افتتاحية جريدة البناء
عمليّة فدائيّة قرب حيفا: مقتل شرطيّين وأربعة جرحى والبطلان الشهيدان من أراضي الـ 48 / زلّة لسان بايدن عن إطاحة بوتين تكشف النوايا الأميركيّة… واجتماع النقب يفضح ارتباك الحلفاء / عبد اللهيان: نؤمن حاجات لبنان من الطحين والمازوت والغاز واستجرار الكهرباء بالليرة اللبنانيّة /
فاجأت فلسطين كما دائماً بصناعة الخبر الأول، وخطفت الأضواء من اجتماع النقب التطبيعيّ الذي كان يجري الإعداد لعقده ليكون حدث المنطقة بجمع وزير خارجية كيان الاحتلال يائير لبيد، يومي الأحد والاثنين، بوزراء الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والمصري سامح شكري، والإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، والبحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، والمغربي ناصر بوريطة.
الاجتماع الذي قالت عنه صحافة الكيان إنه حدث غير مسبوق في المنطقة سقط بالضربة القاضية مع العملية الاستشهادية البطولية التي نفذها فدائيان فلسطينيان من الأراضي المحتلة عام 1948 وفقاً لتحقيقات شرطة الاحتلال، خرجا مجهّزين كل ببندقية ومسدس ليستهدفا عناصر شرطة الاحتلال بالرصاص فيقتلان اثنين من عناصر الشرطة ويصيبا أربعة بجراح قبل أن يُستشهَدا.
العملية التي أربكت قيادة الكيان، اربكت المشاركين في اجتماع النقب الذين سارعوا لإدانة العملية الفدائية، بينما هم يتشاركون مع قيادة الكيان الارتباك أمام الانكفاء الأميركي على الساحتين الدولية والإقليمية، بينما تتقدم قوى المقاومة، وحلف مواجهة الهيمنة الأميركية، بحيث بدت أحداث أوكرانيا تعبيراً عن العجز الأميركي عن توفير الحماية للحلفاء، كما بدا الذهاب الأميركي نحو العودة للاتفاق النووي مع إيران، التي يحملها بلينكن لحلفائه كخبر غير سعيد لهم، طالما ان مطالبهم لم تؤخذ بالحساب، بحيث صار عنوان المرحلة بالنسبة للجميع أن يفعل كل منهم ما يجنبه المزيد من الخسائر، ولذلك يبدو اجتماع النقب للمأزومين طلباً لمقايضة تمرير العودة الأميركية للاتفاق النووي بالنسبة لواشنطن، مقابل التنصل من المشاركة في العقوبات على روسيا تفادياً للخسائر بالنسبة لحلفائها، كل في ميدان.
الارتباك الأميركي ظهر في الكلمة التي ألقاها الرئيس الأميركي جو بايدن في بولندا، والتي كان يعوّل عليها الأميركيون ان تشكل صياغة للخطاب الرسمي الأميركي نحو الأوروبيين والأوكرانيين وأعضاء حلف الناتو في مواجهة الصعود الروسي، ففاجأتهم زلة لسان بايدن بالدعوة لإسقاط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فتتحوّل الفرصة الى مأزق، ويمضي المستشارون الرئاسيون وقتهم ويبذلون جهدهم لتفسيرات وتأويلات وتبريرات لامتصاص نتائج الكلام غير المسؤول الصادر عن بايدن، ولكن بعد أن كشفت زلة اللسان حقيقة التفكير الأميركي نحو روسيا، ووفقاً للواشنطن بوست فإن عبارة بايدن لم يكن مخططاً لها وكانت مفاجئة للمسؤولين الأميركيين. وفي أعقاب التصريح مباشرة، سارع المراسلون للبحث على مساعدي بايدن للحصول على توضيح بشأن الرئيس الذي يدعم – على ما يبدو – تغيير النظام في روسيا. لكن مساعدي بايدن اعترضوا، ورفضوا التعليق في أثناء مسارعتهم لصياغة رد».
لبنانياً، كانت زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان مليئة بالمضامين التي حملتها العروض التي أعلنها أمام المسؤولين اللبنانيين، وتحدث عنها في لقاء صباحي يوم الجمعة مع عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية، وتضمنت بالإضافة لعرض إنشاء معامل للكهرباء، الاستعداد لتغطية سريعة لحاجات لبنان من الطحين والمازوت والغاز واستجرار الكهرباء بواسطة شبكة الربط مع العراق وعبر سورية، وقبول التعامل التجاري بين لبنان وإيران بالريال الإيراني والليرة اللبنانية.
تنطلق يوم غد الثلاثاء جولة جديدة لوفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين، بهدف استكمال البحث بخطة التعافي الاقتصادي والمالي، التي على أساسها يفاوض لبنان لمساعدته على الخروج من أزمته. ويسبق ذلك اجتماع اللجان المشتركة اليوم للبحث في مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي وضع على جدول اعمال الجلسة العامة يوم غد الثلاثاء. ويهدف المشروع وفق الصيغة الجديدة إلى «إدخال ضوابط على عمليّات التّحاويل إلى العملات الأجنبيّة بشكل شفّاف لمنع المزيد من تدهور سعر الصّرف، لحماية احتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبيّة، ولاستعادة السّيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه». ويقترح إنشاء لجنة خاصّة مؤلّفة من وزير الماليّة، وزير الاقتصاد والتّجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير. وتكون هذه «اللّجنة» «مسؤولة عن إصدار التّنظيمات التّطبيقيّة المتعلّقة بهذا القانون، بشكل خاص ما يتعلّق منها بحظر نقل الأموال عبر الحدود وبالتّحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري وبعمليات القطع، وتحديد سقوف للحسابات النّقديّة وبإعادة الأموال المتأتّية عن عائدات الصّادرات، وغيرها من التّدابير». كما ينصّ على أنّ السّحوبات النقديّة من الحسابات المصرفيّة كافّة، باستثناء حسابات الأموال الجديدة، تخضع لقيود تحدّدها «اللّجنة». ويجب أن تسمح هذه القيود بسحب ما لا يزيد عن ألف دولار أميركي للفرد الواحد شهريًّا، بالعملة الوطنيّة أو بالعملة الأجنبيّة، وفق ما تحدّده اللّجنة. وفي ما خص فتح حسابات مصرفية جديدة، وبحسب الصيغة المقدّمة يحظر على المصارف فتح حسابات مصرفية جديدة، كما يحظر عليها إضافة شركاء إلى حسابات قائمة، كما يحظر تفعيل الحسابات الراكدة.
واعلن مكتب نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي أن الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي تواصلت خلال هذا الأسبوع وتركزت بمعظمها على مشروع قانون «الكابيتال كونترول» لأخذ رأي الصندوق وملاحظاته، بناء على طلب أعضاء مجلس النواب.
وقال البيان: خلال الأسبوع الماضي أيضاً دعا نائب رئيس الحكومة إلى اجتماعات استشارية لمناقشة الخطوط العريضة لخطة التعافي الاقتصادي والمالي والتي على أساسها يتمّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ولهذه الغاية عقدت ثلاثة اجتماعات مع ممثلين عن المودعين ونقابة العمال ونقابات المهن الحرة ومع مجموعة من الاقتصاديين وخبراء في الشأن المالي ومع ممثلين عن الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف.
وأكّد المكتب أن هذه الاجتماعات كانت مفيدة للغاية وستؤخذ بالاعتبار الملاحظات والاقتراحات التي قدمت في هذه الاجتماعات لمناقشتها مع بعثة صندق النقد الدولي التي ستبدأ عملها في بيروت الأسبوع المقبل.
وفي سياق متصل، تتّجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء الأربعاء والتي لم تُحسم بعد مشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في هذه الجلسة، خاصة أن الاخير سوف يمثل بموجب مذكرة إحضار، أمام المحقق العدلي نقولا منصور في جبل لبنان يوم الخميس المقبل. ويبحث مجلس الوزراء، بحسب ما علمت «البناء» في أزمة المحروقات وكيفية التعاطي مع هذه الأزمة من قبل مصرف لبنان والشركات المستوردة للنفط فضلاً عن ضرورة تأمين الدعم لشراء القمح مع الإشارة إلى أن النزاع المصرفي القضائي سيأخذ حيزاً مهماً من الجلسة نظراً لتداعياته الخطيرة على الواقع المالي والاقتصادي.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اختتم زيارته الى قطر أمس، باجتماع عقده مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، عشية وصول وفد رفيع من الصندوق الى بيروت اليوم لاستكمال البحث مع الحكومة في برنامج التعاون الإصلاحي مع لبنان.
وبحث ميقاتي مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية باتريك بويانيه مسار الاتفاق المتعلق بين لبنان وتوتال للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، والعراقيل التي تؤخر بدء التنقيب. كما تطرق البحث الى موضوع قرار لبنان إجراء مناقصة لاستدراج عروض لإنشاء محطة لتسييل الغاز في الزهراني.
وفيما شارك ميقاتي في الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى الدوحة»، التقى على هامشه عدداً من المسؤولين العرب والدوليين، أبرزهم أمير قطر تميم بن حمد ووزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح. وقال ميقاتي إن لبنان بحاجة الى رعاية عربية كهذه، وقطر الى جانب لبنان وستعيد كل الدول العربية ودول الخليج بالذات علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن بحاجة الى هذا الاحتضان العربي لوطننا». واعتبر أن «ما جرى في الفترة الماضية كان غيمة صيف ومرّت وستزول مع الزيارات التي سيقوم بها الى الدول العربية، ومع إعادة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج الى طبيعتها، ونحن بحاجة الى هذه العلاقات خاصة مع المملكة العربية السعودية».
ولفت الى أن «الشيخ تميم يعي تماماً المشكلات في لبنان وهو الى جانب لبنان ووعد أنه خلال الاسابيع المقبلة فإن وزير الخارجية القطري سيزور بيروت ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان».
والتقى ميقاتي المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي ورئيس الوفد الايراني الى «منتدى الدوحة» وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي.
أما البطريرك الماروني بشارة الراعي فقال أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقاً. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل».
الى ذلك بدأ وفد من مجموعة العمل الاميركية حول لبنان American task force on Lebanon برئاسة السفير أد غبريال زيارته لبنان فالتقى البطريرك الماروني. وقد تناول البحث الاوضاع العامة في لبنان «ولا سيما الحالة الاقتصادية المتدهورة، الانتخابات النيابية المقبلة، وسبل دعم القضية اللبنانية»، على ان يلتقي اليوم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى.
وفي الشأن الانتخابي، شدّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، على ضرورة أن «نعمل على وصول كل نوابنا، وأن لا يخسر أحد منهم، وأن نعمل على الحصول على الأغلبية»، واصفاً الانتخابات النيابية بأنها «أهم معركة سياسية في لبنان».
كما اكد نصر الله، خلال لقائه أمس، الماكينات الانتخابية التابعة للحزب، على أهمية «دعم حلفائنا كي تبقى الأغلبية (بيدنا)»، عازياً ذلك إلى «أنهم مش ناويين عالخير»، مستشهداً بـ»أنهم اليوم يخوضون المعركة في جبيل بعنوان تغيير هوية المنطقة، هل مشكلة المنطقة هي مرشح الحزب؟ أم المازوت والوضع المعيشي؟».
وأشار إلى أن «اللوائح التي سنعلن عنها لا تتّسع لكلّ الأصدقاء»، مستدركاً بأنه «يجب أن لا نخسر أصدقاءنا في الحملة الانتخابية، لا نفسياً ولا معنوياً ولا أخلاقياً»، مبيّناً أنه «يجب أن ننتبه للوائح الأصدقاء، مع عدم المجاملة بالانتخاب، نصوّت للوائحنا ولا نخون، وعدم استعداء واتهام وتشكيك بلوائح الأصدقاء».
وتؤكد مصادر مطلعة على أجواء حزب الله لـ «البناء» أن الحزب يعمل على فوزه وحلفاءه في الانتخابات النيابية، لما يمثل هذا الفوز من انتصار للخيارات السياسية الوطنية لحزب الله وحلفائه، في حين أن جهات خارجية تعمل على دعم مرشحين في الطرف الآخر معادين للمقاومة وينفذون اجندتها. واعتبرت المصادر ان هذا الواقع يفرض على الحزب العمل على جمع حلفائه من أجل الانتصار للخط الذي يمثله الحزب.
رأى النائب الياس بوصعب أن مشهد المنطقة يظهر ان الأمور ذاهبة باتجاه حلحلة وأنا أشجع وارحب بالمبادرة الكويتية التي تعتبر بداية طريق وأية ملاحظة فيها لا يجب ان تؤدي لرفض المبادرة.
وقال بوصعب في حديث تلفزيوني: «نحن محكومون بعلاقة جيدة مع الدول العربية بدءاً من سورية وصولاً لدول الخليج»، لافتاً الى أن «المبادرة الكويتية هي عربية خليجية أممية وتستند على قرارات دولية وفي ما يتعلق بالسلاح، فلبنان يطرح استراتيجية الدفاع التي لا تعالج الا بالحوار». وتطرق بوصعب الى كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، واعتبر أن بيان ميقاتي كان مشجعاً، مؤكداً أن ما تريده دول الخليج هو ان يتصرف اللبنانيون بأفعال لا أقوال او وعود. وشدد على أن لبنان لا يجب ان يكون بمحور ضد آخر والافضل ان يكون دولة حيادية بمعنى النأي بالنفس عن الصراع في الإقليم. وأعلن بوصعب أننا تبلغنا منذ أسابيع من سفراء اوروبيين ان لبنان قد يكون من المستفيدين مما يحصل بالمنطقة ولا سيما بموضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وقد يصل المبلغ الذي قد نحصل عليه بموجب هذا التفاوض لـ ٧ او ٨ مليارات دولار. وفي سياق آخر، كشف أن «المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين لم يحدد أصلاً زيارة إلى لبنان ليلغيها، كما اُشيع».
-----------------------------------------
افتتاحية جريدة الأخبار
عقيقي استبق طلب القوات ردّه عن الملف: ما مصير الادّعاء على سمير جعجع؟
الأسبوع الماضي، ادّعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بجرائم التحريض على القتل ومحاولة القتل وتشكيل عصابة مسلحة وإثارة النعرات الطائفية في مجزرة الطيونة التي أسفرت عن سقوط 7 شهداء برصاص عناصر من الجيش وآخرين من القوات في 14 تشرين الأول الماضي، طالباً إبلاغ جعجع بموعد الجلسة لحضورها وتوقيفه. إلا أن شيئاً من هذا لم يحصل بعد لأنّ أياً من الأجهزة الأمنية لن يتحرك لتنفيذ هذا القرار القضائي.
-------------------------------
صنعاء للرياض: كفى مكابرة
أطلقت صنعاء، عشية انعقاد مشاورات «الرياض الثانية»، مبادرةً جديدة تقضي بالوقف الأحادي للتصعيد العسكري، ممهلةً المملكة ثلاثة أيام للردّ عليها. مبادرةٌ يُتوقَّع أن يكون مصيرها كسابقاتها، خصوصاً في ظلّ اشتغال السعودية على عرقلة أيّ مسعى لا يرمّم إخفاقاتها في اليمن، على رغم ما يمكن أن تتكبّده في ما لو نفّذت حركة «أنصار الله» تهديدها بضربات ستكون «أقوى من سابقاتها». مع هذا، تركن الرياض إلى الورقة النفطية في ظلّ انشغال حلفائها بالحرب الدائرة في أوكرانيا، محذّرةً، مَن يعنيهم الأمر، من الأضرار التي يمكن أن تصيب سوق الطاقة العالمية، إذا واصلت صنعاء استهداف صناعتها
----------------------------------
«كابيتال كونترول» يهبط بالـ«باراشوت» على اللجان المشتركة
في الأيام القليلة الماضية، جرى التداول بصيغة جديدة لاقتراح قانون يهدف إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة، من دون أن يحمل أي توقيع. لكن جهات متقاطعة لفتت إلى أن البصمات الأساسية فيه تعود إلى نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، فيما أكدّت مصادر قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «القانون هو نتاج المفاوضات مع صندوق النقد وبالتوافق معه على تفاصيله، وبناء على توصية من الصندوق بالتركيز على مسألتين: ضبط الإنفاق لناحية خفض الاستيراد والاستهلاك، وإبقاء هامش من المرونة في القانون يسمح بإدخال تعديلات عليه وبالتعامل مع حالات وصفها الصندوق بالخاصة». يومها سُجلّت الملاحظات خلال الاجتماعات باللغة الإنكليزية، بحسب المصادر، إلا أن «ترجمة النص إلى العربية حوّرت بعض النقاط وأفضت إلى مغالطات أبرزها تلك المتعلقة بالصادرات، لذا عمل الشامي بالتعاون مع فريق من مستشاري ميقاتي في اليومين الماضيين على إعداد مسودة معدلة سيجري توزيعها على النواب قبيل جلسة اللجان المشتركة اليوم».
---------------------------------------------
افتتاحية صحيفة النهار
“الكابيتال كونترول”: تمرير في اللحظة “القاتلة”؟
من مفارقات السياسات الحكومية والسياسية والنيابية والمالية ان يدفع بنسخة جديدة لمشروع “#الكابيتال كونترول” الى مجلس النواب في اللحظة الأخيرة “القاتلة”، إذا صح التعبير، من عمر هذا المجلس الذي يتأهب لعقد جلسته التشريعية الأخيرة على الأرجح قبل الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل. لحظة بالغة الحرج في ظروف البلاد التي أدى تأخير تشريع قانون الكابيتال كونترول منذ اكثر من سنتين الى تفاقم مخيف في ازمتها المالية والمصرفية والاقتصادية ، وحين احتدمت المواجهة الحادة الأخيرة والمفتوحة على فصول تصعيدية متعاقبة بين بعض القضاء والمصارف استفاق “المسؤولون المتنورون” على ان المسبب الأخطر في بلوغ الازمة هذا المبلغ من الخطورة والمواجهات هو التخلف المتواصل عن إقرار قانون الكابيتال كونترول ، وزاد عامل الالحاح الحاحا ان بعثة صندوق النقد الدولي تعود غدا الثلثاء الى بيروت لاستئناف المفاوضات مع الفريق الحكومي اللبناني حول خطة التعافي الاقتصادي وموجباتها ومتطلباتها الإصلاحية وفي مقدمها الكابيتال كونترول الذي يدرجه صندوق النقد الدولي في أولويات مطالبه واشتراطاته لدعم لبنان. مع كل هذه العوامل سطرح المشروع الجديد اليوم امام اللجان النيابية المشتركة في محاولة حثيثة للتوصل الى إخراجه من معجن اللجان بصيغة توافقية بين الكتل تتيح تمريره غدا في الهيئة العامة للمجلس والا سيسقط حكما اليوم وستقفل الطريق على اقراره ضمن ولاية هذا المجلس وسيرحل تاليا إقرار جانب من الحل الأساسي للازمة المالية المصرفية الى ما بعد الانتخابات النيابية.
والمشكلة ان المشروع الجديد جاء ملتبساً طارحاً أكثر من علامة استفهام ليس حول توقيته فقط، وقد بات واضحاً ارتباطه بالمواجهة القضائية كعنصر مهم لتهدئة الشحن والاحتقان والاستغلال الشعبوي في زمن انتخابي، وإنما أيضا حول مضمونه المثير لكثير من المحاذير والطريقة التي طُرح بها. وأبرز هذه المحاذير تتصل بحقوق المودعين كما لا يخلو بند من بنود المشروع من الشكوك ولا سيما حول المادتين ٧ و٨ ومنه. فالمادة الثامنة تجيز انشاء لجنة خاصة مؤلفة من وزيري المال والاقتصاد وحاكم المصرف المركزي ويرأسها رئيس الحكومة، وتكون مسؤولة عن إصدار التنظيمات التطبيقية كافة المتعلقة بهذا القانون، ولا سيما ما يتصل بحظر نقل الأموال عبر الحدود او بالتحويلات ومدفوعات الحساب الجاري والقطع وتحديد سقوف الحسابات النقدية وبإعادة أموال الصادرات وغيرها من التدابير الخاصة المتعلقة بسعر صرف العملات الأجنبية، كما يعود للجنة صلاحية منح إعفاءات محددة حول القيود المفروضة بموجب هذا القانون وتكون قراراتها ملزمة ونهائية. أي ان المشروع ناط صلاحيات مطلقة بلجنة وليس ببنود واضحة، واضعاً المودعين أفراداً ومؤسسات تحت احكامها بما ترتبه هكذا صلاحيات من استنسابية في التطبيق. اما المادة السابعة فاعتبرت بانها تشكل رصاصة رحمة للقطاع الصناعي، الذي استثنيت عائدات صادراته من اعتبارها أموالاً طازجة. حيث اعتبرت المادة ان الأموال المتأتية من عائدات التصدير لا تعتبر جديدة ويعود للجنة تقرير كيفية استخدام العملات الأجنبية الناتجة عن عائدات التصدير، كما يعود للجنة ان تحدد الشروط والاحكام الخاصة المتعلقة بالعائدات المالية للصادرات وطريقة تسويتها بموجب تعميم يصدره المصرف المركزي لهذه الغاية.
ولكن النائب نقولا نحاس كشف ان العمل لا يزال مستمراً على عدد من البنود الواردة في المشروع والتي تخضع لتعديلات لإحالته بصيغة معدلة نهائية الى المجلس اليوم. وتأخذ هذه التعديلات في الاعتبار الملاحظات والاعتراضات المقدمة على الصيغة – المسودة المقترحة. كما علم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ولدى مراجعته من قِبل جمعية المصارف رفض السير بأي مشروع لا يراعي حقوق المودعين، على غرار الصيغة المقترحة. وكشفت أوساطه انه سيستمع الى ملاحظات النواب وسيواجه بين تلك الملاحظات وما سمعه من الهيئات المعترضة للوصول الى صيغة ترعى حقوق المودعين في الدرجة الاولى، انطلاقاً من التوافق المشترك بينه وبين ممثلي صندوق النقد الدولي الذين زاروه قبل فترة قصيرة حيال هذه النقطة.
وهاجم رئيس لجنة المال النائب ابرهيم كنعان مسودة الكابيتال كونترول المتداولة وقال لـ”النهار” ان “هذا المشروع كما هو لا يجب أن يمرّ في اللجان، ولكن الاهم أن لا يمر في الجلسة التشريعية غدا الثلثاء. وركز انتقاده على الصلاحيات التي أعطيت للجنة “فهي التي ستتحكم بكل القرارات القضائية والمالية والنقدية لمدة 5 سنوات قابلة للتمديد بقرار من مجلس الوزراء وليس بتعديل قانون… بمعنى آخر سيكون عمر هذه اللجنة مديدا وتاليا فإن اموال الناس ستذهب أدراج الرياح”.
ميقاتي وقطر
وفي غضون ذلك عاد امس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من زيارته لقطر حيث شارك في الجلسة الافتتاحية لـ”منتدى الدوحة” والتقى امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس وزراء قطر الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز ال ثاني. وإذ شدد ميقاتي مجددا على انتماءَ لبنان العربي قال “نحن بحاجة لرعاية عربيّة، فالفراغ لا يسدّه إلا من أخطأ بخصوص لبنان، ولكنّنا نعي تماماً أنّ قطر إلى جانبنا وكلّ الدول العربية ودول الخليج خصوصاً ستُعيد علاقاتها مع بلدنا ونحن بحاجة لهذه التطورات”. وكشف أنّ وزير الخارجية القطريّة سيزور لبنان قريباً. وأشار ميقاتي إلى أنّ “الحكومة تسعى جاهدةً لإعادة التعافي إلى الاقتصاد اللبناني وسيظهر ذلك قريباً”. وقال إنّه من المتوقّع أن تزور بعثة صندوق النقد الدولي لبنان هذا الأسبوع.
مواقف الراعي
اما في المواقف من التطورات السياسية والقضائية الأخيرة فبرزت أمس المواقف النارية الجديدة التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والتي اكتسبت دلالات بالغة الأهمية بعد معالم حملة إعلامية “ممانعة” طاولته أخيرا. وقد سأل الراعي في عظته أمس: “إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان؟ لا، إن حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان. حذار من المس به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته، إن التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها”. وقال: “أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقا. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حدا لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة، إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل”.
جعجع والاشتراكي
وفي تطورات المشهد السياسي – الانتخابي أطلق رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مزيدا من المواقف في اليومين الأخيرين وتطرق فيها الى الذكرى الـ 28 لحل “القوات” التي تصادف في هذه الايام بالتحديد، لافتاً الى ان ”محاولات عزل وتطويق وترهيب والغاء القوات مستمرة حتى اليوم، وآخر محاولة في هذا السياق، كانت قرارات قضائية خلقت ميّتة لأنّها ضدّ كل قانون، وبعكس كل عدالة، وهي فقط مجرّد محاولة (جديدة او ما بتتعب او يائسة فاشلة) لتلطيخ صورة القوات اللبنانية، ليش القوات؟ لأنّون بيعرفوا انّو بدّا وفيا”. وأردف “الى الذي يضحك بعبّه او يتفرّج ويقول انا ما خصّني، او يشارك من تحت الطاولة بضحكة صفراوية في شيطنة القوات، نؤكد له انه مسكين لا يعرف، ومن الضروري ان يعرف، انّه، إذا لا سمح الله، استطاع حزب الله عرقلة القوات، يعني ان دوره آتٍ عاجلا ام اجلاً، وعندها سيتذكر المقولة الشهيرة اُكلت يوم اكل الثور الأبيض “. واعتبر إن “من يستفز الشارع السني هو من دعم نظام الأسد ضد شعبه وليس من كان مع الشعب السوري ضد الجلاد، ومن احتضن الحوثي تحت عباءته ليهز استقرار اليمن والسعودية، وليس من يطالب الحياد ثم الحياد ثم الحياد، لأن لبنان لا يستطيع معاداة الدول العربية. ومن يستفز الشارع السني هو الذي حاصر السرايا وقام بـ7 ايار واسقط رئيس الحكومة على مدخل البيت الأبيض، وأنزل القمصان السود وحاول ضرب التحقيق الدولي وصدقية المحكمة الدولية ويخفي المرتكبين حتى هذه اللحظة”.
وفي السياق نفسه اعتبر الحزب التقدمي الاشتراكي “إن الممارسات الحاصلة في استخدام بعض القضاء باستنسابية سياسية، قد تخطت كل الحدود وباتت تنذر بعواقب وخيمة. فغريب جدا كيف أن قضية وطنية كالتحقيق في إنفجار المرفأ تتجمد دون أي تحرك باتجاه الحقيقة، فيما تتحرك ملفات أخرى “بسحر مستشار” تارة للنيل السياسي وربما الانتخابي كما هو الحال في الادعاء على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وطورا بحق الإعلام وحرية الرأي والتعبير تحت مسميات شعبوية تتلطى خلف حقوق الناس”. وأعلن إنه اذ “يجدد رفضه لهذه الممارسات، يحذر قوى الحكم من خطورة كل ذلك على كيان الدولة واستقلالية مؤسساتها وما بقي من قضاء مستقل”.
**************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“حزب الله” يخوض الانتخابات لتأمين “أكثرية تحمي السلاح”
بكركي تفضح قضاء “الثنائي الحاكم” وتستعجل “الخلاص” من ولاية عون
غداة حملة الاستثمار العوني في “زيارة الفاتيكان”، وما شهدته من محاولات معيبة ومفضوحة لتأليب الموقف البابوي على طروحات بكركي السيادية والوطنية، و”قولبته” ضمن إطار داعم للطروحات “الأقلوية” ولنظريات الانحياز لمحور الممانعة وإيكال مهمة حماية المسيحيين لأنظمة هذا المحور في المنطقة ولسلاح “حزب الله” في لبنان… لم تتأخر الحاضرة الفاتيكانية في إحباط هذه الأجندة وتنزيه الموقف البابوي عن الدسائس والغايات السياسية المشبوهة، فشكّل “عيد سيدة البشارة” مدخلاً عريضاً لإعادة تصويب البوصلة وتظهير الصورة على حقيقتها، من خلال كيل المديح الفاتيكاني في هذه المناسبة للبطريرك الراعي وإضفاء “البركة الرسولية” على خطواته وتوجهاته الكنسية والوطنية، حسبما جاء في “رسالة التهنئة” التي نقلها السفير البابوي جوزف سبيتاري للراعي من أمين سر الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين، فضلاً عن تلقيه رسالة ثناء مماثلة من المسؤول عن الشؤون الكنسية العامة في أمانة السر الفاتيكانية.
وكما دأبُها عند الاستحقاقات الوطنية المصيرية، تواصل بكركي السير في مقدمة المدافعين عن الدولة وسيادتها والتصدي بصلابة وعزيمة للهجمة الشرسة على الهوية والكيان، فتضرعت بالأمس لكي ينجلي “ليل الفتن والأحقاد والانهيار والهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق والخروج عن الدولة والشرعية وضرب المؤسسات” الذي خيّم على لبنان تحت سطوة الطبقة الحاكمة، وسلطت الأضواء في هذا المجال على “القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيّس والمركبة ملفاته مسبقاً”، لتفضح بشكل خاص قضاء “الثنائي الحاكم” الذي يتحرك بإيعاز من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لغايات انتقامية وانتخابية، وفق ما قرأت مصادر مراقبة في عظة البطريرك الراعي أمس، سواءً لجهة إدانة أداء القاضية غادة عون، أو لناحية التنديد بادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في قضية أحداث الطيونة – عين الرمانة، مقابل التحذير الصريح من مغبة أن يكون الهدف “تطيير الانتخابات” من وراء تصعيد أجواء التوتير ونقل البلاد “إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة”.
على أنّ الرسالة الأمضى في دلالاتها، تجلت بتصويب عظة الأحد مباشرةً على “الخلل في الأداء الرئاسي العوني”، كما لاحظت المصادر، لا سيما وأنّ البطريرك الماروني “ربط بشكل مباشر بين إنقاذ لبنان وبين انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، ومن هذا المنطلق لم يُخفِ استعجاله “الخلاص” من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، داعياً إلى تفعيل المادة 73 من الدستور و”انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية عون”، على أمل بأن “ينهض الرئيس الجديد بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار”، وفق تعبير الراعي، منوهاً عقب زيارته الأخيرة للقاهرة بـ”الحوكمة الرشيدة والإصلاحات الضرورية” التي انتهجها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشدداً على أن “دولة لبنان تنتظر مثل هذا الرئيس المستنير والحكيم لينقذ شعبها”.
أما على الضفة المقابلة، وبينما عاجلت القاضية عون البطريرك الماروني بتغريدة مناهضة لمواقفه، مؤكدةً مضيّها قدماً على طريق “الجهاد القضائي”، سطّر مسؤولو ونواب “حزب الله” خلال نهاية الأسبوع المزيد من المواقف الانتخابية، فتمحورت في خلاصتها حول تخوين الخصوم السياسيين باعتبارهم عملاء لإسرائيل وأميركا، وتأكيد سعي “الحزب” وحلفائه إلى تحقيق هدف مركزي وهو الفوز بأكثرية نيابية تتولى مهمة “حماية سلاح المقاومة”.
وبهذا المعنى، كان تشديد رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين على أنّ الاقتراع في صندوق الانتخابات سيصبّ في خانة “دعم خيار المقاومة والدفاع عنها”، في مواجهة “بعض الداخل المرتبط بالأميركي، أو بعض الداخل الجبان والخائف من أميركا”، مع تنبيهه إلى أنّ “المعطيات في المنطقة تبدّلت والمعادلات في العالم تتغير ولبنان سيكون حتماً متأثراً بكل ما يحصل والذي سيكتب مستقبله هو القوي وليس الضعيف”.
وتحت العناوين الانتخابية نفسها، شدد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على ضرورة التمسك بسلاح “حزب الله” على اعتبار أنّ هذا “السلاح وحده هو الكفيل بحفظ سيادة لبنان”، وأردف: “ما يعنينا في الاستحقاق الانتخابي أن ننتصر للخط الذي يحفظ المقاومة”. وكذلك سار عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق على النهج التخويني الانتخابي نفسه، معتبراً أنّ “الحزب” يخوض المعركة الانتخابية ضد “أدوات السفارات ومن يخدمون إسرائيل”، بهدف حماية “هوية لبنان المقاومة”… في حين لخّص المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان موقف الثنائي الشيعي حيال الاستحقاق الانتخابي بعبارة معبّرة تختزن الكثير من الدلالات، قائلاً: “شروط النقد الدولي فلتذهب إلى الجحيم… المعركة ليست بالبقاع والجنوب بل على طول الدوائر الإنتخابية لتأمين غالبية نيابية تنتشل القرار السياسي من مخالب واشنطن وأصحاب المصالح الخارجية”، مضيفاً في معرض توجيهه الرسائل المضادة لتوجهات بكركي السيادية: “للبعض أقول إنّ لبنان رسالة سلام يحميها سلاح المقاومة، ولا وجود للبنان من دون سلاح المقاومة”.
**************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الراعي يرفض تحويل لبنان إلى «استبدادي بوليسي»
انتقد تسييس القضاء وحذر من تطيير الانتخابات النيابية
انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي «تسييس» القضاء اللبناني، متحدثا عن «تلفيق اتهامات ودعاوى مسيسة وانتقائية» وعن استغلال «السلطة لبعض القضاة». وفيما حذر من أن يكون الهدف تطيير الانتخابات النيابية، أمل أن يقوم رئيس الجمهورية المقبل بمهمة النهوض بالبلاد وانتشالها من المحاور إلى الحياد. كما رفض من جهة أخرى المس بحق التعبير عن الرأي ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة.
وتوجه الراعي إلى المسؤولين في عظة الأحد قائلاً: «ماذا تفعلون أيها المسؤولون السياسيون، أكنتم في الحكم أم خارجه؟ أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لليل الانهيار وتسيب الحدود ومداخيل جمارك المطار والمرافئ والضرائب والفواتير والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما لليل الفقر والجوع والبطالة أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيس والمركبة ملفاته مسبقاً أن ينجلي؟ أما لليل تلفيق الاتهامات والدعاوى والسكوت عن أخرى ساطعة أن ينجلي؟ أما لليل تجميد التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت أن ينجلي؟ أما لليل الخروج عن الدولة والشرعية والجيش أن ينجلي؟ أما لليل الهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق أن ينجلي؟ أما لليل ضرب المؤسسات الأساسية والمصارف وحجز أموال المودعين وضرب الاقتصاد الحر أن ينجلي؟ أما لليل تلوين كل شيء بالطائفية والمذهبية أن ينجلي؟ أما لليل طمس حقيقة مرض لبنان السياسي القتال أن ينجلي؟ أما لليل مفهوم الدولة أن ينجلي بمكوناتها الثلاثة: أرض وشعب ومؤسسات، وبوظائفها الأربع: وحدة القوة المنظمة، ووحدة العلاقات الدبلوماسية، ووحدة فرض الضرائب وجبايتها، ووحدة إدارة السياسات العامة؟».
وتابع الراعي سائلاً: «إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان؟»، مؤكدا أن «حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان»، ومحذرا «من المس به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته، إن التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها».
ووصف حالة القضاء في لبنان بـ«المحزنة والخطرة»، متسائلاً: «أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقا. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حدا لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل».
**************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
أسبوع الكابيتال كونترول إقراراً أو تأجيلاً.. وميقاتي الى جولة عربية قريباً
يُنتظر ان يكون هذا الاسبوع اسبوع قانون الـ»كابيتال كونترول» بامتياز إقراراً او تأجيلاً، فيما يتعاظم خوف المودعين في المصارف من هذه القنبلة الموقوتة على ودائعهم التي يتجاذب مصيرها سيل من المقترحات التي لم يجدوا في أي منها حتى الآن ما يطمئنهم إليها، ويتطلعون الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، لاتخاذ موقف غداة طرح هذا المشروع على جلسة مجلس النواب غداً، ينسجم مع موقفه المشدّد تكراراً منذ نشوء الأزمة، على عدم المسّ بهذه الودائع وإعادتها كاملة الى اصحابها. وتبدي أوساط هؤلاء المودعين مخاوف جدّية من ان ينطوي المشروع المطروح على مخاطر تهدّد ودائعهم، خصوصاً على مستوى إعادتها اليهم بالليرة اللبنانية وعلى أساس سعر الدولار بـ8 آلاف ليرة. وفي هذا السياق، تتساءل هذه الاوساط عن سبب تكديس مصرف لبنان عشرات التريليونات من الليرة اللبنانية في مخازنه، خصوصاً منذ صدور التعميم 161 الذي أتاح لمن يشاء من مودعين وغير مودعين ان يستحصلوا على دولار fresh من المصارف وفق سعر منصة صيرفة. ويسألون، هل انّ هذه التريليونات يُراد استخدامها لسداد الودائع بالليرة اللبنانية وبأبخس الأسعار، وهو ما يرفضونه جملة وتفصيلاً؟ وتقول انّه إذا كانت الغاية من جمع هذا التريليونات امتصاص التضخم في العملة الوطنية، فإنّ المبالغ المجمّعة حتى الآن تفي بالغرض وأكثر، حيث الأوراق النقدية تكاد تندر من أيدي الناس، خصوصاً بعد توقف الاسواق الاستهلاكية ومحطات المحروقات وغيرها، عن القبض من الزبائن بواسطة بطاقات الإئتمان؟
عشية مناقشة مشروع الـ«كابيتال كونترول» القنبلة الموقوتة في مجلس النواب، قالت اوساط نيابية لـ«الجمهورية»، انّه وعلى رغم ما تمّ تضييعه من وقت منذ وقوع الانهيار، الّا انّ إقرار قانون «الكابيتال كونترول»، ولو متأخّراً، يبقى ضرورياً لحماية ما تبقّى من دولارات في البلد، مشيرة الى «انّ أسوأ صيغة منه تظل أفضل من عدم وجوده».
وكشفت هذه الاوساط، انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان أبلغ إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، انّه في حال عدم إقرار قانون «الكابيتال كونترول» فلن يكون هناك اتفاق مع صندوق النقد، واللاتفاق يعني انّ خطر الانفجار الاجتماعي سيصبح داهماً. ولفتت إلى انّ إقرار مشروع الـ«كابيتال كونترول» المطروح، بعد إدخال بعض التعديلات اليه، سيسحب 80 في المئة من الأسباب التي تتسلّح بها القاضية غادة عون في مواجهة المصارف.
رهان
وفي هذه الأجواء، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الأوساط المالية والنقدية تتابع بدقّة طريقة مقاربة مجلس النواب في جلسته التشريعية غداً اقتراح القانون الرامي الى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية المعروف بـ«الكابيتال كونترول» المطروح على اجتماع لجنتي الادارة والعدل والمال والموازنة النيابية، المقرّر العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم، على ان يُحال الى المجلس النيابي بصفة «المكرّر المعجّل»، في اعتباره إحدى الخطوات التي تعيد تنظيم العلاقات بين المودعين والمصارف ويرسم خريطة الطريق الى الحصول على شيء من مدخراتهم، وهو ما يؤدي الى توفير كثير من المراجعات القضائية، ما خلا تلك المفتوحة على خلفية المناكفات السياسية بين الأطراف المتنازعة.
وذكرت مصادر مطلعة على الحراك الهادف الى توليد القانون لـ«الجمهورية»، انّها لا يمكنها الحسم بما سيكون عليه الجو النيابي اليوم وغداً، خصوصاً بعدما أدخلت الحكومة تعديلات عليه امس ووزعته على المعنيين بصيغة جديدة. وإن جرى البت بالقانون الجديد سيعني انّ هناك خطوات حاسمة يمكن ان تتحقق وسط كثير من الشكوك بجدّية ما هو مطروح للبت به نتيجة الخلافات بين الكتل النيابية، في ظل فقدان رؤية أوسع واشمل يمكن ان تكون من ضمن خطة التعافي المفقودة حتى الآن.
وفد صندوق النقد
على انّ هذه الخطوة تكتسب أهمية بالغة عشية وصول وفد من صندوق النقد الدولي الى بيروت في الساعات المقبلة – وعلى الأرجح مساء اليوم – لاستئناف البحث غداً مع الفريق الحكومي المكلّف هذه المفاوضات برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الذي تقدّم بالمشروع المطروح على اللجان النيابية اليوم وعلى الجلسة النيابية في ساحة النجمة غداً، وليس صحيحاً القول انّه مشروع لقيط.
وكان اللافت في هذا المجال اجتماع ميقاتي في الدوحة مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «توتال» الفرنسية باتريك بويانيه، وبحث معه في مسار الاتفاق المتعلق بين لبنان و«توتال» للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك الرقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، والعراقيل التي تؤخّر بدء التنقيب. وتطرّق البحث الى موضوع قرار لبنان إجراء مناقصة لاستدراج عروض لإنشاء محطة لتسييل الغاز في الزهراني.
نتائج زيارة ميقاتي
على صعيد آخر، توقعت مصادر مطلعة عبر «الجمهورية»، ان تُطرح على بساط البحث في الأيام المقبلة، نتائج زيارة ميقاتي لقطر والاجتماعات واللقاءات التي عقدها ومدى تطابقها مع التوقعات التي وصفتها بأنّها محطة جديدة في مسار إعادة تصحيح علاقات لبنان مع دول الخليج وإعادته الى الحضن العربي، بعد مرحلة من التوترات والتباعد.
وإن غابت المعلومات عن أي لقاء جمعه ميقاتي مع أي مسؤول سعودي في الدوحة، فقد اعتُبر اللقاء الأبرز الذي عقده مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولقاؤه مع الوزير القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني. ونقل ميقاتي عن أمير قطر، أنّ وزير الخارجية القطري سيزور بيروت، ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان. واكّد «أنّ لبنان في حاجة إلى الاحتضان العربي»، وأنّه سيزور عدداً من الدول العربية، ومشدّداً على أنّ «لا خيار أمامنا سوى التعاون مع صندوق النقد الدولي لوضع لبنان على سكة التعافي». وقال: «لبنان في حاجة دائماً إلى رعاية عربية كهذه، وقطر إلى جانب لبنان، وبإذن الله كل الدول العربية، ودول الخليج بالذات، ستعيد علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن في حاجة إلى هذا الاحتضان العربي لوطننا».
الحضور العربي
وإلى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية انّ التطور المتعلق بإعادة الدول الخليجية تعزيز حضورها الديبلوماسي قريباً في لبنان لم يحصل بين ليلة وضحاها، إنما ارتبط بمسارين داخلي وخارجي:
ـ المسار الأول، التزم فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم السماح بتحويل لبنان منصة لاستهداف الدول الخليجية، وقد تصرّف على هذا الأساس في بيانات الحكومة والمواقف الصادرة عنه والتي حظيت بإشادة سعودية، وبالتالي لولا التزام ميقاتي بأجندة صارمة تستنكر كل اعتداء على المملكة العربية السعودية وتصرّ على أفضل العلاقات معها ومع الدول الخليجية لما سلك مسار العودة الخليجية طريقه.
ـ المسار الثاني، خارجي وتصدّرته ثلاث عواصم: واشنطن وباريس والقاهرة، حيث عملت على إقناع الرياض بضرورة إعادة تفعيل حضورها في لبنان من أجل إبقاء ميزان القوى الخارجي طابشاً لمصلحة المجتمعين العربي والغربي على حساب الدور الإيراني، لأنّ طهران ستملأ الفراغ الناتج من أي انسحاب او خروج او ابتعاد خليجي، وبالتالي لا مصلحة إطلاقاً بترك الساحة اللبنانية لإيران.
وقد أثمرت الجهود الثلاثية الأميركية والفرنسية والمصرية في إقناع السعودية بإعادة النظر في موقفها من لبنان، من منطلق انّ ابتعادها عنه يعزِّز الحضور الإيراني، فيما اقترابها يؤدي إلى لجمه، وانّ التخلي عن الساحة اللبنانية لطهران لا يفيد بشيء، إنما من الضرورة اعتماد سياسة ربط نزاع معها وإرباكها في لبنان بدلاً من ترييحها. وقد ارتكزت وجهة نظر الثلاثي على ثلاثة عوامل أساسية:
ـ العامل الأول، حرص رئيس الحكومة على أفضل العلاقات مع الدول الخليجية، ووضع كل ما يلزم لعدم السماح باستخدام لبنان منصّة لاستهدافها.
ـ العامل الثاني، تصدّي شريحة واسعة من القوى السياسية للنفوذ الإيراني في لبنان، وهذه الشريحة يجب دعمها وتظليلها لا التخلّي عنها.
ـ العامل الثالث، ضرورة التمييز بين رفض تقديم أي دعم للسلطة الممسوكة من «حزب الله»، وبين ضرورة تقديم الدعم للشعب اللبناني من أجل تمكينه في سياق سياسة صمود تخوله المشاركة في الانتخابات النيابية لكفّ يد الفريق الحاكم.
ومعلوم انّ الانتخابات النيابية تحظى بدعم دولي كبير، وهناك خشية دولية من ان تؤدي الأوضاع المالية المزرية إلى إحباط الناس وعدم مشاركتها الكثيفة في الانتخابات، الأمر الذي تستفيد منه السلطة الحالية، وهذا ما يفسِّر توقيت إعادة الرياض تعزيز دورها، أي قبل الانتخابات مباشرة، لأنّ نشوء غالبية نيابية مؤيّدة للتوجّه العربي والدولي يؤدي إلى تقليص مساحة استخدام «حزب الله» للغطاء الشرعي.
عون والراعي
ومن جهة ثانية، وتبديداً للأجواء التي رافقت مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي أدلى بها الى إحدى الصحف الايطالية على هامش زيارته الاخيرة لروما والفاتيكان، توقعت مراجع سياسية مطلعة ان يُعقد خلال الايام القليلة المقبلة لقاء بينه وبين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في رسالة موجّهة الى المصطادين في تفسير المواقف بينهما، ووضع حدّ للجدل القائم في بعض الأوساط، نتيجة ما وصفته مصادر قريبة منهما بـ»سيناريوهات وهمية».
مواقف
وسأل البطريرك الراعي في عظة الاحد من بكركي أمس، المسؤولين السياسيين في الحكم وخارجه: «ماذا تفعلون لتقصّروا هذا الليل الحالك الظالم الذي وضعتم فيه لبنان وشعبه ومؤسساته؟ إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان؟». وقال: «إنّ حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان. حذار من المسّ به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته. إنّ التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها». واضاف: «أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقاً؟. يجب أن يتمّ هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل».
عوده
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، أمس في قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس: «على كل لبناني أن يجاهر بصوت العدالة والحرية والكرامة في الإنتخابات المقبلة، وأن يساهم في إيصال ممثلين له يحسنون تمثيله ولا يستغلون ثقته. أما من يتقاعس عن القيام بواجبه، ومن يعتبر يوم الإنتخابات يوم عطلة أو يوم نزهة، أو من لا يؤمن أن صوته فاعل، فهو يسيء إلى نفسه أولاً، وإلى أولاده الذين لن يتمكنوا من العيش في بلد تسوده الفوضى والفساد ويفتقر إلى العدالة والمساواة بين المواطنين، ولا مكان فيه لأدنى مقومات الحياة الكريمة». وأضاف: «من لا يقوم بواجبه في انتخاب طبقة جديدة واعية نزيهة، تعمل وفق برنامج واضح على إنقاذ البلد، يكون مشاركاً في استمرار انهيار البلد وغياب العدالة واستمرار الظلمة والفساد وسوء الإدارة، وتساقط دموع كل أم فقدت ثمرة بطنها إما تفجيراً أو تهجيراً. ألا يكفي ما تعانيه الأمهات من آلام مخاض وتربية وسهر ليال في سبيل تأمين حياة فضلى لأبنائها، فيأتي من يسلبها أثمن ما تعيش من أجله في طرفة عين، أو من يسلب عائلتها هناء العيش والأمان والإستقرار؟»
«حزب الله»
وقال رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين خلال احتفال في بلدة ميس الجبل الجنوبية أمس «صحيح أنّ أميركا تضغط، ولكن الأصح، أنّ الذي فتح الأبواب مشرّعة أمام الأميركي، هو بعض الداخل المرتبط بالأميركي ويحمل نفس أفكاره وأهدافه نفسها، أو بعض الداخل الجبان والخائف من أميركا أكثر مما يخاف من شعبه وناسه». وأوضح أنّه «حينما يأتي العرض الإيراني ليؤمّن الكهرباء للبنان مع تسهيلات كبيرة، ويؤمّن المعونات من دون أن تطلب إيران في السياسة شيئاً مقابل هذا العرض، ثم يرفض بعض المسؤولين خلافاً لمصلحة الناس والدولة هذا العرض، ويقبلون أن يبقوا في ظل العتمة والفشل والضعف والهوان، فهذا يعني أنّ البعض في لبنان يخشون من أميركا، وعليه، فإنّ كل من رفض العرض الإيراني في تأمين الكهرباء، والمساعدة في تأمين المواد الغذائية، هو المسؤول الأول والمباشر عن كل ما يصيب اللبنانيين اليوم». وأضاف: «للأسف يبدو أنّ بعض اللبنانيين لم يدركوا إلى اليوم حجم الكارثة التي يواجهها لبنان، ويجب أن نصارح اللبنانيين، بأنّ لبنان مقبل على كارثة اجتماعية وإنسانية وحياتية في كل الأبعاد، وهذا يستدعي استنفاراً وتعاطياً جريئاً وشجاعاً ومواقف جديدة، وإعادة قراءة للمواقف والقرارات السابقة، ولكن يبدو أنّ البعض في لبنان إلى اليوم غير مدرك طبيعة هذه المشكلة».
**************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
إرباك نيابي بمواجهة «الكابيتال كونترول».. وسلامة بمواجهة التوقيف!
الراعي يتخوف من تطيير الانتخابات عبر «القضاء المحزن».. وإدانة للإعتداءات على السعودية
قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع بشهرين وثقت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (Lade) عشرات المخالفات المرتكبة من المرشحين حزبين، ومستقلين، خلال الفترة ما بين 1 و15 آذار الذي يقترب من نهايته في غضون أيام قليلة، على اجندتها ملفات بالغة الحساسية من الكابيتال كونترول، بشروط صندوق النقد الدولي، اليوم في جلسة اللجان النيابية، وغداً في الجلسة النيابية، وقبل ذلك اختبار أزمات المحروقات والقمح والدواء، مع بقاء الأنظار مشدودة إلى حديثين قضائيين، يتصدران ما قبل نهاية المشهد: ماذا سيفعل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الخميس المقبل، حيث حدَّدت له جلسة بصفته مدعى عليه بالتهم إياها التي اوقف على أساسها شقيقه رجا سلامة، ولا يزال، وماذا سيفعل القاضي فادي صوان في مسألة الادعاء، على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
واعتبرت مصادر سياسية ان امعان الفريق الرئاسي في استعمال بعض القضاة، الدائرين بفلكه، لغايات سياسية وتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، كما يحصل في الآونة الاخيرة زاد من الشكوك حول اهلية القضاء ككل في تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه في الانتخابات النيابية المقبلة، وهي مسؤولية، مهمة واساسية تتعلق بسلامة وصحة نتائج العملية الانتخابية كلها.
وقالت المصادر ان الفريق الرئاسي الذي يتولى توجيه القضاة المحسوبين عليه، لفبركة ملفات الملاحقات القضائية، تارة بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورؤساء مجالس بعض المصارف، وقبله ملف شركة ميشال مكتف واخرين لا يدينون بالولاء السياسي للعهد وتياره، اصبحت مكشوفة الغايات والاهداف وكلها تصب في خانة ضرب صدقية القضاء واثارة اكبر قدر من الضجيج السياسي والشعبي، لاسقاط اهليته في تولي المهام المنوطة به للإشراف والبت بنتائج الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي تأجيل مواعيد الانتخابات النيابية الى موعد لاحق، وهو ما يسعى اليه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من وراء الكواليس، بعدما تيقن بأن نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، لن تكون لصالحه.
وتوقعت المصادر ان تتوالى سيناريوهات تركيب الملفات لخصوم التيار، وتتدرج من ملف لآخر، كلما اقترب موعد الانتخابات، ولن يكون ملف الادعاء على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع آخرها، بل هو حلقة ضمن هذه السلسلة.
مجلس وزراء ومجلس دفاع
حكومياً، وفيما تردد أن جلسة مجلس الوزراء قد تنعقد بعد غد الأربعاء في السراي الحكومي، لفتت مصادر وزارية إلى أن بعض الوزراء لم يتبلغوا بأي أمر بعد حتى أن بعضهم توقع أن تنقل ال قصر بعبدا .
ورأت المصادر نفسها أن جلسة مجلس النواب غداً قد تحمل معها مؤشرا في ما خص الجلسة المقبلة. وأشارت إلى ان سلسلة اتصالات ولقاءات يشهده الأسبوع الحالي لا سيما في ما خص ملفات مالية فضلا عن مباحثات وفد صندوق النقد الدولي في بيروت .
إلى ذلك لم يعرف بعد ما إذا كان المجلس الأعلى للدفاع قد يعقد اجتماعاً هذا الأسبوع أيضا لاسيما أن مدة التعبئة العامة بشأن كورونا تنتهي نهاية الشهر الحالي.
وبالتزامن، تبدأ غداً جولة جديدة من لقاءات وفد صندوق النقد الدولي للتباحث في ما يمكن فعله، والمرتكزات التي على أساسها يمكن مساعدة لبنان للخروج من ازمته.
وأنهى الرئيس نجيب ميقاتي زيارته الى قطر امس، والتي شارك فيها في منتدى الدولة للطاقة وكانت له لقاءات مهمة لا سيما مع كبار المسؤولين القطريين ووزراء خارجية دول خليجية، صدرت عنها اجواء ايجابية جداً حيال عودة العلاقات الى طبيعتها تدريجياً مع دول الخليج ستكون اولى خطواتها حسب المرتقب عودة سفيري المملكة العربية السعودية والكويت الى بيروت. فيما يُرتقب ان يكون هذا الاسبوع مجالاً لمعالجة بعض المسائل العالقة مالياً وقضائياً، سواء عبر جلسة مجلس الوزراء التي دُعي اليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، او اقرار اللجان النيابية المشتركة في جلسة اليوم مشروع الكابيتال كونترول ليتسنى إدراجه على جدول اعمال الجلسة التشريعة غدا الثلاثاء.
لقاءات ميقاتي
استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في مقر «منتدى الدوحة» في العاصمة القطرية أمس، وجرى عرض للعلاقات بين لبنان وقطر، إضافة الى العلاقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي.
كذلك إستقبل رئيس وزراء قطر الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني الرئيس ميقاتي وتم البحث في الوضع اللبناني والعلاقات اللبنانية- القطرية.
وفي المعلومات ان ميقاتي نقل عن أمير قطر أن وزير الخارجية القطري سيزور بيروت، ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان. زيارة وزير الخارجية القطري المرتقبة الى لبنان لبحث حاجات لبنان. وقد تكون تمهيداً لعودة العلاقات بين لبنان ودول الخليج وخاصة السعودية. حسب ما قال مقربون من ميقاتي.
وبعد اللقاءين، عقد رئيس مجلس الوزراء مؤتمراً صحافياً قال فيه: إن لبنان بحاجة دائما الى هكذا رعاية عربية، وقطر الى جانب لبنان وباذن الله كل الدول العربية ودول الخليج بالذات ستعيد علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن بحاجة الى هذا الاحتضان العربي لوطننا».
وردا على سؤال قال: «ما جرى في الفترة الماضية كان غيمة صيف مرت وباذن الله ستزول مع الزيارات التي ساقوم بها الى الدول العربية، ومع اعادة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج الى طبيعتها، ونحن بحاجة الى هذه العلاقات خاصة مع المملكة العربية السعودية.
وكان ميقاتي قد التقى وزراء خارجية قطر الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، والكويت أحمد ناصر المحمد الصباح، وسلطنة عمان بدر بن محمد البوسعيدي. حيث المح الوزير الكويتي الى ترحيب دول الخليج بموقف لبنان الرسمي من المبادرة الكويتية– العربية، لا سيما حول مسألتي «ألّا يكون لبنان منصة لأي عدوان لفظي او فعلي، او ان يخرج من لبنان اي امر يمكن ان يعرّض امن المنطقة او يقوض من امن واستقرار المنطقة، ومسؤولية الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية في هذا المجال».
الوزير الكويتي قال بعد الاجتماع: نقلت الى الرئيس تحيات وترحيب الكويت بالبيان الذي ادلى به اثر الاتصال الذي جرى بيننا وكذلك بيان مجلس الوزراء اللبناني الذي رحب بالمبادرة الكويتية والافكار التي نقلناها نيابة عن الاشقاء في دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية والمجموعة الدولية، في اطار بناء الثقة مع لبنان مجددا. وكذلك نقلت الثناء والاشادة بالالتزام الذي ادلاه رئيس الوزراء بالنسبة الى التزام الحكومة اللبنانية بالورقة الكويتية، وكذلك الى التزام لبنان بقرارات الشرعية الدولية والتجاوب معها.
واضاف: كلها امور، ان شاء الله، ستفضي مجددا لعلاقة مستدامة مع لبنان وشعب لبنان الشقيق اساسها الاحترام المتبادل في كافة الامور المتعلقة بالاخوّة والتعاون بين لبنان ومحيطه العربي والاقليمي وبما يصب في خير لبنان والمنطقة ومصلحتهم وازدهارهم.
واستقبل ميقاتي امس، وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين. وطلب رئيس الحكومة من الوزير الجزائري نقل تمنياته الى الحكومة الجزائرية باعفاء لبنان من قرار منع تصدير السكر، وذلك في اطار مساعدة لبنان على مواجهة تداعيات الحرب في أوكرانيا.
واستقبل أيضاً رئيس الوفد الايراني الى» منتدى الدوحة» وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي.
وإستقبل رئيس الحكومة رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية باتريك بويانيه، وبحث معه مسار الاتفاق المتعلق بين لبنان وتوتال للتنقيب عن النفط الغاز في المنطقة رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، والعراقيل التي تؤخر بدء التنقيب.
كما تطرق البحث الى موضوع قرار لبنان اجراء مناقصة لاستدراج عروض لانشاء محطة لتسييل الغاز في الزهراني.
لبنان وصندوق النقد
على الصعيد المالي والتشريعي، صدر عن مكتب نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بيان جاء فيه: خلال الأسبوع (الماضي) تواصلت الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي وتركزت بمعظمها على مشروع قانون «الكابيتول كونترول» لاخذ راي الصندوق وملاحظاته، بناء على طلب اعضاء مجلس النواب. وقد أحيل المشروع على اللجان المشتركة في مجلس النواب لمناقشته يوم الاثنين ووضع على جدول جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل.
اضاف: وخلال الأسبوع أيضا دعا نائب رئيس الحكومة إلى اجتماعات استشارية لمناقشة الخطوط العريضة لخطة التعافي الاقتصادي والمالي والتي على أساسها يتم التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ولهذه الغاية عقدت ثلاثة اجتماعات مع ممثلين عن المودعين ونقابة العمال ونقابات المهن الحرة، ومع مجموعة من الاقتصاديين وخبراء في الشأن المالي ومع ممثلين عن الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف. وكانت هذه الاجتماعات مفيدة للغاية وستؤخذ بعين الاعتبار الملاحظات والاقتراحات التي قدمت في هذه الاجتماعات لمناقشتها مع بعثة صندق النقد الدولي التي ستبدأ عملها في بيروت الأسبوع المقبل.
وكان رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان قد غرّد عبر «تويتر» قائلاً: ان مسودة الكابيتال كونترول المتداولة على شبكة التواصل الاجتماعي «هبطت» علينا كالعادة من خارج الاصول، ولا تمت الى اقتراحنا بصلة، ونرفضها كما نرفض اي صيغة لا تحمي حقوق المودعين وتعطي صلاحيات مطلقة «للجنة» تضم الحكومة ومصرف لبنان بدل تكريس هذه الحقوق في متن القانون.
لكن عضو كتلة الوسط المستقل النائب نقولا نحاس توقع أن «يوافق مجلس النواب على قانون الكابيتال كونترول لأن صندوق النقد قد ساهم في صياغته».
وأكد أن «هذا القانون سيخلق القاعدة الاساسية لإعطاء المودع حقه في هذه الظروف، وسينظم علاقته مع المصارف ويسمح بإعادة بناء الاقتصاد من جديد».
ويعود مجلس النواب مجدّداً إلى مناقشة ودرس مشروع الكابيتال كونترول في جلسة يعقدها غداً الثلاثاء، بعدما تأكد استحالة موافقة صندوق النقد على خطة التعافي من دون اقرار هذا القانون الاصلاحي.
وأعلن نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي عن أن اللجان المشتركة سوف تجتمع اليوم الاثنين لدرس مشروع الكابيتال كونترول، مع الاشارة الى ان نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي اعد صيغة جديدة للقانون اخذت بملاحظات صندوق النقد الدولي وهي التي ستناقش في اللجان.
وتحدّد الصياغة المقترَحة للمشروع بـ»إعادة الاستقرار المالي وقدرة المصارف على الاستمرار اللذين يشكلان شرطيْن أساسيين لاستئناف العمليات المالية، وبالتالي فإنه يهدف إلى إدخال ضوابط على عمليات التحاويل إلى العملات الأجنبية بشكل شفاف لمنْع المزيد من تدهور سعر الصرف، حمايةً لاحتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية كما ولاستعادة السيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه».
«نيو كابيتال كونترول» يتضمّن تطوّراً لافتاً في تحديد مرجعيّة القرار النّقدي، حيث يقترح إنشاء لجنة خاصّة مؤلّفة من وزير الماليّة، وزير الاقتصاد والتّجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير. وتكون هذه «اللّجنة» مسؤولة عن إصدار التّنظيمات التّطبيقيّة المتعلّقة بهذا القانون، في ما خص خطة حظر نقل الأموال عبر الحدود، وتحديد سقوف للحسابات النّقديّة.
وبخصوص قيود السحوبات، فهي تتيح سحب ما لا يزيد عن ألف دولار أميركي للفرد الواحد شهرياً، بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدده «اللجنة». كما تتم المدفوعات والتحاويل المحلية كافة بين المقيمين وبين المقيمين وغير المقيمين بالليرة اللبنانية، باستثناء الحالات التي تحددها اللجنة الخاصة.
الانتخابات: تراجع مرشحين
على صعيد الانتخابات، وفيما تقترب مهلة الانتهاء من تشكيل اللوائح وتسجيلها رسمياً، بدأت عمليات سحب الترشيحات لشخصيات سياسية معروفة، ولبعض مرشحي المجتمع المدني لتعذر تشكيلهم لائحة او الانضمام الى احدى اللوائح. وكان من ابرز العائدين عن ترشحهم النائب والوزير الاسبق عاصم قانصوه والنائب الاسبق غسان مخيبر.
رسالة اللهيان
كشفت مصادر دبلوماسية، ان زيارة وزير الخارجية الايراني عبد الامير اللهيان الى لبنان، حملت في طياتها، نقل رسالة محددة من القيادة الايرانية الى حزب الله، تضمنت توجهات القيادة في المرحلة المقبلة، في ضوء نتائج مفاوضات الملف النووي الايراني التي تنحو باتجاه ايجابي في الاسابيع المقبلة، وكذلك بالنسبة لمسار اللقاءات بين ايران والمملكة العربية السعودية، والتي تتقدم الى الامام، استنادا الى المصادر المذكورة، برغم بعض الخلافات التي تتطلب مزيدا من الوقت للتفاهم عليها بين الجانبين.
واشارت المصادر الى وزير الخارجية الايراني، ابلغ من التقاهم من الحزب بعيدا عن الاعلام، بمرحلة جديدة من تعاطي بلاده مع ملفات المنطقة ومن ضمنها لبنان، في ضوء ما يحصل، وهي مرحلة تتطلب مقاربة مختلفة عن السابق، وتتطلب آلية ونهجاً مختلفاً، يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية والدولية، ونهج الحوار والاتفاقات المرتقبة، مع الدول الفاعلة والقريبة.
ولاحظت المصادر ان زيارة اللهيان الى لبنان هذه المرة، لم تحظ بالضجيج السياسي والاعلامي، كما هي زياراته او اي مسؤول ايراني آخر، بل كانت محصورة بكبار المسؤولين علنا، بينما بقيت لقاءاته الاخرى بعيدا عن الضوضاء الاعلامية.
سياسياً، ووطنياً، وفيما سُجل على وزارة الخارجية امتناعها عن إدانة الهجمات الحوثية على السعودية، شجب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيان، العدوان على المملكة العربية السعودية واستهداف المنشآت النفطية في شمال مدينة جدة. وقال «الاعتداء على السعودية من قبل الحوثيين هو إجرام موصوف ينتهك كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، فأمن المملكة العربية السعودية من امن واستقرار المنطقة العربية ومن أمن جميع العرب والمسلمين في العالم»، داعيا الى «التضامن والوقوف الى جانب بلاد الحرمين الشريفين لصد الإرهاب الذي تتعرض له دول الخليج العربي». بدوره، دان «تيار المستقبل» في بيان، «تمادي جماعة الحوثي الإيرانية الإرهابية، في الاعتداء على أراضي المملكة». واعتبر أن «هذا التمادي الإيراني في تنفيذ الاعمال الاجرامية يتجاوز استهداف المملكة العربية السعودية إلى تهديد الأمن والاستقرار الإقليميين، والاعتداء الجبان على كل العرب، الذين ضاقوا ذرعا من أذرعة إيران التخريبية، ويقفون مع مملكة الحزم صفا واحدا في مواجهتها والتصدي لها، مهما بلغت التحديات والتضحيات». من جهته، كتب وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي في تغريدة عبر تويتر: إن استهداف أمن المملكة العربية السعودية هو استهداف ارهابي واضح ومباشر للشرعية العربية. نقف كما دائماً الى جانب المملكة في التصدي للتحديات التي تواجه أمننا العربي المشترك وفي وجه أي اعتداء يطال سيادة المملكة وأمنها بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية.
الجميل: المسؤولية ثلاثية
إلى ذلك، حمل رئيس حزب الكتائب مسؤولية الوضع الاقتصادي الحالي إلى المنظومة السياسية التي صنعت عجز الدولة، وحزب الله والسياسة النقدية لمصرف لبنان.
وتخوف الجميل من عمل القاضية غادة عون، فما تقوم به صحيح، لكن من جهة أخرى نخاف من الاستنسابية، وطالب القضاء بأن يحكم ما إذا كان سلامة قد ارتكب جرائم مالية، وكان من المفترض ان يتم كف يده فهو ملاحق دولياً وداخلياً.
الراعي يحذر
وفي السياق، اعتبر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أنّنا «نقف أمام حالة القضاء المحزنة»، متسائلًا: «أين القضاة ليحموا الجسم القضائي، وهل الهدف من هذه الإجراءات الصارمة هو تطيير الانتخابات النيابية وعدم إجرائها في موعدها»؟
الراعي وفي كلمة له خلال عظة الأحد، شدّد على عدم التفكير بتأجيل الانتخابات أو تطييرها، داعيًا رئيس الجمهورية المقبل إلى «انتشال لبنان من المحاور»، وقال: «لبنان ليس ملكًا لأحد».
كما توجّه الراعي إلى المسؤولين بكلامه، متسائلًا: «ماذا تفعلون لتقصّروا هذا الليل الحالك الظالم؟ أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لتسيّب الحدود والجمارك والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما للفقر والجوع والبطالة أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتخابي والسياسي أن ينجلي»؟
تابع: «أما لتجميد التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت أن ينجلي، ولليل الخروج عن الدولة أن ينجلي، ولليل ضرب المؤسّسات الأساسية والمصارف أن ينجلي؟ إلى متى أيها المسؤولون، تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه في التعبير والشكوى والمعارضة».
هذا ورأى الراعي أن «حقّ التعبير عن الرأي يولد مع الانسان»، محذّرًا «من المسّ به، ونقل البلاد إلى نظام بوليسيّ»، مؤكّدًا أنّ هذه «الأساليب لا تشبه لبنان والتمادي في القمع يؤسّس لانتفاضة شعبية».
هل تنفرج ازمة المحروقات اليوم؟
وبالنسبة للهم اليومي للمواطن، وفيما ارتفع سعر الدولار خلال عطلة نهاية الاسبوع وقارب الـ 25 الف ليرة، وبعدما اقفلت معظم محطات البنزين ابوابها، أعلن رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس حلّ أزمة البنزين بعد الإتفاق مع وزارة الطاقة على إصدار تسعيرة جديدة اليوم الإثنين تراعي مطالب المستوردين».
كما أشار رئيس مجلس إدارة شركتي «كورال» و«ليكويغاز» أوسكار يمين إلى أنّ «كميات المحروقات التي تحتاجها الاسواق متوافرة، وسيتم اعتبارًا من صباح الاثنين بدء التسليمات لكافة المناطق اللبنانية ما سيؤدي إلى حلّ الأزمة.
بدوره، علق ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا على أزمة المحروقات وقال «نتمنى ان يكون الفرج قريبًا ونتمنى ان يتجاوب وزير الطاقة وان يصدر جدول الاسعار اليوم، على ان تعود الامور الى طبيعتها».
290 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 290 إصابة جديدة بفايروس كورونا و6 وفيات، ليرتفع العدد التراكمي إلى 1090782 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
**************************************
افتتاحية صحيفة الديار
لا إجراءات حكوميّة جدّية لتطويق الأزمة المعيشيّة
كارثة غذائيّة في الأفق… ولبنان على طريق التفكّك
ملف العقوبات… ألمانيا لن تتخلّى عن الغاز الروسي؟ – جاسم عجاقة
لا يُخفى على أحد أن الحرب الروسية – الأوكرانية أظهرت إلى العلن خطر التركيز في الإستيراد خصوصًا في مجال الطاقة في دول أنظمتها جاهزة لإستخدام القوة العسكرية في حل المشاكل (سواء كان ذلك عن وجه حق أو عن غير وجه حق). التعلّق الكبير للدول الأوروبية (خصوصًا ألمانيا) بالغاز الروسي، وغياب الخيارات الأخرى أمام إستبدال هذا الغاز، سمح للكرملين بأخذ قرارات موجعة على هذا الصعيد أولها حجب ثلث صادرات روسيا من الغاز الطبيعي عن أوروبا في وقت تتزايد فيه المواجهات العسكرية في الداخل الأوكراني. وهو ما خفّض تخزين الغاز في أوروبا إلى مستويات تاريخية ورفع من الأسعار بشكل غير مسبوق.
الأوروبيون رهينة
الروس الذين يُحاولون الضغط في الملف الأوكراني، وردًا على العقوبات التي فرضتها كلٌ من الولايات المُتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي على روسيا، يُحاولون الضغط من اليد الموجعة أي من باب الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية. الجدير ذكره أن كل من بلغاريا، وإستونيا، وفنلندا، ولاتفيا، والسويد تتعلّق بنسبة 100% بالغاز الروسي في إستهلاكها للغاز الطبيعي؛ وتشيكوسلوفاكيا بنسبة 80.5%، وسلوفاكيا بنسبة 63.3%، وسلوفينيا 57.4%، واليونان 54.8%، وبولندا 54.2%، والنمسا 52.2%، وهنغاريا 49.5%، وبلجيكا 43.2%، وألمانيا 39.9%، وكرواتيا 37.1%، واللوكسمبورغ 27.9%، ورومانيا 24.2%، وإيطاليا 17.2%، وفرنسا 17.2%، وهولندا 5.2%.
عمليًا تُعتبر ألمانيا المُستورد الأول على مُستوى العالم، للغاز الطبيعي الروسي تليها تركيا، وإيطاليا، وبيلاروسيا، وفرنسا، والصين… ونظرًا إلى وزن ألمانيا الإقتصادي، 4 تريليون دولار أميركي (الرابعة عالميًا بعد الولايات المُتحدة الأميركية 20.5، والصين 13.4، واليابان 4.97)، فإن تأثير حظر الغاز الروسي على ألمانيا قد يكون موجعًا بالنظرة الأولى.
ألمانيا والغاز الروسي
في دراسة نشرها عددٌ من الباحثين (Bachmann et al. 2022)، إنكشاف ألمانيا على قطاع الطاقة الروسي من ناحية الإستهلاك الأولي للطاقة يتوزّع على الشكل التالي: النفط 34%، الغاز 55%، الفحم 26% مع معدّل 30% من إجمالي الإستهلاك الأولي للطاقة. وبالتالي قام الباحثون بوضع فرضيات على قطع الغاز الروسي عن ألمانيا لمعرفة الكلفة على الإقتصاد الألماني وإستخدموا نماذج إقتصادية (Baqaee-Farhi model, and ad-hoc model) ليتوصّلوا إلى أن نسبة هذه الكلفة إلى الناتج المحلّي الإجمالي تتراوح بين 0.5 و3% في أقصى الحالات، أي ما يوازي 80 إلى 1000 يورو خسائر على كل مواطن ألماني.
وبالتالي، فإن الإستغناء عن الطاقة الروسية بكل مكوناتها مُمكن، لكنه يفرض عددًا من الإجراءات: إستبدال مصادر الطاقة، والبحث عن مصادر أخرى للتوريد، وخفض الإستهلاك، وخفض مدة التأقلم، والقيام بإجراءات إستباقية، وقبول فترة من الأسعار المرتفعة، وزيادة فعالية البنى التحتية الحرارية، ومُساعدة العائلات الفقيرة.
في المُقابل، فإن فرض العقوبات بالكامل على قطاع النفط والغاز الروسي، سيحرم روسيا من مداخيل سنوية لا تقلّ عن 200 مليار دولار أميركي على إجمالي 490 مليار دولار أميركي مجموع الصادرات الروسية في العام 2021 منها 240 مليار دولار لقطاعي الغاز والنفط. وهو ما قد يُشكّل مُشكلة كبيرة لروسيا على المديين القصير والمتوسّط.
تطويق روسيا إقتصاديًا
لكن هذا الأمر لا يعني تطويق روسيا إقتصاديًا بهذه السهولة، حيث يبقى هناك مادتين أساسيتين لهما تداعيات كارثية على الإقتصاد العالمي هما النفط والمواد الغذائية. فروسيا التي تُعتبر من المصدرين الأساسيين في قطاع النفط، ستحجب عن السوق العالمي ما يوازي الـ 4.5 مليون برميل في اليوم وهو ما يعني إرتفاعا في سعر برميل النفط إلى مستويات تتخطى الـ 200 إلى 250 دولارًا أميركيًا مع إحتمال إرتفاع السعر أكثر من ذلك نتيجة المضاربة. وبالتالي فإن الإعتماد الأساسي يبقى على الدول الخليجية الوحيدة القادرة على تغطية هذا النقص نظرًا إلى أنها الوحيدة من بين دول الأوبك التي استثمرت وتستمر بالإستثمار في منشآتها النفطية. إلا أن العائق أمام هذا الأمر هو العلاقات الأميركية – الخليجية التي تمر في مرحلة صعبة نتيجة المواقف الأميركية في الملف الإيراني والملف الحوثي. وبالتالي فإن أي رغبة أميركية بتطويق روسيا على صعيد النفط مقرونة حكمًا بتحسين العلاقات الأميركية مع الدول الخليجية.
تبقى النقطة الثانية الأساسية إنسانيًا وأخلاقيًا، وهي مُشكلة المواد الغذائية الأولية. فروسيا وأوكرانيا تحتلان المراتب الأولى عالميًا من ناحية تصدير الحبوب والزيوت خصوصًا إلى الدول الفقيرة. وبالتالي فإن أي حظر من قبل الولايات المُتحدة الأميركية أو قرار عدم تصدير من قبل روسيا سيكون كارثيًا على الصعيد الإنساني نظرًا إلى التعلّق الهائل لبعض الدول بالصادرات الغذائية الروسية والأوكرانية (على مقال لبنان، واليمن، وسوريا، ومصر..).
الحل لهذه الأزمة لا يُمكن أن يكون إلا من باب البرنامج الغذائي التابع للأمم المُتحدة ومُنظمة الفاو. عمليًا، التنسيق وحجز حصص للدول الفقيرة هما عنصران جوهريان نظرًا إلى أن القصر في المعروض سيرفع من الأسعار وهو ما لا قدرة للدول الفقيرة على مواجهته.
ثمن مُرتفع لبنانياً
من ناحية لبنان القابع تحت أزماته المُتتالية في ظل إنقسام سياسي مُرعب، فهو يُعتبر من أكثر المُتضررين عالميًا ومن المُرجّح أن يكون في المراتب العالمية الأولى على هذا الصعيد. إرتفاع أسعار النفط العالمية، رفعت من أسعار المحروقات ومن أسعار السلع والمواد الأولية سواء صناعيًا أو زراعيًا، وهو ما ينعكس تلقائيًا على المواطن اللبناني الذي يواجه نقصًا حادًا في دولار الإستيراد معطوفًا على إحتكار موصوف وفساد مستشرٍ.
الدولار في السوق السوداء عاد إلى الظهور مع تزايد الطلب عليه نتيجة إرتفاع الأسعار عالميًا ومع التطويق القضائي للقطاع المصرفي. وبالتالي فإن الإنعكاس على أسعار السلع والبضائع الأخرى يكون فوريا في سوق «فلتان» من الرقابة وسوق لا يُمكن ضبطه من باب أخذ الناس رهينة على مثال ما يحصل على محطات الوقود.
أزمة المحروقات المُستجدة في اليومين الأخيرين مردّها ليس النقص في المحروقات، بل نتيجة رغبة من قبل قطاع المحروقات في لبنان بدولرة كاملة للقطاع على مثال ما حصل في المازوت بالإضافة إلى تحرير السعر وعدم تحديده من قبل وزارة الطاقة والمياه. والأصعب في الأمر أن هذا القطاع لا يُريد التعامل إلا بالكاش وهو ما يُعقدّ حياة المواطن التي هي أصلًا صعبة نتيجة تآكل قدرته الشرائية.
لكن الأخطر يبقى من دون أدنى شكّ الأزمة الثلاثية الأبعاد التي دخل فيها لبنان ومُرشّحة بقوة إلى التعاظم، عنيت بذلك مُشكلة الكهرباء، مُشكلة المواد الغذائية، ومُشكلة دولار الإستيراد. إذ من المتوقع أن يسوء وضع التغذية الكهرباء الآتية من مؤسسة كهرباء لبنان بشكل دراماتيكي نتيجة نقص الفيول بالتوازي مع إرتفاع أسعار المازوت الذي سيرفع حكمًا من قيمة فاتورة المولدات الخاصة على المواطن وحتى لن تكون هذه المولدات قادرة بدورها على الإستمرار على نفس وتيرة التغذية نظرًا إلى حاجتها إلى الإستثمار وهو ما لا يحصل حاليًا.
أمّا غذائيًا وعلى الرغم من كل التصريحات بتأمين القمح والحبوب وغيرها من المواد التي تأثرت بالأزمة الروسية – الأوكرانية، فلا شيء عمليًا تمّ التوصّل إليه بإستثناء بعض المساعدات الدولية على مثال الإعلان عن المساعدة التركية (500 طن). وبالتالي فإن النقص سينعكس في الأسواق تدريجيًا على شكل إرتفاع في الأسعار وهو ما سيحصل على أبواب الشهر الفضيل من دون أي قدرة للدولة اللبنانية على مُساعدة شعبها وتبقى الأنظار مُسلّطة على المساعدات الخارجية ومساعدات القوى السياسية على أبواب الإنتخابات النيابية.
أما على صعيد الإستيراد عامة، فإن المُشكلة تتمحور بنقص في دولار الإستيراد والذي يُترّجم تلقائيًا بظاهرة من إثنتين: إمّا إرتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء أو نقص كبير في السيولة بالليرة اللبنانية في حال كان هناك إستمرار بتطبيق تعميم 161.
هذه المشاكل الثلاث والتي تؤثر بشكل كبير على حياة المواطن وقد تؤدّي إلى التأثير على مجرى الإنتخابات النيابية، لا تأخذ حيزًا كافيًا في القرارات الحكومية، وغطّت عليها الملاحقات القضائية في القطاع المصرفي وحجبت الرؤية عن الكارثة المُقدمين عليها. وللذكر، فإن دولة مصر قامت بطلب مساعدة صندوق النقد الدولي لتجاوز هذه المرحلة الصعبة بالنسبة إليها كما قامت بتخفيض سعر صرف عملتها مقابل الدولار الأميركي في حين أننا في لبنان عاجزون عن إنجاز إتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي!
قانون الكابيتال كونترول
على صعيد الكابيتال كونترول، يلتئم المجلس النيابي غدا الثلاثاء لدارسة مشروع قانون الكابيتال كونترول بعدما تأكد إستحالة موافقة صندوق النقد على أي خطة للتعافي من دون اقرار هذا القانون الاصلاحي. ومع توقّعات ببروز خلافات واضحة بشأن اللجنة المرجعية التي يقترحها المشروع وتتعلّق بمبدأ المُحاصصة المعطوفة على خلفيات سياسية وطائفية، يسود تفاؤل حذر من ناحية إقرار هذا المشروع الذي سيكون بمثابة مبادرة إيجابية من قبل الدولة اللبنانية تجاه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي خصوصًا أن بعثة صندوق النقد الدولي تصل إلى بيروت خلال الأسبوع المقبل، بهدف استكمال المفاوضات بشأن ملفات محورية مع إلتزام الحكومة اللبنانية بإتمام الخطوات القانونية والإجرائية التي من شأنها تسريع طرح الخطة الحكومية للإنقاذ والتعافي. ويُعتقد أن إجتماع اللجان المُشتركة اليوم لإقرار هذا المشروع ورفعه إلى الهيئة العامة، يهدف قبل كل شيء إلى توحيد المواقف بين القوى السياسية وخصوصًا موضوع اللجنة المرجعية.
لا حلول في الآفق
في الواقع، كل المؤشرات المتوافرة سواء سياسيًا أو إقتصاديًا أو ماليًا أو نقديًا أو قضائيًا، تُشير إلى أن لا حلول في الآفق. ولعل المؤشرات السياسية هي الأكثر تعبيرًا حيث أن الإنتخابات النيابية وإن استطاعت التغيير قليلًا في المشهد النيابي إلا أنها لن تُغيّر في الجوهر خصوصًا أن توازن القوى، بحسب خبراء الإحصاءات الإنتخابية، باقية على ما هي عليه! وبالتالي فإن الصراعات السياسية والتي تنسحب حكمًا على الإقتصاد والمالية العامة والنقد والقضاء باقية على ما هي عليه. وهذا يعني أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإن كانت التصريحات الإيجابية تُشير إلى أنها على السكة الصحيحة، إلا أن الواقع اللبناني يفرض واقعية أخرى وهي أن هناك إنقساما عاموديا بين القوى السياسية في لبنان ينعكس حكمًا في الإقتصاد والمال والنقد والقضاء ويمنع الإصلاحات المطلوبة.
النظرة التشاؤمية هذه سببها كان وسيبقى الإنقسام السياسي الكبير وبالتالي يُمكن الجزم أنه إذا لم تُنتج الإنتخابات النيابية أكثرية نيابية ذات رؤية إقتصادية مُوحدّة، فإن لبنان الذي نعرفه سيُكمل مسيرة التفكك التي بدأها منذ عامين ونصف!
***************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الراعي: القضاء إنتقائي وإنتقامي وإنتخابي ومسيّس
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، وبعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة تطرق فيها الى الشأن العام وسال: ماذا تفعلون أيها المسؤولون السياسيون، أكنتم في الحكم أم خارجه؟ ماذا تفعلون لتقصروا هذا الليل الحالك الظالم الذي وضعتم فيه لبنان وشعبه ومؤسساته؟ ونتساءل: أما لليل الأزمات والفتن والأحقاد أن ينجلي؟ أما لليل الانهيار وتسيب الحدود ومداخيل جمارك المطار والمرافئ والضرائب والفواتير والفلتان الأمني أن ينجلي؟ أما لليل الفقر والجوع والبطالة أن ينجلي؟ أما لليل القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيس والمركبة ملفاته مسبقا أن ينجلي؟ أما لليل تلفيق الاتهامات والدعاوى والسكوت عن أخرى ساطعة أن ينجلي؟ أما لليل تجميد التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت أن ينجلي؟ أما لليل الخروج عن الدولة والشرعية والجيش أن ينجلي؟ أما لليل الهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق أن ينجلي؟ أما لليل ضرب المؤسسات الأساسية والمصارف وحجز أموال المودعين وضرب الاقتصاد الحر أن ينجلي؟ أما لليل تلوين كل شيء بالطائفية والمذهبية أن ينجلي؟ أما لليل طمس حقيقة مرض لبنان السياسي القتال أن ينجلي؟ أما لليل مفهوم الدولة أن ينجلي بمكوناتها الثلاثة:أرض وشعب ومؤسسات، وبوظائفها الأربع: وحدة القوة المنظمة، ووحدة العلاقات الدبلوماسية، ووحدة فرض الضرائب وجبايتها، ووحدة إدارة السياسات العامة؟”.
وسأل: “إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان. لا، إن حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان. حذار من المس به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته، إن التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها”.
وتابع: “أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقا. يجب أن يتم هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حدا لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل”.
واعتبر أن “دولا عديدة مرت بما نمر به وتمكنت من التغلب على أزماتها”. وقال: “ها هي مصر التي استقبلتنا الأسبوع المنصرم تخرج من أزمة لا تقل حدة من أزمة لبنان. فقد حظيت بحوكمة رشيدة، على يد رئيس مستنير وحكيم، الرئيس عبد الفتاح السيسي – الذي أشكره على لقائنا المثمر وعلى حبه للبنان والشعب اللبناني وهو حب ترجمه بالمساعدات المتنوعة وهو يواصلها – لقد انتشل مصر، وأجرى الإصلاحات الضرورية، ووحد قرار الدولة ومرجعيتها، فنال رضا المجتمعين العربي والدولي والمؤسسات النقدية الدولية، فانهمرت على مصر المساعدات والهبات والقروض التي ساعدتها على استعادة استقرارها ودورها الريادي في العالم العربي. دولة لبنان تنتظر مثل هذا الرئيس لينقذ شعبها”.
ختم الراعي: “جرحت قلبنا وقلوب اللبنانيين جريمة قتل أم مع بناتها الثلاث في بلدة أنصار الجنوبية. فتساءلنا كيف بمكن أن يصبح قلب المجرمين من حجر إلى هذا الحد. نصلي كي يحول الله القلوب الحجرية إلى قلوب من لحم تكون مكان الحنان والحب. وإذ نصلي لراحة نفوس الضحايا الأربع، فإنا نعزي أهلهم والله وحده يعرف كيف يعزي القلوب الجريحة. ونطالب القضاء بمعاقبة المجرمين بما يستحقونه ردعا لمثل هذه الجرائم ضد الانسانية. يا رب، إشفنا جميعا من شلل العقل والإرادة والقلب، فتعود إلينا الحقيقة، والحرية المحررة، وحنان المحبة. لك المجد والشكر أيها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :