صورة الولايات المتحدة على صورة رئيسها

صورة الولايات المتحدة على صورة رئيسها

 

Telegram

 

تقضي الحقيقة القول أن لا مفاجأة في كلام الرئيس الأميركي جو بايدن على الغزو الروسي لاوكرانيا، فقد بدا موقفه هزيلاً لا يعكس خطورة الحدث، ولا يعبّر حتى عن تخوفات «حلف الناتو» التي اطلقها قادته قبيل بدء الحرب.

عملياً لم يكن العالم بحاجة لتنفيذ روسيا تهديداتها بغزو أوكرانيا، حتى نتأكد أن هذه الإدارة الأميركية وعلى رأسها جو بايدن هي إدارة عاجزة ومرتبكة، برئيس مسن غير قادر على مواكبة الاحداث، ووزير خارجية بليد وغير متمكّن من إدارة الازمة كما ينبغي.

تاريخياً يمكن القول ان الحزب الديموقراطي كان دائماً يقدم نماذج وعينات عن افشل الرؤساء في الولايات المتحدة. فقد ظن كثير من المختصين في الشأن الأميركي والسياسات الدولية، أن الرئيس الأسبق جيمي كارتر قد وصل الى قعر الفشل وقلة التأثير، ولا يمكن أن يأتي رئيس يصل الى ما دون ذلك، انما أصر الديمقراطيون على ان يثبتوا للعالم أن لا حدود للفشل، وقلة الحيلة، فقدموا للعالم عينة نرجسية، باطنية، وفاشلة من طراز باراك أوباما، وقس على ذلك هذا الرئيس الحالي، العاجز على الصعد كافة. ويدور الحديث راهنا داخل الولايات المتحدة، عن الوضع الصحي للرئيس بايدن، وهل بإمكانه ان يستمر في منصبه، حيث يعجز عن تذكر أسماء بعض من في ادارته، وهل هو قادر على أداء مهامه كرئيس لاقوى واغنى دولة في العالم، بما يقع عليها من مسوؤليات، ومهام في اغلب قارات العالم؟

ومما لا شك فيه، ونظراً لأهمية ودور الرئيس في الولايات المتحدة، تكون صورة اميركا على صورة رئيسها، وهذا يعود لنظامها الرئاسي الأكثر مواءمة مع النسق الفيدرالي للدولة، بما يمتلك الرئيس من قوة ونفوذ وصلاحيات، ليبرز عند الأزمات، المؤسسة الأقوى، أولا بوصفه منتخباً من الشعب، وثانياً لما منحه الدستور من صلاحيات مؤثرة وهامة.

ففي عالم تقوم فيه العلاقات الدولية على الصراع وتحقيق المصالح، والمراقبة الدائمة لسياسات الولايات المتحدة وقوة حضورها، خصوصاً في النظام الدولي الذي نشأ بعد انتهاء الحرب الباردة، الذي يراعي الجميع، حفظ ورعاية المصالح الأميركية، من خلال قوة وحضور وأداء الرئيس الأميركي الذي يكون بأدائه مقياساً لتوجهات الدول الأخرى، التي تسعى لإعادة تشكيل العالم على غير الأحادية القطبية.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد فرض الرئيس السابق دونالد ترامب نفوذ الولايات المتحدة بحزم وشدة، من خلال بعض المواقف التي عكست قوة المبادرة والحضور القوي له ولإدارته، حيث فرض على الصين ضرائب ورسوماً جمركية تقدر بالمليارات، ولم يفرّق في هذا بين صديق وعدو، فهدد بفرض ضريبة على النبيذ الفرنسي، هذا فضلاً عن قيامه بقصف مواقع للنظام السوري الذي قام باستعمال السلاح الكيماوي ضد المعارضة السورية، وقيامه باغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، وقصف الميليشيات الموالية له، عند كل استهداف للقوات الأميركية المتمركزة في العراق وسوريا.

بينما، ومنذ اللحظات الأولى لتسلم جو بايدن سدة الرئاسة، قام باتخاذ خطوات مجانية ومن دون افق، كرفع اسم « جماعة انصار الله» الحوثية عن لوائح الإرهاب، وخوفه من الرد على استهداف جنوده في العراق من قبل حلفاء ايران، كل هذا أعطى الانطباع بأنه وادارته في موقع الضعيف، غير المكترث بمصالح الحلفاء في المنطقة، وان غاية هذه الإدارة الوحيدة هي توقيع الاتفاق النووي، كيفما اتفق، مع ايران التي تدير مصالحها باقتدار واحتراف، حيث قرأت جيداً السلوك الأميركي المربك حيالها، فأصبحت في موقع المناور المتمرس، الذي يفرض شروطه وليس العكس.

وثمة من يقول في الولايات المتحدة أن جو بايدن، ما هو سوى كومبارس على هيئة رئيس، يديره باراك أوباما، لدرجة وصل معها القول، أن إدارة بايدن هي الولاية الثالثة لأوباما، الذي كان هو ووزير خارجيته جون كيري من اكثر المتحمسين لتوقيع الاتفاق النووي مع ايران، وكل ذلك لتحقيق أحلامه الشخصية والنرجسية. وقد ألّف مستشاره الخاص بن رودس كتاباً بعنوان «العالم كما هو» كشف فيه حقد أوباما وعنصريته ضد العرب حيث كان يصفهم بعديمي القيم والحضارة، كما كان يغازل ايران ويتسامح معها ومع أهدافها التوسعية، فهو الذي اطلق يدها في المشرق العربي، ورفض الحديث عن الازمة السورية كي لا يزعج الروس والإيرانيين، فتمثل هدفه الشخصي في توقيع الاتفاق مع ايران والقول انني أنجزته لوحدي.

بوتين للمرة الثانية بعد التدخل في سوريا، ينتهز فرصة وجود إدارة ديمقراطية ضعيفة وهزيلة، ليشن هجوماً عسكرياً كاسحاً على أوكرانيا، التي تخلى عنها «حلف الناتو» والولايات المتحدة وتركوها وحيدة تواجه الآله العسكرية الروسية، مكتفين فقط بفرض عقوبات اقتصادية، يمكن أن تؤثر، لكن في المدى البعيد.

فروسيا قد كشفت عمداً حشودها العسكرية، لتختبر رد فعل إدارة جو بايدن والغرب، الذين اكتفوا بالتحذير من تداعيات الغزو، فبوتين يدرك جيداً أن العجز والخوف عند الازمات، يشكلان دعوة صريحة لخوض الحرب دون رادع.

ليس المطلوب من الاميركيين أن يدخلوا الحرب ليبرزوا قوتهم، بل القوة تكمن في منع الحروب، ليس في خوضها، وهذا ما عجزت عنه اميركا، التي تبدو راهنا متهالكة وضعيفة جدا، على صورة رئيسها.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram