في تاريخ أمتنا القديم والحديث يقترن شهر تموز بمعاني العطاء والبطولة والفداء وهي قيم سامية يتحلى بها شعبنا العظيم بالإضافة إلى غيرها من القيم المجتمعية التي تعكس نفسيته الجميلة وما تتمتع به من قدرة وجمال وإبداع. إن أساطيرنا القديمة غنية بالروايات التي تتحدث عن عطاءات وبطولات أجدادنا وآلهتهم. وأسطورة إله الحياة والخصب الذي عبده أجدادنا وعنهم إستعارته الشعوب اليونانية والمصرية، الإله "تموز" الذي صارع إله الحرب واستشهد في معركة بطولية، هي مثال عن هذه الروايات.
وعلى مدى تاريخنا الغني بالعطاءات الحضارية الإنسانية كان الشهر السابع من السنة، والذي أطلق عليه السوريون اسم تموز إحياءً لذكرى إلههم الذي إستشهد من أجلهم، متلازماً مع مواجهات صراعية عبر فيها شعبنا عن بطولاته وعن إستعداده للفداء ذوداً عن كرامة الأمة وحقوقها.
المقاومة الوطنية ضد الاغتصاب الصهيوني انطلقت في تموز شهر الفداء وانطلقت معها العمليات الإستشهادية التي نفذت بمعظمها في الشهر ذاته (مثلاً عمليات الشهداء ابتسام حرب وخالد ازرق وعلي طالب وغيرهم) اقتداءً بشهيد الثامن من تموز الذي أعلن في الرابع من تموز عام 1949 ثورته القومية الاجتماعية الأولى ضد النظام الطائفي العفن في لبنان وضد التنين المتعدد الرؤوس... تنين الإرادات الأجنبية والصهيونية... تنين أنابيب النفط وتنين الإقطاعية والرأسمالية المادية...
كم نحن بحاجة اليوم، ونحن في شهر تموز، للتعبير عن قيم العطاء والبطولة والفداء وللإقتداء بسعاده وبما يمثّله من تعاليم ومبادىء وأخلاق جسّدها في أعماله وآلامه ومواقفه والتي كان اخرها وقفة العز، قمة عطاءاته وأسخاها...
كم نحن بحاجة للإقتداء بسعاده الذي نسي جراح نفسه ليضمد جراح أمته فنذر حياته في سبيل قضية هذه الأمة، قضية إنهاضها وإنقاذها من أمراضها وتخبطاتها..
وكم نحن بحاجة للإقتداء بسعاده الذي حارب الجبن والتخاذل والأنانية والحقد والبغض وكل أشكال السوء والفساد والفوضى المتفشية في طول البلاد وعرضها داعياً أبناء شعبه إلى التضحية والصراع والمحبة والبطولة والقضاء على الخيانة أينما وجدت..
نعم يا زعيمي ان شعبنا اليوم بحاجة ماسة إلى شدتك وقسوتك وإيمانك... ألم تكن متشدداً في المسائل الأخلاقية والنظامية ومنبِّهاً بان "كل نظام يحتاج إلى الأخلاق. بل ان الأخلاق هي في صميم كل نظام يمكن ان يكتب له ان يبقى"؟.
ألم تكن قاسياً بحق المخرّبين والمتطاولين على مصلحة الأمة معلناً بأنه: "لا بأس ان نكون طغاة على المفاسد"؟. ألم تكن قاسياً ايضاً بحق المشككين بقدرة الأمة وعظمتها والساقطين المتنازلين عن الصراع منذراً اياهم: "ويل للمستسلمين الذين يرفضون الصراع فيرفضون الحرية وينالون العبودية التي يستحقون"؟.
ألم تكن مؤمناً بحتمية الإنتصار، انتصار قضية الأمة قائلاً "لو شئنا ان نفر من النجاح لما وجدنا منه مفراً" شرط ان نستمر بالصراع، ولذلك إخترت الفداء طريقاً لهذا الإنتصار مردداً قبل إعدامك "ان موتي شرط لإنتصار قضيتي"؟.
شعبنا اليوم بحاجة ماسة إليك يا زعيمي الخالد، يا منقذ الأمة من ويلاتها وأمراضها وأعداءها. إنه بحاجة إلى فلسفتك الموحِّدة، إلى تعاليمك السامية، وإلى ثورتك التموزية الواعدة...
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :