إسرائيل مردوعة... والتهديدات لن توقف الجبهة
توسعة الحرب في الجنوب تعني تهجير مليوني إسرائيلي
في كلمة استمرت نحو ساعة ونصف ساعة، حرص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في احتفال أقامه الحزب أمس لمناسبة «يوم الجريح»، على توجيه جملة من الرسائل الحاسمة، في مقدّمها تبديد مفاعيل سياسة التهويل التي اعتمدها العدو و«الوسطاء» الدوليون منذ بداية الحرب، وخصوصاً في الأسابيع الأخيرة، مراهنين على تأثيراتها على الرأي العام اللبناني وعلى قيادة المقاومة وبيئتها المباشرة، إذ حسم، بصيغة لا لبس فيها، بأن «التهديد والتهويل وحتى شنّ الحرب، كل ذلك لن يوقف الجبهة الجنوبية. توقّفها مرتبط فقط بتوقف العدوان على غزة»، مكرّراً أن «الجبهة الجنوبية هي جبهة دعم وضغط ومشاركة بإلحاق الهزيمة بالعدو ليصل إلى نقطة يقتنع فيها بأن عليه وقف عدوانه على غزة». وقال: «من يهدّدنا بالتوسع في الحرب نقول له: بتوسِّع منوسِّع، ومن يتصور أن المقاومة تشعر بالخوف والارتباك فهو مخطئ تماماً ويبني على حسابات خاطئة». وأرسى نصرالله معادلة تهجير مستوطني شمال فلسطين في مقابل تهديدات العدو بتوسعة العدوان في الجنوب، مشيراً إلى أنه «إذا نفّذ العدو تهديداته، عليه أن يدرك أن المئة ألف مستوطن الذين غادروا الشمال لن يعودوا، وأن يحضّر الملاجئ لأكثر من مليوني مستوطن وليس 100 ألف».وبالتوازي، حسم الأمين العام لحزب الله الموقف برفض الوساطات الدولية بشكلها الراهن، رافضاً ضمناً ما يُطرح من اقتراحات عن انسحاب حزب الله من منطقة الحدود أو إلى شمال الليطاني، متبنياً ما نُقل عن الرئيس نبيه بري قوله للوسطاء بأن «نقل النهر إلى الحدود سيكون أسهل». وشدّد على أن «كل الوفود التي تأتي إلى لبنان لها هدف وحيد هو أمن إسرائيل وحمايتها وتنفيذ مطالبها وإعادة المستوطنين إلى الشمال، ولا يتناولون مسألة الأراضي المحتلة والاعتداءات الصهيونية وغيرها. هذه الوفود قامت بحفلة تهويل بحرب إسرائيلية واسعة، ولو كانت إسرائيل قادرة لكانت فعلت ذلك من اليوم الثاني»، حاسماً أن «تهويل الموفدين والمكاسب السياسية التي يُلوَّح بها لا يمكن أن تؤثر على موقفنا ولن تؤدي إلى وقف الجبهة اللبنانية».
كذلك حسم نصرالله بأن وقائع الميدان في الأشهر الأربعة الماضية أثبتت رؤية فعالية استراتيجية المقاومة ومعادلاتها التي جعلت العدو مردوعاً بدليل استمراره بالعمل وفق «انضباطية معينة»، مؤكداً «أن العدو ليس في موقع فرض الشروط على لبنان (...) وهو يقاتل ضمن حدود وضوابط معينة، والتجربة اليوم ثبّتت موازين الردع وأثبتت أن لدى لبنان قوة رادعة، وإلا كيف ما زال الإسـرائيلي طيلة 4 أشهر يحسب ألف حساب للتوسعة والامتداد؟»، داعياً لبنان الرسمي إلى عدم الخضوع للضغوط والتهويلات الغربية والإسرائيلية، بل إلى التكامل مع إنجازات المقاومة ومنع العدو من انتزاع أي مكاسب، وإلى «وضع شروط إضافية على الـ1701». وأضاف: «كشعب لبناني وكدولة ووطن، مصلحتنا عندما يكون في جوارنا عدو مغتصب معتدٍ، ألا يكون قوياً، بل أن يكون مستنزَفاً وضعيفاً ومردوعاً، والمصلحة الوطنية اللبنانية والسورية والأردنية والمصرية قبل المصلحة الوطنية الفلسطينية، هو أن تخرج إسـرائيل من هذه المعركة مهزومة»، مركّزاً على أنّ «خروج إسرائيل منتصرة من الحرب خطر على دول المنطقة وبالدرجة الأولى على لبنان». وأضاف: «إسـرائيل القوية خطر على المنطقة، وإسرائيل الضعيفة المردوعة الخائفة هي التي تشكل حالة أقل ضرراً وكارثية على دول المنطقة وشعوبها»، مشيراً إلى أنّ «إسرائيل القوية، التي كانت تعتبر أنّه يمكنها احتلال لبنان بفرقة موسيقية، هي الخطر على لبنان. أما إسرائيل المردوعة فهي التي يمكن أن يُحدّ من خطرها على لبنان ودول المنطقة».
سيُعاد بناء البيوت التي دمّرها العدوان الإسرائيلي في الجنوب «أحسن مما كانت»
وفي رسالة إلى بيئة المقاومة، أكّد نصرالله أنه سيُعاد بناء البيوت التي دمّرها العدوان «أحسن مما كانت»، مشيراً إلى أنه في مقابل «جهات في لبنان تهوّل على أهل الجنوب ببدء الحرب وهي تُعتبَر أسفل السافلين»، هناك «أغلبية ساحقة وعابرة للطوائف في الجنوب والقرى الحدودية تحتضن هذه المقاومة وتمارس المقاومة دماً وجراحاً وإنجازاً وبطولة وإقداماً، وهؤلاء يجب أن يُحترم رأيهم وإرادتهم أيضاً». وقال: «موقف أهل القرى الأمامية وأهل الجنوب نابع عن بصيرة، لأنهم الجزء الأكبر في لبنان الذي عانى من وجود الكيان الغاصب منذ 1948، وهم شهدوا أن الذي يستعيد أرضهم والذي أعادهم ويعيدهم إلى بيوتهم هو المقاومة، وأن من يضع حداً لتهديدات إسرائيل هو المقاومة». أما «الفئة التي تدّعي بأن القانون الدولي يحمينا ولا تزال تُجادل في جدوى المقاومة فميؤوس منها، والسجال معها يجب ألا يتحوّل إلى نزاع طائفي».
الوسطاء أبلغوا إسرائيل ردّ حزب الله... ونصرالله يسخر من الجميع
في وقت يتواصل النقاش في المستوييْن السياسي والإعلامي في إسرائيل حول الوضع في المستوطنات الشمالية ومآل المقترحات والأفكار التي يحملها موفدون أميركيون وغربيون إلى بيروت، والمتعلقة أساساً بالرؤية الإسرائيلية الخاصة بـ«ضمان أمن» المستوطنات الشمالية، جاء «الرد الرسمي» على هذه المقترحات في الكلمة التي ألقاها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس برفض هذه المقترحات التي تلبّي المطالب الإسرائيلية فقط، مهدّداً بنزول مليوني مستوطن من شمال فلسطين إلى الملاجئ إذا نفّذ العدو تهديداته.
وفيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن جميع الوسطاء أبلغوا تل أبيب أنه من دون وقف إطلاق النار في غزة لن يوقف حزب الله هجماته في الشمال، قال محلّل الشؤون العربية في «القناة 12» إيهود يعري إن «نصرالله أظهر ثقة بالنفس، وتبجّح جداً مع تهديدات لا أذكر مثلها منه، وسخر من الموفدين الذين زاروا بيروت، قائلاً إنه ليس لديهم ما يقترحونه، بل جاؤوا لإخافتنا ولسنا خائفين، كما قال إن إسرائيل لا تجرؤ على مهاجمة بيروت، وتحافظ على الإطار والقواعد (في المعركة) وردّ على وزير الدفاع يوآف غالانت بأنه سيضع مليونَي شخص من الشمال في الملاجئ».
في غضون ذلك، واصل حزب الله عملياته وفق قاعدتين، الأولى مساندة غزة بشعبها ومقاومتها، والثانية رداً على الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف القرى والمدنيين اللبنانيين. وفي هذا السياق، استهدف الحزب أمس تجمّعاً لجنود العدو في قلعة هونين وآخر في محيط موقع المرج، وأدّى استهداف تجمّع مماثل في ثكنة ميتات إلى «سقوط أفراده بين قتيل وجريح». كما هاجم مقر قيادة ثكنة زبدين، وموقع رويسات العلم في مزارع شبعا، والتجهيزات التجسّسية في موقع حدب يارين. ولليوم الثاني، سيطر مقاتلو الحزب على مُسيّرة إسرائيلية من نوع «سكاي لارك».
ورداً على الاعتداءات على القرى الجنوبية والمنازل المدنية وآخرها في قرية طلوسة، استهدفت المقاومة مبنى تابعاً للشرطة الإسرائيلية في كريات شمونة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحزب استخدم أسلحة دقيقة في قصف كريات شمونة بالاعتماد على نظام GPS، وأنه تمّ إخلاء إصابتين حالتهما متوسطة وخطيرة. وعلى الأثر، دعا رئيس بلدية كريات شمونة من بقي من سكان في المستوطنة إلى إخلائها فوراً.
نسخ الرابط :