كوليت صليبا في كتابها "سعاده ولبنان" توثيق وتحليل لمن ظنوا فيه ولم يقرؤوه

كوليت صليبا في كتابها

Whats up

Telegram

كيف نظر انطون سعاده مؤسس الحزب "السوري القومي الاجتماعي" الى لبنان، الذي اعتبره كيانا سياسيا من كيانات الامة السورية، ولم يضمه الى بلاد تسمى "سورية الطبيعية" او "الهلال الخصيب"، بل اعتبره نظاما لضمان الفكر الحر ومنارة تشع على من حولها، وهو دولة نشأت بارادة استعمارية عند تقسيم الوطن السوري في معاهدة "سايكس بيكو" بين فرنسا وبريطانيا، ولم يكن سعاده يقصد الحاق لبنان في بيئته القومية الطبيعية، فقد سبقه مفكرون وقادة رأي وادباء ومؤرخون، الى ان اكدوا على ان لبنان هو جبل في سورية ، وقامت دعوة الى وحدة هذه البلاد في مؤتمر انعقد في عشرينات القرن الماضي من طوائف متعددة، لا سيما من المسيحيين عموما والموارنة خصوصا.


هذه العناوين وغيرها صدرت للصحافية والباحثة كوليت صليبا بعنوان "سعاده ولبنان"، الذي يتضمن خمسة فصول في 143صفحة، وملحق لصور لسعاده من الحجم الوسط.

والكتاب صدر عن "دار ومكتبة التراث الادبي" في بيروت فكتبت صليبا في مقدمة كتابها الآتي: "من حالفه الحظ كي يزور منطقة ضهور الشوير الواقعة في المتن الشمالي، لا بد أن يلفت نظره تمثال الزعيم انطون سعاده المنتصب كالمارد الجبار على صخرة أثرية اقتطعت من مقلع الشوير، وقد استحوذ تمثال سعاده على نظري حين ذهبت برفقة والدي إلى ضهور الشوير في فصل الصيف من أجل الترفيه عن النفس. لقد دفعتني الحشرية إلى مبادرة والدي بالسؤال عن هوية التمثال، فأجابني قائلا :"انه تمثال الزعيم انطون سعاده الذي استشهد دفاعا عن حق الشعب المظلوم، فاستشهاده هو خسارة وطنية كبيرة" وفي اليوم التالي ذهبت خصيصا إلى إحدى المكتبات في قريتي حتى اشتري كتابا ولو صغيرا كي اعرف أكثر عن حكاية تمثال الزعيم سعاده.

 وقد صادف حينذاك أنني التقيت بإحدى السيدات في  المكان عينه وهي تبحث عن كتاب ضائع علّها تجده، وفجأة اتجهت نحوي وقالت لي فور معرفتها إنني اريد ان أقرأ كتابا عن سيرة انطون سعاده "لست بحاجة إلى أن  تقرئي مثل هذا النوع من الكتب، اذهبي إلى منزلك وادرسي في الكتب المسموح بها في المناهج المدرسية مثل التاريخ والجغرافيا... لقد ادهشني كلامها، فأجبتها على الفور بالقول "انطون سعاده هو التاريخ والجغرافيا "، وكنت في ذلك الوقت لا أعرف شيئا عنه، لكن التناقض، ما بين صورة العظيم المجسّدة في تمثاله، وكلام المرأة الفارغ من المعاني العظيمة التي تدور في رأسي عن هذا الرجل،  دفعاني لكي اتعمق أكثر في قراءاتي عن انطون سعاده، ولكن سرعان ما تبددت الحيرة، عندما انتهيت من قراءة سيرته، فعلمت حينذاك  أنني كنت على حق عندما  فكرت في الحصول على كتاب يتحدث عن سعاده .


توالت الأيام والسنين وكثرت انشغالاتي اليومية، وأصبح اهتمامي يتركز على دراستي وعملي وقراءة بعض المقالات عن الزعيم، وازداد اعجابي بفكره مع مرور الزمن لأنني وجدته مستندا الى حقائق وتجارب كبرى تعكس قدرة الرجل على الاحاطة بالواقع القائم في لبنان في ضوء علمه بالتاريخ ورؤيته للمستقبل، وبعدما شاهدت الحرب اللبنانية بأم العين وخبرت معاثرها ، أيقنت أهمية مبادئه ولكنني لم اركّز عليها بسبب ضراوة الحرب التي لم تفسح لي مجالا لاتعمق أكثر ، وها انا اليوم مهاجرة أرى الأشياء بوضوح أكثر وأنا بعيدة عن جو الفوضى، كما تغيّرت نظرتي إلى الوجود ولم تعد الامور السطحيّة تلهيني عن الجوهر، وبعد هذه المدة الطويلة تحوّل اعجابي بفكر سعاده الى مشروع سياسي واجتماعي يجب تطبيقه فورا وخصوصا بعدما اصيب لبنان بويلات كان من الممكن تحاشيها.


ها أنني اليوم ، أقف امام هذا الرجل واقول له بتجرّد "إن ما استطعت أن تنجزه في هذه الفترة القصيرة من حياتك على صعيد لبنان والأمّة، يجعلك جديرا بلقب القائد القومي الاجتماعي المناضل الذي تخطّى كلّ الحدود نحو المجال العالمي الرحب" فما زلنا في لبنان نبحث عن هذا القائد، الذي يقود فئات الشعب نحو الوحدة ويبعده عن انعزالية الاديان والاحزاب والطوائف والاوهام والقصص المفبركة.          

لقد أدرك انطون سعاده عبر سلسلة طويلة من تجاربه الوطنية والتاريخية ان كل صراع داخلي، لم يكن الا سبيلا للمساس بجوهر الوحدة الوطنية والقضاء على الديموقراطية، ووجد في القوميّة الاجتماعية ضرورة للحفاظ على هذه الوحدة. وقد ذهب إلى أبعد من ذلك فقد سخر كل ما يملك من ميزات وطنية واجتماعية من أجل نهضة الأمّة ولم يعوّل فقط على الثقافة والمعلومات التي يملكها للوصول إلى غايته، بل قام بتقصّي الحقائق بذاته عما تحتاج اليه الأمة من أشياء تساعد على تقدّمها، وكان إيمانه بأن القومية الاجتماعية، هي جزء لا يتجزأ من روح الأمة ورسّخ مفهومها، من خلال  محاولات الجمع بين ماض مشبع بالحضارات ومستقبل مزدان بالإنجازات الخارقة. هذه العقيدة هي جذب وكفاح وعمل متواصل ؛ من اجل الوصول إلى تلك النقطة التي يلتقي فيها التصميم مع الارادة ، وذلك كي  تستعيد الأمة حقوقها المسلوبة والعمل على  تغيير وجهة القناعات المغلوطة ، والحق في إطلاق سراح  تلك القوى الكامنة في ذاتها ، القوى التي طالما كبّلتها المظالم والجهل ؛ قوى الثقة بالنفس والحلم الكبير في استعادة ما سلب من الأمة منذ؛ عصور القرون الوسطى وعلى مرّ السنين .

مبادئ سعاده هي ثورة على الجهل وبرق اخترق فضاء الأمة كي يهزّها في الصميم، وكان البرق حافزا لتستعيد الأمة وعيها في إعادة بناء الوطن والمجتمع.

تناولتُ في كتابي مبادئ سعاده وفائدة تطبيقها في لبنان ومخاطر الطائفية وأهميّة لبنان التاريخية والحضارية بنظر سعاده، كما تناولت بنود الاصلاح السياسي الاجتماعي وبناء الوطن لبنان في ضوء مبادئ سعاده القومية الاجتماعية وتأثيرها في الامة ونهضة الأمة. لقد شعرت، ان الزعيم، أعارني قلمه حين بدأت الكتابة، حتى اشاركه فكره وكذلك  أتعرف الى شخصيته عن كثب؛ فوجدتها لا تتناقض مع فكره، إذ كانت حياته انعكاسا لفكره، هذا الفكر الفريد، هو بالفعل فكر استثنائي، لا يشبه الكثير من  المفكرين الآخرين، حيث مسار المبادئ في عقائدهم تتناقض وجوبا، مع مسار  حياتهم، انا فعلا  افتخر بنفسي لأنني كتبت عن الزعيم سعاده، هو  فخر للبنان ورمز كبير لعزته وكرامته.


ختاما اتقدم بالشكر والتقدير الى الصديق غسان الخالدي الذي كان صاحب المبادرة وشجعني على إنجاز هذا العمل الفكري الذي يتناول الزعيم انطون سعاده، وقد قدم لي كل الدّعم والمراجع من أجل بلورة الافكار وتوضيح العقيدة مما ساهم في زيادة اعجابي بفكر وفلسفة وعقيدة الزعيم سعاده، وكان له الدور الفاعل في طباعة هذا الكتاب ونشر فكر النهضة القومية الاجتماعية وتوعية الأمّة لما فيه من خير عميم لحاضرها ومستقبلها".

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram