كيف فاز ترامب في انتخابات 2024: قراءة في تحولات وأنماط التصويت

كيف فاز ترامب في انتخابات 2024: قراءة في تحولات وأنماط التصويت

 

Telegram

 

كيف فاز ترامب في انتخابات 2024: قراءة في تحولات وأنماط التصويت

 

حقق دونالد ترامب انتصارًا تاريخيًا في انتخابات 2024، على ما يبدو حتى الآن، حيث استطاع استقطاب شرائح متنوعة من الناخبين الذين كانوا تقليديًا يميلون نحو الديمقراطيين. بفضل استراتيجيات مدروسة استهدفت قضايا حيوية تشمل الاقتصاد، القيم الثقافية، السياسة الخارجية، ودعم الشباب وأصحاب الشركات الصغيرة، أعاد ترامب وفريقه تشكيل تحالفات انتخابية غير تقليدية ساهمت في فوزه. هذا المقال سيركز بشكل رئيسي على الوضع الأميركي الداخلي، مع لمحة سريعة عن تأثيرات هذه النتيجة على الوضع الدولي، دون الغوص في تفاصيل ذلك.

 

القضايا الاقتصادية: استعادة الثقة بين العمال والشركات الصغيرة

 

ركزت حملة ترامب على القضايا الاقتصادية، والتي تشكل أولوية للناخبين في ولايات صناعية مثل بنسلفانيا وويسكونسن، حيث يقطن عدد كبير من العمال، خاصة من الأميركيين البولنديين الذين تضرروا من سياسات الديمقراطيين السابقة. وعد ترامب بإعادة بناء الاقتصاد المحلي عبر خفض الضرائب ودعم الشركات الصغيرة، مما أعاد الأمل لهؤلاء العمال في ولايات مثل أوهايو وميشيغان. وجد هؤلاء الناخبون في ترامب مرشحًا يعبر عن طموحاتهم في الاستقرار المالي، فكانوا من أبرز الداعمين له.

 

نجح ترامب أيضًا في كسب تأييد أصحاب الشركات الصغيرة والشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا، خاصة في ولايات مثل أوهايو وفلوريدا، من خلال تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات بيروقراطية. هذه الاستراتيجية دفعت العديد من أصحاب المشاريع الصغيرة إلى دعم ترامب، معتبرين سياساته فرصة لنمو أعمالهم بعيدًا عن هيمنة الشركات الكبرى.

 

القيم الثقافية: الحفاظ على القيم التقليدية لكسب اللاتينيين والأمريكيين العرب

 

لعبت القيم الثقافية المحافظة دورًا كبيرًا في تعزيز قاعدة ترامب بين شرائح من الأمريكيين من أصول لاتينية وعربية، خاصة في ولايات مثل فلوريدا وتكساس. وجد هؤلاء الناخبون في مواقف ترامب المتوافقة مع اهتماماتهم حول قضايا الأسرة والأمن المجتمعي ملاذًا آمنًا، خاصة في ظل السياسات الليبرالية للديمقراطيين التي يرونها بعيدة عن ثقافتهم وتقاليدهم. هذا التقارب دفع الكثير من هؤلاء الناخبين للالتفاف حول ترامب كبديل يعكس قيمهم.

 

السياسة الخارجية: لغة مزدوجة ووعود مختلفة بين اليهود والعرب

 

اعتمدت حملة ترامب على سياسة خارجية موجهة بدقة لكسب دعم الأمريكيين العرب والمسلمين، خصوصًا في ولايات مثل ميشيغان وبنسلفانيا، حيث عاقب هؤلاء الناخبون الديمقراطيين بسبب سياساتهم تجاه الشرق الأوسط التي يرون أنها زعزعت استقرار المنطقة. وبرغم أن عددًا منهم امتنع عن التصويت لأحد، إلا أن العديد منهم توجهوا نحو ترامب كبديل.

 

استخدم ترامب لغة مزدوجة؛ إذ وعد اليهود بتعزيز الدعم لإسرائيل، بما في ذلك دعمه المستمر للمستوطنات في الضفة الغربية، بينما خاطب العرب بوعده بتحقيق "السلام" والاستقرار في المنطقة. ومع أن مفهوم ترامب للسلام كان غير واضح ولم يتضمن التزامًا بحل الدولتين، فقد ترك الانطباع بأنه أكثر توازنًا مقارنة بسياسات الديمقراطيين. هذا النهج الجاذب ساعده في استقطاب دعم بعض الناخبين العرب والمسلمين الذين يرون أن الديمقراطيين لم يهتموا بمصالحهم في السياسة الخارجية.

 

دعم الشباب: استقطاب الفئة الأكثر تطلعًا للتغيير

 

نجح ترامب في كسب دعم شريحة واسعة من الشباب، لا سيما في ولايات مثل فلوريدا وأريزونا، الذين أعربوا عن إحباطهم من القيود التي فرضها الديمقراطيون على النشاطات الفكرية والسياسية في الجامعات. عبر تقديم نفسه كمدافع عن الحريات الفردية، استطاع ترامب كسب ثقة هؤلاء الشباب الذين شعروا بأن الديمقراطيين لا يدعمون حرياتهم بما يكفي، فوجدوا في ترامب بديلاً يدعم طموحاتهم.

 

دعم السود واللاتينيين: تحولات غير تقليدية في ولايات رئيسية

 

شهدت انتخابات 2024 تحولاً غير متوقع في دعم ترامب بين الأمريكيين السود، خاصة في ولاية بنسلفانيا، حيث عبّر عدد كبير منهم عن استيائهم من سياسات الديمقراطيين التي لم تحسن أوضاعهم الاقتصادية. عرضت حملة ترامب دعمًا اقتصاديًا للشركات الصغيرة وخلق فرص عمل في الأحياء المتضررة، ما أكسبه تأييدًا كبيرًا في مناطق كانت تُعتبر معاقل ديمقراطية. أما بين اللاتينيين، فقد ازداد دعمه، خاصة في ولايات مثل فلوريدا وأريزونا، حيث اعتبروا سياساته الاقتصادية حلاً لتعزيز استقرارهم المالي بعيدًا عن التدخلات الحكومية المبالغ فيها.

 

موقف حلفاء ترامب في الدول الأخرى: شبكة دعم دولية

 

كان لفوز ترامب تأثير إيجابي على بعض الدول الحليفة، إذ دعم توجهاته بعض القادة الدوليين. ففي روسيا، استبشر المسؤولون بفوزه، آملين في تحسين العلاقات وتخفيف التوترات، خاصةً فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا. وتشير بعض التقارير إلى أن إيران، التي واجهت ضغوطات كبيرة من ترامب في ولايته الأولى، بدأت حوارًا سريًا مع فريقه قبل الانتخابات. من المتوقع أن يلعب حليفهم الروسي بوتين دورًا في تخفيف حدة سياسات ترامب ضد طهران.

 

وفي الخليج، أبدت بعض الدول مثل السعودية والإمارات ترحيبها بفوز ترامب، خاصةً لدعمه سياسة الضغط على إيران سابقاً وتخليه عن الاتفاق النووي. ولكن بفضل دور روسيا التشجيعي، بدأت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، في تقارب تدريجي مع إيران. ويطالب السعوديون، كشرط للتطبيع الكامل مع إسرائيل، بتحقيق حل الدولتين، فيما كان الديمقراطيون يحاولون فرض هذا التطبيع دون شروط واضحة مسبقًا.

 

أما إسرائيل، فقد كانت من أكبر المستفيدين من فوز ترامب، إذ يعتبرونه داعمًا قويًا خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لها ودعمه للمستوطنات في الضفة الغربية. وسارع نتنياهو الى تهنئته، محاولاً تظهير ذلك بأنه انتصار له، فيما يواجه ضغوطا داخلية عديدة.

 

موقف الدولة العميقة في أمريكا: صدامات مستمرة مع المؤسسات الأمنية والعسكرية

 

مع فوز ترامب، تجددت التوترات بينه وبين مؤسسات الدولة العميقة، التي تشمل الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية. اتهم ترامب هذه المؤسسات سابقًا بمحاولة تقويض سياساته وتقييد أجندته الإصلاحية. وفي فترة رئاسته الثانية، من المتوقع أن تستمر هذه الصدامات، لا سيما إذا سعى لتنفيذ تغييرات جذرية في السياسات الأمنية والخارجية، بما في ذلك تقليص التدخلات الخارجية، الأمر الذي قد يشكل تحديًا لاستراتيجيات الأمن التقليدية في الولايات المتحدة.

 

ختاماً، يعكس فوز ترامب في انتخابات 2024 تحولًا عميقًا في التحالفات السياسية الأمريكية، حيث نجح في بناء قاعدة واسعة ومتنوعة شملت العمال البولنديين، الأمريكيين السود، اللاتينيين، الشباب، وأصحاب الشركات الصغيرة، إضافة إلى دعم غير متوقع من الأمريكيين العرب والمسلمين في ولايات رئيسية.

 

فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يُرجح ألا تتغير جذريًا، إلا فيما يتوافق مع التوجهات التي تبناها ترامب، لا سيما رغبته في إنهاء الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا. هذا التوجه قد يتيح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استغلال الفترة الانتقالية، لتحقيق مكاسب عسكرية وتوسعية، بانتظار تولي ترامب رسميًا، ليتمكن الأخير بعدها من فرض حلول سياسية بالتنسيق مع روسيا. وهنا قد تواجه غزة ولبنان أشهراً من التصعيد غير المضبوط، وتبقى خلالها الكلمة الفصل للميدان.

 

من المتوقع أن يعمل ترامب على تعزيز الاتفاقيات الإبراهيمية، بما يفرض حلولًا إقليمية على الدول العربية تتماشى مع مصالح إسرائيل. وقد يشمل ذلك تقليص النفوذ الإيراني، خاصة في الهلال الخصيب، لصالح دور روسي أكبر بالتفاهم مع دول الخليج. وقد يدفع ذلك إيران الى تعزيز توجهها شرقاً مع الصين والهند، في ظل ضمانة روسية بتخفيف الضغط الأميركي عليها. كما قد يسعى ترامب إلى تفعيل ديناميات اقتصادية جديدة لدفع عملية إعادة الإعمار في سوريا والعراق، ضمن ترتيبات تضمن استقرار المنطقة وإعادة البناء على أسس سياسية متفق عليها بين القوى الإقليمية.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram