سباق رئاسة الحكومة: هل نحن أمام انقلاب أميركي كامل؟

سباق رئاسة الحكومة: هل نحن أمام انقلاب أميركي كامل؟

 

Telegram

 

ساعات قليلة تحسم ما إذا كان لبنان انتقل كلياً إلى الزمن الأميركي - السعودي. والبلبلة التي سادت الأوساط السياسية ليل أمس حول هوية المرشح الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة دلّت على قطبة خَفية كان الأكثر تعبيراً عنها الغموض في موقف الكتلة النيابية التابعة لوليد جنبلاط، واستعداد التيار الوطني الحر لمقايضة في الحكومة بعدما فاتته المقايضة الرئاسية.

وإذا ما سارت الأمور باتجاه تسمية القاضي نواف سلام من قبل أغلبية تجمع معارضي حزب الله ومعارضي ميقاتي والراغبين بتلبية رغبات الفريق الأميركي - السعودي، فهذا يعني أن الانقلاب الشامل قد حصل، ما يفتح الباب أمام أسئلة حول المقبل من الأسابيع، خصوصاً أن التحديات المتصلة بالحرب مع إسرائيل لا تزال حاضرة بقوة، إلى جانب متغيّرات كبيرة في الرعاية السعودية لكامل تفاصيل الملف اللبناني.

وعشية الاستشارات النيابية المُلْزِمة، احتدم السباق بين ميقاتي وسلام. ورَاوح المشهد في ساعات ليل أمس بين أصوات محسومة للأول وصلت إلى حوالي 40، وأصوات نيابية أخرى تنتظر كلمة السر الخارجية. أما المعارضة التي كانت قد حسمت أمرَها بالتصويت للنائب فؤاد مخزومي، فقد عقدت اجتماعاً مطوّلاً لإقناع مخزومي بالانسحاب لصالح سلام، فيما توجّهت الأنظار إلى موقف كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب تيمور جنبلاط وموقف «التيار الوطني الحر» الذي بقيَ طي الكتمان. فيما أشارت مصادر إلى أنه في حال سارت كتلة جنبلاط في تسمية سلام فإن التيار سيحذو حذوه. والمشهد الأبرز الذي طبعَ يوم أمس هو مجاهرة نواب بانتظارِهم لكلمة السر السعودية. وكان النائب بلال الحشيمي الأكثر صراحة، إذ أعلن أنه «بانتظار الجو السعودي لما فيه مصلحة للبنان». ومثله فعلَ النائب أحمد الخير الذي قال: «إننا والرئيس ميقاتي خلف التوجه العربي ولا سيما المملكة العربية السعودية». الموقف العلني للحشيمي والخير ينطبِق على غالبية الكتل النيابية التي «ضاعت» عشية الاستشارات، وأجّلت الكشف عن اسم مرشحها، بسبب «تأخر الاتصال السعودي» كما اعترف عدد كبير من النواب الذين تواصلت معهم «الأخبار»، علماً أن السفير السعودي وليد البخاري أجاب من سأله بأن «لا مشكلة مع اسم ميقاتي»، وهو ما فسّره البعض بأن لا اعتراض سعودياً على تكليفه.

 

وبما أن الأمور أصبحت مفضوحة تماماً، لم يجِد النواب حرجاً في قول الأمور كما هي بعيداً عن سيمفونية «السيادة». وعلمت «الأخبار» أن الاتصالات بين التغييريين والمعارضة والمستقلين بشأن التسمية بدأت السبت، وكان هناك حوالي 20 صوتاً مؤيداً لنواف سلام. وفيما كانت معراب تُصرّ على مخزومي، ضغط «الكتائب» لسحب ترشيحه، واستقرّت النتيجة غير النهائية على 31 صوتاً لمخزومي، فيما طلب سلام عدم تسميته في حال لم تتوحّد المعارضة كلها خلفه.

تسمية الرئيس المكلّف، تشكّل أول اختبار للاتفاق اللبناني - العربي - الدولي حول شكل الحكم في لبنان خلال الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية في أيار 2026. ووفق ما رشح عن الاتفاق، فإن بقاء ميقاتي في منصبه كان بنداً رئيسياً، وإن الرئيس جوزيف عون نفسه لا يعارض ذلك نظراً إلى أن علاقته به كقائد للجيش كانت جيدة، ولأن الفريق الاقتصادي للحكومة أعدّ مجموعة كبيرة من مشاريع القوانين التي كانت الحكومة بصدد إرسالها إلى المجلس النيابي لولا موقف التيار الوطني الحر. وقد حصل نقاش حول هذه المشاريع بين مساعدين لعون وميقاتي في اليومين الماضيين. لذلك فإن هناك خشية من أن التراجع عن الاتفاق قد يفجّر أزمة سياسية ستنعكس على العلاقات بين القوى السياسية وبين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وبينما سرّبت أوساط المعارضة أن السعودية أعربت عن رغبتها بتغيير رئيس الحكومة، قال أكثر من نائب على تواصل مع الرياض إنها لم تعطِ موقفاً حاسماً، وإن اقتراح «القوات» ترشيح مخزومي لم يكن نتيجة تفاهم مع الرياض. وهو ما انعكس انقساماً في أصوات الكتل النيابية المعارضة لميقاتي.

وفي مقابل اتجاه الثنائي الشيعي إلى تسمية ميقاتي، بقيت خريطة الأصوات مشتّتة. فالتيار الوطني الحر لم يُعلِن رسمياً دعمه لأي خيار، بينما علّق «اللقاء الديمقراطي» موقفه، علماً أنه كانَ يميل إلى دعم ميقاتي، وهو ما ربطته مصادر سياسية بـ«الموقف السعودي غير الواضح». أما تيار «المردة» وبعض المستقلّين فحسموا أصواتهم لصالح ميقاتي، فيما تشتّتت أصوات المعارضة بينَ مخزومي وسلام، وصبّت أصوات «التوافق الوطني» لصالح ميقاتي.

ورغمَ الانقسام واللقاءات المكثّفة، تجزم مصادر سياسية بارزة بأن «ميقاتي هو من سيُكلف بتشكيل حكومة العهد الأولى لأن ذلك جزء من الاتفاق الرئاسي». وعدّدت عدة مؤشرات سبقت الاستشارات، أبرزها زيارة ميقاتي لسوريا ولقاؤه مع قائد الإدارة الانتقاليّة في سوريا، أحمد الشرع، ما يعني أنه سيقود المرحلة المقبلة وإلا كانَ الرئيس الجديد هو من قام بأول زيارة رسمية تمثيلاً للبنان.

ووسطَ «الإحجام» السعودي عن دعم اسم بعينه، قالت أوساط سياسية إن «الأساس بالنسبة إلى الرياض ليس اسم الرئيس، بل شكل الحكومة وتركيبتها ثم بيانها الوزاري»، وهي «تفضّل أن تكون حكومة تكنوقراط». وعلى هذا الأساس «سيجري التعامل مع لبنان وتُعاد صياغة العلاقة معه، فهي تريد إحداث تغيير جذري من خلال السلطة التنفيذية»، لأن هذا الأمر «سيحدّد مصير العهد الجديد وتعاطيه مع التحديات الكبرى والتحولات الجيوسياسية في المنطقة».

 

للاطلاع على الجدول بحجمه الأصلي أنقر هنا

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram