أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمّد بن عبدالرحمن آل ثاني من بيروت الثلاثاء أن بلاده “ستكون حاضرة” لدعم إعادة الإعمار، في إشارة واضحة إلى أن قطر جاهزة للعب دورها في لبنان بعد أن تركت أطرافا إقليمية ودولية أخرى تتحدث بما يكفي عن مساعدة لبنان على الخروج من أزماته.
وتسعى قطر لإظهار أنها فوق الخلافات اللبنانية – اللبنانية، وأن ما يهمها تقديم الدعم للبنان كبلد في وقت تربط فيه دول غربية، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا، ودول عربية كالسعودية الدعم بحياد المؤسسات اللبنانية الجديدة، وخاصة حكومة نواف سلام، عن الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله، الذي تمثل عودة نفوذه إلى مؤسسات الدولة خطا أحمر لجهات كثيرة وقد تقود إلى وقف المساعدات والاستثمارات الدولية في لبنان.
يتوقع أن تتولى قطر إعادة إعمار ما تم تدميره في الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، كما حصل في حروب سابقة، دون شروط مسبقة
ويتوقع أن تتولى قطر إعادة إعمار ما تم تدميره في الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، كما حصل في حروب سابقة، دون شروط مسبقة. لكن مراقبين يرون أن إعادة إعمار مناطق نفوذ حزب الله ستكون بمثابة هدية من الدوحة للحزب وإيران تساعد على امتصاص الغضب الشعبي ضدهما، بما في ذلك داخل البيئة الشيعية الموالية لهما، ما يشجع الحزب على العودة إلى أجنداته السابقة طالما أن جهة ما على استعداد دائم لإعادة إعمار ما تسبب في دماره بحسابات حزبية وإيرانية لا علاقة لها بلبنان.
يشار إلى أن قطر شاركت في إعادة بناء 12 ألف وحدة سكنية في الجنوب اللبناني كانت إسرائيل قد دمرتها في يوليو عام 2006 خلال الحرب مع حزب الله.
وإذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل قد تغاضتا سنة 2006 وما بعدها عن إعادة تهيئة بيئة حزب الله بشكل يخفف عنه الانتقادات، فإن الوضع الآن مختلف كليا، حيث تعمل إسرائيل على منع إحياء نفوذ حزب الله عسكريا واقتصاديا واجتماعيا، كما أن الدوحة قد تجد نفسها في مواجهة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتحفزة ضد حزب الله وإيران.
وعقب لقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون في القصر الرئاسي قال الشيخ محمّد بن عبدالرحمن للصحافيين، ردا على سؤال عما إذا كانت بلاده ستساهم في إعادة الإعمار، “على مستوى الدعم الاقتصادي ودعم إعادة الإعمار، لا شك أن دولة قطر ستكون حاضرة مثلما كانت حاضرة في كل مناسبة وفي كل حدث.”
وأضاف “نتطلع إن شاء الله إلى استمرار تشكيل الحكومة، وبعد ذلك سيتم بحث هذه الملفات ونحن نتطلع إن شاء الله إلى عقد شراكة إستراتيجية تقوم على المنفعة المشتركة للبلدين وللشعبين.”
وتعهد بمواصلة تقديم الدعم الإنساني ودعم الجيش اللبناني. وقال أيضا “أكدنا مع فخامة الرئيس التزام دولة قطر بدعم القوات المسلحة اللبنانية، المؤسسة العسكرية التي تجمع كل اللبنانيين.”
وتقدم قطر إلى الجيش اللبناني منحا لتغطية معاليم شراء الوقود وصرف رواتب الموظفين. ويحتاج لبنان إلى أموال من الخارج للمساعدة في تغطية الكلفة الضخمة لإعادة الإعمار بعد حرب العام الماضي بين إسرائيل وجماعة حزب الله، والتي دمرت فيها الضربات الجوية الإسرائيلية مساحات واسعة من البلاد.
وبالإضافة إلى الاجتماع مع عون الذي انتخب رئيسا في أوائل يناير، اجتمع رئيس الوزراء القطري مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المنتخب نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وبعد سنوات من الانهيار الاقتصادي والحرب المدمرة بين إسرائيل وحزب الله، يعلق القادة اللبنانيون مجددا آمالهم على دول الخليج للحصول على أموال تحتاج إليها البلاد في عملية إعمار مناطق في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت.
ومنذ ثلاثة أسابيع يواصل رئيس الحكومة المكلف نواف سلام مساعيه لتشكيل حكومة جديدة في البلاد، بعد انتخاب عون رئيسا، في خطوة جاءت على وقع ضغوط خارجية خصوصا من الولايات المتحدة والسعودية، أعقبت تغيّر موازين القوى في الداخل على خلفية نكسات مني بها حزب الله في مواجهته الأخيرة مع إسرائيل وسقوط حليفه بشار الأسد في سوريا.
وتنتظر الحكومة المقبلة تحديات كبرى، أبرزها إعادة الإعمار وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في عام 2006، والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره في يد القوى الشرعية دون سواها.
وبموجب الاتفاق، الذي تشرف على تنفيذه لجنة ترأسها الولايات المتحدة وفرنسا، كان على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان في موعد لا يتجاوز 26 يناير، لكنها أكدت أنها ستبقيها لفترة إضافية معتبرة أن لبنان لم ينفذ الاتفاق “بشكل كامل”.
واتهم لبنان إسرائيل بـ”المماطلة” في تنفيذ الاتفاق. وأعلنت الحكومة في 27 يناير أنها وافقت على تمديد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حتى 18 فبراير بعد وساطة أميركية.
وشدد الشيخ محمّد بن عبدالرحمن من بيروت على أهمية “الالتزام باتفاق انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، وتطبيق القرار 1701، وأن يستعيد لبنان سيادته على كامل أراضيه.”
وقال “زيارتنا اليوم (الثلاثاء) إلى بيروت هي زيارة دعم من دولة قطر” التي أكد أنها “تقف دائما” إلى جانب “الشعب اللبناني في لحظات الفرح وفي لحظات الحزن.”
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :