يتجمّد المسعى الذي تقوده باريس والدوحة عند حدود الموقف السعودي قبل أن يعمل لنيل البركة الأميركية للخيارات الرئاسية. وإذا قبلنا بالحد الأدنى من شرح الموقف السعودي، كما وصفه الأقرب إلى الرياض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بأن الرياض ليس لديها مرشحون ولا تطرح أسماء، لكنها تضع مواصفات ولديها فيتو على بعض الأسماء (طبعاً دون أن يرف جفن السيادة التي يتزعّم جبهتها جعجع).
المواصفات التي تطرحها الرياض والفيتو الذي تضعه على بعض الأسماء تنطلق عملياً من خلفية الخلاف القائم بين الرياض وحزب الله، الذي لم يكن منسوبه قبل حرب اليمن كافياً لدفع السعودية للاعتراض على انتخاب الرئيس ميشال سليمان وفقاً لاتفاق الدوحة كرئيس وسطيّ، بينما حضر بعد حرب اليمن بقوة في مواجهة تصاعدية مع التسوية الرئاسية التي وصل بموجبها الرئيس ميشال عون الى بعبدا، رغم تخصيصه للرياض بأولى زيارته للخارج، وربطه زيارة دمشق وطهران بعدم إغضاب الرياض.
ما بين حزب الله والسعودية في حرب اليمن معلوم، وهو أن حزب الله لن يضبط خطابه الإعلامي بما يريح الرياض، طالما أن الحرب مستمرة، والرياض لن تُسهم بما يريح لبنان وليس فقط حزب الله ما دام هذا الخطاب الإعلامي مستمراً. وهذا معنى منع السياح السعوديين من زيارة لبنان، ومنع الاستيراد من لبنان.
بعد خمسة شهور على بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس لا يبدو في الأفق ما يقول إن بمستطاع خصوم حزب الله المجيء برئيس يلبي المواصفات السعودية، أو لا يطاله الفيتو السعودي كحد أدنى، ورغم مزاعم الحصول على أغلبية نيابية تقول الوقائع إن سقف قدرة هذا الفريق هو تعطيل النصاب لا تشكيل أغلبية.
بالنسبة لحزب الله وحلفائه، تبدو المشكلة في عدم التوصل الى تفاهم واضح يتيح تشكيل الأغلبية من جهة، وعدم رغبة حزب الله بتحمل مسؤولية رئيس يسمّى رئيس حزب الله ويواجه ضغوطاً اقتصادية وسياسية تعطل الدولة وتزيد أحمال الاقتصاد، ولذلك يعطي الحزب الذي لا يخفي اسم مرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية، حرصه على رئيس توافقي، ويعتقد أن الترشيح السابق لفرنجية من الرياض وباريس يتيح له هذه الصفة، بانتظار التوقيت المناسب لذلك.
عملياً دون نهاية حرب اليمن لن تتاح فرصة تجاوز استعصاء رئيس يطمئن السعودية من جهة موقف حزب الله، ويكون هو نفسه مطمئناً لحزب الله، علماً ان الحزب لا يمانع بأن يكون الرئيس مطمئناً له وللسعودية معاً، بخلاف الموقف السعودي الذي يقيس الاطمئنان للرئيس بمقياس التسبب بالقلق لحزب الله.
نهاية حرب اليمن التي تقود المبادرات نحوها سلطنة عمان، موضوعة على نار حامية، وإذا كانت شرطاً ضرورياً لتخفيف أثقال الاطمئنان، ليست شرطاً كافياً، فالذي ينشئ الاطمئنان السعودي هو وضع ضوابط متبادلة بين الرياض والحزب لإدارة العلاقة والخلاف، وهذا ما لا تتيحه العلاقة السعودية الإيرانية، حتى عندما تستعيد طبيعتها، لأن التنافس يبقى هو قانون العلاقة بين دولتين كبيرتين جارتين في الإقليم، بينما العلاقة السعودية السورية هي التي تشكل مدخل تنظيم العلاقة بين الرياض وحزب الله، وهذه العلاقة لها عنوان هو مسقط أيضاً.
من يريد معرفة مواقيت الحلول الرئاسية، عليه أن يضبط ساعته على توقيت مسقط.
نسخ الرابط :