قبل أيّام، طلبت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا موعداً للقاء مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان، علماً أن زياراتها إلى دار الفتوى نادرة، ويعود لقاؤها الأخير بدريان إلى آب 2022. الموعد طُلب بعد موقف دريان الذي دان فيه المجزرة الإسرائيلية بحق الأطفال في الجنوب، مؤكّداً أنّ «الدّفاع عن الأرض والعرض والدم واجب ديني ووطني وإنساني، ولن نسمح بأن يستمر الاحتلال بالعدوان بشتى الطرق العسكريّة والدبلوماسيّة التي لم تستطع حتّى الآن ردع هذا الوحش المجرم».
ويبدو أن شيا تقصّدت أن تكون «عائشة بكّار» على جدول أعمالها، «بحثاً عن صورة» تجمعها مع المرجعيّة الدينيّة للسنة في لبنان وسط دعم بلادها اللامحدود للعدو الإسرائيلي في حربه على غزّة، رغم الإحراج الذي يسببه مثل هذا اللقاء للمفتي.
لكن «أحداً ما»، على ما يبدو، فهم «الفكرة الأميركية» بعد تسريب خبر الزيارة، وجنّب المفتي «تجرّع مرارة اللقاء». إذ انتشر سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ ليل أول من أمس، دعوات باسم «القوى والمؤسسات والروابط الطالبيّة والشبابيّة في بيروت» للمشاركة في «وقفة عز أمام دار الفتوى لمنع سفيرة أميركا المجرمة الداعمة للكيان الصهيوني من الوصول إلى مقر دار الفتوى لأنها دار فلسطين والشرفاء».
وبالفعل، أحبط من استجابوا للدعوة الزيارة التي أصدرت دار الفتوى بياناً يُعلن عن تأجيلها «بناء على طلب من مكتب شيا»، وشدّدت على «ضرورة وقف الدعم الأميركي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة والطلب من الإدارة الأميركيّة الضغط على الكيان الصهيوني لوقف عدوانه على غزّة».
اللافت أن دعوة «القوى والمؤسسات والروابط الطالبيّة والشبابيّة» لم تصدر عن جهة معروفة، وأنّ أحداً من الجهات البيروتيّة السياسيّة أو الاجتماعية لم يتبنَّاها، وإن كان البعض يتحدّث عن أصابع لـ«الجماعة الإسلاميّة» فيها. كذلك كان لافتاً أن دار الفتوى لم تطلب تعزيزات أمنيّة بعد انتشار الدعوة، ما أتاح للمعتصمين الوصول إلى بابها بسهولة، أضف إلى ذلك «التساهل» الأمني في التعاطي مع المشاركين، وهو ما عزّز لدى البعض نظريّة مفادها أنّ الدار التي أُحرجت بعد طلب الموعد سرّبت موعده لإيجاد ذريعة لإلغائه!
نسخ الرابط :