هل يوقف مشهد الهاربين مسيرة الأعلام
قبل أن تبدأ الحرب بدأ المستوطنون بضبّ الشناطي والعودة الى بلدانهم .
هذه هي دولة العدو تموت بالحرب وتعيش بحالة اللا حرب واللا سلم ،
مبرر وجودها الاحتلال ووظيفتها تنفيذ إرادة من أوجدها ورعاها .
لم يكن بعض من أنشأها يعلم أن المجزرة لا تقتل إرادة الحياة ، وأن المدرسة لا تنزع الهوية وأن الوافدين لا يستطيعون فرض عاداتهم وتقاليدهم على السكان الأصليين ، وأن الجامعة لا تفرض ثقافة المُحتَّل ، وأن الطعام لا يغّيّر ملامح الناس
هذا الأحد هو يوم الخيارات الصعبة ، فقد وضع العدو بين خيارين كلاهما فيه خسارة كبيرة قد لا يستطيع تعويضها ولا يستطيع وقف تدحرج مفاعيلها التي ستزيد من كسر إرادته وتؤكد عجزه عن الاستمرار ولو ساندته الكرة الأرضية بكل ما تحويه من خيارات وسياسات وثقافات وجمعيات وأندية .
لن تكون المغامرة هذا الأحد بتنفيذ مسيرة الأعلام بمنأى عن مجموعة كبيرة من التأثيرات ومن النتائج التي لن تستطع دولة العدو من تحمُّلها ، وهذه المرة ليست كبقية المرات لأن كمّاشة التهديد من داخل فلسطين ومن رأس حربة حلف الممانعة ،المقاومة في لبنان قادر على إسقاط أبشع هزيمة بجيشها وناسها ، فهل هي قادرة على احتمال سقوط مئات الصواريخ على منازل ورؤوس المستوطنين ؟.وهذا ما يدفعنا للإعتقاد بأن دولة العدو بدأت التفتيش عن مخرج يقيها من إذلال التراجع وهزيمة الاستمرار .
هل تستطيع دولة العدو تجنّب كأس الحرب وكأس الذّل بخيار وسطي يمنع حملة الاعلام من الدخول الى المسجد الأقصى ويسمح لهم بمسيرات في الشوارع ويمنعهم من التعدي على أملاك الفلسطينيين . فتحويل القدس الى مدينة عسكرية يؤكد خوف العدو من ردة فعل فلسطينيي القدس أولا ومن ثم ردّة فعل القوى الفلسطينية والمقاومة إذا ما تجرّأ حملة الأعلام من القيام بأعمال تخريبية في المسجد الأقصى .
يصّب تحذير السيد حسن نصرالله لدولة العدو في خيار استبعاد الحرب ، وكبح هيجان حملة الأعلام ودولة العدو ، فالإذا الشرطية تحمل خطرا كبيرا على دولة العدو ، لذلك نستطيع اعتبار التحذير كخطوة تنبيهية لخطورة اللعب بالنار ، فهل تأخذ دولة العدو هذا التنبيه مضافا بالتحذيرات الصادرة من القوى الفلسطينية بعين الاعتبار ، وتضبط مسيرة الأعلام .
تحذير آخر جاء لحملة الأعلام والدولة من داخل بيئة العدو ، فمشهد تزاحم الناس في مطار بن غوريون قبل نهار الأحد أعطى العدو رسالة واضحة تفيد أن هذا الكيان الاصطناعي لم يعد يتحمل حربا جديدة ولو كانت بنتائج لا غالب ولا مغلوب كيف إذا كانت حربا طويلة تشير بنتائج تؤكد صمودنا وهزيمة العدو .
مسيرة الأعلام تضع العدو أمام حقيقة مرة .
هل تستطيع دولة العدو توريط الولايات المتحدة الأميركية في حرب مع المقاومة في فلسطين ولبنان ، تكون نتائجها فرض وقائعا جديدة تؤكد حاجتها الى زيادة في التنسيق تؤدي الى إنشاء شبكة حماية قوية تحمي الدولة والمستوطنين من خطر عمليات المقاومين الفلسطينيين وخطر المقاومة في لبنان التي أثبتت في أكثر من مرة تفوقا ليس في إعداد النفوس بل ايضا في تقنيات الحرب .
إن تصاعد العمليات ضد العدو وفشله في اقتحام مدينة جنين ، وما حصل في تأبين الشهيدة شيرين ابو عاقلة يؤكد حاجة العدو الى رسم خرائط اشتباك جديدة ، ونسج علاقات جديدة مع الشعب الفلسطيني يكون في طليعتها ابتكار اساليب قمع جديدة وأساليب قتل حديثة .
فشلت السلطة في حماية دولة العدو ، وفشل التنسيق الأمني في كشف خلايا المقاومة ، فاستشهاد نزار بنات على يد السلطة وعمليات القمع التي تمارسها على المواطنين لم تنل من عزم المقاومين ولا من إرادتهم ، لا بل فإن بعد الشهيد نزار بنات لم يكن كما قبله وأن بعد استشهاد شيرين ابو عاقلة ليس كما قبلها .
يوم الأحد يوم مفصلي في تاريخ الكيان والمنطقة ، يحمل مجموعة كبيرة من التوقعات والأسئلة .
يوم الأحد حدث في مسيرة يخسر فيه العدو في كل الخيارات ولا نربح نحن في كل الخيارات ،لأننا لا نملك قرار الحرب والسلم ولا نملك خريطة ما بعد انتهاء المعركة مهما كانت نتائج هذه المعركة ، نصرا كبيرا أو نصرا صغيرا ، والتجارب خاصة انسحاب دولة العدو عام ألفين وانتصارنا في حرب تموز عام 2006وفي سيف القدس ،علمّتنا أن النصر لا يكون في الحرب فقط بل النصر يكون في وقائع وخرائط ما بعد المعركة .
فبعد ان كسر لبنان حلمهم بقيام الامبراطورية ، ها قد بدأ ينكسر أملهم الاستمرار بالاحتلال . ولكن لم نتقدم نحو تحقيق حلمنا خطوة واحدة ولم نستطع تحويل أملنا الى وقائع .
هل تستطيع دولة العدو إشعال الحرب في المنطقة، في زمن الحرب الأوكروانية والحرب الصينية الأميركية ، وصعود نجم الروبل والعملة الصينية ومعاملة ايران لدول اوروبا وأمريكا معاملة الند للند، وزمن نجاح التطبيع مع دول الخليج .
كلها إشارات تؤكد استحالة اندلاع الحرب لكنها لا تلغي إمكانية حصولها ، لأنه لا يوجد قواعد لجنون العدو ، ولا لسياسات مُشغّليه
غدا يوم الأحد، قد يكون كبقية الآحاد، وبقية الأيام، وقد يكون يوما لا مثيل له في التاريخ الحديث .
هل يمنع ازدحام المستوطنين في مطار بن غوريون مسيرة الأعلام ؟
حدّد العدو يوما لأعلامه !
متى نحدد يوما لأعلامنا ؟
سامي سماحه
نسخ الرابط :