لم يعد الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مجرد نقاش سياسي أو أيديولوجي، بل أصبح اليوم ملفًا أمنيًا حساسًا بعد الكشف عن ضلوع الجماعة المنحلة في تشكيل خلايا إرهابية مرتبطة بتنظيمات خارجية. فالجماعة التي حُلّت رسميًا بقرار قضائي عام 2020 بعد فشلها في تصويب أوضاعها القانونية، لم تتوقف فعليًا عن النشاط، بل أعادت تموضعها في الساحة عبر واجهتها السياسية المرخصة قانونياً "حزب جبهة العمل الإسلامي" الذي يسيطر اليوم على 22 بالمئة من مقاعد مجلس النواب الأردني.
لكن هذه العلاقة بين الجماعة والجبهة ظلت تتسم بالغموض والازدواجية وتقاسم الأدوار وممارسة التقية السياسية؛ إذ تبيّن لاحقًا أن كوادر من الجناحين واصلوا التنسيق في ملفات ذات طبيعة أمنية خطيرة، معتقدين أنهم بعيدًا عن مراقبة دائرة المخابرات العامة الأردنية. الأخطر من ذلك هو ما كُشفت عنه دائرة المخابرات العامة في 15/4/2025 عن وجود أربع خلايا إرهابية مرتبطة بالجماعة، تولّت تنظيم عمليات تسلّح وتدريب عناصرها محليًا وخارجيًا، في تعاون مع حركة حماس من جهة، وإيران وحزب الله من جهة أخرى. هذه العلاقة الملتبسة أيديولوجيًا والمكشوفة أمنيًا تكشف حجم الانزلاق الذي بلغته الجماعة: من تنظيم سياسي شرعي ومرخص تحت عباءة حزب جبهة العمل الإسلامي إلى شبكة إرهابية تتعاون مع كيانات إقليمية معادية وخارج حدود الأردن مع كل ما يمكن أن يشكله هذا السلوك الأرعن من توتر مع دول عربية وصديقة.
الواقع الذي يفرض نفسه اليوم أن هذه الخلايا الإرهابية الأربع لم تكن فقط تتبادل المعلومات أو الأموال مع حركات خارجية، بل كانت تخطّط عمليًا لتنفيذ أعمال تخريبية داخل الأردن. فقد كشفت الأجهزة الأمنية أن بعض أعضاء الخلايا تلقوا تدريبات عسكرية متقدّمة على يد عناصر من حزب الله في لبنان، كما حصلوا على تمويل مخصص لتصنيع طائرات مسيّرة وصواريخ محلّية الصنع بهدف تنفيذ هجمات نوعية تستهدف منشآت أمنية وحيوية. هذا التوجّه يشي بأن الجماعة أو ما تبقّى من بنيتها التنظيمية تحوّلت من "معارضة فكرية" وسياسية إلى فاعل تخريبي يحمل مشروعًا يتجاوز حدود الد اخل الأردني.
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي