افتتاحية صحيفة البناء :
ساعات حاسمة في مأرب… واستهداف ناقلة نفط إيرانية في بانياس… وتضامن خليجيّ على لبنان القدس تضبط إيقاع المنطقة على توقيتها المستمرّ حتى العيد… وبرّي: صرخة لوقف العبث / هجوم كنسيّ على القاضية عون… وباسيل يلوّح بالانتخابات المبكرة… والجراد يتمدّد جنوباً
المناخ المتصاعد في المنطقة في عطلة مفاوضات فيينا، ليس منفصلاً عنها، كما يقول مرجع دبلوماسي عربي مخضرم، فالوقت الفاصل بين جولة تفاوض وأخرى هو كما بين جولات الحروب، وقت للتزوّد بالذخائر وإعادة تنظيم القوات. وفي التفاوض هو إعادة ترتيب للأوراق بين المفاوضين من جهة، وداخل كل محور يقف على ضفة من ضفاف التفاوض من جهة أخرى. ويقول المرجع الدبلوماسي إن ما يرد من معلومات عن الوضع على جبهة مأرب وتقدّم نوعيّ حققه أنصار الله سينعكس حكماً على مواقف الجبهة التي تقودها واشنطن والتي تصطف الرياض ضمنها، بموقف أكثر تشدداً من الموقف الأميركي، ما يفسّر محاولة السعودية تصعيد الضغط على جبهة موازية هي جبهة لبنان، عبر مفاجأة منع دخول وعبور الصادرات الزراعية اللبنانية، والضغط على الدول الخليجيّة التي لا تصدر عنها عادة مواقف بهذه الدرجة من السلبيّة تجاه لبنان إلا إذا كان الضغط السعودي شديد الإلحاح، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة الموضوع وفرص حلحلته بطرق معلومة لو كان مجرد قضيّة تقنية، ولا يمكن تخيل هذه السرعة والشدة في نصوص المواقف الخليجيّة تجاه لبنان إلا كرسالة سعوديّة تستدرج تفاوضاً غير مباشر مع حزب الله، كمعنيّ مباشر بمصالح المزارعين الذين يشكلون قوة تأثير في بيئته، فيما الحملة الإعلامية المرافقة للقرار السعوديّ تصوّره مسؤولاً عن التهريب، والمعادلة كما يقرأها المرجع الدبلوماسي، مترابطة بمأرب، وما يطلب من حزب الله من ضغط على حلفائه لتخفيف الضغط العسكري كي يتوقف المزيد من الضغط الاقتصادي على لبنان. وعلى جبهة أخرى يقول المرجع، يحضر التباين الذي يعبر عنه قادة كيان الاحتلال عن المقاربة الأميركية للمفاوضات، في الحركة العسكرية والأمنية التي يحاول الكيان فرضها على جبهات المواجهة في المنطقة، فالتفاوت بين أولويتي منع حصول إيران على سلاح نووي من زاوية النظر الأميركية، ووقف البرنامج الصاروخي الإيراني ووقف نمو حركات المقاومة، بالنسبة لثنائي الكيان والسعودية يفسر التصعيد الأمني في الهجمات التي تستهدف سورية وآخرها ناقلة النفط الإيرانية في بانياس، من جهة، والردود التي شكلها نموذجها صاروخ ديمونا، وما يمكن أن يليه، من جهة مقابلة. ويخلص المرجع الدبلوماسي للقول، إن الجولة المقبلة من المفاوضات ستكون حاسمة لجهة تظهير موازين القوى بين واشنطن وحلفائها، وبين إيران وخصومها، وهو ما يرجّح أن تربح إيران هذه الجولة لحساب معادلة العودة الأميركية عن العقوبات لإعادة العمل بالاتفاق النووي كما تم توقيعه عام 2015.
اللاعب الجديد الذي دخل على الخط هو المشهد الذي ترسمه مواجهات القدس، التي يقول متابعون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إنها مرشحة للتصاعد وصولاً ليوم القدس العالمي الذي سيحل في السابع من أيار المقبل، وصولاً إلى عيد الفطر وصلاة العيد في المسجد الأقصى، وما سيرافق المناسبتين والإعداد لهما، من تصعيد في المواجهات في الضفة واحتمالات تصاعد الموقف العسكري بين غزة وجيش الاحتلال، والتوقيت الفلسطيني للأحداث قد يفرض نفسه على المنطقة، اذا تصاعدت الأمور نحو مواجهات شاملة تداخلت فيها المواجهة العسكرية مع انتفاضة فلسطينية ثالثة، يتحدّث عنها قادة كيان الاحتلال كمصدر قلق بالتوازي مع حديثهم عن حرب جديدة على غزة؛ وتعقيباً على مشهد القدس قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، إن ما يجري في القدس دعوة لتمييز الصديق من العدو وصرخة لوقف العبث السياسي.
لبنانياً، توزّع المشهد خلال يومي السبت والأحد، بين ثلاث صور، الأولى هي الهجوم الكنسي على القاضية غادة عون يستبق ما يفترض أنه بحوزتها من معلومات مثيرة حول التحويلات، ينتظر الرأي العام الكشف عنها بعد تسريبات تراجع وهجها خلال اليومين الأخيرين، والثانية هي الكلام الذي قاله رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن المسار الحكوميّ وصولاً للحديث عن استعصاء لا يحله الا حل البرلمان لجهة سحب التكليف من الرئيس سعد الحريري، عبر الذهاب إلى انتخابات نيابيّة مبكرة، أما الصورة الثالثة فهي مشهد الجراد الزاحف على لبنان، ليزيد خسائر المزارعين خسائر جديدة، وقد تمدّد مشهد الجراد من الحدود الشمالية الى الحدود الجنوبيّة فظهرت أعداد منه في منطقة الوزاني.
وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة إلى الشعب الفلسطيني الذي يقود انتفاضة مدوّية في القدس والمسجد الأقصى، جاء فيها: "الانتفاضة الرمضانية للشعب الفلسطيني في باحات المسجد الأقصى وفي أحياء مدينة القدس وعلى تخوم أبواب المدينة المقدّسة الإحدى عشرة لا سيما "أبواب العامود" "الأسباط" و"المغاربة" بقدر ما يمثل وعياً فلسطينياً لدى أبناء القدس شيباً وشباباً أطفالاً ونساءً حول هويّة مدينتهم ومستقبلها كعاصمة أبديّة لدولة فلسطين، وحول ثقافتها وتراثها العربي الإنساني الذي يأبى التهويد، هي أيضاً تمثل دعوة مقدسية لنا في لبنان وعلى مساحة الأمة وشعوبها لإيقاظ الوعي حول أهمية تصليب الوحدة الوطنية والإقلاع عن العبث السياسي والتضحية بالأوطان والثوابت الوطنية والقومية مقابل المصالح الشخصية والفئوية الضيقة، هي أيضاً صرخة فلسطينية "بلغة الضاد" لإيقاظ الوعي في الأمة وتصويب بوصلتها نحو معرفة مَن هو العدو ومَن هو الصديق".
من جهته، أكد عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية، أن جذوة المقاومة ستظل متقدة وأن الصراع ضد عدونا الوجوديّ لن يتوقف حتى تحرير كل أرضنا القوميّة السليبة، وأننا على نهج المقاومة لَمستمرون.
وفي بيان أصدره لمناسبة الذكرى الـ 36 لتحرير البقاع الغربي وراشيا من الاحتلال اليهوديّ، قال حمية: إن تحرير البقاع الغربي وراشيا في 24/ نيسان/ 1985، لم يكن ليتحقق لولا إيمان القوميين بقضية تساوي وجودهم، وتصميمهم على أداء واجبهم القومي في مقاومة الاحتلال دفاعاً عن أرضنا وشعبنا، وتشكيلهم رأس حربة جبهة المقاومة الوطنية التي نفذت بجميع قواها سلسلة عمليات نوعية وخاضت مواجهة ظافرة أجبرت الاحتلال على الاندحار. وأشار إلى أن المعركة التي نخوضها ضد العدو الصهيوني بكل غطرسته وإرهابه، هي معركة مصيرية، وأن الحسم في هذه المعركة هو عن طريق لقاء الحديد بالحديد والنار بالنار، وليس بنظريات الحياد والضعف وغير ذلك من المفردات التي تجلب الويل على أمتنا.
وحفلت عطلة نهاية الأسبوع بجملة أحداث ومواقف سياسية رفعت من منسوب التصعيد السياسي لا سيما على جبهة تيار المستقبل - التيار الوطني الحر الذي أطلق رئيسه النائب جبران باسيل سلسلة مواقف من الملفات المطروحة اتسمت بالتصعيد والمواجهة مع خصوم العهد. كما أشّرت مواقف باسيل إلى أن لا حكومة في المدى المنظور وأن جميع المبادرات السياسية الداخلية والخارجية والضغوط الدوليّة وصلت إلى طريق مسدود. كما أن الحلول الدستوريّة أيضاً مقفلة، ولوّح رئيس التيار الوطني الحر بسحب التكليف من الرئيس المكلف سعد الحريري رغم رفض المجلس النيابي هذا الخيار في الوقت الحاضر، واضعاً استقالة المجلس النيابي كأحد الخيارات أيضاً رغم أنها لن تغير في المعادلة الداخلية كما قال لكنها تسحب التكليف من يد الحريري. كما حمل باسيل بعنف على رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، مشيراً إلى أن مَن يتّهمنا بالنازية شَطَب الصليب وقتل الناس به.
ورأى باسيل في مؤتمر صحافي مطوّل أنّ "لا خلاص إذا لم ينتصر قاضي الإصلاح على قاضي الفساد"، مضيفاً "عم يحاولوا منع القاضية من استكمال تحقيقاتها! شو مخبّا بهالملف؟ من شو الخوف؟ خلّوها تكمل شغلها وثبّتوا انّو ما معها حقّ! مش كل مرّة تضبضبوا الملفات". وتابع: "إذا الرئيس المكلّف سعد الحريري لا يريد أن يعتذر ورئيس الجمهورية لن يستقيل طبعاً وإذا مجلس النواب لا يريد سحب التكليف، فيبقى هناك حالة واحدة للتفكير فيها وهي استقالة مجلس النواب فيصير تكليفه بلا وجود وهذا يعني انتخابات مبكرة لكن هل الانتخابات المبكرة تغيّر بالمعادلة؟". وأردف "عم يخبّوا النصف زائداً واحداً تبعهم، باتّهامنا بالثلث زائد واحداً. ولا مرّة نحنا طرحنا بهالحكومة موضوع التلت زائد واحد، كنّا بس عم نسأل مين بيسمّي الوزراء المسيحيين، وهنّي بدّن يسمّوا المسيحيين العدد يلّي بيوصلّهم للنصف زائد واحد".
وعن ملف ترسيم الحدود قال "رئيس الجمهورية هو أفضل من يُؤتمن على هذه المصلحة الاستراتيجية للبنان وكل من يكتّر من الكلام "بدّو ميّة سنة" ليصل إلى مستوى حفاظه على الحقوق ولرؤيته الاستراتيجيّة البعيدة". وفي إشارة الى جعجع قال باسيل: "تخيّلوا انّو بيتّهمنا بالنازيّة يلّي شطب الصليب وقتل فيه الناس، وطمرلنا جرودنا بالنفايات السامة! تخيّلوا شو هالعذاب وشو هالظلم يحكي عنا أننا نازيين يلّي منطقو وفكرو وتصرّفه الميليشياوي بيدلّوا على النازيّة، عنده أحسن CV يقدّموا للنازيّة".
أما ردّ تيار المستقبل فجاء عنيفاً. وقال في بيان: "رهانك يا جبران على سحب الرئيس المكلف من معادلة تأليف الحكومة، وقولك إن الأمر يتطلب استقالة المجلس النيابي والذهاب الى انتخابات مبكرة، فهو رهان إبليس على دخول الجنة يا جبران، وربما كانت الطريق الأقصر الى ذلك استقالة رئيس الجمهورية بحيث تستوي القواعد الدستورية حيث يجب أن تستقيم. كلمة أخيرة لجبران باسيل، تعقيباً على قوله بان الرئيس المكلف يسعى للحصول على النصف زائد واحداً، ان الرئيس سعد الحريري سيكون رئيساً لمجلس الوزراء بكامل أعضائه وحقائبه وسياساته، ولن يرضى تحت أي ظرف من الظروف ان يكون رئيساً لنصف مجلس وزراء".
وفيما حمل نواب القوات بعنف على باسيل، رفضت مصادر عين التينة التعليق على مواقف رئيس التيار الوطني الحر. ولاحظت أوساط مطلعة تقارب كلام باسيل حيال الحكومة مع مبادرة الرئيس بري لجهة آلية التوزيع 8-8-8 من دون الثلث المعطل لأحد ومن وزراء اختصاصيين غير حزبيين يمثلون الكتل النيابية والطوائف، لكن العقدة المتبقية هي على الجهة التي تسمي الوزيرين المسيحيين الأخيرين في ظل رفض رئيس الجمهورية المطلق أن يسمّيهما الحريري لكي لا ينال أكثرية وزارية في الحكومة أي النصف زائداً واحداً، فيما الرئيس المكلف يرفض بدوره أن يسمّيهما عون لأن ذلك سيمنحه الثلث المعطل، كما رفض البطريرك الماروني بشارة الراعي تسميتهما في ظل رفض حزبي القوات والكتائب اللبنانية المشاركة في الحكومة، ما يعني أن حل العقدة المسيحية متعذر حتى الساعة. فيما أشارت أجواء بعبدا إلى أن "الحريري لم يعطِ موافقته على تشكيل حكومة من 24 وزيراً وعليه أن يقدّم تشكيلةً جديدة ليبنى على الشيء مقتضاه".
ورأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم أن "المناخ السياسي السائد المحيط بملف تشكيل الحكومة لا يؤشر الى إمكانية ولادة حكومة في وقت قريب في ظل التراشق الإعلامي وتقاذف المسؤوليات بين القوى السياسية وخاصة المعنية بمسألة الحكومة من دون الالتفات الى معاناة الناس والازمات اليومية". ولفت هاشم لـ"البناء" إلى أن "المطلوب اليوم الترفع عن المصالح والأنانيات والابتعاد عن الأحقاد والكيديات والتفتيش عن كل ما يجمع ويوحد والتعاطي بحكمة ودراية والإسراع باتخاذ مواقف تاريخيّة لإنقاذ الوطن من خلال حكومة إنقاذية من الممكن الوصول إليها بأقصر الطرق عبر المبادرة التي بادر للعمل لها دولة الرئيس نبيه بري والتي لاقت تجاوباً من القوى السياسيّة".
وجدّد البطريرك الراعي المطالبة بحكومة وطنية من اختصاصيين مستقلين، وأكد أن "لبنان بحاجة لينجو من حالة بؤسه وتفكّك مؤسساته".
في غضون ذلك، بقي القرار السعودي التصعيدي ضد لبنان بوقف تصدير المنتجات الزراعية اللبنانية الى السعودية في واجهة الاهتمام الرسمي.
وفيما نفت مصادر رسميّة أن تكون السعودية وجهت رسالة اعتراض إلى السلطات اللبنانية بضرورة ضبط حدودها منعاً لتهريب المخدرات اليها، تولى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في سلسلة تصريحات وتغريدات تبرير قرار بلاده التعسفي بحق لبنان. ولفت الى أن "دوافع القرار السعودي أمنية في المقام الأول وتهدف للحفاظ على سلامة وأمن المملكة العربية السعودية ومواطنيها والمقيمين فيها". وكتب البخاري لاحقاً على "تويتر": "الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها".
وأشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" الى أن "القرار السعودي سياسي بامتياز ولا علاقة له بالأمن التجاري والاجتماعي السعودي"، متسائلة: "لماذا لم تتواصل السلطات السعودية مع الجهات المعنيّة في الدولة اللبنانية من حكومة ووزارة خارجية أو مع الأجهزة الأمنية المعنية وأبلغتهم بحادثة التهريب والتعاون لمعالجتها؟"، خصوصاً أن جهات زراعية تؤكد بأن لبنان ليس لديه رمان ما يدلّ على وجود شبهة ما في المعلومات أو قطبة مخفية ما يدعو للتشكيك بأن تكون الشحنة المهربة أمراً ملفقاً أو مدبّراً بين جهة سعودية ولبنانية لصناعة ملف لمزيد من الضغط على لبنان واستخدام هذه الورقة في عملية التفاوض مع إيران في ظل المأزق السعودي في الحرب على اليمن بعد وصول القوات اليمنية الى المرحلة الفاصلة عن حدود مأرب". وربطت المصادر "بين التصعيد السعودي المستجدّ ضد لبنان بالمفاوضات الشاقة الجارية في اليمن"، لافتة الى أن "السعودية تريد أن تأخذ ثمناً من إيران على الجبهة اليمنية مقابل تسهيلها للحكومة في لبنان كما تريد ضمانات أميركية تتعلق بالمستقبل السياسي للأمير محمد بن سلمان وسياسة الرئيس الأميركي الجديد تجاه المملكة".
ودعت المصادر وزارة الخارجية اللبنانية للطلب من السلطات السعودية التعاون الأمني وإجراء التحقيقات المطلوبة لكشف هوية المهربين، "وإذا رفضت السعودية ذلك فيظهر جلياً البعد السياسي للقرار". كما لم تستبعد المصادر أن تكون رسالة سلبية للحريري مضمونها بأن "المملكة ليست مستعدة للتعامل والانفتاح على حكومة يترأسها الحريري، علماً أن الأخير بحسب الوقائع ليس بوارد التأليف في ظل الموقف السعودي منه". كما يمكن أن تكون رسالة استباقية لكافة الاطراف اللبنانية بأن "أي حكومة تؤلف بلا رضى السعودية ستكون المقاطعة هي سياسة السعودية المقبلة، وأرادت المملكة التذكير بأن لا يمكن لأحد تجاهل الدور السعودي".
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الكويتية في بيان عن تأييد الكويت التام لقرار السعودية "بسبب استغلالها من قبل البعض لتهريب المخدرات". وكشفت مصادر مطلعة أن "الاتصالات والاجتماعات المتواصلة منذ يوم الجمعة الماضي توصّلت إلى اتفاق كي يسمح للشحنات اللبنانية التي دخلت حدود السعودية في طريقها إلى الكويت قبل نفاذ قرار المنع بدخول البلاد".
وكشف البطريرك الراعي في عظة الاحد أنه اتصل بالسفير السعودي في لبنان وليد البخاري "وأبلغناه استنكارنا جراء تهريب مخدرات داخل أحد المنتوجات الزراعية وهي ليست لبنانية ولا على اسم اي مزارع أو مصدر لبناني، وطلبنا إليه نقل الاستنكار إلى المملكة مع الأخذ بعين الاعتبار أوضاع لبنان والمزارعين".
ولم يرشح أي جديد على صعيد ملف القاضية غادة عون وفضيحة التحويلات التي أجرتها شركة مكتّف للصيرفة، ومن المتوقع أن يتفاعل الملف الأسبوع الجاري على المستويات القضائية والسياسية والشعبية. وبرز موقف لافت لمتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده عارض أداء القاضية عون وعبر عن دعمه لقطاع المصارف ولشركة مكتف. متسائلاً "هل يجوز أن يتمرد قاض على القانون وهو مؤتمن على تحقيقه، وهل يجوز اقتحام الأملاك الخاصة؟ وهل يجوز الاعتداء على الإعلاميين؟ وهل يجوز أن يخرج القاضي على القانون؟".
وبرزت مواقف لافتة للقاضية غادة عون عبر تويتر: موضحة أن "قانون أصول المحاكمات الجزائية، المادة 24 تعطي الحق للنائب العام في الاستقصاء وجمع الأدلة والتحقيق والمداهمة عند الاقتضاء لضبط الأدلة التي يحاول المشتبه بهم إخفاءها. هذا من صلب مهام النيابة العامة وإلا لا يمكن كشف أي جريمة". وتابعت: "انا لم أخالف القانون، هذا من صلب مهامي".
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
الراعي وعودة يناصران تجّار الهيكل: حرب اقتصاديّة سعوديّة على لبنان
الحرب السعوديّة على لبنان صارت أكثر وضوحاً. إما أن يكون خاضعاً لها أو لا يكون. هذه المعادلة التي أرساها محمد بن سلمان بدأت تترجم بمزيد من الضغوط. منع دخول الصادرات الزراعية اللبنانية هو بهذا المعنى أحد تجلّيات هذا الضغط، بصرف النظر عن الحجّة. لهذا يبدو أن تسخير سعد الحريري كلّ طاقته وعلاقاته في سبيل الرضى السلماني لن يُصرف سعودياً. هناك، صار الجوع في لبنان واحدةً من وسائل الضغط السياسية
مهما غُلّفت الخطوة السعوديّة حظر الواردات الزراعية الآتية من لبنان بتبريرات، فإنّ السياسة هي الحاضر الأول، وربما الأخير، فيها. لو لم يكن ذلك صحيحاً، لكانت الرياض قد عمدت إلى الإجراء نفسه مع دول أخرى، تؤكد البيانات الجمركية السعودية ضبط عمليات تهريب كبتاغون منها تفوق تلك التي ضبطت مهرّبة من لبنان. لم تفعل لأنه ببساطة ليس بمنع الاستيراد تكافح أي دولة آفة المخدرات، بل بتضافر جهود الأجهزة لديها للقبض على المهربين والمروّجين، وبالتعاون الأمني والاستخباري مع الدول التي تقيم معها علاقات تجارية، لا بقطع هذه العلاقات.
باختصار، كل ما تقوم به الرياض منذ مدة يصب في خانة التضييق على لبنان وتشديد الحصار العربي والغربي عليه. ولذلك، فإن ربط الأمر بالسعي إلى حماية المجتمع السعودي لم يمّر على أيّ من المسؤولين اللبنانيين، حتى المقرّبين من السعودية. حماية المجتمع السعودي لا تكون بإلغاء الصادرات. فإذا لم يتمكن المهربون من استعمال وسيلة ما لإمداد سوق ما بالممنوعات، فمن المؤكد أنهم سيجدون طريقة أخرى. لتكون النتيجة: المزروعات اللبنانية لن تدخل إلى السعودية ومنها إلى دول الخليج، لكن الممنوعات لن تتوقف لأن المهرّبين قادرون على التأقلم مع أي وضع جديد، وخاصة أن لبنان ليس المصدر الوحيد للمخدرات التي تصل إلى السعودية.
الأغرب، مسارعة دول مجلس التعاون الخليجي، عُمان والإمارات والكويت والبحرين، إلى دعم القرار السعودي، الذي يمنع مرور البضائع اللبنانية إليها. المسارعة إلى إصدار بيانات التأييد توحي بأن هذه الدولة تبارك لشقيقتها تمكنها من تحقيق نصر عسكري باهر في اليمن أو في أي ساحة أخرى، علماً بأن هذه الدول نفسها لم يسبق أن قطعت علاقاتها مع أي دولة، حتى لو كانت تصنفها منطلقاً لعمليات التهريب.
الأكيد أن السعودية لم تربح في أي حرب، لكن إجراءها الأخير معطوفاً على سياق التعامل السعودي مع لبنان، يوحي بأن القيادة السعودية قررت إعلان الحرب على لبنان. هي تدرك جيداً أنه في ظل الانهيار المستمر منذ أكثر من عام، فإن الصادرات اللبنانية تشكل أحد متنفّسات الاقتصاد اللبناني، وهي بدلاً من أن تعمد إلى مساعدته، قررت منعه من التنفس. باختصار، القيادة السعودية لم تعد تتفرج على اللبنانيين يموتون من الجوع، من جراء سياسات الفساد التي كانت تباركها وتساهم بها في لبنان، بل تحوّلت إلى أحد مسببات هذا الجوع. بالنسبة إليها، لبنان خرج من يدها، ولم تعد تهتم لأمره، بدلالة رفض المسؤولين السعوديين مجرد مناقشة الأزمة اللبنانية مع زوارها الفرنسيين أو الروس، أضف إلى ذلك ما قاله وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان لمسؤول عربي، عن رفض مساعدة لبنان، لأن اللبنانيين يرفضون مساعدة أنفسهم.
مصادر مسؤولة رأت أن الخطوة السعودية لم تكن مفاجئة، فالنفَس التصعيدي تجاه لبنان صار واضحاً للعيان، حيث بدأت السلطات التضييق على اللبنانيين بشكل غير معلن. ولذلك، تتوقع المصادر أن تستكمل السعودية إجراءاتها بمزيد من القرارات التي تصرّ فيها على تعميق جراح اللبنانيين، واضعة نصب عينيها مواجهة "حزب الله" وإحراج سعد الحريري لإخراجه.
في سياق متصل، كان البطريرك الماروني، بشارة الراعي، يسارع إلى الاصطفاف إلى جانب المستنكرين للجريمة التي تتعرّض لها السعودية، متناسياً أن لبنان نفسه يشرب من الكأس نفسها. والسلطات اللبنانية تقوم بشكل دائم بضبط شحنات مخدّرات مهرّبة إلى لبنان أو بالعكس. طمأن الراعي، في عظة الأحد، أمس، إلى أنه اتصل بالسفير السعودي وليد البخاري لإبلاغه استنكاره ما حصل. وقال إنه تمنّى أن "تأخذ المملكة في الاعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء". الراعي تبنّى الخطاب السعودي الذي يحمّل المسؤوليّة للسلطة اللبنانية "التي عليها أن تمنع وتحارب مثل هذه الإرساليات إلى المملكة".
الراعي، الحريص كل أحد على إجراء جولة أفق يتناول فيها كل الأحداث من موقعه المستجدّ، لم يفُته التعبير عن موقفه المؤيد لتجار الهيكل، في القطاع المصرفي تحديداً. وبعد رسمه خطاً أحمر يحول دون محاسبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قرر الراعي دعم صاحب شركة مكتّف للصيرفة ونقل الأموال، ميشال مكتّف، في مواجهة القضاء. وعبّر البطريرك عن ذهوله من مشاهدة "واقِعة قضائيّة لا تَمُتُّ بصلةٍ إلى الحضارةِ القضائيّة ولا إلى تقاليد القضاءِ اللبنانيّ منذ أن وُجِد"، معتبراً أنّ "ما جرى يشوّه وجه القاضي النزيه والحرّ من أيّ انتماء، ذي الهيبة التي تفرض احترامها واحترام العدالة وقوانينها".
وعلى المنوال نفسه، غزل مطران بيروت للأرثوذكس إلياس عودة، فقال في أحد الشعانين، إنه "بعد تدمير سمعة لبنان المالية والسياسية والاجتماعية، ها نحن نشهد تدمير المؤسسات والقضاء عليها، وآخرها السلطة القضائية التي هي حصن لبنان الأخير والجيش الذي يدافع بنقاء ومحبة وتضحية".
وسأل عودة "هل يجوز أن يتمرّد قاض على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه؟ هل يجوز أن يقتحم قاضٍ أملاكاً خاصة من دون مسوّغ قانونيّ؟ هل يجوز أن يخرج قاض عن القانون؟".
واستغرب عودة غياب مجلس النواب، سائلاً: "أين مجلس النواب من كل ما يجري؟ أليس من واجبه القيام بما يلجم هذه التجاوزات؟ وعلى القاضي أن يتحلّى بالحكمة والصبر، لا أن ينقاد بانفعاله ويتصرّف بشعبوية لا تقود إلا الى الفوضى وقسمة الشعب".
ومساءً، ردّت القاضية غادة عون على متّهميها بمخالفة القانون، وقالت، عبر "تويتر": "للتذكير فقط، لمن لم يقرأ قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإنّ المادة 24 تعطي الحقّ للنائب العام في الاستقصاء وجمع الأدلّة والتحقيق والمداهمة عند الاقتضاء لضبط الأدلّة التي يحاول المشتبه فيهم إخفاءها. هذا من صلب مهمّات النيابة العامة وإلا لا يمكن كشف أيّ جريمة".
وفي ما بدا رداً على الراعي وعودة، أشارت عون إلى أنّ "ما يثير الذهول بالفعل أنه، بدل أن يستهجن كل من ألصق بي اليوم تهم التمرد ومخالفة القوانين، لم يخدش شعورهم صورة بشعة تظهر مدى تمرّد البعض على القضاء نتيجة وقوف مدّعٍ عام أمام مكاتب شركة مشتبه في تهريبها أموال اللبنانيين ومنعه من الدخول".
************************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
أين العهد من تصاعد الإعتراضات الصارخة للكنيسة؟
منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي ومن ثم تصاعد ازمة #تشكيل الحكومة الجديدة، بدأت الوتيرة العالية لمواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس #عودة تبلور معارضة كنسية صارخة لمسارات السياسة التي تنهجها السلطة خصوصا من دون توفير التبعات الاوسع على الطبقة السياسية برمتها. ولكن الوتيرة النارية التي طبعت امس مواقف البطريرك الراعي والمطران عودة تجاوزت الاطار الاعتيادي الذي يترقبه اللبنانيون كل احد، وذهبت في اتجاه استثنائي بالغ الأهمية، بدت معها هذه المواقف بمثابة ثورة كنسية على العهد والسلطة في المقام الأول، وعلى مجمل الطبقة السياسية في ظل تناسل الفضائح والسقطات والأزمات والكوارث على نحو خيالي. جاءت الوتيرة النارية لعظتي الراعي وعودة بعد أسبوع مشحون بملفات القضاء والمقاطعة #السعودية والخليجية للمنتجات الزراعية اللبنانية بالإضافة الى الملف المأزوم الدائم المتصل بتعطيل تشكيل الحكومة لترسم معالم تطور لا يمكن معه العهد ان يتجاهل السؤال الكبير الذي ردده كثيرون امس وهو “اين العهد من هذه الاعتراضات الكنسية الصارخة ؟”
اشعال الردود والسجالات الحادة والمقذعة بين القوى السياسية صار تقليداً في ازمة الانسداد السياسي، وكانت آخر نماذج هذه الجولات السبت الماضي بعد المؤتمر الصحافي لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي شنّ هجمات حادة وعنيفة على الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري و”القوات اللبنانية ” استدعت ردوداً من عيارات ثقيلة أيضا. ولكن هذه الجولة لم تقل شيئا سوى ان التأزم في ملف تشكيل الحكومة ذاهب الى استيلاد مزيد من التوتر والتعقيد والدوران ضمن حلقة العقم. وحصل ذلك فيما كانت تترقب الأوساط الداخلية نهايات ازمة التمرد القضائي وانعكاساتها على واقع القضاء من جهة، كما كانت تتفاقم ازمة جديدة ذات طابعين خطيرين أولهما ديبلوماسي – سياسي والآخر اقتصادي بعدما قررت المملكة العربية السعودية منع دخول الفاكهة والخضار من لبنان الى أراضي المملكة بسبب عمليات #تهريب المخدرات والممنوعات اليها وبدأت معالم تمدد القرار نحو دول خليجية أخرى .
الراعي وعودة
وسط هذا الغليان وتفجر الفضائح والأزمات المتسابقة وتخبط السلطة في سياساتها الأحادية والفاشلة سواء بسواء، بدا واضحاً ان العهد لن يكون في مقدوره تجاهل خطورة الغليان الصاعد في مواقف الرأي العام الداخلي الذي اختصرته امس مواقف الراعي وعودة وكأنهما يعوّضان أيضا عن قصور القوى السياسية او تواطؤ بعضها او قصور بعضها الاخر، فيما سيكون الأسوأ ان “يتكل” على موجات ردود تياره عبر وسائل التواصل الاجتماعي متهجمة على المراجع الدينية.
فالبطريرك الراعي الذي كشف انه اتصل بالسفير السعودي #وليد البخاري وابلغه “إستنكارنا، وطلبنا إليه نقله إلى المملكة مع التمني بأن تأخذ في الإعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء”، طالب الدولة “بالمحافظة على صداقاتها مع الدول العربية، وبخاصة مع المملكة السعودية لما لها دائما من مواقف ومبادرات إيجابية لصالح لبنان واللبنانيين”. ثم تناول الملف القضائي قائلا “أصابنا الذهول ونحن نرى على شاشات التلفزة واقعة قضائية لا تمت بصلة إلى الحضارة القضائية ولا إلى تقاليد القضاء اللبناني منذ أن وجد. فما جرى يشوه وجه القاضي النزيه والحر من أي إنتماء، ذي الهيبة التي تفرض إحترامها واحترام العدالة وقوانينها. نحن نصرّ على أن يكافح القضاء مكامن الفساد والجريمة بعيدا من أي تدخل سياسي. ونصر على أن تعود الحقوق إلى أصحابها، لاسيما الودائع المصرفية. ولكن ما جرى، وهو مخالف للأصول القضائية والقواعد القانونية، قد أصاب هيبة السلطة القضائية واحترامها وكونها الضمانة الوحيدة لحقوق المواطنين وحرياتهم”.
موقف المطران عودة جاء مماثلا تماما محذرا من “تدمير المؤسسات واخرها السلطة القضائية التي هي حصن لبنان الاخير والجيش الذي يدافع بنقاء ومحبة وتضحية”. وسأل “هل يجوز ان يتمرد قاض على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه، هل يجوز ان يقتحم قاض املاكا خاصا دون مسوغ قانونيّ، هل يجوز الاعتداء على الاعلاميين الذين يؤدون واجبهم؟ “. واستغرب غياب مجلس النواب، سائلاً: “اين مجلس النواب من كل ما يجري اليس من واجبه القيام بما يلجم هذه التجاوزات ؟ وقال: “الانسان الذي كرمه الله اهانوه وجعلوه عبداً لرغباتهم، وقطعوا الغذاء عن الاطفال، ويل لمسؤول يجوع الاطفال في عهده ويهان البشر في عهده”.
وردت القاضية غادة #عون مساء معتبرة ان “من صلب مهامها اجراء المداهمات وضبط الادلة لكشف الجريمة “وقالت: “ما يثير الذهول بالفعل انه وبدل ان يستهجن كل من الصق بي اليوم تهم التمرد ومخالفة القوانين انه لم يخدش شعورهم صورة بشعة تظهر مدى تمرد البعض على القضاء نتيجة وقوف مدعي عام امام مكاتب شركة مشتبه بتهريبها اموال اللبنانيين ومنعه من الدخول الا يستحق ذلك الشجب”.
ازمة المقاطعة
اما في ما يتصل بأزمة قرار السعودية #مقاطعة المنتجات الزراعية اللبنانية الذي بدأ تنفيذه امس، فان الأنظار ستتجه الى الاجتماع الذي دعا الى عقده رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم في قصر بعبدا ويضم الوزراء المعنيين ورؤساء الأجهزة الأمنية الذي يفترض ان يخرج بقرارات عملية حاسمة على صعيد مضاعفة الجهود لضبط مراقبة الحدود ومكافحة التهريب بما يقنع السعودية والدول الخليجية وغيرها بجدية هذه الإجراءات ويحول دون اتساع مقاطعة المنتجات اللبنانية.
وكان السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي يمضي إجازة في السعودية غرد امس عبر “تويتر” قائلاً: “بلغ إجمالي ما تمّ ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي مصدرها لبنان من قبل مُهربي المخدرات أكثر من 600 مليون حبة مخدرة ومئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال الست سنوات الماضية”.
وفي السياق ذاته قال بخاري في حديث تلفزيوني “ان الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها”. وتوجه بخاري بالشكر الى البطريرك الراعي “على موقفه المستهجن لاستهداف السعوديّة من خلال تهريب المخدرات إليها”.
وأعربت امس دولة الإمارات عن تأييدها لقرار المملكة العربية السعودية بحظر المنتجات الزراعية القادمة من الجمهورية اللبنانية بعد أن ثبت استخدامها لتهريب المخدرات إلى أراضي المملكة. ودعت الوزارة “إلى تطوير التقنيات المناسبة واتخاذ كل الإجراءات والتدابير المناسبة للحد من تهريب هذه الآفة الخطيرة، التي تهدد سلامة المجتمعات، وتضر بمصالحها”.
وسبق للكويت والبحرين ان اعلنتا مساء السبت ان الكويت تأييدهما لقرار المملكة العربية السعودية حظر دخول الخضار والفواكه من لبنان بسبب استغلالها لتهريب المخدرات كما انضمت سلطنة عمان الى هذا التأييد.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
الكنيسة تنبذ “التمرّد” العوني على القضاء… وليشع “وضع يده” على ملف مكتّف
“ضابطة عدلية” خاصة لغادة عون “بأمر من بعبدا”!
“أنا الغريق فما خوفي من البلل”… على هذه الصورة أطل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل السبت على اللبنانيين عاكساً حالة سياسية ميؤوساً منها، بلغت مستويات عدائية متقدمة تجاه الجميع، ما عدا “حزب الله” وإسرائيل وأميركا، لعلّ أحد أطراف هذه الثلاثية يرمي له طوق نجاة ينتشله من تخبطه، سواء في مستنقع التأليف أو في بحور الترسيم… فعلى كافة الجبهات القضائية والأمنية والسياسية والحكومية والمسيحية فتح باسيل نيرانه “خبط عشواء”، حتى رأس الكنيسة المارونية لم يسلم من شظاياه، ولم يتوانَ عن الذهاب إلى حد تخوين البطريرك الماروني بشارة الراعي واتهامه علناً بالتفريط بحقوق المسيحيين!
أراد باسيل أن يقول باختصار للبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً: “أنا وليّ أمركم في السياسة والمال والاقتصاد والقضاء والأمن والنفط والغاز، ولن تجدوا من دوني فقيهاً في الدستور والقانون والحقوق والإصلاح والصلاحيات”، فأمعن في سياسة “فرّق تسد” حكومياً وقضائياً وأمنياً ومسيحياً، تحت طائل تهديداته الصريحة لقوى الأمن ومجلس القضاء الأعلى ونبشه قبور حروب الإلغاء المسيحية، ليعبّر في ما يتصل بقضية تمرّد القاضية غادة عون عن تصميم الرئاسة الأولى و”التيار الوطني” على المضي قدماً في شق صفوف السلطة القضائية، لا سيما وأنّ مصادر مواكبة لهذه القضية، كشفت لـ”نداء الوطن” أنّ دوائر قصر بعبدا أوعزت “بإنشاء ضابطة عدلية خاصة للقاضية عون تواكبها في تحركاتها وتأتمر بأوامرها القضائية”.
وأوضحت المصادر أنه غداة تعميم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على الأجهزة الأمنية بعدم مواكبة أي ضابطة عدلية لتحركات واستنابات القاضية عون، عمدت بعبدا إلى الطلب من جهاز أمن الدولة “فصل 10 عناصر لها تحت عنوان “حماية الشخصيات”، على أن يكونوا على أرض الواقع بمثابة عناصر “ضابطة عدلية” متحركة تواكب عمليات الكسر والخلع والمداهمات ومصادرة الموجودات التي تطلبها القاضية عون”، مذكرةً بأنّ “عون التي سبق أن استخدمت عنصري أمن الدولة اللذين يرافقانها، في عمليات اقتحام مكاتب شركة مكتف والاستيلاء على بعض الموجودات فيها من دون مسوغ قانوني ولا قضائي، أصبح اليوم لديها 10 مرافقين من أمن الدولة بموجب قرار القصر الجمهوري لكي يتولوا تنفيذ أوامرها القضائية من دون الرجوع إلى أي ضابطة عدلية قانونية”.
ولفتت المصادر إلى أنّ باسيل بدا في إطلالته السبت “صريحاً في تلويحه بإمكانية تصادم الأجهزة الأمنية في حال تكرر مشهد التصدي لتحركات القاضية غادة عون، المخالفة للقانون ولقرارات مجلس القضاء الأعلى وتعاميم مدعي عام التمييز، وقبله كان رئيس الجمهورية قد بادر خلال الاجتماع الأمني الذي ترأسه في قصر بعبدا إلى توبيخ قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات على التصدي للمتظاهرين العونيين في عوكر، طالباً عدم تكرار حصول ذلك، ورافضاً تبريرات وزير الداخلية والبلديات التي حصرت مهمة القوى الأمنية بمنع الاعتداءات على الممتلكات الخاصة والعامة”، مع الإشارة إلى أنّ رئيس الجمهورية نفسه كان يبرر قمع المتظاهرين السلميين من ثوار 17 تشرين في بيروت والمناطق، بذريعة “وجوب تحمل القوى العسكرية والأمنية واجباتها ومسؤولياتها في حماية الممتلكات والأملاك العامة والخاصة”!
تزامناً، علمت “نداء الوطن” أنّ القاضي سامر ليشع الذي كلفه النائب العام التمييزي متابعة الملفات المالية المهمة التي كانت في عهدة القاضية عون، عمد أمس إلى وضع يده على ملف شركة مكتف، وأوعز إلى الضابطة العدلية بوضع شمع أحمر احترازياً على مكاتب الشركة لاستكمال تحقيقاته في القضية، ما يعني أنها أصبحت عملياً في عهدته ولم يعد للقاضية عون حق الدخول إلى حرم الشركة وبعثرة محتوياتها.
أما على المستوى الكنسي، فاسترعت الانتباه عظة نابذة للتمرد القضائي العوني على السلطة القضائية من قبل كل من البطريرك الماروني ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، بحيث أعرب الراعي “الذهول” جراء ما شاهده على شاشات التلفزة من “واقعة قضائية لا تمت بصلة إلى الحضارة القضائية ولا إلى تقاليد القضاء اللبناني منذ أن وُجد”، مشدداً على أنّ ما قامت به القاضية عون من دون أن يسميها “يشوّه وجه القاضي النزيه الحر من أي انتماء”، باعتبار ما جرى “مخالفاً للأصول القضائية والقواعد القانونية، وقد أصاب هيبة السلطة القضائية واحترامها”.
وكذلك أشار المطران عودة إلى أنه “بعد تدمير سمعة لبنان المالية والسياسية والإجتماعية، ها نحن نشهد تدمير المؤسسات والقضاء عليها، وآخرها السلطة القضائية”، وسأل: “هل يجوز أن يتمرد قاض على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه؟ هل يجوز أن يقتحم قاض أملاكاً خاصة دون مسوغ قانوني؟ وهل يجوز أن يخرج القاضي على القانون؟ وإذا كان المؤتمنون على إحقاق العدل غير عادلين، فأي عدل نبتغي؟، أليس من واجب مجلس النواب القيام بما يلجم هذه التجاوزات؟”.
وفي المقابل، سارعت القاضية عون مساءً إلى الرد على الراعي وعودة في سلسلة تغريدات اتهمتهما فيها من دون أن تسميهما بالجهل بنصوص “قانون اصول المحاكمات الجزائية، التي تعطي المادة 24 منه الحق للنائب العام في الاستقصاء وجمع الادلة والتحقيق والمداهمة عند الاقتضاء”، وأضافت في معرض ردها على قول الراعي إنه أصيب بالذهول جراء ارتكاباتها: “ما يثير الذهول فعلاً أنه لم يخدش شعورهم صورة بشعة تظهر مدى تمرد البعض على القضاء، نتيجة وقوف مدعٍ عام أمام مكاتب شركة (…) ومنعه من الدخول إليها”.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: لا مبادرات والتأليف دون الصفر… وإجراءات اليوم لإنهاء الحظر السعودي
تصدّر عنوان المخدرات المهرّبة الى المملكة العربية السعودية كل العناوين الأخرى، نظراً لانعكاسه على العلاقة بين بيروت والرياض، والتي تراجعت أخيراً بسبب المآخذ السعودية على السياسة اللبنانية. وجاء هذا الملف ليزيد من هذه المآخذ، فضلاً عن ارتداده على المزارعين اللبنانيين الذين فقدوا أحد الشرايين الأساسية لتصريف إنتاجهم، بسبب إهمال الدولة اللبنانية لحدودها ومعابرها، فيما يراكم لبنان خسائره مع دولة شقيقة كانت السند الدائم له في كل الظروف والأوقات، الأمر الذي يستدعي استنفاراً للدولة لكشف ملابسات هذه الجريمة، وتقديم الإيضاحات المطلوبة للمملكة، في سبيل طي هذه الصفحة التي لا تشرِّف لبنان، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل هذه الفضيحة، حرصاً على العلاقة التاريخية التي تربط بيروت بالرياض، كذلك حرصاً على مصلحة المزارعين، في وقت لبنان أحوج ما يكون فيه إلى مساعدة، وتحديداً من السعودية التي لم تبخل يوماً في مساعدته.
وفي موازاة هذا الملف الذي ستتمّ متابعته اليوم في الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، في حضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، ووزراء الدفاع الوطني، والزراعة، والداخلية والبلديات، والخارجية والمغتربين، والمال، والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والجمارك، وعدد من المعنيين في القطاع الزراعي من مزارعين ومصدّرين، وبالتالي في موازاة هذا الملف، وفي انتظار ما سيصدر عنه، بقي الاشتباك السياسي سيِّد الموقف، مع إطلالة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي شنّ هجمات بالجملة واستدرج ردوداً عليه بالجملة، الأمر الذي يرفع من منسوب التشنُّج ويبقي أبواب تأليف الحكومة مغلقة وبإحكام.
ومع غياب المبادرات وتعليق كل الوساطات، تراجع الشأن الحكومي إلى ما دون الصفر، وتقدّم الهمّ المالي والمعيشي والاجتماعي في ظلّ الخشية الواسعة من رفع الدعم وانعكاسه على الاستقرار، لأنّ خطوة من هذا النوع أصبحت حتمية مع الاقتراب من سقف الاحتياطي الإلزامي، ويستحيل الخروج من هذه الدوامة سوى بخطوة سياسية من قبيل تأليف حكومة وفق المعايير والشروط الدولية، بغية ان تكون قادرة على قيادة مفاوضات مع المجتمع الدولي تحقيقاً للإصلاحات المطلوبة وفتحاً لباب المساعدات، التي وحدها قادرة على وقف الانهيار ووضع لبنان على سكة التعافي مجدداً.
ولكن، يبدو انّ الهمّ الحكومي غائب عن بال المسؤولين الذين يتلهّون بفتح الملفات الواحد تلو الآخر، والاشتباك بعد الآخر، وما يكاد يتراجع ملفّ حتى يتقدّم آخر، فيما الملف الأساسي الذي يفترض ان يتقدّم كل الملفات، لأنّه يشكّل مفتاح الحلول المطلوب، ما زال ممنوعاً من الصرف والترجمة لاعتبارات فئوية وخلافات شخصية، اين منها مصلحة المواطن اللبناني الذي يريد حكومة بأي ثمن، تضمن له استعادة أمواله وتُبعد عنه شبح الفقر والعوز والجوع.
الحريري في ابو ظبي
وفي الوقت الذي غاب النشاط على جبهة الاستحقاق الحكومي عن قصر بعبدا و»بيت الوسط»، أمضى الرئيس المكلّف سعد الحريري ساعات قليلة في بيروت، كانت فاصلة للعودة الى الامارات العربية المتحدة. فبعد عودته من الفاتيكان مساء الخميس الماضي، غادر عصر اليوم التالي الى ابو ظبي، التي تحولت محطة بين كل زيارة خارجية وأخرى يقوم بها.
مواجهة التهريب
وفي ضوء دخول القرار السعودي بمنع دخول الفواكه والخضار اللبنانية الى المملكة او العبور من خلالها، حيز التنفيذ امس، والاجتماع المقرّر في القصر الجمهوري اليوم للبحث في هذا التطور، قالت مراجع معنية بالتحضيرات الجارية لهذا الاجتماع لـ «الجمهورية»، انّ «هناك سلسلة من الإجراءات سيشدّد عليها المجتمعون، وهي تقضي برفع مستوى الجهوزية على المعابر البرية والبحرية والجوية، لضمان وقف التهريب، والتشدّد في عمليات المراقبة والاستعلام عن الشبكات المحترفة القائمة بالتعاون في ما بين لبنان وسوريا وبلدان مختلفة، ومنها بالطبع الدول التي تستورد الإنتاج اللبناني وتلك التي تستخدم الموانئ اللبنانية لتصدير إنتاجها وبضائعها، بعد انقطاع الخطوط البرية بين مجموعة الدول.
ولا تتجاهل المقترحات المطروحة زيادة التعاون مع دول الخليج العربي، فإذا وجدت شبكات لبنانية للتهريب وتتعاون مع أخرى في العراق وسوريا، فهي تتعاون مع شبكات أخرى في دول الخليج العربي لتسويق المخدرات والممنوعات، وهي عملية متكاملة لا تكتمل سوى بمزيد من التعاون وتبادل المعلومات المسبقة في هذا الشأن، لمحاصرة هذه الشبكات العابرة للقارات والدول. فالمعلومات الواردة من السعودية تؤكّد انّ اكتشاف العملية كان نتيجة معلومات استخبارية مصدرها اجهزة اميركية، حسب تأكيد اكثر من مصدر أمني وإعلامي في المملكة.
توسع المقاطعة خليجياً
وما بين الدعوة الى الإجتماع وموعده، توسعت رقعة المقاطعة الخليجية للانتاج الزراعي اللبناني، بعد تضامن وتأييد الإمارات العربية المتحدة الإجراءات السعودية، حيث قرّرت حظر المنتجات الزراعية القادمة من الجمهورية اللبنانية، بعد أن ثبت استخدامها لتهريب المخدرات إلى أراضي المملكة.
وأكّدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي دعم السعودية «في ما تتخذه من إجراءات لحماية المجتمع من آفة المخدرات، وتأييدها في كافة الخطوات التي تتخذها في إطار جهودها الدؤوبة لمكافحة هذه الجريمة المنظمة، وحقها في حفظ وسلامة المجتمع». ودعت إلى «تطوير التقنيات المناسبة واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المناسبة للحدّ من تهريب هذه الآفة الخطيرة، التي تهدّد سلامة المجتمعات، وتضرّ بمصالحها».
اما الكويت فقد تميزت في الموقف على رغم تضامنها مع السعودية، فأصدرت «تعليمات شفوية باستمرار السماح باستيراد شحنات الخضار والفواكه من لبنان بحراً وجواً في الوقت الحالي، مع تشديد الرقابة، ودعوة السلطات اللبنانية إلى العمل على ضمان خلو صادراتها من أي ممنوعات تعرّض صادراتها للحظر والمنع».
وقالت مصادر رسمية كويتية، إنّ «المنتجات الهندية واللبنانية باتت تحت أعين الرقابة الدقيقة لدى وزارة التجارة والصناعة، التي بدأت قبل ايام رصد مخزون الخضار والفواكه المتوافر منها في السوق المحلية».
وأعربت وزارة الخارجية العمانية عن تأييد السلطنة لجهود السعودية في إطار مكافحة تهريب المخدرات بكل أشكالها، ودعت إلى تطوير تقنيات وآليات التعاون الإقليمي في هذا الشأن.
كذلك أعربت وزارة الخارجية البحرينية عن تأييدها للقرار الذي اتخذته السعودية بمنع استيراد أو عبور المنتجات الزراعية اللبنانية إلى أراضيها، بعد أن ثبت لدى الجهات المختصة أنّها تُستخدم لتهريب المخدرات إلى أراضي المملكة.
وتابعت: «تؤكّد وزارة الخارجية دعم المملكة للقرار السعودي الذي يأتي لحماية المجتمع السعودي من أضرار المخدرات، وفي إطار جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الجريمة المنظّمة العابرة للحدود، تنفيذاً للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تجرّم استغلال حرّية التبادل التجاري في تهريب المخدرات، والإضرار بمصالح الدول وسلامة مجتمعاتها».
جردة البخاري
وتزامناً، مع الشكر الذي توجّه به السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على موقفه المستهجن لاستهداف السعوديّة من خلال تهريب المخدرات إليها، اأجرى جردة عن السنوات الست الماضية، فكشف أنّ «إجمالي ما تمّ ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي كان مصدرها لبنان على يد مُهرّبي المخدرات بلغ أكثر من 600 مليون حبة مخدرة ومئات الكيلوغرامات من الحشيش». وأضاف في سلسلة تصريحات ادلى بها قبيل مغادرته الى الرياض في اجازة «انّ الكميات التي يتمّ إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بكامله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها».
وكان تردّد أنّ البخاري غادر لبنان إلى السعودية قبل يومين، من دون اتضاح سبب المغادرة، وما إذا كانت متصلة بالقرار السعودي الأخير، أو أنّه استُدعي للتشاور. إلّا أنّ البخاري أوضح في حديث تلفزيوني، أنّه «غادر لبنان في إجازة اعتيادية»، مشيراً إلى أنّه «أبلغ الى وزارة الخارجية اللبنانية بهذا الخصوص».
مواقف
في غضون ذلك، أسف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال ترؤسه أمس قداس الاحد في بكركي «لما حصل مع المملكة العربية السعودية من جراء عملية تهريب مخدرات داخل إحدى المنتوجات الزراعية»، كاشفاً عن إجرائه إتصالاً بسفير المملكة وليد البخاري الموجود حالياً في الرياض، «وأبلغناه إستنكارنا، وطلبنا إليه نقله إلى المملكة، مع التمني بأن تأخذ في الإعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء».
وطالب الدولة اللبنانية «بالمحافظة على صداقاتها مع الدول العربية، وبخاصة مع المملكة السعودية. كما يؤسفنا تهريب مخدرات عبر دولة صديقة أخرى هي اليونان. هل هكذا أصبح لبنان في أيامنا؟».
من جهة ثانية، أكّد الراعي أنّ «المسؤولين عندنا، لو سمعوا صوت الله في ضمائرهم، وصوته من خلال معاناة المواطنين اللبنانيين الذين أصبح 50% منهم تحت مستوى الفقر، فيما كانت الطبقة المتوسطة تفوق 80 % من الشعب وتشكّل ركيزة إستقراره، وصوته، من خلال انهيار الدولة بمؤسساتها واقتصادها وماليتها ومعيشة شعبها، لكانت تألفت الحكومة منذ تعيين رئيسها بالإتفاق مع رئيس الجمهورية، وذلّلت العقبات، وبوشر سريعاً بالإصلاحات وترميم المرفأ وإعادة إعمار بيروت، وأُوقف الهدر، وأُقفلت معابر التهريب المستور والعلني، وضُبطت مداخيل المرافئ والمطار، وأُجريت الإصلاحات الأساسية والملحّة». وقال: «في انتظار عودة دورة الحياة الإقتصادية إلى طبيعتها، من الضرورة بمكان إصدار البطاقة التموينية للعائلات المعوزة، تعويضاً عن إعادة النظر بسياسة الدعم».
وأعلن الراعي، أنّه «أصيب بالذهول، ونحن نرى على شاشات التلفزة واقعة قضائية لا تمت بصلة إلى الحضارة القضائية ولا إلى تقاليد القضاء اللبناني منذ أن وُجد». وقال: «نحن نصرّ على أن يكافح القضاء مكامن الفساد والجريمة بعيداً من أي تدخّل سياسي. ونصرّ على أن تعود الحقوق إلى أصحابها، لاسيما الودائع المصرفية». مشدّداً على أنّ «مثل هذه الممارسات تضرب ما تبقّى من صورة الدولة».
دريان
وأبدى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان قلقه وتفهمه لقرار السعودية «إقفال حدودها أمام المنتجات الزراعية اللبنانية بسبب عملية تهريب مدانة ومرفوضة شرعاً وخلقاً، ولما تسبب من تداعيات خطيرة في المزيد من الانهيار الاقتصادي اللبناني».
وأمل في أن «يكون القرار السعودي موقتاً لحين معالجة الدولة اللبنانية الأمر» داعياً الدولة الى «أن تخطو خطوات سريعة وحاسمة لمنع حدوث أي خلل في العلاقات اللبنانية السعودية»، مناشداً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان «مساعدة لبنان للخروج من الأزمة التي يعيشها الشعب، في ظل تعثر تشكيل حكومة عتيدة ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر».
غياب مجلس النواب
وسأل متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في عظة أحد الشعانين لدى الطائفة الارثوذكسية: «هل يجوز ان يتمرّد قاضٍ على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه؟ هل يجوز ان يقتحم قاضٍ املاكاً خاصة دون مسوغ قانونيّ؟ هل يجوز الاعتداء على الاعلاميين الذين يؤدون واجبهم؟ مهما كانت قضية القاضي محقة ومن يشن عليه حرباً متجاوزاً للقوانين؟ هل يجوز ان يخرج قاضٍ عن القانون؟ اي عدل نتبع واي حكم وملك بما انّ العدل اساس الملك؟»
واستغرب عوده، غياب مجلس النواب، سائلاً: «اين مجلس النواب، اين النواب، نعرف سياراتهم وانّ ارقامها صغيرة وتلحقها كل انواع الامن، لكن اين المجلس النيابي من كل ما يجري؟ أليس من واجبه القيام بما يلجم هذه التجاوزات؟ وعلى القاضي ان يتحلّى بالحكمة والصبر لا ان ينقاد بانفعاله ويتصرّف بشعبوية لا تقود الاّ الى الفوضى وقسمة الشعب».
السمسرة الدولية
ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في تصريح، أنّه «من الواضح أنّ هناك قراراً دولياً إقليمياً بالإجهاز على لبنان بيد أخوة يوسف ومحورهم، وسط عقلية داخلية تعيش عقدة السمسرة الدولية، ولا يهمها من لبنان إلاّ مفاصله وكراسيه الى درجة أنّ البعض يمارس عقلية بومبيو: الإستسلام أو الجوع. وبالنتائج لا جديد، لا طبخة لبنانية، لا خرق حكومياً، لا أمل بتوبة الطبقة الفاسدة أو خشيتها، والخيارات معدومة، فقط هناك ورقة عمل دولية إقليمية حبرها صهيوني، خلفيتها انتقامية يجري تطبيقها في لبنان وسط تطنيش مريب جداً من البعض».
وتابع: «لذلك قراءتنا للبلد هي التالية: لبنان يعيش مخاضاً، وهناك من يريد للجلاد الدولي أن يمارس لعبته المفضلة فوق طاولة التعذيب، وهذا خط لا يمكن أن نقبل بتجاوزه ولن نسلّم رقابنا لبيلاطس». وختم: «تذكروا جيداً أنّ أخوة يوسف حين رموه بالجب لم يتصوروا أبداً أنّه سيغيّر العالم».
كورونا
وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي أمس تسجيل 1324 اصابة جديدة بفيروس «كورونا» (1307 إصابة بين المقيمين و17 بين الوافدين، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط 2020 إلى 520939 اصابة. وأوضحت أنّه تمّ تسجيل 24 حالة وفاة جديدة ليرتفع العدد الإجمالي للوفيّات إلى 7142 وفية.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
البخاري: المخدرات المهربة من لبنان كافية لإغراق الوطن العربي
دريان والراعي يدعوان السلطة لاتخاذ خطوات حاسمة
لا يزال قرار السعودية بوقف استيراد الخضار والفاكهة من لبنان بعد ضبط الجمارك أكثر من 5.3 مليون حبة كبتاغون مُخبأة ضمن شحنة من الرمان، يتفاعل في بيروت، فيما أعلن سفير المملكة وليد البخاري أن المخدرات المهربة من لبنان كافية لإغراق الوطن العربي، في حين من المقرر أن يعقد اجتماع أمني وزاري اليوم (الاثنين) في القصر الجمهوري للبحث في هذه القضية. وكشف البخاري في أحاديث تلفزيونية أمس (الأحد)، أن «إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي مصدرها لبنان من قبل مُهربي المخدرات، بلغ أكثر من 600 مليون حبة مخدرة ومئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال السنوات الست الماضية»، مشيراً إلى أن الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها.
استنكار
وهذه القضية لم تغِب عن عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس (الأحد)، حيث كشف أنه اتصل ظهر السبت بالسفير البخاري الموجود حالياً في الرياض، وأبلغه استنكاره لما حصل مع المملكة من جرّاء عمليّة تهريب مخدّرات داخل إحدى المنتوجات الزراعيّة، وطلب إليه نقل استنكاره إلى المملكة مع التمني بأن تأخذ في الاعتبار أوضاع لبنان والمزارعين.
وطالب الراعي الدولة اللبنانيّة بـ«المحافظة على صداقاتها مع الدول العربيّة، خصوصاً مع المملكة السعوديّة لما لها دائماً من مواقف ومبادرات إيجابيّة لصالح لبنان واللبنانيين، وانضمّت إليها دول التعاون الخليجيّ»، آسفاً من تهريب مخدّرات عبر دولة صديقة أخرى هي اليونان، وسأل: «هل هكذا أصبح لبنان في أيّامنا؟».
وبحضور رئيس هيئة التنسيق العليا للمزارعين في لبنان وبعض من أعضائها الذين جاءوا، بحسب ما قال الراعي، «ليطلقوا صرختهم الاستنكاريّة لما حصل مع المملكة العربيّة السعوديّة من جرّاء عمليّة تهريب مخدّرات داخل إحدى المنتوجات الزراعيّة، وهي ليست لبنانيّة ولا على اسم أيّ مزارع أو مصدّر لبنانيّ ولمطالبة الدولة اللبنانيّة إجراء تحقيق سريع لكشف الفاعلين والمهرّبين وإنزال أشدّ العقوبات بحقّهم، وبالتالي معالجة هذه المشكلة مع المملكة العربيّة السعوديّة الصديقة. وهي السند الأكبر للمزارع اللبنانيّ من خلال تصدير أكثر من ثمانين في المائة من الإنتاج إليها».
وأضاف البطريرك: «لو يسمع المسؤولون عندنا صوت الله في ضمائرهم، وصوته من خلال معاناة المواطنين اللبنانيّين الذين أصبح 50 في المائة منهم تحت مستوى الفقر، فيما كانت الطبقة المتوسّطة تفوق 80 في المائة من الشعب اللبنانيّ وتشكّل ركيزة استقراره، وصوته من خلال انهيار الدولة بمؤسّساتها واقتصادها وماليّتها ومعيشة شعبها، لكانت تألّفت الحكومة منذ تعيين رئيسها بالاتّفاق مع رئيس الجمهوريّة، وزُلّلت العقبات، وبُوشر سريعاً بالإصلاحات وترميم المرفأ وإعادة إعمار بيروت، وأُوقف الهدر، وأُقفلت معابر التهريب المستور والعلنيّ، وضُبطت مداخيل المرافئ والمطار، وأُجريت الإصلاحات الأساسيّة والملحّة».
دريان: قلق وتفهم
وأبدى مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان في بيان، قلقه وتفهمه لقرار المملكة العربية السعودية «إقفال حدودها أمام المنتجات الزراعية اللبنانية بسبب عملية تهريب مدانة ومرفوضة شرعاً وخلقاً، ولما تسبب من تداعيات خطيرة في المزيد من الانهيار الاقتصادي اللبناني».
وأمل دريان في أن «يكون القرار السعودي مؤقتاً لحين معالجة الأمر من قبل الدولة اللبنانية التي ينبغي أن تخطو خطوات سريعة وحاسمة لمنع حدوث أي خلل في العلاقات اللبنانية – السعودية». وأكد «حرص لبنان واللبنانيين على التعاون مع السعودية والدول العربية الشقيقة في شتى المجالات»، مناشداً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان «مساعدة لبنان للخروج من الأزمة التي يعيشها الشعب، في ظل تعثر تشكيل حكومة عتيدة ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر».
واستمرت أمس، المواقف الرافضة لما حصل، داعية الدولة اللبنانية الى تحمّل مسؤولياتها. وتمنى النائب في «حزب القوات اللبنانية» سيزار المعلوف على الدول العربية خصوصاً المملكة العربية السعودية ألا تُعاقب شعباً بأكمله بسبب فساد فئة ساقطة، آملاً في أن يكون القرار بمنع دخول المنتجات الزراعية إلى أراضيها مؤقتاً. وقال عبر حسابه على «تويتر»: «من يقف إلى جانب لبنان في جميع الظروف، لن يتخلّى عنه خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة من الانهيار والتدهور الاقتصادي»، مضيفاً: «هذه الآفة تقضي على مجتمعات وأجيال بأكملها وعلى الدولة اللبنانية ضربها بيد حازمة لا ترحم».
كذلك شدد النائب في الكتلة نفسها، جورج عقيص على ضرورة أن يتحرك «القضاء اللبناني فوراً للتحقيق في قضية الشحنة، وعلى أجهزة الدولة التشدد في الرقابة على الشحنات». وسأل في حديث إذاعي: «من يقف وراء هذه العمليات الممنهجة التي تصنف كجريمة بحق قطاعات عدة في لبنان؟ وهل تجرؤ الجهات اللبنانية على كشف الحقائق؟»، معتبراً أن «لبنان لم يعد دولة بل قاعدة إيرانية تتصرف بها إيران وفق مصالحها». ورأى أن «كل ما يجري يستدعي تحركاً للوقوف صفاً واحداً خلف مبادرة البطريرك بشارة الراعي وتطبيق ما لم يطبق حتى اليوم من اتفاق الطائف، إضافة إلى الإسراع في تشكيل الحكومة»، معتبراً أن «المجتمع الدولي سحب يده من لبنان فيما نحن على بعد أسابيع من الانهيار الشامل».
وانتقد النائب المستقيل في «حزب الكتائب» الياس حنكش تأخر المسؤولين في عقد اجتماع لبحث هذه القضية والقيام بخطوات عملية، وقال في حديث إذاعي: «تمت الدعوة إلى اجتماع في بعبدا يوم الاثنين لعرض القرار السعودي، ألا تعمل الدولة اللبنانية في نهاية الأسبوع؟ ولماذا لم يتم تشكيل وفد لبناني توجّه إلى السعودية مباشرة؟»، معرباً عن تخوّفه من أن تتعاطى السلطة بتعالٍ وتعجرف مع قرار دول الخليج».
وسأل حنكش: «هل أصبح لبنان كولومبيا الشرق؟ ألا تعرف الأجهزة الأمنية من هم المصنّعون؟ المشكلة أنهم كلهم يعرفون التجار الكبار لكن لا يتجرأون على التحرّك».
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
إجراءات لبنانية بحق المتورطين بالتهريب.. ودعم خليجي للقرار السعودي
باسيل يفخخ الحكومة والترسيم البحري.. ورفض روحي مسيحي لتجاوزات عون
دخل قرار المملكة العربية السعودية القاضي بمنع دخول المنتجات الزراعية اللبنانية إلى أراضيها، أمس، حيز التنفيذ، وإعلان دولة الكويت ومملكة البحرين ودولة الإمارات دعمها للقرار، بعدما ضاقت دول الخليج، ذرعاً بمحاولات اغراق المملكة بمخدرات ومؤثرات عقلية مصدرها لبنان من قبل مهربي المخدرات.
وكشف سفير المملكة في بيروت وليد بخاري، في تغريدة له، قبل سفره، انه تمّ ضبط «اكثر من 600 مليون حبة مخدرة، ومئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال الست سنوات الماضية»..
باسيل نجم التهويل على الإنتخابات… هل أطلق مسار التمديد للمجلس؟
مكافحة تهريب المخدرات تبدأ بمصانعها
كاشفاً ان «دوافع القرار السعودي أمنية في المقام الأول وتهدف للحفاظ على سلامة وأمن المملكة العربية السعودية ومواطنيها والمقيمين فيها»، مشيرا الى ان «تهريب المخدرات إلى المملكة وترويجها، يكشف عن حجم التحدي الذي تواجهه السعودية من شبكات الإجرام المحلية والدولية».
ويعقد قبل ظهر اليوم، بدعوة من الرئيس ميشال عون اجتماع في قصر بعبدا، يحضره رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ووزراء الدفاع الوطني، والزراعة، والداخلية والبلديات، والخارجية والمغتربين، والمال، والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والجمارك، وعدد من المعنيين في القطاع الزراعي من مزارعين ومصدرين.
وموضوع الاجتماع عرض الملابسات التي رافقت القرار السعودي، والإجراءات الواجب اعتمادها لمعالجة تداعياته، والقاضي بمنع دخول الفواكه والخضار اللبنانية إلى أراضيها أو العبور من خلالها..
وعلمت «اللواء» أن اجتماع بعبدا سيناقش في المعلومات المتوافرة حول ما جرى ومصدر البضاعة ومعلوم أنها اتت من سوريا وكيفية وصولها إلى البقاع ومن ثم وضعها في شاحنات مبردة قامت بجلبها إلى مرفأ بيروت ووضعها في حاويات مبردة فضلا عن معرفة التاجر اللبناني المسؤول لاسيما أنه من سوريا لا يمكن تصدير البضائع إلى المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإنها صدرت وكأنها بضاعة لبنانية. كذلك فهم أن الاجتماع سيبحث في السبب في عدم التنبه لما جرى وسيصار إلى الاستماع إلى تقارير الأجهزة الأمنية واتخاذ إجراءات كما سيبحث الاجتماع في كيفية التواصل مع المسؤولين السعوديين للتفاهم معهم على المخارج. وبأختصار سيصار إلى عرض الوقائع والإجراءات الواجب اتخاذها لاسيما أن أي إجراء خليجي مماثل للإجراء الذي اتخذته المملكة ينعكس سلبا بشكل كبير على المزارعين والمصدرين. ومن المقرر أن يحضر الاجتماع وفد منهم للاطلاع على وجهة نظرهم.
وفيما تجري اتصالات بعيدة عن الأضواء، في ظل المناشدات الروحية والسياسية للمملكة للأخذ في نظر الاعتبار أوضاع لبنان، لمعالجة هادئة للموقف، بما يخدم استمرار العلاقات المميزة بين لبنان والمملكة، على أن تتشدَّد السلطات الجمركية والأمنية باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع تكرار عمليات التهريب.
وانتقد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اداء العهد من بوابة الخطوة السعودية الجديدة قائلا في بيان «إنجاز جديد اليوم للعهد القوي وحلفائه، إذ تمكنوا من حرمان المزارعين اللبنانيين من سوق أساسي وحيوي لمنتجاتهم، وذلك بسبب تغطية أفرقاء من المجموعة الحاكمة لتجارة الممنوعات، كما بسبب تقاعس الإدارات والأجهزة اللبنانية المعنية بهذا الأمر للأسباب المعروفة. أصبح أكيدا وواضحا ان كل يوم تستمر فيه هذه المجموعة الحاكمة وهذا العهد القوي سيحمل معه مصيبة جديدة تقع على رؤوس اللبنانيين.
وفي سياق متصل، وفيما السلطة تشتكي وتدعو الى كشف الفاعلين والمهرّبين، غرد وزيرُ الصناعة عماد حب الله عبر «تويتر» كاتبا «يجب الكشف عن المتورطين بتصدير المخدرات في شحنات الفاكهة (وغيرها) والاعلان عن اسمائهم وملاحقتهم باسرع وقت ممكن… القصة ما بدها أشهر»، كانت نتائج التخاذل الرسمي والتقصير في مراقبة الحدود وما يمرّ عبرها- لاعتبارات استراتيجية اقليمية على الارجح– تظهر في اليونان اليوم. فساعات بعيد الموقف السعودي، أعلنت اليونان ليل أمس الجمعة عن ضبط 4 أطنان من مخدر الحشيش مخبأة بشحنة آلات لصنع الحلوى متجهة من لبنان لسلوفاكيا. وذكرت اليونان أنّ ضبط شحنة المخدرات القادمة من لبنان لسلوفاكيا تمّ بعد معلومات من الجانب الأميركي، كما تلقّت مساعدة من السعودية. وتقدّر القيمة السوقية لشحنة المخدرات المضبوطة بـ 33 مليون يورو. وفي التفاصيل، قالت السلطات اليونانية إنها ضبطت أكثر من أربعة أطنان من الحشيش مخبأة في شحنة من آلات صنع «الكب كيك» الصناعية متجهة من لبنان إلى سلوفاكيا.
فقدان الثقة
وبرز، مع هذه التطورات، تقدير لدى القوى المعنية، يعتبر ان فقدان الثقة بين الرئيسين عون والحريري، وشعور كل طرف ان الآخر يريد كسره واحراجه واضعافه، من العوامل التي تؤخّر تشكيل الحكومة.
وحسب أوساط بعبدا، فإنه على الرئيس المكلف ان يقدم تشكيلة جديدة لأنه لم يعطِ بعد موافقته على صيغة الـ24 وزيراً.
بالمقابل، وصفت مصادر سياسية المواقف التي أعلنها النائب جبران باسيل بأنها مؤشر لاستمرار مسلسل العراقيل والتعطيل المتعمد لتشكيل الحكومة الجديدة ولا تحمل بطياتها اي اشارة او تحول باتجاه الافراج عن عملية التشكيل المحتجزة منذ اشهر في ادراج رئاسة الجمهورية بعد ان سلم الرئيس المكلف سعد الحريري التشكيلة الوزارية الى رئيس الجمهورية ولم يلق ردا عليها حتى اليوم بالرفض او الاستجابة استنادا للدستور، بل كان يواجه بطروحات وتوجهات تتجاوز الدستور باستمرار ولا تؤشر الى نوايا حسنة وتحسس بوجوب تقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية والخاصة. واشارت المصادر إلى ان تصعيد باسيل على هذا النحو المسيء يتعارض مع ما وعد به رئيس الجمهورية ميشال عون منذ مدة بالتواصل مع الرئيس المكلف توصلا لتشكيل الحكومة العتيدة. وفي حين نفت المصادر حدوث اي اتصالات مهمة، بشكل مباشر او غير مباشر بالايام الماضية لاعادة تحريك عجلة تأليف الحكومة من جديد، اعتبرت ان الزيارة المرتقبة لجبران باسيل إلى موسكو بعد ايام معدودة لا يمكن أن يعول عليها لانعدام الثقة بباسيل أساسا وتقلب مواقفه وعدم التزامه بوعوده، ولان موقف روسيا من الازمة بلبنان اعلنت عنه أكثر من مرة وهي تؤيد تشكيل حكومة جديدة من اخصائيين وغير الحزبيبن برئاسة سعد الحريري لا ثلث معطلا فيها لاي طرف، وهو موقف ثابت وينطلق من مصلحة استراتيجية، باعتبار ان حل الأزمة المتعددة الاوجه في لبنان يمنع الانحدار نحو الأسوأ وينعكس ايجابا ليس على لبنان وحده بل على سوريا والعديد من الدول العربية أيضا.
السجال: تنفيس أو تأزيم
ويمضي رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في تأزيم الموقف، وهو سيتحدث اليوم، بعد لقاء مع وزير خارجية هنغاريا يزوره في ميرنا شالوحي، في محاولة لابعاد كأس العقوبات الأوروبية عنه.
وكان باسيل فتح النار السبت الماضي بكل الاتجاهات، واتهم الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه لا يرغب بتأليف حكومة، طارحاً فكرة الانتخابات النيابية المبكرة، لإسقاط تكليفه تشكيل الحكومة في رهان جديد، الأمر الذي وصفه تيّار «المستقبل» في ردّ مباشر بأنه يشبه «رهان ابليس على دخول الجنة».
وعلى صعيد الورقة التي اعدها الاتحاد الأوروبي حول لبنان، بما في ذلك المساعدات والعقوبات، قالت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء»: ان فكرة العقوبات ما زالت قيد الدرس في مرحلة البدايات ومن ضمن الاحتمالات ولم تصبح قراراً، ويدور البحث حول الطريقة والشكل ومن تستهدف ولماذا. وهي ستمر في لجان عديدة ضمن الاتحاد الاوروبي ويتم التصويت عليها، وقد يتم إقرارها وقد لا يتم، لأنها تحتاج الى إجماع مثلها مثل اي قرار وهذا الإجماع ربما لا يكون متوافراً، فيمكن عندها اللجوء الى عقوبات أحادية من دولة او اثنتين او ثلاث على عدد من السياسيين اللبنانيين، بسبب اختلاف اراء الدول حول مبدأ فرض العقوبات أولاً، وحول شكلها ولماذا تُفرض ومن تشمل ثانياً.
واشارت المصادر الى ان هذه المسألة جرى بحثها بين وزير الخارجية شربل وهبه وبين نظرائه في اليونان وقبرص وهنغاريا، خلال اجتماع اورو متوسطي عقد مؤخراً، وتبين ان هناك آليات عمل لفرض العقوبات على مستوى الاتحاد الاوروبي يجب إتباعها.
الاقتراح الملتبس؟
وتوقف المراقبون عند اقتراح باسيل، في ما خص المفاوضات الجدية تأليف وفد مفاوض مع إسرائيل وسوريا وقبرص، قوامه: ممثّل عن رئيس الجمهورية وممثلين عن رئيس الحكومة ووزارات الخارجية والاشغال والطاقة والجيش اللبناني، لمراجعة التفاوض مع قبرص، واستكمال التفاوض مع إسرائيل، وبدء التفاوض مع سوريا، وفقا لمعيار واحد وطريقة واحدة بترسيم الحدود.
وإذا ما أخذ بهذا الاقتراح، فإن رئاسة الوفد ستؤول إلى سياسي، وهذا يعني رفع مستوى التفاوض، بما ينسجم مع ما كانت تطالب به تل أبيب قبل بدء التفاوض.
وهذا يعني ان الجانب اللبناني كحزب الله والرئيس نبيه برّي لن يسيرا بهذا الاقتراح، وهذا يفسّر لماذا رفض رئيس المجلس الاجتماع مع وفد قصر بعبدا الذي جاءه إلى عين التينة، ممثلاً باللواء عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام، والمدير العام في القصر الجمهوري انطوان شقير.
منصة المركزي
وتترقب الأوساط المصرفية والمالية والتجار وأصحاب السوبر ماركت، إطلاق منصة مصرف لبنان لسعر متحرك لصرف الدولار بحيث يمكن ضبط عمليات المضاربة والتحكم بسعر الصرف، سواء أكان لجهة الاستقرار أو سواه من توجهات، بصرف النظر عن تأليف حكومة أو تأخر هذه العملية.
الراعي وعودة يرفضان ممارسات عون
وبرز موقفان روحيان من مسألة عدم امتثال القاضية غادة عون لقرار السلطة القضائية الأعلى.. فالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اعتبر ما جرى مخالفاً للأصول. ومضى متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة إلى ما هو أبعد، فتساءل: كيف يجوز لقاضٍ ان يتمرد على القانون، وهو المؤتمن على تحقيقه؟
ضبط ممنوعات وتهريبات
وفي إطار مكافحة تهريب المخدرات والبشر، قالت قوى الأمن انه بعد توافر معلومات لشعبة المعلومات في قوى الأمن الدّاخلي حول وجود كمية من المخدّرات مخزّنة داخل منزلٍ في محلّة حي السلم – الضاحية، نقلها مجهولٌ بتاريخٍ سابق من منطقة البقاع. وبنتيجة الاستقصاءات والتحريّات المكثّفة، توصّلت القطعات المختصّة في الشّعبة الى تحديد المنزل حيث تُخزّن المخدّرات، وهوية مالِكه. وتبين انه هو من نقل المخدّرات من البقاع إلى منزله، وتم توقيفه ومصادرة الممنوعات.
وصدر عن قيادة الجيش انه بتاريخ 25/4/2021، تمكنت قوة من الجيش تؤازرها مجموعة من مديرية المخابرات من إحباط عملية تهريب أشخاص عبر البحر وأوقفت في منطقة العريضة عند شاطئ الشيخ زناد- عكار، 69 سورياً كانوا ينوون الإنتقال بطريقة غير شرعية الى قبرص عبر البحر، كما أوقفت المهرب (أ.خ) الذي تقاضى مبالغ مالية عن الأشخاص المنوي تهريبهم.
بوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص. (راجع ص 6).
520939 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1324 إصابة جديدة بفايروس كورونا و24 حالة وفاة، خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 520939 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
ضربة إقتصادية جديدة تطال لبنان وخسائرها قد تصل الى أكثر من 900 مليون دولار سنويًا
المنصّة الإلكترونية الى آخر الشهر.. ونجاحها مرهون بضبط التهريب الذي يُقوّض الليرة اللبنانية
العبث بالقانون 44/2015 من باب السرية المصرفية يضرب الثقة العالمية ويعزل لبنان مالياً ومصرفياً
بروفسور جاسم عجاقة
لا نُبالغ إذا ما قلّنا إن هيئة التحقيق الخاصة، وهي مؤسسة مُستقلة داخل مصرف لبنان، تُشكّل عنصراً أساسياً في عملية إندماج لبنان عموديًا في الإقتصاد العالمي. فالمعروف أن العالم ومنذ عقود يكافح على جبهة مُكافحة تبييض الأموال الناتجة عن أموال غير مشروعة حددها القانون 318/2001 بتجارة المخدّرات، والأموال الناتجة عن العصابات، وجرائم الإرهاب، وجرائم السرقة وإختلاس الأموال العامّة، وتزوير العملة أو الأسناد العامّة. وألزم القانون المؤسسات الخاضعة لقانون سرية المصارف الصادر بتاريخ 3/9/1956 القيام بمراقبة العمليات التي تجريها مع زبائنها لتلافي تورّطها بعمليات يمكن أن تخفي تبييضاً لأموال ناتجة عن الجرائم المحددة في القانون. وأناطت المادّة السادسة من هذا القانون مُهمّة الرقابة على تطبيق إجراءات مكافحة «لهيئة مُستقلة ذات طابع قضائي تتمتع بالشخصية المعنوية وغير خاضعة لسلطة مصرف لبنان» ولا تسري عليها السريّة المصرفية، وأعطتها إسم «هيئة التحقيق الخاصة». وتتألف هذه الهيئة من الحاكم (أو من ينتدبه من نوابه) رئيسًا، رئيس لجنة الرقابة على المصارف، القاضي المُعيّن في الهيئة المصرفية العليا، عضوًا أصيلا وأخر رديفًا مُعين من قبل مجلس الوزراء.
القانون الذي تمّ إقراره قبل هجمات 11 أيلول الإرهابية، لم يعدّ يُلبّي المُتطلبات الدولية وخصوصًا الأميركية، كما أن مُعاهدة الأمم المُتحدة حول مُكافحة الفساد (وقّع عليها لبنان في 22 نيسان 2009)، فرضت مُعطيات جديدة لتصويب إندماج لبنان في النظام المالي والإقتصادي العالمي.فعقب هجمات 11 أيلول الإرهابية وتحت ضغط الولايات المُتحدّة الأميركية، نشأت فكرة إنشاء «غافي» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نظرًا إلى الإتهامات التي تمّ توجيهها إلى الدول العربية التي كان بعضها على لائحة الدول غير المتعاونة (مثل لبنان). وبالتالي بدأت سلسلة من الإجتماعات ضمن فريق عمل عُرف باسم مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في دول الـ MENA. وترأس لبنان بشخص رئيس هيئة التحقيق الخاصة رياض سلامة هذه المجموعة، التي ضمّت 41 دولة، في عامها الأول. هنا لا بد من الإشارة إلى أن ترؤس لبنان هذه المجموعة كانت نتيجة عمل هيئة التحقيق الخاصة والجدّية التي تعاطت بها.
ضغوطات «غافي» وقانون «فاتكا» و «غاتكا» أدّت إلى إقرار لبنان مجموعة من القوانين في العام 2015 وعلى رأسها القانون 44/2015 المعروف بقانون «مُكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب» والذي وسّع مفهوم الأموال غير المشروعة في مادّته الأولى ليُغطّي كل أنواع الجرائم المنصوص عليها بشرعة حقوق الإنسان ولكن أيضًا مُعاهدة مُكافحة الفساد. وبالتالي تمّ توسيع نطاق تطبيق القانون 318/2001 كما وصلاحيات الهيئة.
الجدير ذكره أن المصارف المراسلة تشترط على المصارف اللبنانية تبيان إجراءات مُكافحة تبييض الأموال للقبول بفتح حسابات لها، إضافة إلى هذا المطلب تشترط هذه المصارف أن يكون البلد – أي لبنان – غير مُدرجّ على لائحة الدول غير المتعاونة. وبالتالي فإن هيئة التحقيق الخاصة تُشكّل الضمانة في الحالتين نظرًا إلى آلية الرقابة التي يفرضها وجود السرية المصرفية.
عمل الهيئة لم يلقَ أي إنتقاد على الصعيد الدولي، لا بل على العكس كان هناك تعاون كبير من قبل لبنان مما فتح أمامه أبواب الإندماج في الاقتصاد العالمي وفي النظام المالي العالمي. لكن على الصعيد الداخلي وخصوصًا بعد 17 تشرين الأول 2019، بدأت الإنتقادات توجّه إلى هيئة التحقيق الخاصة بإستنسابية التعاطي مع الملفات وهو ما دفع القوى السياسية إلى طرح تعديلات في عمل الهيئة من باب قانون السرية المصرفية.
المعلومات تُشير إلى أن توجّهات القوى السياسة هي بإضافة جسمين في أعلى هرم هيئة التحقيق الخاصة: القضاء والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد! وهذا أمر لا يُبشّر بالخير خصوصًا أن العامل السياسي سيدخل حُكمًا إلى عمل هذه المؤسسة التي مضت إتفاقيات تعاون مع هيئات خاصة في 40 دولة وحصدت ثقة المؤسسات الدولية التي سمحت للمصارف اللبنانية بتوسيع رقعة تعاملاتها.
هناك إحتمالان وراء طرح التعديل في القانون 44/2015:
أولا- يُمكن أن يكون تقييم القوى السياسية لعمل اللجنة (من خلال ممثّليهم في المجلس النيابي) قد أوصل إلى نتيجة أن عمل الهيئة كان غير كافٍ، وفي هذه الحالة الطرح الذي يتمّ درسه هو غير مؤاتٍ، لأسباب سنذكرها لاحقاً. معنى ذلك أن هذه المؤسسة ستكون تابعة لا مستقلة، إضافة إلى أن هذه التبعية ستكون سياسية لا فنية محترفة. وهذا سيؤدّي حتماً إلى فقدان ثقة المؤسسات الدولية بهذه المؤسسة التابعة وعدم استقلاليتها في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى الإثراء غير المشروع، وهذا أمر يعني إستحالة بقاء لبنان في المنظومة المالية العالمية. لذا لا يُمكن إلا طرح ما قد يُعطي الهيئة دفعًا إلى الأمام وليس وما يُعطّل عملها.
ثانيًا – ترى القوى السياسية في هيئة التحقيق الخاصة أداة يُمكن إستخدامها في الصراعات السياسية لذا يجب السيطرة عليها في المرحلة المُقبلة، من هنا تحاول تكبيلها بوضع طبقة عليها ستُفقدها حكمًا إستقلاليتها التي تتمتّع بها، ومن ثم تُمعن في تغطية مصالحها.
وفي كلا الحالتين نرى أن التعديل المطروح – أي وضع القضاء والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فوق هيئة التحقيق الخاصة – هو طرح غير مناسب للأسباب التالية:
أولا – هناك توجّه لدى القوى السياسية لرفع السرية المصرفية عن موظّفي القطاع العام والأشخاص الذين يتعاطون الشأن العام، وهو أمر مطلوب وضروري على كل المستويات. إلا أن المُشكلة هو أن وضع القضاء في آلية التحقّق من عمليات تبييض الأموال وفساد مما يعني التشهير بالأشخاص من القطاع الخاص (غير المشمول برفع السرية المصرفية) نظرًا إلى أن المحاكمات علنية. ناهيك عما ثبت عبر الأحداث المتعاقبة من التدخّل السياسي في عمل القضاء والذي ظهرت عوارضه في شكل فاضح في المرحلة الماضية.
ثانيًا – وضع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على رأس هذه اللجنة يعني التعطيل السياسي البحت لعمل هيئة التحقيق الخاصة خصوصًا أن الصراعات السياسية منعت تعيين العديد من اللجان الوطنية. وبالتالي يبرز سؤال مريب هنا هل المُراد حقيقة من هذا الطرح تعطيل عمل هيئة التحقيق الخاصة؟
ثالثًا – كيف سيتمّ تحليل المعلومات في حال كانت هناك العديد من الجهات التي ستتلقى هذه المعلومات؟ عمليًا هناك شبه إستحالة لعملية التحليل إذا لم تكن مركزية كما هو الأمر حاليًا خصوصًا أن القانون 44/2015 أعطى هيئة التحقيق الخاصة صلاحية مُخاطبة المصارف والجهات الدولية مباشرة وبالتالي تمتلك هذه الهيئة نظرة transversal للمعلومات تسمح لها بتحليل معلومات تطال أي مُشتبه به دون التشهير به حتى ثبات الجرم حينها تطلب الهيئة رفع السرية المصرفية وتُحوّل الملف إلى القضاء.
لقد قامت لجنة العدل في المجلس النيابي بتكليف النائب جورج عقيص مُهّمة تحضير دراسة عن تعديل قانون السرّية المصرفية، وهو ما قام به حيث قدّم دراسة من 6 صفحات إحتوت على رؤية (برأينا منطقية إلى حدٍ مُعيّن) للتعديلات على قانون السريّة المصرفية على أن تقوم اللجنة بدراستها إبتداءً من اليوم. وتضمّ هذه التعديلات:
أولاً – إلزام تصريح المصارف عن زبائنها في حال طلب الشخص أو ورثته، أو أعلن الإفلاس أو كان هناك دعوى بحقّه؛
ثانيًا – رفع السرية المصرفية عن الموظّف العمومي، ورؤساء الجمعيات التي تتعاطى نشاطًا سياسيًا، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارات في وسائل الإعلام، والمرشحين للإنتخابات النيابية، وأزواج الأشخاص السابق ذكرهم؛
ثالثًا – تحديد آلية رفع السرية من خلال: قرار من هيئة التحقيق الخاصة (عملا بالقانون 44/2015)، وقرار من هيئة التحقيق الخاصة بناءً على طلب من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (عملا بالقانون 175/2015)، وقرار من قضاء الحكم المُختصّ في الجرائم الأخرى غير المنصوص عليها في القانون 44/2015؛
رابعًا – يبقى رفع السرية ساري المفعول حتى بعد إستقالة أو إنتهاء عمل أو تقاعد الأشخاص الآنفة الذكر عن كل الفترة التي توّلوا فيها مهامهم، كما وتسري على كل من تولّى سابقًا مهاماً رسمية؛
خامسًا – لا يُمكن التذرع بالسرية المصرفية لمنع كشف المعلومات عن الأشخاص المُصنّفين أعلاهم وهذا يشمل المديرين في المصارف وحتى الموظّفين تحت طائلة الحبس مدّة سنة مع غرامة تتراوح بين 100 و200 مليون ليرة لبنانية. – انتهى –
عمليًا، هذا الطرح جيّد شرط أن تبقى مركزية المعلومات تحت سيطرة هيئة التحقيق الخاصة نظرًا إلى أهمّية هذه المركزية ومنع تسريب المعلومات التي قدّ يتمّ تسريبها عن الأشخاص غير المعنيين برفع السرية المصرفية وإلا تُصبح السرية مصرفية ظاهرية ومفرّغة من معناها وبالتالي يصير الأولى رفعها بالكامل.
على صعيد إقتصادي آخر، ظهر إلى العلن مُشكلة جديدة تمثّلت بضبط الجمارك السعودية لكميّات كبيرة من المُخدّرات في كونتنرات الرمان المصدّرة إلى المملكة العربية السعودية. وبحسب السلطات السعودية، هذه ليست المرّة الأولى حيث قامت بإرسال طلبات متتالية إلى الجانب اللبناني للتشدّد في عملية مراقبة الشحنات التي تنقل البضائع والسلع إلى المملكة. إلا أن الحجم الهائل للكمّية المضبوطة دفع بالسلطات السعودية إلى منع الإستيراد من لبنان ومنع مرور الشاحنات القادمة من لبنان من المرور على أراضيها بإنتظار ضمانات من الجانب اللبناني، وتبعتها الكويت والبحرين في هذا الإجراء. وهنا يُطرح السؤال عن نوع الضمانات التي تطلبها السلطات السعودية لوقف قرار قد يُكلّف لبنان ما يقارب الـ 930 مليون دولار أميركي سنويًا خصوصًا أن الدول الخليجية الأخرى بدأت تأخذ مواقف مُطابقة للموقف السعودي؟ عمليًا الضمانات هي على ثلاثة مستويات: أولا إشراك مسؤولين أمنيين من الجمارك السعودية في عملية التحقيق التي تُجريها السلطات اللبنانية، ثانيًا وضع آلية خاصة للرقابة على الشاحنات المُتوجّهة إلى الخليج، وثالثًا ضمانة سياسية لا يستطيع تقديمها إلا حكومة أصيلة.
الجدير ذكره أن هناك بعض القطاعات الزراعية التي تعتمد بشكل حصري على التصدير إلى السعودية وهذا الأمر يُشكّل ضربة كبيرة لهؤلاء وبالتالي أي تخاذل في تأمين الضمانات المطلوبة سيؤدّي حكمًا إلى ضرب الاقتصاد اللبناني في وقت يحتاج فيه لبنان إلى كل دولار تصدير.
على صعيد الدولار الأميركي، يشهد سعر صرفه في السوق السوداء نوعًا من الهدوء، أغلب الظنّ أنه «مقصود» في هذا الشهر الفضيل. وتُشير معلومات الديار إلى أن المنصة الإلكترونية المنوي إطلاقها لإمتصاص الطلب المؤسساتي في السوق السوداء، سيتمّ إطلاقها الإثنين المُقبل (3 أيار) بعد أن يوافق المجلس المركزي لمصرف لبنان على التعديلات التي تطال آلية عمل هذه المنصة. في هذا الوقت تستمر عملية تأهيل موظّفين من القطاع المصرفي لإستخدام هذه المنصّة وهو ما يدّل على جدّية عملية الإنطلاق. ويبقى السؤال الأساسي: هل سينخفض سعر صرف الدولار على هذه المنصّة؟ الجواب مرهون بعملية التهريب. فمع تحسّن القدرة الشرائية لليرة السورية مُقابل الدولار الأميركي، ستزيد حكمًا عملية التهريب وهو ما يفرض على القوى الأمنية والأجهزة الرقابية تكثيف عملها الرقابي تحت طائلة ضرب السوق اللبناني أكثر. وإذا ما وفّرت المنصّة سعر صرف دولار أقل من السوق السوداء، فإن عملية التهريب ستتعاظم أكثر وسيتمّ إستخدام المنصة لتمويل التهريب مع ما يرافق ذلك من حرمان المواطن اللبناني من ماله وقوته إضافة إلى التحول المتعمد لخرق قانون قيصر.
فأي مسلك متهاوٍ تسير فيه البلاد؟ وهل صار اللبناني يهوى قتل نفسه؟
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
المنظومة تدمّر سمعة لبنان خارجيا والامل بالحل داخليا
باسيل يقصف عشوائيا والمستقبل: الكذب من شيم المطارَدين
فيما عملية تدمير سمعة لبنان في الخارج على يد المنظومة، تُحقّق نجاحا باهرا، وتُسجّل يوميا فصولا جديدة، يُواصل «أهلُ الحكم»، في الداخل، مسيرةَ تدمير اي أمل باق لدى اللبنانيين، بإمكانية قيام بلدهم من المأزق الذي يتخبط فيه والذي جعل منهم شعبا فقيرا ومسروقا ومريضا، ويُسطّر هؤلاء، على هذا الخط ايضا، «إنجازاتٍ» قلّ نظيرها. فكل اطلالة او موقف يطلقونه، يساهم في وضع مداميك جديدة في الجدار السميك الذي يمنع اي حل سياسي – حكومي، ويكبّر حجم الهوّة التي تباعد بين المعنيّين بالحل والربط، ويصبّ الزيت على نار الخلافات ويُوسّع رقعتَها لتشمل جبهات جديدة، يتم إشعالها تباعا. في القضاء على المبادرات الانقاذية اذا، وفي إسقاط الدولة وهيكلها ونحر شعبها، المنظومةُ بارعةٌ جدا، ومتفوّقة، ويُمكن لها ان تفخر بنفسها!
قصف جبران
اللبنانيون كانوا منشغلين اليوم في إحصاء الخسائر السياسية والاقتصادية والتجارية التي يمكن ان تحلّ بهم بعد قرار السعودية وقف استيراد الفاكهة والخضار من لبنان، خصوصا اذا ما حذت دول عربية وخليجية اخرى، حذوها، الا ان الطبقة الحاكمة كان اهتمامها في مكان آخر. فرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، احتلّ الشاشة صباحا لساعة ونيف، ليطلق مواقف داعمة للقاضية غادة عون ومُدينة للرئيس المكلف سعد الحريري «الذي لا يريد تأليف الحكومة والخائف من التدقيق الجنائي ومن فتح ملفات الفساد التي من أجلها تتم محاربة القاضية عون»، وفي نبش اوراق الماضي للتصويب على القوات اللبنانية.
المستقبل يرد
اما تيار المستقبل فرد بعنف على باسيل قائلا «نجح جبران باسيل في الحصول على شهادة عالية بدرجة امتياز في تخريب عهد عمه ميشال عون ونزع صفة العهد القوي عنه وتقليده الوشاح الأكبر الاهتراء الوطني. كلما أطل هذا الرجل ليتحدث الى اللبنانيين، يضع مسماراً جديداً في نعش العهد وسيده.
وتابع «الكذب من شيم الكذابين والمتلونين والمطاردين بعقوبات من الداخل والخارج يا جبران.
التدبير السعودي
ورغم الغبار السياسي الكثيف هذا الذي يؤكد ان لا حكومة في المدى المنظور، بقي القرار السعودي حاضرا في صلب الاهتمام المحلي عموما، الشعبي والاقتصادي، خصوصا. وفي حين قال سفير المملكة وليد البخاري ان «دوافع القرار السعودي أمنية في المقام الأول وتهدف للحفاظ على سلامة وأمن المملكة العربية السعودية ومواطنيها والمقيمين فيها»، مشيرا أن «إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي مصدرها لبنان من قبل مُهربي المخدرات، بلغ أكثر من 600 مليون حبة مخدرة و مئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال الست سنوات الماضية.»
واكد ان « الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها».
الراعي والمفتي
وفي السياق كشف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي انه اجرى اتصالا بالدكتور البخاري الموجود حاليا في الرياض، وأبلغناه إستنكارنا، وطلبنا إليه نقله إلى المملكة مع التمني بأن تأخذ في الإعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء. وفي المناسبة نطالب الدولة اللبنانية بالمحافظة على صداقاتها مع الدول العربية، خصوصا مع المملكة السعودية.
بدوره أبدى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان قلقه وتفهمه لقرار المملكة العربية السعودية «إقفال حدودها أمام المنتجات الزراعية اللبنانية بسبب عملية تهريب مدانة ومرفوضة شرعا وخلقا، وأمل أن «يكون القرار السعودي موقتا لحين معالجة الأمر من قبل الدولة اللبنانية التي ينبغي أن تخطو خطوات سريعة وحاسمة لمنع حدوث أي خلل في العلاقات اللبنانية السعودية»،
فضيحة جديدة
وفيما السلطة تشتكي وتدعو الى كشف الفاعلين والمهرّبين، أعلنت اليونان الجمعة عن ضبط 4 أطنان من مخدر الحشيش مخبأة بشحنة آلات لصنع الحلوى متجهة من لبنان لسلوفاكيا. وذكرت اليونان أنّ ضبط شحنة المخدرات القادمة من لبنان لسلوفاكيا تمّ بعد معلومات من الجانب الأميركي، كما تلقّت مساعدة من السعودية. وتقدّر القيمة السوقية لشحنة المخدرات المضبوطة بـ 33 مليون يورو. وفي التفاصيل، قالت السلطات اليونانية إنها ضبطت أكثر من أربعة أطنان من الحشيش مخبأة في شحنة من آلات صنع «الكب كيك» الصناعية متجهة من لبنان إلى سلوفاكيا، وفق ما نقلت وكالة أسوشيتد برس.
مبادرة وطنية
في الغضون، وبينما يرى اكثر من فريق لبناني، سياسي و»ثائر» ان لا حل لأزمة لبنان الا بتحرير «الشرعية» وباستعادة الدولة لقرارها المخطوف، بما يعيدها الى الحضن العربي، بعدما تبسط سلطتها على اراضيها وحدودها ومعابرها الشرعية وغير الشرعية، وتعتمد النأي بالنفس وتوقف تصدير الممنوعات و»المسلّحين» الى الجوار، سُجّل على هذا الخط لقاء لافت. فقد أقام النائب السابق فارس سعيد في دارته في قرطبا مساء الجمعة إفطاراً حضره الوزراء السابقون نهاد المشنوق ومروان حمادة واحمد فتفت والسفير سيمون كرم والدكتور رضوان السيد والمهندس مارون حلو والدكتورة منى فياض والاساتذة ريشار جريصاتي وفادي حافظ وأيمن جزيني. وتناولت النقاشات الازمة الهائلة التي تصيب لبنان اليوم كما تركز الحديث على ضرورة دعم مبادرة بكركي. وقد أكّد الحاضرون انهم سيسعون لجعل مبادرة البطريرك مبادرة وطنية وعربية ودولية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :