كتب رشيد حاطوم
منذ ذلك اليوم الأليم في الرابع عشر من شباط عام 2005، يوم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ودخول لبنان في دوامة من الاضطرابات الأمنية والسياسية، مرورًا بالأحداث الجسام التي تلت ذلك، وصولاً إلى انتفاضة السابع عشر من تشرين التي اجتاحت البلاد، حيث نزل اللبنانيون إلى الساحات والطرقات مطالبين بالكرامة والعدالة، كان هناك حارس واحد يقف على خط النار: الجيش اللبناني.
في كل هذه المحطات، كان الجيش هو الدرع الواقي للمواطن والممتلكات العامة. كان الحاجز الإنساني بين المتظاهرين الغاضبين وبين مخاطر الانفلات، بين المطالب المحقة وبين الفوضى العارمة. حافظ على السلم الأهلي وهو ينزف من داخله، وقف محايدًا وهو يُستهدف من جميع الأطراف. لم يكن دوره قمعًا للمطالب، بل حمايةٌ للحق في التعبير والحق في الحياة.
ولا ننسى هنا دور الجيش التاريخي في صد خطر الإرهاب عن لبنان، من معركة نهر البارد الأولى إلى معركة فجر الجرود الباسلة، حيث قدم الشهداء والجرحى درءاً لخطر التكفيريين عن كل شبر من أرض لبنان.
جيش وطني يحمل عقيدة وطنية، فلماذا تريد الحكومة سقيه من كأسها المسموم؟
هذا الجيش الوطني، بعقيدته الوطنية الصلبة، هو كأس الوطن المقدس. لكن اليوم، تريد الحكومة أن تسقيه من كأسها المسمومة، كأس العجز والفساد والتبعية. بدلاً من أن تحمي هذا الكأس، تتعامل معه وكأنه وعاءٌ للتخلص من أعبائها.
وتتجلى حكمة قائد الجيش العماد رودولف هيكل في قيادة هذه المؤسسة بعبقرية فذة وصبر نادر، حيث يسخر كل قدراته وخبرته وحكمته الفائقة للعبور بالجيش والوطن من هذا النفق المظلم الذي وضعته فيه الحكومة، محافظاً على تماسك الجيش ورغم كل الضغوط والمهام المستحيلة.
تستسهل السلطة إلقاء "كرة النار" على الجيش في كل أزمة، دون أي تفاهم وطني أو رؤية استراتيجية. بدلاً من حوار وطني جاد لبناء سياسة دفاعية متكاملة، يتم رمي القضايا الشائكة على عاتق الجيش ليحمل لوحده ما يفترض أن يكون خيارًا لأمةٍ كاملة.
الحكومة تُغفل ورقة المقاومة وتُخضع الجيش لإملاءات خارجية
وفي خضم هذا كله، تُغفل الحكومة عن عمدٍ أو عن تقصير "ورقة المقاومة" ودورها في تعزيز شروط القوة الوطنية وتحصين الوطن وإلزام العدو بتطبيق القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة. وفي المقابل، تخضع لإملاءات خارجية وتشدد القيود على الجيش، ناهيك عن الدور المخزي لوزير الخارجية في خذلان الوطن والاستفادة من علاقات لبنان الدولية. هنا لا بد من استحضار موقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري أثناء عدوان عناقيد الغضب، كيف طار من بلد إلى بلد للدفاع عن لبنان في وجه مجازر وغطرسة العدو الصهيوني، مثبتًا حق لبنان في الدفاع عن أرضه عبر دبلوماسيةٍ كانت تعبّر عن إرادة الدولة بأكملها، بينما يتم اليوم رمي الجيش في معارك ليست معاركه.
إلى متى سيظل الجيش كبش الفداء؟
إلى كل جندي وضابط يحملون هذا الوطن على أكتافهم، أنتم الأقوياء بالرغم من كل شيء. أنتم الذين تصنعون المعجزات بصدور عارية وإرادة من حديد.
لكن الرسالة إلى الحكومة واضحة: كفوا عن استغلال شعبية الجيش ووطنيته لستر عجزكم. الجيش ليس بديلاً عن سياساتكم الفاشلة، وليس حلاً لأزماتكم المزمنة. إنه مؤسسة يجب حمايتها لا استغلالها.
عودوا إلى عقيدة الجيش الأساسية: الدفاع عن الوطن وحماية حدوده. قدموا له الدعم اللازم والمادي والمعنوي، بدلاً من أن ترهقوه بالمهام التي تقع على عاتقكم أنتم.
ليحفظ الله الجيش اللبناني، فهو درعنا الأخير الذي إن سقط، سقط الوطن.
-
#الجيش_اللبناني #يد_بيد_نحمي_لبنان #ابعدوا_عن_جيشنا_هذا_الكاس
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :