افتتاحية صحيفة البناء:
فوج المغاوير يدخل طرابلس… وسجال عون والحريري يجدّد تعقيد المسار الحكوميّ
الحريريّ يحمّل الجيش المسؤوليّة... وميقاتي يلوّح بالأمن الذاتيّ
ماكرون يستجيب للسعوديّة لبنانيّاً وإقليميّاً فهل وصلت الرسالة
تسارعت المواقف الأميركية بعكس ما ترغب الرياح السعودية والإسرائيلية، مع تعيين الخبير في الأزمات الدولية روبرت مالي مبعوثاً رئاسياً أميركياً خاصاً في الملف الإيراني، كتعبير عن سعي أميركي لطمأنة المخاوف الإيرانية من عدم الجدية الأميركية برفع العقوبات، ومعلوم أن مالي كان شريكاً في صناعة الاتفاق النووي مع إيران كمفاوض في اتفاق 2015، كما أن مواقف مالي حافظت على نظرة تدعو للتمسك بالاتفاق وتندّد بالتصعيد ضد إيران، خصوصاً ما خصّ عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة إيرانيين وخبراء وعلماء نوويين، وحافظ على التواصل مع المسؤولين الإيرانيين، متميزاً بمواقف تدعو لأخذ وقائع المنطقة بالاعتبار في الأزمة السورية وبالتعامل مع القضية الفلسطينية، ما جعله عرضة للاستهداف المبرمج من "إسرائيل" والسعودية وشخصيات جماعات تدور في فلك كل منهما. وفي وقت لاحق لتعيين مالي أعلنت إدارة بايدن تجميد صفقات السلاح لكل من السعودية والإمارات كتعبير عن الضغوط الهادفة لوقف الحرب على اليمن.
بالتوازي كان الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون يخرج فجأة على قناة العربية المملوكة من ولي العهد السعوديّ والمعتمدة من قبله، ليعلن تبني الموقف السعودي من القيادات اللبنانية، في إشارة فهمت كرسالة سلبيّة للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، بالحديث عن سقوط الطبقة السياسيّة، كما أطلق ماكرون موقفاً مسانداً للدعوة السعودية للمشاركة في التفاوض المقبل مع إيران. وتساءلت مصادر سياسيّة متابعة لأحداث طرابلس ما إذا كانت مواقف ماكرون بنتيجة رسائل التفجير والفوضى التي شهدتها عاصمة الشمال، والتي تقول إن التفويض الأميركي لن يكفي ماكرون للإقلاع بمبادرته، من دون شراكة سعودية تملك قدرة التعطيل، إذا صحت التقديرات التي حملتها معطيات ما شهدته طرابلس لجهة استهداف زعاماتها التي أظهر غضبُها شعوراً بالضيق، خصوصاً ما صدر عن الرئيس الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، ووصل بهما الضيق حد اتهام الجيش بالتقصير وتحميله المسؤولية، وتلويح الرئيس ميقاتي بالأمن الذاتي.
الاعتقاد بالدور السعوديّ يستند بالنسبة للمصادر إلى الإجماع السياسي والأمني على رفض رواية الأحداث العفويّة، والتأكيد على وجود أيادٍ خارجية تملك ذراعاً محليّة، في ظل استبعاد الفرضية التركية وتصدّر بهاء الحريري للمشهد الشمالي منذ 17 تشرين ضمن جماعات الساحات الطرابلسية كمموّل، بينما ظهرت علاقته المميّزة بولي العهد السعودي مع تفاقم الأزمة بين ولي العهد والرئيس الحريري منذ احتجازه في فندق الريتز في الرياض وطرح اسم بهاء بديلاً له، وجاء الدعم السعودي لبهاء بمنحه هواء قناة تلفزيونية وازنة ليؤكد أنه عنوان المشروع السعوديّ بدلاً من شقيقه.
في ظل هذا التوتر السياسي والقلق من وجود مخططات تستهدف لبنان من عاصمة الشمال، نشر الجيش اللبنانيّ فوج المغاوير ليلاً في المدينة، وبدا الوضع ميّالاً للهدوء، بينما كان المسار الحكوميّ يشهد سجالاً عالي الوتيرة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ليجدّد التعقيدات على مسار الحكومة المعقد أصلاً.
وفيما كان تركيز الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الحكومية والصحية والأمنية منصبّاً على مواجهة وباء الكورونا وإعلان خطة اللقاح والاستعداد الميداني واللوجستي والطبي لوصول الدفعة الأولى من لقاح "فايزر" إلى لبنان منتصف الشهر المقبل، خطفت الأحداث الأمنية الخطيرة في طرابلس الأضواء واهتمام المسؤولين لما تُخفيه من أهداف ومخططات خارجيّة مبيّتة.
الوضع المأساوي في طرابلس وحجم الأضرار الجسيمة الذي خلفته الاشتباكات وأعمال التخريب والاعتداءات في المدينة المخطوفة من "زمرة زعران"، بحسب وصف فاعليات المدينة، دفعت بالمراجع الرئاسية والدينية والأجهزة الرسمية للتحرّك على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والإغاثية كافة في محاولة لإنقاذ المدينة قبل وقوع الانفجار الأكبر والذي لم يعُد بعيداً بحسب فاعليّات طرابلسيّة.
إلا أن التحرّك الرسميّ والروحيّ وصرخات أهالي المدينة لم تتمكّن من السيطرة على الوضع كلياً إذ استمرت عمليات الكرّ والفرّ بين مثيري الشغب والقوى الأمنيّة إلا أن المستجدّ عن الأيام الماضية هو تعزيز الجيش اللبناني انتشاره في مختلف أطراف المدينة مع إدخال فوج المغاوير إليها لمؤازرة الأفواج الأخرى. هذا الانتشار جاء بعدما تعرّضت قيادة الجيش لوابل من الانتقادات وسيل من الاتهامات بالتقصير في حماية المدينة أبرزها من الرئيس سعد الحريري والرئيس السابق نجيب ميقاتي وعدد من المراجع الطرابلسيّة.
وأشارت أوساط مطلعة على واقع المدينة لـ"البناء" إلى أن "مؤشرات ومعطيات عدة تجمّعت منذ الأسبوع الماضي أكدت بأن مخطط ما يجري إعداده لطرابلس وبعض المعلومات وتحركات جهات أمنية وصلت إلى أكثر من جهة أمنية رسمية ما يطرح علامات استفهام عدة حيال عدم التحرّك الأمني استباقاً لتفادي حصول المواجهات والاشتباكات وأعمال التخريب"، ولفتت إلى أنه "بات محسوماً لدى الجميع بأن ما حصل ليس وليد أسباب معيشية واقتصادية فحسب، بل هناك من استغلّ موجة الغضب الشعبي ودفع بالمندسّين إلى الشارع لإشعاله والاعتداء على الأجهزة الأمنية". وتساءلت: "هل حصل كل هذا التخطيط والتنفيذ لا سيما أن جموع المندسّين والمعتدين ومفتعلي الشغب وبعضهم ظهر على الهواء مباشرة، هل جرى كل ذلك من دون معرفة الجهات الأمنية المعنية لا سيما المسؤولة عن أمن المدينة؟". أما السؤال هو من أين أتى المشاغبون الذين يدعون الفقر والجوع بقنابل المولوتوف والقنابل الحربية الغالية الثمن؟ هل دفعوا ثمنها من جيوبهم أم جهات ما لها مصلحة بإشعال المدينة زوّدتهم بها؟ وهل الجهة التي خططت لذلك ستكتفي بهذا المستوى من الخراب أم أن فصول وجولات أخرى من المواجهات تنتظر مدينة الفيحاء؟
وفي سياق ذلك، كشف أحد فاعليات طرابلس توفيق سلطان بأن جميع الجهات الرسمية كانت على علم مسبق بما سيحصل في المدينة من دون أن تحرّك ساكناً.
وكشف مصدر أمنيّ شارك في الاجتماع في وزارة الداخليّة أن أسماء مَن أحرقوا مبنى بلدية طرابلس وصورهم باتت في حوزة القوى الأمنيّة، وبعضهم من غير اللبنانيّين.
وبقي التوتر سيّد الموقف في طرابلس لليوم الخامس على التوالي، لكنه سجل هدوءاً ملحوظاً مساء أمس، لكن الجمر لا يزال تحت الرماد بحسب ما تؤكد لـ"البناء" مصادر ميدانية والغضب الشعبي لم يهدأ ولم تفعل الدولة أي إجراء لاحتواء هذا الغضب والقول للمواطنين اخرجوا من الشوارع كما أن الأجواء لا توحي بأن الأمر سينتهي على خير والعابثين بأمن المدينة لا زالت أيديهم على الزناد لانتهاز أي فرصة للاستمرار بتنفيذ مخطط تدمير المدينة.
وكان عدد من الشبان تجمّعوا بعد ظهر أمس أمام مدخل سرايا طرابلس، وقاموا برشق القوى الأمنيّة بالحجارة وهم يردّدون "بدنا ناكل جوعانين". وألقت القوى الأمنية القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وتدخل الجيش اللبناني وأبعد المحتجين عن مبنى سرايا طرابلس وساحة عبد الحميد كرامي، حيث تفرّقوا في الشوارع المتفرّعة من الساحة وقاموا برشق عناصر الجيش بالحجارة.
ونفذت عناصر من الجيش اللبناني انتشاراً أمنياً في محيط ساحة عبد الحميد كرامي وفرع مصرف لبنان عند المدخل الشمالي للمدينة وعند تقاطع طريق بولفار فؤاد شهاب طريق المئتين.
إلا أن الأخطر في الأمر هو حديث بعض السياسيين وأصحاب المصالح في طرابلس عن الأمن الذاتي وحماية أنفسهم ومصالحهم، كما بشّر الرئيس ميقاتي بشكل مباشر والذي بدت عليه علامات الخوف والإرباك والقلق بقوله في حديث تلفزيوني إن الجيش لا يستطيع حمايتنا ولا حماية مصالحنا ومؤسساتنا، وبالتالي سنحمل السلاح للدفاع عنها. وبحسب معلومات "البناء" فإن الإقبال الفرديّ والمؤسسيّ على شراء السلاح ارتفع بشكل لافت في سوق السلاح السوداء بهدف تأمين الحماية الذاتية خوفاً من عمليات اعتداء وسرقة للمؤسسات والمنازل والممتلكات.
على المستوى الرسمي عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، الأوضاع الأمنية في البلاد بعد الاحداث في طرابلس. وأطلعت عكر عون على التقارير التي وردت من قيادة الجيش حول ملابسات ما جرى، والإجراءات الواجب اتباعها لعدم تكرار التعدّي على الأملاك والمنشآت العامة والخاصة. وطلب الرئيس عون التحقيق فيها والتشدّد في ملاحقة الفاعلين الذين اندسوا في صفوف المتظاهرين السلميين وقاموا بأعمال تخريبية لاقت استنكاراً واسعاً من الجميع ولا سيما من أبناء المدينة وفعالياتها.
كما عقد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي في مكتبه في الوزارة اجتماعاً أمنياً، شارك فيه قائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية وبحث في الأوضاع الأمنيّة المستجدة في كلّ المناطق اللبنانية، خصوصاً في مدينة طرابلس. واعتبر فهمي أنّ ما حصل في طرابلس من أعمال تخريبية واعتداءات على الأملاك العامة وإحراق مبنى البلدية لا يمتّ الى ثورة الجياع بصلة.
وردّت قيادة الجش على ميقاتي وعلى بيان الحريري الذي اتهم الجيش بالتقاعس عن حماية المدنية. وجددت القيادة في بيان التأكيد على أن الوحدات العسكرية لا تألو جهداً في المحافظة على الأمن والاستقرار في مدينة طرابلس، كما باقي المناطق اللبنانية. وأعلنت أنها "أوقفت ثلاثة أشخاص بينهم سوري، كانوا موجودين داخل مبنى بلدية طرابلس في ساحة التل يشتبه بمشاركتهم في أعمال التخريب وإضرام النيران في مبنى البلدية المذكور ما أدّى إلى احتراقه. كما أوقفت قوة من الجيش في شارع المئتين والتبانة شخصين على خلفية مشاركتهما في أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة، وإعاقة عناصر الدفاع المدني والإطفاء من الوصول إلى مبنى البلدية.
وأكد مفتي الجمهورية اللبنانيّة الشيخ عبد اللطيف دريان أن "إضرام النار في شوارع وأحياء طرابلس، وبخاصة المحكمة الشرعية والسرايا والبلدية، هو عمل غير مسؤول ومرفوض ومدان بكل المعايير ومحاولة لجرّ أبناء المدينة الى الفتنة التي يخطط لها البعض ومؤشر خطير لا يرضى عنه أحد".
وعقد اجتماع في دار الفتوى في طرابلس خلص للتأكيد على أن "ما حصل هو مؤامرة على المدينة ولا يمتّ إلى مطالب الناس المحقة بصلة".
وبدوره، رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تابع التطورات في المدينة عن كثب وبقي على تواصل مع كافة الأجهزة والفاعليات الطرابلسية ان "الإمعان في حرمان الشمال وعكار والهرمل مرفوض ولم يعُد جائزاً في استمرار تجاهل تداعياته". وأشار إلى أنه "يجب التوقف ملياً أمام الحرائق التي أشعلت ليل أمس بشكل مدروس وممنهج ومخطط له، للمباني الرسمية والمرافق العامة والمؤسسات البلدية والتربوية والقضائية فهي مدانة ومستنكرة ولا تمت لأبناء طرابلس بصلة لا من قريب ولا بعيد".
ولفتت زيارة السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل إلى السراي الحكومي حيث التقى الرئيس حسان دياب، وذلك بعد إشارة أكثر من جهة سياسية وإعلامية إلى دورٍ تركي ما في أحداث طرابلس عبر بهاء الحريري، علماً أن الرئيس سعد الحريري كان قد زار تركيا منذ حوالي شهر وبحث مع السلطات فيها الوضع في الساحة السنية في لبنان. كما جاءت زيارة السفير التركي بعد اتهامات تركيّة للقوى الأمنية باستخدام قنابل وذخائر فرنسيّة في المواجهات مع المتظاهرين!
وأبدى سفير تركيا استعداد بلاده للمساعدة بترميم المباني المتضررة في طرابلس لا سيما مبنى البلدية والسراي والمحكمة الشرعية.
ونشرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فيديو عن نتيجة الاعتداءات التي حصلت ليل أمس (الخميس) على سراي طرابلس، وكشفت أن المحتجين أطلقوا 200 قنبلة مولوتوف و8 قنابل حربية، 2 منها لم تنفجر. كذلك، اندلع حريق في المحكمة الشرعية السنية والطوارئ.
في غضون ذلك، وقّع لبنان والبنك الدولي اتفاقية القرض لبرنامج الفقر ودعم شبكة الأمان الاجتماعيّ، وذلك خلال اجتماع عُقِد في السراي الحكوميّ برئاسة الرئيس دياب، ومدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه.
وأوضح وزير الشؤون الاجتماعيّة رمزي المشرفيّة لـ"البناء" أنه "سيجري توزيع قيمة القرض البالغ 246 مليون دولار على العائلات الأكثر فقراً وحاجة في كل لبنان وهذا معزول عن برنامج المساعدات المعتمَد خلال قرار إقفال البلد بسبب كورونا"، ولفت إلى أننا "سنعتمد معايير موحَدة في التوزيع لكي لا يحصل تمييز بين العائلات لا سيما مستوى المعيشة والراتب وعدد أفراد العائلة ووضعها الصحي وغيرها"، وكشف أن "150 ألف عائلة لبنانيّة ستشملها هذه المساعدات بمبلغ 400 ألف ليرة لكل عائلة يبلغ عدد أفرادها خمسة وما فوق"، ولفت إلى أن "هذه المساعدة ستدخل حيّز التنفيذ فور توقيع المجلس النيابي على برتوكول اتفاقية القرض وإصداره بمرسوم".
في غضون ذلك، استمر السجال السياسي والإعلامي وحرب البيانات على محور بعبدا - بيت الوسط.
ورد المكتب الإعلامي للحريري على ما نقل عن عون في أحد المقالات الصحافية بالتأكيد على إصرار الرئيس المكلف على "حكومة الاختصاصيين و18 وزيراً ونقطة عالسطر".
في المقابل ردّ مكتب الإعلام في بعبدا بالإشارة الى أنّ "الرئيس المكلف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استناداً الى المادة 53 من الدستور. وهذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة، خصوصاً انّ التفرد هو نقيض المشاركة". مضيفاً: "لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقيّة والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته".
وإذ من المتوقع أن يطلق المدير العام للأمن العام اللواء عباس ايراهيم جملة من المواقف خلال مقابلة تلفزيونية الاثنين المقبل يتناول خلالها الملف الحكوميّ وملف اللبنانيين المعتقلين في دولة الإمارات، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيقوم بزيارة ثالثة للبنان بعد التحقق من أمور أساسية، وأشار إلى أن "النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب".
وعلى مقلب آخر، حذّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أن الوضع في لبنان صعب، ويمكن أن يتفاقم إن لم يتم تشكيل حكومة سريعة لأنه تنبغي استعادة الثقة". وتابع في حديث الى "فرانس 24": لاستعادة الثقة هناك 3 ركائز: الاولى تتمثل بإعداد ميزانية مع عجز أقل، والثانية يجب التفاوض مع الجهات المُقرضة خاصة أن هناك قراراً حكومياً بعدم دفع الديون الدوليّة، وثالثاً: هناك إصلاح النظام المصرفي الذي بدأناه في المصرف المركزي، ورابعاً، علينا إخراج الليرة اللبنانية من هذه الأسعار الثلاثة الذي يتم الاستفادة من هوامشها من قبل عمليات المضاربة". وعن التدقيق الجنائي، قال سلامة: لم نكن أبداً ضد عملية المراجعة القضائية وقدمنا حسابات المصرف المركزي، لكن كان هناك عائق قانوني يتعلق بحسابات الحكومة والمصارف، وهنا كان ينبغي أن تتم مبادرة قانونية لتعليق او إلغاء السرية المصرفية"، لافتاً الى ان "هذا يبين أننا كنا على حق، وبعد ان تم ذلك ابلغ المركزي الحكومة أن كل الحسابات تحت تصرفها".
وفي تصريح يناقض كل الروايات المختلقة لاتهام سورية في تفجير مرفأ بيروت، نفى جورج حسواني رجل الأعمال السوري أي صلات له بالانفجار وقال لوكالة "رويترز" إنه لا يعرف شيئاً عن شركة "سافارو" التي لها صلة بعمليّة شراء شحنة الكيماويات التي انفجرت. وتابع: "أمارس حياتي الطبيعية وأضحك، لأنني إنسان يعرف تمام المعرفة أن لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذا الموضوع. لمَ القلق؟".
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
ضريبة التضامن الوطني: إبراء ذمة من أثروا من المال العام
لا يبدو مشروع موازنة 2021، بالنسبة إلى وزارة المال، أكثر من خطّة لتمرير الوقت بأقلّ عجز ممكن. ومن هذا المنطلق، ومقابل التراجع الملحوظ في الإيرادات الضريبية المتوقّعة، تم استحداث ضريبة التضامن الوطني التي تؤمّن نحو ألف مليار ليرة، مع فرض ضريبة بنسبة 30 في المئة على فوائد سندات الخزينة وشهادات الإيداع. ألفا مليار ليرة تؤمّنهما الضريبتان المقترحتان، إلّا أنّ هذا المبلغ على أهميته، فهو لا يقرب أموال كلّ من اغتنى من فوائد الدين العام، بحجة انتظار برنامج صندوق النقد
ضريبة التضامن الوطني. هي ضريبة من اثنتين اقترحهما وزير المالية في مشروع الموازنة، بهدف تعويض الخسائر الكبيرة في المداخيل الضريبية، جرّاء الانكماش الاقتصادي المستمر منذ أكثر من سنة. تطال الضريبة الأولى من يملكون مليون دولار أو ما يزيد من الودائع. وبحسب المادة 30 من مشروع قانون الموازنة، هي ضريبة استثنائية تُفرض لمرة واحدة على قيمة كل حساب دائن مفتوح لدى المصارف العاملة في لبنان كما في 31/10/2020، وفقاً لما يلي:
واحد في المئة على كل حساب قيمته ما بين مليون و20 مليون دولار، أو ما بين 1.5 مليار ليرة و?? مليار ليرة.
1.5 في المئة على كل حساب قيمته ما بين 20 مليون دولار و50 مليون دولار، أو ما بين 30 مليار ليرة و75 مليار ليرة.
2 في المئة على الحسابات التي تفوق قيمتها ?? مليون دولار أو 75 مليار ليرة.
يشير بيان الإيرادات، الذي تضمنه مشروع الموازنة، إلى أن هذه الضريبة، التي تقع في خانة "ضرائب على رؤوس الأموال المنقولة"، ستدرّ 1.279 مليار ليرة. المبلغ يشمل الأموال المُحصّلة من ضريبة التضامن الوطني والأموال المحصّلة من الضريبة على توزيعات أرباح الأسهم (قُدّرت في موازنة 2020 بـ158 مليار ليرة، وتحقق منها فعلياً حتى آب 2020 نحو 93 مليار ليرة). هذا يعني أن الضريبة تلك ستحقق نحو 1.1 ألف مليار ليرة فقط.
أما الضريبة الثانية، فقد وُضعت لتعوّض تراجع إيرادات الضريبة على الفوائد المصرفية جرّاء الانخفاض الكبير في معدلات الفائدة على الودائع. وتطال هذه الضريبة الفوائد التي تزيد على 3 في المئة على الدولار و5 في المئة على الليرة اللبنانية. بحسب وزارة المالية، فإن هذه المادة الضريبية تؤمّن ما بين 800 مليار ليرة وألف مليار ليرة، وهي لا تطال عملياً سوى المصارف، إذ أن الفائدة التي يحصّلها الأفراد حالياً تقلّ عن واحد في المئة بالنسبة إلى الدولار، وعن 3 في المئة بالنسبة إلى الليرة، في حين أن فوائد شهادات الإيداع وسندات الخزينة مصرف لبنان هي وحدها التي تتخطّى الفائدة عليها النسبة التي اقترح وزير المال أن تُفرض عليها ضريبة الـ30 في المئة. وبالرغم من هذه الضريبة الإضافية التي تطال توظيفات المصارف في مصرف لبنان (لا تملك المالية أرقاماً دقيقة عن قيمتها الفعلية) إلّا أنّ إجمالي عوائد الضريبة على الأرباح يُتوقع أن يسجّل انخفاضاً بالمقارنة مع عام 2020 (من 2279 مليار ليرة إلى 1903 مليارات ليرة، وكان يمكن أن ينخفض إلى ما دون ألف مليار ليرة).
بالعودة إلى ضريبة التضامن الوطني، توحي التسمية أن الهدف هو أن يساهم أصحاب رؤوس الأموال في دعم أو التضامن مع فئات أخرى، من خلال التبرع بمبلغ زهيد. فمن يملك مليون دولار ستنقص وديعته 10 آلاف دولار ومن يملك 500 مليون دولار ستقلّ ثروته مليون دولار، ويبقى له 499 مليون دولار. تلك عملية تنسف المبدأ من الضريبة على الثروة وهو الاسم الفعليّ لضريبة كهذه. لماذا لم تزِد نسبة الضريبة عن الاثنين في المئة؟ تقول مصادر وزارة المال إنّ هذه النسبة دُرست بعناية بحيث تساهم في رفد الدولة بالإيرادات من دون أن تؤدّي إلى اعتراضات كبيرة يمكن أن تطيّرها. وفي مطلق الأحوال، تشير المصادر إلى أن هذه الضريبة لا تغني عن أيّ إجراءات يمكن أن تُتّخذ في إطار عملية الإصلاح المالي والنقدي المرتقبة. مصادر معنيّة تؤكد أن المشكلة الفعلية هي هنا. فوزارة المالية كان يُفترض أن تقدّم تصوّراً للعملية الإصلاحية وكيفية الخروج من المأزق الحالي، انطلاقاً من أن دورها لا يقتصر على تأمين الإيرادات وتقدير النفقات. لذلك، فإنّ إضافة ألفي مليار ليرة إلى الإيرادات كان يمكن أن يكون حلاً مقبولاً في زمن البحبوحة، للمساهمة في تخفيض العجز، إلّا أن إضافة هذا المبلغ إلى الواردات اليوم، يؤكد أن الوزارة لا تزال تراهن على شراء الوقت، متجنّبة الدخول في الحلول، التي لا تحتاج أصلاً إلى صندوق النقد لإجرائها. تقول المصادر: في حالة الانهيار ليس المقصود بالضريبة على الثروة أن يتضامن الأغنياء مع الفقراء أو أن يساهموا أكثر من غيرهم في تمويل الدولة. أما الضريبة التصاعدية فيُفترض أن تكون ضريبة طبيعية ولطالما طالب بها الساعون إلى العدالة الضريبية.
بالرغم من أن تأكيده أن نسبة الواحد في المئة هي نسبة مقبولة، إلّا أن الخبير المصرفي نسيب غبريل يعتبر أن ضريبة كهذه يجب أن تكون ضمن مشروع إصلاحي شامل، أي بما يضمن أن لا تؤدّي هذه الضريبة إلى غير الغاية منها كأن تموّل، على سبيل المثال، الوظائف الوهمية. لذلك، يفضّل غبريل لو تم تحديد الغاية من هذه الضريبة.
أمّا المصرفي جان رياشي فيعتبر أن المبلغ الذي تؤمنه هذه الضريبة جيّد في ظل الأوضاع الاستثنائية الحالية وإلى حين إيجاد حل اقتصادي شامل. إذ أن على الحكومة تأمين بعض الإيرادات التي يمكن أن تساهم، على سبيل المثال، في تعويض الدعم الذي قد يوقفه مصرف لبنان.
مع ذلك يعتبر أن المشكلة في عدم المساواة بين من احتُجزت أمواله في الداخل وبين من يودع أمواله خارج لبنان. ولذلك، يرى رياشي أن الضريبة على الثروة يجب أن تكون شاملة لكلّ أنواع الثروة إن كانت ودائع خارجية أو داخلية أو عقارات.
بالنسبة إلى الرئيس السابق لنقابة المحاسبين أمين صالح، فإن الضريبة الاستثنائية المطلوبة اليوم، يُفترض أن تطال كل الأطراف الذين استفادوا من الفوائد السخية على الدين العام، ومنهم كبار المودعين وهذه الفوائد التي تُقدّر بـ58 مليار دولار، هي ما يُفترض أن يكون هدف الوزارة. وبشكل أدقّ من كان يربح 40 في المئة فوائد أو حتى 10 في المئة، عليه أن يُعيد كل الفوائد التي حصل عليها بما يزيد على النسب العالمية. ولذلك، فهو لا ينظر إلى "ضريبة التضامن الوطني" إلّا بكونها مسعى لإبراء ذمة كل من استفاد من المال العام.
على سبيل المثال، واحد من الاقتراحات المتعلّقة بفرض ضريبة على الثروة كان الاقتراح الذي تقدمت به مجموعة "بناء الدولة". المجموعة كانت قدّرت الفوائد على الدين العام منذ 1993 وحتى 2019 بـ 86 مليار دولار، أي ما يعادل 36 في المئة من الإنفاق الحكومي. على هذا الأساس، اقترحت المجموعة أن تطال الضريبة الاستثنائية الودائع من 50 ألف دولار وما فوق، وبمعدلات تبدأ بـ11 في المئة وتصل إلى 38 في المئة. وهذه النسب محسوبة على قاعدة استرداد الفارق في فوائد الدين العام بين المعدلات المحلية السخية والمعدلات العالمية.
لكن مع ذلك، يعتبر الاقتراح أن الضريبة على الثروة من دون إرفاقها بإصلاحات أخرى لا يكفي. المطلوب أيضاً وقف دفع فوائد الدين العام فوراً، استرداد مبلغ الهندسات المالية التي أجراها المصرف المركزي لصالح المصارف التجارية مع فوائدها، استرداد سندات الدين العام منذ عام 1993 وحتى 2019، مع فوائدها...
بالنسبة إلى مصادر الوزارة، الاقتراحات المقدّمة مؤقتة وتهدف إلى زيادة المداخيل في عام 2021، وإلى حين الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويلي وإصلاحي. وبهذا المعنى، تشير المصادر إلى أن ضريبة الواحد في المئة لا تلغي لاحقاً إمكانية الهيركات أو إعادة رسملة المصارف أو أي خيار آخر يُتّفق عليه في إطار إعادة عملية الإصلاح النقدي.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
من طرابلس الى بعبدا: حرائق بقايا الدولة
لعل الاسوأ من دخان الحرائق الذي غطى سماء طرابلس في الساعات الأخيرة كان حريق #بقايا الدولة المتفحمة التي سقطت بكل معايير السقوط المسؤوليات السلطوية السياسية والأمنية والعسكرية بما يشمل العهد والحكومة والجيش والأجهزة الأمنية كافة. الاختبار المخيف الذي تصاعد دخانه من المبنى الأثري التاريخي لبلدية طرابلس وسرايا طرابلس وعشرات المباني والممتلكات العامة والخاصة التي امعن الشغب فيها حرقا، اسفر كخلاصة مثبتة لا تحتاج الى دلائل وقرائن الى انكشاف مخز للتواطؤ التوظيفي التآمري الذي تورط فيه بعض السلطة مع الرعاع الذين شنوا هجمات الشغب والعنف من جهة، والقصور والتقصير الأمني والعسكري الفاضح في احتواء الشغب والحد من موجات العبث المنهجي الذي تعرضت له المدينة ليل الخميس قبل ان يبدأ الجيش مساء امس تنفيذ سلوكيات متشددة من جهة أخرى. بذلك لم يكن غريبا اطلاقا ان تتصاعد صرخات الاحتجاج والاتهامات من القوى الطرابلسية أولا، والسياسية والدينية عموما ثانيا، حيال القصور الأمني والعسكري بعد صدمة حرائق طرابلس التي تفرج عليها حماة المدينة الأمنيون والعسكريون طويلا منتصف ليل الخميس قبل ان تخمد النيران.
واذا كانت صدمة حرائق طرابلس رسمت ملامح فجيعة حقيقية فان الصدمة السياسية الموازية التي واكبتها والتي لا تقل سؤا تمثلت في الهجوم الجديد الذي شنه رئيس الجمهورية ميشال عون على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ولم يوفر تهمة لم يوجهها اليه من عدم التعاون معه وعدم الاعتراف بشراكة التاليف الى منع مشاركة المسيحيين كالآخرين في تسمية وزرائهم. واختار عون لهجومه توقيتا مريبا للغاية تزامن مع احتدامات طرابلس الامر الذي شكل للمراقبين اثباتا متقدما حيال توظيف الحدث الأمني المتدحرج للضرب بقوة على هدف بات مكشوفا للعهد وهو اسقاط تكليف الحريري بالضربة القاضية بعد فشل حمله على الاعتذار. وقد لفت الأوساط المعنية في هذا السياق ان وتيرة الهجمات المنسقة على الحريري تصاعدت بسرعة في الآونة الأخيرة بتوزيع منسق مدروس بين الرئيس عون والقصر ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بما يكشف اندفاع العهد الى اسقاط كل الجسور المحتملة التي يمكن ان تمر فوقها وساطات داخلية او خارجية لحمله على وقف تعطيل تشكيل الحكومة وتاليا فهو يدفع بقوة الى تعميم مناخ وحالة عدائية مع الحريري علها تشكل الضربة القاضية لتجربة تعايش جديدة في الحكومة العتيدة. ولكن مجريات السجال الذي حصل امس أظهرت تمسكا حاسما لدى الحريري على مواجهة عون انطلاقا من خطوته الدستورية التي تمثلت في تقديم تشكيلته الحكومية والتي عطلها العهد. وفي ما يعكس عمق الانفجار السياسي الذي تسبب به هجوم عون على الحريري عبر صحيفة “الاخبار” امس جاء في رد الحريري “المؤسف والمؤلم جداً أن يصدر الكلام المنقول عن فخامة رئيس الجمهورية، فيما البلاد تواجه سيلاً من الأزمات الصحية والأمنية والسياسية وتشهد العاصمة الثانية طرابلس هجمة منظمة تثير الريبة في أكثر من اتجاه ” مضيفا “يبدو ان البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجني على الآخرين ” .
اما قصر بعبدا فرد على الحريري معتبرا ان “الرئيس المكلف مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، وفي ايّ حال، لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته”.
ماكرون مجددا
اما المفارقة اللافتة التي واكبت هذا الفصل الجديد من الانهيارات السياسية فتمثلت في اطلالة جديدة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الواقع اللبناني اذ اكد أنّه سيزور لبنان قائلاً: “سأقوم بزيارة ثالثة للبنان بعد التحقق من أمور أساسية”.
وفي حديثٍ له عبر قناة “العربية” قال ماكرون:” النظام اللبناني بمأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب”، مضيفاً:” عاطفتي مع الشعب اللبناني أما قادته فلا يستحقون” .وشدد على ان خارطة الطريق الفرنسية للبنان لا تزال مطروحة على الطاولة ولا حلول أخرى متاحة.
بعد ليل الحرائق
ومساء امس استعادت طرابلس بعض الهدوء النسبي عقب الأيام العاصفة “والنارية” التي شهدتها سابقا اذ برزت استعدادات حازمة للجيش وقوى الامن الداخلي حالت دون تجدد اعمال الشغب وافتعال الحرائق ومنعت مجموعات المتظاهرين من بلوغ السرايا والتجمع في ساحة النور . وبعدما حال الخلاف بين الرئيس عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على انعقاد المجلس الاعلى للدفاع ومجلس الامن المركزي ، عقد امس وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي في مكتبه في الوزارة اجتماعاً أمنياً، شارك فيه القادة العسكريون والأمنيون شدّد فهمي على ضرورة تعزيز التنسيق بين الأجهزة الامنية كافة .
وفي المعطيات التي سربت عن الاجتماع ان المعلومات الأمنية اكدت ان مجموعات الثوار لم تكن وراء رمي القنابل اليدوية على السرايا في طرابلس وتوافرت صور لمن قاموا بذلك وهم ليسوا لبنانيين لديهم إنتماءات معينة . كما اعلن الجيش توقيف ثلاثة أشخاص بينهم سوري، كانوا موجودين داخل مبنى بلدية طرابلس في ساحة التل يشتبه بمشاركتهم في أعمال التخريب وإضرام النيران في مبنى البلدية . كما أوقف الجيش في شارع المائتين والتبانة شخصين على خلفية مشاركتهما في أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة وإعاقة عناصر الدفاع المدني والإطفاء من الوصول إلى مبنى البلدية.
وفيما عقد اجتماع في دار الفتوى في طرابلس اكد ان “ما حصل هو مؤامرة على المدينة ولا يمت إلى مطالب الناس المحقة بصلة” ، رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري انه” يجب التوقف مليا أمام الحرائق التي أشعلت ليل أمس بشكل مدروس وممنهج و مخطط له، للمباني الرسمية والمرافق العامة والمؤسسات البلدية والتربوية والقضائية فهي مدانة ومستنكرة ولا تمت لابناء طرابلس بصلة لا من قريب ولا بعيد”.
وجاء الموقف الأبرز من تطورات طرابلس في بيان لرؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وسعد الحريري وتمام سلام اذ شددوا على أن “طرابلس التي طال أمد إهمالها وتهميشها ليست ولن تكون بؤرة لأصحاب المشاريع المجرمة والفاسدة. ولن تكون مغلولة الأيدي حيال استهداف عنفي مجرم، ظاهره اجتماعي وباطنه سياسي فاقع يعطل تأليف الحكومة ويسترهن طرابلس من ضمن استرهان الدولة لتفريغها من مقوماتها ولتقزيم دورها وإسقاطها”.
ولفتوا الى “اقدام أولئك المخربين على الاعتداء وإشعال النيران في المؤسسات الرسمية والبلدية على مرأى من أعين وحدات الجيش. ويأتي فوق ذلك كله من أقدم على منع أجهزة الإطفاء وعطل أعمال الاغاثة والإنقاذ بشكل مريب وإجرامي لتظل النيران مشتعلة في المبنى التاريخي لبلدية طرابلس. علما أن أغلب من ارتكب تلك الأعمال المستنكرة معروف ومرصود من الأجهزة المخابراتية والأمنية المختصة، بالأسماء والهوية”.
اطلاق لبنانيين
وفي بقعة ضوء وسط هذا الصخب المقلق، اعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ان الموقوفين اللبنانيين في الإمارات سيفرج عنهم بعد ساعات. واكد أنه على تواصل مع مسؤولين إماراتيين منذ زهاء سنتين “لحل هذه الملفات”. وردا على سؤال بشأن عدد الموقوفين، قال إن العدد “وصل إلى 30″، قبل أن يكشف أن “نصفهم سيعود خلال ساعات”.
وليلا اعلنت “ال بي سي اي” انها حصلت على لائحة اسماء الموقوفين في الامارات، الذين اعلن اللواء عباس ابراهيم عن عودتهم خلال الساعات القليلة المقبلة الى لبنان، وهم: زيد الضيقة، محمد الدر، نادر خليل، محمد حسيني، حسين زريق، ماهر الزين، زاهر خليل، زاهر الزين، حسن زريق، علي مخدر ،حسن مرتضى.
**********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“نشر غسيل” حكومي بين بعبدا وبيت الوسط… و”البادئ أظلم”!
ماكرون يُعرّي المنظومة الحاكمة: تحالف مافياوي – ميليشياوي
على دارج عادتها، تقتل السلطة القتيل وتمشي في جنازته وتزاحم الناس في الندب والشجب فوق الأضرحة… هكذا بعد أن ضرب من ضرب وهرب من هرب على ساحة الأحداث في طرابلس، سارعت إلى نفض يدها من دماء الطرابلسيين وتجهيل المخرّبين بعدما أدوا مهمتهم على أكمل وجه في “حرق” التحركات الاحتجاجية وحرفها عن وجهتها المطلبية وترهيب المتظاهرين تحت طائل وصمهم بالإرهابيين والمندسين. وكالعادة أيضاً، الكل يشير بإصبعه إلى “جهة معلومة” تقف خلف الأعمال التخريبية لكنّ أحداً لا يفصح عن اسم ولا حتى عن رسم تشبيهي لهذه الجهة أو لأدواتها على الأرض، فتضيع مجدداً بوصلة التحقيق ويسود تمييع الحقائق وتمويه المعطيات لتكون النتيجة كما على الدوام، فعلاً ومفعولاً به بلا فاعل!
هي اللعبة الخبيثة نفسها التي تمرّست بها المنظومة الحاكمة واستخدمتها سلاحاً فتاكاً في مواجهة ثورة 17 تشرين هرباً من أي تغيير أو إصلاح في تركيبة الدولة، حتى باتت لعبة ممجوجة ومفضوحة أمام أعين الداخل والخارج، ليأتي تشخيص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد خبرة عن كثب مع أركان المنظومة، أبلغ تعبير عن طبيعتها، فوضع إصبعه على العطب البنيوي في النظام اللبناني القائم في تركيبته على تحالف مافياوي ميليشياوي نتج عنه “حلف شيطاني بين الفساد والترهيب”، مبدياً تعاطفه مع الشعب اللبناني وأسفه لكون قادته “لا يستحقون بلادهم”.
وإذ أكد ماكرون أنه يعتزم زيارة لبنان للمرة الثالثة “بعد التحقق من أمور أساسية”، واضعاً القوى السياسية أمام حقيقة كونهم موجودين قبالة حائط مسدود لن يجدوا مهرباً ولا منفذاً منه إلا عبر “خريطة الطريق الفرنسية” التي لا بديل إنقاذياً للبنان سواها، أعرب مراقبون في المقابل عن خشيتهم من أن يستمر العناد الرسمي اللبناني عصياً على تنفيذ المبادرة الفرنسية، ربطاً بالموقف المتشدد الذي أبداه ماكرون أمس إزاء الملف النووي الإيراني، خصوصاً وأنّ طهران التي لم تتعاون سابقاً مع باريس في عملية الإفراج عن ورقة الحكومة اللبنانية وفضّلت انتظار مفاوضاتها المباشرة مع الإدارة الأميركية الجديدة، لا يبدو أنها ستقابل اليوم بارتياح كلام الرئيس الفرنسي حول وجوب أن يكون التفاوض النووي معها “صارماً جداً” هذه المرة، مع ضرورة تجنب تكرار الولايات المتحدة والدول الكبرى “خطأ عام 2015 عندما استُبعدت القوى الإقليمية عن الاتفاق مع إيران”.
وبانتظار الضوء الأخضر الإيراني، وما سيعقبه من ضوء “أصفر” يليه “برتقالي” على الساحة الداخلية إيذاناً بولادة الحكومة، ستستمر عملية عرقلة التأليف فصولاً تحت ستار الدفاع عن الدستور والمادة 53 منه، وليس ثمة ما يشي بأنّ أياً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في وارد التراجع والاستسلام على حلبة الكباش الوزاري، بل على العكس من ذلك، دلّ تصاعد حدة التراشق الإعلامي على جبهتي بعبدا وبيت الوسط خلال الساعات الأخيرة على أنّ الأمور بدأت تسلك مسلك “نشر الغسيل” الحكومي وفضح المستور من نقاشاتهما خلال اجتماعات القصر الجمهوري.
وفي هذا الإطار، برزت جولة متقدمة من حفلة الردود والردود المقابلة بين عون والحريري عبر مكتبيهما الإعلاميين أمس، إثر كلام للأول اعتبره الثاني يختزن حالة من “الإنكار والتجني” ومواقف “وروايات غير صحيحة لا تستوي مع مكانة الرئاسة ومسؤوليتها الوطنية”. فبعدما جاهر رئيس الجمهورية للمرة الأولى، كما نُقل عن لسانه، برفض صيغة الـ18 وزيراً التي رفعها إليه الرئيس المكلف وأنه من الآن وصاعداً لم يعد ليقبل ببحث أي تشكيلة وزارية ما لم تكن “عشرينية” بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي إلى تركيبتها، متهماً الحريري بأنه يعارض “التدقيق الجنائي”، بادر الأخير إلى “كسر صمته وتحفظه” إزاء مجريات النقاش الذي دار مع عون، ووجد نفسه مضطراً للرد وتصويب التسريبات الرئاسية على قاعدة “البادئ أظلم” وفق تعبير أوساط مواكبة للملف الحكومي، مشيرةً إلى أنّ “الإمعان العوني في إلصاق تهمة التعطيل بالرئيس المكلف لن يمرّ بعد اليوم مرور الكرام، وما جاء في الرد المفنّد “نقطة بنقطة” على الكلام المنسوب لرئيس الجمهورية ليس سوى غيض من فيض ما يمكن أن يقال في سرد الوقائع وكشف الحقائق وتبديد الفبركات منعاً لتضليل الرأي العام”، وصولاً إلى ذكرى 14 شباط، باعتبارها سقفاً زمنياً لإطلالة الحريري وموعداً مرتقباً لمصارحة الناس بالمسببات الحقيقية لتعطيل ولادة الحكومة التخصصية الإنقاذية استناداً إلى موجبات المبادرة الفرنسية.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
عون والحريري: ملاكمة سياسية.. وباريس تحضّر لزيارة ماكرون
في ظلّ الإنسداد الداخلي، فتح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ثغرة جديدة في الجدار اللبناني، بإعلانه امس، بأنّه سيقوم بزيارة ثالثة الى لبنان بعد التحقق من أمور اساسية، معتبراً انّ النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف بين ما سمّاهما الفساد والترهيب.
وبحسب ما نقلت محطات اعلامية عنه، قوله على مائدة إعلامية مستديرة امس الجمعة، إنّ «خارطة الطريق الفرنسية للبنان لا تزال مطروحة على الطاولة، وانّه يعتزم زيارة هذا البلد»، مضيفاً، «انّ لا حلول أخرى متاحة لأزمة لبنان غير الخطة الفرنسية، وإنّه سيفعل كل ما باستطاعته للمساعدة في تشكيل حكومة».
على النار الفرنسية
يأتي إعلان ماكرون، كتتويج للحضور الفرنسي الذي بدأ يشهد وتيرة مكثفة منذ ايام قليلة، في محاولة لإعادة وضع المبادرة الفرنسية على سكة التطبيق كما ارادها ماكرون، وتفضي الى تشكيل حكومة وفق مندرجاتها، بمهمات إنقاذية واصلاحية تفتح باب المساعدات للبنان.
وبحسب ما اكّدت لـ»الجمهورية»، مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، فإنّ المستويات الرسمية الفرنسية باتت تقارب الملف اللبناني في هذه الفترة، باعتباره أولوية جديّة، خلافاً لما كان عليه الحال قبل اسابيع قليلة، وانّ زيارة ماكرون الى بيروت، ستكون مختلفة عن سابقتيها، وخصوصاً لناحية الإشراف المباشر على وضع الآلية التنفيذية للمبادرة الفرنسية موضع التنفيذ العملي، التي يقع في بندها الأول تشكيل حكومة المهمّة.
ولفتت المصادر، الى انّ أجواء الايليزيه لا تتحدث عن موعد محدّد لزيارة ماكرون الى بيروت، الّا انّ المصادر تعتبر انّ حراجة الملف اللبناني تفترض الّا تتأخّر هذه الزيارة بضعة اسابيع، لافتة الى انّ ما اشار اليه الرئيس الفرنسي حول التحقّق من امور أساسية، مرتبط بالتحضيرات التمهيدية لهذه الزيارة، سواء في باريس او مع الجانب اللبناني، علماً انّ حركة الاتصالات الفرنسية مع القادة اللبنانيين لم تنقطع حتى ما قبل أيام قليلة.
ورداً على سؤال، اشارت المصادر الى ما اعلنته الخارجية الفرنسية في الساعات الاخيرة، عن انّها تنشط في اتجاه لبنان، وقالت انّ ذلك يشكّل اشارة فرنسية الى انّ الملف اللبناني موضوع على نار فرنسية حامية. ولم تستبعد المصادر في هذا السياق، ان تسبق زيارة ماكرون الى بيروت، زيارة تمهيدية يقوم بها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان.
وقع الطلاق
حكومياً، لا يحتاج تعطيل تأليف الحكومة الى حكّ دماغ، أو إلى بذل جهود لسبر اغواره، ذلك أنّ السبب بات واضحاً وضوح الشمس، وهو انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، يقفان من الأساس على نقطة مشتركة وهي الطلاق النهائي بينهما، واستحالة تعايشهما تحت سقف حكومي واحد. وكل ما يُثار من اسباب تعطيلية من هنا وهناك، ما هي إلّا أسباب ثانوية لا قيمة لها أمام الشعور الشخصي المتبادل بينهما، الذي لم يعد يخفيه أيّ منهما، ويعبّران عنه بالمواقف العالية النبرة التي يدحرجها كلّ منهما في اتجاه الآخر، ويلقي بها المسؤولية على الآخر، ويبدو فيها كلّ رئيس وكأنّه هو وحده من يقول الحقيقة، فيما الرئيس الآخر يقول عكسها.
وما بات مؤكّداً، وبشكل لا يرقى اليه الشك، هو انّ مسار تأليف الحكومة معطّل بالكامل، سُدّت فيه، او بالأحرى مسدودة فيه، من لحظة تكليف الحريري تشكيل الحكومة، كل الابواب والنوافذ التي يُفترض أن تؤدي الى انفراج، او الى حكومة بصلاحيات إنقاذية وإصلاحية. فالطلاق بين الرئيس عون والحريري، وكما تؤكّد الوقائع المحيطة به، يبدو أنّه من النّوع الذي لا رجعة عنه، وخصوصاً انّه أحبط كلّ المحاولات والوساطات التي رمت الى جمع شريكي التأليف على مخدّة حكومية واحدة، فضلاً عن أنّه دفع الطرفين الى النزول الى حلبة ملاكمة سياسية بعبارات واتهامات من الوزن الثقيل.
وبمعزل عمّن يقول الحقيقة، سواء عون او الحريري، أو عن سعي كلّ منهما الى تسجيل نقطة على الآخر لإحراجه فإخراجه، أو رفض هذا الرئيس أو ذاك التنازل أو التراجع عن شروط يعتبرها معززة لرصيده السياسي او الشعبي، وبمعزل عمّا يكنّه هذا الرئيس لذاك الرئيس، فربّما فات معطّلي الحكومة أنّ في موازاة «حربهما الشخصية»، أنّ البلد صار في آخر مرحلة ذوبانه سياسيّاً واقتصاديّاً وماليّاً ومعيشيّاً واجتماعيّاً وامنيّاً، وهو أمر يفترض – بالحدّ الأدنى- أن يوقظ لدى شريكي التأليف الشعور بالمسؤولية، ويأتي بهما معاً وفوراً، الى بيت طاعة البلد، وادراك واقع البلد بتشكيل حكومة صار ملحاً وجودها، لعلّها تتمكّن من انقاذ ما يمكن انقاذه مما تبقّى من اعمدة الهيكل اللبناني المتداعي، وتوقف مسار الانهيار المتسارع على كل المستويات. وتحول دون اشتعال النار في البلد، وهو ما تنذر فيه الأحداث الاخيرة في طرابلس، والتي يُخشى معها أن تلفح رياحها الساخنة مختلف المناطق اللبنانية.
التأليف صفحة طويت!
بالتأكيد انّ المسؤولية الوطنية تقتضي هذا الإيقاظ، الّا انّ أجواء رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف التي تشي خلاف ذلك، وهذا ما تؤكّده مصادر موثوقة مدركة لحجم الخلاف بينهما بقولها لـ«الجمهورية»: «الثابت في مسار التأليف، انّ عون والحريري في مكان آخر، يعلّقان البلد على مزاجين متصادمين عائمين على اولويات خاصة او بالأحرى شخصية، يُراد منها كسر الآخر، وتبعاً لذلك، فإنّ تأليف الحكومة كان صفحة مفتوحة وطويت. فالرئيس المكلّف لن يتخلّى عن ورقة التكليف، وهو يؤكّد ذلك امام الجميع بأنّه سيبقى ممسكاً بهذه الورقة الى النهاية، ومتمسكاً بتوجّهه نحو تأليف حكومة لا يتحكّم بها عون وجبران باسيل».
اما في المقابل، تضيف المصادر، فإنّ رئيس الجمهورية بات يعتبر تكليف الحريري شيكاً بلا رصيد، وقد لا يتأخّر الوقت الذي يبق البحصة فيه، ويقول صراحة وعلناً ما بات يُقال في المجالس المحيطة به، بأنّ لا امكانية للتعايش مع الحريري، وتبعاً لذلك، فهو بات يفضّل أن تبقى حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية عهده، فمن خلالها، وحتى ولو كانت مقيّدة بالحدود الضيّقة لتصريف الاعمال، قد يتمكن من ان يحقق من إنجازات، ما قد لا يتمكن من تحقيقه مع حكومة برئاسة الحريري.
هذه الاجواء التي تعكس الهوة الواسعة بين عون والحريري، وكما تؤكّد المصادر عينها، أفشلت كلّ الوساطات الداخليّة للتقريب بينهما، وسبق لها أن افشلت المبادرة الفرنسيّة، وهي نفسها الأجواء التي تشكّل فشلاً مسبقاً لأيّ مسعى خارجي قد يتجدّد تجاه لبنان، سواء أكان من الفرنسيين او غيرهم. ومعنى ذلك، انّ الوضع في لبنان مرشح لأن يخضع لفترة طويلة من انعدام التوازن السياسي والحكومي، والمراوحة السلبية في شتى المجالات، مع ما قد يرافق ذلك من أثمان باهظة قد يدفعها البلد في اقتصاده واستقراره وامنه.
سجال الرئيسين
في هذا الوقت، بدا انّ الشعرة قد انقطعت نهائياً بين عون والحريري، ربطاً بالكلام المنقول عن رئيس الجمهورية والردّ العنيف عليه من الرئيس المكلّف.
في كلامه المنقول عنه، القى رئيس الجمهورية بمسؤولية تعطيل تأليف الحكومة على الرئيس المكلّف، مشيرا الى تجاوز لصلاحيات رئيس الجمهورية، ومحاولات لفرض حكومة غير متوازنة يسمّي وزراءها، مشيراً الى انّه يريد التعاون مع الحريري الّا انّ الحريري لا يريد ذلك، معلناً انّه لا يطالب بالثلث المعطل، ولا يقبل بحكومة من 18 وزيراً بل حكومة من 20 وزيراً لإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي. واتهمّ المكتب الاعلامي للرئيس المكلّف في بيان له أمس، «دوائر قصر بعبدا» بأنّها «تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف اطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة».
وجاء في البيان: «لقد غاب عن فخامة الرئيس انّه أودعني قائمة بمجموعة اسماء، اخترت منها وفقاً للاصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص. كما غاب عن فخامته انّ الحل الذي اعتُمد لوزارة المال تمّ بالتوافق، ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا، بدليل انّ الورقة التي سلّمني ايّاها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة. اما الثلث المعطل فله كما يعلم شأن آخر يقودنا الى ورقة توزيع الحقائب على الطوائف وممثلي القوى السياسية، وهي ورقة تشكّل خرقاً تاماً لمبدأ تشكيل حكومة من اهل الاختصاص، وتستدرج التشكيلة تلقائياً الى خانة الثلث المعطل». ورداً على قول رئيس الجمهورية بأنّه لن يتحدث من الآن فصاعداً الّا عن حكومة من 20 وزيراً، اعلن بيان الحريري انه «لن تكون هناك حكومة الّا من 18 وزيراً… ونقطة عالسطر».
اضاف البيان: «لقد راهن الرئيس الحريري على فتح صفحة جديدة تنقل البلاد الى مساحات من المصالحة والإنجاز والإنقاذ الاقتصادي، وهو اقدم على مغامرة انتخاب العماد عون رئيساً، مدركاً اهمية التأسيس لمرحلة جديدة لا تحكمها سياسات الانكار والتعطيل، غير انّ الرياح جرت مع الاسف بما لا تشتهي النوايا الطيبة وارادة العيش المشترك والجهد المطلوب لوقف استنزاف الدولة في حلبات الطوائف».
وحول كلام عون عن انّ الحريري طلب صرف النظر عن التحقيق الجنائي. وانّ الرئيس نبيه برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي، قال المكتب الاعلامي للحريري: «يبدو انّ فخامة الرئيس نسي او تناسى انّ مجلس النواب اقرّ التحقيق الجنائي في 20 كانون الاول ووافقت عليه كتلة «المستقبل» الى جانب كتلتي الرئيس بري والوزير جنبلاط، وربما نسي فخامته او تناسى ايضاً انّه كان اول من بادر الى الاشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين يكون إن تناسى مصيبة وان نسي فالمصيبة اعظم». وسأل المكتب الاعلامي: «أيّ مخيلة تصنع للرئيس كل ذلك لتبرّر له امام اللبنانيين سياسات التعطيل؟ وأي عقل هذا الذي يريد اشتباكاً طائفياً بأي وسيلة تارة مع هذه الجهة وتارة اخرى مع تلك؟». وخلص الى القول: «إنّ اساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم، ولن نعطيهم فرصة الفرحة بأي اشتباك اسلامي – مسيحي. ولكل مقام مقال اذا شاؤوا».
ردّ على الردّ
وفي وقت لاحق، ردّ مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية على بيان مكتب الحريري «الذي احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي». واعلن مكتب عون «انّ الرئيس المكلّف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استناداً الى المادة 53 من الدستور»، لافتاً الى أنّ هذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً انّ التفرّد هو نقيض المشاركة»، وخلص الى التأكيد على أنّه «لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته».
.. وردّ آخر على الردّ
وردّ المستشار الاعلامي للرئيس المكلّف حسين الوجه على بيان مكتب عون بقوله: «تعقيباً على بيان القصر: رئيس الجمهورية مصمم على فرض معايير غير دستورية والعودة بالبلاد الى ما قبل الطائف. العهد القوي يعاقب نفسه نكاية بالدستور».
من أشعل الفتيل؟
في غضون ذلك، بقيت العيون الداخلية شاخصة في اتجاه طرابلس، وسط اكوام هائلة من علامات استفهام أُلقيت في الساعات الاخيرة على المشهد الطرابلسي، من دون ان تتمكّن اي منها من إماطة اللثام عن السر الكامن خلف ما يجري، واليد التي اشعلت فتيل المدينة واسقاطها في وحل التوتر من جديد، ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟
وفيما استعرض اجتماع للقادة الامنيين في وزارة الداخلية أمس، ما جرى في عاصمة الشمال في الايام الاخيرة، من خلفية وجود غرف سوداء حرّكت التوتر في المدينة، وكذلك من زاوية التأكيد على التعاون بين الاجهزة الامنية والعسكرية، برز دخول تركي على الخط الطرابلسي تجلّى في اعلان السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب «استعداد تركيا للمساعدة في إعادة ترميم مبنى بلدية طرابلس والسراي والمحكمة الشرعية، جراء الأحداث الأمنية خلال الأيام الماضية، وكذلك تقديم مساعدات اجتماعية للعائلات الأكثر فقرًا في طرابلس والمتضررة من الأحداث».
ما حصل مشبوه!
الى ذلك، قال مرجع أمني لـ«الجمهورية»، انّ ما حصل في طرابلس، حُمّل العنوان المطلبي، الّا انّه بدا من خلال ما جرى انه عمل منظّم ومدروس، تسلّق على جوع الناس وفقرهم، وأُريد من خلاله اسقاط المدينة في الفوضى، وهذا ما يفسّره الطريقة العدوانية التي مارسها المقنّعون، ضد القوى الامنية باستخدامهم السلاح والقنابل اليدوية، ومحاولة استهداف المؤسسات الرسمية وصولاً الى احراق مبنى بلدية طرابلس.
وأكّد المرجع «انّ الفقير والجائع لا يرتدي قناعاً عندما يريد ان يعبّر عن غضبه ويطرح مطالبه»، ولفت الى انّ معطيات اكيدة، متوفرة لدى الاجهزة الامنية حول الجهات التي تقف خلف إحلال الفوضى في طرابلس، وثمة العديد من الاسماء باتت معروفة، وقد بدأت عمليات ملاحقتها والقاء القبض عليها».
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت هناك غرف سوداء خارجية حرّكت ما جرى في طرابلس، قال المرجع: «كلّ الامور ستظهر في التحقيقات الجارية، سواء حول الجهة المحرّكة للتوتير، او تلك التي تموّله، خصوصاً انّ هناك خيوطاً تؤكّد أنّ ما حدث في طرابلس مرتبط بتحركات وحوداث مماثلة جرت في الوقت نفسه في اماكن اخرى».
وعن المعلومات التي تحدثت عن وجود عناصر شاركت في اعمال الفوضى والتخريب في طرابلس استُقدمت من خارج المدينة، وكذلك عن دور لمن عُرفوا ايام الاشتباك في باب التبانة بـ»قادة المحاور»، قال المرجع: «لا نستبعد شيئاً، وكل الامور ستُظهرها التحقيقات». وخلص المرجع الى القول: «أمن طرابلس من أمن لبنان وهو خط احمر، ولا يمكن السماح بالمساس به، والجيش والاجهزة الامنية لن تترك المدينة مسرحاً للعابثين، ولن تتهاون امام اي محاولة للعبث بأمن طرابلس واهلها، كما بأمن كل اللبنانيين في كل المناطق».
توقيف مشاركين
الى ذلك، أعلنت قيادة الجيش أنّ دورية من الجيش أوقفت ثلاثة أشخاص بينهم سوري، كانوا يتواجدون داخل مبنى بلدية طرابلس في ساحة التل يُشتبه بمشاركتهم في أعمال التخريب وإضرام النيران في مبنى البلدية المذكور ما أدّى إلى احتراقه.
وأشارت في بيان الى أنّ «قوة من الجيش أوقفت في شارع المئتين والتبانة شخصين على خلفية مشاركتهما في أعمال الشغب والتعدّي على الأملاك العامة والخاصة وإعاقة عناصر الدفاع المدني والإطفاء من الوصول إلى مبنى البلدية».
وأوضحت «أنّ الجيش كان قد انتشر في أنحاء مدينة طرابلس كافة عند الساعة الثالثة من بعد ظهر 28 كانون الثاني، وقد أصيب ثلاثة عسكريين بجروح جرّاء الرشق بالحجارة والمفرقعات وقنابل المولوتوف خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة طرابلس»، وقالت انّ «التحقيق بوشر مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص».
محاولة استدراج
الى ذلك، نُقل عن مصادر وصفت بأنّها متابعة للوضع في طرابلس قولها: «انّ الجيش خشي خلال احداث طرابلس امس الاول، من عملية استدراج في المدينة، يليها إشعال مناطق أخرى في لبنان، كما أنّ الصدام مع المتظاهرين ومع من مارسوا أعمال الشغب، كان سيؤدي إلى سقوط ضحايا والذهاب إلى وضع مختلف».
عون
الى ذلك، وفيما امضت طرابلس امس، يوماً مشوباً بالحذر، وسط استنكار شعبي لما حصل، مع دعوات الى تحصين المدينة، ومنع العبث بأمنها، اكّد رئيس الجمهورية «ضرورة معاقبة من قام بأعمال الشغب في طرابلس»، مشيراً الى «انّهم معروفون، ومعروفة هوياتهم السياسية» وقال انّ التعليمات أُعطيت الى القوى الامنية للمحافظة على الامن في عاصمة الشمال ومنع الاعتداءات».
بري
وحذّر رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري من خطورة ما حصل ويحصل في طرابلس وقال: «انّ المطلوب اليوم قبل الغد ممن بيدهم الحل والربط خصوصاً من المعنيين في حكومة تصريف الأعمال، من موقع مسؤولياتهم عن ادارة شؤون البلاد والعباد، وايضاً من المعنيين بتشكيل حكومة «انقاذ ومهمّة» ومن معرقلي تشكيلها في أي موقع كانوا، المبادرة والتحرك سريعاً لإطفاء الحرائق السياسية والامنية والمعيشية والانمائية والصحية وتصفية الحسابات وصراع الأجندات الخارجية التي بدأت ألسنة نيرانها تندلع على نحو مشبوه ومريب من صورة المشهد الدامي الذي عكسته وتعكسه الاحداث في عاصمة لبنان الثانية طرابلس».
ودعا بري الى «ان يقلع الجميع عن إستخدام وجع الناس، وجوعهم، وألمهم وقلقهم وخوفهم على المصير، في أي إستثمار سياسي رخيص، لتحصيل مواقع وزارية او إدارية، على حساب مصير الوطن الذي للأسف تحاول بعض العقول الشيطانية واصحاب المصالح المشبوهة في الداخل والخارج ان ترسم يائسة معالم مستقبله من بوابة الشمال الذي كان ابناؤه وسيبقون طليعة المدافعين عن وحدته وعن عروبته وسلمه الاهلي وعن صيغة التعايش الفريد فيه».
واذ اكّد بري «رفض الإمعان في حرمان الشمال وعكار والهرمل وأحياء طرابلس في التبانة والمنكوبين وجبل محسن وابي سمراء وباب الرمل والبحصاص والزاهرية والسويقه وكل احياء المدينة الأبية»، قال: «آن الاوان كي يتحمّل الجميع مسؤولية انقاذ الشمال لإنقاذ الوطن، فهل نفعل ؟ ام نبقى متفرجين على الحرائق تندلع من جهة الشمال حيث قلب الوطن «طرابلس» … فإذا ما أحترق القلب لن يبقى لبنان».
رؤساء الحكومات
اكّد رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب «أنّ التحدّي الآن هو في إسقاط أهداف هؤلاء المجرمين، بالقبض عليهم، وإحالتهم إلى القضاء لمحاسبتهم».
بدورهم، رأى رؤساء الحكومات السابقون سعد الحريري، نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، في بيان صدر بعد اجتماع عقدوه امس، عبر تقنية الفيديو، انّ « الحاقدين والمأجورين تربصوا بالتحرّكات الشبابية والشعبية العفوية التي شهدتها شوارع المدينة، لإشعال الفتنة والإيقاع بين أهل المدينة الصابرة، وكذلك بينهم وبين مؤسسات الدولة وأجهزتها، التي تقاعست ولم تبادر إلى التصدّي لأولئك المخرّبين المندسين في صفوف المتظاهرين من أبناء المدينة». واشار البيان الى أنّ «الأيادي الخبيثة التي عملت على تأجيج وغض النظر عن أعمال الشغب والاعتداءات المدبّرة، باتت معروفة للقاصي والداني وليست بخافية على أحد، خصوصاً عندما أقدم أولئك المخرّبون على الاعتداء وإشعال النيران في المؤسسات الرسمية والبلدية على مرأى من أعين وحدات الجيش. ويأتي فوق ذلك كله من أقدم على منع أجهزة الإطفاء وعطّل أعمال الاغاثة والإنقاذ بشكل مريب وإجرامي لتظلّ النيران مشتعلة في المبنى التاريخي لبلدية طرابلس. علماً أنّ أغلب من ارتكب تلك الأعمال المستنكرة معروف ومرصود من الأجهزة المخابراتية والأمنية المختصة، بالأسماء والهوية». واذ اعتبروا «أنّ طرابلس لن تكون صندوق بريد لتبادل الرسائل التخريبية»، ادانوا «الاعتداء الذي تعرّضت له المؤسسات والأجهزة العسكرية في المدينة»، وطالبوا الأجهزة الرسمية والعسكرية بملاحقة جميع الذين قاموا بالاعتداء والقبض على جميع المجرمين وسوقهم إلى العدالة». واكّد رؤساء الحكومات «تمّسكهم بأحكام الدستور» وطالبوا الرئيس عون بتسهيل تشكيل حكومة الإنقاذ من الاختصاصيين المستقلين الأكفاء غير الحزبيين».
موقوفو الامارات
على صعيد أمني آخر، كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أنّ «قضية بعض اللبنانيين الموقوفين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ستشهد انفراجاً خلال الساعات المقبلة».
وقال ابراهيم لقناة «الحرة» انّه «على تواصل مع مسؤولين إماراتيين منذ حوالى سنتين لحلحلة هذه الملفات»، مشيراً الى انّ عدد الموقوفين وصل إلى 30 وأنّ «نصفهم سيعود خلال ساعات».
**********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الحريري يتهم عون بتحويل الخلاف الحكومي إلى «اشتباك طائفي»
اتهم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، دوائر القصر الجمهوري بأنها «تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية»، مشدداً على «أننا لن نعطيهم فرصة الفرحة بأي اشتباك إسلامي – مسيحي. ولكل مقام مقال إذا شاءوا».
جاء ذلك في بيان مطوّل أصدره المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، رداً على تصريحات منسوبة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون نُشرت في صحيفة محلية. وقال بيان الحريري: «الواضح من السياق الكامل للكلام المنسوب أن دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف أطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة».
وقال مكتب الحريري إن «دوائر القصر تعلم، ولا تريد أن تعترف، بأنه ليس سعد الحريري من يفرّط بحقوق المسيحيين ودورهم ومكانتهم في الدولة والسلطة والمؤسسات، وإلا لما كان العماد ميشال عون في موقع رئاسة الجمهورية الآن»، لافتة إلى أن الحريري «ابن مدرسة سياسية عبرت الطوائف منذ عقود وآمنت بالعيش المشترك قولاً وفعلاً ونصوصاً دستورية».
وعدّ الحريري في البيان الصادر عن مكتبه الإعلامي، أن «نقل الخلاف السياسي إلى ساحة التطييف، محاولة غير موفقة ومرفوضة ولن تمر، لتنظيم اشتباك إسلامي – مسيحي، يفترض البعض أنه أقصر الطرق الموصلة لتعويم من يريدون تعويمه وتعبيد طريق بعبدا للإرث السياسي».
ونفى الحريري الاتهامات الموجهة إليه بتمسكه بحق حصري في ولادة الحكومة «وهو أول من يدرك أن مراسيم التشكيل تصدر بالاتفاق بين الرئيسين»، قائلاً: «الدستور واضح وليس من داعٍ لاستخدامه في الحسابات والحصص السياسية». كما أوضح أن عون أودعه قائمة بمجموعة أسماء، «اخترت منها وفقاً للأصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص»، لافتاً إلى أنه «غاب عن فخامته أن الحل الذي اعتُمد لوزارة المال (بتخصيصها للطائفة الشيعية) تم بالتوافق ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا». وقال الحريري: «يستحسن العودة إلى التأكيد أننا نطالب بحكومة من الاختصاصيين والقصر يريد حكومة من الحزبيين».
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن «الحريري راهن على فتح صفحة جديدة تنقل البلاد إلى مساحات من المصالحة والإنجاز والإنقاذ الاقتصادي، وهو أقدم على مغامرة انتخاب العماد عون رئيساً، مدركاً أهمية التأسيس لمرحلة جديدة لا تحكمها سياسات الإنكار والتعطيل، غير أن الرياح جرت مع الأسف بما لا تشتهي النيات الطيبة وإرادة العيش المشترك والجهد المطلوب لوقف استنزاف الدولة في حلبات الطوائف».
وردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على رد الحريري، معتبراً أن البيان الذي صدر عن مكتبه الإعلامي «احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي». وقال: «حرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي بالإشارة إلى أن الرئيس المكلف من خلال ما جاء في ردّه، مصمم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استناداً إلى المادة 53 من الدستور». ورأى أن ذلك هي «النقطة الأساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً أن التفرد هو نقيض المشاركة».
وختم البيان بالقول: «بالمختصر المفيد، لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبنيّ على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته».
**********************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
طرابلس تجنح إلى التهدئة.. والحل بالأمان الإجتماعي وليس بالبهوارات السياسية!
السنيورة يحذر: التأخير بمبادرة إنقاذ تستند إلى الطائف يغري بالانقلاب على العيش المشترك
.. وفي اليوم الخامس، خرجت السلطة على النّاس، باجتماعات أمنية، وبيانات سياسية، حاولت القفز عن وقائع ما جرى في طرابلس، لا سيما في الليلة العاصفة.. الأشد دموية، والتي تركز العنف فيها على المؤسسات الرسمية والمحلية، والمنشآت المدنية والتربوية، كالبلدية، ودار الافتاء، والسراي الحكومي، ومؤسسات العزم التربوية، وسط مخاوف جدّية من انهيارات أمنية، لا تتوقف عند طرابلس أو صيدا أو بيروت، بل تمتد إلى كل لبنان، الذي يفتقد الحصانة السياسية، ممثلة بحكومة، شدّد على ان الحل بولادتها، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي أعلن في حديث لـ «العربية» انه سيقوم «بزيارة ثالثة إلى لبنان، بعد التحقق من أمور أساسية، معتبرا ان النظام اللبناني بمأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب، مقترحا ضم المملكة العربية السعودية إلى أي مفاوضات، بشأن اتفاق مع إيران، مشددا على ان التفاوض مع طهران سيكون صارما جدا، لمنعها من حيازة السلاح النووي «فالوقت قصير جدا».
إذن، جنحت طرابلس إلى التهدئة، ومضت الطبقة السياسية، توزع النصائح، وتتوعد باحباط المخططات، في وقت، تجاوز فيه الواقع المعيشي، البالغ السوء لأبناء طرابلس والشمال، وتناست المسؤولية المترتبة عليها، مع تجدد دعوة يان كوبيتش المنسق الأممي، الذي يقترب من مغادرة لبنان، بأن الحل في تأليف الحكومة فوراً. ولاحظت مصادر ديبلوماسية ان مواقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تجاه تعثر تنفيذ المبادرة الفرنسية وتحميله الزعماء السياسيين مسؤولية هذا الفشل ونعتهم باوصاف لم يسبق ان قالها بحقهم منذ زيارته الاخيرة الى لبنان، تحمل في طياتها لاول مرة توصيفا دقيقا لمتسببي هذا التعثر وتقسيمهم الى فئتين، فئة الفساد وفئة الترهيب،وهي المرة الاولى التي يتهم فيها المعرقلين بهذا التوصيف،الذي يصوب فيه بوضوح على الفاسدين من السياسيين المعروفين في حين ان ماقاله عن الترهيب يحمل في طياته الاشارة إلى من يملك مقومات الترهيب ويمارسه في الواقع السياسي اللبناني وفيه تصويب على حزب الله من دون ان يسميه لانه هو الجهة الوحيدة التي بامكانها ممارسة الترهيب بالسلاح ألذي تمتلكه دون الاطراف الاخرين.اما ماقاله عن التوجه الفرنسي الجديد للسير قدما في تشكيل الحكومة الجديدة ولو بمواصفات غير مكتملة فيحمل في طياته أكثر من تفسير ويطرح تساؤلات واستفسارات عن المقصود بهذا التعبير، وهل يعني صرف النظر عن حكومة الإنقاذ من الاختصاصيين والتوجه لحكومة مغايرة الشكل، قد تكون مطعمة من سياسيين واختصاصيين او سياسية صرفة او استثناء بعض الأطراف منها أو اي نوع من الحكومات المعنية، وهذا يتطلب ايضاحات من المسؤولين الفرنسيين بما يعنيه ماكرون من توصيفه للحكومة الجديدة بالتمام والكمال.
وفي السياق حول كلام ماكرون، قالت أوساط سياسية لـ «اللواء» أنه من المبكر التعويل على ما قاله الرئيس الفرنسي في ما خص الوضع في لبنان وأشارت إلى انه إلى حين تحريك الاتصالات الفرنسية بشكل فعال فإن الملف الحكومي يبقى من دون أفق في ظل الرد والرد المضاد بين بعبدا وبيت الوسط.
وأشارت ان لا معلومات محددة لدى المعنيين، عن أي اتصالات فرنسية جاهزة، باستثناء كلام الرئيس ماكرون بشأن استمرار مبادرته.
وقالت مصادر مطلعة لـ «اللواء» أن الرهان يبقى على أن يعي الرئيس المكلف دوره الكبير في تأليف الحكومة بالمشاركة والاتفاق مع رئيس الجمهورية وفق الدستور لإنقاذ لبنان، فلا يضع في رأسه أنه رئيس تكتل سياسي يريد ترؤس حكومة اختصاصيين ويضع يده على السلطة التنفيذية كما عليه أن يخفف من وتيرة الطموح أو أن يصارح رئيس الجمهورية بهواجسه وقيوده وعجزه عن التأليف.
السنيورة للمبادرة فوراً
وسط ذلك، وصف الرئيس فؤاد السنيورة المشهد اللبناني الراهن بحالة «من اللايقين الوطني» غير مبسوقة، حتى في أيام الحروب الداخلية، وبالتزامن مع انهيارات كارثية اقتصادياً مالياً وتعدياً ومعيشياً وصحياً ومؤسساتياً اقتصادياً، زادها تفاقما «الاستقصاء القائم في تشكيل حكومة جديدة» مما ينذر بفوضى اجتماعية عارمة وانهيار شامل.
ورأى السنيورة في مقالة حملت عنوان «مبادرة للعيش المشترك والدستور والانقاذ الوطني» ان حالة اللايقين تتمثل باهتزاز المرجعية الناظمة لحياة اللبنانيين في وطن ودولة، أي وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) والدستور.
ولفت الرئيس السنيورة إلى أن «أخطر ما في الوضع الراهن هو عجزُ القوى السياسية عن المبادرة في تحديد وجهةٍ إنقاذية وطنية»، ورأى أنَّ «المبادرة من أماكن أخرى ضروريةٌ وممكنة، لأنَّ الانتظار أخذ يُغري بعضَ الأطراف بتمرير اقتراحٍ انقلابي معلن على طبيعة النظام السياسي وصيغة العيش المشترك (دعوةُ رئيس التيار الوطني الحرّ الأخيرة، بالأصالة عن نفسه وبالنيابة- على ما يبدو- عن شريكه الدائم والثابت حزب الله في السعي لتغيير النظام)، وهي ممكنة لأننا على معرفةٍ ويقين بوفرة الكفاءات الوطنية التي استخلصت دروس التجارب المريرة».
ورأى السنيورة أنَّ «أيَّ حِراكٍ إنقاذي في هذا الوقت لا بدَّ له من مرجعيةٍ مفهومية، وإلا ضاعَ في مسالك التجاذبات والمكايدات القائمة، والمحمولةِ على رهاناتٍ طائشة، وسطَ نزاعاتٍ إقليمية ودولية محتدمة، من شأنها أن تجعل المراهنين اللبنانيين- على اختلاف اتجاهاتهم- بيادقَ صغيرةً على رُقعةِ أجنداتها. ذلك أن لبنان يكون بجميع بَنيه أو لا يكون»، وأكد «أننا لا نجدُ بديلاً عن اتفاق الطائف والدستور، مرجعيةً ودليلَ عمل، لا بل نعتبرهما المرجعيةَ الأنسب لاستقرار لبنان ومعافاته على طريق السيادة والاستقلال وصَوْنِ العيش المشترك، في «وطنٍ نهائي لجميع أبنائه».
واعتبر أنَّ «الأزمات القائمة والمتناسلة منذ عقود ليست ناجمةً عن أزمة نظامٍ سياسيّ ثبتَ فشلُه أو قُصورُه بالتجربة- كما يزعم البعض، وإنما هي أزمةُ إداراتٍ سياسية لم تكن في مستوى تسوية الطائف التاريخية، كما أنها هجرتْ هذه المرجعيَّة إلى ترتيباتٍ ومشاريع أعراف لمصلحة الوصايات الخارجية وعلى قياس أدواتها الداخلية»، وقال: «إنّ نظرتنا إلى مرجعية الطائف والدستور تختلف تماماً عن تلك النظرة القائلة بأن تسوية الطائف كانت «ضروريةً ومؤقتة ولوقْفِ الحرب الداخلية لا أكثر». على العكس، نعتقد أنَّ اتفاق الطائف كان تسويةً تاريخية، واقعيَّة ومنْصِفة ومتوازنة».
وخلص السنيورة إلى أنَّ «أصلَ الأزمات الراهنة التي يتخبَّط فيها لبنان لا يعود إلى خلافٍ حول تفصيلات واجتهادات، وإنما يعود إلى افتراقٍ، بين خيارين: خيار الطائف، المنسجم مع تكوين لبنان ومعناه ودوره، والذي لم يحظَ بأية فرصة حقيقية للتطبيق وللإنجاز حتى الآن، وبين تطلُّعاتٍ أخرى من خارج العقد الوطني الحقيقي، تراهن على موازين قوى متحركة في الداخل والخارج. وهي بذلك مشاريعُ غَلَبة أو غُربةٍ لا يحتملها لبنان».
الاشتباك الرئاسي
ووسط هذه الارباكات الأمنية والصحية، اندلعت مشكلة جديدة بعد الكلام المنسوب للرئيس عون في الزميلة «الاخبار» حول عملية تشكيل الحكومة والعروض التي حملها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري اليه، ورد عليها المكتب الاعلامي للحريري ببيان مفصّل عمّا جرى بينه وبين رئيس الجمهورية، وعاد المكتب الاعلامي للقصر الجمهوري ورد عليه، ما يعني مزيداً من التعقيد والتأخير في تشكيل الحكومة».
وقد اعتبر المكتب الاعلامي للرئيس الحريري «ان البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجني على الآخرين». وقال: «غاب عن فخامة الرئيس انه أودعني قائمة بمجموعة اسماء، اخترت منها وفقاً للاصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص، نشر معظمها في المقال. كما غاب عن فخامته ان الحل الذي اعتمد لوزارة المال تم بالتوافق ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا، بدليل ان الورقة التي سلمني اياها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة».
اضاف مكتب الحريري: وفي المحصلة يستحسن العودة الى التأكيد اننا نطالب بحكومة من الاختصاصيين والقصر يريد حكومة من الحزبيين، والقطبة الخفية في هذا المجال لم تعد مخفية عندما يقول فخامة الرئيس في المقالة المنسوبة اليه « سايرناه في حكومة من 18 وزيراً. يبدو أنه لا يراها إلا كما يريدها هو. لن نتحدث من الآن فصاعداً إلا في حكومة من 20 بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي». وبالمختصر المفيد؛ لن تكون هناك حكومة الا من ١٨ وزيراً … ونقطة عالسطر».
ورأى المكتب «ان دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف اطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة».
وحول ما نقل عن عون من ان الرئيس المكلف «اقترح كي تحصل الحكومة على الثقة في مجلس النواب، ينبغي صرف النظر عن التحقيق الجنائي. لأن الرئيس برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي»، قال مكتب الحريري: يبدو ان فخامة الرئيس نسي او تناسى ان مجلس النواب اقر التحقيق الجنائي في ٢٠ كانون الاول ووافقت عليه كتلة المستقبل الى جانب كتلتي الرئيس بري والوزير جنبلاط ، وربما نسي فخامته او تناسى ايضاً انه كان اول من بادر الى الاشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين يكون إن تناسى مصيبة وان نسي فالمصيبة اعظم.
ومساء، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيان أبرز ما جاء فيه: انّ البيان الذي صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي. وحرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي بالاشارة الى انّ الرئيس المكلف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استنادا الى المادة ٥٣ من الدستور. وهذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً انّ التفرد هو نقيض المشاركة.
ورد المستشار الاعلامي للرئيس الحريري حسين الوجه على البيان وكتب عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «تعقيباً على بيان القصر: رئيس الجمهورية مصمم على فرض معايير غير دستورية والعودة بالبلاد الى ما قبل الطائف. العهد القوي يعاقب نفسه نكاية بالدستور».
دعوة لتغيير السياسة الاميركية
وفي تطوّر لافت للانتباه، اصدرت «مجموعة الأزمات الدولية» تقريراً حول الوضع اللبناني دعت فيه الادارة الاميركية الى تغيير سياستها واولياتها تجاه لبنان، وقالت فيه: أن الصراع السياسي حول دور حزب الله تسبب بتكلفة، حيث عمّق الاستقطاب في البلاد وكذلك جعل الإجماع المحلي على حكومة جديدة وعلى الخطوات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني أكثر صعوبة. لا يزال تشكيل الحكومة معطلاً حيث تستمر الأحزاب في الصراع على الحصص الوزارية، مع التركيز بشكل متزايد على الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عام ٢٠٢٢. العقوبات الأميركية ضد حلفاء حزب الله والضغط الموجه لاستبعاد الحزب من السلطة التنفيذية يعقد هذه المهمة الصعبة بالفعل.
واعتبر «أنه علاوة على ذلك، فإن تشكيل الحكومة لن يكون هو الحل لخروج لبنان من الحفرة التي يجد نفسه فيها. من أجل الحصول على الدعم الدولي الذي يحتاجه، ومنع المزيد من تدهور مؤسسات الدولة، سيتعين على الحكومة الجديدة أن تسن إصلاحات مجدية تتطلب من اللاعبين السياسيين التخلي عن جزء من شبكات المحسوبية الخاصة بهم والسيطرة على تلك المؤسسات، التي تدعم سلطتهم».
وقال: أنه يجب على الولايات المتحدة أن تجعل هدفها الأول تقوية الدولة وتجنب انهيارها. إزاء هذه الخلفية، حان الوقت للولايات المتحدة لتغيير أولوياتها. وفي حين من الصعب تخيل أية إدارة أميركية تشعر بالارتياح تجاه دور حزب الله في لبنان، فإن ثمن التركيز الشديد على اضعافه قد يعني فشل الدولة، وهذا سيكون مروعًا للشعب اللبناني ومن شأنه زعزعة استقرار المنطقة برمتها. بدلاً من النظر إلى لبنان من منظور إضعاف حزب الله، يجب على الولايات المتحدة أن تجعل هدفها الأول تقوية الدولة وتجنب انهيارها. وبناءً على ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة أن تلقي بثقلها وراء الجهود الفرنسية لجمع اللاعبين السياسيين اللبنانيين، بمن فيهم حزب الله، في حكومة جديدة، وحشدهم حول الإصلاحات الأساسية.
وضع طرابلس
وحول تطورات طرابلس، وصفت مصادر متابعة لما جرى في المدينة من ترهيب امني وتعديات واستهداف للقوى الامنية والمؤسسات الرسمية والخاصة خلال الأيام الماضية، بانه رسالة سياسية واضحة المعالم والاهداف باسلوب الفوضى الامنية تحت جنح المطالب المعيشية والفاقة والعوز للمواطنين وذلك لممارسة اقسى الضغوطات الممكنة لتحقيق تنازلات ومكاسب في ملف تشكيل الحكومة الجديدة ، بعد ان باءت بالفشل كل محاولات الابتزاز والتعطيل المتعمد على مدى الاشهر الثلاثة الماضية لتحقيق هذه المكاسب تحت شعارات مزيفة وممجوجة. ولاحظت المصادر ان ملابسات ما حصل لا يمكن اخفاؤه او طمس معالمه لان الرسالة السوداوية ممهورة وواضحة المعالم وقد وصلت الى المعنيين ولكن بنتائج وتداعيات عكسية، باعتبار أن موجهي الرسالة هم أنفسهم المسؤولين عن تدهور الاوضاع ومسببي التردي المعيشي والاجتماعي للبنانيين، في حين لوحظ ان ممارسة مثل هذه الاساليب السوداوية لإيصال الرسائل السياسية من هذا النوع كاد ان يخرج عن السيطرة ويهدد بالتمدد إلى مناطق اخرى لو لم يتم تداركه بعدما انكشفت الجهات التي تحمي وتوجه المجموعات التخريبية.
ميدانياً، عاد التوتر الى طرابلس بعد تجمع عدد من المحتجين امام السرايا وبدأوا برمي الحجارة والمفرقعات بإتجاه السرايا بين الحين والآخر وردت القوى الأمنية باطلاق قنابل مسيلة للدموع، وتدخل الجيش اللبناني لإبعادهم بعد انتشار كثيف للجيش في كل ارجاء طرابلس وعند الشوارع الرئيسية والساحات.
كما انطلقت مسيرة باتجاه بلدية صيدا والسرايا للمطالبة بدعم الأسر الفقيرة في المدينة ودعما لحراك طرابلس. فيما تجمّع عدد من المحتجين أمام وزارة الشؤون الاجتماعية في بدارو للمطالبة بدعم الاسر الفقيرة.
وكان الوضع في طرابلس مدار مواقف سياسية من رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال ورؤساء الحكومة السابقين، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشخصيات سياسية، وكذلك موضع متابعة من قادة الاجهزة العسكرية والامنية الذين اجتمعوا امس برئاسة وزير الداخلية محمد فهمي، وحضره قائد الجيش العماد جوزيف عون والمدراء العامين: للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ، لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ولأمن الدولة اللواء طوني صليبا ورئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي. وتم خلال البحث في الاوضاع الامنية المستجدة في المناطق اللبنانية عموما وفي مدينة طرابلس خصوصا.
واذ اعتبر فهمي ان ما حصل في طرابلس من اعمال تخريبية واعتداءات على الاملاك العامة واحراق مبنى البلدية لا يمت الى ثورة الجياع بصلة، أكد أن طرابلس ستبقى كما كانت بهمّة العاقلين من ابنائها عصية على الانجرار وراء العابثين بأمنها وأمن لبنان، وبعيدة كل البعد عن السماح لأيادي المغرضين بتخريبها.
وأكد، في حديث تلفزيوني، ان «ما حدث يوم امس في طرابلس هو عمل مموّل بخاصة الاسهم النارية والاسلحة النارية التي صوبت على القوى الامنية، ولا يمكن ان افصح عن مجريات التحقيق حالياً»، مشيراً الى ان «الهدف مما حصل يوم امس هو تفتيت ما تبقى من هيبة الدولة، والقوى الامنية تعمل على التحقيق مع الموقوفين، وقمنا اليوم (أمس) في عقد اجتماع امني من اجل تعزيز التنسيق بين الاجهزة العسكرية، والتعاون بين الجيش وقادة القوى الامنية مميز ولم يكن هناك من تواطؤ او تقصير بل نقص في العديد»، مشدداً على انه «كان لدى القوى الامنية معلومات تفيد بنية البعض بالدخول الى السراي في طرابلس من اجل احراقه من الداخل».
وعن زيارته السرية الى طرابلس بين فهمي انه «زار طرابلس علنا ولكن من دون ان اعلن عنها ولقد علم عنها رئيس الحكومة الاسيق نجيب ميقاتي وتوفيق سلطان، ولا اريد ان تفسر الزيارة ايضا بأنها شعبوية خاصة بظل هكذا ظروف، ولكن في نهاية المطاف سنعمل بكل قوة لمنع المس بهيبة الدولة».
وتوقف رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام، عند الحاقدين والمأجورين، الذين يتربصون بطرابلس، مستغلين التحركات الشبابية والشعبية العفوية».
ورفض الرؤساء ان تكون طرابلس صندوق بريد لتبادل الرسائل التخريبية، وطالبوا رئيس الجمهورية المسارعة إلى «تسهيل تشكيل حكومة الانقاذ من الاختصائيين المستقلين الأكفاء غير الحزبيين».
وتوقف البيان، الذي صدر عن اجتماع عقده رؤساء الحكومات عبر تقنية الفيديو عند «الأيادي الخبيثة التي عملت على تأجيج وغض النظر عن أعمال الشغب والاعتداءات المدبرة باتت معروفة للقاصي والداني وليست بخافية على أحد، خصوصا عندما أقدم أولئك المخربون على الاعتداء وإشعال النيران في المؤسسات الرسمية والبلدية على مرأى من أعين وحدات الجيش. ويأتي فوق ذلك كله من أقدم على منع أجهزة الإطفاء وعطل أعمال الاغاثة والإنقاذ بشكل مريب وإجرامي لتظل النيران مشتعلة في المبنى التاريخي لبلدية طرابلس. علما أن أغلب من ارتكب تلك الأعمال المستنكرة معروف ومرصود من الأجهزة المخابراتية والأمنية المختصة، بالأسماء والهوية».
خطة الأمان الاجتماعي
وفي بعبدا، أطلقت خطة تمويل شبكة الأمان الاجتماعي، من خلال قرض البنك الدولي، بقيمة 246 مليون دولار، في وقت أكد فيه ممثل البنك في لبنان ساروج كومار، الذي شارك في اجتماع إطلاق الخطة الذي انعقد في بعبدا، برئاسة الرئيس عون وحضور الرئيس دياب والوزراء المعنيين، ان البنك سيقف إلى جانب لبنان في الأوقات الصعبة، معرباً عن تقديره لإرسال مشروع القانون على عجل إلى مجلس النواب ليصار إلى تنفيذ هذا البرنامج.
وتناول الرئيس عون الوضع الأمني في البلاد والاحداث التي وقعت في طرابلس ، فجدد تأكيد «ضرورة معاقبة الذين قاموا بأعمال الشغب في المدينة، لا سيما وأنهم معروفون من الأجهزة الأمنية ومعروفة هوياتهم السياسية»، لافتا الى ان «التعليمات أعطيت الى القوى الأمنية للمحافظة على الأمن في عاصمة الشمال ومنع الاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة».
ثم تحدث الرئيس دياب، فدان «الاحداث التي وقعت في طرابلس وتوظيف ساحات المدينة لتوجيه رسائل سياسية نارية»، معتبرا ان ذلك «غير مقبول»، لافتا الى «إمكانية اجتماع المجلس الأعلى للدفاع لمناقشة ما حصل من احداث غير مقبولة طرابلسيا ولبنانيا».
وأشار الرئيس دياب الى ان «المجرمين الذين احرقوا بلدية طرابلس لا بد من القبض عليهم، لأنهم بما فعلوه عبروا عن حقد دفين تجاه طرابلس وعنفوانها. وما حصل ليس من جراء المطالب الشعبية»، لافتا الى ان «إجراءات ستتخذ لمنع تكرار ما حصل».
تزايد المخاوف
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، تسبّب الإغلاق الأول بين آذار وحزيران بانتقال نحو ثلث اللبنانيين الى البطالة. وأبدت منظمة «أنقذوا الأطفال» (سايف ذي تشيلدرن) قلقها «العميق» من أن يؤثر الإغلاق الجاري على العائلات والأطفال الذين يعانون من أوضاع اقتصادية هشّة، ما لم يتم دعمهم بشكل فوري، في بلد يشكل العمال المياومون قرابة نصف اليد العاملة فيه، بحسب وزارة العمل. ولا يستفيد هؤلاء من أي تقدمات اجتماعية أو صحية. ووافق البنك الدولي الشهر الحالي على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر. وتم الجمعة توقيع اتفاق القرض بين الطرفين. وتقدّم السلطات، وفق وزارة الشؤون الاجتماعية، مساعدات مادية بقيمة 400 ألف ليرة (50 دولاراً) شهرياً لنحو 230 ألف أسرة لبنانية، وهو مبلغ زهيد جداً لا يكفي لتأمين حاجات أساسية، في بلد 25 في المئة فقط من مواطنيه لا يحتاجون إلى مساعدة، بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية.
هل من سيناريو أسوأ متوقّع؟
ما لم تتكثّف الجهود لإخراج لبنان من دوامة المراوحة السياسية ووضع إصلاحات اقتصادية بنيوية قيد التنفيذ للحصول على دعم دولي عاجل، فإن المستقبل يبدو قاتماً «إذا استمر المأزق السياسي واستمرت الاشتباكات والحوادث الأمنية، يمكن أن يرتفع سعر الصرف في السوق السوداء إلى عشرة آلاف ليرة أو أكثر مقابل الدولار، ما قد يؤدي إلى ارتفاع جديد في الأسعار». وعلى وقع تضاءل احتياطي المصرف المركزي بالدولار، تدرس السلطات منذ أشهر رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود..
وفي اول موقف مما جرى في طرابلس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لقناة «الحرة»: إن الوزارة تراقب الوضع في طرابلس عن كثب وتحث جميع الأطراف على الامتناع عن العنف أو الأعمال الاستفزازية. وأعرب المتحدث عن دعم الولايات المتحدة لحق الشعب اللبناني بالاحتجاج السلمي، وقال «إن أولئك الذين يقطعون هذه الجهود بالعنف والأفعال الاستفزازية يقوضون الخطاب المدني».
كما دخلت تركيا على الخط حيث زار سفير تركيا في لبنان هاكان تشاكل رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب، في حضور الوزير رمزي المشرفية. وأبدى السفير التركي «استعداد بلاده للمساعدة في إعادة ترميم مبنى بلدية طرابلس والسرايا والمحكمة الشرعية جراء الأحداث الأمنية التي شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية، وأيضا امكانية تقديم مساعدات اجتماعية للعائلات الأكثر فقرا في طرابلس والمتضررة من الأحداث».
سلامة يحذر من تفاقم الوضع
ماليا، حذّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من ان الوضع في لبنان صعب، ويمكن ان يتفاقم ان لم يتم تشكيل حكومة سريعة لانه ينبغي استعادة الثقة».وتابع في حديث الى «فرانس24»: لإستعادة الثقة هناك 3 ركائز: الاولى تتمثل باعداد ميزانية مع عجز اقل، والثانية يجب التفاوض مع الجهات المقرضة خاصة وان هناك قرار حكومي بعدم دفع الديون الدولية، وثالثاً: هناك اصلاح النظام المصرفي الذي بدأناه في المصرف المركزي، ورابعاً، علينا اخراج الليرة اللبنانية من هذه الاسعار الثلاثة الذي يتم الاستفادة من هوامشها من قبل عمليات المضاربة». وعن التدقيق الجنائي، قال سلامة: لم نكن ابدا ضد عملية المراجعة القضائية وقدمنا حسابات المصرف المركزي، لكن كان هناك عائق قانوني يتعلق بحسابات الحكومة والمصارف، وهنا كان ينبغي ان تتم مبادرة قانونية لتعليق او الغاء السرية المصرفية»، لافتاً الى ان «هذا يبين اننا كنا على حق، وبعد ان تم ذلك ابلغ المركزي الحكومة ان كل الحسابات تحت تصرفها». وتابع: «نثمن مبادرات الرئيس ماكرون في هذه اللحظات الصعبة، فالمصرف المركزي ومن خلال الارقام منذ 2017 والى ايلول 2020 في كل معاملته مع المصارف أعاد اليها كل الودائع المصرفية من العملات الاجنبية». ولفت الى اننا «قمنا بضخ 13 مليار في القطاع المصرفي، والكثير يخطىء فيما يتعلق بالسيولة بالعملات الاجنبية التي استهلكت عبر الاستيراد».
خروج تدريجي من الاقفال
وتجتمع اللجنة الصحية العلمية بداية الأسبوع، حسب ما كشف وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، للبحث في خروج آمن من حالة الاقفال التام، بالتزامن مع وصول اللقاح في منتصف شباط 2021، على ان يبدأ هذا التلقيح بهذا التاريخ، كاشفا ان 129 الفا شخص سجلوا اسماءهم للتلقيح خلال 36 ساعة.
296282 إصابة
وعلى صعيد الإصابات، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 3125 إصابة جديدة بالكورونا، و59 حالة وفاة، خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 296282 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الحريري: الشعب يعاني… وعون لا يبالي
نقل الخلاف السياسي الى ساحة التطييف يفترض البعض أنه أقصر الطرق الموحلة لتعويم من يريدون تعويمه وتعبيد طريق بعبدا للإرث السياسي
اعتبر المكتب الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري ان «من المؤسف والمؤلم جداً أن يصدر الكلام المنقول عن فخامة رئيس الجمهورية في جريدة «الأخبار»، فيما البلاد تواجه سيلاً من الأزمات الصحية والأمنية والسياسية وتشهد العاصمة الثانية طرابلس هجمة منظمة تثير الريبة في أكثر من اتجاه»، مضيفا «يبدو ان البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجني على الآخرين».
وتابع في بيان «مما يفاقم الأسف الا تبادر دوائر القصر الجمهوري الى نفي الكلام وتوضيحه، منعاً لتحميل فخامة الرئيس وموقع الرئاسة مواقف وروايات غير صحيحة، لا تستوي مع مكانة الرئاسة ومسؤولياتها الوطنية في هذه الظروف الصعبة. وقد رأينا وجوب الإضاءه على بعض النقاط التي وردت في «مقالة» فخامته، بما يعيد تصويب الحقائق ويجنب الرأي العام اللبناني الوقوع في حبائل الخبريات المسمومة.
اولاً – الواضح من السياق الكامل للكلام المنسوب، ان دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف اطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة، وقد ورد قوله وفقاً للمقال: «لن أفرّط بما أنجزناه خلال السنوات الأخيرة، بجعل الفريق المسيحي شريكاً فعلياً وليس صنيعة الآخرين الذين يفرضون مشيئتهم عليه. هنا مصدر صلاحياتي الدستورية ومسؤولياتي السياسية». ولعل دوائر القصر تعلم، ولا تريد ان تعترف، بانه ليس سعد الحريري من يفرّط بحقوق المسيحيين ودورهم ومكانتهم في الدولة والسلطة والمؤسسات، والا لما كان العماد ميشال عون في موقع رئاسة الجمهورية الان. وان سعد الحريري ابن مدرسة سياسية عبرت الطوائف منذ عقود وآمنت بالعيش المشترك قولاً وفعلاً ونصوصاً دستورية.
إن نقل الخلاف السياسي الى ساحة التطييف، محاولة غير موفقة ومرفوضة ولن تمر، لتنظيم اشتباك اسلامي – مسيحي ، يفترض البعض انه أقصر الطرق الموحلة لتعويم من يريدون تعويمه وتعبيد طريق بعبدا للارث السياسي.
وأردف مكتب الحريري ثانياً – يقول فخامته في المقالة «في أحد اجتماعاتي مع الرئيس سعد الحريري، قال لي إنه الرئيس المكلف وهو مَن يؤلف الحكومة كلها. طبعاً هذا لم أسمح به قبلاً، ولا الآن. بحسب المادة 53».
والقول هنا في غير مقامه ومجرد وهم وقراءة خاطئة. فأي عاقل يمكن ان يتصور تمسك الرئيس المكلف بحق حصري في ولادة الحكومة وهو اول من يدرك ان مراسيم التشكيل تصدر بالاتفاق بين الرئيسين. الدستور واضح وليس من داعٍ لاستخدامه في الحسابات والحصص السياسية. رئيس مجلس الوزراء يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مراسيم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الجمهورية… وخلاف ذلك تفسيرات غب الطلب.
ثالثاً – في المقال ايضاً كلام لفخامته: «من الطبيعي أن يسمّي رئيس الجمهورية الوزراء المسيحيين بسبب إحجام الأفرقاء المسيحيين عن المشاركة (…) واخترع الثلث +1 على أنني أطالب به. هذا غير صحيح، ولم أطالب يوماً بالثلث +1 (…) طالبت بستة وزراء، أي خمسة +1. هذه حصة التمثيل وليست حصة التعطيل. (… )عندما تسأله عن الوزراء الشيعة، يقول إنه متفاهم مع الرئيس نبيه برّي على وزارة المال، ومع حزب الله على وزرائه. في النتيجة يسمّي وليد جنبلاط وزيره، والشيعة وزراءهم، وحزب الطاشناق وزيره، وسليمان فرنجية كذلك، والحريري يسمّي الوزراء السنّة، ويريد أن يكون شريكاً في تسمية الوزراء المسيحيين. هذا ما لا يمكن القبول به، لأنه يخلّ بالتوازن داخل الحكومة».
وأشار مكتب الحريري الى ان «لقد غاب عن فخامة الرئيس انه أودعني قائمة بمجموعة اسماء، اخترت منها وفقاً للاصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص، نشر معظمها في المقال، كما غاب عن فخامته ان الحل الذي اعتمد لوزارة المال تم بالتوافق ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا، بدليل ان الورقة التي سلمني اياها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة . اما الثلث المعطل فله كما يعلم شأن آخر يقودنا الى ورقة توزيع الحقائب على الطوائف وممثلي القوى السياسية، وهي ورقة تشكل خرقاً تاماً لمبدأ تشكيل حكومة من اهل الاختصاص، وتستدرج التشكيلة تلقائياً الى خانة الثلث المعطل».
وفي المحصلة يستحسن العودة الى التأكيد اننا نطالب بحكومة من الاختصاصيين والقصر يريد حكومة من الحزبيين، والقطبة الخفية في هذا المجال لم تعد مخفية عندما يقول فخامة الرئيس في المقالة المنسوبة اليه «سايرناه في حكومة من 18 وزيراً. يبدو أنه لا يراها إلا كما يريدها هو. لن نتحدث من الآن فصاعداً إلا في حكومة من 20 بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي».
وبالمختصر المفيد؛ لن تكون هناك حكومة الا من 18 وزيراً… ونقطة عالسطر.
واضاف المكتب: رابعاً – «لم أعد أفهم عليه. ما يريده اليوم هو غير ما سيطلبه في اليوم التالي» هذه العبارة منقولة عن فخامة الرئيس لكنها تصح لتبنيها من المكلف الذي لا يكاد ان يغادر قصر بعبدا بعد كل اجتماع محملاً بالاجواء الايجابية حتى تطل العقبات من الغرف المحيطة. لقد راهن الرئيس الحريري على فتح صفحة جديدة تنقل البلاد الى مساحات من المصالحة والانجاز والانقاذ الاقتصادي، وهو اقدم على مغامرة انتخاب العماد عون رئيساً، مدركاً اهمية التأسيس لمرحلة جديدة لا تحكمها سياسات الانكار والتعطيل، غير ان الرياح جرت مع الاسف بما لا تشتهي النوايا الطيبة وارادة العيش المشترك والجهد المطلوب لوقف استنزاف الدولة في حلبات الطوائف.
لم يكن المكتب الاعلامي بحاجة لكل ما قيل، وهو الذي التزم الصمت باسم الرئيس الحريري وتصرف على قاعدة ان البلاد تحتاج التهدئة لا التوتر والحكمة في مقاربة الامور والاصول في مراعاة العلاقات بين الرئاسات وليس الجنوح نحو التصعيد.
اما ختام المقالة الممهورة بتوقيع فخامته، فهي مع الأسف ايضاً وايضاً وايضاً، صناعة ركيكة لمعلومة ملفقة وفيها ان الرئيس المكلف اقترح «كي تحصل الحكومة على الثقة في مجلس النواب، ينبغي صرف النظر عن التحقيق الجنائي. الرئيس برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي»».
ويبدو ان فخامة الرئيس نسي او تناسى ان مجلس النواب اقر التحقيق الجنائي في 20 كانون الاول ووافقت عليه كتلة المستقبل الى جانب كتلتي الرئيس بري والوزير جنبلاط، وربما نسي فخامته او تناسى ايضاً انه كان اول من بادر الى الاشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين يكون إن تناسى مصيبة وان نسي فالمصيبة اعظم.
وختم البيان: فأية مخيلة تصنع للرئيس كل ذلك لتبرر له امام اللبنانيين سياسات التعطيل؟ وأي عقل هذا الذي يريد اشتباكاً طائفياً بأي وسيلة تارة مع هذه الجهة وتارة اخرى مع تلك.
اساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم، ولن نعطيهم فرصة الفرحة باي اشتباك اسلامي – مسيحي. ولكل مقام مقال اذا شاؤوا.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الديار
حرب بيانات بين عون والحريري… ماكرون: سأزور لبنان وقادته لا يستحقون بلدهم
مُعطيات هامّة عن احداث طرابلس: موقوفون سابقون شاركوا… وهجوم مُمنهج
طغت الأحداث التخريبية التي ضربت طرابلس ليل الخميس الفائت على الساحة السياسية والأمنية في لبنان، حيث توزعت الاتهامات، بين من عزا الأمر الى تقصير أمني فاضح وكان أبرز من وجه انتقاد مباشر للجيش اللبناني الرئيس المكلف سعد الحريري الذي استغرب وقوف الجيش في موقف المتفرج، بالمقابل، شنت مصادر موثوقة عبر «الديار» هجوماً على قيادات «طارئة» على الساحة الطرابلسية و«السنية» متهمةً اياها بالسعي لاشعال طرابلس خدمةً لاجندات خاصة واقليمية.
هذا ولا تزال فداحة ما حدث ليل الخميس في طرابلس يتكشف، حيث بالاضافة الى المحكمة «السنية» وأجزاء من السراي، اصيب مبنى بلدية طرابلس الأثري باضرار جسيمة نتيجة الحريق الذي نشب في داخله بعد القاء عدد كبير من قنابل «المولوتوف» عليه من قبل مجموعة ملثمة والتي تم القاء القبض على خمسة من أعضائها، أربعة منهم لبنانيين وشخص من التابعية السورية.
من جهة أخرى، لم تمنع أحداث طرابلس الأليمة الرئاسة الأولى والرئيس المكلف من الدخول في حرب بيانات على خلفية ما سرب عن لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الاعلام ليزيد الأزمة تعقيداً بعد الفيديو الشهير. ولم يتأخر الرد من بيت الوسط، حيث اعتبر المكتب الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري أن البلد في وادٍ و«العهد القوي» في وادٍ آخر.
ورغم سوداوية المشهد، برز أمس معطى ايجابي في عملية دفع العملية السياسية اللبنانية الى الامام، حيث أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في حديث لقناة العربية «أنه ينوي القيام بزيارة ثالثة الى لبنان ولكن عليه التحقق من أمور أساسية»، ما يدل على نية فرنسية في الدخول مجدداً الى الساحة اللبنانية والمساعدة في عملية تشكيل الحكومة، ان عبر ارسال موفد رئاسي وعلى الارجح سوف يكون باتريك دوريل، أو تفعيل الاتصالات في الداخل لحلحلة العقد التي تواجه تأليف حكومة جديدة. كما أكد ماكرون أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة ولا يوجد غيرها حالياً طريقاً للبنان للخروج من محنته.
أحداث طرابلس ومعلومات «الديار»
بالعودة الى ما حدث في طرابلس ليل الخميس الفائت والاعتداء على مبنى البلدية والسراي والمحكمة السنية، فقد علمت «الديار» من مصادر موثوقة ورفيعة المستوى أن المجموعة التي هاجمت المباني الحكومية بقنابل «المولوتوف» هي نفسها التي قامت بالهجوم على المصارف سابقاً حيث احرقت فرع البنك العربي في طرابلس. وتضيف المصادر ان مهاجمي مبنى البلدية كانوا موقوفين في السجون وخرجوا لاحقاً في الاستئناف. وتقول المصادر أن احد الموقوفين سابقاً والذي شارك في الهجوم الأخير كان اعترف بتلقيه أموالاً من شخصية لبنانية على اتصال مباشر بالأجهزة التركية كما اعترف الموقوف سابقاً عن قيام احد المساعدين لشخصية طرابلسية معروفة بتزويده بـ«قنابل مولوتوف» لاستعمالها على اهداف محددة.
انطلاقاً من هذه المعطيات تلفت المصادر الى حصول تطورين هامين في هجمات الايام السابقة:
– التطور الأول، استخدام قنابل حربية وعددها 17 ما يشير الى وجود جهة محلية تحظى بتغطية قوة اقليمية كبرى للقيام بهكذا عمل «جريء» والأول من نوعه منذ حرب المحاور في طرابلس.
– التطور الثاني، لاحظت المصادر قدرة المجموعات المهاجمة على تنسيق الهجمات وترتيبها بشكل ممنهج ما يدل على وجود عقل «عسكري» وراء هذه المجموعات، وهذا ما لم يحصل في الهجمات السابقة.
وتربط المصادر الرفيعة المستوى هذه التطورات في عمل المجموعات المهاجمة بمعلومات عن أصابع خفية للأجهزة التركية في طرابلس والتي تعمل عبر ما يسمى «المنتدى السياسي الاقتصادي الاجتماعي» الذي يرأسه نبيل الحلبي، اضافة الى رجل أمن سابق برز في السياسة من موقع الخلاف مع الرئيس الحريري والعداء المطلق لحزب الله.
وللتأكد من هذه المعلومات، قاطعت «الديار» هذه المعطيات مع مسؤول أمني رفيع رفض الكشف عن اسمه، حيث اكد عن وجود دور لا بل نفوذ تركي واضح في الشمال ولم يستبعد أن يكون للأتراك دور الممسك بخيوط «الدمى» في المشهد الطرابلسي لايصال رسائل اقليمية ودولية.
ماكرون: سوف أزور لبنان
على صعيد آخر، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيقوم بزيارة ثالثة للبنان بعد التحقق من أمور أساسية، معتبراً أن النظام اللبناني بمأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب.
واكد، في حديث لقناة «العربية»، «أننا سنفعل كل شيء لتشكيل حكومة في لبنان حتى لو كانت غير مكتملة المواصفات»، مشدداً «على أن المبادرة الفرنسية هي الوحيدة التي تسمح بالتقدم نحو حل في لبنان».
وقال: «خارطة الطريق الفرنسية ما زالت على الطاولة ولا حلول غيرها، عاطفتي تذهب نحو شعب لبنان، أما قادته فلا يستحقون بلدهم».
حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط
ولم يمنع المشهد المأساوي الذي يعيشه لبنان صحياً واقتصادياً وأمنياً كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في الدخول في حرب بيانات على خلفية ما سرب في الاعلام نقلاً عن عون.
وجاء في بيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، على أنّ «من المؤسف والمؤلم جدًّا أن يصدر الكلام المنقول عن رئيس الجمهوريّة ميشال عون في إحدى الصحف المحليّة، في ما البلاد تواجه سيلا من الأزمات الصحيّة والأمنيّة والسياسيّة، مشيرًا إلى أنّه «يبدو أنّ البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات، والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجنّي على الآخرين».
وأضاف البيان، على أنّه «ممّا يفاقم الأسف، ألا تبادر دوائر القصر الجمهوري إلى نفي الكلام وتوضيحه، منعًا لتحميل الرئيس عون وموقع الرئاسة مواقف وروايات غير صحيحة، لا تستوي مع مكانة الرئاسة ومسؤوليّاتها الوطنيّة في هذه الظروف الصعبة.
وأكّد المكتب الإعلامي، «الواضح من السياق الكامل للكلام المنسوب، أنّ دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفيّة، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهوريّة صفة تمثيل اللبنانيّين بمختلف أطيافهم، لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليّته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة، وقد ورد قوله وفقًا للمقال: «لن أفرّط بما أنجزناه خلال السنوات الأخيرة، بجعل الفريق المسيحي شريكًا فعليًّا وليس صنيعة الآخرين الّذين يفرضون مشيئتهم عليه. هنا مصدر صلاحيّاتي الدستوريّة ومسؤوليّاتي السياسيّة».
في الختام، تساءل المكتب الإعلامي: «أيّة مخيّلة تصنع للرئيس كلّ ذلك، لتبرّر له أمام اللبنانيّين سياسات التعطيل؟ وأيّ عقل هذا الّذي يريد اشتباكًا طائفيًّا بأيّ وسيلة تارةً مع هذه الجهة، وتارةً أخرى مع تلك؟ أساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم، ولن نعطيهم فرصة الفرحة بأيّ اشتباك إسلامي- مسيحي. ولكلّ مقام مقال إذا شاؤوا».
من جهته، أشار مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى أن «البيان الذي صدر اليوم عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي. وحرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي بالاشارة الى انّ الحريري من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استنادا الى المادة 53 من الدستور. وهذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً انّ التفرد هو نقيض المشاركة».
وتابع مكتب الاعلام: «في ايّ حال، وبالمختصر المفيد، لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته».
سلامة: الوضع صعب
ومن وحي الأزمة الحكومية المستفحلة، أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث لقناة «فرانس 24»، إلى أن «الوضع صعب، ويمكن أن يتفاقم إن لم يتم تشكيل حكومة سريعاً، لأنه ينبغي استعادة الثقة. لذلك هناك 3 ركائز، الأولى تتمثل بإعداد ميزانية مع عجز أقل، ويجب التفاوض مع الجهات المقرضة حيث هناك قرار حكومي بعدم دفع الديون الدولية، كذلك هناك اصلاح النظام المصرفي الذي بدأناه بالمصرف المركزي، وتعادل سعر صرف الليرة التي علينا اخراجها من هذه الأسعار الثلاث التي يتم الاستفادة من هوامشها من قبل عمليات المضاربة. كل هذا بحاجة لحكومة، التي حتى الآن لسنا بعيدين عن تشكيلها».
بشرى سارة من اللواء ابراهيم
وفي سياق آخر، كشف مدير عام الأمن العام اللبناني، عباس ابراهيم، أن قضية بعض اللبنانيين الموقوفين في دولة الإمارات ستشهد انفراجا «خلال الساعات المقبلة»، مؤكدا «وجود موقوفين في الإمارات، وأنه على تواصل مع مسؤولين إماراتيين منذ سنتين لحلحلة هذه الملفات».
وقال «لن أتكلم ما هي هذه الملفات، لأننا لم نصل إلى الخواتيم»، بيد أن إبراهيم أكد أن السلطات اللبنانية موعودة من قبل نظيرتها الإماراتية «بشكل رسمي بأن سيتم إطلاق سراح وإعادة مجموعة كبيرة إلى لبنان خلال الساعات المقبلة».
وردا على سؤال بشأن عدد الموقوفين، أكد مدير عام الأمن العام اللبناني إن العدد «وصل إلى 30»، قبل أن يكشف أن «نصفهم سيعود خلال ساعات».
اصابات ووفيات «كورونا»
على صعيد وباء «كورونا»، لا تزال الاصابات الى تراجع في حين حافظت الوفيات على رقم مرتفع، وكانت أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها ليوم امس، حول مستجدات فيروس كورونا، تسجيل 3125 حالة جديدة مُصابة بالفيروس، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط الماضي إلى 296282 حالة».
وأوضحت الوزارة أنّه «تمّ تسجيل 3120 حالة إصابة بين المقيمين و59 حالة وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 2680».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :