كل ما تبقّى هو 11% فقط.. ماذا عن التعهّد بإعادة الودائع؟

كل ما تبقّى هو 11% فقط.. ماذا عن التعهّد بإعادة الودائع؟

 

Telegram

 

في خطاب القسَم، أشار رئيس الجمهورية جوزف عون إلى أنه يتعهّد بعدم التهاون في الدفاع عن أموال المودعين. لكن عن أيّ اموال سيدافع الرئيس؟ وجوب طرح السؤال مرتبط بأن ملف الودائع المتفرّع من ملف التفليسة والانهيار المصرفي والنقدي في عام 2019 لم يقفل بعد، بل استحال جرحاً نزفاً على مدى السنوات الخمس الماضية، إذ إن مصير الودائع المحتوم لم يكشف وسط تقديرات بأن المودعين خسروا القسم الأكبر من أموالهم في المصارف وأنهم يتلقّون منها جزءاً يكاد لا يذكر يبلغ أقصاه 400 دولار شهرياً وأدناه 150 دولاراً. هكذا يبدو أن «العهد اللبناني الجديد» يقدّم وعوداً لإنجاز مهمّة شبه مستحيلة، فلا الودائع موجودة لدى المصارف، وليس هناك من يطرح إعادتها حتى في مشاريع القوانين التي أعدّتها الحكومة والتي لا تعيد أكثر من 89% منها.

يحمل مصرف  لبنان اليوم، نحو 10 مليارات دولار من الاحتياطات بالعملات الأجنبية، فيما بلغ حجم الودائع بالدولار في شهر تشرين الأول الماضي 87.6 مليار دولار. بمعنى آخر، ما هو موجود من احتياطات مع مصرف لبنان اليوم يعادل 11% من مجموع الودائع. والمصارف تقول إنها لا تملك أيّ سيولة لتغطية الودائع (القديمة)، إذ إن سيولتها تقتصر على تغطية الودائع الجديدة بنسبة 100% كما فرض عليها مصرف لبنان. أي أنه رسمياً، وبحسب الأرقام المنشورة، 89% من الودائع غير موجود على افتراض أن الـ 10 مليار دولار كلّها ستستخدم لردّ الودائع.

 

وخلال السنوات الخمس الماضية، قام مصرف لبنان بإجراءات أدّت إلى انخفاض حجم الودائع من نحو 120 مليار دولار إلى 87.6 مليار دولار. واستخدمت طُرق عدّة لتذويب هذه الودائع، سواء من خلال إفساح المجال للعمل بالشيكات المصرفية بيعاً وشراءً في السوق بسعر انتهى إلى 10% من قيمة الوديعة بالدولار مقابل الحصول على دولارات «فريش». كما جرى توجيه الودائع للاستعمال في ردّ جزء كبير من القروض المصرفية وفق أسعار أدنى من قيمتها الاسمية المسجّلة لدى المصارف، ما كبّد المودعين الذين باعوها خسائر ضخمة بدأت بـ 30% في بداية الأزمة لتصل إلى 90% اليوم. أيضاً، استفادت المصارف من تعاميم مصرف لبنان التي أباحت ردّ الأموال بالعملات الأجنبية بأسعار صرف أقل من سعر السوق بكثير بدأت بسعر 3000 ليرة مقابل الدولار ثم 3500 ليرة و8000 وبعدها 15000 ليرة للدولار الواحد، وهو ما سهّل على المصارف تذويب جزء مهم من الودائع بالعملات الأجنبية.


المشكلة البنيوية في القطاع المصرفي ليست سهلة، وهي تحتاج إلى قرارات ونيّة جدية من أجل حماية حقوق المودعين. وهذا الأمر يعني فتح «حرب» على القطاع المصرفي، وإجبار المصارف، وأصحابها، على إعادة الأموال المهرّبة والأرباح الاستثنائية التي حصلوا عليها، لأنه من دون ذلك لا يمكن الحديث عن أموال المودعين.

يوضح مؤسّس جمعية «أموالنا لنا»، فراس طنوس، أنهم سيسعون للقاء رئيس الجمهورية للحديث عن أوضاع المودعين، بهدف نقاش الخطة المستقبلية لهذا الملف. يقول طنوس إنه «يجب أن يكون هناك مستشار للرئيس يحظى بثقة الرئيس والمودعين، ويكون معنيّاً بملف الودائع الضائعة وحقوق المودعين»، وقد يكون هذا المستشار هو صلة الوصل بين المودعين ورئيس الجمهورية. يكمل طنوس أن العقدة الأساسية في هذا الملف تقع في موضوع التعيينات القضائية، ففي حين استطاع المودعون «كسب نحو 300 حالة قضائية أعادت أموال ودائعها للمودعين، يبقى القضاء عائقاً أساسياً في تطبيق القانون. فعلى سبيل المثال، يقول حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إنه قدّم تقرير ألفاريز ومارسال إلى القضاء، حيث ذهب الملف إلى المدّعي العام التمييزي الذي حوّله إلى المدّعي العام المالي، ولم يطرأ عليه أي شيء جديد».


كما أن الكثير من القضاة، بحسب طنوس، تربطهم علاقات مباشرة مع أصحاب مصارف، أو استفادوا بشكل أو بآخر منها (من خلال تهريب أموالهم وما شاكل). من ناحية أخرى، يتحدّث طنوس عن الحاجة إلى تدقيق مالي للمصارف، لمعرفة ماذا تملك المصارف من السيولة، بالإضافة إلى الأصول التي يمكن تسييلها لإعادة الأموال للمودعين.

من الواضح أن قضية أموال المودعين هي قضية شائكة، وهناك الكثير من الأطراف من أصحاب المصالح المختلفة، التي تضع يدها فيها. إذ إن المصارف لديها رؤيتها لمستقبل القطاع، التي تتضمّن وضع اليد على أصول الدولة (بشكل مباشر أو غير مباشر) لتغطية الخسائر، كما أن هناك طرفاً يريد إدخال صندوق النقد الدولي ولو على حساب المصلحة الاقتصادية، وهناك من لا رؤية معيّنة لديه إلا الهروب من مواجهة المشكلة الأساسية. وفي نهاية الأمر، هناك مودعون يخسرون من قيمة ودائعهم سنوياً بفعل التضخّم، وهم غير قادرين على الوصول إلى أموالهم أصلاً، ويأملون من أيّ تغيّر في المشهد علّه يحمل حلاً لمشكلتهم.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram