يفترض أن يؤدي اللقاء غداً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نواف سلام إلى انقشاع الرؤية حيال آفاق الواقع السياسي، في ظل مقاطعة ثنائي حزب الله وحركة أمل للاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها سلام في مجلس النواب أمس، والتي لم يسبقها لقاء بينه وبين بري كما جرت العادة قبيل أي استشارات يجريها رئيس مكلف.
وفيما ينشط الرئيس المكلف لفتح قنوات اتصال مباشرة مع امل وحزب الله، نُقل عنه انه يريد حواراً مباشراً حول كل الأمور، وليس لديه موقف من اي عنوان. وقالت مصادر مطلعة ان الثنائي ليس بوارد مقاطعة سلام او حكومته بمعزل عما قد يحصل من تفاهمات. ولفتت إلى انها المرة الاولى التي يجري فيها البحث في احتمال عدم المشاركة في الحكومة، وهي اول خطوة من نوعها منذ العام ١٩٨٤، لافتة إلى أن غياب الثنائي يهدد آلية العمل في الادارة العامة حيث يخضع قسم كبير من الموظفين لسلطة المرجعيات الطائفية.
وأكدت مصادر معنية أن «مقاطعة الثنائي للاستشارات أمس موقف سياسي مرتبط بالانقلاب الذي حصل. أما عدم المشاركة في الحكومة فسيكون استناداً إلى المجريات والطريقة التي سيتصرّف بها سلام في مسيرة التشكيل»، مشيرة إلى جواب بري أمس عن سؤال حول ما إذا كانت مقاطعة الاستشارات رسالة إلى الخارج، إذ أكد أن «لبنان بدّو يمشي»، و«سأستقبل الرئيس سلام الجمعة. أما لقاؤه مع كتلة الوفاء للمقاومة، فهيدي فيها إنّ».
وطوال يوم أمس، وُضِع موقف الثنائي في دائرة المعاينة الدقيقة لرصد تجاوبه مع حل الأزمة الحكومية، والتي يبدو حتى الآن أنه يريدها بشروطه التي تُوقف المفاعيل الإقليمية للانقلاب الذي قاده الخارج بأدوات داخلية. وفي السياق، كشفت مصادر بازرة أن «رئيس الجمهورية جوزف عون دخل على خط الاتصالات للوصول الى تفاهم مع حزب الله وحركة أمل»، مشيرة إلى أننا «انتقلنا من قرار المقاطعة الى الحوار ، لأن الجميع، بمن فيهم عون وسلام، يعرفون أن عدم مشاركة حزب الله وحركة أمل لن ينتج منه أزمة حكومية وحسب، بل أزمة حكم، وهو ما لا يريده الرئيسان». وفيما أكدت المصادر أن «لا تصوّر حتى اللحظة لدى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف حول شكل الحكومة»، أشارت إلى أن «التوجه الأقرب هو نحو تشكيلة تكنو - سياسية».
ورغم التأكيدات العلنية من مختلف الأطراف بعدم إقصاء أحد، إلا أن الحصيلة الأولية لليوم الأول من الاستشارات أظهرت تحريضاً من بعض الأطراف لسلام على المضيّ في تشكيلة لا تضم حزب الله وحركة أمل. فـ«القوات اللبنانية» أبلغت الرئيس المكلف أنه «إذا أراد الثنائي أن يتمثّل فأهلاً وسهلاً، وإلا أمامه المعارضة». ورفضت الكتلة العودة إلى ما سمّته «المعادلة الخشبية»، معتبرة أنه «لا يجوز ذكر كلمة مقاومة في البيان»، ورأت أن سلام «مشروع تغييري لا يتناسب مع المعادلات السابقة»، وهو ما ردّ عليه الرئيس المكلف بأن هناك حلاً لهذه الإشكالية منصوص عليه في الدستور الذي يتحدث عن «بسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية».
النفَس التحريضي نفسه مارسه أيضاً ثلاثي: وضاح الصادق ومارك ضو وميشال دويهي الذين قالوا للرئيس المكلف إن «الثنائي لا يختصر كل الشيعة، ولا ينبغي أن يحتكر التمثيل الشيعي في حال موافقته على المشاركة في الحكومة». وهو ما أكده أيضاً الثلاثي الآخر: فؤاد مخزومي وأشرف ريفي وميشال معوض، علماً أن هذين «الثلاثيَّين» حرصا على «تمنين» الرئيس المكلف بأن لهما الدور الأكبر في تسميته. وشددا على أن «حزب الله وحركة أمل كانا مسيطرين على البلد، ويجب الآن إنهاء هذه السطوة». فيما كانت لهجة «الكتائب» أكثر هدوءاً، إذ شدد نوابه على ضرورة «التوافق ومد اليد إلى الطرف الآخر ورفض منطق الإقصاء»، وهو ما شدد عليه أيضاً النائب جبران باسيل.
وكان مقرراً أن يستهل سلام الاستشارات، التي تُعقد على مدى يومين في مجلس النواب، بلقاء الرئيس بري، إلا أن الأخير لم يحضر في الموعد المحدد عند العاشرة، فيما قاطعت الاستشارات كتلتا «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة». وانقسمت الاستشارات الى جولتين، سجّلت فيهما الكتل بعدَ لقائها سلام مواقف «مبدئية» تحضّ على تشكيل حكومة في أسرع وقت وعدم إقصاء أحد. غير أن «الزهد» الذي ادعته الكتل علناً، لم يكُن هو نفسه ما سمعه رئيس الحكومة في اجتماعاته، إذ كان واضحاً من الغالبية، إصرارها على حكومة سياسية بوجوه تكنوقراط لضمان حصتها، وهذا ما جعل حزب «الكتائب»، مثلاً، يضم النائب أديب عبد المسيح الى كتلته لتكبيرها، وبالتالي تمثيلها في الحكومة.
واستُهلّت المشاورات بلقاء الرئيس المكلف نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي قال «ليس لدينا أي مطلب في موضوع تأليف الحكومة، والمرتبط بأدائه ورئيس الجمهورية للقيام بالعمل المطلوب». وأعلن النائب مارك ضو باسم كتلة «تحالف التغيير»: «تمنّينا على سلام أن تكون الحكومة مختصرة من حيث عدد الوزراء وألّا تضمّ محاصصة حزبية وأن يكون فيها تمثيل نسائيّ». وأشار رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط إلى «أننا تمنّينا تخفيف الضغوط والطلبات»، مؤكداً أنه «لا مجال لإلغاء أحد». وقال النائب إبراهيم كنعان، بعد اجتماع «اللقاء التشاوري المستقل» بالرئيس المكلف إن «الأهم وجود إرادة سياسية وراء من سيُعيّن بالحكومة للتسهيل وإنجاح العهد».
وطلبت كتلة «الاعتدال الوطني» تولي حقيبة في الحكومة الجديدة. فيما أشار رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى «أننا لم نطلب أيّ طلب في الحكومة، ومستعدّون للمساعدة، وبرأينا على الحكومة أن تكون ممثّلة للقوى البرلمانية ولكن من اختصاصيين». بدوره، أشار النائب جورج عدوان إلى أنه «لم يجر تقديم أي وعود لأحد بعكس ما أشاع بعض النواب». ولفت إلى أن «الثنائي لديه أكبر تمثيل شيعي ونأمل أن يشارك في العهد الجديد، لكنه ليس الممثل الوحيد». وأكد «التكتل الوطني المستقل» على لسان النائب طوني فرنجيّة «أننا لم نتكّلم لا بمشاركة ولا غيرها في الحكومة، ولدى سلام الحكمة الكافية لعدم تفويت هذه الفرصة». وفيما شدد النائب فيصل كرامي باسم تكتل «التوافق الوطني» على «عدم كسر أو عزل أحد»، أكد النائب آغوب بقرادونيان باسم كتلة «نواب الأرمن» التي تضمّه وآغوب ترزيان، على أهمية تشكيل حكومة جامعة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :