| طوني كرم |
أثار تنازل رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر عن قرار الهيئة الاتهامية الصادر لمصلحة الدولة اللبنانية، إنقساماً قضائياً في مقاربة صوابيته، وذلك بعد تبيان عدم تجاوب المعنيين باستكمال التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، مع هذا الإجراء الكفيل بتحرير التحقيق من طلبات الردّ والمخاصمة.
وبعد أن دفعت التحقيقات التي انكبّ عليها القاضي جان طنوس، النيابة العامة التمييزية إلى الطلب من المحامي العام الإستئنافي القاضي رجا حاموش بعد تنحّي المدعي العام الإستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر عن الملف، الإدعاء على رياض سلامة وشقيقه رجا وماريان حويّك وكل من يظهره التحقيق، بجرم «الاختلاس، وتبييض الأموال والتزوير»؛ أدلى سلامة بما في جعبته أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت القاضي شربل أبو سمرا على مراحل، إلّا أنّ الأخير وخلال الجلسة التي دأبت القاضية إسكندر، على استجواب سلامة بأدق تفاصيل الشبهات المثارة حوله، رفع الجلسة من دون أن يوقّع المحضر؛ الأمر الذي وجدت فيه القاضية إسكندر مدخلاً للطلب من قاضي التحقيق الأول في بيروت بالتكليف القاضي بلال حلاوي، التغاضي عن إحالة الإدعاء على سلامة إلى الهيئة الإتهامية، والشروع في إعادة دعوة سلامة إلى التحقيق مجدداً. الأمر الذي لم يحصل في ظلّ تأكيد أوساط قضائية متابعة، على أنّ الإجراء الذي قامت به رئيسة هيئة القضايا تشوبه عيوب قانونية، فضلاً عن عدم صوابية وقانونية التنازل عن حقّ سلك مساره القضائي إلى الهيئة الإتهامية.
إجراء لا بدّ منه
في موازاة رفض التجاوب مع طلب رئيسة هيئة القضايا، توضح أوساط قضائيّة في هيئة القضايا لـ»نداء الوطن»، أنّ طلب اسكندر فسخ قرار الهيئة الإتهامية المناوبة برئاسة القاضية ميراي ملاك القاضي بفسخ قرار قاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا الذي قرّر ترك رياض سلامة بعد الإستماع إليه، أتى بعد تعمّد سلامة عبر وكلائه القانونيين، عرقلة عمل الهيئات الإتهامية – الأصيلة برئاسة القاضي ماهر شعيتو والهيئتين المناوبتين التي يرأسهما كل من القاضي سامي صدقي والقاضية ميراي ملاك. وأنّ هذا الإجراء أتى بعد إحالة القاضي أبو سمرا على التقاعد، وتكليف القاضي بلال حلاوي الحلول مكانه.
ولفتت إلى أنّ عدم توقيع القاضي أبو سمرا محضر جلسة الإستماع من شأنه أن يجعل الأمر وكأنّه لم يحصل، ما دفع رئيسة هيئة القضايا إلى الطلب من قاضي التحقيق الأول بالتكليف بلال حلاوي إسترجاع ملف سلامة إلى دائرته؛ الأمر الذي رآه حلاوي غير ممكن بعد أن أصبح الملف في الهيئة الإتهامية، ما دفع رئيسة هيئة القضايا إلى التنازل عن الحكم الصادر لمصلحتها من أجل إعادة الملف إلى القاضي حلاوي وتخطي العراقيل.
إلى ذلك، برز «ضياع» ملف التحقيق مع سلامة بين هيئتين إتهاميتين: هيئة يرأسها القاضي حبيب مزهر، عُهد إليها النظر في ملف سلامة بعد أن عمد القاضي ماهر شعيتو الذي يرأس إحدى الغرف الإتهامية إلى التنحي عن الملف؛ إلا أنّ تنحيه لاقى رفضاً قضائياً. ثم عمد الرئيس الأول الإستئنافي القاضي حبيب رزق الله إلى تعيين هيئة إتهامية جديدة برئاسة القاضية رولا الحسيني، عوض إعادة الملف إلى غرفة القاضي ماهر شعيتو. ما دفع الوكيل القانوني لحاكم مصرف لبنان السابق إلى رفع دعوى مخاصمة في وجه الرئيس الأول الإستئنافي حبيب رزق الله والقضاة رولا الحسيني وكارلا شواح وغريس طايع.
ولإستكمال مسار إغراق ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق في مستنقع العدلية من دون بتّ أي إجراء كفيل بالدفع قدماً نحو تبيان حقيقة الإدعاء على رياض سلامة، تمّ تكليف القاضي أيمن عويدات بمهمات الرئيس الأول حبيب رزق الله. ومع الطلب من رئيسة هيئة القضايا إبداء ملاحظاتها، اعتبرت القاضية اسكندر أنّ تلك الإجراءت تنم عن سوء نيّة، وطالبت بتعويض للدولة اللبنانية لدى غرفة القاضي نسيب إيليا بما يقارب 3 مليارات ليرة لبنانية عن كل ملف طلب ردّ في حق القضاة الذين يرأسون الهيئتين الإتهاميتين.
أكثر من ذلك، برز تقاذف للملف بين القاضي أيمن عويدات والقاضي حبيب مزهر الذي اتخذ قراراً قبل أن يعمد عويدات إلى تعيين مستشارين لهيئته، واعتبر أنّ صلاحية بتّ هذا الملف تعود إلى الهيئة الإتهامية التي يرأسها القاضي ماهر شعيتو. الأمر الذي دفع القاضي أيمن عويدات إلى تجديد طلبه من القاضي مزهر بتّ ملف سلامة. وعمد قبل أيام إلى تكليف المستشارين القاضيين أدهم قانصو ونادين أبو علوان إكمال الهيئة الإتهامية التي يرأسها القاضي حبيب مزهر، الناظرة في ملف استئناف الدولة اللبنانية في وجه المدعى عليه رياض سلامة.
وفي سياق متصل يعكس نمط التعامل مع ملف سلامة، تقاطعت آراء عدد كبير من القضاة على عدم صوابية الإجراءات التي تقوم بها رئيسة هيئة القضايا، ما دفع أوساطاً قضائية مضطلعة بعمل ودور هيئة القضايا في وزارة العدل إلى التشديد عبر «نداء الوطن» على أنّ «وكيلة الدولة» أي القاضية هيلانة إسكندر، ليست وكيلة عادية في حاجة إلى ترخيص يخوّلها التراجع عن قرار ما لمصلحة الدولة، بل يحتّم عليها اتخاذ الإجراءات التي تصبّ في مصلحة الدولة».
ووضعت التراجع عن القرار في خانة تخطي العراقيل التي تعوق تحقيق مصالح الدولة، لتختم بالطلب من المعنيين بتّ الطلب الذي تقدمت به رئيسة هيئة القضايا، الكفيل بإعادة تحرير ملف التحقيق مع رياض سلامة من العراقيل، وبما يخول قاضي التحقيق الأول بالتكيلف بلال حلاوي استدعاءه من جديد.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :