طغت المناخات الانتخابية في نهاية الأسبوع على ما عداها من ملفات سياسية، على رغم سخونتها، ومعيشية، على رغم صعوبتها ومأسويتها، وذلك بسبب اقتراب موعد إقفال باب تسجيل اللوائح من جهة، واقتراب موعد الانتخابات من جهة أخرى، حيث شهدت الأيام الأخيرة مزيداً من إعلان اللوائح وسط مهرجانات انتخابية عمّت لبنان من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.
وقال مواكبون للانتخابات النيابية لـ«الجمهورية»، انّ على الرغم من انّ المرحلة الفاصلة عن هذا الاستحقاق أصبحت على مسافة أسابيع قليلة جداً، وانّه على الرغم من ارتفاع منسوب الحماوة الانتخابية، فإنّ السؤال الأول الذي يواجَه به كل مرشّح: هل ستجري الانتخابات أم سيصار إلى تطييرها؟
وإذا كان قد بات من الصعب الإطاحة بالانتخابات، فإنّ النزاع يشتدّ بين محور موحّد تحت عباءة «حزب الله» يريد الاحتفاظ بالأكثرية النيابية، وبين محور آخر مشتّت الصفوف، ولكن موحّداً في الموقف ويريد انتزاع هذه الأكثرية، ولا مؤشرات إلى اليوم عن مفاجآت تؤدي إلى قلب الطاولة، حيث انّ معظم المناخات تتحدّث عن عودة التوازنات نفسها مع فوارق بسيطة، ولكن مع احتمال وحيد يمكن ان يظهر في الانتخابات، وهو ان تشكِّل الفئة اللبنانية الصامتة موجة شعبية غير متوقعة على غرار انتفاضة 17 تشرين التي فاجأت كل الأوساط.
ومن هذا المنطلق، فإن النتائج غير محسومة لسبب أساس، وهو انّ الانتخابات تجري بعد انهيار غير مسبوق انعكس على طبيعة عيش كل مواطن لبناني، وبعد ثورة مليونية وحّدت اللبنانيين في كل الساحات، وهذا ما لا يجب الاستهانة به، فيما الإحصاءات تقارب الأرقام من وجهة علمية واستناداً إلى مواقف معلنة، ولكنها لا تستطيع توقُّع تسونامي انتخابي يرفع نسبة التمثيل ويقلب نتائج الانتخابات رأسا على عقب.
وفي حال بروز موجة شعبية غير متوقعة في الانتخابات، لأنّ الانهيار الذي أصاب البلد غير مسبوق، فإنّ النتيجة ستكون محسومة على حساب الأكثرية الحالية، ما يعني نشوء أكثرية جديدة وازنة لن يكون من السهل تعطيلها وشلها، حيث انّ إسقاط انتفاضة 14 آذار لم يحصل بين ليلة وضحاها، كما انّ فرملة مفاعيل انتفاضة 17 تشرين لم يحصل بسحر وساحر، فيما الانتفاضة الأولى بدّلت في ميزان القوى الداخلي، والانتفاضة الثانية فرضت إيقاعها بطريقة تأليف الحكومات، وبالتالي لا شك انّه في حال ولّدت الانتخابات انتفاضة جديدة فستفرض إيقاعها وديناميتها.
وما يدفع إلى توقّع مفاجآت، الدعوات الكثيفة إلى الاقتراع من المراجع الروحية، تحديداً التي تعتبر انّ الانتخابات يجب ان تشكّل مناسبة للتغيير الفعلي، وحضّ الناس على ممارسة دورها ومسؤولياتها، وتحميلها الفريق الحاكم مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد.
وفي انتظار ما ستفرزه الانتخابات النيابية سواء بأكثرية بسيطة لهذا الفريق او لذاك، او بمفاجأة شعبية غير متوقعة، فإنّ الأنظار بدأت تتركّز على مرحلة ما بعد 15 أيار، لكونها المرحلة التي يبدأ العدّ العكسي فيها للانتخابات الرئاسية.
غربال الترشيحات ومنخل اللوائح
وقبل ساعات قليلة على إقفال باب تسجيل اللوائح التي ستخوض غمار الانتخابات النيابية المقبلة، تَلاحَق إعلان اللوائح واتخاذ الصور التذكارية، قبل انطلاق السباق إلى ساحة النجمة عند فتح صناديق الاقتراع في 15 ايار المقبل. وعند بزوغ فجر غد الثلثاء، ستسقط أسماء متعدّدة من المرشحين ممن تجنّبوا الوقوع في غربال آخر مهلة لسحب الترشيحات فجر 31 آذار الجاري ليسقطوا من منخل اللوائح الانتخابية.
إتفاق إطار
من جهة ثانية، يعقد وفد صندوق النقد الدولي الذي يزور لبنان، اجتماعاً اليوم مع الهيئات الاقتصادية، في إطار المشاورات التي يجربها مع عدد من القطاعات، على هامش المفاوضات التي تدور في بيروت بينه وبين الجهات الرسمية، سعياً للتوصل الى اتفاق إطار قبل الانتخابات النيابية، التي سيصبح دور الحكومة بعدها مقتصراً على تصريف الأعمال.
وأبلغت اوساط اقتصادية مواكِبة لاجتماعات وفد صندوق النقد الى «الجمهورية»، انّ على لبنان ان يحقق 5 أمور حيوية، حتى ينال الرضا الذي من شأنه ان يمهّد لمدّه بالأموال وهي:
- إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول.
- وضع خطة التعافي الاقتصادي.
- إقرار مشروع الموازنة العامة.
- تعديل قانون السرية المصرفية.
- إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
ولفتت الاوساط، إلى انّ المساعدات المالية من الصندوق ستأتي، إذا حصل الاتفاق النهائي، على مراحل عدة وليس مرة واحدة، بحيث انّ كل دفعة ستكون مرتبطة بتحقيق جزء من الإصلاحات المتفق عليها.
توزيع الخسائر
وفي معلومات لـ«الجمهورية»، انّ الوفد الذي لا يرغب بكثير من الكلام عن النقاط التي يواصل البحث فيها مع الوفد المفاوض والمسؤولين اللبنانيين، قطع شوطاً بعيداً على طريق التأسيس لخطة التعافي الاقتصادي والمالي، من دون التوصل الى صيغة نهائية بعد على مستوى العناوين الأساسية، ومنها طريقة توزيع الخسائر بين الأطراف الاربعة المعنية بها، وهي: الدولة اللبنانية ومصرف لبنان المركزي والمصارف، والمودعون كل حسب مسؤولياته، إزاء ما أدّت تصرفاته وقراراته الى الأزمة الحالية.
وعلى هذه الخلفية قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الاجتماع نهاية الاسبوع الماضي مع جمعية مصارف لبنان لم يكن نهائياً، نتيجة المواقف المتضاربة بين نظرة الوفد ومطالب المصارف لجهة طريقة توزيع الخسائر، والمطالبة بوضع اليد بأي شكل من الأشكال على ممتلكات الدولة اللبنانية ومؤسساتها التي يمكن ان تشكّل مورداً لتعويض الخسائر المالية عبر استثمارها او تخصيصها بأكثر من وسيلة لتجميع مواردها وتعويض الخسائر اللاحقة بكل من مصرف لبنان وأصحاب المصارف والمودعين معاً.
مواقف
على صعيد جديد المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من بكركي، أنّ «شعبنا اللّبناني النّاخب يحتاج لأن يستمدّ النّور الإلهي، لكي يحسن اختيار مَن هُم الأفضل، لإحداث التّغيير المنشود، ومَن هم مخلصون للبنان دون سواه، ومخلصون لشعب لبنان»، موضحًا أنّ «قيمة الانتخابات في المجتمعات الدّيموقراطيّة، أنّها مناسَبة للشّعوب لتغيير واقعها نحو الأفضل. أن ننتخب يعني أن نغيّر، وأن نقترع يعني أن نختار الأفضل». ولفت إلى أنّه «إذا كانت الانتخابات ركيزة الديموقراطيّة عندها، فلا يجب أن تكون الشعبويّة ركيزة الانتخابات». وركّز على أنّ «الجدير بالمرشّحين أن يحدّثوا اللّبنانيّين عن مشاريعهم الإصلاحيّة الممكنة، بدل التّراشق غير المجدي الّذي «شبعنا منّه»، داعيًا إلى أن «يبادر الشّعب بكليّته إلى انتخاب الأفضلين، إذا أراد حقًّا التّغيير وإصلاح الواقع، وهذا لا يتمّ إذا ظلّ المواطنون في بيوتهم والانتخابات جارية». وأشار إلى أنّ «انتخابات نيابيّة ناجحة في إجرائها ونتائجها، هي ضمانة لنجاح انتخاب رئيس جديد لرئيس الجمهوريّة، رئيس يكون على مستوى تحدّي النّهوض بلبنان». وشدّد على أنّ «على الحكومة الإسراع في إجراء الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة، لأنّ سرعة الانهيار تفوق بكثير بطء الإصلاحات. وأسطع مثال على بطء الإصلاحات، هو قانون «الكابيتال كونترول»، الّذي كان ينبغي أن يحصل عام 2019، ويحاولون اليوم تمريره بعدما فرغت صناديق المصارف».
عوده
ولفت متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس، المطران الياس عوده، خلال ترؤّسه خدمة القدّاس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، أنّ «على الشّعب ألّا يخضع للتّرهيب ولا يضعف بسبب الوعيد أو التّجويع والضّغوط الحياتيّة المتزايدة، وألّا يتخلّى عن التمسّك بإجراء الانتخابات في موعدها»، مشيرًا إلى أنّ «قوّة الشّعب تكمن في صوته الحرّ، إذا مارس حقّه الدّستوري بشفافيّة وحريّة، بعيدًا من الرّشوة والتبعيّة، واضعًا نصب عينيه خلاص البلد أوّلًا».
وركّز المطران عوده على أنّه «إن لم يبتعد شعبنا عن العصبيّات الطّائفيّة والحزبيّة، لن يقوم وطننا من الحفرة الجهنميّة، وسيبقى ذوو السّلطة متحكّمين برقاب النّاس اقتصاديًّا وماليًّا وثقافيًّا وتربويًّا. لا تكونوا مشاركين في تنفيذ حكم الإعدام بحقّ هذا البلد، الّذي كان قبلة أنظار العالم أجمع لتنوّعه الاجتماعي، ورقيّه الثّقافي، ورفعة قطاعه الطبّي، وإبداع أبنائه الّذين لمعوا في العالم بأسره وكانوا روّادًا في شتّى المجالات». وتوجّه إلى المواطنين قائلًا: «حكّموا ضمائركم، وابتعدوا عمّن يستزلمكم ويستعبدكم ويحاول شراءكم واستغلال أصواتكم. تذكّروا ودائعكم المنهوبة، وبيوتكم المخروبة، ومصيركم الغامض».
«حزب الله»
وأكّد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، خلال لقاء سياسي حواري نظّمه «حزب الله» في بلدة الغازية الجنوبية: «أننا قادرون وقد هزمنا إسرائيل في حين عجزت جيوش مجتمعة أن تهزمها، وأسلحة الانظمة العربية صدأت في المخازن واستُخدمت في الداخل للظلم والقمع وليس ضدّ العدو، كرمى عيون الأميركي، في حين قدّم الروس عرضاً لبناء معمل كهرباء من دون أن ندفع أي ليرة لبنانية، ويستثمرونه 26 سنة ويعيدونه للدولة بكامله، لكن ممنوع أن نقبل، لأنّ أميركا تريد ذلك، خوفاً على المناصب والمصالح الخاصة، والأسوأ هو تدخّل السفيرة الأميركية المباشر في صياغة البيان، ويقولون هيمنة «حزب الله» على البلد، هذا كلام كذب، نحن لا نهيمن ولا نفرض على احد». وقال: «نحن نريد الشراكة معكم ولا أحد يمكنه الحكم وحده، حتى لو طال رأسه السماء، فطبيعة لبنان وتركيبته الطائفية تفرض التوافق، وإذا لم نتفاهم في ما بيننا سنظل نعاني مشكلات اقتصادية وإنمائية وإنتاجية، ليس لدينا فرص عمل لأننا لسنا منتجين، والسلطة علّمت الناس على الكسل والاقتصاد الريعي وفوائد البنوك». وأضاف: «نحن متفائلون رغم كل المشكلات، لأنّ الأسباب والحلول معروفة، وطريق الحل اولاً تكوين حكومة لديها برنامج مدروس لمصلحة الناس وليس وفق شروط هذه الدولة او تلك. أما بالنسبة الى انتخاب الرئيس فمن مصلحة الجميع التوافق عليه».
تحرّك أوكراني
وفي جديد الحراك الديبلوماسي، يزور سفير أوكرانيا في بيروت إيهور أوستاش الحادية عشرة قبل ظهر اليوم وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، في خطوة وصفت بأنّها في إطار حملة ديبلوماسية تخوضها الحكومة الأوكرانية للكشف عن المجازر المرتكبة في بلاده.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ اوستاش طلب موعداً لإبلاغ لبنان بآخر التطورات على الساحة الاوكرانية، وشرح موقف بلاده من مساعي وقف اطلاق النار والمبادرات التي أُطلقت لوقف الغزو الروسي وما انتهت اليه العملية العسكرية في ضواحي كييف، وخصوصاً في مدينة بوتشا والمجازر التي ارتُكبت فيها، على خلفية اتهام الجيش الروسي بارتكاب مجازر إنسانية بعدما تمّ العثور على مجموعات من جثث المدنيين في مقابر جماعية واكتشاف مقتلهم برصاصة واحدة في الرأس.
كورونا
على صعيد عدّاد الإصابات بجائحة كورونا فإلى مزيد من التراجع، حيث أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس، حول مستجدات الفيروس تسجيل 188 إصابة جديدة (188 محلية وصفر وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 1092995 اصابة. كذلك سجّل التقرير 3 حالات وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 10314 حالة.
نسخ الرابط :