ما الذي تعكسه تقلبات أسعار النفط منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية وكيف فاجأت الأسواق

ما الذي تعكسه تقلبات أسعار النفط منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية وكيف فاجأت الأسواق

 

Telegram

 

على مدار الأسبوعين الماضيين، ومع اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية تسلطت الأنظار على تحركات أسعار النفط، ومدى تأثر السوق بهذه الاضطرابات الجيوسياسية، والتي كانت قواعد الحرب التي دارت قبل أن تتوقف يوم الثلاثاء حاكمة لتأثر سوق الطاقة، وذلك رغم ارتفاعات أسعار النفط في بداية هذه الحرب وسط مخاوف من التطورات التي قد تنتج عنها.
 
وارتفعت أسعار النفط في أول أيام الحرب بعد الهجمات الإسرائيلية على إيران بنحو خمسة دولارات للبرميل يوم الجمعة 13 يونيو/ حزيران، لتنتقل إلى مستوى فوق الـ 70 دولاراً.
 
الأسبوع التالي لبداية الحرب
 
مع إدراك طبيعة الحرب نوعاً ما خلال العطلة التالية للأسواق وعدم تطورها بشكل خارج القواعد يهدد الأمن الإقليمي بشكل أكبر كانت الارتفاعات التالية أقل حدة وحسب تطورات الصراع والأنباء عن إمكانية التدخل الأميركي خلال الأسبوع التالي لبداية الحرب.
 
وقال كاتب عمود في شؤون الطاقة لدى رويترز، رون بوسو، في تعليق له على أداء الأسواق خلال فترة الحرب، إن القفزة التي شهدتها أسعار النفط في أعقاب الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران كانت ذات مغزى، ولكنها متواضعة نسبياً بالنظر إلى المخاطر العالية التي ينطوي عليها الصراع بين القوتين المتنافستين في الشرق الأوسط.
 
 
أيضاً عدم لجوء إيران إلى التلويح بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر منه خُمس الاستهلاك العالمي من النفط، إلا في أواخر أيام الحرب قبل وقف إطلاق النار كان عاملاً مهماً للسيطرة على ارتفاعات الأسعار رغم بعض التحليلات والمخاوف التي كانت تظهر بين الحين والآخر من إغلاق المضيق.
 
وتوقع بنك باركليز Barclays، يوم الخميس قبل الماضي، زيادة سعر خام برنت إلى مستوى 85 دولاراً للبرميل في حالة تراجع صادرات إيران من النفط إلى النصف، وإلى أكثر من 100 دولار للبرميل في أسوأ السيناريوهات، والمتمثلة في اشتعال حرب أوسع نطاقاً.
 
كما حذّر بنك غولدمان ساكس Goldman Sachs، من وصول خام برنت إلى 110 دولارات للبرميل، في حال تراجعت التدفقات النفطية عبر هذا الممرّ الحيوي إلى النصف لمدة شهر.
 
ومع ذلك شهدت أسعار النفط انخفاضاً خلال تعاملات يومي الاثنين قبل الماضي والجمعة الماضي من الأسبوع التالي لبداية الحرب، لكن الخام حقق مكاسب أسبوعية بأكثر من 3% لتصل أسعار برنت إلى حدود 77.01 دولار للبرميل، والخام الأميركي إلى 74.93 دولار.
 
خلال العطلة الأسبوعية الأخيرة حدثت العديد من التطورات من بينها الضربات الأميركية على مواقع نووية إيرانية، ولكن إعلان الولايات المتحدة اقتصار تدخلها على هذه الضربات فقط، ودعوة إيران للتفاوض هدأت من المخاوف خلال العطلة من هذا التدخل الذي كان منتظراً.
 
وفي المقابل رغم موافقة البرلمان الإيراني على غلق مضيق هرمز فإن عدم لجوء طهران إلى تنفيذ هذا الإجراء بشكل سريع ساهمت أيضاً في تهدئة المخاوف رغم انتظار الرد الإيراني على الضربات الأميركية.
 
وقالت مؤسِسة شركة Energy Aspects لتحليلات السوق، أمريتا سين: “كان الجميع يركز على استهداف المضيق. وبمجرد أن اتضح أن هذا لن يحدث، انخفضت علاوة المخاطرة”، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
 
وأشارت المسؤولة التنفيذية في مجال تداول النفط إلى أن السنوات الأخيرة أرست نمطا معيناً: فالقفزات السعرية الناجمة عن الأحداث الجيوسياسية غالباً ما تتلاشى بسرعة.
 
تجاهل مفاجئ من تجار النفط للرد الإيراني على أميركا
 
مع فتح الأسواق يوم الاثنين (اليوم الأخير قبل وقف إطلاق النار) ارتفعت أسعار النفط كما كان متوقعاً وتجاوز برنت مستوى 80 دولاراً لفترة قصيرة. لكن مع منتصف اليوم وتطور الأحداث إلى ما قد يمكن تفسيره بتوسيع نطاق الحرب إلى أماكن أخرى في المنطقة مع استهداف إيران قاعدة العديد الأميركية في قطر بضربة ضاروخية حدث سلوك مفاجئ من تجار النفط. فبدلاً من تعزيز ارتفاع الأسعار مع تصاعد المخاوف كانت الأسعار تسير في اتجاه مغاير.
 
فمع بدء إيران إطلاق صواريخها على القاعدة الجوية الأميركية في قطر يوم الاثنين، استجاب تجار النفط بسرعة مذهلة – ليس بالشراء، بل بالبيع، بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
 
وخلال سبع دقائق من الإطلاق الأول للصواريخ حوالي الساعة 5:30 مساءً بتوقيت لندن، بدأ خام برنت في الانخفاض. لم يستغرق الأمر سوى 20 دقيقة لتتسارع الخسائر إلى 3%. وبعد ساعتين من ذلك، انخفضت العقود الآجلة للخام بنسبة 7.2% ليصل إلى 71.48 دولار، وهو أكبر انخفاض يومي منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
 
كما انخفضت العقود الآجلة للخام الأميركي بنحو 5.33 دولار أو 7.22% خلال تعاملات يوم الاثنين لتصل إلى 68.51 دولار للبرميل عند التسوية.
 
السبب في ذلك أن معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أعطت المشاركين في السوق ثقةً بالبيع عند حدوث هذا الهجوم رغم الصراع الإسرائيلي الإيراني الذي كان في يومه الثاني عشر.
 
وحتى مع لجوء المدنيين في قطر إلى الاحتماء وبث القنوات التلفزيونية صوراً للصواريخ في سماء الدولة الخليجية، كان التجار استنتجوا بالفعل، أن الهجمات ستخفف التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، بدلاً من أن تصعدها.
 
وقال محلل النفط في مجموعة Onyx Capital، خورخي مونتيبيك، في رسالة نصية للصحيفة البريطانية عقب بدء الهجوم يوم الاثنين: “الأمر كله مُدبّر، نعلم أن القاعدة فارغة. عرفتُ منذ 18 يونيو أن القاعدة فارغة”. وأضاف: “لقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل”.
 
ومنذ اندلاع الأعمال العسكرية بين إسرائيل وإيران، قال المتداولون إنهم كانوا مُصرّين على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومعلومات استخبارات المصادر المفتوحة لتفسير التطورات. وقال مسؤول تنفيذي في شركة كبرى لتجارة النفط للصحيفة: “الجميع في وضع مماثل، فنحن جميعاً نتتبع تغريدات تويتر وحسابات OSINT وكل ما يُمكننا فهمه”.
 
وركّز تجار النفط على صور الأقمار الصناعية لقاعدة العديد الجوية في قطر، التي تستضيف 10 آلاف جندي أميركي، حيث أظهرت الصور أن الولايات المتحدة سحبت طائرات من القاعدة العديد قبل أيام من ضرباتها الجوية على إيران، وبالتالي استخلص المتداولون أن إطلاق الصواريخ الإيرانية كان رداً رمزياً إلى حد كبير، وأنه من غير المرجح أن تُصعّد طهران بأكثر من هذا الرد.
 
وقال أحد تجار النفط لفايننشال تايمز: “الشعور السائد هو أن إيران لا تستطيع فعل المزيد، وأن إغلاق المضيق يضر بالصين، حليفتها الوحيدة المتبقية المهمة”. وأضاف: “لا يوجد ما يمكن للإسرائيليين فعله أكثر من ذلك، فقد انحسر التهديد النووي، وأي عدوان إضافي منهم لن يُستقبل بشكل جيد”.
 
تزامن ذلك أيضاً مع التحذير شديد اللهجة الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن أسعار النفط قبل تراجعها يوم الاثنين، معتبراً أن أي ارتفاع فيها يصب في مصلحة “العدو”.
 
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشال” بأحرف كبيرة: “ابقوا جميعاً أسعار النفط منخفضة. فأنا أراقب. لا تخدموا مصالح العدو. لا تفعلوا ذلك!”.
 
تراجع إضافي كبير بعد وقف إطلاق النار
 
بالفعل سرعان ما دخل الطرفان الإيراني والإسرائيلي في هدنة منذ يوم الثلاثاء الماضي بعد استمرار العمليات العسكرية لمدة 12 يوماً. بينما لم ترد الولايات المتحدة عسكرياً مجدداً على طهران لكنها بذلت جهوداً من أجل الاتفاق على وقف إطلاق النار بعد الرد الإيراني، بل إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خرج بعد الرد ليقول”حان وقت السلام”.
 
وشهدت أسعار النفط انخفاضاً إضافياً خلال تعاملات الثلاثاء بنحو 6% لتصل إلى مستوياتها قبل اندلاع الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط.
 
ومنذ ذلك الحين تشهد أسعار النفط ارتفاعات طفيفة مع تحول تركيز السوق من الحرب إلى العوامل الأساسية للقطاع وانخفاض المخزونات الأميركية من النفط والوقود الأسبوع الماضي، الخامان القياسيان سجلا خسائر أسبوعية تقارب 12% ووصلت العقود الآجلة لبرنت إلى 67.77 دولار للبرميل، وعقود الخام الأميركي إلى 65.52 دولار.
وقال كاتب العمود في رويترز، رون بوسو، إن استجابة سوق النفط للاضطرابات الكبرى في الشرق الأوسط ـ من حيث النسبة المئوية على الأقل ـ تراجعت تدريجياً في العقود الأخيرة، وذلك مقارنة بما حدث في حرب أكتوبر 1973، ودخول القوات العراقية إلى الكويت في 1990.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram