أحمد أصفهاني
وكأنه لا يكفي الحزب السوري القومي الاجتماعي ما هو فيه من أزمات تكاد تصبح علامة فارقة له، فنجد من يعمد إلى نكأ جراحٍ كان التسامح قد أسدل ستاراً من الألم والندم عليها!
وكأن القوميين الاجتماعيين يرفلون برفاهية العيش، فلا خطر داخلي يهددهم ولا هجوم خارجي يشردهم، إذ يطل علينا مَنْ ينتشي برائحة الموت ويتلذذ بملوحة الدم القومي النازف.
لطالما دعونا بإلحاح إلى التقييم والمحاسبة في حزبنا. وذلك لا يتم إلا بنظرة نقدية عادلة وشفافة، غايتها استيعاب الدروس والتعلم من التجارب... ومن ثم تجنب تكرار أخطاء الماضي، خصوصاً الدموي منها. فما المقصود إذن من تحريك العصبيات والغرائز في ظروف الانقسام الحزبي هذه؟
"الفتنة أشد من القتل"! ويبدو لي أن بين ظهرانينا من هو عازلٌ نفسه في قوقعة من كراهية وحقد، فلا يتورع عن تحريك أتون الفتنة مدركاً أنها أقصر طريق إلى القتل. وأخطر ما في هذا الموقف أنه يتبرقع بأقنعة المحاسبة، بينما هو ينشر ـ سلفاً ـ ملفاً جاهزاً من الاتهامات والتبريرات والإدانات.
المناقب القومية الاجتماعية ترفض الثأر وتدينه. كما أنها في الوقت ذاته تحتقر كل من يوقظ الفتنة النائمة. إن التقييم الفردي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليس قانوناً. إن المحاسبة بواسطة الأصابع المتهورة ليست عدالة. إن نقيصة نبش القبور وانتهاك حرمات الراحلين ليست سوى دعوة إلى الفتنة القاتلة!
كنت أتمنى أن أستعيد ذكرى استشهاد رفيقي وصديقي الأمين حبيب كيروز بغير هذا الكلام، لولا أن شهوة الفتنة والقتل عند بعضهم استدعت التعليق الآنف. وهنا أستعير من فيلم تدور أحداثه في اليابان القديمة، حواراً بين الإمبراطور وأحد قادته يتناول بطلاً يابانياً قُتل في المعركة.
الإمبراطور: حدثني كيف مات؟ القائد العسكري: سأحدثك كيف عاش؟
في ذاكرتي وفي وجداني الكثير عن حبيب. إغتياله تفصيل أخير في حياة مفعمة بالعطاء، فلنركز على تلك الحياة الغنية والصاخبة في آن واحد. ويهيأ لي أنه لو قُيض لحبيب أن يخاطب قاتليه لقال:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا
ليوم كريهة وسداد ثغر!
نسخ الرابط :