تنصرف الطائفة السنّية إلى ترتيب بيتها الداخلي بعد نجاح «حزب الله» عبر الحلفاء باختراقها، وصار «الحزب» ينشط بشكل واسع داخل المدن والمناطق السنّية، خصوصاً في طرابلس والشمال مستغلاً الانهيار الاقتصادي. ويأتي اجتماع اليرزة الأخير أيضاً في سياق «شدشدة» الساحة السنّية وسط الحديث عن تسوية محتملة قد تحصل قريباً.
لم يطرح السفير السعودي وليد البخاري أسماء مرشحين خلال الاجتماع الأخير مع النواب السنّة، بل ترك الأمور تأخذ مجراها، وكأنّه يقول لهم إذا كنتم تعلمون ما نريد ولا تتصرّفون فهذه مصيبة، وإذا كنتم لا تعلمون فهذه مصيبة أكبر.
تعمل المملكة العربية السعودية وفق خطة واضحة للعالم العربي، وهي لا تضغط مباشرة على أحد، لكنها أكّدت للنواب السنّة أنّ اختيارهم الرئيس هو الأساس، بمعنى أنّ أي رئيس لا يكون سيادياً وإصلاحياً سيضع المملكة في موقع المتفرّج على الوضع اللبناني، فلا تدخل عاملاً مساعداً في الأزمة. وإذا كان السفير السعودي لم يطرح أسماء، إلا أنّ سياسة الرياض وصلت إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والنواب السنّة، وبالتالي رمى البخاري الكرة في ملعب النواب وهم عليهم الاختيار.
والإستنتاج الأهم الذي خرج به عدد من النواب هو أنّ الاسم الرئاسي لم يجهز بعد على الرغم من تقدّم أحد الأسماء البارزة، ولا ترغب الرياض في «حرق» الاسم قبل وجود تسوية أميركية- سعودية- إيرانية، وما التحرّك القطري إلا مؤشّر على تقدّم سعودي في الملف اللبناني.
واستلم المفتي دريان راية القيادة السنّية بتكليف سعودي، فالسنّة في حاجة إلى مرجعية بعد أفول نجم «الحريرية السياسية»، ولا يوجد شخص أهمّ من المفتي قادر على القيام بهذا العمل الشاق، خصوصاً من موقعه.
وتُبدي الرياض انفتاحها على الجميع باستثناء «حزب الله» حالياً، وتنكبّ على المساعدة في تنظيم البيت السنّي، ويساعدها كلّ من الأردن ومصر على هذا الأمر لئلا يخرج السنّة عن السكة العربية ويلتحقون بإيران.
وفي هذا السياق، خرج اجتماع اليرزة باستنتاج كرّسته الانتخابات النيابية الأخيرة، وهو رسم خريطة التوزّع السنّي النيابي الذي صار وفق الشكل الآتي:
- هناك 9 نواب سنّة في محور «الممانعة»، ومن غير الوارد عودتهم إلى عباءة الاعتدال العربي، وهؤلاء يتوزّعون بين 5 نواب من كتلة «الوفاق الوطني» برئاسة النائب فيصل كرامي ونائبي بعلبك ينال الصلح وملحم الحجيري في كتلة «الوفاء للمقاومة» والنائب قاسم هاشم في كتلة «التنمية والتحرير» والنائب جهاد الصمد.
- وهناك 3 نواب سنّة وسطيين، هم: أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وحليمة القعقور، وهؤلاء وإن كان بعضهم يساير «حزب الله» تحت شعار المقاومة، إلا أنهم يلتزمون الخط العربي العام سواء القاهرة أم الرياض.
- وبالنسبة إلى باقي النواب السنّة الـ15 فيتوزّعون بين 6 نواب في كتلة «الإعتدال الوطني» بعد انضمام النائبين نبيل بدر وعماد الحوت إلى صفوفها، و2 في «تجدّد» هما أشرف ريفي وفؤاد مخزومي، ونائب «اللقاء الديموقراطي» بلال عبدالله، ونواب مستقلّين وتغييريين، هم: بلال الحشيمي، إيهاب مطر، وضّاح الصادق، ابراهيم منيمنة، ياسين ياسين، ولا يحسب النائب عبد الكريم كبارة بعيداً عن الخطّ السعودي على الرغم من تصويته لرئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية في الجلسة الأخيرة، وذلك لإرضاء الرئيس نبيه بري فقط.
قد تكون هذه الخريطة رُسمت بعد انتخابات 2022 النيابية، لكن الجديد فيها حسب عدد من النواب المشاركين في اجتماع اليرزة، هو أنه بات هناك حدّ أدنى من التنسيق في ما بين النواب، وسيعمل المفتي على عقد اجتماعات دورية، وسط تأكيد الطائفة السنّية على هويتها اللبنانية والعربية ووقوفها مع دول الاعتدال العربي، بينما القوى التي توالي محور «الممانعة» تمثّل أقلية داخل الطائفة السنّية، وهذا الأمر سيضع السنّة داخل أي تسوية يمكن حصولها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :