بعد التطور الكبير والخطير الذي حدث مساء أمس الإثنين، حيث توالت أصوات الانفجارات في تل أبيب وضواحيها بعد سقوط صاروخ ضمن رشقة صواريخ باليستية أُطلقت من لبنان، أسفر الهجوم عن إصابة خمسة أشخاص، أحدهم في حالة حرجة، ردت إسرائيل بتوجيه رشقات صاروخية أخرى.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب ووسط إسرائيل، بالإضافة إلى وقوع إصابات في منطقة رمات غان، إحدى ضواحي تل أبيب، بعد أن اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية أحد الصواريخ التي أُطلقت من لبنان.
وفي أعقاب هذا التصعيد، أُثيرت عدة تساؤلات حول نوع الصاروخ الذي أطلقه حزب الله، وكيف تمكن من تجاوز المنظومة الدفاعية الإسرائيلية ليسقط في قلب تل أبيب. كما تم التساؤل عن رد فعل إسرائيل في هذا السياق، خاصة مع قرب زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان لبحث المقترحات المتعلقة بوقف إطلاق النار.
وفي تصريحات خاصة لـ "العربية.نت"، قال اللواء أركان حرب هيثم حسين، المستشار بكلية القادة والأركان في مصر، إن إسرائيل تمتلك عدة منظومات دفاع جوي متطورة، منها "القبة الحديدية" التي تضم 10 بطاريات موزعة على مختلف الاتجاهات، بالإضافة إلى منظومة "مقلاع داوود" ومنظومة "حيتس".
وتابع، أن الصاروخ الذي أُطلق من لبنان قد يكون من نوع "فادي 3" أو "ملاك" أو "فاتح 110"، مرجحاً أن تكون المنظومة الدفاعية الإسرائيلية قد فقدت جزءاً من فعاليتها.
وأشار حسين إلى أن حزب الله قد يكون استهدف تل أبيب قبل زيارة المبعوث الأميركي رداً على اغتيال المسؤول الإعلامي للحزب وقصف بيروت، في محاولة لإثبات أنه ما زال قادراً على تهديد الداخل الإسرائيلي.
وأضاف أن هذه العملية تهدف أيضاً إلى إرسال رسالة مفادها أن إسرائيل لن تستطيع فرض شروطها في حال استمرار التفاوض.
وتابع الخبير العسكري قائلاً: "هذه العملية، وأي عمليات مضادة، ستجعل مهمة المبعوث الأميركي صعبة، لأن إسرائيل تسعى لانسحاب حزب الله من جنوب لبنان وتولي الجيش اللبناني مسؤولية تأمين المنطقة. وبالتالي، من غير المرجح أن يتمكن المبعوث الأميركي من فرض شروط إسرائيل على حزب الله".
ورأى أن التصعيد العسكري قد يتصاعد ليشمل قصفاً مكثفاً على العاصمة اللبنانية بيروت مقابل قصف تل أبيب.
وتوقع حسين أن يرد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضربات قوية على لبنان في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية، وتغطية على هذا الهجوم.
كما أشار إلى أنه من المحتمل أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً في الهجمات الإسرائيلية على لبنان، بما في ذلك توغلات برية تحت غطاء الهجمات الجوية الكثيفة.
وأضاف الخبير العسكري أنه "سيكون هناك رد مضاد من حزب الله، وسيستمر الوضع على ما هو عليه حتى دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث سيظهر في ذلك الوقت ما إذا كان سيتدخل لوقف التصعيد".
ومن جهته، رجح الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري أن يكون الصاروخ الذي أطلقه حزب الله مساء أمس الإثنين صوب تل أبيب من طراز "ملاك"، وهو صاروخ ذي قوة تدميرية كبيرة، مشيراً إلى أن الفشل الإسرائيلي في اعتراض الصاروخ يعود إلى عدة عوامل تقنية تتعلق بمنظومة الدفاع الإسرائيلية.
وأوضح الدويري في تحليل عسكري له على قناة "الجزيرة" أن صاروخ "ملاك" يزن رأسه المتفجر حوالي 250 كيلوغراماً، ويصل مداه إلى 250 كيلومتراً، مشيراً إلى أن هذا الصاروخ يُعتبر دقيقاً مقارنة بصواريخ أخرى مثل "نصر" و"فادي".
وأضاف أن درجة الخطأ في توجيه صاروخ "ملاك" تقدر بحوالي 5 أمتار، وهو ما يفسر إمكانية حدوث أضرار كبيرة في حال إصابته هدفاً ما، كما رجح أن يكون قد أسفر عن انهيار المبنى الذي أصابه في تل أبيب.
وفي سياق متصل، نقلت وسائل إعلام لبنانية عن منصة إعلامية إسرائيلية تقديرها بأن الصاروخ الذي أطلق من لبنان وسقط في تل أبيب قد يكون من نوع "فاتح 110"، وهو أيضاً صاروخ باليستي من طراز مشابه.
وكانت القناة 12 الإسرائيلية قد أفادت بأن الشرطة الإسرائيلية أكدت أن الصاروخ الذي سقط في منطقة بني براك شرقي تل أبيب كان كبير الحجم، وأنه لم يتمكن من اعتراضه، ما أدى إلى وقوع إصابات مباشرة.
وأشارت الشرطة أيضاً إلى وجود مخاوف من انهيار مبنى في منطقة رمات غان في تل أبيب بسبب تأثير الصاروخ، وأعلنت عن إصابة 6 أشخاص بجروح بين خطيرة ومتوسطة.
وفيما يتعلق بفشل اعتراض الصاروخ، أوضح الخبير العسكري فايز الدويري أن منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية تتكون من ثلاث وحدات رئيسية هي: الرادار، ووحدة المتابعة، ووحدة الإطلاق. وقال الدويري إن وحدة المتابعة مسؤولة عن تحديد المكان الذي سيسقط فيه الصاروخ، وعادة لا تصدر إنذارا في حال كان التقدير يشير إلى أن الصاروخ سيسقط في مكان مفتوح أو غير مأهول.
وأضاف أن فشل الاعتراض قد يكون ناتجاً عن خطأ في وحدة الإطلاق التابعة للمنظومة، حيث لا يتم إطلاق الصاروخ الاعتراضي في اللحظة المناسبة، مما يؤدي إلى عدم إصابة الصاروخ المعادي.
وأشار الدويري إلى أن القبة الحديدية تعمل وفق آلية اعتراض يتم من خلالها تصادم الصاروخ الاعتراضي مع رأس الصاروخ المعادي، حيث يتم تفجيره في الجو، مما يتيح تدمير الشظايا في الهواء قبل أن تسقط على الأرض. وأوضح أن "كلما كان الاعتراض في نقطة أعلى في الجو، كلما سقطت الشظايا على مساحة أكبر ولكن مع ضرر أقل".
وفي بعض الحالات، يمكن أن يصيب الصاروخ الاعتراضي الجزء الخلفي للصاروخ المعادي، ما يجعل الجزء الأمامي، الذي يحتوي على المواد المتفجرة، يسقط على الأرض، مما يزيد من احتمالية انفجاره عند الاصطدام بالأرض.
واختتم الدويري حديثه بالتأكيد على أن القبة الحديدية، التي صُممت للتعامل مع القذائف والصواريخ ضمن نطاق جغرافي يتراوح بين 4 كيلومترات و70 كيلومتراً، لا توفر ضماناً دفاعياً بنسبة 100%.
وأوضح أن فعالية القبة الحديدية تتراوح بين 60% و65%، مما يعني أن هناك احتمالاً بنسبة تتراوح بين 35% و40% بأن يصل الصاروخ إلى هدفه في حال فشل النظام في اعتراضه
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :