افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الخميس 28 كانون الثاني 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الخميس 28 كانون الثاني 2021

 

Telegram

افتتاحية صحيفة البناء:

 

طرابلس تقرع الجرس: الانفجار والفوضى وراء الباب… الفقر يولّد بيئة سقوط الأمن الحريري يلمّح لشقيقه بهاء في استغلال أحداث الشمال... فهل يسرّع الحكومة؟ لبنان في دائرة الأشد خطراً في سلم كورونا... بين أعلى نسب الإصابات والوفيات

 

 

عشرات الإصابات ومشهد شوارع طرابلس بعد منتصف الليل، والاستهداف للجيش والقوى الأمنية من جهة، وحجم الفقر المنتشر من جهة أخرى، معادلة قابلة لأخذ طرابلس ومن ورائها الشمال ومن خلالهما لبنان كله نحو الانفجار والفوضى. فمعادلة الفقر والأمن كمعادلة البيضة والدجاجة لا أسبقية ومفاضلة في معالجتهما، حيث يستحيل الاكتفاء بالوقوف إلى جانب الجيش والقوى الأمنية ضد الاستهداف الذي تجاوز حدود الاحتجاج، من دون الالتفات لحجم الفقر الذي يخيم على المدينة العريقة في وطنيتها ومدنيتها وتاريخها النضالي الاجتماعي والسياسي.


المعالجة مستحيلة بالمفرق، وفقاً لمصادر تابعت أحداث الشمال خلال الأيام الماضية، وتتوقع المزيد من التصعيد والانتشار للمشهد الطرابلسي، بعدما بلغ الفقر حد العجز عن التحمل، وبلغ تفشي الوباء حد العجز عن التقبل، وبلغت الاستعصاءات السياسية في ملف تشكيل الحكومة حد الاستعصاء على فهمها.


توقفت المصادر أمام البيئة القابلة للاستثمار من الذين يريدون العبث أو توجيه الرسائل السياسية، وقالت إن الأزمة ذاهبة للمزيد من التوسع، فكلفة الاستثمار منخفضة في ظل حجم الفقر من جهة وتدني سعر صرف الليرة من جهة موازية، بالنسبة الى أي جهة ممولة من الخارج، أو بأموال تأتي من الخارج، خصوصاً بعدما أوحى كلام الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري بنيته إبعاد شبهة الاتهام نحوه في الوقوف وراءها لحماية شروطه في تشكيل الحكومة، كما أوحى باتهام فريق سياسي يريد استغلال أوجاع الناس لإيصال رسائل سياسية، بما لا يمكن فهمه إلا اتهاماً لشقيقه بهاء بالوقوف وراء التلاعب بما تعانيه طرابلس وتوظيفه، واعتبار الرسالة موجّهة للرئيس سعد الحريري مباشرة. فالقادرون على التحرك في الشارع الطرابلسي لا مصلحة لهم بما يجري باستثناء فرضيّتي الشقيقين، وانتفاء إحداهما تثبيت للأخرى. وتساءلت المصادر عما إذا كان هذا الوضع سيدفع برئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري نحو الاقتراب من إنتاج حل سياسي للأزمة الحكومية بدلاً من تبادل المصادر المقربة منهما للاتهامات باستغلال الوضع لتحسين شروط التفاوض.


على مستوى تفشي وباء كورونا، لفتت مصادر طبية بالتزامن مع الإعلان عن خطة اللقاح الوطنية من السراي الحكومي، إلى خطورة الوضع الصحي رغم انخفاض عدد الإصابات اليومية. وقالت المصادر إن لبنان يقف مع سويسرا وبريطانيا والبرتغال وتشيكيا في المرتبة الأولى عالمياً لنسبة عدد الإصابات اليومية والوفيات اليومية بالقياس لعدد السكان، ما يجعل الحاجة ملحّة لتمديد الإقفال مجدداً، لكن مع شبكة أمان اجتماعية فعالة للفئات الأشد فقراً.


وتوزّع الاهتمام الداخلي أمس، بين حدثين: الأول التظاهرات الشعبية في بعض المناطق والتي تصاعدت وتيرتها وتحوّلت إلى اشتباكات ومواجهات مع القوى الأمنية في طرابلس، وبين السرايا الحكومية التي شهدت إعلان خطة لقاح كورونا الذي ستصل الدفعة الأولى منه إلى لبنان منتصف شهر شباط المقبل.


ولليوم الثالث على التوالي، ارتفعت وتيرة الاشتباكات بين المحتجين وعناصر مكافحة الشغب أمام سراي طرابلس، حيث قام المحتجون على الأوضاع المعيشية الصعبة بإلقاء مواد حارقة على سور السرايا الحديدي والأشجار الملاصقة للسور وأشعلوا النيران فيها.


واللافت إقدام المتظاهرين على رشق مبنى السرايا بالحجارة وقنابل "المولوتوف" بشكل كثيف وإحراق آلية للقوى الأمنية ومحاولة اقتحام السراي، فيما ردت عناصر مكافحة الشغب بخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيلة للدموع لإبعاد المحتجين.


وأفادت مصادر ميدانية إلى أن عناصر قوى الأمن أطلقت الرصاص في الهواء بشكل كثيف لإبعاد المحتجين الذين ألقوا قنبلة مولوتوف على مبنى السراي وحاولوا الدخول إليها من الجانب الخلفي.


وسُجل سقوط 26 جريحاً جراء هذه المواجهات من كلا الطرفين، نقل بعضهم في سيارات الصليب الأحمر، وعولج البعض ميدانياً من قبل فرق الصليب الأحمر جهاز الطوارئ والاغاثة.


وأعلنت قيادة الجيش في بيان، أن "31 عسكرياً أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض جراء تعرضهم للاعتداء والرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية من قبل عدد من المحتجين أثناء تظاهرات شهدتها مدينة طرابلس وتضررت آليات عسكرية وعتاد، وقد تمّ توقيف خمسة أشخاص لإقدامهم على التعدّي على الأملاك العامة والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرّض للقوى الأمنية وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص".


ومع اشتداد حدّة الاشتباكات منتصف ليل أمس دعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ببيان المتظاهرين "للانسحاب فوراً وعدم الدخول الى السراي حفاظاً على سلامتهم لأننا مضطرون للدفاع عن مراكزنا بكل الوسائل المشروعة". وكشفت مصادر طرابلسية قيام جهات في المدينة بتوزيع أموال على الاشخاص المحتجين في الشارع لشراء المولوتوف والمفرقعات والليزر. وأكدت أنها تسعى لمعرفة مَن وراءها لتوتير الوضع الأمني ولأي هدف.


ولفتت مصادر مطلعة لـ"البناء" إلى أنه "من الواضح أن إعادة تحريك الشارع على إيقاع التأزم السياسي والحكومي، مخطط وموجّه من قبل جهات سياسيّة لطالما استخدمت الشارع كأداة للاستثمار السياسي، وما يؤكد ذلك اقتصار التحركات على مناطق تُعدّ معاقل انتشار تيار المستقبل الذي لم يصدر بياناً حتى الساعة لإدانة هذه الاعتداءات على الجيش رغم مرور أربعة أيام عليها". وتوقفت المصادر أمام الأسلوب المتبع لهذه المجموعات الميدانيّة التي تلعب لعبة الكرّ والفرّ مع القوى الأمنية والجيش التي أصبحت هدفاً بدل التوجّه إلى منازل المسؤولين السياسيين وزعماء المدينة الذين كانوا السبب بإفقار أهالي طرابلس ولا يقومون بشيء لمساعدة المواطنين، فيما عناصر الجيش والقوى الأمنيّة هم أيضاً يعانون من الضائقة المعيشية بعد تدهور سعر صرف الدولار وباتت رواتبهم لا تكفيهم نصف الشهر". فهل المطلوب وضع المتظاهرين في وجه الجيش والقوى الأمنيّة ولأي سبب؟ وهل هذا مخطط ممنهج لتعبئة أهالي المدينة سياسياً وطائفياً ومذهبياً تحت ضغط الأوضاع المعيشيّة لخلق بيئة آمنة ومؤاتية لإعادة تسلل المجموعات المتطرفة واستنهاض الخلايا النائمة وبقايا الإرهاب إلى طرابلس؟ وهل المطلوب إعادة استحضار الإرهاب في الساحة اللبنانية بالتوازي مع عودته الى الساحة العراقية بعد التفجيرات الأسبوع الماضي؟


وبعد مرور ثلاثة أيام على الأحداث في طرابلس علق الرئيس المُكلف سعد الحريري قائلاً: "قد تكون وراء التحركات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية وقد يكون هناك مَن يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوو الدخل الحدود، وليس هناك بالتأكيد ما يمكن أن يبرر الاعتداء على الأملاك الخاصة والأسواق والمؤسسات الرسميّة بحجة الاعتراض على قرار الإقفال".


وفيما رأت مصادر التيار الوطني الحر أن الأحداث الأمنية في طرابلس ومناطق أخرى ليست معزولة عن سياسة الضغط على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرضوخ لمطالب الحريري في عملية تأليف الحكومة الأمر الذي لن يحصل لا الآن ولا غداً ولن تنفع الرهانات على ليّ ذراع عون.


وأكدت مصادر بعبدا بأن "سياسة ليّ الذراع لن تنفع، واستغلال غرائز الناس في استحقاق دستوري لن يفيد"، ولفتت إلى أن "ما ينفع لبنان، هو عودة الرئيس المكلف إلى الدستور وتأليف حكومة إنقاذ بالتفاهم مع رئيس الجمهورية". كما لفت مصدر مقرّب من بعبدا لـ"البناء" إلى أنه من "الظلم تحميل الرئيس عون مسؤولية تأخير تأليف الحكومة والحملات عليه مشبوهة ولن تنال من عزيمته وإصراره على احترام المعايير الموحدة والأصول الدستورية"، لافتة إلى أن "تأليف الحكومة من مسؤولية الرئيسين عون والحريري فلماذا تحميل المسؤولية لعون وحده؟". وأضافت أن "الظروف الحالية لا تسمح بتأليف حكومة".


في المقابل أفيد أن الحريري سيصارح الرأي العام قريباً وهو سيعلن عن موقفه في مهلة أقصاها أسبوع. فيما لفتت معلومات أخرى إلى أن الحريري يحضّر خطاباً تصعيدياً في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط المقبل.


وغطت سحب الاشتباكات في طرابلس وتبادل الرسائل السياسية بين بعبدا وبيت الوسط على الوساطات وسعاة الخير لإعادة تفعيل المشاورات الحكومية التي يتصدّرها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بدفع من حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، لكنها لم تتكلل بالنجاح حتى الآن.


وعلى وقع الانسداد الحكومي والتوتر السياسي والأحداث الأمنية، سُجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً في السوق السوداء حيث بلغ 8900 ليرة للشراء، مقابل 9000 ليرة للمبيع.


في غضون ذلك، أطلق لبنان الحملة الوطنية للتلقيح ضد وباء كورونا بعد اجتماعات متتالية شهدتها السراي الحكومي بحضور المعنيين كافة بالشأن الصحي.


وفنّد وزير الصحة حمد حسن تفاصيل الخطة في مؤتمرٍ صحافي عُقِد في السراي بحضور عددٍ من الوزراء والنواب، ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي وعضو اللجنة العلميّة لمكافحة كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري.


وقال الوزير حسن: "كل شخص بحاجة الى جرعتين مع فاصل زمني 3 أسابيع. وسيعطى بشكل مجاني حتى في مراكز التلقيح الخاصة، وهو غير إلزامي. وتمّ حجز حوالي مليونين و100 جرعة من لقاح فايزر، وتم تحديد أول 5 دفعات لتصل أسبوعياً ابتداء من منتصف شهر شباط. أما بالنسبة للقاحات التي يعمل لبنان على الحصول عليها، تمّ حجز لقاح غير محدد لحوالى 20% من السكان في لبنان، أي حجز نحو مليونين و730 جرعة ممكن ان تكون للقاح فايزر أو غيره. ويتم التفاوض حالياً مع "استرازينيكا" لحجز مليون ونصف جرعة تستخدم تقنية الناقل الفيروسي".


بدوره عرض البزري التفاصيل التقنية والتنظيمية للخطة والآليات المعتمدة في مراحل استيراد اللقاح وعملية التلقيح وما بعدها، وقال: "تهدف الخطة إلى الحماية المجتمعية وفق أسس ومعايير علمية واضحة، وتمّ تشكيل لجنة متخصصة لمتابعة الشفافية في عملية التلقيح. كما تهدف إلى توجيه المواطن ومتابعته في مراحل التلقيح ومراقبة الآثار السلبية للتلقيح".


وكان اليوم الصحيّ الماراتونيّ في السراي قد بدأ باجتماع لعرض خطة لقاح كورونا برئاسة الرئيس حسان دياب الذي أكد أن العدّ العكسي لانطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ما يعني أنه اقترب الوقت لاستعادة حياتنا الطبيعية تدريجيًا". ولفت دياب إلى أنه "لا شيء يمنع تمديد الإقفال في حال تفاقمت الأعداد".


كما عقدت في السراي سلسلة اجتماعات متلاحقة لمناقشة أربع خطط: الطوارئ الصحية وتحديد السلالة التحورية لكورونا ومواجهة مرحلة ما بعد الإغلاق لمواجهة الوباء وخطة المساعدات الاجتماعية في فترة الإقفال العام.


وأشارت مصادر مطلعة على تفاصيل الخطة لـ"البناء" إلى أن "الهدف من خطة التلقيح هو الوصول إلى نسبة مناعة مجتمعية فوق 70 في المئة في نهاية العام الحالي". ولفتت إلى أن "تلقي اللقاح ليس إلزاميًا لكن الخطة ستركز في بعض بنودها على كيفية إقناع المواطنين بأخذه بناءً على استبيانات علميّة. كما ستتم مراقبة مراكز التلقيح لكي لا تتحوّل إلى مصدر لانتشار الوباء". وعلِمت "البناء" أن "منصة "كوفاكس" وضعت لبنان أولوية لتزويده باللقاحات لسرعة تسديده ثمن اللقاحات مع مراعاة بالأسعار بسبب ظروفه المالية والاقتصادية". وكشفت المصادر أن "التلقيح سيجري وفق معايير الفئات العمرية والوظيفة وفق التالي:
كل الفئات العمرية ما بين 65- 75 سنة سيشملهم التلقيح من دون تمييز.
ما بين 55- 65 سنة الاختيار بحسب الأمراض المزمنة والوظيفة مع أولوية للعاملين في القطاع الصحيّ وتحديدًا في الخطوط الأمامية منهم (الذين يعالجون ويعتنون بمرضى الكورونا في المستشفيات والمنازل).
- دور العجزة: يجري تلقيحهم في مراكز وجودهم.
- الأشخاص المكلفين بحسن السير المجتمعي من قوى أمنية وعسكرية والإعلام غيرهم.
- السجون: سيصار إلى تشكيل لجنة خاصة من أطباء وقضاة وضباط أمن ومحامين لتلقيح المساجين على أن يجري استخدام لقاح "إسترازينيكا" بدل "فايز" لجهة الحفاظ على جودته إذا ما تأخر إيصاله.
- التلقيح في المدارس والجامعات مؤجل لستة أشهر وبالتالي التعليم عن بُعد سيمتد إلى نهاية العام، لكن طرح على بساط البحث تلقيح 120 ألف طالب لإنقاذ العام الدراسي الحالي.
- اللاجئون والنازحون السوريون لكن الإشكالية في عدم وجود إحصاءات رسمية دقيقة حول أعدادهم.
- أما الفئات العمرية ما دون 16 عامًا فلن يتلقوا العلاج، أي ثُلث عدد السكان إضافة إلى الذين أصيبوا (300 ألف مواطن) لن يشملهم اللقاح في مراحله الأولى.


وتضيف المصادر: "العودة إلى الحياة الطبيعية مرتبطة بالتغير التدريجي لنسبة التلقيح، حتى الوصول إلى نسبة 80 % مناعة مجتمعية. وهناك عامل مساعد هو أن لبنان يتمتع بفئات عمرية شابة، وسيصار إلى اعتماد 40 مركزًا للتلقيح والأولوية للعاملين في خطة التلقيح على أن تضع وزارة الصحة عنوانًا للدخول إلى المنصة وتعبئة استمارة لطلب الحصول على اللقاح تتضمن كل المعلومات التفصيلية لا سيما العمر والوظيفة والوضع الصحي ورقم الهاتف".


وفي السياق لفت مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحيّة الدكتور وليد خوري لـ"البناء" إلى أن "العبرة في تنفيذ الخطة. وعدّد خوري جملة ثغرات قد تواجه التنفيذ لا سيما الخطر الذي يرتبه دخول المواطنين إلى مراكز التلقيح لجهة الاختلاط الاجتماعي لا سيما أن مساحة هذه المراكز لن تكون كبيرة وستستقبل 400 شخص يوميًا. وكان من الأفضل إنشاء مجمعات كبيرة megacenter في كل محافظة لاستيعاب أعداد المواطنين للحفاظ على مسافة آمنة وتباعد بين المتلقحين ومنع الاكتظاظ". لكن خوري يؤكد أنه "في حال جرى تنفيذ الخطة بشكلٍ مدروس. فإننا بحاجة إلى عام لنصل إلى نسبة مناعة لازمة للجم انتشار العدوى وتخفيض عدد الإصابات ووقف النزيف الحاصل في قطاع المستشفيات. وبعد ذلك يمكن إعادة فتح البلد بشكلٍ طبيعي من دون الإجراءات الوقائية الصارمة والاكتفاء بإجراءات وقائية عادية". كما يشدد خوري على "وضع خطة إعلامية بالتعاون مع البلديات لإقناع المواطنين بتلقي اللقاح في ظل الأخبار الكاذبة التي تتحدث عن مضاعفات سلبية للقاح. ولكي تصل نسبة التلقيح إلى 80 في المئة من المقيمين على الأراضي اللبنانية. وإلا فإن الاكتفاء بنسبة 30 في المئة لن نصل إلى الأهداف المرجوة من خطة التلقيح وبالتالي استمرار العدوى".


ورأى النائب عاصم راجي في حديث لـ"البناء" أن "الخطة الوقائية واستراتيجية التلقيح لن تؤتي ثمارها ولن يكتب لها النجاح إذا لم تترافق مع خطة للمساعدات الاجتماعية وتعزيز صمود المواطنين المحجورين في منازلهم". ولفت إلى أن "خطة التلقيح ليست سهلة وقد تمتد لعام كامل لكي نصل إلى مناعة مجتمعية شاملة. وهذا الأمر لا يقتصر على لبنان، فحسب بل خطة التلقيح في الولايات المتحدة الأميركية لن تنتهي قبل الصيف المقبل". والأهم برأي عراجي هو ردة فعل المواطنين تجاه اللقاح وتمنعهم عن تلقيه لأسباب متعددة. داعياً الى اعتماد اللقاح بشكل إلزامي للجميع.


وأعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 3906 إصابات جديدة بفيروس كورونا ما رفع العدد التراكمي للإصابات منذ بدء انتشار الوباء في شباط الفائت إلى 289660. كما سجلت 76 وفاة جديدة ما رفع العدد التراكمي للوفيات إلى 2553.
 

********************************************************************

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

"صراع الإخوة" يهزّ طرابلس

 

لم تترك الحكومة شيئاً يدفع الناس إلى الانتفاض إلا وفعلته، بجدارة. الحكومة المستقيلة، كما القوى السياسية التي قررت المشاركة في تأليف حكومة جديدة. نزول الناس إلى الشارع ترافقه، بطبيعة الحال، وأحياناً تخلق شرارته، محاولات قوى سياسية تثبيت قدرتها على "الإمساك بالأرض"، أو على الأقل سعيها إلى سحب الشرعية الشعبية عن قوى أخرى. لا دوافع الاحتجاج المشروع تحجب الأجندات السياسية، ولا الأخيرة تلغي حق الناس في التعبير عن الغضب. في طرابلس، غالبية من الفقراء الغاضبين، وصراع بين الشقيقين بهاء وسعد الحريري، دخل بينهما أمس عامل أمني خطر، لم تُحدَّد الحهات التي تقف خلفه بعد، تمثل بإعلان قوى الأمن الداخلي أن عناصرها استُهدفوا بقنابل يدوية حربية


في الليلة السادسة من عودة التظاهرات الليلية والمواجهات في طرابلس، رفضاً لقرار الإقفال العام وتمديده، بدا سراي المدينة الهدف الأبرز للتحرّكات المنظّمة. وتُوجّت محاولات الدخول إلى السراي بإلقاء قنابل يدوية هجومية على عناصر قوى الأمن الداخلي ومكتب فرع المعلومات التابع لقوى الأمن، ما أدى إلى إصابة ضابط وعدّة عسكريين بجروح، في مقابل عشرات الجرحى بين المحتجين. وفيما أكد متظاهرون استخدام القوى الأمنية والعسكرية للرصاص الحي ضد المحتجين، نفى الأمنيون والعسكر ذلك، مؤكدين أن قوات مكافحة الشغب اكتفت باستخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والهراوات ضد المتظاهرين "بعدما حاولوا اقتحام السراي".


استخدام الأسلحة الحربية أثار القلق ليلاً في المدينة التي شهدت تحرّكات واسعة واستخدام مئات قنابل المولوتوف باتجاه السراي والمراكز العسكرية في محيطه، وتخوف الأهالي من انفلات الوضع الأمني أكثر وتحوّله إلى مواجهات مسلّحة على غرار السنوات السوداء التي عاشتها طرابلس في المرحلة الماضية.


وامتد قطع الطرقات ليلاً إلى بيروت والبقاع، حيث قطعت طريق المدينة الرياضية وكورنيش المزرعة في العاصمة وطرقات المصنع وشتورا وبعض الطرقات في البقاع الغربي.
وممّا لا شكّ فيه أن الواقع الاقتصادي المخيف الذي تعانيه المدينة بزيادة عن مناطق لبنانية أخرى، وتفاقم حالة البطالة والفقر المدقع وفقدان الأساسيات في منازل المواطنين الطرابلسيين، وعجز الدولة عن القيام بأي خطوات جديّة واستمرار أثرياء المدينة بتكديس أموالهم على حساب فقرائها، فإن كل ذلك يشكّل دوافع لنزول المتظاهرين إلى الشوارع والاعتراض على سياسات الإغلاق الحكومية، من دون أي اهتمام لمخاطر انتشار الوباء في مثل هذا النوع من التجمّعات.


إلّا أن التحرّكات في الأيام الماضية، خصوصاً ليل أمس، تؤشر بوضوح إلى وجود عمل منهجي منظّم من عدّة أطراف سياسيين، يديرون مجموعات من المتظاهرين ويوجّهون الحشود، وأخيراً يلجأون إلى الاعتداء الأمني باستخدام قنابل هجومية على عناصر الأمن، ما دفع بالعديد من مجموعات الحراك الشعبي في المدينة إلى الانكفاء عن هذه التحرّكات مع شعورهم بوجود عمليّة استغلال سياسي واضح للتحركات.


كما بدت كذلك القوى الأمنية والعسكرية المختلفة في حالة من الضياع مع غياب التنسيق في ما بينها، والعجز عن إدارة مسرح المواجهات والتخفيف من احتمالات وقوع إصابات بين الطرفين، حيث تحدّثت مصادر ليلاً عن أكثر من 200 إصابة بين المدنيين والعسكريين، غالبيتهم من المدنيين بطبيعة الحال.


وبحسب ما تقاطعت مصادر "الأخبار" من مصادر متعدّدة، فإن أغلب المشاركين هم من أحياء البداوي والمنكوبين ووادي النحلة والمناطق الداخلية وباب التبانة والزاهرية والقبة، وأشخاص من خارج طرابلس عمل حزب سبعة على استقدامهم من بيروت. وتوزّع عدد لا بأس به من المتظاهرين المشاركين على مروحة واسعة من القوى السياسية، تصفّي حساباتها السياسية والمالية وصراعات المحاور "داخل البيت الواحد". فالمجموعات المدعومة من بهاء الحريري والوزير السابق أشرف ريفي اشتركت في التركيز على محاولات الدخول إلى سراي طرابلس. ومنذ ساعات المساء الأولى، جرت عدة محاولات للدخول إلى السراي، ونجحوا بداية في الوصول إلى غرفة الحرس وغرفة التفتيش عند مدخلها الرئيسي، (وهو ما حصل أول من أمس أيضاً). وبعد عدة محاولات فاشلة، حاول المتظاهرون الدخول إلى قصر العدل في طرابلس الكائن خلف السراي مباشرة، ما دفع القوى الأمنية إلى التدخل واستخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لإبعادهم، بعدما كانت مجموعات المحتجين تتزايد مع قدوم مناصرين لهم من مناطق أخرى.


في المقلب الآخر، لم يغب تيار المستقبل عن تحريك مجموعاته التي نزلت إلى الأرض بإيعاز من الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، بعدما وجد أنه قد يفقد الشارع في طرابلس تحت تأثير أخصامه، خصوصاً أن مجموعات الطرف الأول كانت تكيل يومياً الشتائم والهتافات المضادة لآل الحريري ونوابهم في طرابلس، محمد كبارة وسمير الجسر. وردّ التيار أيضاً بتنظيم مسيرات في شوارع المدينة، والردّ بهتافات ضد رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، علماً بأن الرئيس سعد الحريري كان قد أعلن في تصريح أمس أن "التحركات في طرابلس قد يكون وراءها جهة سياسيّة".


وفيما نفت مصادر في تيار المستقبل لـ"الأخبار" علاقة التيار بـ"الأعمال التخريبية التي يقوم بها مندسون ومشاغبون"، على حدّ قولها، فقد أوضحت أن "منتديات طرابلس التي كان بهاء الحريري يُحرّكها قد جرى تحييدها وإبعادها عنه، خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس سعد الحريري إلى تركيا، نظراً لأنّ الحكومة التركية تمون عليها".
 

*******************************************************************

 

 

افتتاحية صحيفة النهار

التفلُّت يتّسع… و”نداء الطوائف” لحكومة فوراً

 

إذا كان اطلاق الخطة الوطنية للقاح ضد وباء كورونا شكل التطور الإيجابي الأول الموعود بوضع لبنان على سكة المواجهة الجذرية مع كارثة الانتشار الوبائي بعد طول تأخير وانتظار مكلف بشريا واقتصاديا، فان ذلك لم يحجب الخشية من تداعيات البطء الذي اعترى برمجة عمليات تسليم اللقاح الذي تبين ان الدفعة الأولى منه لن تصل قبل منتصف شباط في ظل تخوف من تأخر الشركات المصنعة في التسليم كما يحصل في دول عدة في العالم تحت وطأة ضغط الانتاج. ومع ذلك اثار اطلاق الحكومة الخطة رسميا امس ارتياحا نظرا لندرة أي تطور إيجابي في مجمل مشهد الازمات والاختناقات التي تحكم واقع اللبنانيين وتحاصرهم، اما عبر الحجز والمرض والموت جراء استفحال الانتشار الوبائي والواقع الاستشفائي الكارثي الذي يواكبه، واما عبر استفحال التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي تتكشف يوما بعد يوم عن اتساع مخيف للفئات الفقيرة والمحتاجة الى الدعم والمعونات. ولذا ظل الحدث الطاغي على المشهد الداخلي مركزا على اتساع التفلت في الشارع الذي انفجر عصيانا على إجراءات الاقفال العام انطلاقا من “ثورة طرابلس” التي كانت سباقة في تحدي إجراءات الاقفال وأدت حدة مواجهة الاحتجاجات فيها الى واقع خطير تمثل في تصاعد المواجهات بين جماعات المحتجين والقوى العسكرية والأمنية علما ان اعداد المصابين في الجيش اول من امس فاق 31  جنديا وضابطا.

 

وإذا كانت مجريات الاحتجاجات شهدت امس اتساعا كبيرا تمثل في تنقل الاحتجاجات وقطع الطرق عبر مختلف المناطق نهارا ومساء، فان سؤالا كبيرا اثير على خلفية هذا التفلت عما ستفعله حكومة تصريف الاعمال لمواجهة خطر انهيار خطة التعبئة الصحية وتدابير الاقفال العام، علما ان المداولات الماراتونية التي حصلت في اجتماعات السرايا امس لانجاز خطة اللقاحات تناولت هذا الخطر. وقد قفز موضوع المساعدات المالية للأسر المحتاجة الى مقدم الأولويات خصوصا ان أصوات المحتجين كشفت عمق الازمة الاجتماعية التي تتحكم بتحريك الشارع ولن ينفع تاليا اللعب السياسي في توظيف هذا التحرك لتوجيه اتهامات الى شارع او جهة مذهبية معينة على غرار ما بدأ يتصاعد من كواليس الجهات السلطوية التي تعطل تشكيل الحكومة وتحاول إلقاء تبعة عصيان الشارع على خصومها فيما تتجاهل هذه الجهات خطورة الواقع الاجتماعي للمحتجين. وقررت الحكومة في هذا السياق رفع عدد الآسر المستفيدة من المساعدات الاجتماعية التي تبلغ 400 الف ليرة لكل عائلة من 240 الف عائلة الى 300 الف عائلة.

 

  طرابلس 

اما التحركات الاحتجاجية فتنقلت امس عبر تظاهرات وقطع طرق بين طرابلس وعكار وبعلبك وضهر البيدر وصولا الى صيدا والنبطية. ولليوم الثالث شهدت طرابلس مواجهات جماعات المحتجين على الاوضاع المعيشية ورفضا للاقفال مع القوى الأمنية والعسكرية. وتجمع المحتجون في ساحة النور حيث تم قطع الطرق وقام عدد منهم بالقاء مواد حارقة داخل غرفة الحرس امام مدخل السرايا واشعلوا فيها النار، ما اضطر عناصر قوى الامن الداخلي الى اطلاق القنابل الدخانية لتفريق المحتجين بعدما رموا قنابل المولوتوف على باحة السرايا. ولكن التوتر اشتد ليلا وطلبت قوى الامن الداخلي من المحتجين الانسحاب وعدم دخول السرايا بعدما قاموا بأعمال شغب وخرق للباب الرئيسي وحذرتهم من انها ستضطر الى الدفاع عن مراكزها بكل الوسائل المشروعة ثم أطلقت وابلا من القنابل الدخانية لمنع المحتجين من الدخول، ورصد استقدام تعزيزات من قوى الامن من بيروت الى طرابلس. وحصلت مواجهة مباشرة لدى إلقاء قنابل في اتجاه القوى الأمنية التي قالت انها كانت قنابل يدوية حربية وليست قنابل مولوتوف وأدت المواجهات الى وقوع عدد من الجرحى . وقد تدخلت وحدات من الجيش مع آلياتها وملالاتها لمؤازرة قوى الامن وانتشرت في ساحة النور وراحت تسير دوريات لاعادة فرض الهدوء وتفريق المحتجين .

 

كما ان نطاق قطع الطرق اتسع ليلا في منطقة البقاع حيث قطعت الطرق الرئيسية في تعلبايا والمصنع وجديتا والمرج .

الواقع المازوم في طرابلس دفع الرئيس المكلف سعد الحريري الى الإعلان انه” قد تكون وراء التحركات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية وقد يكون هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوي الدخل المحدود. وليس هناك بالتأكيد ما يمكن ان يبرر الاعتداء على الاملاك الخاصة والاسواق والمؤسسات الرسمية بحجة الاعتراض على قرار الاقفال” . وقال “انني انبه اهلنا في طرابلس وسائر المناطق من أي استغلال لاوضاعهم المعيشية، واطالب الدولة والوزارات المختصة باستنفاد كل الوسائل المتاحة لكبح جماح الفقر والجوع وتوفير المقومات الاجتماعية لالتزام المواطنين قرار الاقفال العام”.

 

نداء

كما ان الوضع الدراماتيكي تحت وطأة الازمة الحكومية دفع رؤساء الطوائف الاسلامية والمسيحية في لبنان الى توجيه نداء اكتسب دلالات بارزة ونادرة تكشف عمق التحسس بأخطار الازمة وتجاوز الانقسامات والتوحد حول هذا النداء الذي وان عمم المسؤولية السياسية عن الازمة فانه حمل نبرة ادانة شديدة لأهل القرار السياسي. واعتبر رؤساء الطوائف انه  “في الوقت الذي تتسارع فيه خطى الانهيار في لبنان بكل ما تحمله من مخاطر على المستقبل والمصير، تستمر الخلافات بين أهل السياسة من أصحاب القرار، وتتعطل محاولات التوفيق كافة، الداخلية منها والخارجية، لإنقاذ الدولة من الكارثة التي استدرجت اليها نتيجة حسابات خاطئة وخلافات شخصية، يدفع الشعب اللبناني ثمنها غاليا جدا”. وأضاف النداء “إن أصحاب الغبطة والسماحة والسيادة إذ يرفعون معا صوتا لبنانيا وطنيا واحدا، يدينون بشدة استمرار هذه السياسات الخاطئة والخلافات الشخصية التي تجر لبنان الى الطريق المسدود”. وشددوا على “التمسك بالولاء للبنان دولة الدستور والقانون والنظام، ووطن رسالة العيش المشترك والتمسك بأهداب السلم الأهلي وأسس الشراكة الوطنية كما حددها وأرسى قواعدها اتفاق الطائف، بعيدا من أي شكل من أشكال الإبتزاز” وطالبوا “بالعمل فورا على تشكيل حكومة “مهمة وطنية” مترفعة عن الحسابات الشخصية والفئوية، تتجاوز تفاصيل المحاصصات التي تخضع للإبتزاز والإبتزاز المعاكس ” مؤكدين “اننا نرى بحكم مسؤوليتنا الدينية والأخلاقية والوطنية انه ما عاد السكوت ممكنا على هذا الوضع الكارثي والمأساوي. ليس لبنان في أزمة سياسية فقط، انه في صلب أزمة أخلاقية كبرى “.

 

وفي السياق الحكومي علم ان العقبات التي تعترض تاليف الحكومة الجديدة تأخذ حيزا بارزا في الجولة الجديدة التي باشرتها السفيرة الأميركية درورثي شيا على المسؤولين والزعامات السياسية للمرة الأولى في ظل ادارة الرئيس الأميركي جو بايدن مما يشير الى احتمال كونها تهيء تقريرا وافيا وشاملا عن الواقع اللبناني بمعظم ازماته الراهنة لتقديمه الى الإدارة الجديدة. وقد التقت شيا مساء امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعرضت معه التطورات في ملفات تشكيل الحكومة وترسيم الحدود والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة بالإضافة الى سبل مكافحة وباء كورونا .

 

***********************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

رؤساء الطوائف لأهل الحكم: خلافاتكم شخصية والأزمة أخلاقية

السلطة للطرابلسيين: موتوا “عالسكت”!

 

عدا عن “البقرات السبع” التي عادت سالمة غانمة إلى مراعي الوطن أمس بعد اتصالات مع اليونيفيل أفضت إلى إطلاقها من جانب إسرائيل، ليس ثمة من يشعر في هذه الجمهورية بوجود الدولة. فالشعب بنظر أهل السلطة أقل شأناً حتى من “قطيع الدواب”، عليه واجب الكدح كفاف قوته من دون أن ينتظر لا زاداً ولا علفاً من الدولة في مواجهة أزمة التصحّر المالي والحياتي، وكذلك مقياس صمود الناس بات مرهوناً بمدى اكتسابهم “مناعة القطيع” صحياً وسياسياً، وإن شذّ أحدهم عن الخطوط العريضة التي خطّها “محراث” الحكم، سارعوا إلى تصنيفه في مصاف الخراف الضالة أو المدسوسة الواجب اجتثاثها من عداد القطيع.

 

فبعدما نهبت أموالهم وقطعت أرزاقهم وقادتهم إلى أسفل سافلين اقتصادياً ومعيشياً، لا تزال السلطة بفائض وقاحتها تطرح علامات استفهام وتعجّب تشكّك بدوافع الناس إن هم ثاروا تعبيراً عن جوع يتآكلهم، فيصبح من العجب العجاب أن يتظاهر الطرابلسيون ويفجروا غضبهم في الشارع رفضاً للموت البطيء على مذبح الانهيار والعوز، لتسارع الطبقة الحاكمة على الفور إلى استنفار أدوات التخوين والقمع في مواجهتهم، وصولاً إلى التصويب عليهم بالرصاص الحيّ كما حصل ليلاً في ساحة النور وسواها، حيث وضعت فوهات بنادق السلطة الطرابلسين بين مصيرين لا ثالث لهما: عيشوا من قلّة الموت أو موتوا “عالسكت”!

 

ولم يكن ينقص أهل طرابلس سوى رئيس حكومة “ماريونيت” تتلاعب به أصابع السلطة لكي يلصق بوجعهم تهم “التخريب وتوجيه الرسائل السياسية”، بينما رئيس الجمهورية الذي لم يعد لديه ما يخسره شعبياً، بعدما خسر اللبنانيون “الأولى والآخرة” في عهده، يتعامل بكثير من البرودة مع أوجاع الناس ويتعامى عن الواقع الاجتماعي المزري الذي بلغه الناس في ظل حكمه، لا بل هو كان، بحسب مصادر سياسية مواكبة، “حازماً خلال الساعات الأخيرة في توجيهاته للأجهزة العسكرية والأمنية بوجوب إنهاء الاحتجاجات في طرابلس بأي ثمن”، لا سيما وأنّ الدوائر الرئاسية وضعت مسوغات استخدام الشدة في مواجهة الطرابلسيين في إطار “التصدي للرسائل السياسية التي تستهدف الرئيس ميشال عون عبر افتعال تحركات شعبية ضده”.

 

وفي المقابل، استرعت الانتباه أمس انتفاضة روحية ضد قلة “أمانة” و”مسؤولية” الطبقة السياسية الحاكمة في البلد، خرج في ضوئها رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية بعد تواصلهم للتداول في “مآلات الوضع المأسوي الراهن على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية”، بموقف مشترك توافقوا بموجبه على أنّ عرقلة عملية إنقاذ اللبنانيين ناتجة عن “حسابات خاطئة وخلافات شخصية يدفع الشعب ثمنها غالياً جداً”.

 

وأكد البيان باسم “أصحاب الغبطة والسماحة والسيادة” إدانة استمرار هذه السياسات والخلافات الشخصية في “جرّ لبنان إلى الطريق المسدود” بما يتناقض مع “أمانة الحكم”، فأعربوا في المقابل عن تمسكهم بجملة ثوابت تنطلق من وجوب “الولاء للبنان” والنأي به عن “الصراعات الخارجية وحساباتها الاستغلالية”، مروراً بالتشديد على قواعد الشراكة التي أرساها اتفاق الطائف “بعيداً من أي شكل من أشكال الإبتزاز”، وصولاً إلى اعتبار ما يجري من “صراعات وخلافات” مناقضاً لما يقتضيه الحكم من “مسوؤلية وأمانة” وهو ما أدى إلى “استجرار لبنان إلى الهاوية التي يقف اليوم على مشارفها”.

 

وإزاء ذلك، دعا رؤساء الطوائف إلى وجوب “العمل فوراً على تشكيل حكومة مهمة وطنية مترفعة عن الحسابات الشخصية والفئوية، تتجاوز تفاصيل المحاصصات التي تخضع للإبتزاز والإبتزاز المعاكس”، مؤكدين أنه “ما عاد السكوت ممكناً على هذا الوضع الكارثي والمأسوي” القائم، ومشددين على أنّ لبنان ليس في أزمة سياسية فقط بل هو “في صلب أزمة أخلاقية كبرى”، وتوجهوا إلى المسؤولين بالقول: “الشعب اللبناني ضاق ذرعاً بهذا السلوك وهذا التخلي عن مصالحه الأساسية (…) أوقفوا العبث بمصير الوطن والدولة، فالشعب لن يغفر والتاريخ لن ينسى”.

 

 

***********************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

الإنسداد الحكومي يُشعل الإحتجاجات.. “كورونا” يتفاعل فهل ستصل اللقاحات؟

في بحر السلبيات التي يعوم عليها البلد، طافت على سطح المشهد الداخلي، ما يمكن اعتبارها الإيجابية الوحيدة التي يشهدها لبنان منذ ما يزيد على السنة، وتجلّت في رسم خريطة وصول اللقاحات لمكافحة فيروس كورونا، والشروع في بدء التلقيح اعتباراً من النصف الثاني من شباط المقبل، ومع ذلك تبقى العبرة في صدق الوعود بوصول اللقاحات في الموعد المحدّد، وكذلك في عدالة توزيعها واجرائها في آن معاً، وما عدا ذلك، أزمات مفتوحة بعضها مشتعل، وبعضها الآخر جمر حارق تحت الرماد.

في السياسة، يسود اهتزاز كامل في المشهد الداخلي، فمن جهة انسداد تام في مسار تأليف الحكومة، توازيه رهانات متجددة يعلّقها المستعجلون على تشكيل الحكومة، على انطلاق القطار الفرنسي في رحلة جديدة نحو لبنان، حاملاً عناصر ومقويات للمبادرة الفرنسية، تجعلها اكثر فعالية وقدرة على إلزام اطراف تعطيل التأليف بالالتزام الفعلي بهذه المبادرة، وتشكيل حكومة وفق مندرجاتها. ومن جهة ثانية، حراك اتخذ منحى عنفياً، ظهر في توقيت واحد وفي اماكن متعددة، وتثار حوله تساؤلات عن الجهات المحرّكة له والغاية المتوخاة منه في هذا التوقيت بالذات.

 

الحراك ليس يتيماً!

بالتأكيد، أنّ هذا الحراك ليس يتيماً، وبالتالي ليس عفوياً، ومع تخفّي المحرّك لما جرى في الساعات الأخيرة، خلف الصورة، سُجّي هذا الحراك على حلبة التعطيل الحكومي كمادة اتهامية متبادلة بين المعطلين، بأنّ التحركات العنيفة التي شهدتها بعض المناطق، وغالبيتها تخضع للون طائفي وسياسي معيّن، واستمرت بالأمس وتحديداً في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس، ما هي الّا رسالة ضغط من طرف على طرف، لحمله على التراجع عن شروطه التي يطرحها في ما خصّ تأليف الحكومة.

 

وكانت قيادة الجيش قد اعلنت امس، أنّ 31 عسكرياً أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض جراء تعرّضهم للاعتداء والرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية من قِبل عدد من المحتجين، أثناء تظاهرات شهدتها مدينة طرابلس امس الاول الثلثاء. كما تضرّرت آليات عسكرية وعتاد، وقد تمّ توقيف 5 أشخاص لإقدامهم على التعدّي على الأملاك العامة والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرّض للقوى الأمنية. وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص.

 

اتهامات

وإذا كان بعض الأصوات المحيطة بـ»التيار الوطني الحر» قد اشارت بشكل مباشر الى دور لتيار «المستقبل» في تحريك هذه التجمعات الإحتجاجية، فيما برز في المقابل نفي مصادر «المستقبل» عبر «الجمهورية» ما سمّتها «الإتهامات المفلسة»، بالتوازي مع كلام مباشر للرئيس المكلّف سعد الحريري اعتبر فيه انّه قد تكون وراء التحرّكات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية، وقد يكون هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوو الدخل المحدود. وليس هناك ما يبرّر الإعتداء على الأملاك الخاصة والاسواق والمؤسسات الرسمية بحجة الإعتراض على قرار الإقفال.

وجهان للأزمة.

 

امّا في الجانب السياسي لأزمة التأليف، فبحسب المعلومات التي وقفت عليها «الجمهورية» من مصادر موثوقة، يمكن تلخيص الصورة كما يلي:

– اولاً: انّ كل الوساطات التي جرت في الآونة الاخيرة، ومعظمها بمبادرات شخصية، وليست بالتكليف من أي جهة سياسية، اصطدمت بالفشل.

 

– ثانياً، إصرار طرفي الخلاف الحكومي على شخصنة الأزمة بينهما، ورفضهما الإعتراف بالأمر الواقع المأزوم، والتواضع امام تعاظم الأزمة الداخلية على كل المستويات، وارتفاع معدلات الفقر الى مستويات مخيفة تلامس الـ80% من الشعب اللبناني.

 

– ثالثاً، انّ عِقَد التأليف لها وجهان:

– الأول ظاهر، ومرتبط بشكل الحكومة وحجمها وحصّة كل طرف، ويُترجم بخلاف «قاطع وصعب» على مثلث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون – رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل – الرئيس المكلّف. ويتركّز حول النقاط الخلافية المعلنة اي: الثلث المعطّل الذي يطالب به عون وباسيل ويرفضه الحريري، حجم الحكومة والصراع على إبقائها من 18 كما يريد الحريري، وعلى رفعها الى 20 وزيراً كما يريد عون وباسيل، الصراع على وزارتي الداخلية والعدل، والثلث المعطل الذي يريده عون وباسيل ويرفضه الحريري. وكذلك تسمية الوزراء التي يصرّ عليها الحريري مقابل رفض عون التخلّي عن هذا الحق، وكذلك رفض تهميش مكوّن وازن في البلد، وايضاً رفض تجاوز الدستور وحق رئيس الجمهورية في هذه التسمية وإبداء رأيه في كل الوزراء.

 

– الوجه الثاني، سياسي، عنوانه رفض التنازل للآخر، المتبادل بين رئيس الجمهورية وباسيل والحريري، عن اي من الشروط التي وضعها على حلبة التأليف. وكلا الطرفين حاسمان في هذا المجال. وأما جوهره، فهو وصول الطرفين الى مرحلة الطلاق النهائي بينهما، وتحت عنوان واجواء «التيار الوطني الحر» لا تنفي الرغبة في إقصاء الحريري عن التكليف، وهو امر يدركه الحريري، ومن هنا يأتي تمسّكه الصارم بورقة التكليف الى ما شاء الله.

 

خلفيات الصراع

وربطاً بجوهر الأزمة، فإنّ مصادر واسعة الإطلاع تشرح لـ»الجمهورية» خلفيات الأزمة بين شريكي التأليف، وتقول: بعيداً من المصطلحات التي احاطت تعطيل تأليف الحكومة، والنعوت التي أُطلقت على مقاربة الرئيسين لملف التأليف من صبيانية وشخصانية واهتراء سياسي وانعدام مسؤولية، فهناك في البلد معركة سياسية حامية الوطيس بين نقيضين، اي رئيس الجمهورية ومعه «التيار الوطني الحر» وما يمثل، والرئيس سعد الحريري ومعه تيار «المستقبل» وما يمثل. في قلبها صراع حقيقي وكبير على كيفية ادارة البلد، وصراع على الصلاحيات، وكل طرف منهما قد رمى اوراقه كلها على الطاولة، بما يعني انّهما يلعبان «صولد» مقابل بعضهما البعض.

 

حكومة الإستحقاقات

وبحسب المصادر المذكورة، والمطلّعة عن كثب على خلفيات الخلاف، فإنّ الحكومة الجديدة، قد تكون حكومة الاستحقاقات والمهمات الكبرى، ليس لامتلاكها قدرات خارقة، لأنّها تأتي في فترة تصبح فيها تلقائياً ممسكة، الى جانب مهمتها الأساسية التي قد تُشكّل على اساسها وتُسمّى «حكومة مهمّة»، بمفاصل اساسية، من لحظة تشكيلها وحتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، حيث انّها ستكون مشرفة على جملة استحقاقات، اولها الانتخابات النيابية ربيع العام المقبل، وكذلك الاستحقاق الرئاسي في الخريف، واستحقاق الانتخابات البلدية، وكذلك الاستحقاق الذي قد يفوقها اهمية وهو استحقاق الخيارات الاقتصادية للبنان، وهي خيارات محل تناقض حاد بين عون وفريقه والحريري وفريقه.

 

من يتحكّم بالسنتين؟

من هنا تقول المصادر، فإنّ كلا الطرفين ينطلقان نحو هدف واحد، وهو من يمسك بالسلطة التنفيذية من الآن وحتى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون. وتحت عنوان «انا الحاكم وحدي بأمر الحكومة»، فكلاهما يسعيان الى اثبات نفسيهما على باب الحكومة، وان يكون كل منهما صاحب اليد الطولى في الحكومة، باعتبارها فرصة لترميم النفس والعودة الفاعلة الى قلب المشهد السياسي. فرئيس الجمهورية، اولويته ان يجعل من الفترة المتبقية من ولايته، فترة تعويضية عن الفشل في تحقيق إنجاز ما في السنوات الاربع الماضية من الولاية، اضافة الى السعي جدّياً الى محاولة ترميم التصدّعات التي أصابت «التيار الوطني الحر» الذي لا يزال الرئيس الأساس لهذا التيار، وهذا قد يتأمن في حكومة تكون له كلمته العليا فيها، متسلحاً بشخصه وموقعه الرئاسي، وبنوع الوزارات التي ستُسند الى فريقه، وكذلك بالثلث المعطل فيها، ومثل هذه الحكومة بالتأكيد لا تكون برئاسة سعد الحريري.

 

والامر نفسه، تضيف المصادر، بالنسبة الى الرئيس الحريري، الذي يريد الإستفادة من تجربة العلاقة السابقة مع عون وباسيل، وكذلك من تجربة الإخفاق في الانتخابات النيابية الماضية، وذلك عبر تشكيل حكومة وفق فهمه للدستور والطائف، ويكون فيها صاحب الكلمة والقرار، ينتهج فيها سلوكاً وخيارات سياسية واقتصادية تمكّنه من اعادة استنهاض جمهوره وشدّ عصبه، وبالتالي ترميم كل الصدوع التي اصابت تيار «المستقبل» في السنوات الاخيرة.

 

صراع متكافئ

الّا انّه مع احتدام وتيرة الصراع بين التيارين، لا يبدو أنّ أياً منهما قادر على ان يملي ارادته على الآخر، وصولاً الى الحكومة التي يريدها، فعون متسلح بقلمه، والحريري متسلّح بتكليفه. وفي ظلّ القرار النهائي الذي يبدو انّهما توصّلا اليه، فلا تنازل او تراجع من قِبل اي منهما امام الآخر، ما يعني انّ المراوحة السلبية، وربما الصدامية بين وقت وآخر بينهما، ستستمر الى فترة طويلة جداً.

 

ماذا عن الفرنسيين؟

الى ذلك، يبقى الحضور الفرنسي على مسرح التأليف من جديد، في دائرة الرصد الداخلي، من دون ان تبرز اي مؤشرات حول ما اذا كان هذا الحضور سريعاً او انّه مؤجل الى وقت لاحق.

 

وعلى ما تقول مصادر على صلة بالفرنسيين لـ»الجمهورية»، فإنّ اي خطوة فرنسية محتملة في اتجاه لبنان، مرتبطة بالتوقيت الفرنسي، للظرف الملائم الذي قد يحضرون فيه، بعد تهيئة الظروف الموضوعية لإنجاح هذا الحضور وتحقيق الغاية المرجوة منه وصولاً الى تشكيل حكومة وفق مندرجات المبادرة الفرنسية. لكن الاكيد انّ الحراك الفرنسي تجاه لبنان لن يكون بعيداً، وقد يكون المطبخ الفرنسي المعني بلبنان قد بدأ في إعداد الوجبة الملائمة التي ستقدّم على المائدة اللبنانية.

 

الّا انّ مصادر ديبلوماسية مواكبة للتطورات والمتغيّرات الدولية التي بدأت تتسارع مع الادارة الاميركية الجديدة، تلفت الى انّ ثمة حقيقة يجب ان تكون ماثلة امام كل اللبنانيين، وهي أنّ لبنان هو الطبق الاخير على مائدة الرئيس الاميركي جو بايدن، وليس عنواناً او بنداً قائماً بذاته، يتطلب فرد حيز من الوقت له لإيجاد سبل معالجة ازمته المتشعبة سياسياً واقتصادياً، اضافة الى المشكلة الاساس في نظر الاميركيين، المتمثلة بصواريخ «حزب الله»، بل أنّ وضع لبنان مرتبط بملفات اخرى في المنطقة، بدءًا من الملف النووي الايراني وصولاً الى الملف السوري المرشح الى مزيد من التصعيد في هذه المرحلة.

 

وبناءً على ذلك، تلفت المصادر ايضاً، الى انّ ما اشار اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد اتصاله المطوّل مع الرئيس الاميركي عن تعاون محتمل حول لبنان، لا يعني انّ هذا التعاون قد حصل، وربما يحصل او لا يحصل في المستقبل، فهو خاضح للتقدير الاميركي ومصلحة واشنطن فيه. الاّ انّ الاميركيين قد لا يكونون ممانعين لأي حضور فرنسي متجدّد في لبنان، ان اراد الفرنسيون ذلك، الّا انّهم لن يكونوا عاملاً مساعداً بشكل مباشر للمهمة الفرنسية.

 

وتخلص المصادر الى القول، انّ الرئيس الفرنسي راغب بقوة في تحقيق انجاز لبناني، سبق له ان اعلن انّه علّق كل رصيده السياسي عليه، وهو في هذا السبيل خاض تجربة صعبة حينما دخل الى لبنان في ظل ادارة دونالد ترامب، التي واكبته بافتعال معوقات له، فإنّه في ظلّ الادارة الاميركية الجديدة، فإنّ ماكرون مرشح لأن يلعب دوراً اكبر واكثر راحة مما كان عليه في ظلّ الادارة الاميركية السابقة. ولكن هل سيتمكن ماكرون، إن حضر مجدداً في لبنان كراعٍ للحل، من تحقيق الهدف الذي يرمي اليه في تثبيت المبادرة الفرنسية، كقاعدة لحل يفضي الى تشكيل حكومة جديدة في لبنان؟ هذا امر مشكوك فيه، لأنّه قد لا يكون في مقدور ماكرون ان يفعل شيئاً في ظلّ التمترس الحاصل في لبنان، والخلاف الحاد بين اللبنانيين، وعدم الإنسجام بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري.

 

اللقاحات

من جهة ثانية، وفي وقت سجّل عداد الإصابات بفيروس كورونا يوم امس، 3907 اصابات و76 حالة وفاة، تمّ امس وضع لبنان سكة التلقيح ضدّ هذا الفيروس، الذي يُفترض ان يبدأ اعتباراً من الأسبوع الثالث من الشهر المقبل، بعد وصول اللقاحات منتصف الشهر المقبل.

 

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب خلال اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة خطة لقاح الوباء في السرايا، امس: «اليوم يبدأ العدّ العكسي لانطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضدّ وباء كورونا. هذا يعني أنّه اقترب الوقت لاستعادة حياتنا الطبيعية تدريجيًا، ليس فقط في لبنان، بل في العالم كله».

 

وشرح وزير الصحة حمد حسن تفاصيل الخطة، وقال: «بالنسبة الى اللقاح «فايزر»، كل شخص بحاجة الى جرعتين مع فاصل زمني ثلاثة أسابيع. وسيعطى بشكل مجاني حتى في مراكز التلقيح الخاصة، وهو غير الزامي. وقد تمّ حجز حوالى مليونين و100 جرعة من لقاح «فايزر»، وتمّ تحديد اول 5 دفعات لتصل اسبوعياً ابتداء من منتصف شهر شباط. أما بالنسبة للقاحات التي يعمل لبنان على الحصول عليها، فتمّ حجز لقاح غير محدّد لحوالى 20% من السكان في لبنان، اي حجز نحو مليونين و730 جرعة ممكن ان تكون للقاح «فايزر» او غيره . ويتمّ التفاوض حالياً مع «استرازينيكا» لحجز مليون ونصف جرعة».

 

الوضع المعيشي كارثي

بصرف النظر عن واقعية من يدّعي انّ التحركات في الشارع مُسيّسة، وتحرّكها جهات سياسية لغايات في نفس يعقوب، من غير المقبول إشاحة النظر وعدم الاعتراف بواقعٍ قائمٍ، يدفع الناس الى الشارع مجدداً، متجاوزين مخاطر كورونا الصحية. انّه الفقر والبؤس بكل معنى الكلمة. وقد لاحظ المراسلون المحليون والأجانب الذين تولوا تغطية الأحداث هذا الواقع المرير المرشّح الى مزيد من التدهور.

 

وفي تقرير الامم المتحدة الأخير، إشارة واضحة الى نمو انتشار الفقر في لبنان بسرعة، بما يُنذر بانفجار اجتماعي، خصوصاً في ظل التداعيات التي تسبّب بها الاقفال العام. وقد أصبح اللبناني الفقير بين خيارين، الموت من كورونا او الموت جوعاً.

 

هذا الوضع يعيد فتح ملف المساعدات المالية والعينية التي ينبغي ان تصل الى العائلات المحتاجة، والتي لا تزال تخضع لحسابات روتينية ومصلحية وزبائنية. وبانتظار بدء توزيع الاموال الناتجة من قرض البنك الدولي، والتي قد تستغرق 3 الى 4 أشهر لكي تبدأ، ينبغي تنفيذ خطة طوارئ تباشر من خلالها الدولة الغائبة عن الوعي، في توزيع المساعدات الفورية المالية والعينية الى المحتاجين، لأنّها من دون هذه الخطوة تساهم بل تدفع الى فوضى اجتماعية عامة، قد تصبح عصيّة عن الضبط والاستيعاب بعد حين، بما يهدّد الأمن الاجتماعي لكل اللبنانيين، ويُنذر بتحلّل الدولة تماماً.

 

 

***********************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

الحريري ودياب ينتقدان استغلال الأزمة المعيشية لأهداف سياسية

تحرك لاحتواء الغضب الشعبي المتنامي في لبنان

 

تدخلت شخصيات سياسية على خط تهدئة الغضب الشعبي المتنامي على خلفية الإقفال العام، وتصاعد الأزمات المعيشية والضائقة الاقتصادية، وسط تلميحات إلى شبهات استغلال سياسي لحراك الشارع، بحسب ما أوحى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بالقول إنه «قد يكون هناك من يستغل وجع الناس».

وأعادت الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تفاقمت إثر الإقفال العام، الناس إلى الشوارع في طرابلس في شمال لبنان والجنوب في النبطية وصيدا، وتواصلت حتى يوم أمس، بعد ليلة من المواجهات أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى.

ولمح الحريري إلى فرضية وجود استغلال سياسي لانتفاضة الناس في الشمال، قائلاً: «قد تكون وراء التحركات في طرابلس (في الشمال) جهات تريد توجيه رسائل سياسية، وقد يكون هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوو الدخل المحدود». وأضاف «ليس هناك بالتأكيد ما يمكن أن يبرر الاعتداء على الأملاك الخاصة والأسواق والمؤسسات الرسمية بحجة الاعتراض على قرار الإقفال».

لكن ذلك لا ينفي حقيقة «أن هناك فئات من المواطنين تبحث عن لقمة عيشها وكفاف يومها»، بحسب ما قال الحريري، وتابع: «لا يصح للدولة إزاء ذلك أن تقف موقف المتفرج، ولا تبادر إلى التعويض عن العائلات الفقيرة والمحتاجة». ونبّه الحريري «أهلنا في طرابلس وسائر المناطق من أي استغلال لأوضاعهم المعيشية»، وطالب الدولة والوزارات المختصة «باستنفاد كل الوسائل المتاحة لكبح جماح الفقر والجوع، وتوفير المقومات الاجتماعية لالتزام المواطنين قرار الإقفال العام».

وأكد الحريري أن «قرار الإقفال هدفه حماية المواطنين من خطر (كورونا)، والالتزام به مسؤولية لا يجوز التهاون فيها تجاه سلامة أولادنا وعائلاتنا ومجتمعنا»، لافتاً إلى أن «السلامة تتطلب خطة واضحة تتكامل فيها جهود المجتمع المدني والمقتدرين في القطاع الخاص مع إمكانات الدولة لضمان السير بقرار الإقفال في الطريق السليم».

ولا تعد محاولة الحريري لاحتواء التصعيد في الشارع، الوحيدة ضمن الجهود الآيلة لتطويق ما حدث ومنع تدحرجه، فقد أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أن «صرخة الناس مفهومة ومسموعة، لافتاً إلى أن «اللبنانيين يواجهون تحديات ضخمة».

وقال: «الدولة تقدّم مساعدات رغم وضعها المالي الصعب، والجيش بدأ بتوزيع الدفعة الجديدة من مساعدة الـ400 ألف ليرة (50 دولاراً على سعر صرف السوق) لحوالي ربع مليون عائلة». وقال: «صحيح أن هذه المساعدة لا توازي حاجاتهم، لكنها تساهم في تخفيف الأعباء». واستطرد: «هناك فرق كبير بين التعبير الصادق عن وجع الناس، وبين أعمال التخريب والاعتداء على مؤسسات الدولة وأملاك الناس. هناك فرق كبير بين الناس المحتاجين فعلاً، وبين الاستثمار السياسي بحاجاتهم وتشويه المطالب المحقة للناس».

ولفت دياب إلى أن «ما رأيناه في اليومين الماضيين لا يشبه مطالب الناس، ولا يعبّر عن معاناتهم. ما رأيناه محاولة لخطف مطالب الناس واستخدامها في معارك سياسية». وقال: «لا يجوز تخريب مدينة طرابلس لتوجيه رسائل سياسية منها، ومن غير المقبول أن تبقى طرابلس، أو أي منطقة صندوق بريد بالنار». وأكد أنه «لا يجوز قطع الطرقات على الناس، في سياق منطق التحدي بالسياسة»، معتبراً أن «الحكومة لا تتشكّل ولا تتعطّل بالدواليب المشتعلة وقطع الطرقات والاعتداء على مؤسسات الدولة واستهداف قوى الأمن الداخلي والجيش».

وأسفرت المواجهات بين محتجين والقوى الأمنية عن سقوط عشرات الإصابات، إذ أعلنت قيادة الجيش في بيان صادر عن «مديرية التوجيه» أن «31 عسكرياً أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض جراء تعرضهم للاعتداء والرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية من قبل عدد من المحتجين أثناء مظاهرات شهدتها مدينة طرابلس ليل الثلاثاء»، لافتة إلى «تضرر آليات عسكرية وعتاد، وقد تم توقيف خمسة أشخاص لإقدامهم على التعدي على الأملاك العامة والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرض للقوى الأمنية». وقالت إن التحقيق بوشر بإشراف القضاء المختص.

وفيما سُجل هدوء نسبي في طرابلس يوم أمس، شهد مدينتان في الجنوب احتجاجات، حيث نظم «حراك النبطية» تحركا احتجاجيا أمام خيمته قرب السرايا للمطالبة بحقوقهم تحت شعار «من حقي عيش بكرامة»، تضامنا مع «حراك طرابلس». وحمل المحتجون الأعلام اللبنانية وبثت الأناشيد الحماسية من مكبرات للصوت وسط إجراءات أمنية اتخذتها عناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.

وإذ أعلن المحتجون رفضهم «للعنف والقمع الذي حصل في طرابلس»، أكدوا «عدم جواز افتعال تناقض بين الحرص على صحة الناس وحمايتهم من جهة ودعم الفئات والشرائح الشعبية الكادحة من قبل السلطة المقصرة من جهة أخرى».

وفيما قُطع السير في مدينة صيدا عند دوار إيليا لبعض الوقت، نفذ عدد من المحتجين على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والغلاء، اعتصاما في ساحة الشاعر خليل مطران في بعلبك (في شرق لبنان) وقطعوا الطرق المؤدية إلى الساحة لبعض الوقت، وسط تدابير أمنية مشددة للجيش والقوى الأمنية.

 

***********************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

طرابلس «ساحة حرب»: حذار الحل الأمني!

أعداد الجرحى تجاوز الـ250 .. ورفض شيعي للتمديد لعون.. وغضب نقابي من إطاحة تقديمات الموظفين

 

بدت طرابلس، عاصمة الشمال، وساحة الاحتجاجات الشعبية ضد امتداد الفقر المدقع، وانعدام وسائل العيش الضرورية، من خبز وطعام وخضار، مع ارتفاع أسعار الخضار والفواكه، ليل أمس، كأنها أشبه بساحة حرب، مع إشعال الحرائق في السيّارات، وإطلاق قنابل المولوتوف، إذ ردّت القوى الأمنية بإطلاق الرصاص المطاطي، ورمي متبادل للحجارة، الصغيرة والكبيرة..

 

وتأتي هذه التطورات، في وقت تغمض السلطة الحالية عينيها عمّا يجري، وتدفن رأسها في الرمل، وتترك القوى الأمنية والفقراء الساخطين وجهاً لوجه، بعد تحذير القوى الأمنية من استخدام القوة لمنع سقوط سراي طرابلس بيد العناصر المحتجة.. وتجاوز عدد المصابين  الـ250 إصابة، تولى الصليب الأحمر اللبناني نقل 35 إلى المستشفيات، وتم مداواة الباقين ميدانياً وعددهم 67 مصاباً، وتولت العناصر الأمنية معالجة المصابين من عناصرها.

 

وليلاً، حاول المحتجون الدخول إلى السراي من الناحية الخلفية، وأشعلوا النيران في السيّارات، كما القوا القنابل، واستقدمت القوى الأمنية تعزيزات محذرة من أنها ستتعامل بشدة وحزم لمنع اقتحام السراي.

 

وكشف الصليب الأحمر اللبناني أن المواجهات أدّت إلى إصابة 6 جرحى، تمّ نقلهم إلى المستشفيات وتم إسعاف 46 في المكان.

 

وفيما رأت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان ما يحصل في طرابلس له علاقة بالوضع الاقتصادي واستمرار الأقفال العام لافتة إلى أنه لو كانت الأحداث لها رسالة سياسية لكانت نوعية المشاركة مختلفة والشعارات كذلك  مع العلم انه يمكن استثمارها سياسيا.

 

وأشارت إلى أن عنوان التحرك هو الغلاء وانعكاس استمرار الأقفال على الوضع الاقتصادي. ورأت أن موضوع الحكومة ليس مرتبطا بما يحصل من تحركات على الأرض لأن من يتحركون على الأرض ضد التركيبة السياسية واسقاطها كلها.

 

وقال الرئيس سعد الحريري انه قد تكون جهات وراء التحركات في طرابلس، التي تستغل وجع النّاس لتوجيه رسائل سياسية، داعياً إلى عدم الاعتداء على الأملاك الخاصة والأسواق والمؤسسات الرسمية.

 

واشارت مصادر مواكبة لاحداث عاصمة الشمال الى ان توتر الاوضاع الامنية في مدينة طرابلس تحت عناوين تفاقم الضائقة المعيشية التي يعانيها المواطنون ولاسيما ذوي الدخل المحدود والمحتاجين قد يكون احد الاسباب لمايحصل، ولكن يبدو أن هناك من يحاول استغلال هذه التحركات الشعبية والتلطي وراءها لتاجيج التوتر لغايات وأهداف خبيثة بعيدة كل البعد عن المطالب الشعبية المحقة. وقالت ان الفراغ الحكومي جراء تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، ووجود حكومة مستقيلة وسلطة عاجزة عن القيام بالمهمات المنوطة، يتسبب بفراغ مميت تستغله الجهات المشبوهة نفسها للتحرك من خلاله أيضا لتنفيذ غاياتها الخبيثة على حساب ومطالب المواطنين المحتجين ضد المسؤولين المتهاونين في الاهتمام بمصالح الشعب ومطالبه المعيشية التي تدهور يوما بعد يوم من دون مبالاة، سوى الاهتمام بمصالحها ونفوذها.

 

وشددت ان لملمة الوضع وإعادة الامور الى طبيعتها يتطلب تحمّل المسؤولين بالسلطة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ميشال عون مسؤولياته الدستورية للافراج عن التشكيلة الوزارية التي سلمه أياها الرئيس المكلف سعد الحريري وإصدار مراسيم تاليفها بسرعة لكي تتولى مهماتها وتباشر في حل الأزمة المالية والمعيشية بما ينعكس ايجابا على التخفيف من الضائقة الصعبة التي يعاني منها الناس في كل لبنان.

 

وخلصت المصادر إلى القول ان مايحصل من توترات واحتجاجات شعبيه في مختلف المناطق مرده الى الفراغ الحكومي وتحلل السلطة في اكثر من مكان، وكلما طال هذا الفراغ، كلما تراكمت الازمات ومعها الاحتجاجات الشعبية والتي قد يصعب تطويقها ووضع حد لها اذا بقي المسؤولون على عدم مبالاتهم في تسريع تشكيل الحكومة العتيدة.

 

الملف الحكومي.. الجمود

 

على الصعيد الحكومي، قالت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن الانتظار لا يزال سيد الموقف في الملف الحكومي فلا الاتصالات التي تتم بعيدا عن الأضواء قادرة على أحداث الخرق المطلوب فيه ذلك أن الطرفين الاساسيين في هذه العملية لم يبديا أي تراجع عن المواقف لافتة إلى أن ما من مساع جديدة إنما لا تزال تلك القديمة والتي تدور حول العقد المعروفة.

 

وأعربت المصادر عن اعتقادها أن السؤال المطروح يتصل بكيفية ترتيب تواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على قاعدة مواصلة البحث من النقاط العالقة والتفتيش عن ثغرات حتى وإن كان الأمر صعبا.

 

وفي السياق، كشف مصدر فرنسي أن الاتصالات لم تنقطع مع كل من الرئيس الحريري، ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل.

 

وترددت معلومات ان الرئيس الحريري يحضر لمصارحة الرأي العام بالموقف الحكومي، مع ترجيح ان يكون في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط المقبل.

 

وفي هذا السياق، يتحدث الثنائي عن مبادرة انقاذية جديدة بدفع فرنسي مباشر بعد تواصل وتنسيق جهات من الاليزيه معه ومع قوى لبنانية وازنة من اجل دفع قطار تشكيل الحكومة الى الامام، وعلم هنا ان الاليزيه طلبت بشكل مباشر وشخصي من عون التنازل في مسالة وزارتي الداخلية والعدل، واصرت على الوسطاء لايجاد حل وسط يقضي بتسمية الرئيسين عون والحريري شخصيتين حياديتين لهاتين الوزارتين مرشحة اسماء محددة لتوليهما ما زالت قيد الدرس.

 

واذا صحت التوقعات، فان تجاوز عقبة هاتين الوزارتين لا يعني تشكيل الحكومة، حيث يبقى موضوع حصة رئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان، وقد أُبلغ الوسطاء انه لا يمكن السير بتسهيل التشكيل قبل التوافق على توسيع الحكومة ومنح المير مقعدا يجد فيه عون ورئيس التيار الحر جبران باسيل منفذا غير معلن للحصول على ما يشبه الثلث الضامن.

 

غير ان المحاولة الفرنسية الجديدة التي تاتي هذه المرة بالتنسيق الكامل مع ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن لن تتولاها فرنسا بشكل مباشر وكامل، اذ تشير المعلومات ان واشنطن تعتزم ارسال موفد اميركي رئاسي الى لبنان، مؤكدة ان جولة السفيرة الاميركية دوروثي شيا منذ يومين الى بعبدا وعين التينة تاتي في اطار التمهيد وجمع المعلومات قبل وصول موفد بلادها.

 

ووصف مصدر في الثنائي الكلام عن التمديد لرئيس الجمهورية بعد انقضاء ولايته بـ«المعيب والمرفوض»، ويصبح لزاما على عون اسكات جوقة مستشاريه ونوابه ووزرائه عن التفوه بهذا الكلام الممجوج …رد الثنائي «بهذا القرف» على جس النبض الرئاسي للتمديد المزعوم هو ابلغ توصيف للصعوبات التي يواجهها مع الحالة العونية التي تخطت كل الحدود الحمراء وباتت تشكل عبئا عليه.

 

إلى ذلك واصلت السفيرة الأميركية دوروثي شيا تحركها الاستطلاعي تجاه المسؤولين، فألتقت وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه، وتم خلال اللقاء «التأكيد على العلاقات المشتركة بين لبنان والولايات المتحدة وضرورة تعزيزها وتقويتها في العام الجاري».

 

وقال الوزير وهبه لـ«اللواء»: انه اجرى مع السفيرة شيا جولة افق في كل ملفات العلاقات الثنائية وسبل المحافظة على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة في ظل الادارة الجديدة، لا سيما ان اميركا تلعب دور الوسيط في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وهو دور اساسي ويهمنا ان يستمر بزخم ونحن نتمسك به، على امل ان التوصل الى تسوية تضمن حقوق لبنان الوطنية في ارضه ومياهه.

 

واوضح وزير الخارجية ان السفراء عادة يقومون كل اول سنة بجولة على المسؤولين لإعداد تقرير عن الاوضاع المستجدة في الدول التي يعملون بها، فكيف الان مع وجود إدارة جديدة لا بد ان تضعها السفيرة في صورة الاوضاع عامة من كل الجوانب عبر تقرير او مفكرة ترسلها للخارجية الاميركية.

 

وعن موعد استئناف المفاوضات قال وهبه: ان الامر مرتبط بمسعى الوسيط الاميركي والوفود الثلاثة اللبناني والاميركي والاسرائيلي، علماً ان الوفد الدولي جاهز دوماً لإستضافة اي إجتماع  للمفاوضات.

 

اجتماعات كورونا وخطة اللقاح

 

في غضون ذلك، إنصب إهتمام حكومة تصريف الاعمال على مواجهة تفشي فيروس كورونا، عبر اجتماعات متتالية استمرت حسب معلومات «اللواء» من العاشرة صباحاً حتى السابعة، منها اطلاق الخطة الوطنية للقاح كورونا، واجتماع للجنة الوزارية لكورونا لوضع خطة الطوارىء الصحية التي وضعتها اللجنة التقنية لمواجهة كورونا، برعاية وزارتي الصحة والداخلية».موضع التنفيذ لا سيما لجهة توفير اكبر عدد من اجهزة التنفس. واجتماع لجنة المساعدات لمن هم دون خط الفقر، حيث تقرر زيادة عدد العائلات المشمولة بمساعدة ال 400 الف ليرة الى 300 او 400 الف عائلة ومع امكانية زيادة المبلغ الى 800 الف ليرة.

 

واكد رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب خلال اجتماع اللجنة الوزارية «أهمية خطة الطوارىء الصحية ووضعها قيد التنفيذ سريعا»، مشددا على أنها «يجب أن تتضمن تأمين أجهزة التنفس الاصطناعية في القرى والبلدات والبلديات ولدى المؤسسات الصحية المختلفة»، مشيرا إلى أن «دراسة تمويل هذه الخطة ستتم في وقت لاحق».

 

وناقش المجتمعون «خطة ما بعد الإقفال»، فأشار دياب إلى أن «لا شيء يمنع من تمديد الإقفال في حال تفاقمت الأعداد، مع التشديد على ضرورة التوازن بين الوضعين الصحي والاقتصادي».

 

ومساءً، عقدت اللجنة الوزارية لمواجهة وباء كورونا اجتماعاً، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، جرى خلاله عرض مشروع خطة الطوارئ الصحية، وواقع المستشفيات الحكومية، وقدرتها الاستيعابية، وما حصل بالنسبة لجهوزية هذه المستشفيات، والفاتورة المرتفعة لدخول المستشفيات الخاصة.

 

كما ناقش المجتمعون خطة لمواجهة السلالات المتحورة لكورونا، و«خطة ما بعد الاقفال»، فأشار دياب إلى ان «لا شيء يمنع من تمديد الاقفال، في حال تفاقمت الأعداد».

 

وكان أعلن من السراي الحكومي، عن خطة لقاح وباء كورونا، بحضور وزاري وطبي وصيدلي، فضلاً عن ممثلين للبنك الدولي، واليونسيف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

 

وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن هدف الخطة، تحقيق مستويات عالية من التلقيح في المجتمع التي تصل إلى حدود 80٪ خلال العام 2021، للتخفيف من التفشي المرضي، وتحقيق الإصابات، وعدد الوفيات.

 

وعرض رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة الجرثومية عبد الرحمن البزري التفاصيل التقنية والتنظيمية للخطة والآليات المعتمدة في مراحل استيراد اللقاح وعملية التلقيح وما بعدها، وقال: «تهدف الخطة إلى الحماية المجتمعية وفق أسس ومعايير علمية واضحة، وتم تشكيل لجنة متخصصة لمتابعة الشفافية في عملية التلقيح. كما تهدف إلى توجيه المواطن ومتابعته في مراحل التلقيح ومراقبة الآثار السلبية للتلقيح».

 

كما أوضح النائب عاصم عراجي أن «بدء عملية التلقيح لا يعني وقف الإجراءات الوقائية من ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي وغيرها»، وقال: «عملية التلقيح ستمتد إلى أواخر العام الحالي، على عدة مراحل، للوصول إلى مناعة مجتمعية 80 في المئة، وإذا طبقنا الخطة بشكل صحيح فسنصل إلى بر الأمان في نهاية العام».

 

إضراب للثانويين والإداريين

 

مالياً، ومع انكشاف مواد الموازنة العامة للعام 2021، والتي تمس الموقع الوظيفي المالي والصحي والاجتماعي للموظفين والأساتذة الثانويين، دعا الأساتذة في التعليم الثانوي في لبنان إلى عقد جمعيات عمومية في الثانويات ودور المعلمين اليوم استعداداً لاعلان الإضراب المفتوح، لإسقاط مشروع الموازنة.

 

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، منحت لبنان في تقريرها أدنى تصنيف ممكن ان تمنحه على الإطلاق، أي مرتبة C، وهي مرتبة تعكس الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلد.

 

وجاء في بيان صدر عن لقاء النقابيين الثانويين إلى ان المواد التي تستهدف المكتسبات هي:

 

١- تخفيض التصنيف الصحي لأساتذة التعليم الثانوي من الدرجة الأولى نحو الثانية،(المادة ١٠٥).

 

٢- حرمان الأساتذة والموظفين الجدد من المعاش التقاعدي بعد إقرار مشروع الموازنة،ويعامل معاملة المنتسبين للضمان الإجتماعي، وهذا ما يفتح باب «التعاقد الوظيفي». (المادة ١٠٦)

 

٣- حرمان ورثة الأستاذ الثانوي والموظف المتوفي من المعاش التقاعدي كاملاً واحتساب نسبة ٤٠% فقط منه. (المادة ١٠٧).

 

مخاوف من حركة الشارع

 

واستمرت التحركات إلاحتجاجية امس على شكل تظاهرات وقطع طرق، بين الشمال وبعلبك وضهر البيدر والشوف وصولا  إلى ساحل المتن والى صيدا والنبطية، لكن كان اللافت للإنتباه عدم تبنيها من قبل اي طرف، حتى من المجموعات المعروفة في حراك 17 تشرين الاول، بعدما تخللها من اعمال شغب وحرق وتعدٍ على الجيش، الذي أعلنت قيادته في بيان امس، أن «31 عسكرياً أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض جراء تعرضهم للاعتداء والرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية من قبل عدد من المحتجين، أثناء تظاهرات شهدتها مدينة طرابلس في تاريخ 26/1/2021. وتضررت آليات عسكرية وعتاد، وقد تم توقيف خمسة أشخاص لإقدامهم على التعدي على الأملاك العامة والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرض للقوى الأمنية.وقد بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص».

 

وأثيرت مخاوف من ان تكون وراء التجركات أيادٍ فتنوية تستغل مشاعر الناس وفقرهم، وقد ردت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، عبر الميادين، على ما شهدته البلاد من تحركات واحتجاجات بدأت يوم الإثنين الماضي، بالقول: أن «سياسة ليّ الذراع لن تنفع، واستغلال غرائز الناس في استحقاق دستوري (تشكيل الحكومة) لن يفيد».

 

وقالت المصادر: أن «ما ينفع لبنان، هو عودة الرئيس المكلف إلى الدستور وتأليف حكومة إنقاذ بالتفاهم مع رئيس الجمهورية».

 

وكانت اعمال الشغب مدار تعليقات المسؤولين، حيث قال رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب خلال اطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد كرونا: مفتاح الحلول للأزمات في لبنان، هو تشكيل حكومة تكمّل الإصلاحات التي بدأناها، وتطبّقها، وتتابع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتبدأ بتنفيذ الخطة الاقتصادية التي وضعتها حكومتنا، بعد إجراء تعديلات عليها بحكم المتغيّرات التي حصلت بعد وضع الخطة. الأولوية السياسية اليوم يجب أن تكون لتشكيل حكومة. مع بعض تدوير الزوايا،هناك امكانية لاختصار معاناة لبنان عبر تشكيل الحكومة التي أمامها تحديات كبيرة.

 

واضاف دياب: صرخة الناس مفهومة ومسموعة، اللبنانيون يواجهون تحديات ضخمة. لكن ما رأيناه في اليومين الماضيين لا يشبه مطالب الناس، ولا يعبّر عن معاناتهم. ما رأيناه محاولة لخطف مطالب الناس واستخدامها في معارك  سياسية. لا يجوز تخريب مدينة طرابلس لتوجيه رسائل سياسية منها. غير مقبول أن تبقى طرابلس، أو أي منطقة صندوق بريد بالنار. لا يجوز قطع الطرقات على الناس، في سياق منطق التحدي بالسياسة. الحكومة لا تتشكّل ولا تتعطّل بالدواليب المشتعلة وقطع الطرقات والاعتداء على مؤسسات الدولة واستهداف قوى الأمن الداخلي والجيش.

 

وكانت المواجهات تجددت أمس لليوم الثالث في مدينة طرابلس في شمال لبنان بين قوات الأمن ومتظاهرين محتجين على قرار الإغلاق العام في ظل أزمة اقتصادية، غداة إصابة عشرات بجروح. وكما في اليومين الماضيين، رمى عشرات الشبان الحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات باتجاه عناصر القوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة وخراطيم المياه لتفرقتهم. وحاول المحتجون مجدداً اقتحام مبنى سرايا طرابلس، كما سار آخرون في مسيرات جالت في المدينة.

 

وأسفرت مواجهات الأربعاء، وفق ما أعلن الصليب الأحمر اللبناني، عن إصابة 22 شخصاً تم إسعافهم ميدانياً، فيما نقل شخص إلى المستشفى. وقال محمّد (25 عاماً)، متظاهر ملثم فقد عمله مؤخراً في تصليح السيارات، «اتخذنا قرارا بمواصلة تحركاتنا مهما كلف الثمن (…) لأنه لم يبق لنا ما نخسره في البلد».

 

وأضاف «نحن نعيش في المدينة بظروف بائسة، لم أترك بابا إلا طرقته لكنني لم أجد فرصة عمل تؤمن قوتنا اليومي». وقال محمد عز الدين (20 عاماً)، الذي يعمل في متجر لبيع المنظفات، «نحن هنا لنطالب بالأكل، الناس جاعوا»، مشيراً تحديدا إلى الأحياء الشعبية والفقيرة في مدينة طرابلس.

 

كما أعلن الجيش اللبناني «إصابة 31 عسكرياُ بجروح ورضوض» خلال المواجهات، مشيراً إلى توقيف خمسة أشخاص اتهمهم بـ«التعدي على الأملاك العامة والخاصة وافتعال أعمال شغب والتعرض للقوى الأمنية».

 

وأقدمت مجموعات صغيرة من المتظاهرين على قطع طرق رئيسية في شمال لبنان وفي البقاع ومدخل بيروت الجنوبي.

 

كما تجمع محتجون في وسط بيروت، قبل ان تفرقهم قوات الأمن والجيش. ويشهد لبنان منذ نحو أسبوعين إغلاقاً عاماً مشدداً مع حظر تجول على مدار الساعة يعدّ من بين الأكثر صرامة في العالم، لكن الفقر الذي فاقمته أزمة اقتصادية متمادية يدفع كثيرين الى عدم الالتزام سعياً الى الحفاظ على مصدر رزقهم. ولا يمنع تشدّد السلطات في تطبيق الإغلاق العام الذي يستمر حتى الثامن من شباط وتسطير قوات الأمن يومياً الآف محاضر الضبط بحق مخالفي الإجراءات، كثيرين خصوصاً في الأحياء الفقيرة والمناطق الشعبية من الخروج لممارسة أعمالهم.

 

289660 إصابة

 

صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 3906 إصابة جديدة، و76 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 289660 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.

 

الى ذلك، تزور وزيرة الصحة والسكان المصريّة هالة زايد لبنان اليوم الخميس، في زيارة قصيرة تمتد من الثامنة والنصف صباحاً حتى العاشرة. وتلتقي خلالها وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ويعقدان مؤتمراً صحافياً مشتركاً داخل قاعة كبار الزوار في المطار، لتتوجّه بعدها إلى المستشفى المصري في العاصمة بيروت حيث ستتوجّه بكلمة أخيرة حول زيارتها، لتغادر.

 

وبالتوازي مع الزيارة تصل إلى بيروت ثلاث طائرات من المساعدات الصحيّة والإجتماعيّة المقدّمة من مصر للشعب اللبناني عبر الحكومة.

 

 

***********************************

افتتاحية صحيفة الديار

عون والحريري بانتظار المرحلة الثانية من المبادرة الفرنسية .. فهل تبدأ الاسبوع المقبل ؟

رسائل مشتعلة عبر الشارع .. وخصوم الحريري يصعدون لحمله على الاعتذار

خطة التلقيح : اللقاح مجاني للبنانيين والمقيمين ورقابة محلية ودولية

هل تتحرك المبادرة الفرنسية مجددا بعد تناول الملف اللبناني من بين ابرز الملفات الي تطرق اليها الرئيسان الفرنسي والاميركي في اتصالهما مؤخرا ؟ وما هي المعلومات المتوافرة حول عزم باريس البدء بمرحلة ثانية من مبادرتها تجاه لبنان على ضوء هذا الاتصال وايفاد الموفد الخاص للرئيس ماكرون مجددا الى لبنان لاستئناف مساعي الدفع باتجاه تشكيل الحكومة ؟

 

الرئيسان عون والحريري لم يتجاوبا حتى الان مع المساعي الداخلية لاستئناف التواصل والحوار بينهما ، ولم تصدر عن اي منهما اية اشارات ايجابية في هذا الصدد لا بل ان اجواء بعبدا وبيت الوسط وما يصدر عنهما تتمحور حول رمي كل منهما المسؤولية على الآخر.

 

ووفقا للمعلومات المتوافرة للديار امس فان الجهود التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ودعوات بكركي المتكررة لم تحدث اي خرق في جدار ازمة الانقطاع المستمرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.

 

ووفقا للمعلومات فان الاجواء التي سجلت مؤخرا تؤشر الى ان عون والحريري ينتظران ما سيطرأ على صعيد التحرك الفرنسي المتوقع . وان التوقعات باستئناف المبادرة الفرنسية مبنية اولا على الاتصال الاخير بين ماكرون وبايدن الذي يشكل عملية دفع لعودة تزخيم هذه المبادرة ، لكن الامر يحتاج لبعض الوقت لترتيب الدخول في تفاصيل الموضوع الحكومي مجددا على ضوء ما حصل في اللقاء الاخير بين عون والحريري.

 

وتقول المعلومات ان باريس لن تتأخر في استئناف تحركها واتصالاتها المباشرة ، مشيرة الى توقع حصول تطورات في هذا المجال خلال الاسبوعين المقبلين.

 

اما على صعيد الحراك الداخلي فقد علمت الديار من مصادر مطلعة ان بكركي اكدت لبعض الزوار انها لم تسحب يدها من المسعى الذي بدأته ، لكنها تعتقد بانها قالت وفعلت ما يمكن عمله لاستئناف اللقاءات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وهي تنتظر وتأمل في ان يتجاوبا ويعودان للتواصل والحوار .

 

ومن جانب آخر اكدت المعلومات ايضا ان اللواء ابراهيم مستمر بمسعاه وتحركه بعيدا عن الاعلام ، وانه يركز في هذه المرحلة على تحقيق وتأمين مفتاح باب استئناف عملية تشكيل الحكومة من خـلال عودة التواصل والحوار بين عون والحريري .

 

وقال مصدر نيابي مطلع للديار ان احداث خرق باتجاه اعادة الحوار بين الرجلين يعطي فرصة جدية لمحاولة التوصل الى تفاهم حول الحكومة لان مجرد قبولهما استئناف اللقاءات في ما بينهما يشكل اشارة ايجابية قوية تصب في هذا الاطار.

 

واسف المصدر لان الرئيسين عون والحريري لم يتجاوبا بعد مع كل المساعي المبذولة ، ملاحظا ان كلا منهما ينتظر المبادرة من الآخر ما يعني ان هناك حاجة الى « تخريجة معينة» لم تتوافر بعد لاستئناف الحوار بينهما.

 

وردا على سؤال قال المصدر ان اي طرف آخر لم يدخل مباشرة حتى الان على خط الوساطة وان الاطراف التي يعول عليها في هذا المجال تنظر بحذر الى الموضوع في ظل التصلب في مواقف عون والحريري.

الاحتجاجات واوراق الشارع

 

من جهة اخرى يبرز مجددا حراك الشارع والاحتجاجات التي استمرت امس لليوم الثالث على التوالي لاسيما في طرابلس والبقاع الغربي وبعض الطرق والمناطق بينما شهدت بيروت في هذا المجال تحركات خجولة منذ بدء هذه الاحتجاجات التي اندلعت على وقع الضغوط المعيشية التي يعشها الناس في ظل الازمة القائمة والتي زاد من حدتها فرار الاقفال العام دون تامين التعويضات والمساعدات للفقراء والمتضررين .

 

وتقاطعت المواقف والآراء عند نقطتين اساسيتين في ما يشهده الشارع : اولا ازدياد مناخ النقمة الشعبية من الوضع المتردي والمتفاقم ، وثانيا دخول جهات ومجموعات سياسية على خط هذه الاحتجاجات والنفخ في نيرانها لاستثمارها لاهداف سياسية منوعة.

 

ولفت في هذا المجال كلام رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب امس وقوله « ان الحكومة لا تشكل ولا تتعطل بالدواليب المشتعلة وقطع الطرق والاعتداء على مؤسسات الدولة واستهداف قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني».

 

ورأى انه لا يجوز تخريب مدينة طرابلس من اجل توجيه رسائل سياسية منها. ومن غير المقبول ان تبقى طرابلس او اي منطقة اخرى صندوق بريد بالنار، ولا يجوز قطع الطرق على الناس في سياق منطق التحدي بالسياسة.

 

واكد في الوقت نفسه ان مفتاح الحلول للازمات في لبنان هو تشكيل حكومة تكمل الاصلاحات التي بدأناها ، وان الاولوية السياسية يجب ان تكون لتشكيل حكومة مع بعض تدوير الزوايا.

 

وفي تغريدة مطولة نبه الرئيس الحريري المواطنين في طرابلس وسائر المناطق من اي استغلال لاوضاعهم ، وقال « قد تكون وراء التحركات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية ، وقد يكون هناك من يستغل وجع الناس . وليس هناك بالتأكيد ما يمكن ان يبرر الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة والمؤسسات الرسمية ، لكن هذا لا ينبغي ايضا تجاهل ان هناك فئات من المواطنين تبحث عن لقمة العيش ، ولا يصح للدولة ازاء ذلك ان تقف موقف المتفرج ولا تبادر الى التعويض عن العائلات الفقيرة.

 

وطالب الدولة باستنفاذ الوسائل لكبح جماح الفقر وتوفير المقومات الاجتماعية لالتزام المواطنين بقرار الاقفال الذي هدفه حماية المواطنين من خطر كورونا.

 

ولاحظ مصدر سياسي ان الحريري دعا في بيانه الى عدم اللجوء الى الشارع وفي الوقت نفسه الى تلبية حاجات الناس . كما اشار ايضا بوضوح الى محاولة جهات سياسية استغلال جوع الناس لتوجيه رسائل سياسية.

 

واضاف المصدر ان الحريري لم يسم هذه الجهات لكن تركز الاحتجاجات في طرابلس بشكل اساسي وبعض مناطق البقاع بنسبة اقل يوجه اصابع الاتهام الى خصومه في الشارع السني ، وربما ان من بين اهداف هذه الرسائل الضغط عليه وحمله على الاعتذار .

 

وكشف المصدر عن تقارير ومعلومات غير رسمية تفيد بان من بين الجهات المتهمة بالدخول على خط الاحتجاجات ومحاولة استثمارها مجموعات مرتبطة بمنتديات بهاء الحريري وانصار الوزير السابق اشرف ريفي ومجموعات اخرى.

 

واضاف ان هذه الجماعات نجحت في تسعير وتأجيج الاحتجاجات في طرابلس لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك في بيروت واستطاعت ان تحقق نجاحا محدودا في البقاع.

 

وقال المصدر ان هذه الاحتجاجات تتحول الى عدوى احيانا لذلك شهدت بعض المناطق الاخرى تحركات محدودة بسبب الوضع المتردي الذي يطاول كل اللبنانيين.

 

وعلى الصعيد الميداني شهدت طرابلس امس لليوم الثالث على التوالي مواجهات بين المحتجين والقوى الامنية لا سيما امام السراي وفي ساحة عبد الحميد كرامي وبعض الشوارع المتفرعة . وقطع محتجون الطرق في صيدا والبقاع وضهر البيدر لاوقات متفاوتة.

الخطة الوطنية للتلقيح

 

على صعيد آخر اعلن الرئيس دياب في اجتماع موسع للجنة الوزارية امس اطلاق الخطة الوطنية للتلقيح ضد كورونا والمنصة الالكترونية لها ، وقال ان صرخة الناس مفهومة ومسموعة ، ونحن بحاجة الى الصبر اياما معدودة حتى نبدأ النتائج ولا نريد اهدار الاقفال بقرارات متسرعة.

 

ووفقا للخطة التي اعلنها بعد الاجتماع اعلن وزير الصحة حمد حسن ان اللقاح سيكون مجانيا في المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية والخاصة من خلال وزارة الصحة وسيعطى من دون تمييز بين اللبنانيين والنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين والمقيمين في لبنان . وتوقع ان تشمل حملة التلقيح في العام 2021 ما يقارب ال80 بالمئة من اللبنانيين والمقيمين ، مشيرا في الوقت نفسه الى ان اللقاح غير الزامي ومؤكدا ان كل التقارير العلمية تؤكد فعالية اللقاح .

 

واعلن ان لبنان حجز وفي صدد تأمين حوالى 6 ملايين و300الف جرعة، منها ما تم حجزه مع شركة فايزر مليوني ومئة الف جرعة ستبدأ بالوصول على دفعات اعتبارا من منتصف شباط المقبل. وهناك مليونان و370 الف جرعة سيتم حجزها بواسطة منصة كوفاكس للقاح لم يحدد بعد ، بالاضافة الى العمل لحجز مليون ونصف المليون من لقاح استرازينكا .

 

واوضح ان العملية ستكون دقيقة برقابة محلية ودولية .

 

واوضح رئيس اللجنة الوطنية للقاح الدكتور عبد الرحمن البزري خلال المؤتمر الصحفي ان التلقيح يفترض ان يشمل خمسة ملايين ونصف المليون شخص واننا بحاجة الى حوالى 11 مليون جرعة . وشرح كيفية التسجيل عبر المنصة الالكترونية للحصول على اللقاح في مختلف المراكز والمستشفيات المحددة وفق الخطة في المناطق اللبنانية .

 

وتلحظ الخطة جدولا مفصلا ببرنامج التلقيح بدءا بالجسم الطبي والفئات العمرية فوق ال75 عاما في المرحلة الف واحد ، يليها في المراحل التالية الفئات العمرية الاخرى بشكل متدرج . وتشمل الحملة التلقيح للفئات العمرية من 16 سنة وما فوق .

 

وخصصت الخطة 42 مستشفى حكوميا وخاصا ومراكز طبية للتلقيح في كل لبنان ، وفق جدول المنصة الالكترونية .

 

وامس سجل اكبر عدد من حالات ضحايا كورونا منذ بدء انتشار هذا الوباء وبلغ عدد المتوفين 76 مواطنا ، بينما بقي عدد الاصابات مرتفعا وبلغ 3906 اصابة.

—————-

«مولوتوف» على سراي طرابلس

 

ارتفعت وتيرة المواجهات بين عناصر مكافحة الشغب وعدد كبير من الشبان المحتجين، أمام مبنى سراي طرابلس. وواصلت العناصر الامنية استخدام خراطيم المياه وإلقاء القنابل المسيلة للدموع لابعاد المتظاهرين عن مدخل السراي.

 

وفي المقابل، حاول المحتجون الدخول الى حرم السراي وإلقاء الحجارة بكثافة على الباحة الخارجية ورمي قنابل «المولوتوف» على العناصر الامنية والاليات العسكرية الموجودة في الداخل، وقد سقطت احدى القنابل على آلية لرش المياه فاشتعلت وتم اخماد النيران بسرعة. وتمكن المحتجون من خلع الباب الخارجي للسراي من دون الدخول الى حرمها، في حين عملت العناصر الامنية على منعهم من ذلك.

 

***********************************

افتتاحية صحيفة الشرق

الحريري: جهات سياسية تستغل وجع الناس

 

غرد الرئيس المكلف سعد الحريري عبر تويتر كاتبا: قد تكون وراء التحركات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية وقد يكون هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوي الدخل المحدود. وليس هناك بالتأكيد ما يمكن ان يبرر الاعتداء على الاملاك الخاصة والاسواق والمؤسسات الرسمية بحجة الاعتراض على قرار الاقفال.

 

واضاف «لكن هذا لا ينفي حقيقة ان هناك فئات من المواطنين تبحث عن لقمة عيشها كفاف يومها، ولا يصح للدولة ازاء ذلك ان تقف موقف المتفرج ولا تبادر الى التعويض عن العائلات الفقيرة والمحتاجة». وتابع الحريري «انني انبه اهلنا في طرابلس وسائر المناطق من أي استغلال لاوضاعهم المعيشية، واطالب الدولة والوزارات المختصة باستنفاد كل الوسائل المتاحة لكبح جماح الفقر والجوع وتوفير المقومات الاجتماعية لالتزام المواطنين قرار الاقفال العام».

 

وختم «قرار الاقفال هدفه حماية المواطنين من خطر الكورونا، والالتزام به مسؤولية لا يجوز التهاون فيها تجاه سلامة اولادنا وعائلاتنا ومجتمعنا والسلامة تتطلب خطة واضحة تتكامل فيها جهود المجتمع المدني والمقتدرين في القطاع الخاص مع امكانات الدولة لضمان السير بقرار الاقفال في الطريق السليم».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram