يعول عمالقة تصنيع السيارات على الابتكارات الحديثة في مجال الإضاءة لزرعها في جميع الطرز الجديدة، كونها أقوى من حيث الوضوح، كما أنها ذات كلفة أقل ويمكن أن تطول مدة استخدامها قبل الحاجة إلى إعادة استبدالها، وهذا يظهر في السباق نحو الاستفادة من تكنولوجيا ليد ماتريكس المتطورة.
برلين- مرت تقنيات كشافات السيارات بمراحل تطور خلال العقود الماضية، فبعدما كانت كشافات الهالوجين هي المعيار في صناعة المصابيح الأمامية لفترة طويلة، ظهرت كشافات زينون مع بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضي لكي تنير الطريق بصورة أفضل.
ولكن الآن أصبحت كشافات ليد الأكثر سطوعا بمثابة المعيار الأساسي لإضاءة الكثير من الطرز الحالية، لدرجة أنها تشبه ضوء النهار بفضل درجة حرارة الألوان العالية.
وهناك العديد من شركات السيارات العالمية تجهز الإصدارات الجديدة بإضاءة ليد ماتريكس الذكية، والتي تتواءم مع البيئة المحيطة تلقائيا.
ويمتاز نظام الإضاءة ليد ماتريكس المتطور بأن السائق لم يعد مضطرا للتبديل بين ضوء السير والضوء العالي، وعلى الرغم من أن الأمر يبدو بسيطا ومريحا، إلا أن هناك بعض العيوب تظهر أثناء الممارسة العملية.
وتتكون إضاءة ليد من نقاط ضوئية فردية، وعندما يتم تشغيل إضاءة ماتريكس، والتي عادة ما يتم استعمالها كضوء عال، فإنه يتم دمج عدد كبير من لمبات ليد لكي تكون نوعا من “السجاد الضوئي.”
وتبعا للشركة المنتجة للسيارة، فإنه قد يوجد أكثر من 100 مصباح ليد في كل كشاف، وعندما يتم تشغيل النقاط الضوئية الفردية فإنه يتم التحكم فيها عن طريق مستشعرات الكاميرات.
ويقول بوركهارد بوتشر الخبير في المركز الفني التابع لنادي السيارات الألماني أي.دي.أي.سي إن إضاءة ماتريكس تعمل بشكل أساسي مثل جهاز البروجيكتور، وعندما يكتشف مستشعر الكاميرا أحد الأجسام، فإنه يتم حجب الضوء.
وبفضل هذه التقنية ينعم قائدو السيارات بإضاءة أفضل للطريق، وتعرف كشافات ماتريكس أيضا باسم “الكشافات المتوائمة” لأنها تقوم بضبط الإضاءة تلقائيا وفقا لموقف القيادة الحالي.
وأوضح فيليب ماتي، من نادي السيارات والخدمات المرورية في ألمانيا (أي.سي.في) لوكالة الأنباء الألمانية أنه في حالة اكتشاف أحد العوائق فإن النظام يقوم بإطفاء نقاط الضوء في هذا النطاق خلال جزء من الثانية.
وقال “كلما كانت هناك نقاط ضوء أكثر، فإنه يمكن التحكم في الإضاءة بشكل أكثر دقة.” وأضاف “يمكن تجنب المشاة والسيارات القادمة في الاتجاه المقابل فعليا بواسطة الكشافات مع عدم تعرضهم للإبهار، بينما يظل الطريق مضاءً بشكل مثالي.”
وعلى العكس من الضوء العالي التقليدي، الذي يجب إطفاؤه تماما، فإن إضاءة ماتريكس تظل مشغلة وتتمتع بالمرونة، وتشتمل العديد من كشافات ماتريكس على وظيفة ضوء الانعطاف.
وحتى إذا تجنبت إضاءة ماتريكس السيارة القادمة في الاتجاه المقابل عند اجتياز المنعطف، فإن مسار السير على يمين ويسار السيارة القادمة في الاتجاه المقابل يظل مضاءً بشكل كامل.
ويرى بوتشر أن أوقات استجابة أنظمة ماتريكس ليست مثالية، وأوضح ذلك بقوله “أظهرت دراسة لشركة بورشه أن وقت استجابة أنظمة إضاءة ماتريكس يزيد بمقدار ثانية إلى ثانيتين مقارنة بزمن استجابة العنصر البشري.”
وأشار إلى أن ذلك يعني أن الكثير من مستخدمي الطريق يتعرضون للإبهار دون داعٍ عندما يواجهون سيارات مزودة بإضاءة ماتريكس في الاتجاه المقابل.
ويمكن تجهيز السيارات بكشافات ماتريكس بشكل لاحق من الناحية النظرية، إلا أن هذه العملية تتطلب مجهودا كبيرا وتكلفة عالية؛ نظرا لأن الأمر لا يقتصر على الكشاف فقط، بل إنه يحتاج إلى الكاميرا وجميع تقنيات التحكم.
ولكن في المقابل يمكن تحويل الكشافات العادية إلى كشافات هالوجين أو كشافات ليد بصورة أقل تعقيدا، وتتوافر في الأسواق كشافات ليد البديلة أو التعديلية.
ومن الأمور المهمة هنا أن تتوافق كشافات ليد مع موديل السيارة المعني وأن يكون مصرحا بتركيبها في السيارة، ويمكن لأصحاب السيارات العثور على قوائم التوافق على مواقع الإنترنت الخاصة بالشركات المنتجة لمصابيح ليد.
وفي حالة تركيب كشافات ليد غير متوافقة أو غير مصرح بتركيبها، فإن الأمر لا يقتصر على الغرامة فقط، ولكن يمكن رفض إجراء الفحص الرئيسي للسيارة، وفي أسوأ الحالات يمكن إلغاء ترخيص السير الخاص بالسيارة.
ويلفت ماتي إلى أن إضاءة ليد ماتريكس تأتي بتكلفة أعلى من الكشافات التقليدية، وعلل ذلك قائلا “تتكلف الإصلاحات مبالغ طائلة؛ نظرا لأنه لا يمكن استبدال مصابيح ليد التالفة فقط، ولكن يجب استبدال وحدة الكشاف بالكامل.”
وبشكل أساسي تتمتع كشافات ليد بعمر افتراضي طويل، علاوة على أنها تمتاز بكفاءة أعلى في استهلاك الطاقة مقارنة بكشافات الهالوجين وكشافات زينون.
ويؤكد ماتي أن هذه الخصائص تقلل من احتمالية تعطل الكشافات وتحد من تكاليف الصيانة، وبالتالي فإن هذه التقنية تعتبر خيارا أكثر استدامة في إضاءة السيارات.
ويتفق الخبراء الألمان على أن كشافات ليد بضوئها، الذي يشبه ضوء النهار، تتحرك عند الحد المسموح به أو فوقه
ويقول بوتشر إنه في الكثير من الأحيان يكفي أن تزيد السيارة من سرعتها، وعندئذ يدخل ضوء ليد في نطاق رؤية السيارات القادمة في الاتجاه المقابل بسبب الانحناء الطفيف في الجزء الخلفي.
وأشارت دراسة شملت 10 نوادي سيارات أوروبية، ومنها نادي السيارات الألماني أي.دي.اي.سي، إلى أن 67 في المئة من سائقي السيارات القادمة في الاتجاه المقابل يتعرضون لإبهار مزعج.
ويمكن الاستعانة بنظام التحكم التلقائي في مدى الإضاءة لكي يتم ضبط الكشافات على المستوى الصحيح، وقد طالب المجلس الألماني للسلامة على الطرق بأن تكون هذه التقنية إلزامية في جميع كشافات السيارات بغض النظر عن كفاءة الإضاءة.
ويعتقد ماتي أن اللوائح الأكثر صرامة لنظام التحكم الديناميكي في مدى الإضاءة وانتشار هذه التقنية يمكن أن يساعد في الحد من مشكلات تعرض السائقين للإبهار، علاوة على أنه يجب مراعاة المتطلبات المنصوص عليها قانونا عند ضبط كشافات السيارات في الورش الفنية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :