على التشكيلة المقترحة، طالباً البحث في إجراء بعض التعديلات للعودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري. وقالت إن «الحريري لم يكن مستعداً للبحث في أي تعديل من أي نوع كان، مقترحاً على عون أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة». وعليه «سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً. وعند هذا الحد انتهى اللقاء وغادر الرئيس الحريري معلناً اعتذاره».

 

وقالت الرئاسة إن عون شدد على ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه سابقاً إلا أن الحريري «رفض أي تعديل يتعلق بأي تبديل بالوزارات وبالتوزيع الطائفي لها وبالأسماء المرتبطة بها، أو الأخذ بأي رأي للكتل النيابية لكي تحصل الحكومة على الثقة اللازمة من المجلس النيابي، وأصر على اختياره هو لأسماء الوزراء».

 

ورأت «أن رفض الرئيس المكلف مبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية وفكرة التشاور معه لإجراء أي تغيير في الأسماء والحقائب يدل على أنه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار، ساعياً إلى إيجاد أسباب لتبرير خطوته، وذلك على رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس الجمهورية لتسهيل مهمة التأليف إدراكاً منه لدقة المرحلة والتزاماً منه بضرورة الإسراع في تأليف حكومة قادرة على الإصلاح، فضلاً عن الالتزام بما أبلغه رئيس الجمهورية إلى سائر الموفدين الإقليميين والدوليين الذين زاروا لبنان في الأيام الماضية والمراسلات التي تلقاها من مسؤولين عرب وأجانب».

 

وقالت مصادر قريبة من رؤساء الحكومات السابقين إن ما قام به عون «يمثل انقلاباً على اتفاق الطائف»، موضحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «كل ممارساته هي انقلاب على الطائف لأنه يحدد معايير تشكيل الحكومة خلافاً للدستور الذي ينص على أن التشكيل يتم بالتوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف».

 

وتوقفت المصادر عند كلمة عون للحريري التي قال فيها: «إننا لن نتمكن من التوافق»، قائلة إنه يحاول إلغاء نتيجة الاستشارات النيابية وموقف البرلمان الذي سمّى الحريري، مؤكدة «أنه حاول إلغاء كل شيء بعرقلة مساعي تشكيل الحكومة الكثيرة التي بُذلت». وقالت إن البلاد التي راهنت على الحكومة لتبدأ مسار حل الأزمات «فتحت على المجهول، ولم يعد هناك من سقف لسعر الدولار».

 

وكانت عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين، واحدة من العقبتين الأساسيتين اللتين دفعتا الحريري للاعتذار، بالنظر إلى أن عون يصر على عدم تسمية الحريري للوزيرين، وفي المقابل يعارض الحريري أن يسميهما عون منعاً لأن يعطيه ذلك أكثر من ثلث الوزراء من حصته في الحكومة، ويُطلق عليه في لبنان «الثلث المعطل».

 

ويحتاج الأمر الآن إلى دعوة من رئيس الجمهورية للكتل النيابية للمشاركة في استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، وغالباً ما يتم ذلك وفق توافقات بين القوى السياسية قبل موعد الاستشارات.

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

إعتذار الحريري يعيد الأزمة الى بداياتها… وبوادر انعدام توافق على البديل

 

بعد اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن تأليف الحكومة، دخل لبنان في مرحلة جديدة قد تكون محفوفة بكثير من المخاطر والتطورات، وربما المفاجآت، التي يخشى ان تفاقم حال الانهيار التي يعيشها سياسياً واقتصادياً ومالياً ومعيشياً منذ انطلاق الحراك الشعبي في 17 تشرين الاول 2019 وحتى الآن. وقد شكّل هذا الإعتذار عن تأليف حكومة كان يعوّل عليها الانطلاق في تنفيذ الاصلاحات لوضع البلاد على سكة التعافي المالي والاقتصادي، دليلاً اضافياً على عقم المنظومة السياسية وإمعانها في تدمير البلد ومدى استهتارها بمصير العباد، وإصرارها على تغليب مصالحها على المصلحة الوطنية، والاستمرار في تجيير الدولة بكل مؤسساتها وادارتها لخدمة هذه المصالح.

ويرى المراقبون انّ اعتذار الحريري أعاد الازمة الحكومية الى النقطة صفر ولن يكون الحل لخروج البلاد من عنق الزجاجة الاقتصادي والمالي والمعيشي الصعب، لأنّ أسباب الازمة مستمرة حتى ولو تغيّر الاشخاص، حيث لا يوجد في الأفق حتى الآن أي مؤشر الى احتمال توافق المعنيين على خلف للحريري، وكذلك على طبيعة الحكومة الجديدة ومواصفات وزرائها وتوزيع الحقائب سياسياً وطائفياً وما الى ذلك من مسائل كانت السبب في عدم تمكّن الحريري من تأليف حكومته وذهابه الى الاعتذار.

طغى ملف الاستحقاق الحكومي أمس على كلّ الأزمات الأخرى المتصلة به أساساً، فمن القصر الجمهوري في بعبدا، أعلن الحريري اعتذاره عن تأليف الحكومة، عقب لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وقال: “إلتقيتُ الرئيس عون وأجرينا مشاوراتنا في الموضوع الحكومي. ومن ضمن الكلام، كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، أعتبرها أنا جوهرية في التشكيلة. كذلك تناقشنا بالأمور التي تتعلّق بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك. والواضح أنّ الموقف لم يتغيّر في هذا الموضوع، كذلك الواضح أنّنا لن نتمكّن من الاتفاق مع الرئيس عون”. وأضاف الحريري: “خلال الحديث مع الرئيس عون، طرحت عليه إذا كان يحتاج الى مزيدٍ من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي: “إنّنا لن نتمكّن من التوافق”. لذلك، قدّمت اعتذاري عن تأليف الحكومة”. وختم حديثه، بالقول: “الله يعين البلد”.

 

من جهتها، أوضحت رئاسة الجمهورية، في بيان صادر، أنّ “الرئيس عون استقبل الرئيس الحريري وبحث معه في تأليف الحكومة الجديدة. وخلال اللقاء عرض الرئيس عون على الرئيس المكلف ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالباً البحث في إجراء بعض التعديلات للعودة الى الاتفاق الذي جرى التوصُّل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري. إلّا أنّ الرئيس الحريري لم يكن مستعداً للبحث في أي تعديل من أيّ نوع كان، مقترحاً على الرئيس عون أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه، سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً؟”. ورأت أنّ “رفض الرئيس المكلف لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية ولفكرة التشاور معه لإجراء أي تغيير في الاسماء والحقائب يدلّ على أنّه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار ساعياً الى إيجاد أسباب لتبرير خطوته، وذلك على رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس الجمهورية لتسهيل مهمة التأليف”.

 

وأعلنت الرئاسة أنّ عون “بعد اعتذار الرئيس المكلف، سيحدّد موعداً للاستشارات النيابية الملزمة سريعاً”.

 

إتصال مع بري

وعلمت “الجمهورية” انّ الحريري اتصل بعد زيارته قصر بعبدا برئيس مجلس النواب نبيه بري وأبلغ اليه انّ اللقاء مع عون “كان عاطلاً”، وانه “سَيبقّ البحصة” ويكشف كل شيء في مقابلته التلفزيونية مساء أمس.

 

وفي المعلومات أيضاً انّ اوساطاً قيادية في “حزب الله” كانت على بَيّنة منذ صباح امس من انّ الحريري سيعتذر على رغم من محاولات ضَخ بعض المؤشرات الإيجابية. وبري والحزب يفضّلان اختيار بديل ينطوي على حيثية تمثيلية في بيئته، ويكون كذلك مقبولاً منهما ومن الآخرين.

 

كذلك كان هناك انطباع لدى أوساط سياسية قريبة من 8 آذار بأنّ الحريري كان عازماً على الاعتذار، وانه اتخذ قراره الضمني في هذا الشأن قبل أن يزور قصر بعبدا وهو يعرف رَدّ الرئيس ميشال عون على التشكيلة الجديدة التي استخدمها الرئيس المكلف كمناورة لتبرير اعتذاره وتحميل المسؤولية لرئيس الجمهورية.

 

ووفق تلك الاوساط، انّ الحريري توصّل الى قرار الاعتذار على قاعدة انّ اولويته في المرحلة المقبلة هي للانتخابات النيابية، وبعد اقتناعه بأن المملكة العربية السعودية لن تفتح أبوابها أمامه.

 

وعلمت “الجمهورية” انه بعد احتواء فورة الاحتجاج على اعتذار الحريري في البيئة السنية، سيبدأ البحث في الاسم البديل، واذا كان هناك استعداد غربي وسعودي للأخذ والرد في هذا المجال والتعاون مع شخصية مقبولة، فإنّ في الإمكان معالجة الاعتراضات الداخلية المحتملة وتجاوزها.

 

الاستشارات الإثنين أو بعد العيد

وعقب اعتذار الحريري إنطلقت التحضيرات الجارية في القصر الجمهوري لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتسمية شخصية جديدة تكلف تأليف الحكومة. وعلمت “الجمهورية” من مصادر مطلعة انّ الاتصالات في هذا الصدد لم تكن تنتظر لحظة الاعتذار التي كانت متوقعة بفارق التوقيت بين الأمس او اي موعد آخر، ولكن كل تلك المشاورات لم تُفض الى اي خطوة ممكنة في ظل عدم القدرة على تسمية الرئيس البديل من الحريري وفق معيار يتحاشى إعادة تسمية من يشبه الرئيس حسان دياب.

 

وقالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا لـ”الجمهورية” انّ المشاورات انطلقت منذ ليل امس بزَخم من أجل تحديد موعد عاجل لإجراء الاستشارات وتسمية الرئيس الجديد الذي سيكلّف مهمة التأليف. ونتيجة المشاورات الاولية استبعدت الدعوة لإجرائها في عطلة نهاية الأسبوع الحالي بعد سقوط فكرة تحديد اليوم موعداً في انتظار بعض المشاورات التمهيدية التي لا بد منها، وإعطاء مهلة للتفكير في اسم البديل الذي لم يتم التفاهم في شأنه بعد، وإصرار الحريري على عدم تسمية اي شخص يكلّف بالمهمة تاركاً المسؤولية لحلفاء عون و”حزب الله”.

 

ورجّحت المعلومات انّ الدعوة الى إجراء الاستشارات ربما وجّهت الإثنين المقبل، وإلا ستؤجّل الى ما بعد عطلة عيد الاضحى المبارك الممتدة من الثلاثاء الى الجمعة من الاسبوع المقبل.

 

لن أُسمّي

وقال الحريري خلال مقابلة مع قناة “الجديد” مساء امس: “سأترك الناس لكي تحكم إذا سَهّلوا وساعدوا في تشكيل الحكومة”. وأضاف: “أنا انسان واضح لا أؤمن بالفراغ ولن أسمح أن أكون جزءاً من الفراغ، وإذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون يريد أن يبقى الفراغ الى آخر عهده فهذا قراره، لا أحد يطلب مني أن أفعل كل شيء وأضحّي وغيري لا يضحّي”. واكد انه لن يسمّي احداً في الاستشارات الملزمة، وقال: “من الآخر لن نسمّي، ولكن لن نعطّل ولن نوقِف البلد”. وأشار إلى أنّ “هناك انتخابات مقبلة وموعدنا مع جميع الذين مشوا ضدّ المبادرة الفرنسية”، مضيفاً: “أثبتت الدولة اليوم أنها فشلت في ادارة كل القطاعات بينما القطاع الخاص نجح كما في كل الدول”. ورأى أن “المملكة العربية السعودية لديها مشكلة مع “حزب الله” ومشكلة مع لبنان”.

 

ورداً على سؤال “لماذا لا تزور السعودية؟ قال الحريري: “أيمتى ما بَدّي بروح على السعودية بس أنا ما عم روح والسبب بالبداية هو كورونا”. وأضاف: “إذا كان فريق 8 آذار حريص فعلاً على السعودية ليتوقّفوا عن شَتمها وتصدير الكبتاغون والتدخل في الشؤون العربية واليمن و”بيمشي الحال”، ولا يجوز قولهم إنّ هناك مشكلة بين السعودية والحريري”. وأشار الحريري إلى أنّ “المملكة العربية السعودية لم تقدّم للبنان سلاحاً ولم تقم بـ 7 آيار، السعودية أعطت السلام للبنان ولا تريد إلّا الخير له كما كل دول الخليج، لكن لديهم مشكلة مع فريق اسمه “حزب الله”.

 

تشكيلة الحريري

وعلى هامش المقابلة المتلفزة عبر قناة “الجديد” كشف الحريري نسخة من التشكيلة الحكومية التي سلّمها الى رئيس الجمهورية أمس الأول، وفيها حسب التوزيع المذهبي للمقاعد والاسماء على الشكل التالي:

رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من المذهب السني، لوزارة الداخلية والبلديات وليد عبود من المذهب السني، لوزارة الصحة فراس الأبيض من المذهب السني، لوزارة العدل لبنى مسقاوي من المذهب السني، لوزارة البيئة ناصر ياسين من المذهب السني.

في المقابل طرح الحريري 5 حقائب للمذهب الشيعي جاءت على الشكل التالي: وزارة المال يوسف خليل، ابراهيم شحرور لوزارة الأشغال العامة والنقل، وزارة العمل لمايا كنعان، وزارة التنمية الإدارية عبدالله نصرالدين، وزارة الثقافة جهاد مرتضى.

كما طرحَ مقعدين درزيين تقسّما على عباس حلبي في وزارة التربية والتعليم العالي وفؤاد حسن في وزارة المهجرين.

وحصلت الطائفة المسيحية على 12 مقعداً، 5 منهم للمذهب الماروني، تقسّموا على فاديا كيوان في الخارجية، فراس أبي نصيف في الإتصالات، لارا حنا في الزراعة، وسليم هاني في الشؤون الإجتماعية.

أمّا حقائب الروم الارثوذكس فسَمّى الحريري جو صدي في نيابة رئاسة الحكومة، أنطوان شديد لوزارة الدفاع، سعادة الشامي لوزارة الإقتصاد.

وكانت حقيبتا طائفة الروم الكاثوليك من نصيب: كارول عياط لوزارة الطاقة، فادي سماحة لوزارة الصناعة. الى وزير للأرمن لوزارة الشباب والرياضة بإسم كارابيت سليخانيان، وجو ميلا لوزارة الإعلام عن الأقليات.

 

رسالة

وكان اللافت قبل ساعات على اعتذار الحريري إعلان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أنّ “السفيرتين الأميركية والفرنسية سلّمتا رئيس الجمهورية ميشال عون رسالة مشتركة من وزيري خارجية الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا انتوني بلينكن وجان ايف لودريا اللذين اجتمعا في واشنطن امس “أكّدا فيها اهتمام بلديهما بالوضع اللبناني وبضرورة تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الظروف الصعبة في لبنان”.

وقد تناول لودريان الوضع اللبناني في فقرة من تصريح له بعد اللقاء، فقال: “أمّا في ما يتعلّق بلبنان، فقد اتفقتُ مع وزير الخارجية الأميركي على مواصلة تنسيق أنشطتنا على نحو وثيق، من أجل التوصّل إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية والإنسانية التي تعانيها البلاد. وإننا نعمل على اتخاذ تدابير فرنسية وأميركية لممارسة الضغوط على المسؤولين عن التعطيل في لبنان، إضافةً إلى القرارات التي اتخذها مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في 12 تموز الجاري. وإننا نسعى معاً إلى حشد جهود شركائنا الإقليميين دعماً لهذه المساعي، وذلك بعد الزيارة المشتركة التي أجرتها السفيرتان الفرنسية والأميركية إلى الرياض في 8 تموز”.

وعلى أثر اعلان الحريري اعتذاره، قال لو دريان مساء أمس: “انّ الإخفاق في تشكيل حكومة لبنانية جديدة كان حادثاً مروعاً”، وانتقد الطبقة السياسية بكاملها في البلاد. وقال “إنها حادثة مروعة أخرى.. هناك عجز تام للقادة اللبنانيين عن إيجاد حل للأزمة التي خلقوها”.

 

ابو الغيط

وعلى صعيد ردود الفعل العربية والدولية ايضاً، أعربَ الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من نيويورك، حيث يشارك في جلسة لمجلس الامن الدولي حول ليبيا، عن “خيبة الأمل الكبيرة” إزاء اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة. وتخوّف من ان تكون تبعات هذا الاعتذار “خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان”. وتعهّد مواصلة الجامعة العربية “مواكبتها لوضع لبنان ومَد يد الدعم له في هذا الظرف الدقيق من تاريخه المعاصر”. وناشَد المجتمع الدولي “الاستمرار في مساعدة الشعب اللبناني في هذا الظرف الدقيق”.

وأوضح ابو الغيط “أنّ مسؤولية الفشل والتعطيل في التوصّل إلى التوافق السياسي باتت معروفة للقاصي والداني؛ وان كان الإنصاف يقتضي أيضاً تحميل جميع السياسيين اللبنانيين مسؤولية إيصال لبنان الى هذا الوضع المتدهور الذي لا يستحقه الشعب اللبناني الصامد والمثابر”. وشدّد على “ضرورة التزام جميع الأطراف اتفاق الطائف، نصاً وروحاً، كأساس للعملية السياسية في لبنان”.

 

جنبلاط وقبلان

وفي المواقف الداخلية، قال رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط تعليقاً على اعتذار الحريري: “سنة ونصف وأنا أقنع سعد الحريري بالاعتذار لأنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريده”، لافتاً إلى أنّ “الحريري لم يسمع النصيحة”. وأضاف: “من سنة يقول لنا سعد، أنا او ما في غيري، رضَخنا، ثم أتى موضوع مصطفى أديب، ورضخنا… ولكن الوضع على الارض لا يتحمّل مزاجية لا هذا ولا هَيداك”. وسأل: “ما علاقة لبنان والمواطن اللبناني بمشكلة سعد الحريري مع السعودية؟”. وقال: “ما حَدا يحق له ان يقول انا او لا احد، ولا يجوز شَخصنة العلاقة السياسية”.

وفي موقفٍ لافت، علّق المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على اعتذار الحريري، وقال في بيان: “لبنان الآن أمام مفترق خطير جداً، الإعتذار كارثي، والفراغ أخطر من كارثي، والحلّ بطاولة أقطاب لإنقاذ لبنان، وإلّا فانتظروا الأيام السوداء، والقرار الدولي الإقليمي، لا لإنقاذ لبنان والاستثمار بالخراب جاهِز على الطاولة، والفوضى الكبرى مسألة وقت”. وشدّد قبلان على أنّ “الحلّ الآن وليس غداً بطاولة أقطاب، وإلّا طار البلد”.

 

تحذيرات وغليان ودولار

وكان قد أعقَب الإعتذار ارتفاع في سعر الدولار بنحوٍ جنوني، وتخطّى عتبة الـ20 ألف ليرة ثمّ الـ21 ألفاً للمرّة الاولى. فيما تحرّك الشارع احتجاجاً على هذا الاعتذار، وقُطعت الطرق في بيروت وعكار وطرابلس والبقاع وصيدا وصور… كذلك أقدم محتجّون على تكسير مطاعم في صور ومنعوا الزبائن من الدخول إليها.

 

 

*************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

عون يدفع الحريري إلى الإعتذار.. ومخاوف عربية ودولية من الفوضى

الرئيس المعتذر يرفض الفراغ وعاتب على حزب الله.. والشارع يهتز والدولار يكسر حاجز السقوف العالية

 

التوصيف الذي أطلقه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان على ما تفعله الطبقة السياسية بالبلد «تدمير ذاتي» للبنان، وقع محله في ضوء إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري «إننا لن نتمكن من الاتفاق مع فخامة الرئيس».

 

وبكلمات قليلة، بعد لقاء الـ20 دقيقة في بعبدا، وهو المخصص لجواب رئيس الجمهورية على تشكيلة الوزارة التي قدمها قبل 24 ساعة، بات الأفق «مسكراً». فخرج المواطنون إلى الشارع في كل لبنان، من العاصمة إلى الطرقات الدولية من اوتوستراد الجنوب إلى البقاع والشمال فضلاً عن طرقات وشوارع العاصمة، احتجاجاً على ما ينتظر البلد من تداعيات خطيرة، كان ابرزها قفز سعر الدولار بطريقة مرعبة، إذ دخل في مدار الـ30 الف ليرة لبنانية.

 

روى الرئيس المكلف ان رئيس الجمهورية بعدما عرض عليه أن يأخذ مزيداً من الوقت لكي يفكر بالتشكيلة، قال لي اننا لن نتمكن من التوافق. ولذلك، قدمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة، والله يعين البلد، وإن شاء الله نتحدث اليوم مطولاً، في اشارة إلى الاطلالة التلفزيونية.

 

الحريري: كنت بوارد التأليف

 

وأكد الرئيس الحريري في الإطلالة التلفزيونية أنه كان بوارد التشكيل، وأنه كان ماض بالتعاون، مذكراً بأن ما جرى في قصر الصنوبر هو أن تؤلف الحكومة كما كان يجري. لقد رفضت حكومة ميشال عون.

 

وتساءل: كيف أعطي التيار الوطني الحر 8 وزراء من دون إعطاء الثقة.

 

وفي انتقاد مباشر لحزب الله قال الحريري: حزب الله لم يقم بالجهد الكافي للخروج من أزمة التأليف، وأنا لا اريد تشكيل حكومة ميشال عون.

 

ورداً على سؤال: ألا تشكر الثنائي الشيعي؟ أنا أشكر الرئيس بري، وأخصه بالشكر ونقطة على السطر.

 

ومع ذلك أكد الرئيس الحريري في مقابلة مع محطة «الجديد»: من الآخر، لن نسمي، ولكن لن نعطل ولن نوقف البلد.

 

وأكد الحريري أن الرد على التيار الوطني الحر يكون بصناديق الاقتراع.

 

رواية بعبدا

 

رواية بعبدا، اختلفت بعض الشيء عن رواية الرئيس المكلف. قال مكتب الإعلام في الرئاسة الأولى: خلال اللقاء عرض الرئيس عون على الرئيس المكلف ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالبا البحث في اجراء بعض التعديلات للعودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري. إلا ان الرئيس الحريري لم يكن مستعدا للبحث في اي تعديل من اي نوع كان، مقترحا على الرئيس عون أن يأخذ يوما إضافيا واحدا للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلا. وعند هذا الحد انتهى اللقاء وغادر الرئيس الحريري معلنا اعتذاره.

 

لقد شدد الرئيس عون على ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه سابقا إلا أن الرئيس الحريري رفض أي تعديل يتعلق بأي تبديل بالوزارات وبالتوزيع الطائفي لها وبالاسماء المرتبطة بها، أو الاخذ بأي رأي للكتل النيابية لكي تحصل الحكومة على الثقة اللازمة من المجلس النيابي، وأصر على اختياره هو لأسماء الوزراء.

 

إن رفض الرئيس المكلف لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية ولفكرة التشاور معه لإجراء أي تغيير في الاسماء والحقائب يدل على أنه اتخذ قرارا مسبقا بالاعتذار ساعيا إلى إيجاد أسباب لتبرير خطوته.

 

وعليه، وبعد اعتذار الرئيس المكلف، سيحدد رئيس الجمهورية موعدا للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن.

 

وكان الرئيس عون استقبل صباحاً السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا والسفيرة الفرنسية في بيروت آن غرييو وعرض معهما الأوضاع العامة في البلاد والمستجدات الحكومية. وسلمت السفيرتان الرئيس عون رسالة خطية مشتركة من وزيري الخارجية الاميركية والفرنسية انطوني بلينكن وجان ايف لودريان اكدا فيها على اهتمام بلديهما بالوضع اللبناني وضرورة الاسراع في تشكيل حكومة جديدة تواجه الظروف الدقيقةالتي يمر بها لبنان.

 

المصادر القريبة من بعبدا

 

وأشارت مصادر إلى أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كسر الاتفاق الذي تم التوصل عليه في إطار مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري إذ قدم الحريري تشكيلة عين فيها هو الداخلية (السنة)، الخارجية، الدفاع (ارثوذوكسي) والمالية»، لافتة إلى أنه «كان هناك مشكلة أنه تم الاتفاق على ان الوزيرين المسيحيين يعينان بالتوافق بين رئيس الجمهورية والحريري لكن الحريري كسر التوافق وعين الوزيرين المسيحيين في التشكيلة أيضا . كما أن الحريري أجرى تعديلات في توزيع الطوائف على الحقائب ولم يقبل أن يبدل رأيه ابدا.

 

وقالت المصادر إنه في خلال اللقاء بين الرئيس عون والحريري، فال الحريري للرئيس عون خذ ٢٤ ساعة اضافية لتقبل التشكيلة او ترفضها، عندها اصر الرئيس عون على موقفه أنه يجب اجراء تعديلات وسأل ما الهدف من ٢٤ ساعة طالما انك مصر، عندها انهى الحريري الاجتماع بقوله انه سيعتذر».

 

وقالت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» أن البيان الذي صدر كاف وواف.

 

«الثنائي»: ارتحنا ماذا بعد الاعتذار؟

 

محلياً، لا تخفي الأوساط القريبة من «الثنائي الشيعي» إعلانها «ارتحنا».

 

وقالت الأوساط لـ»اللواء» ان لا اتفاقيات مسبقة بين الثنائي والحريري او بين الثنائي وجهات خارجية لمرحلة ما بعد الاستقالة، لافتة في هذا السياق إلى ان لقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد مع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل لم يعط نتائج إيجابية بدليل ان الحريري قدم استقالته.

 

ولم تسقط الأوساط البحث الجدي لإعادة تعويم حكومة الرئيس حسان دياب لتشرف على اجراء الانتخابات النيابية ويبدو بحسب المصادر ان هذا الحل قد يشكل مخرجاً مقبولاً في حال نجح تسويقه خارجياً.

 

التشكيلة

 

أما التشكيلة التي قدمها الرئيس الحريري لرئيس الجمهورية فكانت على النحو التالي:

 

المسلمون 12 وزيراً.

 

أ- السنة: 5 وزراء

 

1- سعد الحريري رئيساً لمجلس الوزراء.

 

2- وليد العاكوم للداخلية والبلديات.

 

3- فراس الأبيض للصحة العامة.

 

4- لبنى مسقاوي للعدل.

 

5- ناصر ياسين للبيئة.

 

ب – الشيعة:

 

1- يوسف خليل المالية.

 

2- ابراهيم شحرور للأشغال العامة والنقل.

 

3- مايا كنعان وزارة العمل.

 

4- عبد الله ناصر الدين وزارة التنمية الادارية.

 

5 – جهاد مرتضى وزارة الثقافة.

 

ج – الدروز:

 

1- عباس الحلبي التربية والتعليم العالي.

 

2- فؤاد حسن للمهجرين.

 

المسيحيون: 12 وزيراً:

 

أ – موارنة

 

1- فاديا كيوان الخارجية.

 

2- فراس أبي ناصيف الاتصالات

 

3- لارا حنا الزراعة.

 

4- سليم هاني الشؤون الاجتماعية.

 

5- وليد نصار السياحة.

 

ب – الروم الارثوذكس:

 

1- جو صدي نائباً لرئيس مجلس الوزراء.

 

2- انطوان شديد للدفاع.

 

 

3- سعادة الشامي للاقتصاد.

 

ج – الكاثوليك:

 

1- كارول عياط الطاقة والمياه.

 

2- فادي سماحة للصناعة.

 

د – أرمن وأقليات

 

1- كارابيت سليخانيان الشباب والرياضة.

 

2- جو ميلا الإعلام.

 

مخاوف من تبعات الاعتذار

 

عربياً، لم يخف الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط مخاوفه من تبعات اعتذار الحريري.

 

وأعرب امام صحافيين على هامش جلسة لمجلس الأمن حول ليبيا، عن خيبة الأمل الكبيرة إزاء قرار الرئيس المكلف بالاعتذار، وأن التبعات خطيرة على مستقبل لبنان، متعهداً بمواصلة الجامعة اهتمامها بالوضع في لبنان.

 

وناشد ابو الغيط «المجتمع الدولي الاستمرار في مساعدة الشعب اللبناني في هذا الظرف الدقيق»، وقال: «ان مسؤولية الفشل والتعطيل في التوصل إلى التوافق السياسي باتت معروفة للقاصي والداني، وإن كان الانصاف يقتضي ايضاً تحميل جميع السياسيين اللبنانيين مسؤولية ايصال لبنان إلى هذا الوضع المتدهور، الذي لا يستحقه شعب لبنان الصامد والمثابر».

 

اتفاق لودريان وبلينكن

 

بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن في واشنطن كان لوزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان تصريح تخللته فقرة خاصة بلبنان، وجاء فيها: أما في ما يتعلق بلبنان، فقد اتفقت مع وزير الخارجية الاميركي على مواصلة تنسيق انشطتنا على نحو وثيق، من اجل التوصل إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات الضرورية لانهاء الأزمة السياسية والاقتصادية والانسانية التي تعانيها البلاد. واننا نعمل على اتخاذ تدابير فرنسية واميركية لممارسة الضغوط على المسؤولين عن التعطيل في لبنان، اضافة إلى القرارات التي اتخذها مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في 12 تموز الجاري. واننا نسعى معاً إلى حشد جهود شركائنا الاقليميين دعماً لهذه المساعي، وذلك بعد الزيارة المشتركة التي اجرتها السفيرتان الفرنسية والأميركية إلى الرياض في 8 تموز.

 

واعتبرت الخارجية الأميركية ان «على قادة لبنان تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات للخروج من الازمة».

 

وكشفت ان الوزير انطوني بلينكن سيبحث مع نظيره الفرنسي الجهود المبذولة لمعالجة الوضع في لبنان.

 

كما افادت بأن الوزير انتوني بلينكن ناقش مع وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان جهود العودة للاتفاق النووي الايراني».

 

وحمل النائب السابق وليد جنبلاط الرئيسان عون والحريري مسؤولية اجهاض المبادرة الفرنسية، وقال: «الوضع على الأرض لا يتحمّل مزاجية هذا أو ذاك وخلافا لكل الذي يزايدون عليّ وينتقدونني فأنا أدعو الى التسوية ولكن لا أحد يريد أن يضحي بأنانيته من أجل التسوية».

 

وقال  في مداخلة عبر برنامج «صار الوقت» عبر الـ«mtv» منذ سنة ونصف وأنا أنصح الحريري بتكليف أحد آخر لأنني أعلم أن عون لا يريده ولا يجوز رهن البلد بمزاج شخص من هنا أو هناك ولكن لم يعد هناك من نصيحة تنفع، ولا يجوز ترك البلد لهذا الانهيار في كل المجالات فليتفضلوا بمشاركة اللبناني العادي في همومه من الدولار الى الدواء والبنزين وغيرها.

 

ولفت إلى انه «يجب ان يأخذ الدستور مساره وممنوع مخالفته وغالبية المسؤولين يشتغلون انتخابات وهذا جنون فيما الدولار قد يصل غدا الى 30 ألفا»، مؤكدا أن «نتائج الانتخابات ستؤدي الى سقوط غالبية هؤلاء المتحكّمين بالناس اليوم والشعب قال كلمته وهو ليس غبياً برؤية مسرحيات مجلس النواب».

 

واوضح جنبلاط ان «المجتمع الدولي يريد تشكيل حكومة توقف الانهيار وتقوم باجراء الاصلاحات ولا يزال هناك من مجال لحكومة تفاوض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عبر الفرنسيين وتوقف الانهيار.

 

كما شدد على وجوب «الدعوة الى الاستشارات والقضية قضية وطن لا سنية ولا مسيحية ولا درزية وأنا مستعد أن أتخلّى عن أي منصب للوصول الى التسوية»، داعيا حكومة تصريف الاعمال الى العمل واتخاذ القرارات الى حين تشكيل الحكومة.

 

جنبلاط وعندما طلب منه تقديم نصيحة للرئيس ميشال عون، قال: «لا أنصح الرئيس عون بنصائح جريصاتي». وفي موضوع مرفأ بيروت، قال: «نواب كتلة اللقاء الديمقراطي سيصوتون ضد احالة ملف مرفأ بيروت على مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء ولن نخرج عن إرادة القاضي العدلي وعليه أن يكمل وأن لا يستثني أحداً».

 

حراك الشارع

 

والجديد في حراك الشارع، الذي انفجر دفعة واحدة، هو بداية المواجهة بين المحتجين والعناصر الأمنية، إذ شهدت كر وفر بين عناصر الجيش اللبناني والشبان في الشارع، قرب مدرسة عمر فروخ في محلة الكولا والمدينة الرياضية.

 

وقطعت الطرقات عند مستديرة الكولا بالاتجاهين، طريق السراي في صيدا، اوتوستراد البداوي بالاتجاهين في محلة الأكومي، كورنيش المزرعة بالاتجاهين، أوتوستراد السيد هادي بالاطارات المشتعلة، اوتوستراد المحمرة بالاتجاهين، طريق المطار، طريق عام تعلبايا بالاتجاهين، طريق المنية العبدة الدولية، طريق طلعة عرمون، وأوتوستراد الاسد باتجاه بيروت.

 

اشتبكات مع الجيش

 

وشهد عدد من الشوارع فوضى كبيرة ابرزها في الطريق الجديدة، حيث سادت حال من التوتر بين المحتجين والجيش.

 

وحصلت اشتباكات من جهة الجامعة العربية المدينة الرياضية بين شبان وعدد من عناصر الجيش. وتحدثت المعلومات عن سقوط عدد من الجرحى في صفوف الجانبين.

 

جنون الدولار

 

تزامنًا، وبعدما وصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية قبل زيارة الرئيس سعد الحريري إلى بعبدا، لحدود الـ19200 ليرة، عاود الدولار ليرتفع بشكل جنوني بعد اعتذاره، إذ تراوح سعر صرف الدولار ما بين الـ19900 و20000 ليرة ما بين مبيع وشراء. وبعد ساعة من الاعتذار، وصلت التسعيرة لغاية الـ21500.

 

المؤسسات التجارية تقفل أبوابها

 

وبعد الارتفاع الجنوني للدولار أقفلت المؤسسات التجارية أبوابها تحسبًا لارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

 

فقد عمد أصحاب مؤسسات ومحال تجارية في النبطية ومنطقتها إلى إقفال إبوابهم بعد ظهر أمس، ليتسنى لهم رفع اسعار المواد الغذائية والتموينية لديهم بذريعة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية.

 

ولوحظ أن إحدى السوبر ماركات في منطقة النبطية أقفلت أبوابها بالرغم من وجود مواطنين في داخلها، وعمد الموظفون فيها إلى التضييق على الزبائن لإجبارهم على الخروج بحجة الإقفال.

 

كما أقفلت بعض محطات البنزين أبوابها والتي كانت فتحت صباحًا وشهدت ازدحامًا للمواطنين، ولم تكمل عملية البيع بحجة نفاذ الكمية لديهم.

 

الازمات مستمرة

 

على صعيد الازمات المعيشية والحياتية،اعلن مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم انه تم انجاز اتفاقية المليون طن الخاصة بالفيول مع العراق، وسيتم توقيع العقد خلال يومين، بحيث نتسلم الكمية خلال اسبوعين، كما ان الترتيبات ستجري حاليا بين المصرف المركزي في العراق ونظيره قي لبنان. وقد اعلن ذلك خلال لقاء تعارفي مع اللقاء التشاوري الجامع لممثلين عن المحافظات.

 

في المقابل، ناشد عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس في بيان، «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، متابعة موضوع ملفات المحروقات شخصياً. وأشار الى انه غير مستعد ولا حتى أصحاب المحطات، لتحمّل الذل والقهر والمعاناة والمشاكل اليومية في الشوارع نتيجة اهمال شخص لملفات لم يجد الوقت الكافي لاتمامها بسرعة».

 

ورأى انه «اذا بدأ مصرف لبنان برفض اعطاء الموافقات المسبقة لاستيراد المحروقات، فهذا يعني اننا سنعود الى ازمة خانقة كالتي شهدناها أخيراً، داعياً المعنيين الى ضرورة الانتباه لهذا الموضوع، واتخاذ الاجراءات المطلوبة لتفادي حصوله».

 

وكانت معلومات  قد اشارت الى ان أزمة المازوت والبنزين مستمرة والى المزيد من التأزم. وعلى الرغم من تفريغ باخرة مازوت لدى منشآت النفط إلا ان الكمية لم تكن كافية لأنها تشكّل ٢٥% من حاجة السوق وقد أعطيت الاولوية في التسليم إلى المستشفيات والافران في وقت تزداد الحاجة إلى المادة في ظل انقطاع مستمر في الكهرباء.

 

اما في موضوع البنزين، فالمادة اليوم باتت شبه مفقودة مجدداً في ظل وجود ثلاث بواخر راسية قبالة الشاطئ اللبناني تنتظر  فتح الاعتمادات وفق آلية ٣٩٠٠ ليرة لتفريغها ،على الرغم من ايعاز حاكم مصرف لبنان بفتحها على مدى اسبوعين، ففتحت الاسبوع الماضي ولم تفتح هذا الاسبوع.

 

في الموازاة، أعلن تجمع اصحاب الصيدليات «أنه لم يعد يستطيع الاستمرار في العمل لخدمة المرضى، والتوقف عن العمل اعتبارا من صباح اليوم الجمعة الى حين اقرار وزارة الصحة جداول ومؤشر الأسعار وتأمين الحماية للصيدليات لنتمكن من الاستمرار برسالتنا».

 

549427 إصابة

 

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 455 إصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالة وفاة في الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 549427 إصابة مثبة مخبرياً منذ 21 شباط 2021.

 

 

******************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

 

مسرحية التكاذب تنتهي بثمن باهظ… الحريري «يعتذر»… ولبنان نحو المجهول

 لا تسمية «للبديل»… تصعيد مع حزب الله وتحريك «للشارع»… بري «مُنزعج»

 الاستشارات النيابية «مُعلّقة» والليرة تنهار… «اسرائيل» تضغط لمنع الحرب! – ابراهيم ناصرالدين

 

أخيرا، وبعد 9 اشهر من «الرياء»، اسدل رئيس الحكومة «المعتذر» سعد الحريري «الستار» على اسوأ «مسرحية» سياسية يمكن لمجموعة «قيادات» ان  تخوض غمار التمثيل فيها على شعب عايش اقذر انواع «الذل» وبات يمتهن «الشحادة» بكل ما للكلمة من معنى.

 

دخل «الابطال» ومعهم «الكومبارس» «الخشبة» والدولار بـ 7 آلاف ليرة، ونزلوا عنها وهو يلامس الـ 22 الفاً ويتجه صعوداً، العتمة شاملة، والمحروقات «بالقطارة»، والادوية مفقودة، والدولة تتفكك، ولا يبدو ان ثمة من يأبه.

 

اختصر الحريري المشهد من بعبدا قائلا «الله يعين البلد»، طبعا انه محق، «فجهنم» التي سبق ووعدنا بها رئيس الجمهورية ميشال عون، وعايشناها على مدى اشهر «التكاذب»، تبدو نعيما امام ما ينتظرنا في المقبل من الايام والاسابيع، البلد دخل «نفقا مظلما»بسبب انانيات شخصية مخجلة، وستدفع البلاد ثمنا باهظا، لان «المأزومين»سعد الحريري وجبران باسيل يريدان ضمانات لمستقبلهما السياسي ولو كان ذلك فوق «جثة» بلاد اصابها العفن، وازدادت اهتراءا ابان التسوية الرئاسية، وقدّر لها ان تنهار مع انتهاء «شهر العسل» .

 

لا يشكك احد بان لبنان يتعرض لضغوط خارجية خانقة، «اسرائيل» ودول اقليمية متورطة، واميركا تدير عملية «الخنق»، لكن «دود الخل منو وفي»، «حرامية» الداخل مسؤولين عن الانهيار، لم يمنعهم احد من بناء معامل الكهرباء، ولم يجبرهم احد على نظام الاقتصاد الريعي، وتقاسم السرقات والمغانم على طاولة المحاصصة الطائفية، الآن لا صوت يعلو على صوت الانتخابات، شد العصب يحتاج الى اخراج كل «القذورات»، بدأها الحريري بالامس، وسيتبعه باسيل بعد ايام، سنعيش اياما طويلة من الفضائح والاتهامات، فيما البلد يتجه الى «الارتطام» الكبير ليس اجتماعيا فقط وانما امنيا…

اعتذار متأخر و«التكلفة باهظة»

 

اذا، لم يحصل الحريري على «الرضى» السعودي، ولم تعوّض مصر ثقل الدولة الخليجية، والحراك الفرنسي – الاميركي لا يبدو جديا لانقاذ البلد، فالمهم منحه «الاوكسيجين» فقط كي لا «يموت»»، وما كان يجب ان يحصل منذ اشهر حصل بالامس بتكلفة باهظة، «اعتذر» الرئيس المكلف مانحا العهد والوزير جبران باسيل «نصرا» بطعم الهزيمة، بعدما انتصرت مقولة: اما جبران وسعد في الحكومة او لا حكومة، فمنذ اليوم الاول لم يكن الرئيس ميشال عون ليمنح توقيعه لحكومة يترأسها الحريري دون مراعاة «شروط» تياره السياسي، بعدما اخل الحريري بشروط التسوية الرئاسية، وغادر «المركب» الذي بناه «كتف بكتف» مع باسيل، واستقال بعد 17 تشرين من الحكومة دون التفاهم او التنسيق مع احد.

 

واليوم دخلت البلاد في المجهول، بعد ساعات عجاف من «الدراما» وضخ الامل «الكاذب» لدى اللبنانيين بامكانية حصول انفراجة حكومية، ليتضح بعد ذلك ان «حفلة التكاذب» والتضليل استمرت حتى آخر مشاهد المسرحية الهزلية، حيث حاول الطرفان ايهام الداخل والخارج، بانهما جديان في تسهيل «الولادة»، بينما كان السيناريو معدا مسبقا، جاء الحريري بتشكيلته الاستفزازية كي يرفضها الرئيس عون فورا، لكنه فوجىء بالتريث، مع علمه المسبق ان التشكيلة الجديدة وضعت في اقرب «سلة مهملات» بعد خروجه من بعبدا، انتابه القلق من عدم حصوله على جواب قريبا، بعدما تقصّدت الرئاسة الاولى احراجه رافضة العمل وفق توقيته واجندته، فاختار حشرها وطلب موعدا جديدا بعد ظهر امس، وهو يعلم مسبقا بان القصة انتهت، فخرج «يزف» الخبر الى اللبنانيين الذين الفوا الاحداث المرافقة لهذه المهزلة المتكررة، فقطعت الشوارع بغضب «مفتعل»، وحلّق «سعر الدولار»، مع العلم المسبق انه بات دون سقف.

«الله يعين البلد»

 

وفي تخريجة للسيناريو»  الرديء خرج الحريري بتصريح مقتضب من بعبدا، وقال «اجتمعتُ مع الرئيس عون وأجرينا مشاوراتنا في الموضوع الحكومي. ومن ضمن الكلام، كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، أعتبرها أنا جوهرية في التشكيلة. كما تناقشنا بالأمور التي تتعلق بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك. الواضح أن الموقف لم يتغيّر في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكن من الاتفاق مع فخامة الرئيس. وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج الى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي إننا لن نتمكن من التوافق. ولذلك، قدّمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة، والله يعين البلد».

قرار مسبق «بالاعتذار»

 

في المقابل، اشارت مصادر بعبدا الى ان رئيس الجمهورية كان على استعداد للنقاش في التشكيلة على الرغم من «تجاوزات» الحريري في التشكيلة التي لم يلتزم خلالها بمبادرة الرئيس بري، وروى القصر الجمهوري ما حصل، وقال: ان رفض الرئيس المكلف لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية ولفكرة التشاور معه لإجراء أي تغيير في الاسماء والحقائب، يدلّ على أنه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار ساعياً الى إيجاد أسباب لتبرير خطوته، على رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس الجمهورية لتسهيل مهمة التأليف، إدراكاً منه لدقة المرحلة والتزاماً منه بضرورة الاسراع في تأليف حكومة قادرة على الاصلاح، فضلاً عن الالتزام بما أبلغه رئيس الجمهورية الى سائر الموفدين الاقليميين والدوليين الذين زاروا لبنان في الايام الماضية والمراسلات التي تلقاها من مسؤولين عرباً وأجانب.

  هكذا انهى الحريري اللقاء فجأة!

 

وبحسب البيان الذي صدر عن القصر الجمهري، فان الرئيس عون عرض على الرئيس المكلف ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالباً البحث في اجراء بعض التعديلات للعودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري. إلا ان الرئيس الحريري لم يكن مستعداً للبحث في اي تعديل من اي نوع كان، مقترحاً على الرئيس عون أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً. وعند هذا الحد انتهى اللقاء.

 

وبحسب مصادر مطلعة، سجل رئيس الجمهورية عدة ملاحظات على التشكيلة الحكومية وطلب تبديلاً في توزيع بعض الحقائب وخصوصاً «الداخلية» و»العدل» اللتين باتتا من حصة الحريري في التشكيلة المقدمة، بعدما كانت «الداخلية» لأورثوذكسي من حصة رئيس الجمهورية، وسأل الرئيس عون الحريري عن اسباب تراجعه عن الاتفاقات السابقة، فلم يقدم اي اجابة، وسارع الى الوقوف منهيا اللقاء بعد 20 دقيقة، معلناً انه سيعتذر، «فوجىء»الرئيس لكنه لم يحاول ثنيه، وتركه يغادر… وعليه وعد رئيس الجمهورية بتحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن.

لا استشارات قريبة؟

 

ووفقا للمعلومات، لا تحديد لموعد جديد للاستشارات قبل حصول اتفاق على اسم رئيس للحكومة المفترض، وتشكيلة الحكومة وبرنامجها، وذلك لعدم تكرار تجربة تكليف الحريري، وهذا يعني ان لا استشارات قريبة في ظل رفض «نادي رؤساء» الحكومة تبنّي اي مرشح جديد لموقع الرئاسة الثالثة، وثمة قرار متخذ بتحميل العهد مسؤولية اجهاض مهمة الحريري، وعدم المساهمة بتقديم اي حلول، وعليه، من المرجح استمرار الشغور، والاتكاء على حكومة تصريف الاعمال التي يرفض الرئيس حسان دياب تفعيلها، وذلك الى موعد الانتخابات النيابية، هذا اذا حصلت في موعدها…!

التشكيلة «الساقطة»

 

وكان الحريري تقصّد في تشكيلته جرّ الرئيس عون الى رفضها، بعد ادخال تغييرات جذرية على ما جرى التفاهم عليه سابقا، فترشيح الحريري فاديا كيوان لـ «الخارجية»، كان خلافا لرأي الرئيس ميشال عون الذي سبق ترشيحها لوزراة الثقافة، وكذلك لم يوافق سابقا على ترشيح وليد عاكوم لـ «الداخلية»، فيما اعتبر الرئيس عون ترشيح انطوان شديد لـ «الدفاع» تحديا له. اما ترشيح لبنى عمر مسقاوي لـ «العدل» فرفضه الرئيس كونه لم يقبل اصلا التخلي عن الوزارة. وحملت المسودة ترشيح فراس أبيض لـ «الصحة»، فراس ابي ناصيف لـ «الاتصالات»، سعاد الشامي لـ «الاقتصاد»، كارول عياط لـ «الطاقة»، عباس حلبي لـ «التربية»، ، وبقيت الاسماء الشيعية على حالها كما في التشكيلة السابقة وهي مايا كنعان، يوسف خليل لـ «المالية»، جهاد مرتضى، عبدالله ناصر الدين، وابراهيم شحرور، لكن المفارقة ان الحريري لم يستشر حزب الله في وزرائه.

بري «منزعج»… وجنبلاط «يتهم»

 

ووفقا لمصادر نيابية مطلعة، فقد اثارت خطوة الحريري «استياء» وانزعاج رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يرغب بتفاهم على المرحلة المقبلة قبل هذه الخطوة، لكن «المعتذر» اصرّ على موقفه، كما اثارت مواقف الحريري تجاه حزب الله انزعاجا في عين التينة، لانها لا تخدم التهدئة في الشارع.

 

من جهته انتقد رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط،  الاخراج السيىء للاعتذار، ودعا مجددا للتسوية، وانتقد الحريري لانه لم يسمع نصيحته منذ سنة ونصف السنة بتكليف احد آخر «لانني اعلم ان عون لا يريده ولا يجوز رهن البلد بمزاج شخص من هنا او هناك، ولكن لم يعد هناك نصيحة تنفع»، وكشف ان «البطريرك بشارة الراعي ابلغ غازي العريضي ان الرئيس عون لا يريد الحريري، فهناك تناقض بين مشروعين»، وحذر جنبلاط من ترك البلد «ينهار». وتساءل «ما علاقتنا بخلاف سعد الحريري مع السعودية، غير مسموح ان يقول «انا ولا احد»، واتهم الحريري وعون «بانهما اجهضا المبادرة الفرنسية»، ودعا الى «تشكيل حكومة لمفاوضة صندوق النقد عبر الفرنسيين لوقف الانهيار». ورفض جنبلاط تقديم اي نصيحة للحريري، واكد انه «لن ينصح عون بنصائح الوزير جريصاتي»…!

الحريري يُصعّد ضد حزب الله

 

وفي مقابلة تلفزيونية اكد الرئيس «المعتذر» سعد الحريري ان «كتلة المستقبل» لن تسمي أحدا في المشاورات المقبلة لاختيار رئيس وزراء مكلف جديد، وقال: «انا لا استطيع ان اقدم تشكيلة للحكومة ورئيس الجمهورية لا يريد اعطاء الثقة بل يريد الثلث المعطل، وكلكم تعرفون ان هذه ليست طريقة لتشكيل الحكومة».

 

وفي تصعيد ممنهج ضد حزب الله، اتهم الحريري الحزب «بعدم بذل جهد كاف لتشكيل الحكومة»، وقال انه «لم يمارس الضغط على باسيل»، واضاف:»انا لم اره يفعل ذلك، ولا احد يصدق». وردا على سؤال الا تشكر «الثنائي الشيعي»، قال:»اشكر الرئيس بري واخصه بالشكر ونقطة على السطر»، واشار الى ان حزب الله «كان دائماً ضد كل الإصلاحات في البلد». من جهة اخرى نفى الحريري وجود مشكلة مع السعودية، وقال:»يمكنني زيارتها عندما اريد، لكن الكورونا هي التي تمنعني، واستغرب كيف ينسى البعض ان السعودية لديها مشكلة مع حزب الله»، داعيا الى «وقف التدخلات في اليمن، وتهريب الكابتاغون»…

«حركة بلا بركة»

 

وقبل «الاعتذار» كان تعويل في غير مكانه على حركة سفيرتي الولايات المتحدة وفرنسا آن غريو ودوروثي شيا اللتان زارتا القصر الجمهوري وسلمتا الرئيس عون رسالة مشتركة من وزيري خارجية بلديهما أكدا فيها اهتمامهما بالوضع اللبناني وبضرورة تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الظروف الصعبة في لبنان، وأطلعتاه على نتائج اللقاءات التي عقدت في الرياض مع المسؤولين السعوديين على اثر إجتماع وزراء خارجية أميركا وفرنسا والسعودية في إيطاليا، لكن تبين لاحقا ان «ما كتب قد كتب»، ودخلت البلاد مرحلة جديدة، في ظل تجاذبات داخلية وخارجية في غياب اي اجابات واضحة حيال «اليوم التالي» في ظل عدم وجود اسم بديل يتولى مسؤولية تشكيل حكومة طريقها مليئة «بالالغام». وجاء رد الفعل «المتفجر» في الشارع ليشير الى ان «تيار المستقبل» مستعد للذهاب بعيدا في المواجهة مع العهد، ولم يعد من السهل قبول أي شخصية سنية بالتكليف خلفاً للحريري، اذا لم يغطيها.

حدث «مروع»

 

ووصف وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان اعتذار الحريري بـ «الحدث المروع»، وقال:»ان زعماء لبنان يبدون عاجزين عن إيجاد حل للأزمة التي تسببوا فيها».

 

من جهته اعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن «خيبة الأمل الكبيرة إزاء قرار الرئيس سعد الحريري»، وأشار إلى «أنه يعتقد أن تبعات اعتذار الحريري قد تكون خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان»، متعهدا بـ «مواصلة الجامعة العربية مواكبتها للوضع في لبنان، ومد يد الدعم له في هذا الظرف الدقيق من تاريخه الحديث».

 «اسرائيل» تضغط لمنع الحرب؟

 

وفي المقلب الآخر، تعمل «اسرائيل» على الاستفادة من الانهيار في لبنان، للضغط على حزب الله، وكشف «الاعلام الاسرائيلي» الذي لم يخف»غبطته» من انشغال الحزب بالازمة الداخلية، آخر فصول هذه الضغوط التي يمارسها جيش الاحتلال على حزب الله باعتباره عدوا خطيرا يجب ردعه، وذلك لمنع اندلاع حرب جديدة في المدى المنظور، لان النتائج ستكون «كارثية» على الجبهة الداخلية وعلى الجبهة الامامية.

 

وفي هذا السياق نقلت صحيفة «اسرائيل اليوم» عن مصادر في «الجيش الاسرائيلي» زعمها ان الكشف عن مخزن أسلحة الحزب في قرية عبا جنوبي لبنان كان له هدفان: الأول، هو القول لحزب الله بأنه مخروق استخبارياً وأن أعماله مكشوفة لـ «إسرائيل». والثاني، هو تحذير الأسرة الدولية، الإقليمية واللبنانية، من الثمن الباهظ الذي سيكون للحرب التالية في لبنان.

لا تأثير لـ «الدعاية الاسرائيلية»

 

ودون ان تقدم اي دليل على صحة المعلومات الاستخباراتية التي اثبت حزب الله زيفها في مناسبات سابقة، تعترف الصحيفة بضعف تأثير «الدعاية الاسرائيلية» على البيئة الحاضنة لحزب الله، لكنها تؤكد ضرورة استمرار الضغوط على حزب الله لمنع او تأخير المواجهة المقبلة، ولفتت الى ان الكثير سيقتلون في «إسرائيل»، وستطول الحرب جداً. ولكن بخلاف المعركة الأخيرة في غزة، لا يمكن لـ «الجيش الإسرائيلي» أن يعمل في لبنان من الجو فقط. منظومات الدفاع الجوية ليست قادرة على الحماية من وابل آلاف الصواريخ يومياً، ومن أجل وقف النار وتشديد الضغط على حزب الله، من خلال دحر السكان شمالاً، سيتطلب من «الجيش الإسرائيلي» أن يدخل الى لبنان براً، ليستولي على الأرض نفسها ويصعّب على حزب الله إطلاق الصواريخ منها.

المواجهة لن تكون «نزهة»

 

ولفتت الصحيفة الى ان هذه الخطة التي نفذت جزئياً في 2006 (وبتأخير وبتلعثم ) يجري التدرب عليها، انطلاقاً من هدف تنفيذها في الحرب التالية في لبنان. لا يتوهم «إلاسرائيلي» أن تكون هذه الحرب نزهة لطيفة في حديقة؛ بل سيكون الثمن جسيماً، في الجبهتين الأمامية والخلفية… ولهذا جاء الكشف عن مخزن السلاح، لممارسة الضغط اللبناني الداخلي على حزب الله، وللضغط من خارج لبنان على ما تبقى من حكومة لبنانية. لكن في المقابل تعترف «اسرائيل اليوم» بان تجربة الماضي تفيد بأن حزب الله «سيبقى على عادته»…

عدو خطير!

 

وبعد كل هذا، تخلص الصحيفة الى القول «الشمال هادئة، وسطحياً لا توجد أي مؤشرات على حرب قريبة. حزب الله ملجوم وكذلك إسرائيل، والحزب مشغول البال الى ما فوق الرأس في المشاكل اللبنانية الداخلية. ولكنها تبقى حدوداً قابلة للتفجر، وهذا عدو خطير. وعليه، خيراً تفعل إسرائيل إذا ما مارست كل ما لديها من أدوات لتأجيل الحرب»…

 

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

 

الحريري: عون لا يريد أن يشكّل.. وإذا ترأست «حكومته» لن أنقذ البلد  

 

أطلّ الرئيس سعد الحريري مساء امس عبر قناة «الجديد» بعد تقديم اعتذاره عن تشكيل الحكومة، كاشفاً أنه «زار رئيس الجمهورية ميشال عون بكل انفتاح، وطلب أن يتم اتخاذ قرار سريع لأنه مضى وقت على التشكيل»، وقال: «أنا رشحت نفسي لكي أشكل بحسب المبادرة الفرنسية، أي حكومة أخصائيين واليوم أنا اعتذرت عن  تشكيل حكومة ميشال عون».

 

ورأى الحريري أن «المملكة العربية السعودية لديها مشكلة مع لبنان وحزب الله»، معتبراً أن «مشكلة البلد تتمثل في أنه ليست فيه إدارة صحيحة»، كما أعلن أن «كتلة المستقبل لن تسمي أحداً في المشاورات المقبلة لاختيار رئيس وزراء مكلف جديد».

 

واستعرض الحريري مسار الملف الحكومي والاعتذار، وقال: «أنا مرتاح وأبلغت الرئيس عون استعدادي للانتظار 24 ساعة جديدة ولا أعرف لماذا فُهم التمنّي أنّه فرض».

 

وتابع: «سألت الرئيس عون اليوم عن منح الثقة للحكومة من قبل التيار الوطني الحر، ورّدد لي الجواب نفسه، لا ثقة من الكتلة كاملاً بل من نائبين أو ثلاثة، أي أنهم سيعطون ربع ثقة. ومع هذا، فإن الرئيس يريد الثلث المعطل وهذه هي المشكلة».

 

وقال الحريري: «تمنى عليّ رئيس مجلس النواب نبيه بري والفرنسيون التوجه من حكومة من 18 الى 24 وزيراً لإنجاح المبادرة ولكن الأبواب كانت مقفلة وفي كل مرة تتم الموافقة على حقيبة تُخرب ثانية».

 

وأضاف: «غيّرت الحقائب السيادية ولكنّني أبقيت 8 وزارات لرئيس الجمهورية وأبلغته استعدادي للبحث إذا كان لديه أي تعديل وأساس الاعتذار هو لأننا نضيّع الوقت من أجل تشكيل الحكومة في الوقت الذي يحتاج فيه البلد حكومة سريعاً، لكن رئيس الجمهورية حامل السلم بالعرض مع تشكيل حكومة مع سعد الحريري».

 

وتابع: «أنا رشحت نفسي كي أشكل بحسب المبادرة الفرنسية أي حكومة أخصائيين واليوم أنا اعتذرت عن حكومة ميشال عون».

 

وأردف: «عندما استقلت بالـ 2019 استقلت لأني اريد حكومة اخصائيين واذا اردت ان اشكل حكومة ميشال عون لن انقذ البلد. هناك فريق قرر أن يعذب البلد ويأخذنا إلى جهنم، وكل العقبات التي واجهتها بسبب هذا الفريق».

 

وأشار الحريري إلى أن اعتذاره عن التشكيل هو لأنه رأى أن «رئيس الجمهورية لا يريد أن يشكّل، ، وعندما يقرر الأخير متى الاستشارات أتحدث مع حلفائي ونقرر ماذا سنفعل».

 

واعتبر أن «مشكلة البلد تتمثل في أنه ليس فيه إدارة صحيحة»، وأردف: «لا تواصل مع حزب الله، وسأترك الناس لكي تحكم إذا سهلوا وساعدوا في تشكيل الحكومة».

 

وتابع: «الحل للأزمة هو بتشكيل الحكومة، والحكومة التي سوف يتم تشكيلها تستطيع العمل على الاصلاحات وإجراء الانتخابات والتفاوض مع صندوق النقد الدولي لا اكثر».

 

وأضاف: «رشحت نفسي لحل مشكلة البلد بحسب المبادرة الفرنسية. واليوم، اعتذرت عن عدم تأليف حكومة الرئيس ميشال عون. كنت سائرا بورقة الرئيس نبيه بري، لكن الرئيس عون يريد كل شيء. لقد سألت الرئيس عون اليوم عن موضوع إعطاء الثقة وتسمية المسيحيين فأجابني الاجابة نفسها بأن كتلة التيار الوطني قد تعطيني ربع ثقة».

 

وسأل: «بأي منطق يطلبون الثلث المعطل، طالما لم يسموني ولا يريدون اعطائي الثقة؟».

 

وقال: «كنت اريد ان أقدم اعتذاري منذ فترة طويلة، لولا تمني الجميع، وبخاصة الفرنسيين. اليوم، اكتشفت خلال زيارتي ان الحديث السابق نفسه ما زلنا نتحاور فيه ولم يتغير شيء. لقد ابلغت الرئيس عون انني لا اقفل الباب امام تغيير بعض الاسماء، لكنني اكتشفت اننا نضيع الوقت».

 

وتابع الحريري: «عندما ابلغت الرئيس عون انني سأزوره غدا في الرابعة، اجابني الا ضرورة لذلك».

 

وقال: «أنا أرفض الفراغ بالمطلق ووجدت نفسي أنّني أصبحت جزءاً من هذا الفراغ الذي يستمتع به الرئيس عون. لأن سنياً وطنياً ممنوع عليه أن يسمي الوزراء فقط الرئيس عون يحق له ان يسمي سعد الحريري».

 

وتابع: «هناك انتخابات قادمة وموعدنا مع كل الذين مشوا ضدّ المبادرة الفرنسية وأثبتت الدولة اليوم أنها فشلت بإدارة كل القطاعات بينما القطاع الخاص نجح».

 

كذلك، قال الحريري: «أنا دفعت ثمناً في الانتخابات السابقة ودفعت ثمن انقسامات داخل تيار المستقبل لأني لم أقف مع طائفتي ولأنني وقفت مع كل اللبنانيين، بالنسبة لي إذا كان المسيحي بخير المسلم بخير ولبنان كله بخير».

 

ومع هذا، ردّ الحريري على كلام رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط الذي اعتبر أن الحريري أجهض مع عون المبادرة الفرنسية، وقال: «إذا مفكرني إني جزء من الإجهاض أشكره على تصريحه ونحن ضد الفراغ ونقطة على السطر».

 

كذلك، رأى الحريري أن «جعجع اتخذ قراره بعدم المشاركة في الحكومة وحاولنا معه أكثر من مرة ولم ينجح الأمر». وتابع: «لا أصوّت مرة أخرى لجعجع لرئاسة الجمهورية وهو من أتى بعون رئيساً ويقوم بتحميلي المسؤولية».

 

ورداً على سؤال حول ما إذا ضغط «حزب الله» على باسيل، قال الحريري: «البلد أهمّ من أي حليف وحزب الله لم يقم بالضغط الكافي والناس تعرف ذلك وأنا مستعدّ للتضحية بأيّ كان لأجل البلد حتّى أنّني ضحّيت بنفسي».

 

وأضاف رداً على سؤال: «ألا تشكر الثنائي الشيعي؟»: «أنا أشكر الرئيس بري وأخصّه بالشكر ونقطة على السطر».

 

وكشف الحريري أن الكلام بأن «السعودية لديها مشكلة مع حزب الله ومع لبنان ومن السذاجة أن يظنّ البعض أنّ مشكلتها هي سعد الحريري والمشكلة الأساسية هي ميشال عون وتحالفه مع حزب الله». وأردف: «أستطيع الذهاب إلى المملكة حين أرغب».

 

ووجه الحريري رسالة إلى فرق الـ»8 من آذار»، وقال: «إن كانوا حريصين على السعودية ليتوقفوا من الكلام عن السعودية وتصدير الكبتاغون والتدخل بالشؤون العربية وبيمشي الحال، ولا يجوز قولهم إن هناك مشكلة بين السعودية والحريري».

 

وأضاف: «المملكة العربية السعودية لم تقدم للبنان سلاح ولم تقم بـ7 أيار، السعودية أعطت السلام للبنان ولا تريد إلا الخير للبنان كما كل دول الخليج، لكن لديهم مشكلة مع فريق اسمه حزب الله».

 

وفي سياق آخر، قال الحريري: «إذا نظرنا الى المؤتمرات الدولية التي قام بها الشهيد رفيق الحريري وسعد الحريري فنرى أننا استعطنا أن نُدخل إلى البلد 33 مليار دولار، ولكن واجهنا منذ عام 1992 حتى اليوم كل أساليب التعطيل للاصلاحات المطلوبة حتى نستثمر هذه المليارات».

 

وتابع: «بورقة سيدر كنا حذرنا فيها من الانهيار وقلنا إنّه إن لم تحصل الإصلاحات فذاهبون حتماً إلى الانهيار ولكن لا أحد يقرأ».

 

وفي حديثه، أكد الحريري أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حريص على تشكيل الحكومة ولم يكن هناك نقاش في موضوع الاعتذار والكلام الذي حصل حول ذلك غير دقيق».\

 

الحريري يدعو إلى التهدئة

 

دعا الرئيس سعد الحريري، مساء الخميس أنصاره خصوصاً المحتجين بالهدوء والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

 

وقال الحريري على حسابه الرسمي على «تويتر»: «نرفض إغلاق الطرقات وزيادة الاحتقان ونرى أن المتنفس الصحيح للغضب هو صناديق الاقتراع».

 

وفي تغريدة أخرى قال الحريري: «القضاء اللبناني لن يصل إلى أي نتيجة بشأن انفجار مرفأ بيروت، ولا بد من تحقيق دولي».

 

**************************************************************************

 

 

صحيفة "الأنباء" الالكترونية :

 

 بعد الإعتذار.. الخيار واضح: الإصرار على التسوية لكي لا تقع الفوضى

 

ما يقارب السنة امضاها اللبنانيون في المعاناة تلو الاخرى، وانتهت الى إعتذار الرئيس المكلف، لتفتح الابواب على شتى الإحتمالات، الا إذا استدرك من بقي من أصحاب العقل في هذا البلد، ومضوا في السير بخارطة الطريق التي ذكّر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بها بكل وضوح. فهل من يتقي شر ما بلغته الامور؟


الأسئلة كثيرة، والأجوبة قليلة لا تتعدى التكهنات. ومهما يكن فإن الأزمة المعيشية والإقتصادية ستشتد مع الارتفاع الجديد لسعر صرف الدولار الذي وصل الى 22 ألفا بعد إعلان الحريري من قصر بعبدا إعتذاره. ووسط المشهد السوداوي فإن جنبلاط وضع جرعة أمل بدعوته مجددًا الى التسوية وتشكيل حكومة جديدة، وأكد أنه يعلق آماله على أن هناك في الشعب اللبناني الكثير من الطاقات موجودة ولديها حب المشاركة والتضحية، مشددًا على أنه لا يجوز ترك البلد لهذا الانهيار، فليتفضلوا بمشاركة اللبناني العادي في همومه، من الدولار الى الدواء والبنزين وغيرها، معتبرًا أن "سعد الحريري وميشال عون أجهضا المبادرة الفرنسية".


وبانتظار تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون موعدًا للإستشارات النيابية الملزمة، بدأت الأوساط المراقبة بطرح التساؤلات حول الشخصية التي يمكن أن تقبل بالتكليف، وهل سيسمي الحريري هذه الشخصية؟ أم ستكون من خارج السرب السنّي الذي يتمتع بغطاء نادي رؤساء الحكومات ودار الفتوى؟ وفي هذه الحالة كيف سيتمكن فريق رئيس الجمهورية وحلفاؤه من تشكيل حكومة لا تحوز على رضى المرجعيتين السياسية والدينية للطائفة السنية؟ إضافة الى لائحة طويلة من التساؤلات قد لا يتوفر لها إجابات قبل معرفة نتيجة الإستشارات.


في أولى التعليقات الدولية على إعتذار الحريري اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أن "الإعتذار يشكل فصلاً مأسويًا إضافيًا في عجز المسؤولين اللبنانيين عن إيجاد حل للأزمة في ظل الواقع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد"، وقال: "لا يزال الوقت متاحا للنهوض مجددا. وهذا الأمر يضع المسؤولين السياسيين اللبنانيين أمام مسؤولياتهم".


أما الأمم المتحدة فأبدت أسفها لاعتذار الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، وقالت المتحدثة باسم المنظمة، "نكرر دعوتنا القادة السياسيين للبلاد إلى التفاهم سريعا على تشكيل حكومة جديدة تستطيع مواجهة التحديات الكثيرة في البلد".


عربيًا، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن "خيبة الأمل الكبيرة إزاء قرار الحريري الاعتذار"، مبديا إعتقاده أن "تبعات الإعتذار قد تكون خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان".


مصادر سياسية رأت في إعتذار الحريري عن التكليف خطوة صائبة لأن هناك استحالة للتعاون بين عون والحريري من اللحظة التي أعلن فيها عدم التعاون مع باسيل. وقالت لـ "الأنباء" الإلكترونية إن "الحريري الذي أقرّ في حواره (مساء أمس) مع محطة "الجديد" أنه أخطأ التقدير لاعتقاده أنه قادر على التعاون مع عون رغم اقتناعه أن عون طلب من النواب عدم تسميته كان يدرك جيدا أن عون وفريقه السياسي لن يسمحوا بتحقيق الإصلاحات وخاصة في وزارة الطاقة، وفي الوزارات التي تفوح منها رائحة الفساد كما هي حال التحقيقات في انفجار المرفأ".


أوساط بيت الوسط اعتبرت عبر "الأنباء" الإلكترونية ان "إعتذار الحريري أعاد تصويب الأمور كي يتسنى له معالجة شؤون البيت الداخلي في تيار المستقبل بعد ما بدا واضحا عدم رغبة العهد في التعاون مع الحريري". واتهمت المصادر العهد "بمحاولة تفريغ رئاسة الحكومة وتحويلها الى دائرة ملحقة بالقصر الجمهوري".


عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة وصف الأمور بعد إعتذار الحريري بأنها "تسير من سيّئ الى أسوأ، ولن يؤدي إلا الى مزيد من الفلتان والفوضى". ورأى عبر "الأنباء" الإلكترونية أن "الطرفين المعنيين بتشكيل الحكومة ليسا على قدر المسؤولية، ولم يقدرا وجع اللبنانيين"، منتقدا "أسلوب البلطجة وقطع الطرقات عن المواطنين المتوجهين الى منازلهم وأعمالهم"، داعيا الى "التصرف بحكمة وتعقل والإستماع الى بعضنا البعض".


وقال خواجة: "لا حل للبنان الا بإزالة هذا النظام الطائفي الذي لن يجلب للبنانيين غير المجاعة والموت"، وسأل خواجة: "هل كانت حقوق المسيحيين محفوظة عند إقرار التسوية في 2016 ولم يكن هناك خلاف على الصلاحيات؟ هذا النظام نظام محاصصة يولد كيديات، ولا حل الا بالدولة المدنية".


عضو تكتل الجمهورية القوية النائب انيس نصار أشار عبر "الأنباء" الإلكترونية الى انه "لم يفاجأ بما حصل"، واصفًا الأمور بانها "تتدحرج الى الأسوأ بسرعة". وتوقف نصار عند انفجار المرفأ، وقال: "ما زالت القوى السياسية تتلهى بموضوع الحصانات. أما ماذا بعد الاعتذار فإننا ذاهبون الى جهنم كما وعدنا به رئيس الجمهورية. وحتى لو تشكلت الحكومة من اختصاصيين نزيهين لن يسمحوا لها بالعمل" معتبرًا أن هذا "العهد هو عهد التعطيل، والبلد محكوم بمنظومة ترفض إجراء الإصلاحات ويتقنون الهروب الى الامام".


 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram