قصة أول قائدة طائرات مغربية التي قتلت برصاص في الرأس

قصة أول قائدة طائرات مغربية التي قتلت برصاص في الرأس

 

Telegram

 

في 14 ديسمبر/ كانون أول من عام 1936 وُلدت ثريا الشاوي في مدينة فاس في المغرب، وهي تُعد واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في تاريخ المغرب والعالم العربي حيث سطّرت اسمها في سجلات التاريخ كأول قائدة طائرة مغربية في حقبة كانت فيها النساء نادراً ما يقتحمن مجالات تُعتبر حصرية للرجال.

وواجهت ثريا منذ صغرها تحديات اجتماعية وثقافية هائلة، لكنها تجاوزتها بفضل دعم أسرتها وإصرارها على تحقيق أحلامها. لم تكن مسيرتها خالية من العقبات، سواء على المستوى المهني أو الشخصي، وانتهت حياتها القصيرة بطريقة مأساوية.

 

النشأة والخلفية العائلية
وُلدت ثريا الشاوي في أسرة متوسطة الحال، وكان والدها عبد الواحد الشاوي، صحفياً ومخرجاً مسرحياً، ووالدتها زينة الشاوي. ولها شقيق هو صلاح الدين، الذي كان فناناً مشهوراً عاش في مدينة فيشي بفرنسا.

ثريا الشاوي

 

X
كان لثريا الشاوي اهتمامات متعددة غير الطيران كالأدب والتمثيل

 

وكان اجتياز اختبار الطيران في ظروف جوية سيئة دليلاً على شجاعتها ومهارتها، حيث حلقت على ارتفاع ثلاثة آلاف متر، وقطعت مسافة على شكل دائرة محيطها 40 كيلومتراً، وبذلك حصلت ثريا على شهادة الطيران.

وكان أول ما فعلته بعد حصولها على رخصة قيادة الطائرات، هو قيادة طائرة من نوع “بيبر” حيث قطعت المسافة بين الدار البيضاء والرباط، ثم عادت أدراجها إلى مطار تيط مليل.

ولم يكن إنجازها مجرد حدث محلي، بل لقي صدى دولياً حيث احتفت بها الصحافة المغربية والدولية. وأقامت جمعية “الأجنحة الشريفة” حفلاً على شرفها. كما حظيت بتكريم من شخصيات بارزة مثل الملك محمد الخامس، الأميرتين لالة عائشة ولالة مليكة، والسياسيين محمد بن عبد الكريم الخطابي وعلال الفاسي الذي خاطب والدها قائلاً: “هكذا أحب أن يكون الآباء”. كما تلقت صورة موقعة من الربانة الفرنسية جاكلين أوريول.

مساهماتها الوطنية والاغتيال

موكب الملك محمد الخامس لدى عودته إلى البلاد، وقد حلقت ثريا الشاوي بطائرتها فوق الموكب وألقت منشورات ترحب بالملك

 

Getty Images
موكب الملك محمد الخامس لدى عودته إلى البلاد من المنفى، وقد حلقت ثريا الشاوي بطائرتها فوق الموكب وألقت منشورات ترحب بالملك

 

وفي الدار البيضاء بدأت ثريا وشقيقها الأصغر في الاحتكاك بأعضاء بارزين في الحركة الوطنية المغربية حيث كان المغرب محمية فرنسية حتى استقلاله عن فرنسا في عام 1956.

وقد لعبت ثريا دوراً بارزاً في دعم الحركة الوطنية المغربية، فخلال فترة النضال من أجل استقلال المغرب، شاركت في فعاليات وطنية عدة، وكان أبرزها تحليقها بطائرتها فوق موكب الملك محمد الخامس عند عودته من المنفى عام 1955، وألقت من طائرتها منشورات ترحب بعودة الملك.

وبسبب مواقفها الوطنية باتت ثريا مستهدفة حيث تعرضت إلى محاولات متكررة للاغتيال لكنها باءت بالفشل، أولها كان في أوائل نوفمبر/ تشرين ثاني من عام 1954، حيث “وضعت مجموعة إرهابية فرنسية” قنبلة أمام باب منزلها مما ألحق خسائر جسيمة بالمكان، لكن دون أن يُصب أحد بأذى، وفق الصحافة المغربية.

وكانت المحاولة الثانية في أواخر ديسمبر/ كانون أول، بعدما أدخلت سيارتها إلى المرآب برفقة والدها، واتجها إلى منزلهما فأُطلقت عليهما 8 طلقات من رشاش، ولحسن حظهما لم يصابا بأذى.

وفي أغسطس/ آب من عام 1955، حاول شرطيان فرنسيان إطلاق النار عليها وهي بداخل سيارتها بصحبة والدتها، لكن احتشاد الناس حولهما حال دون إصابتهما، بحسب ما تذكره مصادر تاريخية مغربية.

وفي الأول من مارس/ آذار من عام 1956، أي قبل يوم واحد من إعلان استقلال المغرب عن الحماية الفرنسية، قتلت برصاصة في رأسها خارج منزل عائلتها، وكان عمرها 19 عاماً.

وقد صدمت هذه النهاية المأساوية المغرب والعالم، وحُرمت البلاد من شخصية استثنائية كانت تمتلك إمكانات هائلة لتقديم المزيد.

وبعد سنوات ذكر ضابط مخابرات مغربي أن مقتل ثريا الشاوي تم على يد أحمد الطويل، وهو عنصر في ميليشيا سرية كانت معروفة بتنفيذها عمليات الاغتيال آنذاك، وكانت ثريا قد رفضت الزواج منه.

بينما يؤكد الصحفي المغربي لحسن لعسيبي أنه وإن كان الفاعل أحمد الطويل، فإن من أمر بالتصفية، هي جهة أكبر منه حيث تم استهداف ثريا الشاوي لرمزيتها، وموقفها الوطني، وعلاقاتها القوية مع الأسرة المالكة، وأيضا لكونها أصبحت رمزا للمرأة المغربية الناجحة، مشيراً إلى أن هذه الجهة هي فرنسا.

الإرث
لم تكن ثريا الشاوي مجرد امرأة سبقت عصرها، بل كانت شخصية استثنائية تركت أثراً لا يُمحى في التاريخ. فمن خلال شجاعتها وتصميمها، فتحت أبواباً جديدة للنساء في مجالات لم تكن متاحة لهن.

ورغم نهايتها المأساوية، تظل قصة حياتها مصدر إلهام ورمزاً للتحدي والطموح، ليس فقط للنساء المغربيات ولكن للنساء في جميع أنحاء العالم العربي والعالم.

ويروي شقيقها صلاح الدين عن حادثة طريفة جرت معها عندما كانت مسافرة مع عائلتها في مطار مالقة بإسبانيا في رحلة إلى تطوان سنة 1953. فلمحها أعضاء من الطاقم وهي ترتدي لباس ربانة طائرة مدنية، فبدأوا يسخرون من الزي وهي في سن 17 عاماً وقصيرة القامة، فاعتقدوها طفلة تتشبه بالربابنة.

وبعد بضع دقائق من إقلاع الطائرة، أصرت ثريا على رؤية ربان الطائرة الإسباني، فانضمت إلى كابينة القيادة وحياها. ففوجئ عندما أخبرته أنها ربانة طائرات، فدعاها أن تكمل الرحلة حتى تطوان أمام ناظريه.

وحين حطت الطائرة بمطار تطوان، تناول الربان الميكروفون وقال للمسافرين: “أيها السيدات والسادة، أود أن أعلمكم أن هذه الرحلة قادتها هذه السيدة الشابة”.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram