"الدستور اللبناني بين الثابت والمتحوّل: مراجعة في أحكامه تفعيلا واستكمالا"

 

Telegram

 

 

بقلم الصحافية أورنيلا سكر والأب الدكتور ميشال روحانا.

في إطار فعاليات معرض بيروت الدولي للكتاب، عُقدت ندوة حوارية بالعنوان المذكور أعلاه تركزت على المرافعة التي تقدّم بها البروفسور رزق زغيب، المحامي والأستاذ في القانون والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف (اليسوعية) – بيروت، حول الأسباب الموجبة لضرورة بعض التعديلات الأساسية التي نشرها "اللقاء الدستوري لإنقاذ الجمهورية" الذي يرأسه هو أيضًا، في كتاب عنوانه " مراجعة في الدستور اللبناني تفعيلا واستكمالا- اقتراح مشروع قانون دستوري يرمي إلى إجراء بعض التعديلات على الدستور الحالي".

تولّت الصحافية أورنيلا سكر تقديم الندوة وإدارتها، واستهلّتها، بعد النشيد الوطني، بكلمة افتتاحية عرفت من خلالها بجمعية "التكاؤن" منظمة الندوة، وبالبرفسور زغيب، كما شددت فيها على أهمية هذه اللحظة الوطنية المفصلية، مؤكدة أن "الصحافة ليست فقط ناقلاً للحدث، بل صوتٌا يطرح الأسئلة التي يخشى الكثيرون مواجهتها"، وطرحت بعض الأمثلة من تلك الأسئلة مثل: " هل لبنان بحاجة إلى مؤتمر تأسيسي جديد اليوم، أم يكفينا تفعيل ما هو قائم؟ هل الميثاقية ضمانة للوحدة أم باتت أداة لتعطيل الدولة؟ وهل العدالة في لبنان أداة قوية بيد الشرعية، أم مجرد واجهة لتكريس النفوذ الطائفي؟ ومن دون إطالة أعطت الكلمة لسيد المنبر:

ومن أهم ما ورد في مرافعة البروفسور زغيب مفاتيح الأفكار التالية:

 كان من شأن الإصلاحات التي ادخلها التعديل الأخير على النظام السياسي بعد حرب اهلية دامية "تحقيق المشاركة الحقيقية في القرار وانشاء دولة المؤسسات" على ما أكدت عليه اللجنة العربية الثلاثية العليا الراعية لاتفاقٍ أساسه وقاعدته ومنطلقه انهاء حالة الحرب والانتقال إلى بناء السلام.

 وبالفعل، ارتكزت مبادئ النظام السياسي الذي صاغه مؤتمر الطائف على "الانتقال من حكم الهيمنة المُطرّى بالثنائية، إلى حكم المشاركة الجماعية وإلغاء الهيمنة، ومن حكم القهر الممكن إلى حكم التفهُّم والقهر المستحيل"، وذلك عبر تكريس المناصفة في الحكم بين المسلمين والمسيحيين في المجلس النيابي نصًا وفي مجلس الوزراء حيث سلطة القرار ممارسةً، في بلد هو وطن العيش المسيحي الإسلامي المشترك بالتساوي والمساواة، بديمقراطية من غير عدٍّ ولا حساب، بما يخدم الوفاق، مع تمثيل نسبيّ للطوائف من داخل المناصفة لتحقيق العدالة في التمثيل ووضع أسس مقبولة لمشاركة الجميع في السلطتين التشريعية والإجرائية، كل ذلك في إطار محطة مشاركة انتقالية – ما زلنا نعيش في حناياها – تمهيدًا لولوج باب إلغاء الطائفية تدريجيًا وعلى المستويات كافة، أو بشكلٍ مقتَصِر على النواحي السياسية، على أن يُحصر تمثيل الطوائف في مجلسٍ للشيوخ غايته تبديد المخاوف واشاحة الهواجس...

 ... إلا أن الممارسة المديدة التي زادت عن الثلاثة عقود قد أظهرت عثراتٍ وثغرات تعتري عمل المؤسسات الدستورية وترمي بثقلها على فعالية آلة الحكم في لبنان... ما أماط اللثام عن عمق التحفظات وحجم الموروثات بحيث أصبح لزاما اعادة تكييف هذه الآليات ... وإجراء تعديلًا جراحيًا، موضعيًا، وهادفًا للنص الدستوري ... بُغية تطوير مسالكه دون المس بجوهره، ومن أجل مواءمة "المشاركة" مع "الفعالية"، فلا تطغى الثانية على الأولى، لا بتوليد إحساسٍ بالهيمنة مع ما يرافقه من شعور بالغبن والإجحاف مولِّدٍ للأزمات والعُنف، ولا تطمس الأولى الثانية على ما هو حاصل حاليًا، ما جعل التعطيل مذهبًا، وشلل المؤسسات ديدنًا تعتاد عليه عجلة الحكم في الدولة...

 ... ان التعديل الهادف لأحكام الدستور هو السبيل الوحيد لإعادة بث الروح في نظام سياسي متهالك ومتداعي، اندثر فيه مبدأ استمرارية السلطة إلى أبعد حدود، مما جعله يُقذف بكل هضيمة ويبّز بكل عظيمة...

 ...لا شك أن هذا التعديل المقترح يلامس مختلف نواحي النص، فيوضح ويعزز بعض المسائل الجوهرية الـمُقرّة والمكرّسة في فلسفة النظام وفي مجال الحقوق والحريات كما انه يمتدّ بطبيعة الحال إلى السلطات التشريعية، التنفيذية، والقضائية، ليتناول بعض نواحي تكوينها وصلاحياتها وعلاقاتها فيما بينها، يبقي على المواد التي، في ثباتها، أساس للجمهورية غير قابل للنقاش، ويعيد ما ألغي منها كيديا، مثل صلاحيات رئيس الجمهورية، ويلغي مبدأ تسليم زمام الدولة إلى مجموعة "الحكومة مجتمعة" – الأمر الذي هو "هرطقة" أنما، وللأسف قد اعتمد وأودى بالدولة إلى ما هو حالها اليوم...

 وعدمًا للإطالة وترك اكتشاف دقة ومهنية المشروع المطروح لتعديل الدستور من خلال قراءة الكتاب الذي يمكن طلبه من مكتبات 𝐌𝐚𝐥𝐢𝐤’𝐬 الكبرى أو من موقع جمعية "التكاؤن" (ِ𝐀𝐭𝐭𝐚𝐤𝐚2𝐨𝐧) مباشرة، نزيّح تحت ما انتقده البروفسور من مقدمة الدستور الحالي، بشكل خاص البند "ياء" منها الذي ينص على أنه "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" معتبرا إياها دستورا ضمن دستور، تسببت بمعظم التعطيل الذي حصل لمدة ثلاثين عاما، وشبهها، مع ما أتى حول مفهوم "الديمقراطية التوافقية"، بما أتى على لسان المثلث الرحمات البطريرك صفير سنة 2009، بأن هذا النمط من الديمقراطية المقيّدة بالتوافق المسبق هي كعربة مربوطة إلى حصانين واحد يشدها إلى الأمام والثاني إلى الخلف...

شارك في الندوة دولة الرئيس فؤاد السنيورة والمؤسس والرئيس الفخري لجمعية التكاؤن الأب ميخائيل روحانا، والقاضية ميسم النويري (مديرة عامة سابقة لوزارة العدل) والدكتورة رنا الحسيني (مسؤولة العلاقان العامة في الجمعية وأمينة الصندوق فيها)، والشيخ منصور الخوري ممثل جمعية التكاؤن لدى الحكومة اللبنانية)، كما السيد حسن علي الأمين، ونخبة من أساتذة القانون الدستوري، سيدات وسادة وعسكريين متقاعدين. تميّزت بنقاشات معمّقة حول أبرز النقاط الخلافية في الدستور اللبناني، وآليات إصلاحه وتفعيله، وسط تساؤلات حول مدى إمكانية تطبيق أي تعديل للدستور اليوم في ظل التحولات السياسية والاجتماعية والإقليمية والتخوف من فتح 𝐏𝐚𝐧𝐝𝐨𝐫𝐚 𝐁𝐨𝐱 غير مأمونة النتائج، على ما قاله دولة الرئيس السنيورة.

واختُتمت الندوة بالتأكيد على أنها ليست ترفًا فكريًا أو تكرارًا للمكرر، بل لحظة وعي جماعي ونداء وطني صادق لإعادة طرح السؤال الجوهري "أيّ لبنان نريد لأجيالنا؟ وأيّ دستور يليق بهذا الوطن في ظل التحديات الداخلية والإقليمية الكبرى؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram