يتأرجح لبنان بين الحرب واللاحرب. تتضارب القراءات والتقديرات لما سيكون عليه الموقف الإسرائيلي وسط استبعاد لإمكانية نجاح المفاوضات للوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. الجميع بانتظار زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية وما سينجم عنها. تفيد التوقعات بأن نتنياهو يسعى للحصول على دعم أميركي عسكري وسياسي لمواصلة حربه في غزة وتصعيد المواجهات في لبنان. هناك انتظار لإعلان نتنياهو الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غّزة، والتي تعني الانتقال إلى استراتيجية عمليات الاغتيال أو الاستهدافات الموضعية، بدلاً من العمليات العسكرية البرية الموسعة. الرجل يريد مواصلة الحرب إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
اجتماعات في بغداد
كل هذه النقاط والملفات والاحتمالات، تشكل مدار بحث بين قوى وفصائل محور المقاومة. وحسب ما تكشف مصادر متابعة، فإن التنسيق بين حزب الله وحركة حماس مستمر بخطوط مفتوحة، بالإضافة إلى التنسيق مع الفصائل الأخرى. وتضيف مصادر قريبة من المحور إلى أن الأيام الماضية شهدت سلسلة اجتماعات بين قادة وفصائل المحور، بعضها في العاصمة العراقية بغداد، وبحضور قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني، جرى خلالها النقاش في احتمالات توسيع الجبهة أو لجوء إسرائيل إلى توسيع نطاق عملياتها العسكرية ضد لبنان.
حسب المعلومات، لا يزال هناك استبعاد لقيام إسرائيل بأي عملية عسكرية موسعة، على الرغم من كل التهديدات، لأسباب عدة، أولها استمرار الغرق في غزة، وثانيها إنهاك الجيش، وثالثها عدم توفر دعم دولي وأميركي تحديداً، ورابعها قوة حزب الله وقدرته على الردع وإلحاق الخسائر الكبيرة في إسرائيل.
وحسب المعلومات القريبة من الإيرانيين، فإن أي تصعيد إسرائيلي ضد حزب الله سيعني دخول جبهات وقوى وفصائل متعددة على خط المواجهة.
تنسيق مفتوح
وعلى الرغم من هذا التقييم أيضاً، فإن قوى المحور تتخذ الإجراءات اللازمة للتعاطي مع أي تطورات، أو للأخذ في الحسبان أي تصاعد مفاجئ في وتيرة العمليات العسكرية ضد الحزب. وهذا مع تنسيق كامل من أجل انخراط قوى وفصائل متعددة لدعم حزب الله في حال اتسعت رقعة الصراع. كما أن تقييمات قادة المحور تشير إلى وجود وجهتي نظر داخل إسرائيل، أولها لدى بعض القوى السياسية اليمينية التي تطالب بتوسيع الحرب من دون احتساب التداعيات والنتائج على إسرائيل. وثانيها لدى الجيش الذي يفضل تجنبها بسبب خسائرها الكبيرة، لا سيما أن الجيش الإسرائيلي يبدو أنه الطرف الأكثر واقعية في التعاطي مع الملفات داخل إسرائيل، وهو الذي كان مندفعاً لإبرام الصفقة في غزة ووقف إطلاق النار.
إلى جانب الاجتماعات بين فصائل محور المقاومة، فإن التنسيق بين حزب الله وحركة حماس مفتوح أيضاً، خصوصاً حول احتمال انتقال نتنياهو إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة. وحسب ما تقول مصادر قريبة من الطرفين، فإن التنسيق شمل كيفية تلازم المسارين العسكريين بين غزة وجنوب لبنان، وأن المعادلة التي تم تكريسها هي تصعيد حزب الله لعملياته العسكرية ضد إسرائيل في حال تصعيد العمليات ضد المقاومة الفلسطينية في القطاع، والعكس صحيح، مع تثبيت قاعدة استمرار المواجهات طالما الحرب على غزة مستمرة.
.. ومفاوضات في بغداد
كل الترجيحات تشير إلى فترة طويلة من المراوحة العسكرية وفق الوقائع وقواعد الاشتباك القائمة حالياً، مع الإشارة إلى أن كل محاولات دفع حزب الله للانفكاك عن جبهة غزة قد توقفت. وفيما كانت تتوالى الرسائل المطالبة بذلك، فقد توقف الوسطاء عن المبادرة. أما المراهنة فعلى مسارين، الأول هو الضغط العسكري على إسرائيل لإجبارها على وقف الحرب وهذا يبدو مستبعداً. والثاني المراهنة على زيادة حجم الضغوط الأميركية والغربية على تل أبيب لدفعها إلى وقف الحرب ومنع توسعها، في موازاة تجدد المفاوضات الإيرانية الأميركية المباشرة في بغداد، للبحث بملفات المنطقة ككل. وذلك عطفاً على معلومات ترد من إيران تفيد بأن الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان قد حصل على ضوء أخضر من خامنئي ومن الحرس الثوري، بتجديد التفاوض مع الأميركيين، وتم وضعه في صورة الوضع العسكري لحلفاء إيران في المنطقة ككل.
نسخ الرابط :