بقلم مأمون ملاعب
قبل الحديث عن جرم المطران الحج وتقييمه لا بد من الإضاءة على مسائل تتعلق بهذا الموضوع لكي يصبح وضع الخطأ او الجرم نصابه ، نحن ( كل من ينتقد ) نتعامل مع الجرم من منطلق واضح ان (إسرائيل ) عدو والتعامل مع العدو خيانة ، فما هو منطق المدافعين عن المطران؟
يحاول البعض منا جاهدا وضع الامور من منطلق الدستور او القانون باعتبار ان (إسرائيل ) عدو للبنان فيقدمون المستندات التي تدين العميل بعمالته و يطالبون القضاء القيام بدوره في المحاكمة وهو ما حصل سابقا مع بعض العملاء بصرف النظر عن الاحكام المخففة . هنا يبرز السؤال الاول :
هل تمت محاكمة كل العملاء ؟ اما السؤال الأهم: هل فعلا يعتبر اللبنانيون ، كل اللبنانيين، ( إسرائيل ) عدوا ؟ وهل إن التعامل معها خيانة ؟
ان مأساة الشعب اللبناني اليوم ( معظم الشعب ) تعود في جذورها الى ماهية وجوده ثم الى القفز فوق المشاكل المتراكمة دون حل فتبقى بالحسم وما يهدد وجوده. اهم هذه المشاكل هو التشابك ببن الطائفية ( وجود ، نظام وثقافة ) والعمالة .
بالعودة الى الحرب الاهلية في لبنان وما تلاها وصولا الى اجتياح ( إسرائيل) للبنان كان التعامل مع العدو علنيا بدل من قيادات الاحزاب والميليشيات المتعاملة الى اصغر فرد فيها . هل اتفاق بشير الجميل مع العدو الذي وصل بنتيجته الى سدة الرئاسة يعتبر خيانة ؟ هل ان النواب الذين انتخبوا كانوا خونة ؟ هل هم اعتبروا انفسهم عملاء ام قادة وهذا خيارهم ؟ هل قامت الدولة اللبنانية بعد انتهاء الحرب او بعد التحرير بتقييم الموضوع ام سجل التاريخ الذي تكتبه ان بشير كان رئيسا للجمهورية وتم اغتياله ؟ بعد اغتيال بشير انتخب اخيه امين رئيسا وبشبه اجماع من النواب فهل اعتبروه خارج المشروع الإسرائيلي؟ خلال عهده زج امين بالجيش لمواجهة خصومه الداخليين واقام اتفاق 17 ايار ، فهل ذلك بغاية العمالة ؟ ثم استمرت القوات اللبنانية بالتنسيق مع العدو وبرر قائدها ذلك بحجة الدفاع عن النفس يبرر التعاون مع الشيطان . حين قامت المقاومة بتصفية العميل عقل هاشم ماذا كان موقف الكنيسة وكيف تعاملت مع مأتمه؟ البطريرك الراعي نفسه زار الارض المحتلة والتقى عناصر لحد الفارين والمنضويين في جيش الاحتلال وخطب بهم فهل قال عنهم عملاء ؟ ام ماذا قال ؟ المطران الحج المتهم حاليا قام بالصلاة عن روح أنطوان لحد بحضور قادة من العدو ، هل فعل ذلك بهدف الخيانة؟ هذا هو صلب الموضوع وعلة الكيان اللبناني التي لم ولا تعالج . بعد وصول ميشال عون الى سدة الرئاسة حث القضاء على محاكمة حبيب الشرتوني غياببا بينما لم يطلب اي من الاحزاب ( المسماة وطنية ) محاكمة احدا من القادة العملاء واكتفوا بالعفو عن كل جرائم الحرب على مدى 15 سنة الا ( جريمة ) الشرتوني ، فما حاجة التيار الوطني الى محاكمة الشرتوني ونصرة البشير المقتول ؟ هي العلة عينها ، التيار، حليف حزب الله، بحاجة الى الحفاظ على رصيده المسيحي( والاتي من الانعزالية ذاتها ) بعد التحالف فذهب إلى ملاقاة الانعزاليين بشعاراتهم بدل ان يقودهم الى شعارات وطنية واعتقد انه اولا عاجز عن ذلك وثانيا لا يملك هذه الثقافة الوطنية والدليل اليوم ان ما حدث مع المطران وما صدر عن الغبطة لم يستجلب اي ادانة للجرم او رفض للاعتراض من غبطته والتطاول على القضاء لا من التيار ولا من اي طرف مسيحي. في السابق كانت كلمة السيادة تستعمل عند مدعييها رفض ( الاحتلال السوري) واليوم تعني عندهم ذاتهم رفض (الاحتلال الايراني ) ولم تستعمل الكلمة ابدا عندهم في رفض الاحتلال الإسرائيلي او انتهاك الاجواء اللبنانية او رفص تدخل السفيرة الاميركية بالشؤون الداخلية. هي كلمة حق تستعمل عندهم لباطل . القضاء الذي يعجز عن محاكمة عميل بسبب يد تعلو فوق القضاء طبعا سيعجز عن محاكمة مسؤول فاسد بسبب اليد نفسها او بسبب يد مثيلة وعليه فان المحنة التي سببها الفساد تماما مثل المحنة المترتبة عن سوء الادارة او عن العمالة كلها تنتظر قضاء حازما لن يحصل ودولة قوية لن تبصر النور بسبب سطوة دويلات قادتها او رعاياها ارتضوا تفكيك الوطن ليصنعوا مزارعهم وتدمير مصلحة الامة ( الشعب ) ليؤمنوا مصالحهم . هنا لا بد من تذكير اللبنانيين جميعا ان الخيارات السياسية والقومية الخطيرة لا تلقى سوى الصدى وأصحابها واتباعهم يتحملون النتائج ، بشير الجميل وعقل هاشم قتلوا ، انطوان لحد وجماعته طردوا ، اتفاق 17 ايار أسقط بالقوة ، محاولة النيل من سلاح الإشارة للمقاومة قمع بالقوة . لا تسوية ولا مهادنة بهذا الشان الخيارات الخاطئة والثقافات المريضة المنحرفة لا تجلب لاصحابها سوى الويل .ان من احتمى بالشيطان لحماية المسيحيين هجرهم من قراهم في الجبل . الارتباط بالغرب سيقود الى مصير مشابه لمصير المسيحيين بالعراق و فلسطين. عودوا الى التاريخ القريب و ماذا قدمت الولايات المتحدة لفخامة الرئيس فرنجية لحماية مسيحيي لبنان . هذه الخيارات أوصلت لبنان الى دولة فاشلة متآكلة متهالكة مفلسة دون اعلان ، جثة على سرير ام تدفن بعد، لا حكومة ترجى ولا رئاسة تنتظر تسوية في زمن التجاذب الكبير حيث تنعدم التسويات، فاذا ما قامت الحرب فان فريقا سينهزم واذا طالت التجاذبات طال الانهيار وطالت المصائب مع بارقة امل وحيدة بتسوية مؤقتة بفضل تهديد المقاومة لاستخراج النفط من قبل العدو.
اما الخيارات القومية التي تضع مصلحة الامة فوق اي مصلحة هي الضامن لكل الفئات وكل الطوائف والضامن للبقاء والسيادة والنمو والتقدم .
خيارات جبران خليل جبران وأمين الريحاني ومارون عبود جعلت منهم اعلاماً وطنية . خيار فارس الخوري جعله زعيماً سورياً وخيار المطرانين كبوجي سابقا وحنا حاليا جعلتهما منارات فلسطينية.
نسخ الرابط :