قلبت المعادلة.. مجازر الساحل تعيد رسم سياسة ترامب تجاه الشرع

قلبت المعادلة.. مجازر الساحل تعيد رسم سياسة ترامب تجاه الشرع

 

Telegram

 

 

قال مصدر سياسي وحقوقي سوري - أمريكي، إن المجازر التي حدثت في الساحل السوري مؤخرا قلبت "اللامبالاة" والتردد الذي أبدته إدارة ترامب تجاه سوريا إلى مراقبة حثيثة للسلطات الجديدة في دمشق، مشيرا إلى وجود ثلاثة تيارات في إدارة ترامب ينظر كل منها إلى الوضع السوري من منظور مختلف. 

 

ويقول المصدر وثيق الصلة بصانعي قرار أمريكيين، لـ "إرم نيوز"، إن الموقف الأمريكي تجاه سوريا بعد سقوط النظام اتسم بالتردد لأسباب كثيرة، ليس أولها أن الملف السوري لا يشكل أولوية حقيقة لإدارة ترامب، فيما الاهتمام الأكبر يتركز على الموقف والوضع الإسرائيلي، وصولاً للتردد الحاصل بسبب خلفية الشرع وفريقه وتاريخ هيئة تحرير الشام. 

 

مجازر الساحل.. نقطة تحول

 

يوضح المصدر الذي التقى العديد من المسؤولين الأمريكيين عقب سقوط النظام، أن أحداث الساحل السوري وما رافقها من انتشار الأخبار والصور والفيديوهات عن الانتهاكات التي اقترفتها القوات المشاركة في الهجوم على قرى وبلدات في الساحل السوري، قلبت الأمور في واشنطن، حيث سببت ضرراً جسيماً لأحمد الشرع أكثر بكثير مما قد سببته للعلويين أنفسهم. 

 

ويؤكد أن الرئيس السوري وفريقه هم المتضرر الأكبر مما حصل على يد القوات الحكومية والفصائل المتحالفة معها: "أعادت أحداث الساحل الوقت للوراء، ربما عامين للخلف، بعد التقدم الذي أحرزته الإدارة السورية الجديدة على مدى ثلاثة أشهر".

وتبيّن التفاصيل التي ينقلها المصدر "من خلال متابعاته ولقاءاته في واشنطن" أن ثمة انقساما أمريكيا حول الموقف من الشرع وإدارته بدأ بالظهور عقب المجازر . فمن جهة، ترغب وزارة الخارجية الأميركية بشكل واضح بالانخراط بحوار سياسي مع الشرع، تشجعها أصوات كثيرة على رأسها دول عربية، مع دعوات لتعيين مبعوث أمريكي خاص لسوريا يتواصل مع الإدارة السورية بشكل مباشر.

 

في المقابل؛ تقف وزارة الدفاع على مسافة أبعد قليلاً من الخارجية، حسب قول المصدر، "فرغبتها بالتعاون مع الشرع وفريقه عملياتية للغاية"، وتهدف لضمان اندماج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري الجديد، وضمان انسحاب أمريكي لائق في حال قرر الرئيس ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا. وبالطبع، تعاون محدود لضمان عدم عودة تنظيم "داعش" إلى الظهور في حال انسحاب القوات الأميركية. 

 

ويلفت المصدر السوري - الأمريكي إلى أن وزارة الدفاع دعمت توقيع الاتفاق بين الشرع ومظلوم عبدي خلال ذروة العنف في الساحل في محاولة لإنقاذ الوضع ومساعدة الشرع في تهدئة الشارع السوري، وقد نقلت مروحية أمريكية مظلوم عبدي إلى مطار الضمير قرب دمشق للقاء الشرع وتوقيع الاتفاق.

 

الموقف الأكثر تشددا

 

الموقف الأكثر تشددا ضد الشرع، وفقا للمصدر، يكمن في فريق ترامب المصغّر في مكتب الأمن القومي الأمريكي. يقول: مقاربة هذا الفريق لسوريا هي "مكافحة إرهاب" بحتة، لا أكثر ولا أقل. ويلعب مدير مكتب مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي سيبستيان غوركا دورا مباشرا في ترجيح مقاربة "مكافحة الإرهاب" بالنسبة لسوريا.

 

وبحسب المصدر "يعزز ثقل هذا الفريق وصوته مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد المتشددة والمعروفة بكراهيتها للتنظيمات الإسلامية عموماً وتنظيمات المعارضة السورية خصوصا."

 

ويكشف المصدر لـ "إرم نيوز" عما حدث بعد مجازر الساحل، فيقول إن وزارة الخارجية الأميركية صاغت بيانا علنيا متوازنا ومعقولاً لحد كبير، يدين العنف الطائفي ويتحدث عن أعمال اقتتال طائفية ويدعو جميع الأطراف لوقف القتال وضبط النفس. 

 

ويبين أن وزير الخارجية روبيو أرسل البيان إلى البيت الأبيض للموافقة عليه، لكن البيان عاد إلى وزير الخارجية مع عبارات قاسية، حيث نص على : "تندد الولايات المتحدة بإرهابيين إسلاميين متطرفين من بينهم متشددون أجانب قتلوا أشخاصا في غرب سوريا في الأيام القليلة الماضية. يجب على السلطات المؤقتة في سوريا أن تحاسب مرتكبي هذه المجازر ضد المجتمعات الأقلية في سوريا". وقد التزم وزير الخارجية بتعديلات البيت الأبيض وأصدر البيان كما ورده.

 

ويرى المصدر في حديثه أن أحداث الساحل رجحت بشكل كبير مقاربة "مكافحة الإرهاب" الأمريكية وأضعفت موقف وزارة الخارجية ومقاربتها بـ "الانخراط" بحوار سياسي مع الإدارة السورية الجديدة، على الأقل حتى الآن طالما أن سياسة الولايات المتحدة حيال سوريا لا تزال قيد الإنجاز.

 

دور كبير للكنائس

 

يقول المصدر إن فريق مكتب الأمن القومي الأمريكي يستند في معلوماته عما حصل في الساحل إلى معلومات تصله من "الكنائس"، التي زودت الإدارة الأميركية بمعلومات حول استهداف المسيحيين والأقليات وتصفيتهم في سوريا.

 

ويرجح المصدر أن تكون هذه الأصوات هي أصوات كنائس أمريكية تحركت على وقع الأخبار القادمة من سوريا بخصوص استهداف الأقليات، وعززها نشر إيلون ماسك لتغريدة يتساءل فيها عن عدد المسيحيين الذين سقطوا في سوريا.

 

ويضيف "على الرغم من نفي عشرات الأطراف لهذه المعلومات وتقديم معلومات عن أن الضحايا كانوا بالغالبية العظمى من العلويين، وأن عدداً ضئيلاً جداً من المسيحيين قد سقط، يسود مناخ مناهض للحقيقة في فريق ترامب الأمني حيال ما حصل في سوريا".

 

 ويشير إلى أن هذه الرواية انتشرت في واشنطن انتشارا سريعا؛ ما دفع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور جيم ريش، للتعليق على أحداث الساحل بالقول إن "المجرزة بحق علويين ومسيحيين عُزّل مروعة، وتذكّرنا بضرورة سلوك الولايات المتحدة الحذر في التعامل مع الملف السوري".

 

ويشرح المصدر بأن "الانقسام الأمريكي حيال الملف السوري في واشنطن برز في مجموعة من المواقف المتباينة أو المتعارضة في واشنطن حيال سوريا، بين شخصيات قيادية في الكونغرس تطالب بتخفيف العقوبات الاقتصادية، لا سيما العقوبات القطاعية، وبين الخارجية الأمريكية التي ترى أن "السلطة أصبحت متركزة بيد شخص واحد وهذا غير صحي" وأنها تراقب الوضع ولن تعمل على رفع العقوبات قريبا.

 

 أما الموقف الثالث "المفاجئ والأخطر" حسب المصدر، فهو كلام ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط حول إمكانية التطبيع الإسرائيلي مع لبنان وسوريا. ويوضح المصدر أن "الموقف الأخير خطير للغاية ويهدد بسيناريو محاصرة سوريا والشرع للتطبيع مع الإسرائيليين مقابل الاعتراف به ودعمه اقتصاديا".

 

بعثة ثانية إلى سوريا

 

يعتقد المصدر أنه رغم كل ما سبق، فإن الإدارة الأمريكية لم تحسم سياستها حيال سوريا بعد، ولذلك قررت وزارة الخارجية الأمريكية إرسال بعثة ثانية إلى سوريا للقاء الشرع في منتصف نيسان المقبل، من المرجح أن تقودها نائب معاون وزير الخارجية، ناتاشا فرانشيسكا، للحديث مع الشرع حول المخاوف والمطالب الأمريكية، والتي لا تزال "تتلخص بمطالب بنود مؤتمر العقبة، مضافا إليها ملف الساحل السوري والإعلان الدستوري" الذي وصفته وزارة الخارجية بأنه يمركز السلطة بيد شخص واحد.

 

ويوضح أن التوافق الوحيد بين جميع أركان إدارة ترامب حول سوريا هو ضرورة رؤية تغيير حقيقي في سوريا في طبيعة السلطة الجديدة، لايكرر سلوك النظام السابق بمركزة السلطة واستخدام العنف، ويشرك باقي الأطراف السورية في العملية السياسية، بما يسهل حل الاستعصاء الحاصل الآن، ويسهل الانسحاب الأمريكي من سوريا، ويشجع واشنطن على رفع عقوباتها عن سوريا.

 

يختم المصدر بأن "الشرع نجح بامتصاص الضربة القوية التي سببتها له قواته والفصائل المتحالفة معها في الساحل عبر الاعتراف العلني بالانتهاكات وإدانتها وتشكيل لجنة تقصي الحقائق، لكن هذا الملف لن يختفي سريعا من قائمة المطالب الأمريكية، بعد أن أعاد عقارب الساعة الأميركية تجاه الشرع إلى البداية" وفقا للمصدر السوري - الأمريكي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram