بيروت وحيفا ، الصراع بين مرفأين ، الصراع بين حضارتين

بيروت وحيفا ، الصراع بين مرفأين ، الصراع بين حضارتين

Whats up

Telegram


أولى نتائج إنفجار مرفأ بيروت وإتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي : حيفا مدينة خليجية وميناء حيفا هو بوابة الإمارات والدول الخليجية ومدينتها على البحر الابيض المتوسط ، ودبي مفتاح إسرائيل الى الخليج العربي . تلك إحدى نتائج تدمير مرفأ بيروت خاصة بعد أن اانتهت الصين من تحديث وإعداد مرفأ حيفا وتجهيزه ليكون أكبر مرفأ CARGO في شرق البحر الأبيض المتوسط . 
لا بل هي بالحقيقة السبب الرئيسي في تدميره .
 حيفا بدل بيروت من الآن إلى أجل غير مسمى .

سبق أن تناولت هذا الموضوع بعد أسبوع من إنفجار المرفأ وعشية الإتفاق الإماراتي الإسرائيلي وسأتناوله مجدداً الآن، بعد وضوح المعطيات الجديدة .

بدأت إسرائيل تخطط لضرب مرفأ بيروت منذ خمس سنوات، في آذار العام 2015 اي منذ خمس سنوات تم توقيع اتفاقية بين إسرائيل والصين على أن تقوم شركة SHANGHAI INTERNATIONAL PORT GROUP بإشغال وتشغيل مرفأ حيفا على أن يبدأ سريان الاتفاقية مع بدء عام 2021 . منذ خمس سنوات ، كان الصينيون والإسرائيليون منهمكين بتحضير وتحديث وتجهيز وتوسيع مرفأ حيفا بأحدث الطرق والتكنولوجيا لجعله مرفأ انترناسيونيا قادرا على أن يقوم بمهمة الربط بين الغرب والشرق والخليج العربي . خلال تلك الخمس سنوات كانت دول الخليج التي كانت تستعمل مرفأ بيروت تراقب هذا الموضوع وتترقب . في شهر تموز الماضي إنتهى الإسرائيليون والصينيون من مرحلة تجهيز المرفأ وتم إبلاغ الدول العربية المهتمة بالموضوع . و بدأ العد العكسي لتدمير مرفأ بيروت .
سبق وكتبت سابقا عن العين الإسرائيلية المحمرة على ميناء بيروت منذ نشوء دولة إسرائيل عام  1948 . يعتبر مرفأ بيروت أهم وأكبر الموانئ البحرية في منطقة شرق البحر الابيض المتوسط ومن أفضل 10 مرافىء فيها ، ويشكل مركز التقاء للقارات الثلاث : أوروبا ، آسيا وأفريقيا، وبذلك يعتبر البوابة الثقافية الإقتصادية التجارية البحرية الى الشرق الأوسط ، بوابة الترانزيت والشحن التجاري وإعادة التصدير والرسوم الجمركية وخدمات التأمين الناتجة عن تلك العمليات بين الشرق والغرب وبالأخص بين الغرب وبلاد الخليج العربي . 
هذا ما كانت إسرائيل تحلم به ليكون دور ميناء حيفا . أخذته بيروت واستفردت به بعد العام 1948 . 
من هنا عين إسرائيل المحمرة على ميناء بيروت . 
منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى كان الصراع بين مرفأين على من يكون الأول: مرفأحيفا الفلسطيني، ومرفأ بيروت اللبناني . بقي التنافس بين المرفأين وديا ومحليا ( نحن بالأساس شعب واحد قبل سايكس بيكو )  من 1920 لغاية 1948 حين ولادة دولة اسرائيل وحالة الصراع العربي الإسرائيلي . تراجع دور مرفأ حيفا المتوسطي وانتهى دوره بالنسبة للدول العربية بسبب المقاطعة العربية لإسرائيل . ما كان دائما يثير غضب اليهود وغيرتهم من مرفأ بيروت هو أنّ لمرفأ حيفا أفضلية كبرى على بيروت، إن من حيث قربه الجغرافي من دول الخليج أو من جيث إمكانية ربطه بسكة حديد ناقلة للبضائع منه الى كل الدول الخليجية . معلوم أنّ الدول الخليجية تستورد من أوروبا المعدات الثقيلة و معدات المصانع و الآلات المصنعة للمصانع الضخمة والشاحنات والسيارات وكل مواد البناء والمواد الأولية ومواد الغذاء والكثير من المواد الاستهلاكية التي تستورد بالبحر من الدول الأوروبية عن طرق مرفأ بيروت الذي كان عاصمة للتجارة والمال  في الشرق الأوسط . وبقي كذلك إلى حد كبير لغاية السنوات الأخيرة . كان الشريان الحيوي الباقي للإقتصاد اللبناني الذي كان يمد الأردن و العراق والكويت والسعودية والإمارات والبحرين وقطر بقسم كبير من وارداتها الأوروبية والسلع الاستهلاكية حتى في ظل الحرب الأهلية اللبنانية والحرب الداخلية السورية . إنه دور طالما حلمت به إسرائيل منذ 1948، وسعت ليكون لمرفأ حيفا، حتى جاء الوقت المناسب . 
منذ سنين تعمل الدولة اليهودية على فك الحصار العربي عليها . بدأت بالبوابة المصرية من دون نتائج باهرة . عجزت عن فتح البوابة السعودية لأسباب سعودية داخلية و إسلامية متعلقة بالقدس . فتحت البوابة الأردنية ومااستفادت منها، جرّبت البوابة اللبنانية وسقطت في 17 أيار . 
كان ينقصها بوابة الخليج العربي من قطر أولا ومن ثم الإمارات العربية المتحدة . حضّرت إسرائيل خططها وباشرت تطوير ميناء حيفا ووضعت الخطط الكفيلة بربطه بشبكة قطارات ناقلة للبضائع عبر سكك حديد من حيفا الى آخر ميناء خليجي من دون معارضة سعودية . جاءت الفرصة بنجاح مفاوضات الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي واستبَقت إسرائيل اللحظة، بضرب مرفأ بيروت لكي لا تعطي إمكانية الاختيار للخليجيين، بين مرفأ حيفا الحديث المجهز والذي هو قيد التطوير والتوسيع والتحديث، وبين مرفأ بيروت المدمر ، لكن طبعا مع أفضلية جغرافية لمرفأ حيفا في حال كانت جميع العوامل الأخرى متعادلة . إنه سباق بين مرفأين . إنه صراع بين مرفأين . جهزت إسرائيل لضربتها ولم تقصد تدمير المدينة . بل يبدو أنها فوجئت بذلك كما فوجئت الدول الغربية . كان كل قصدها تدمير المرفأ . غير أنّ المجرمين جماعة ١٤ آذار في لبنان كانوا قد وضعوا في المرفأ عنبراً لنيترات الأمونيوم وعنبراً للذخائر والمتفجرات وغيرها - وهم الآن يلفلفون جريمتهم بتحقيق مزور - والأرجح ان إسرائيل لم تكن عالمة بالاثنين معا أو بوجودهما متلاصقين. 
طبعا هنا فضل المجرمين اللبنانيين عندنا الذين قدموا لها مجانا امكانية تدمير كل بيروت أو  كما يقال < بالبلاش > . 

الإتفاقية الإسرائيلية الإماراتية فكت الحصار عن حيفا وأزالت الموانع والعوائق السياسية التي كانت تحول دون أن تكون حيفا مدينة خليجية للتجارة الاقتصادية البحرية على البحر الابيض المتوسط . واانفجار مرفأ بيروت أزال العوائق التقنية والجغرافية واللوجستية  التي كانت تمنع الخليجيين من حسم خياراتهم . 

في موازاة هذه التطورات  الإستراتيجية /الجيو سياسية وفي موازاة حجمها وآثارها الخطيرة على لبنان وشعبه واقتصاده وفي ظل كارثة المرفأ التي دمرت بيروت ومرفأهاومحيطه والمآسي الإنسانية من شهداءوجرحى ومشوّهين ومفقودين وعاطلين عن العمل، ودمار للمنازل والمحلات التجارية ولأحياء بكاملها ، في موازاة كل هذا، و جماعةالسياسيين اللبنانيين الصغيري النفوس والأهداف الميّتي الضمائر منشغلين ومشغولين بالحصص الحكومية وتفاهاتها .
 قارنوا المشهدين .
سأتكلم بلغة سياسيي لبنان الرخيصة التافهة بالطريقة العامية البسيطة بينما نحن في قلب كارثة جيو سياسية اقتصادية إستراتيجية كبرى وهم يتلهون بتشكيل حكومة:
عون يريد الحصة المسيحية الأكبر للصهر جبران باسيل ، وجبران باسيل يريد حكومة بلا جعجع، وجعجع محتار بس بيفوت إذا كان وضعو أقوى من جبران ، وسعد الحريري وأخوه بهاء فتحو معركة ع الحصة السنية في طريق الجديدة ، وبري يركز على وزارة المالية وأي شي خدماتي لأن كل حركة امل حاملي شهادات دكتورا مالية وااقتصاد من جامعة هارفارد وما بيرضو أقل من المالية، وجنبلاط يريد كل الحصة الدرزية، وحزب الله يريد حكومة يحمي بيانها الوزاري المقاومة الإسلامية بشكلها الحالي سياسياً،كما  يريد الثلث المعطل، ليحمي سلاح المقاومة، وحليفه الرّئيس ميشال عون.
قارنوا نوعية الحدث الذي نتعرض له ونوعية الأخطار الاستراتيجية المحيطة مع نوعية ووطاوة ودناوة تعاطي رجال السياسة في لبنان .  

رجال السياسة في بلادنا : لا مخ ولا تخطيط ولا تفكير ولا رؤيا ولا إستراتيجية ولا إدراك ولا بعد نظر ولا حتى قصر نظر . ولا شي بالخالص . كوما . 
كل همن سرقة ونهب وفساد ومحاصصة على طريقة كول وطعمي .

لبنان بحاجة لرجال دولة وتفكير وتخطيط وإستراتيجيا يضعون مصلحة الأمة والوطن والمجتمع والشعب والدولة  فوق كل مصلحة، يفهمون يخططون يحضرون يستشرفون ، وليس صعاليق وأوباش ووطاويط وأقزام كل همهم السرقة والسمسرة والنهب وتهريب الأموال . ياكلو ويشربو وينهبو وينامو ويغطو على جريمة المرفأ .

كسب مرفأ  حيفا الجولة لاولى . إنه صراع بين مرفأين . إنه صراع بين حضارتين . إنها الجولة الأولى . على اللبنانيين أن يعوا ذلك جيدا وأن ان يبدأ قطار التغيير بسرعة وحزم وعنف وأن يدفع المجرمون كلهم الثمن باهظا قبل أن نخسر جولات اخرى . الصين إختارت مرفأ حيفا ودبي إختارت مرفأ حيفا . لا تخافوا . خسرنا معركة ولم نخسر الحرب . إن أحسنا التعاطي مع شؤون بلادنا وقضاياها وإن أحسنا استعمال نقاط القوة عندنا ، لن نخسر الحرب . 
أنطون سعاده قال يوما : إن فيكم قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ .

مروان سليم

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram