افتتاحية صحيفة الأخبار:
رياض سلامة: سأعيد الدولار إلى ما دون الـ 9 آلاف ليرة!
ضبطُ "اقتصاد الكاش" تنفيذاً لمطالب الفرنسيين، تقليصُ الكتلة النقدية بالليرة، خفض سعر صرف الدولار إلى ما بين 8500 و9000 ليرة وإجبار المصارف على إيداع مليار دولار فيها، هي "أهداف" حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة من إنشاء "منصّة الصرافة للمصارف"، التي رحّبت بها رئاسة الجمهورية، على اعتبار أنّها الحلّ لضبط انهيار العملة الوطنية
"كنّا عم نحلق شعرنا صرنا عم نقبّع ضراس". هذه هي حال المصارف التجارية في لبنان، التي كانت "مؤسّسات العزّ" طوال السنوات الثلاثين الماضية، ووَجدت مصرف لبنان يُحوّلها بين ليلةٍ وضُحاها إلى "شبابيك صرافة". بدّدت أموال المودعين، وتوقّفت عن تقديم الخدمات المصرفية، فأعطاها "المركزي" عملاً ينتشلها من بطالتها. المنصّة الإلكترونية العائدة لمصرف لبنان، هي "الاختراع" الجديد الذي أُعلن عنه أمس، وستكون "المصدر الرسمي" لسعر الدولار في "السوق السوداء". لم تشهد دولة في العالم "رعاية" للسوق الموازية كما تفعل الدولة اللبنانية، التي عِوض أن تنشغل في مُعالجة أزمة سعر الصرف وأي نظام تُريد اعتماده وكيف يخدم برنامجاً اجتماعياً ــــ اقتصادياً، تلجأ إلى "قوننة" السوق السوداء، لأنّها لم تجد طريقة أخرى "لضبطها".
تحمّس حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة للمنصّة (إنتاج مُشترك بين جهات سياسية وأمنية ومصرفية)، مُفعّلاً حركته في الأيام الماضية تحت عنوان "خفض سعر الصرف". إلا أنّ "مُحرّك" سلامة للتدخّل لم يكن انهيار العملة ولا الغليان الشعبي ولا الضغوط السياسية المحلية، بل ما "أَسرّه" الفرنسيون في أُذنه خلال زيارته الأخيرة لباريس: "أولوية ضبط اقتصاد الكاش". خلال السنة الماضية، كبُر كثيراً التداول بالنقد في لبنان، بعدما احتجزت المصارف ما تبقّى من الودائع، وقيّدت السحوبات، وعرقلت عمليات الدفع عبر البطاقات الإلكترونية أو الشيكات، وطُلب من التجّار تأمين 10% أو 15% من مبالغ الاستيراد نقداً. اضطُر سكّان لبنان إلى "التزوّد" بالعملات الورقية، لتسيير أمورهم ولقلّة ثقتهم بالمصارف. ولكنّ الدول الغربية تنظر بريبة إلى توسّع حجم "اقتصاد الكاش"، لاعتبارها أنّه يُخفّف من تأثير العقوبات الاقتصادية على حزب الله ويُصبح هو المُستفيد الأول منه. انطلاقاً من هنا، كان المسؤولون الفرنسيون الذين التقاهم سلامة ــــ وقبلهم المسؤولون الأميركيون الذين يتواصل معهم ــــ واضحين لجهة ضرورة ممارسة مصرف لبنان واجباته القانونية في ضبط السوق. عاد سلامة إلى بيروت "مُقتنعاً" بـ"النصائح" الفرنسية، كما بمثيلتها الأميركية، وبدأ يُخبر من يلتقيهم أنّ حجم الكتلة النقدية في التداول يبلغ 35 ألف مليار ليرة، "من السهل عليه التدخّل لتجفيفها، عبر بيع الدولار في السوق. يكفي امتصاص ثلث الكتلة النقدية لتخفيف الضغط على سعر الصرف". ويُراهن سلامة على أنّ استقرار الليرة "سيُخفّف من قلق السكّان، ولهفتهم لبيع الليرات وشراء الدولارات، وبالتالي لن تُعرض كميات كبيرة من الليرة للبيع في الوقت نفسه". ويرى سلامة أنّ "خطّة المنصة" ستدفع إلى انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما بين 8500 ليرة و9000 ليرة لكلّ دولار، أما في حال إنجاز التوافق السياسي وتأليف حكومة، فهو يتوقّع أن ينخفض السعر إلى ما بين 7000 ليرة و7500 ليرة لكلّ دولار!
الإعلان عن المنصّة تمّ من قصر بعبدا، بعد اجتماع بين سلامة ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية شربل قرداحي، "فأعلم الحاكم رئيس الجمهورية أنّ المصرف المركزي قرّر إطلاق العمل بالمنصة الإلكترونية العائدة له، بحيث يتمّ تسجيل كلّ العمليات وتُصبح هي المرجع الأساسي للسعر الحقيقي للسوق... قرار مصرف لبنان يتضمّن أيضاً السماح للمصارف، ابتداءً من الأسبوع المقبل، بالتداول بالعملات مثل الصرّافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تُتابع لجنة الرقابة على المصارف حُسن سير العمل. وسيتدخّل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلّما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف"، بحسب نصّ البيان. كان مطروحاً على سلامة خيارٌ "أسهل"، يتمثّل بتطبيق قانون "تنظيم أعمال الصرافة"، الذي يحصر ممارسة أعمال الصيرفة بالمؤسسات المُرخّص لها من قِبل "المركزي". وأن يُطبّق عليها ما يُطبّقه على المصارف لجهة مُراقبة عمليات البيع والشراء اليومية، وخاصة أنّ القانون يسمح لمصرف لبنان بأن يحصل على البيانات والمعلومات التي يطلبها من شركات الصرافة، التي تخضع لمراقبة لجنة الرقابة على المصارف. لكنّ "المركزي" اختار إنشاء المنصّة، من دون الإجابة عن العديد من الأسئلة: ما هي آلية التنفيذ؟ ما هو مصدر الدولارات التي ستُضخّ فيها؟ من سيُحدّد سعر الصرف اليوم؟ وكيف ستُضبط السوق السوداء؟ هل ستتوقّف حركة الصرافين؟ تُدخل منصّة مصرف لبنان "لاعباً شرعياً" جديداً إلى سوق الصرافة، من دون أن تؤدّي إلى إقفال "السوق السوداء" نهائياً. ولكن يعتبر مسؤولون ماليون وصرافون أنّ "المنصة ستؤدّي إلى تنظيم السوق الموازية ولن يتمكّن أي صرّاف من البيع بفارق كبير عن السعر المُتداول لأنّه سيخسر زبائنه.
تخشى الدول الغربية "اقتصاد الكاش" لتخفيفه من تأثير العقوبات على حزب الله
وإيجابية المنصّة أنّها تُلغي تحكّم صرّاف أو اثنين بحركة السوق والسعر".
لم تُحسم بعد المسائل التقنية في ما خصّ المنصة، بانتظار اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان يوم الاثنين. فما يُريده "المركزي" أن تُعيد المصارف مليار دولار من السيولة (3% من مجموع الأموال المودعة لديها بالعملات الأجنبية) التي كوّنتها في حساباتها لدى مصارف المراسلة في الخارج، لتُستخدم في تمويل أعمال الصرافة، على أن يتدخّل هو ويستخدم الدولارات المُتبقية لديه لشراء الليرة اللبنانية، كلّما وَجد ضرورةً لضبط سعر الصرف. السعر سيتحدّد حسب "العرض والطلب"، ومن المفترض أن يبدأ التداول على المنصة بحسب سعر صرف 10 آلاف ليرة. إلا أنّ المصارف لا تزال تُعاند، رافضةً أن تٌساهم بأي دولار لتمويل منصّة الصرافة. مصادر مُتابعة تؤكّد أنّ "الاتفاق أُنجز على أساس أنّ المصارف ستُعيد مليار دولار". يدلّ ذلك على التخبّط في قرارات مصرف لبنان، الذي أصدر بدايةً التعميم 154، مُجبراً المصارف على تكوين سيولة خارجية بما لا يقلّ في أي وقت عن 3% من قيمة الأموال المودعة لديه بالعملات الأجنبية. اشترت المصارف الدولارات من السوق اللبنانية، مُتسبّبة بزيادة حدّة انهيار الليرة، وزيادة العرض بالليرة اللبنانية، قبل أن "تُرحّل" المبالغ التي جمعت إلى الخارج، والآن يُريد "المركزي" إجبارها على إعادة نسبة من هذه السيولة!
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
لقاء الاثنين في مواجهة التفخيخ الاستباقي
اذا كان الانحسار المستمر لليوم الثاني توالياً في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، واستنفار جهود مصرف لبنان للمضي في محاولات ضبط سعر الصرف من خلال إجراءات مصرفية جديدة، شكلا التطور الوحيد الواعد بإيجابيات نسبية غداة اللقاء الـ17 بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، فان ذلك لم يكن كافياً ليحجب تصاعد تداعيات الخطاب الاخير للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي فخخ مسبقاً، بل زاد أفخاخ أمكانات ان يؤدي اللقاء الـ18 في بعبدا الاثنين المقبل الى شق نفق الانفراج الحكومي. فالى المعطيات التي لم تحمل وعدا كافياً بإيجابيات ممكنة بين الرئيسين عون والحريري ولو اتفقا على ان يحمل لقاء الاثنين المقبل إمكانات التعمق في مناقشة التشكيلة الحكومية العتيدة، ارتسمت شكوك واسعة وعميقة حيال أي هامش محتمل لتصاعد الدخان الأبيض من اللقاء المقبل في ظل الانطباعات والمعطيات القاتمة التي تصاعدت عبر مواقف نصرالله في خطابه خصوصا لجهة محاولته الواضحة إعادة مجمل مسار التأليف الى نقطة الصفر والبدايات. ولم يخف على الأوساط السياسية المعنية برصد تطورات ازمة تأليف الحكومة ان معالم التنسيق المتعمد والعلني هذه المرة مع العهد وفريقه، وتحديدا رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، قد ابرزت بشكل لافت بما يعني عدم تكبير الرهان على لقاء الاثنين المقبل الا اذا كان الرئيس عون اقتنع بقلب الطاولة على نفسه وحليفه وهذا شبه مستحيل. ذلك ان هذه الأوساط لفتت الى مسارعة باسيل الى التغريد تصفيقاً وإعجاباً بخطاب نصرالله بعدما امعن الأخير في زرع اشواك على درب تاليف الحكومة على النحو الذي طرحه الرئيس الحريري، انما كشف الوهم بان العهد وحده يمضي في سياسات التعطيل، في حين ان العهد ولو انه يخطط من الأساس لافشال الحريري ودفعه الى الاعتذار، إنما كان يلعب بالتوازي مع هدفه، دور الواجهة التي يتلطى وراءها “حزب الله” بأجندته الإيرانية. والخطير في رأي هذه الأوساط ان نصرالله جعل تصعيده المتعمد مساء الخميس موازيا ومتزامنا مع مواقف إيرانية اعتبرت لبنان من ساحات الاستهداف لها ولذراعها فيه، فيما كانت معالم تجاذب فرنسي إيراني تتصاعد من جهة مقابلة الامر الذي واجهه نصرالله باطلاق الرصاص السياسي والتهويلي على جوهر تركيبة “حكومة المهمة” التي تستجيب للمبادرة الفرنسية . وبصرف النظر عن الاصداء السلبية التي ترددت امس حيال الجوانب التهويلية الأخرى في كلمة نصرالله، فان الأوساط المعنية نفسها رأت ان دعوته الى حكومة تكنوسياسية وتشكيكه في الطابع الاختصاصي المستقل للحكومة او إعلانه الواضح الصريح انه يؤثر تفعيل حكومة تصريف الاعمال ودغدغته لرئيسها حسان دياب، كل ذلك سيضع رئيس الجمهورية تحديدا في لقاء الاثنين امام اختبار حاسم سيتوقف عليه انكشاف النيات بشكل نهائي حيال تشكيل الحكومة الجديدة او المضي في خدمة اهداف التحالف القائم بين العهد والحزب حتى مع بلوغ الازمات حدود انفجار اجتماعي وامني وفوضى لا احد يمكنه تجاهل أخطارها المدمرة. وقد اثارت نبرة التهويل والتهديدات المبطنة التي طبعت بعض جوانب كلمة نصرالله ردود فعل سلبية واسعة واختصر ابرزها كلام لرئيس حزب الكتائب سامي الجميل من بكركي حيث رد على كلام نصرالله عن الحرب الاهلية بقوله “ما في حدا بلبنان بدو حرب أهلية يمكن الا انت، ما تهددنا بحرب أهلية”.
وما زاد الشكوك في النيات المضمرة حيال الملف الحكومي معلومات توافرت لـ “النهار” عن صيغة حكومية جديدة يجري العمل عليها تقوم على توسيع الصيغة الاولى التي بنى عليها الرئيس المكلف تشكيلة الـ18 وزيراً، لتكون من عشرين وزيراً ، ولم يعرف ما اذا كان الرئيس الحريري سيقبل السير بها.
رئيس الجمهورية ومعه رئيس “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، يدفعون باتجاه قيام حكومة عشرينية وينتظرون اجوبة على هذا الطرح من الرئيس الحريري ومن الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط . ويتوقع الا يعلن الرئيس الحريري موقفه من هذا الطرح قبل اجتماع الاثنين الذي لا يؤشر الى اتفاق بل الى اعادة خلط اوراق تعيد عملية التأليف الى النقطة الصفر، لاسيما بعد دعوة نصرالله الى قيام حكومة سياسية او تكنوسياسية لتكون قادرة على مواجهة تحديات المرحلة.
وكانت معلومات أخرى افادت أنّ اللقاء المرتقب الاثنين المقبل سيكون مخصّصاً للبحث في سلّة حكوميّة متكاملة تتضمّن الخطوط العريضة لبرنامج مهمّات سيُعمل على البحث في عناوينه عبر محاولة تهدف إلى تفادي أي ثغرات في الصيغة الحكوميّة، بما في ذلك بدء التشاور حول الأسماء والحقائب وعدد الوزراء التي تعتبر مسائل أساسيّة لم تحسم حتى اللحظة. وتشير المعطيات إلى أنّ الاحتكام الى هذه الطريقة من المباحثات غايتها تحديد الأولويات، ما يساهم في إمكان تسهيل تأليف حكومة يُتّفق على برنامجها، بما يمكن أن يشكّل البنود الأساسيّة للبيان الوزاريّ. ولفت في المواقف الخارجية من الوضع في لبنان اعراب وزارة الخارجية الأميركية في بيان امس عن قلقها من تطورات لبنان. ودعت الخارجية قادة لبنان الى وضع خلافاتهم جانبا وتشكيل حكومة تنقذ اقتصاد البلاد .
ضبط الدولار
وسط هذه الاجواء، وفي حين انعكس لقاء القصر ايجابا على سعر الدولار الذي سجل تراجعا ملحوظا، تقدم الموضوع المالي الى الواجهة، وبدا لافتا ان رئاسة الجمهورية ابرزت متابعتها لهذا الملف فأعلنت عن عقد اجتماع بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية شربل قرداحي للاطلاع على الاجراءات التي اتخذها الحاكم لوضع حد للارتفاع غير المبرر لسعر الصرف وللمضاربة المشبوهة على سعر الليرة اللبنانية. وكشفت ان الحاكم ابلغ رئيس الجمهورية ان المصرف المركزي قرر اطلاق العمل بالمنصة الالكترونية العائدة له بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الاساسي للسعر الحقيقي للسوق. ويتضمن قرار مصرف لبنان ايضا السماح للمصارف ابتداء من الاسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقا للآليات المعروفة .
الفاتيكان
في غضون ذلك اعلن السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري، عقب زيارته لقصر بعبدا امس ان الكرسي الرسولي “يهمه في الوقت الحاضر التوصل الى حل لتشكيل الحكومة واجراء الإصلاحات، من دون ان ننسى مكافحة الفساد، التي يذكرها البابا فرنسيس على الدوام، وحتى رئيس الجمهورية مقتنع بسلوك هذا المسار لمكافحة الفساد.” وعن زيارة البابا فرنسيس للبنان، قال سبيتري “ليس هناك من موعد بعد لهذه الزيارة. واعتقد انكم سمعتم كلام البابا فرنسيس، فهو مقتنع ويريد ان يأتي. ونحن علينا ان نعدّ الأمر”.
تحديد الخط الأزرق
في سياق آخر أكد رئيس اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو دل كول في الذكرى الثالثة والأربعين لتأسيس البعثة، أنها “لا تزال ملتزمة كما كانت دائما بالسلام والاستقرار في جنوب لبنان”. ودعا خلال حفل مختصر بمقر البعثة في الناقورة إلى “المشاركة البناءة من كل الأطراف لاستئناف تعليم الخط الأزرق”. وقال: “كما هو الحال دائما، سنعمل من أجل تحقيق هدفنا وهو وقف الأعمال العدائية وإحلال سلام مستدام في جنوب لبنان. والاهم، الجزء المتعلق بإكمال تحديد الخط الأزرق من اجل تجنب الاستفزازات التي قد تؤدي الى تصعيد”.
وأضاف: “لقد حان الوقت الآن لإنهاء المهمة. إنني أدعو الطرفين إلى إعادة الانخراط في تعليم الخط الأزرق والبناء على النجاحات السابقة واتفاقية الإطار الأخيرة”.
***************************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
لقاء الإثنين “متل قلّتو”… والروس “لا يستبشرون خيراً”
8 آذار “ترصّ” السلطة: نصر الله “بيّ الكل”!
بين ليلة وضحاها، انقلب الوهن عزيمة، وارتدّت الروح إلى “جيفة” السلطة، وأعاد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إحياء عظام العهد الرميم… فرصّت 8 آذار سلطتها واستعادت زمام الحكم إنفاذاً لـ”فرمانات” المرحلة التي سطّرها نصرالله بوصفه “بيّ الكل” في السلطة الحاكمة، الأقدر على تأنيبها وتقويم الاعوجاج في أدائها، حكومياً ومالياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً.
فبعد نشوة المساء التي تملّكت سريعاً رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ولم يستطع كبت إحساسه بها أمام متابعيه على “تويتر” عقب انتهاء كلام الأمين العام لـ”حزب الله” مباشرةً، استنفرت دوائر القصر الجمهوري من الصباح الباكر لوضع الآليات التطبيقية اللازمة لخريطة الطريق التي رسمها نصرالله، فكانت باكورتها من المصرف المركزي حيث افتدى الحاكم رياض سلامة “رأسه” بما تبقى من ودائع الناس في احتياطي العملات الأجنبية، وامتثل لأمر المنظومة الحاكمة بضخّ دولارات المودعين في سوق الصيرفة والمصارف واستخدامها في تحديد سعر الصرف.
وكما في بعبدا، كذلك في السراي الحكومي لم يتأخر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في تفعيل اجتماعاته الوزارية والمالية والاقتصادية والصحية، فعقد اجتماعات تلو الاجتماعات أمس، حتى أصبح على “قاب قوسين” من دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد “بلا قيد أو شرط” كما طالبه الأمين العام لـ”حزب الله”، على أن يخصص جدول أعمال الجلسة الأولى لإقرار مشروع الموازنة العامة، وفق ما نقلت المعلومات إثر اجتماعه بوزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني.
أما على مقلب التكليف والتأليف، فاعتبرت مصادر مواكبة أنّ الاجتماع المرتقب في قصر بعبدا بعد غد الاثنين بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري أصبح “متل قلتو”، في ضوء المستجدات التي طرأت على المشهد الحكومي انطلاقاً من كلام نصرالله، معربةً عن قناعتها بأنّ “باسيل سيقتنص جرعة الدعم التي منحه إياها “حزب الله” لينقضّ من خلالها على الحريري ويفخّخ اجتماعه المرتقب الاثنين مع رئيس الجمهورية”.
وفي المقابل، لا يبدو الرئيس المكلف في وارد الموافقة على تشكيل حكومة سياسية، بل تؤكد المصادر أنه “لا يزال على موقفه الرافض لتوسيع الحكومة، ولن يرضى بالالتفاف على روحية ومواصفات المبادرة الفرنسية التي تنصّ على تأليف حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، ولا يمتلك أي طرف فيها ثلثاً معطلاً”، موضحةً أنّ “أي حكومة سياسية ستعني حكماً نسف المبادرة الفرنسية والعودة بالتالي إلى نغمة التمثيل الحزبي والسياسي والثلث المعطل، وهو عملياً ما يطالب به باسيل ويتمسك به رئيس الجمهورية”.
تزامناً، وبينما رأت أوساط مراقبة أنّ مضمون خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” التصعيدي أجهض عملياً الوساطة الروسية وأتى بمثابة “رد مضاد على مطلب موسكو الضغط على حلفاء الحزب”، تنقل مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف الروسي لـ”نداء الوطن” أنّ موسكو لا تزال تراقب “بحذر شديد” المستجدات في لبنان، ويرى المسؤولون الروس أنّ “المعطيات حتى اللحظة لا تبشر بالخير ولا بالتفاؤل رغم حصول اللقاء الأخير في قصر بعبدا”، مشيرةً إلى أن “التواصل الخارجي مستمر مع كافة الأطراف اللبنانية، والضغط الدولي متواصل، لكنّ يبقى الحل أولاً وأخيراً بيد المسؤولين اللبنانيين الذين يجب عليهم أن يبادروا بأنفسهم إلى تأليف حكومة تكنوقراط لإنقاذ البلد بعدما وصل إلى حافة الانفجار الكبير”.
******************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
مؤشرات سلبية تسبق لقاء عون والحريري.. والمجتــمع الدولي مع حكومة فوراً
اللبنانيون بكل فئاتهم وتلاوينهم السياسية والطائفية تحت رحمة الدولار، الذي يؤرجحهم جميعاً على منصات التسعير صعودا وهبوطا على مدار الساعة، ويسقطهم بالضربة القاضية على حلبة الاسعار التي تكوي بنارها لقمة اللبنانيين وتحرمهم كل عناصر الحياة، وتلقي بهم في آتون خراب وطني ومالي ونقدي يستجلب الفوضى القاتلة، وفتنة معيشية واجتماعية لا قيامة منها. تضاف الى المأساة المتفاقمة مع اتساع رقعة الاجتياح الكوروني للأرجاء اللبنانية وحصده أعداداً مخيفة في الوفيات والآلاف من الاصابات اليومية، في موازاة إجراءات لم تصل بعد الى الحد الادنى من محاولة احتواء هذا الفيروس.
إنّ أقل مسؤولية الطبقة الحاكمة في موازاة هذه الصورة، ان ترحم اللبنانيين، وان تنظر الى هذا الواقع بما يتطلبه من إدراك لحجم ما اصاب كل فئات الشعب، ولكن لا جدوى على الاطلاق من أن تُطلب الرحمة ممن لا يملكها، من طبقة عنوانها الانانية والخبث، مُنقادة خلف ما يعنيها فقط، تاركة بلداً يضيع، اقتصاده ميؤوس منه، ونقده معدوم، والفقر صار عنوان كل بيت، وكل الخدمات والاساسيات صارت في خبر كان، وامنه في مهب الفلتان الذي صار يعبّر عن نفسه بتفلّت السلاح واطلاق النار في كل الاحياء والشوارع.
كل العالم، من الشرق الى الغرب وما بينهما، يؤكد ان العلاج للمرض اللبناني خطوته الاولى تشكيل حكومة تباشر فيه، ولكن لا حياة لمن تنادي مع حكام الزمن اللبناني الرديء. ولا قيمة لأيّ وعد يُطلق، وأياً كان مُطلقه، بالسعي الصادق نحو انفراج حكومي يؤسّس لانفراجات اقتصادية ومالية. وهو ما دلّت عليه التجربة مع هؤلاء الحكام على الاقل منذ انتفاضة الغاضبين في 17 تشرين الاول 2019 وما تلاها في مسلسل الوعود الكاذبة التي دَحرجوها على اللبنانيين والتزموا بالانتقال الى لبنان الدولة النظيفة، لكنهم تشبثوا أكثر بعقلية التسلط والتحكم التي يديرون من خلالها السقوط المريع للبلد وتجويع شعبه وتحويل اللبنانيين الى متسوّلين في وطنهم، لا يحصلون، ولو على 10% ممّا يحصل عليه النازحون او اللاجئون، الى هذا البلد!
إنتظار لا انفراج
سياسياً، الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري دخلا في هدنة سياسية وتوافقا على وقف اطلاق النار السياسية بينهما، وأخضعا البلد لفترة الانتظار التي منحها لقاء بعبدا بينهما، لتحديد وجهة المسار الحكومي إن في اتجاه التوافق على حكومة توقِف الوضع الشاذ السائد منذ استقالة حكومة حسان دياب والمسار الانهياري الذي يسلكه البلد جراء ذلك، او في اتجاه العودة الى نقطة الصفر والمراوحة الطويلة في مدار التعطيل.
الرئيسيان الشريكان في عملية تأليف الحكومة، حددا يوم الاثنين موعدا للقاء الثامن عشر بينهما، من دون ان يشيعا اي ايجابيات يبنى عليها، ما خلا الحديث عن نيتهما في الجلوس معا من جديد وحسم النقاط العالقة بينهما. فيما الاجواء المحيطة بالملف الحكومي بصورة عامة، لا تشي بما يبشّر بانفراج او باستعداد أي من الرئيسين المختلفين على التراجع الجدّي عن الشروط التي طرحها كلّ منهما منذ بداية الخلاف، وتفاقمت مع انسداد افق الاتصالات والوساطات الداخلية الخارجية لإحداث خرق في الجدار الحكومي، والتي اصطدمت كلّها بمنطقين متناقضين ومتصادمين حول شكل الحكومة وحجم تمثيل كل طرف ونوعية الحقائب التي ستسند لهذا الطرف او ذاك.
تشاؤم
واذا كان لقاء الرئيسين عون والحريري قد فرضه الصدام الناري من خلف المنابر السياسية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وحث عليه أصدقاء مشتركون للجانبين لاحتواء الاشتباك الرئاسي، وشارك في جانب اساسي في ذلك الثنائي الشيعي، وذلك بعدما انذر الصدام الرئاسي بما تضمّنه من قساوة في التخاطب، بانحدار الامور الى مشكلة سياسية كبيرة تختزن بعداً طائفياً، من شأنها ان تزيد من تورّم الازمة الاقتصادية والنقدية اكثر فأكثر.
عملياً، إن اللقاء بين عون والحريري، وكما تؤكد مصادر واسعة الاطلاع، كسر فقط من حدة الصدام بينهما، الا انهما في ملف التأليف ما يزالان امام هوة عميقة، ولم يقتربا من مساحة مشتركة يمكن ان يُبنى عليها تفاهم حكومي يفضي الى ولادة للحكومة في وقت قريب، بل جل ما حصل بينهما هو انهما قاما بجولة على عناصر الخلاف القائم بينهما من دون ان يتقدم اي منهما خطوة في اتجاه الآخر. وفي خلاصة الامر، انه لو كانت الايجابية قد سادت ولو بمستوى ادنى في لقاء الخميس بين عون والحريري، لكانت قد ظهرت فوراً، وحسم الامر قبل الاثنين، اما التأجيل الى الاثنين فمعناه ان الامور ما زالت مطرحها في نقطة الصفر.
وبحسب المصادر، فإنّ ما تسرّب عن أبحاث الرئيسين عون والحريري، يَشي بأن الامور ما زالت مصطدمة بعقدة اساسية متمثلة بإصرار فريق رئيس الجمهورية على الثلث المعطّل، لافتة في هذا السياق الى ما سمّتها ليونة ملحوظة لدى الرئيس المكلف في ما خَص تسمية الوزراء وكذلك الامر بالنسبة الى حجم الحكومة، وموضوع الحقائب، وعلى وجه التحديد وزارة الداخلية. ومن هنا، فإن الاثنين المقبل الذي اعلن الحريري انه ينتظر ان يتلقى إجابات حول بعض التفاصيل، لن يحمل اي تطوّر نوعي ايجابي على صعيد التأليف، الا اذا حدثت معجزة فرضت تقريب المسافات بين الرئيسين، وأوجدت حلاً للعقدة الوحيدة الماثلة في طريق الحكومة والمتمثلة بالثلث المعطل.
باريس على الخط
وكشفت المصادر لـ«الجمهورية» ان الساعات التالية للقاء الرئيسين شهدت اتصالات على خط بيروت – باريس، رَشح عنها تأكيد الجانب الفرنسي من جديد على اعتبار الفترة الفاصلة عن يوم الاثنين، فترة مناسبة للتأسيس لتفاهم بين الرئيسين عون والحريري على تشكيل الحكومة، وان الجانب الفرنسي سيكون حاضراً كعامل مساعد في هذا الاتجاه، خصوصاً ان لبنان بات في صراع مع الوقت، والوضع الصعب فيه، مع الانهيارات الدراماتيكية التي يشهدها على المستويين المالي والنقدي صارا ينذران بتطورات فائقة الخطورة. وبالتالي، صار يتوجّب على القادة السياسيين ان يستشعروا عمق الازمة، ويسارعوا الى تغليب مصلحة لبنان على أي مصالح اخرى، كانت المساهم الاكبر في تعميق الحفرة التي سقط فيها اقتصاد لبنان.
شكّلوا أي حكومة!
تتقاطع هذه الاجواء مع ما كشفته مصادر بارزة في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، نقلاً عن سفير دولة كبرى، الذي نقل دعوة الى المسؤولين المعنيين بالملف الحكومي الى الاستفادة من الجو العربي والدولي الذي يحثّ على تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري لانقاذ الوضع في لبنان، والاميركيون موقفهم متطور جداً في هذا الاتجاه وقد أبلغوا كبار المسؤولين في لبنان رغبتهم في تشكيل حكومة سريعاً من دون الوقوف عند اي اسباب تعطلية مفتعلة من الداخل اللبناني.
واللافت للانتباه ما نقلته المصادر عن السفير المذكور انّ المجتمع الدولي بشكل عام لا يقف عند نوعية الحكومة التي تتشكل، سواء حكومة تكنوقراط من اختصاصيين بكامل اعضائها او حكومة تكنوسياسية او حتى حكومة سياسية، فالمهم بالنسبة الى المجتمع الدولي هو ان يعيد لبنان انتظام حياته السياسية بحكومة تأخذ على عاتقها مهمة الانقاذ، الذي سيصبح صعباً وربما مستحيلاً كلما تأخر التفاهم على تشكيل حكومة.
وبحسب المصادر فإنّ الاجواء التي عكسها سفير الدولة الكبرى، تعكس بدورها حماسة جدية نحو تشكيل اي حكومة. الا انها، في حال كان
التوجّه جديا ونهائيا نحو تشكيل حكومة من اختصاصيين من غير السياسيين على حد ما يؤكد الرئيس المكلف، فإنها لن ترى ما يمنع هذا التوجه، الا أنها تنصح بأن يُصار الى الاستفادة من تجربة حكومة حسان دياب التي فشلت في التصدي للازمة. وبالتالي، الذهاب الى حكومة من اختصاصيين يتمتعون بكفاءة وخبرة فعلية يسخّرونها في سبيل بلورة حلول ومخارج للازمة، وليس المراوحة في سلبيات وقرارات وخطوات ورقية ادت الى ما ادت اليه من زيادة في التخبط وتعميق الازمة على الصعد كافة.
قلق أميركي
وكان لافتاً في هذا السياق ما اعلنته وزارة الخارجية الأميركية امس، بـ»أننا قلقون من تطورات لبنان، وعلى قادته وَضع خلافاتهم جانباً وتشكيل حكومة تنقذ اقتصاد البلاد».
دعم عربي
الى ذلك، اكدت مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت لـ»الجمهورية» ان الاسرة العربية بأجمعها من دون استثناء اي طرف، تدعم تشكيل حكومة في اقرب وقت ممكن في لبنان. وقالت انّ كل ما يقال عن تحفظات من اي دولة شقيقة للبنان على أي طرف لبناني بعينه، لا يمت الى الحقيقة بصلة، لا بل انه يسيء الى لبنان ولأشقائه، والمؤسف انه يثار من قبل اطراف في الداخل اللبناني متضررة من استقرار الوضع في لبنان.
واكدت المصادر انّ الاسرة العربية دعَت الى التمعّن ملياً في الموقف الذي ادلى به السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في الساعات الاخيرة، وتأكيده وقوف المملكة على مسافة واحدة من كل الاطراف، وهو ما اكدت عليه ايضاً قطر ودولة الامارات العربية المتحدة التي ارسلت إشارات مباشرة الى القادة في لبنان بضرورة التعجيل في تشكيل حكومة. اضافة الى مصر التي تسجل حضوراً مكثفاً في هذه الفترة، وينقل سفيرها في لبنان ياسر علوي نصائح ودعوات مباشرة الى تجاوز الازمة الحكومية وتأليف حكومة انقاذية في اسرع وقت ممكن تعيد الاستقرار للبنان، وتنقله من مدار الى الانهيار الى واحة الاستقرار والانفراج على كل المستويات.
عون وابراهيم
في هذا الوقت، أجرى رئيس الجمهورية قبل ظهر امس، جولة افق واسعة لتقويم الموقف، وتابعَ سلسلة التصريحات والخطابات التي طرأت في الساعات التي سبقت لقاء بعبدا وبعده.
وخلافاً لما تردد عن ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم قد غادر لبنان الى العاصمة الفرنسية، علمت «الجمهورية» ان اللواء ابراهيم امضى ساعات عدة قبل ظهر امس في قصر بعبدا الى جانب رئيس الجمهورية، مُشاركاً في تقويم المواقف الاخيرة وما يمكن ان تؤدي اليه في مسعى لتثميرها في اتجاه عملية التأليف، وليكون اجتماع الإثنين المقبل مثمراً.
وتحدثت المصادر لـ«الجمهورية» عن صيغة جديدة تستند الى الصيغة الحكومية التي سلمها الحريري الى رئيس الجمهورية في 9 كانون الاول الماضي، وتصحيح بعض الثغرات في شكلها ومضمونها لتكون اقرب الى المعايير التي حددها رئيس الجمهورية.
إرتدادات موقف نصرالله
الى ذلك، أرخت المواقف التي ادلى بها الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله جوّاً ملبداً على الملف الحكومي. فالتيار الوطني الحر شعر انه تلقى حقنة دعم لم يكن يتوقعها من نصرالله، ورئيسه جبران باسيل لم يتأخر في التغريد ترحيباً، والمصادر القريبة من الحزب اعتبرت الردود السلبية على نصرالله تَجنياً على الموضوعية التي انطوى عليها كلامه، فهو شَخّص الواقع اللبناني كما هو، وأسدى نصيحة بالتعجيل في تشكيل الحكومة، من دون ان يخفي رغبة الحزب في تشكيل حكومة سياسية، الا انه اعلن انه موافق على تأليف حكومة اختصاصيين وان كان غير مقتنع بتمكنها من معالجة الازمة. وبالتالي، هو ألقى الكرة في ملعب الشريكين في عملية التأليف لإخراج الحكومة الى النور سريعاً مهما كان شكلها، سياسية كانت او مختلطة او من اختصاصيين.
الّا ان مصادر سياسية اخرى استغربت المنطق الذي قاربَ فيه السيد نصرالله الملف الحكومي، ونَعيه المسبق حكومة الاختصاصيين. فصدى هذا الموقف كان سلبياً في بيت الوسط، ذلك أنّ نصرالله انحاز علناً الى طرف بعينه وتحديداً حليفه التيار الوطني الحر، وأعطى بذلك حليفه سبباً اضافياً للتشبّث بمطالب تعطيلية للحكومة وشروطه التي يضعها ومنعت تأليف الحكومة حتى اليوم. وبالتالي، فإنّ موقف نصرالله يصبّ الزيت على نار التعطيل، ولا يشكل عنصراً مسهّلاً او مساعداً لتسهيل التأليف، ونتائج هذا الموقف ستتبدّى حتماً الاثنين المقبل في فشل التوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
بيت الوسط
وفيما اعتصمت مصادر الرئيس الحريري بالصمت إزاء ما استجَد بعد لقاء بعبدا، قالت لـ«الجمهورية» إن الرئيس المكلف خصّص يومه امس لتقويم النتائج التي انتهى اليها اللقاء تحضيراً للقاء الإثنين المقبل، مُعربة عن القلق من موقف السيد نصرالله، وقالت: أقل ما يقال في موقف نصرالله انه تسبب بـ»تسميم» الجو الذي كان قد اعقب لقاء بعبدا، والقى بظلاله على امكان وجود قطب مخفية يمكن ان تعيق التفاهمات المحتملة في لقاء الإثنين المقبل.
واشارت الى انّ الحريري، وبالرغم من موقف نصرالله وما أدرجه تحت عنوان «النصيحة» للرئيس المكلف بتشكيل حكومة «تكنو سياسية»، فهو لن يضيف شيئاً الى طروحاته الحكومية السابقة، فحديثه عن تشكيلة التاسع من كانون الاول ما زال هو هو في شكله ومضمونه، أي تأليف حكومة من 18 وزيرا، يكون وزراؤها من الإختصاصيين غير الحزبيين من اجل ملاقاة المواصفات التي حددها المجتمع الدولي ومجموعة الدول والمؤسسات المانحة التي وضعت شروطها لإحياء التواصل مع لبنان ومعه الثقة التي يطلبها لمعاونته للخروج من المأزق القائم.
وقالت المصادر انّ هذه العناوين لا تحول دون اعادة النظر بهذه الحقيبة او تلك او بهذا الاسم او ذاك، فكل الأمور واردة وهو لم يقفل باب النقاش مع رئيس الجمهورية بهذا الخصوص، ولكن ان توافق رئيس الجمهورية او التزم شروط نصرالله، فإنّ ذلك قد يؤدي الى اعادة نظر شاملة بالتقويم الإيجابي الذي انتهى اليه لقاء الخميس في بعبدا.
موقف بعبدا
وتجنّبت مصادر قريبة من بعبدا إعطاء موقف نصرالله اي بُعد سلبي، وقالت ان نصرالله اكد 3 مرات انه مع «حكومة المهمة» الحيادية الخالية من الحزبيين قبل ان ينصح الحريري بتشكيل حكومة «تكنو سياسية»، فهو لم يطلبها ولم يقدّمها على الصيغة الاساسية لمعرفته بالعقبات التي يمكن ان يتسبّب بها الخروج على المسار المعلن عنه من قبل الحريري الذي قادته المبادرة الفرنسية. ورغم حديثه عن التوجه الى الشرق وضرورة اللجوء اليه، فهو، اي نصرالله، عَدّد المعوقات التي وضعتها العقوبات الاميركية على ايران وأي توجّه للتعاطي مع الصين، معدداً التجارب الدولية الفاشلة، وهو يعني انّ لبنان ليس قادراً على تجاوزها وهو عنصر يسقط إمكان الخروج من هذه الصيغة.
وانتهت المصادر الى نَفي الاجواء التي تحدثت عن امكان ان تعرقل مواقف نصرالله مسار التأليف، ولم تلتق مع التفسيرات السلبية لمواقفه مُقدّمة الإيجابيات على القراءة السلبية لها.
تشريع السوق السوداء
على الصعيد المالي والاقتصادي، جرى الاعلان امس عن اجراء جديد، من ضمن الاجراءات والتجارب التي تجري تباعاً في محاولة للجم تفلّت الدولار، وضبط الاسعار في السوق السوداء. يقضي هذا الاجراء، حسبما جاء في اعلان صادر عن رئاسة الجمهورية، «بإطلاق العمل بالمنصة الالكترونية العائدة لمصرف لبنان، بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الاساسي للسعر الحقيقي للسوق. ويتضمّن قرار مصرف لبنان ايضاً السماح للمصارف ابتداء من الاسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حُسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة». هذا الاجراء لا يزال غامضاً بعض الشيء لجهة الآلية التي سيتم اتباعها في المصارف، والتي بدورها لم تتبلّغ اداراتها بعد رسمياً بتفاصيل هذا القرار.
لكن من الوجهة الاقتصادية يصعب الجزم بأنّ خطوة من هذا النوع، أي تحويل السوق السوداء الى سوق للصرافة الشرعية برقابة مصرف لبنان، سوف تؤدي الى لجم ارتفاع الدولار، لكنها حتماً تصبح أفضل من الوضع الحالي، حيث يلفّ الغموض التداول، ولا يمكن الفصل بين من يشتري ويبيع بسبب الحاجة، ومن يفعل ذلك بهدف المضاربة والضغط لغايات مالية او سياسية.
تبقى النقطة الغامضة والمثيرة للقلق، وهي تلك المتعلقة بتدخّل «مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة، حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة».
هذا الكلام قد يعني إلزام المركزي بضخ دولارات طازجة في محاولة لمنع اي ارتفاع دراماتيكي في السوق، وهذا يعني خلق مزراب اضافي لتبذير ما تبقى من دولارات المودعين، وهذه جريمة موصوفة لا تخدم المواطن، ولو انها ظاهرياً تبدو وكأنها مفيدة للناس من خلال فرملة انهيار الليرة بالكامل.
وفي هذا السياق، اعلن القصر الجمهوري انّ رئيس الجمهورية طلبَ من حاكم مصرف لبنان «ضرورة التشدد للجم المضاربات وتنظيف القطاع المصرفي والتصميم على استعادة الثقة حتى يعود لبنان قاعدة مصرفية في المنطقة».
نقابة الصرافين
واصدرت نقابة الصرافين بياناً رحبت فيه بما تقرر، واعلنت أنها ستسعى مع السلطات الرقابية الى تطبيق إجراءات الشفافية لحركة البيع والشراء للدولار من على المنصة الإلكترونية التابعة لمصرف لبنان، بحيث تكون تلك المنصة مصدراً رسمياً لسعر الدولار الحقيقي وبديلاً للتطبيقات المشبوهة وأسعارها الموجهة التي سيطرت على الأسواق وعلى حياة المواطنين.
نجم في باريس
من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» أنّ وزيرة العدل في حكومة تصريف الاعمال ماري كلود نجم، المتواجدة حالياً في فرنسا، طلبت موعداً من وزير العدل الفرنسي ديبون موريتي لبحث التعاون الدولي في ملف انفجار مرفأ بيروت بالاضافة الى بعض الملفات اللبنانية الدقيقة، وقد حدد موعد اللقاء في اواخر الشهر الجاري. وكانت نجم قد عرضت لمشاكل وتحديات القضاء في لبنان من خلال كلمة ألقتها منذ يومين في المؤتمر المنظّم من معهد الدروس القضائية في فرنسا.
******************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
«مواصفات» نصر الله للحكومة تهدّد لقاء عون والحريري
سامي الجميل: الحكومة التي تسيطر عليها الميليشيا لن تستطيع الإنقاذ
بيروت: كارولين عاكوم
أعاد كلام أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، أول من أمس، حول الدفع باتجاه تشكيل حكومة «تكنوسياسية» طرح أسئلة كثيرة، لا سيما أن كلامه جاء بعد ساعات على لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف سعد الحريري، الذي نتج عنه اتفاق على اللقاء (الاثنين) الذي يفترض أن يحمل إجابات حول تشكيل الحكومة.
وفي حين يسود الترقب في لبنان لما ستكون عليه المعطيات السياسية في الساعات المقبلة حيث تتكثف الاتصالات وكيفية انعكاسها على لقاء الاثنين، تختلف قراءات الأفرقاء السياسيين لمواقف نصر الله التي أتت في جزء منها متناقضة، لا سيما أنه أعلن عن موافقته على حكومة اختصاصيين لكنه رأى أنها لن تصمد طويلاً، ناصحاً بالعمل على تأليف حكومة تكنوسياسية، وهو الطرح الذي لطالما رفضه الحريري.
وفي حين يرى «تيار المستقبل» على لسان مستشار الحريري، النائب السابق مصطفى علوش، في كلام نصر الله، تأكيداً أنه ليس مستعجلاً على تشكيل الحكومة ويشجّع الرئيس عون على المبالغة بمعاندته وبعث في الوقت عينه رسالة إلى الحريري، تؤكد مصادر مقربة من «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط» أنه لغاية الآن لم يطرأ أي تبدّل على الصيغة التي كان يتم العمل عليها، من دون أن تنفي خشيتها من أن يقرأ «التيار الوطني الحر» وتحديداً النائب جبران باسيل، كلام نصر الله على أنه نسف للاتفاق السابق، قائلة: «حتى الآن لا شيء يوحي بأن هناك رغبة في العودة إلى المربع الأول».
في المقابل، تصف مصادر في «التيار الوطني الحر» مطلعة على مشاورات التأليف، أجواء المشاورات السياسية بـ«لا تفاؤل مطلق ولا تشاؤم مطلق»، مع تأكيدها لـ«الشرق الأوسط» أن كلام نصر الله لم ينعكس على الصيغة العامة للحكومة التي سبق أن اتفق عليها وتحديداً لجهة «الاختصاصيين غير الحزبيين» وهي ما لم يعارضها نصر الله إنما نصح بحكومة تكنوسياسية.
وأوضحت: «العمل يتم على حكومة اختصاصيين مع برنامج واضح ومحدد المعالم كي تنجز مهمتها في أسرع وقت ممكن بحيث لم يعد البحث محدداً بوزارة من هنا وأخرى من هناك إنما دخل في حكومة متكاملة المعالم من الحقائب إلى الأسماء والمهام بينما العدد لا يزال يتجه نحو حكومة من 18 وزيراً وإن كان الرئيس عون يفضّل حكومة من 20 وزيراً». وتضيف المصادر: «لذا يرتكز العمل والاتصالات في هذين اليومين كي يخرج لقاء الاثنين على الأقل بخطة عمل جديدة أو تطوير التشكيلة الحكومية التي سبق أن قدمها الحريري مع تجاوز الثغرات الموجودة فيها وتبديل في الحقائب والأسماء إضافةً إلى العمل على الضمانات المرتبطة بأهداف الحكومة وخطة عملها». من هنا تقول المصادر: «لقاء الخميس مكّن من معاودة البحث الجدّي في الحكومة لملء الثغرات التي برزت في الصيغة المعلقة حالياً وبالتالي إذا نجحوا في المهمة يمكن التفاؤل بإمكانية إطلاق مسيرة التشكيل الجدي ابتداءً من الاثنين».
وفي الإطار نفسه، كان ردٌّ من رئيس حزب الكتائب، النائب المستقيل سامي الجميل، على طرح نصر الله حكومة «تكنوسياسية»، وقال بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي: «يتحدثون عن حكومة سياسية ما يعني أننا ما زلنا غير قادرين على التحدث مع المجتمع الدولي وتحت الوصاية وغير قادرين على القيام بإصلاح». وأكد: «لا حل إلا بحكومة متحررة من هذه المنظومة قادرة على القيام بإصلاح والانفتاح على الغرب. نحن في حاجة إلى الغرب ودول العالم لكي يقفوا إلى جانب لبنان، وأي حكومة تسيطر عليها هذه المافيا والميليشيا هل تكون قادرة على إنقاذ لبنان؟».
وشدد على ضرورة «تأليف حكومة مستقلة تبدأ أولاً بالإصلاح، وثانياً بجولة على دول العالم والتفاوض مع صندوق النقد والدائنين، وتبدأ فوراً بضبط كل الحدود والجمارك، وتُدخل الأموال وتبدأ العمل»، مشيراً إلى أن «البلد متوقف ويتركون الناس لمصيرهم يموتون جوعاً، فيما هم يفكرون بالمحاصصة».
كان نصر الله قد قال في كلمته مساء أول من أمس: «نحن قبِلنا حكومة اختصاصيين ولن نتراجع»، وأضاف: «ثمة قرارات أمام الحكومة المقبلة، ومنها التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، متسائلاً: «مَن يمكنه تحمل نتائج قرارات الصندوق، كتحرير سعر العملة، أو رفع الدعم، أو إلقاء عشرات آلاف الموظفين في الشارع؟». وقال: «هل حكومة الاختصاصيين تستطيع أن تحمل نتائج هذه القرارات؟». ووجه نصيحة إلى الرئيس المكلف: «يا دولة الرئيس، لا يمكنك أن تحمل كرة النار وحدك»، مطالباً بإعادة النظر بطبيعة الحكومة وماهيتها وهويتها، وذلك بأن تشكل حكومة تكنوسياسية ولا تسمح لأي طرف بالهروب من المسؤولية، مشددًا في الوقت عينه على عدم تراجعه عن الموافقة على حكومة اختصاصيين ولكنه أكد أنها «لن تصمد إذا لم تُحمَ سياسياً».
*****************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
اللغز وراء تبدل مواقف حزب الله: دعوة روسية للإنسحاب من سوريا؟
مخاوف من جبهة نيابية لتطويق الحريري.. وسلامة يكشف عن منصة للتحكم بتسعير الدولار
أرخى التجاذب الإقليمي – الدولي حول ما يجري في لبنان، فضلاً عن الانعطافة الجديدة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، باتجاه حكومة سياسية – تقنية (اختصاصيين) بظلاله على الوضع العام في ظل تفاقم الإصابات بفايروس كورونا، الأمر الذي أرجأ إعادة التعليم المدمج، الذي كان مقرراً بعد غد الاثنين.
والسؤال: بأي أجوبة يعود الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بعبدا، الاثنين، حول شكل الحكومة وفعاليتها، والخطوط العريضة لبيانها الوزاري، فضلاً عن الأسماء التي توقف عندها الرئيس عون.
وفقاً لمعلومات «اللواء» أن الموقف على جبهة التأليف آخذ بالتبدل، ووراءه السر – اللغز المتعلق بالتحول الطارئ بموقف حزب الله، ومطالبة «الثنائي الشيعي» بحسم مسار التأليف في الاجتماع رقم 18 الاثنين.
ويعكف الرئيس المكلف على تقييم الموقف المستجد للحزب، كما قدمه الأمين العام، وفقاً لمعطيات تفيد أن يوم الاثنين سيكون مفصلياً، فقبله غير ما بعده، في ظل التجاذب الحاصل، إقليمياً ودولياً، وإعراب الولايات المتحدة الأميركية، على لسان ناطق باسم الخارجية الأميركية من قلق واشنطن من تطورات لبنان، ودعوة قادته إلى «وضع خلافاتهم جانباً»، وتشكيل حكومة تنقذ اقتصاد البلاد.
وفي المعلومات أنه في ضوء لقاء الاثنين، إذا انعقد، كما هو معلن، تقرر خطوات نيابية، من شأنها إعادة النظر بدور أوسع لحكومة تصريف الأعمال، في ضوء اقتراح التيار الوطني الحر، فإذا انضمت كتلة الرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط إلى تفعيل دور حكومة تصريف الأعمال، فإن هذا يعني مساراً خطيراً بتطويق الرئيس المكلف، ودفعه للاعتذار.
وفي مطلق الأحوال، تنتظر أوساط متابعة عودة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من زيارة عاصمة معنية، يرجح أنها باريس، توجه اليها أمس، في إطار متابعة الطروحات الجارية، في ما خص الحكومة والوضع في لبنان.
واعتبرت مصادر سياسية ان مواقف السيد نصر الله بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة وتحديداً منها دعوته لتاليف حكومة تكنوسياسية بعد اشهر على تعهد الأطراف السياسية بمن فيهم الحزب امام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتأييد ودعم قيام حكومة مهمة انقاذ من الأخصائيين، يشكل تحولا في موقف حزب الله من عملية التشكيل، ويرخي بمزيد من التعقيدات والصعاب امام تشكيل الحكومة العتيدة. ولاحظت المصادر ان اعلان موقف نصرالله هذا بعد ساعات من الزيارة التي قام بها وفد نيابي منه الى موسكو، يتعارض كليا مع الموقف الروسي الداعم لتشكيل حكومة مهمة من الأخصائيين غير الحزبيين برئاسة سعد الحريري، وهو ما تبلغه الوفد بوضوح خلال الزيارة،ما يؤشر إلى تعثر واختلاف في المواضيع والملفات التي نوقشت، ان لناحية موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، اوعلاقات الطرفين فيما يخص الوضع في سوريا. ونقلا عن جهات ديبلوماسية في العاصمة الروسية رجحت المصادر ان يكون تعارض موقف الحزب مع الموقف الروسي بخصوص تشكيل الحكومة مرده إلى طلب روسي واضح تبلغه وفد الحزب بضرورة الاسراع بإعادة النظر بوجود وحداته المنتشرة بالاراضي السورية والعمل على سحب معظمها قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية السورية، لتخفيف نقمة شرائح واسعة من الشعب السوري ضد هذا الوجود، تمهيدا لتشجيع هؤلاء وجذبهم للاقتراع ،لئلا يؤدي بقاء الوجود العسكري للحزب الى احجام الكثيرين منهم عن الاقتراع. واشارت المصادر إلى ان وفد الحزب، عارض الطلب الروسي في البداية مبررا استمرار الوجود العسكري للحزب ضروري، لناحية محاربة الارهابيين من داعش والتنظيمات الارهابية الاخرى، كما الى حماية المراقد الشيعية المهددة باستمرار، الا ان الجانب الروسي ابلغ الوفد انه لم يعد ضروريا بقاء الوجود العسكري للحزب، لان القوات الروسية هي التي تتولى محاربة التنظيمات الإرهابية وقد نجحت بذلك، وهي ستتولى حماية المراقد الشيعية ضد اي اعتداء أو تهديد تتعرض له.
من جانبها، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» ان الساعات الفاصلة عن موعد لقاء رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الاثنين المقبل يفترض بها ان تظهر المسار المتعلق بالتأليف مشيرة إلى انه لحين حلول موعد اللقاء فان الاتصالات ستنشط، وهنا تحدثت عن حركة للمدير العام للأمن العام، لكن المصادر نفسها دعت إلى عدم المبالغة في التفاؤل لأن الصيغة النهائية للحل لم تتضح بعد خصوصاً ان عدة عوامل دخلت على الخط.
واعتبرت هذه المصادر ان موضوع الثلث الضامن هو من يشكل محور بحث من اجل ان يبقى خارج الحل المرتقب، بمعنى ان يأتي الاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على أسس واضحة ومعايير رئيسية من دون غلبة، طالما أن عنوان الحكومة إنقاذي، أما اذا كان هناك من اعادة توزيع للحقائب فإن المصادر رأت ان المهم هو التوافق على تذليل العقبات، مشيرة إلى ان السؤال ما إذا كان هناك من تنازل سيحصل أم لا، كله متوقف على نتائج الاتصالات الأخيرة.
ومع ذلك، بعدما أدى لقاء الرئيسين عون والحريري غرضه في تحقيق نوعٍ من الهدوء السياسي، وتراجع سعر الدولار نسبياً أمس، بدأت الاتصالات واللقاءات بعيداً عن الأضواء للبناء على إيجابية لقاء الرئيسين، وعلمت «اللواء» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بدأ تحركاً جديداً لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين حول بعض النقاط العالقة في تشكيل الحكومة، فزار رئيس الجمهورية وربما ستكون له لقاءات مع الرئيسين نبيه بري والحريري والنائب جبران باسيل. فيما أجرى الحريري أمس اتصالاًت بالرئيس بري وبسواه من شخصيات معنية.
وذكرت المصادر المتابعة للتحرك، أن هدفه الوصول إلى نتيجة إيجابية تفتح آفاقاً جديدة وتعالج الثغرات في الصيغة الحكومية التي قدمها الحريري وتمهّد للقاء ناجح يوم الاثنين بين الرئيسين. مشيرة إلى أن ميزة لقاء بعبدا كانت انفتاح الحريري على معالجة النقاط العالقة مع تمسكه ببعض الثوابت، ولا سيما لجهة عدد أعضاء الحكومة (18 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين وغير السياسيين)، ما يعني أن الوضع يتجه إلى معالجة أشمل بعدما تمّ توسيع عناوين البحث، وبخاصة في ما يتعلق بحقيبة الداخلية وبعض الحقائب الأخرى والأسماء المطروحة للتوزير.
الفاتيكان على الخط
ودخل السفير البابوي في بيروت المونسنيور جوزف سبيتري على خط متابعة تشكيل الحكومة ولو بشكل غير مباشر خلال زيارته أمس ميشال عون، للبحث في أمور عامة منها نتائج زيارة البابا إلى العراق، ونقلت دوائر القصر عن السفير سبيتري قوله: «إن الكرسي الرسولي يهمه في الوقت الحاضر التوصل إلى حل لتشكيل الحكومة وإجراء الإصلاحات، من دون أن ننسى مكافحة الفساد، التي يذكرها البابا فرنسيس على الدوام، وحتى رئيس الجمهورية مقتنع بسلوك هذا المسار لمكافحة الفساد».
وعن زيارة البابا فرنسيس إلى لبنان، قال المونسنيور سبيتري: «ليس هناك من موعد بعد لهذه الزيارة. وأعتقد أنكم سمعتم كلام البابا فرنسيس، فهو مقتنع ويريد أن يأتي. ونحن علينا أن نُعِدَّ للأمر».
معالجات مالية
وعلى خط آخر، استمرت المعالجات للوضع المالي ولارتفاع سعر الدولار، فعُقِدَ أمس، اجتماع بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية شربل قرداحي، وحسب بيان القصر الجمهوري، هدف الاجتماع للاطلاع على الإجراءات التي اتّخذها الحاكم لوضع حد للارتفاع غير المبرر لسعر الصرف وللمضاربة المشبوهة على سعر الليرة اللبنانية».
وأعلن الحاكم «إن المصرف المركزي قرر إطلاق العمل بالمنصة الإلكترونية العائدة له بحيث يتمّ تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الأساسي للسعر الحقيقي للسوق. ويتضمن قرار مصرف لبنان أيضاً السماح للمصارف ابتداء من الأسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقا للآليات المعروفة».
وأبلغ رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان «ضرورة التشدد للجم المضاربات، وتنظيف القطاع المصرفي، والتصميم على استعادة الثقة حتى يعود لبنان قاعدة مصرفية في المنطقة».
كذلك عرض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مع وزير المال غازي وزني في حضور الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء محمود مكية ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب، للوضع النقدي والإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان لمعالجة تراجع سعر صرف الليرة في السوق السوداء. كما تمت مناقشة مشروع الموازنة، إضافة إلى الإسراع بانطلاق التدقيق الجنائي.
على أنه في عز هذا الترقب الرهيب، طلع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «بخبر سار»، لكنه ينتظر الترجمة ورؤية النتتائج.
ورحبت نقابة الصرافين بإعادة عمل الصيرفة إلى الصيارفة الشرعيين، وفقاً لما نصت عليه القوانين المرعية، وقالت إنها ستسعى مع السلطات الرقابية لتطبيق إجراءات الشفافية لحركة البيع والشراء للدولار، من على المنصة الإلكترونية التابعة لمصرف لبنان، بحيث تكون تلك المنصة مصدراً رسمياً لسعر الدولار الحقيقي، وبديلاً للتطبيقات المشبوهة وأسعارها الموجهة التي سيطرت على الأسواق، وعلى حياة المواطنين.
«الأموال المنهوبة» أمام اللجان
نيابياً، كشف نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي أنه «تقرر عقد جلسة اللجان المشتركة يوم الاثنين بدل الثلاثاء لإنجاز بعض مشاريع القوانين الملحة، وفي مقدمها استعادة الأموال المنهوبة، حتى إذا لم تنجز جميعها يصار إلى استكمالها في اليوم التالي أي الثلاثاء، كون رئيس المجلس نبيه بري عازمٌ على دعوة الأعضاء إلى عقد جلسة عامة يوم الخميس أو الجمعة من الأسبوع المقبل، لإقرار ما تكون اللجان قد أنجزته».
بدوره، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان إن «هذا الاقتراح هو جزء من سلسلة قوانين تعنى بمكافحة الفساد، وهي اقتراحات تم إقرار بعضها في لجنتنا كالإثراء غير المشروع والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ورفع السرية المصرفية، واليوم استعادة الأموال المنهوبة لتشكل المنظومة التشريعية للإصلاح والمحاسبة الجدية والفعلية، ولكن يبقى التنفيذ بتفعيل القضاء المالي وخاصة من خلال إقرار المحكمة الخاصة للجرائم المالية التي تقدمنا بها وعملنا لها منذ العام 2013. إنها الثورة الفعلية والجدية على الفساد والمنظومة السياسية التي تحميه، وهذا ما يجب أن يتم دعمه من قبل المجتمع المدني والعاملين على تغيير الوضع القائم».
المرحلة الرابعة
وعلى صعيد المرحلة الرابعة من إعادة تخفيف إجراءات الإقفال، يدخل لبنان الاثنين في المرحلة 4 والأخيرة، وفيما يبقى تدبير حظر الخروج والتجول معمولاً به اعتباراً من الساعة الثامنة مساء ولغاية الخامسة صباحاً، يستثنى من أحكام البند أعلاه العاملين في القطاعات المسموح لها بالعمل 24 ساعة.
كما يمدد توقيت العمل لجميع القطاعات التجارية ومحال البيع بالتجزئة المحدد في التعاميم السابقة لغاية السابعة مساء.
ويبقى حظر إقامة التجمعات للمناسبات الاجتماعية والدينية قائماً (أعراس، وتعازي).
وتُرفع نسبة عدد الموظفين في المصارف والمصانع لتصبح 100 بالمئة من عديد الموظفين والعمال، لكن الحانات والملاهي الليلية تبقى مقفلة حتى إشعار آخر.
التحركات الميدانية
وبعد ظهر أمس، نظمت مجموعات «لحقي»، «المرصد الشعبي»، «لبنان ينتفض»، «الكتلة الثورية»، «رابطة المودعين»، «منتشرين»، «شباب المصرف»، «بيروت مدينتي»، «شباب 17»، «عن حقك دافع»، «عامية 17 تشرين»، «ثورة لبنان»، «زغرتا الزاوية تنتفض»، «ستريت»، «الشعب يقاوم الفساد»، «منظمة العمل الشيوعي»، قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي، الكتلة الوطنية، مسيرة احتجاجية بعنوان: «إلى الشارع نحو حكومة انتقالية» انطلقت من أمام مبنى وزارة الطاقة في مار مخايل، فشركة الكهرباء في الجميزة وساحة الشهداء، وصولاً إلى رياض الصلح والسرايا الحكومية.
وألقت عبير الغريب من «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» بياناً باسم المجتمعين تحدثت فيه عن «ضرورة بناء نظام بديل يرتكز على العلمانية واللامركزية الإدارية والعدالة الاجتماعية»، مؤكدة رفض «المجموعات الاحتجاجية للنظام القائم على التقسيم الطائفي».
وأعلنت أن «هذه المجموعات عاودت الضغط لفرض حكومة إنقاذية انتقالية من خارج إطار المنظومة الحاكمة، حكومة للشعب غير منحازة إلا لمصالحه وتسعى إلى وقف الانهيار الحاصل وبناء هذا النظام البديل».
كما شهدت مدينة صيدا، عصر أمس، مسيرة راجلة انطلقت من ساحة الشهداء في المدينة تحت شعار «من أجل إنقاذ لبنان وخلاص اللبنانيين»، نظمتها مجموعة «إرادة شعب» في إطار سلسلة تحركاتها المستمرة، رفضاً لتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار.
وجابت المسيرة شوارع نزلة صيدون وغسان حمود فالست نفيسة والزعتري، مروراً بتقاطع إيليا حيث توقف المشاركون لبرهة ثم تابعوا بعدها مسيرهم نحو ساحة القدس فنتاشا سعد.
وردد المشاركون خلالها هتافات جددوا فيها مطالبتهم بـ»حكومة انتقالية إنقاذية من خارج المنظومة الحاكمة»، كما طالبوا برحيل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، منددين بسياساته المالية والنقدية، مؤكدين استمرار تحركاتهم «حتى رحيل كامل المنظومة الحاكمة».
وفي طرابلس، سارت مسيرات راجلة، تخللتها وقفات احتجاجية أمام عدد من منازل السياسيين. وردَّد المشاركون في المسيرة هتافات، طالبت باستقالة السياسيين.
434322 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 3588 إصابة جديدة بفايروس كورونا، و55 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي الى 434322 إصابة مثبة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
اللقاء 17 في بعبدا ضَبَط الخلافات والحزب أعادها إلى المربع الأول
رسمت المعطيات الكثيرة التي ازدحمت فوق الساحة الحكومية دفعة واحدة امس، معالم المشهد التأليفي المرتقب في الفترة المقبلة. هو مشهد لا يدعو الى الطمأنينة كثيرا، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة ، حتى انه يكاد يدعو الى القلق في رأيها، الا اذا كان ما جرى، هو التصعيد الاخير قبل «التسوية»، لكنها سارعت واستبعدت هذه النظرية. فبحسب المصادر، الزيارة التي قام بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، للمرة 17، كرّست التباين بين الجانبين، ولم تحمل اي خرق جديد. جلّ ما تحقق خلالها هي اعادة «تنظيم» الخلاف بين المَقرّين بعدما أفلت من عقاله الاسبوع الماضي، مطلقا العنان للدولار ومخرجا الناسَ عن أطوارهم. فكان الغرض من اللقاء الذي كاد الا يحصل، محصورا على ما يبدو، برسم قواعد الاشتباك مرة جديدة، وسقوفه.
ومع ان الحريري رفض اقفال الباب سريعا على اي امكانية للتفاهم، ممددَا فترة التفاؤل والامل، والتهدئة الشعبية و»النقدية» حتى الاثنين المقبل موعد زيارته الـ18 الى قصر بعبدا، فإن المصادر تشير الى ان التطورات التي أعقبت كلامه من القصر الجمهوي، وفي مقدّمها المواقف الليلية التي اطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بددت جزءا كبيرا من الرهان على «جديد ما» قد يسجّل في الايام المقبلة، يساعد في فكّ أسر الحكومة. فالرجل بدا بطرحه الذهاب نحو حكومة تكنو سياسية، رغم اعلانه قبوله بتركيبة اختصاصيين في حال تمكّن الرئيس عون والحريري من الاتفاق عليها، ملوّحا في الوقت عينه بأن حكومة «عارية» من غطاء القوى الكبري في البلاد لن تكون قادرة على «الصمود»، بكلامه هذا، بدا نصرالله يعيد لعبة التأليف كلّها الى المربّع الاول، ناسفا جوهر المبادرة الفرنسية والعنصر الاكبر الذي يتمسّك به الحريري والذي يعتبر اساسيا لتتمكن حكومته العتيدة من انتزاع ثقة الخارج، الا وهو ان تكون «من مستقلّين».
من حيث برنامج الحكومة ايضا، توجّهات نصرالله مختلفة تماما عن خيارات الحريري. الاخير تحدث من القصر عن اعتماده على صندوق النقد الدولي، اما الاول، فوجّه انتقاداته اليه معتبرا انه يفرض شروطا ولا يعطي مساعدات بالمجان، معتبرا ايضا ان ثمة مساع لا لتحييد لبنان بل لإرضاخه وضمّه الى المحور الاميركي الاسرائيلي في المنطقة، قبل ان يصوّب على حاكم المركزي و»سياساته الخاطئة» الذي كان زار الحريري قبل ساعات، ويختم حديثه داعيا الى تفعيل حكومة تصريف الاعمال اذا لم يتم التشكيل سريعا.
ولم يكد ينهي نصرالله حديثه حتى لاقاه حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بتغريدة مؤيدة وداعمة لما جاء في خطابه. هذا الواقع ان دل الى شيء، فالى ان الحزب وحليفه الرئاسي – البرتقالي، يتّجهان نحو رص اضافي للصفوف في قابل الايام، في مواجهة حكومة الحريري، من حيث شكلها وطبيعتها وبرنامجها ايضا. والطروحات التي قدّمها نصرالله، تؤشّر الى ان الضغوط الروسية للتشكيل السريع، التي حكي عنها في الايام الماضية، والموقف الذي أُبلغ به وفد الحزب الى موسكو، لم يلق بعد آذانا صاغية في ايران، التي لاتزال تفضّل ترك ورقة الحكومة في يدها وعدم التخلي عنها، اللّهم إلا لحكومة يمسك حزب الله بقرارها بوضوح. فهل سيقبل الحريري بذلك؟ ام هل يكون رفع السقوف مقدّمة للتنازلات تحت وطأة التلويح بالعقوبات من قبل الاوروبيين؟
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
لبنان دخل بداية مرحلة الانفجار المالي والاقتصادي والاجتماعي
حزب الله وجّه رسائل ضغط مقصودة للحريري…هل يتلقفها ويشكل حكومة؟
نور نعمة
لم يعد لبنان في مرحلة الانهيار المالي بل دخل بداية مرحلة الانفجار الاقتصادي والاجتماعي بعد «الخضة» التي شهدها خلال الايام الماضية نتيجة ارتفاع سعر الدولار الى 15000 ليرة لبنانية الامر الذي سرع وتيرة الانهيار، الا انه في الوقت ذاته تمت فرملة مسار الانفجار المالي الى حد ما وذلك بعد قرار فرنسي، اميركي واوروبي الى جانب دور للفاتيكان بمنع الاسترسال بالفوضى التي ستوصل البلد الى الانفجار الكبير. ذلك ان انعدام الاستقرار السياسي والفراغ الحكومي الذي فاقم الازمة المالية والمعيشية كان من الواضح انهما سيؤديان الى انفجار الشارع غضبا وعودة المظاهرات والاحتجاجات بما ان المواطن اللبناني يعيش مرارة ايام قاسية عليه على كل الاصعدة الى ان وصل الى وضع لم يعد يحتمل ولم يعد الصمت مقبولا امام ممارسات السلطة السيئة وانانية المسؤولين اللبنانيين ولامبالاتهم تجاه وجع وانين الشعب.
وحول اللقاء المرتقب يوم الاثنين بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، فالايجابية شكلية حتى اللحظة والجميع يترقب اذا كانت ستعلن مراسيم الحكومة ام سيظل التعطيل الحكومي سيد الموقف.
اما البادرة الايجابية الوحيدة وفقا لاوساط سياسية مطلعة كانت في الرسائل التي وجهها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته الى الرئيس المكلف والتي اتت في اطار الدفع نحو تشكيل الحكومة. خطاب دقيق للسيد حسن نصرالله في يوم الجريح بـ»ميزان الذهب» وكل كلمة في مكانها وبمسؤولية وطنية عالية، هكذا قراته هذه الاوساط السياسية.والملفت ان السيد حسن نصرالله استخدم في كلمته الاخيرة اسلوبا مختلفا عن السابق تجاه الحريري فقد صعد اللهجة لحثه على التسريع في تشكيل الحكومة.
والرسالة الاولى للرئيس الحريري من سماحة السيد حسن نصرالله ان حزب الله يريد حكومة في اسرع وقت مشيرا في الوقت ذاته انه في حال لم يحصل ذلك وفق الصيغة الحكومية المتفق عليها سيعود الحزب للتمسك بحكومة سياسيين.
والرسالة الثانية التي وجهها سماحة السيد حسن نصرالله الى الرئيس المكلف انه في حال اصر الاخير على المراوحة وعلى عدم التأليف ،عندها سيطلب حزب الله تفعيل حكومة تصريف الاعمال.
والرسالة الثالثة نصت على انه في حال لم يسارع الحريري الى تأليف حكومة، سيدعو حزب الله الى مراجعة مدة التكليف فلا يجوز ان تبقى مفتوحة دون اطار زمني علما ان السيد نصرالله يدرك حساسية الطائفة السنية حول هذا الموضوع. ويشار الى ان هذا البند اصرت عليه الشخصيات السنية في اتفاق الطائف على ان تكون المدة مفتوحة لرئيس الوزراء.
اما الرسالة الرابعة هي تناول السيد نصرالله الحرب الاهلية وان الحزب لن يستخدم السلاح لتشكيل حكومة لكنه اراد بهذا الكلام ان يشعرالرئيس المكلف ان الامور تتجه الى الاسوأ وبالتالي عليه ان يحسم امره.
وباختصار، اراد حزب الله القول للرئيس المكلف انه اذا لم يشكل حكومة فالحزب ذاهب الى رزمة خطوات تبدأ باعادة النظر بشكل الحكومة تمر بتفعيل حكومة تصريف الاعمال ولا تنتهي باعادة النظر بمدة التكليف وبالتالي عليه ان يأخذ الرئيس المكلف بالاعتبار ان الشارع سيتحرك. وكل هذه الرسائل المقصودة من حزب الله الى الحريري تصب في خانة الدفع لتشكيل حكومة وانهاء الفراغ المؤسساتي
ماذا تنفع المنصة الاكترونية اذا سفينة لبنان فيها ثقوب ؟
في غضون ذلك، شكل قرار مصرف لبنان باطلاق منصة الكترونية لضبط سعر الصرف ومواجهة ارتفاع الدولار خطوة ايجابية على المدى القصير والذي جاء بعد الاجتماع بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومستشار رئيس الجمهورية. اما الخطوة المطلوبة والضرورية لوقف النزيف على الصعيد المالي والاقتصادي هي تشكيل حكومة تحمل برنامجا اصلاحيا الى جانب اعادة تدفق الدولار من الخارج الى لبنان. بيد ان الشح في عملة الدولار في لبنان وعدم وضع خطة لاستقطاب المساعدات المالية الخارجية سيكرران ما حصل خلال هذا الاسبوع وسيعود الدولار الى الارتفاع. وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي سامي نادر للديار ان السفينة لا تغرق بسبب المياه المحيطة بها بل بسبب المياه التي تتسرب اليها. واراد من ذلك القول ان طالما سفينة لبنان فيها ثقوب عدة فمصرف لبنان يمكنه التدخل لضبط سعر الصرف ليومين ولكن لاحقا اذا لم تشكل حكومة ولم يتحسن الوضع الاقتصادي عندها سيكون مصرف لبنان عاجزا عن التدخل في ابقاء سعر الدولار متدنيا.
واشار نادر الى ان المطلوب لتحسين وضع الليرة اللبنانية على المدى الطويل هو تشكيل حكومة تتفاوض مع صندوق النقد الدولي وتطبق اصلاحات وتعمل على تدفق الدولار من الخارج الى الداخل اللبناني معتبرا انه دون هذه الخطوات فكل الاجراءات ستكون بمثابة ابرة مورفين. وارتكز سامي نادر على ان مؤشر النمو في لبنان سلبي والعجز في ميزان المدفوعات كبير ومستمر الى جانب انحسار السياحة وانعدام الاستثمار الخارجي في لبنان وبالتالي كل هذه المؤشرات اذا بقيت كما هي فتداعياتها السلبية ستستمر على الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي.
وحول مطالبة المسؤولين بتدخل مصرف لبنان لضبط سعر الصرف، تساءل الخبير الاقتصادي سامي نادر بأي اموال سيتدخل المصرف المركزي لفعل ذلك؟ هل ستكون من اموال المودعين؟ وهل لدى مصرف لبنان الاحتياطي المطلوب للتدخل؟
اوساط مطلعة للديار: جهات خارجية وراء ارتفاع الدولار
بموازاة ذلك، تحدثت اوساط مطلعة للديار بأن الامور انكشفت وتبين ان جهات خارجية بالتنسيق مع اطراف لبنانية تدخلت بشكل سلبي في لبنان لتوجيه رسائل سياسية واقليمية عبر تلاعبها بالسوق السوداء مفادها احداث خلل امني. وتابعت ان هبوط الدولار من 15000 ل.ل الى 10500 ل.ل في غضون يومين يؤكد ان ما حصل خلال الاسبوع الماضي هو قرارات سياسية عملت على احداث توتر على الساحة اللبنانية.
الحزب التقدمي الاشتراكي :لا بد من تسوية بين عون والحريري
من جهته،قال امين السر في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر للديار ان النائب وليد جنبلاط شدد على ضرورة حصول تسوية بين الرئيسين عون والحريري كما على كل الاطراف السياسية تقديم خطوات ايجابية باتجــاه عملية تاليف الحكومة مشيرا الى ان جنبلاط يرى ان عدد الحقائب تفاصيل امام المشكلة التي تحصل في البلد.
وتابع ناصر ان لا شك ان الوضع السياسي يؤثر على الدولار وعندما يحتدم الصراع بين الافرقاء السياسيين يرتفع سعر الدولار وعندما يحصل استقرار سياسي يتراجع الدولار اضافة الى ان التجار تلاعبوا ايضا بالسعر في السوق السوداء. ولفت امين السر في الحزب التقدمي الاشتراكي ان كل شيء مرتبط باجتماع الاثنين والمطلوب ان يكون ايجابيا يؤدي الى تسوية تنتج حكومة قادرة على استقطاب المساعدة من الخارج ضمن برنامج اصلاحي. وشدد ان هذا الطريق الوحيد لاخراج لبنان من ازمته عبر تشكيل حكومة مهمة.
القوات اللبنانية:مشروعنا الدولة وعلى المعارضة ان تتوحد
ردا على سؤال حول القاء اللوم والمسؤولية من قبل القوات اللبنانية فقط على رئيس الجمهورية على ما يحصل في البلد وليس على الرئيس المكلف ايضا، قالت مصادر القوات اللبنانية للديار انها اعتبرت ان على الرئيس عون اتخاذ قرار الاستقالة من تلقاء نفسه اذا رأى انه غير قادر على اخراج البلاد من الازمة. واشارت الى ان اولوية القوات اللبنانية هي الانتخابات النيابية وليس الانتخابات الرئاسية.
اما لجهة قول شارل جبور ان اي اعتداء علينا بالسلاح سيواجه بالسلاح،فقد اكدت مصادر القوات ان مشروعها الدولة وهي سلمت سلاحها بكامل قناعتها عند انتهاء الحرب الاهلية. انما جواب جبور جاء على خلفية سؤال اذا كانت القوات تتدرب عسكريا وقد نفى ذلك الا انه اشار ان اي مواطن لبناني بطبيعة الحال لن يسكت على استخدام السلاح ضده وسيتصدى له. واكدت المصادر ان القوات تتمسك بالجيش وسلاحه وامرته.
وحول الخروج من المأزق المالي والاقتصادي والكياني، شددت المصادر في القوات اللبنانية ان على المعارضة ان تتوحد لتحقق ذلك.
التيار الوطني الحر:
قالت مصادر التيار الوطني الحر للديار :»اننا نعيش انفجارا اقتصاديا واجتماعيا ونامل ان لا يحصل انفجار امني لان هناك من يغذيه.» وكشفت ان هناك جهات عملت على رفع سعر الدولار واحداث فوضى داخلية لتعطيل مشروع الرئيس ميشال عون الاصلاحي واحياء الطبقة السياسية القديمة والغاء التدقيق الجنائي وحصول التوطين ودمج النازحين السوريين بالمجتمع اللبناني انما الرئيس عون لن يستسلم ولن يترك لهم المجال بفعل ذلك.
وحول اللقاء الذي حصل منذ يومين بين الرئيسين عون والحريري ، وصفته مصادر الوطني الحر بالايجابي لناحية النقاش المطول في التشكيلة الحكومية والانفتاح على تسهيل الامور في هذا المجال. وكشفت ان الرئيس عون وجه اسئلة كثيرة للرئيس المكلف من بينها اذا كان الثنائي الشيعي قبل باسماء الوزراء الشيعة ورد الاخير بانه لم يحصل على جواب منه.
وردا على سؤال اذا كان العهد سيتنازل عن الثلث الضامن، قالت هذه المصادر ان لا حصة للعهد والوطني الحر ليتنازل عنها بل جل ما يريده العهد ان يلتزم الحريري بوحدة المعايير والدستور والميثاقية. وتابعت قائلة: نحن بانتظار يوم الاثنين لنرى اذا كان الحريري جديا في موضوع تشكيل الحكومة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :