المسؤولون اللبنانيّون عرضوا الحصول على جميع عائدات "قانا"... مقابل "كاريش" وتجاهل الخطوط
على لبنان القيام بمسح لمنطقته الإقتصاديّة الحدوديّة لتحديد الحقول النفطيّة قبل توقيع أيّ إتفاق!
دوللي بشعلاني- الديار
بثّ الموقف اللبناني الرسمي أجواء إيجابية عن قرب توقيع اتفاق ترسيم الحدود الجنوبية البحرية مع العدو الإسرائيلي، وبدا المسؤولون متفائلون بعد المحادثات الأخيرة التي أجروها مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في 16 حزيران المنصرم، حتى أنّ وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب أعلن عن إمكانية توقيع الإتفاق المنتظر في أيلول المقبل. فسفينة "إنرجين باور" تتحضّر لبدء إنتاج الغاز في الشهر المذكور، ويستعجل العدو الإسرائيلي إنجاز الإتفاق لكي تبدأ "إنرجين" بعملها في ظلّ أجواء هادئة في المنطقة الحدودية. غير أنّ خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الأخير عن ملف الترسيم، بدّل معادلة "قانا مقابل كاريش"، الى معادلة "لا تنقيب هناك من دون أن نُنقّب هنا"... فعلى ماذا اعتمد لبنان الرسمي لإشاعة الأجواء الإيجابية عن نجاح مهمّة هوكشتاين الذي يزور المنطقة برفقة الرئيس الأميركي جو بايدن، من تلّ أبيب الى السعودية؟!
أوساط ديبلوماسية متابعة لملف ترسيم الحدود البحرية والبريّة للبنان، رأت بأنّ الجانب اللبناني الذي ترك له السيّد نصرالله أمر الحفاظ على حقوق لبنان وترسيم الحدود التي أعلن أنّه لا يريد أن يتدخّل فيها، يتمسّك بالحصول على حقل "قانا" كاملاً الذي يتخطّى في الجزء الجنوبي منه الخط 23 الذي لم يُوافق العدو الإسرائيلي على أن يكون للبنان، على ما هو عليه اليوم، أو من خلال إنحنائه فقط أسفل "قانا" ليشمله كاملاً. ولهذا عرض المسؤولون اللبنانيون على هوكشتاين معادلة "قانا مقابل كاريش" كون لبنان يتخلّى بالمبدأ عن الجزء الشمالي من "كاريش" في تنازله عن الخط 29، مقابل أن يتخلّى العدو الإسرائيلي الذي يُطالب بالخط 1 ويرفض الخط 23 عن الجزء الجنوبي من "قانا" الذي يتخطّى الخط 23 بقليل.
وعلى هذا الأساس، يعتبر المسؤولون، على ما أوضحت، أنّ موافقة "الإسرائيليين" على عرض لبنان الأخير، يُشكّل إنجازاً لأنّهم يُحافظون من خلاله على كلّ عائدات ومداخيل حقل "قانا" للبنان، وإن بقي في الواقع فيما يُسمّى "المنطقة الإقتصادية الإسرائيلية الخالصة". ويكونوا بذلك قد قطعوا بالتالي الطريق على المقترحات الأميركية والإسرائيلية المتعلّقة بالحقول المشتركة، التي قد تؤدّي في نهاية الأمر الى نوع من التطبيع الإقتصادي والتجاري.
وهذا يعني، على ما ذكرت الأوساط نفسها، أنّ لبنان لم يرسم خطّاً، أو لم يُعدّل الخط "الهجين" الذي رسمه هوكشتاين في 9 شباط الماضي بجعلة منحنياً جنوب حقل "فانا"، إنّما اقترح الحصول على "قانا" كاملاً، سيما وأنّ العائدات المقدّرة منه تصل الى نحو 300 مليار دولار، بحسب تقديرات الخبراء الأوليّة. وهذا أمر جيّد جدّاً. غير أنّها تساءلت عن مصير الحقول النفطية التي يُمكن أن تُكتشف لاحقاً في حال بدأ لبنان بعمليات التنقيب والإستكشاف في المنطقة الإقتصادية الخالصة، بعد توقيع الإتفاق ونبيّن له أنّ هناك حقولاً مهمّة في البلوك 8 أو 9 أو 10 أو خارجها بكيلومترات عدّة. فهذا الأمر لا بدّ من معرفته منذ الآن، من خلال إجراء مسح شامل للمنطقة الحدودية، لا سيما تلك المتنازع عليها مع العدو الإسرائيلي، لكي يكون على بيّنة ممّا ينتظره في المرحلة المقبلة.
وقالت بأنّه يُمكننا الآن، فهم ماذا قصد به رئيس "التيّار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير بقوله إنّ المهم الثروة الموجودة تحت قاع البحر، في الأعماق، وليس رسم خط الحدود فوق البحر.
وبرأيها، إنّ العرض اللبناني أي إبقاء الجزء الجنوبي من حقل "قانا" ضمن المنطقة الإسرائيلية، لكن تخصيص كلّ العائدات للبنان، ففيه دغدغة للمشاعر الإسرائيلية، وتنازل غير مفهوم. وليس واضحاً ما سيتمّ تقديمه إلى العدو، على ما تساءلت، مقابل أن يتنازل هو عن عائدات "قانا" التي من المفترض أن يكون متشاركاً فيها، من وجهة نظره، إذا كان الحقل يمتدّ إلى داخل المنطقة الإقتصادية البحرية العائدة له بموافقة رسمية لبنانية؟ هل سنقول للبنانيين إنّ التهديدات أجبرت العدو على "التنازل" وإعطاء عائدات "قانا" كاملة إلى لبنان، شرط أن يقوم هو باستثمار "كاريش" بشكل كامل من دون إزعاج؟ هذا المنطق لا يستقيم. فإذا كان باسيل يعتبر بأنّ هذه المنطقة البحرية لا قيمة لها من دون الثروة البحرية تحت القعر، فإذن ما هي المشكلة في إضافة مثلث بحري صغير إلى خط هوكشتاين يؤمّن دخول كامل حقل "قانا" في المنطقة اللبنانية الخالصة، تفادياً لأي تداعيات مستقبلية قد يثيرها العدو بأنّ له الحق في عائدات "قانا"؟! إذا كان الخط "لا قيمة له" بموجب باسيل، فالأحرى بأنّه "لا قيمة له" بالنسبة للعدو بموجب المنطق ذاته.
في المقابل، أكّدت الأوساط عينها، بأنّ لبنان لن يحصل على الخط 23، كون هوكشتاين والعدو الإسرائيلي لا يزالان يرفضان هذا الأمر، غير أنّ أحداً لا يعرف السبب الحقيقي لرفضهما، رغم علمهما بأنّ للبنان الحقّ في الخط 29 وحتى ما بعده بكيلومترات عدّة. فهل إمكانية وجود حقول نفطية أخرى ضمنه، هو السبب، أم ثمّة أمور مخفية أخرى؟! وبطبيعة الحال، فقد أشار السيّد نصرالله الى هذا الأمر من خلال قوله بأنّه "ما النفع من الحصول على الخطوط، إذا لم يحصل تنقيب واستخراج للنفط؟ فإنّ الموضوع يُصبح برمّته تحصيل حقوق على الورق بدون أي مردود حقيقي.
وختمت الأوساط، يبقى هناك احتمال بأنّ يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد طلب توسيع خط هوكشتاين ليشمل "قانا" بدلاً من أن يبقى القسم الجنوبي منه داخل المنطقة الإقتصادية المقابلة.
نسخ الرابط :