إنّ ما تحقّقه المقاومة اللّبنانيّة على الجبهة الشماليّة لفلسطين المحتلّة من جهة، وما يحقّقه المقاومون في غزّة من جهة أخرى قد آلم العدو بشكل كبير، هذا العدو الذي أصبح الجميع يعلم أنّه يحاول خداع "العالم" بعدم الكشف عن عدد قتلاه وجرحاه، لكنّ لا بدّ للحقيقة أن تنجلي خاصّة بعد أن سقطت أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" أمام العالم كله.
وبالعودة إلى جنوب لبنان، وبعد إنجازات المقاومة في الأمس، وإيقاعها عشرات الجرحى في صفوف جيش العدو، وبدء الحديث عن قتلى اليوم، خرجت وسائل إعلام العدو لتقول: "إذا لم تعد "إسرائيل" تمتلك القدرات اللازمة للدفاع عن حدودها والتّعامل مع جبهات متعدّدة فبإمكانك أيّها "الإسرائيلي" البدء بتعبئة أمتعتك للمغادرة".
كلام يدلّ على انعدام ثقة "الإسرائيلي" بجيشه وحكومته، مقابل ثقته بقدرة المقاومين على ضربه وإلحاق الضرر به وبأهله، فهذه الدعوة للمغادرة ليست الدليل الوحيد على الخوف الذي ضرب الأعداء، وهم الّذين اعترفوا أنّ الحزب هو الّذي يقرّر "من يعيش في الشمال"، وهو الّذي يتحكّم بما يحدث على الجبهة.
أمّا الحديث عن "الهجرة" العكسيّة "للإسرائيليّين" ورغبتهم بمغادرة الأراضي المحتلّة ليس بالأمر الجديد، فالخطّة الأساس لقيام الكيان كانت استقدام "اليهود" من كلّ أقطار العالم ومنحهم "أرض الميعاد" ليبنوا دولة لهم فيها، فنشطت حركة الهجرة نحو الأراضي المحتلّة، وبدأت سياسة التوسّع بالمستعمرات وقضم أراضي فلسطين، ولكنّ "الإسرائيلي" الذي وعدوه بمنحه أرضًا يعمّ فيها السلام والأمان ويكون فيها هو الطرف الأقوى فوجئ بمقاومة أبناء الأرض له، واليوم يفاجئه عجز حكومته عن حمايته. و"الإسرائيلي الغربي" أيضًا كان قد بدأ يتردّد في الهجرة إلى فلسطين بعد تسلّم نتنياهو رئاسة حكومة "إسرائيل" وهيمنة اليمين المتطرّف، فقد كشفت إحصائيات في وقت سابق أنّ نسبة الهجرة من أوروبا، وخاصّة فرنسا، نحو الأراضي المحتلّة قد تراجعت بنسبة 20 بالمئة. كما أظهرت استطلاعات رأي "إسرائيليّة" أجراها العدو في بداية العام، أنّ 25 % من اليهود البالغين المقيمين في الأراضي المحتلّة يفكّرون بالهجرة من فلسطين و6 % منهم قد بدأوا بتحضير أوراقهم للرحيل فعلًا.
هذه "الرغبة بالرحيل" يعزوها خبراء إلى خوف الكثيرين في المجتمع اليهودي، وخاصة العلمانيّين، من سيطرة اليمين المتطرّف خاصّة على جهاز القضاء ومدى تأثير ذلك على الدّيمقراطية في "إسرائيل" وقد رأينا في وقت سابق من هذا العام العديد من المظاهرات التي تعترض على سياسة "نتنياهو" وحكومته.
واليوم مع "طوفان الأقصى" أدرك "الإسرائيلي" أنّه غير آمن حتّى وهو نائم في سريره وأنّ "عدوّه" يتهيّأ لضربه من الشمال كما من الجنوب وحتّى من كلّ الجهات، فأصبح هدفه الأوّل هو الرحيل نحو الأمان وهو الذي لا يشعر بانتماء لأرض ليست أرضه -ولو مهما حاولوا إقناعه وإقناع العالم بذلك- مقابل من هو مستعدّ لتقديم دمائه ودماء أبنائه لتحرير هذه الأرض.
مسألة خروجهم من أرضنا أصبحت مسألة وقت لا أكثر، رعبهم الحقيقي سيتحقّق وسيرحلون مجموعات كما أتوا، والمطلوب هو الصبر والمقاومة حتّى تحقيق الهدف المرجو.
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي