على الرغم من أنّ أجواء الحرب في لبنان والمنطقة لا تزال مسيطرة، والأفق الذي ستصل إليه في الأيام المقبلة غير واضح… إلا أنّ بعض مراكز الدراسات الغربية والجهات الدبلوماسية في بيروت بدأت تطرح على بساط البحث ملفّ الاستراتيجية الدفاعيّة اللبنانية المستقبلية. وهناك طرح جديد حول ضمّ الحزب إلى الجيش، بعد إلغاء موقع قائد الجيش واستبداله بهيئة أركان مشتركة.
ملأت بيروت أمس تصريحات مسؤولين أميركيين لـCNN، عن أنّ الحرب في لبنان باتت قاب قوسين أو أدنى. وأنّ إسرائيل تخطّط لغزو برّيّ في الصيف. لكنّ مراكز الدراسات والسفارات تسأل عن الاستراتيجية الدفاعيّة. وذلك في ضوء الدعوات إلى تطبيق القرار 1701 والوصول إلى تفاهم جديد يشبه إلى حدّ ما “تفاهم نيسان” بين لبنان والكيان الصهيوني. ذاك الذي جرى التوصّل إليه بعد حرب عام 1996 يومها من خلال جهود الرئيس الراحل رفيق الحريري، وبدعم سوري وأميركي وفرنسي وإيراني.
ما هي الأفكار التي يطرحها الباحثون حول الاستراتيجية الدفاعيّة المستقبلية بعد معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة والتداعيات المستمرّة على الجبهة اللبنانية؟ وما هي مواقف المسؤولين في الحزب حول هذا الملفّ الساخن؟ وهل نكون أمام تغيّرات مهمّة على صعيد هيكلية الجيش اللبناني ودور الحزب في المرحلة المقبلة؟
نصر الله يسوّق للاستراتيجية الدفاعيّة
على صعيد المسؤولين في الحزب لم تصدر مواقف حاسمة حول هذا الملف المهمّ. لكن برزت بعض الإشارات في خطابات الأمين العامّ للحزب عندما قال في أحد مواقفه: “علينا الاستفادة من الحرب على غزة من أجل بحث الاستراتجية الدفاعية في المستقبل وهذه تجربة مهمّة. فالعدوّ الصهيوني لا يحترم المعاهدات والقوانين الدولية، والقوّة هي التي تحمي لبنان”.
هذا الموقف المختصر يؤكد أنّ الحزب ستكون لديه مقاربة جديدة على صعيد الاستراتيجية الدفاعيّة ستأخذ بالاعتبار الدروس المستفادة من الحرب في لبنان وعلى قطاع غزة. وبالطبع التطوّرات الدائرة على الجبهة اللبنانية وانتهاك إسرائيل لكلّ القواعد والمعاهدات والقوانين الدولية. ولن يكون من السهل العودة للحديث عن الحياد والتحييد في ظلّ التطوّرات المتسارعة على صعيد القضية الفلسطينية وعدم التوصّل إلى حلول سياسية جذرية لهذه القضية.
الجيش ليس جاهزاً
في مقابل الموقف الحاسم للحزب حول دور المقاومة في مواجهة العدوّ الصهيوني. يجب الالتفات إلى مواقف وزير الدفاع موريس سليم لجريدة “الشرق الأوسط“. فهو أكّد عدم جهوزية جنود الجيش اللبناني للقتال بسبب تدنّي رواتبهم. ودعا لتقديم المساعدات للجيش اللبناني. فبدأت بعض الجهات الدولية والإقليمية البحث في كيفية تقديم هذه المساعدات. وكان من المقرّر عقد مؤتمر لدعم الجيش في باريس في الأيام القليلة الماضية، لكن بعض الخلافات الدولية أجّلت موعده.
بموازاة ذلك بدأت بعض مراكز الدراسات والأبحاث العربية والغربية التحضير لعقد لقاءات وورش عمل وإعداد أبحاث حول مستقبل القرار 1701 وكيفية تطبيقه والخيارات المستقبلية لدور الجيش اللبناني بعد نهاية الحرب في لبنان.
إلغاء موقع قائد الجيش
هناك طرح جديد ورد خلال لقاء جمع أحد الباحثين من الذين يتواصلون مع العديد من الجهات الإقليمية والدولية، مع عدد من الكوادر الإسلامية في الضاحية الجنوبية. ومفاده رؤية جديدة حول دور وهيكلية الجيش اللبناني. وذلك بالدعوة لإلغاء موقع قائد الجيش، واستبداله بـ”هيئة الأركان المشتركة”، على غرار الجيش الأميركي وبعض الجيوش الغربية والعربية. وأن تكون هناك وحدة خاصة بالصواريخ. وأن يكون قائد هذه الوحدة من المقاومة. وبذلك يصبح الحزب شريكاً في القرار العسكري والدفاعي. وفي ضوء ذلك يتمّ وضع تصوّر جديد لدور الاستراتيجية الدفاعيّة.
على الرغم من أنّ هذا الطرح لم ينَل حظّه من النقاش العميق خلال اللقاء، إلا أنّه أثار اهتمام المشاركين. وطبعاً قد يكون من المستبعد أن يقبل الحزب بضمّ قوّاته إلى الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والعكس صحيح بمعنى، رفص قيادة الجيش لهذا التصوّر. خصوصاً في ظلّ التطوّرات والتداعيات القائمة بسبب الحرب على قطاع غزة. لكنّ هذه الأفكار جديرة بالاهتمام والنقاش بانتظار الوصول إلى وقف لإطلاق النار ومعرفة مصير الحرب في لبنان خلال المرحلة المقبلة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :