بدأت دائرة الجنوب الثالثة تشهد حراكاً انتخابياً لمكونات المعارضة بمختلف أطيافها، للوصول إلى الاستحقاق بلائحة موحدة تنافس الثنائي الشيعي المسيطر على جميع المقاعد. وبعد اللقاءات التي عقدت في الأيام السابقة، ونتج عنها اتفاق على تشكيل لجان تنسيق على مستوى الأقضية، ولتتشكل لجنة على مستوى الدائرة ككل، تطلق بعض المجموعات والقوى نداء لتوحيد المعارضة في الجنوب والتعاون الانتخابي، يوم السبت المقبل، بدعوة من مجموعة نبض الجنوب المقاوم (تضم شخصيات وأفراد مستقلين وحزبيين سابقين من مختلف الأحزاب السياسية) وعامية 17 تشرين (مستقلين ويساريين).
عدم تكرار تجربة العام 2018
الانقسامات بين المجموعات والقوى في الدائرة، هي عينها انقسامات المعارضة في لبنان، والتي تحول دون تشكيل لوائح موحدة في لبنان. ويضاف إليها وجود زحمة مرشحين ومجموعات صغيرة، تعيد إلى الذاكرة مشهد الانقسامات التي كانت قائمة في العام 2018. فحينها وبعد كل اللقاءات انقسم المتحاورون وذهبوا للانضواء في لوائح مختلفة وتوزعوا بين لائحة القوات اللبنانية ولائحة تيار المستقبل والتيار الوطني الحر ولائحة كلنا وطني. ولتجنب هذا المشهد ثمة دعوات كي تبادر المجموعات المتجانسة إلى إطلاق برنامجها السياسي والانتخابي، ليصار إلى وضع أسس مشتركة للتعاون الانتخابي بين الجميع، وتشكيل لائحة مشتركة.
ورغم التشاؤم بعدم التوصل إلى لائحة موحدة، في ظل التباينات السياسية حول كيفية مقاربة موضوع المقاومة والسيادة وفي ظل الأنانية والشخصانية، يعتقد بعض العاملين على التوافق بأن جميع مكونات المعارضة تعلموا من تجربة العام 2018 ولا يمكن إلا أن يتفقوا. فهناك انفتاح للتعاون بين جميع المكونات وإيجابية بالتعامل مع الاستحقاق، كما تؤكد المصادر.
حيرة المستقبل
العوامل الجديدة التي طرأت على الدائرة تجعل إمكانية خرق لائحة الثنائي الشيعي ممكنة، لكنها بحاجة لجمع كل المكونات المعارضة له، كما تقول المصادر.
على مستوى المكون السنّي يعيش تيار المستقبل ضبابية المقاطعة واللا مقاطعة، بعد قرار الرئيس سعد الحريري العزوف عن الترشح والخروج من الحياة السياسية مع تياره. ووفق المصادر، مشاركة "المستقبل" من عدمها لم تحسم بعد، وذلك في انتظار عودة الحريري للمشاركة في الذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري يوم 14 شباط. ليس هذا فحسب، بل ثمة استحقاق أساسي يحدد مصير مشاركة مرتبط بالجلسة العامة المقبلة لمجلس النواب.
وتسأل المصادر: كيف ستتصرف كتلة المستقبل مع أول استحقاق بعد عزوف الحريري؟ هل تشارك في الهيئة العامة أم لا تشارك؟ وتؤكد أن هذا الاستحقاق سيكون أول اختبار لكيفية تصرف المستقبل في الانتخابات. فالمشاركة في الجلسة تعني عدم مقاطعة الحياة السياسية، ما يعني عدم مقاطعة الانتخابات. وهذا يسري ليس على دائرة الجنوب الثالثة بل على مختلف الدوائر.
وتضيف المصادر، أن معركة الجنوب الثالثة لها خصوصية لأنها تحتاج إلى تضافر جهود المكون السني والدرزي والمسيحي والشيعي المعارض لخرق لائحة الثنائي. لكن بعض المجموعات الصغيرة تسير بسلبية شعارات "كلن يعني كلن" من دون إجراء أي حسابات لأسس المعركة في هذه المنطقة المقفلة، ما قد يدفع المستقبل إلى تعليق عمله الانتخابي في المنطقة. هو موقف سلبي لكن ضروري، كما تؤكد المصادر.
البيئة المقفلة
وإذا كانت البيئة الشيعية مقفلة للثنائي الشيعي، رغم وجود مكونات يسارية وقوى تقليدية معارضة، إلا أن الامتعاض الشيعي، يؤدي أقله إلى تراجع نسبة الاقتراع. وصحيح أن الامتعاض الشيعي لن يترجم بتصويت اعتراضي له وزن، لكن مقاطعة الانتخابات تؤدي إلى تراجع الحاصل الانتخابي المرتفع جداً في الدائرة، ما يسهل خرق المعارضة للائحة الثنائي، خصوصاً في حال تشكلت لائحة موحدة.
فحص الشعبية
أما مسيحياً، ورغم وجود مفاوضات مع القوات اللبنانية لدعم لائحة معارضة وعدم ترشيح حزبيين، تؤكد المصادر أن القوات تعتبر معركة الجنوب محطة لفحص شعبيتها ليس إلا. فالحسابات السياسية للقوات في كيفية التعامل مع مختلف أحزاب السلطة تدفعها إلى عدم تحريك ماكينتها الانتخابية بوجه لائحة الثنائي الشيعي إلا في حالتين: مرشح حزبي يخوض معركة الفوز بالمقعد أو مرشح حزبي لقياس شعبيتها في الدائرة. وهذا يجعل تعويل المعارضة على المكونات المسيحية الأخرى، أي الكتائب اللبنانية والحالة العونية المعترضة على التيار الوطني الحر.
التيار والثنائي الشيعي
درزياً، غياب النائب أنور الخليل عن المعركة والحصار الذي يتعرض له الحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت ومناطق أخرى أدت إلى امتعاض درزي تجعل من الصوت الدرزي مقرراً مهماً، بمعزل عن عدم انخراط "الاشتراكي" بالمعركة بمرشح حزبي. ويحكى عن منح المقعد الدرزي على لائحة الثنائي الشيعي للحزب القومي السوري الاجتماعي عوضاً عن المقعد الأرثوذكسي الذي يحتله النائب أسعد حردان، وذلك بغية ضم مرشح التيار الوطني الحر على اللائحة.
انضمام باسيل إلى لائحة الثنائي الشيعي، بعد كل خطابته واتهاماته لحركة أمل بالفساد، تضع قيادة "التيار" في حرج مع الناخبين وسيرتد عكسياً عليه، كما تقول المصادر، مضيفة أن الحالة العونية الحزبية تذهب مع خيار القيادة، بينما الحالة المعترضة ستكون أمام خيار الاعتكاف أو المشاركة كصوت اعتراضي. فبخلاف العام 2018، وبمعزل عن تراجع التيار في كل لبنان، وفي ظل انتهاء "العهد" من دون أي إنجازات، تغير مزاج الحالة العونية التي صوتت لـ"العهد" لتأمين حماية لها في المنطقة. فوصمة العمالة والخوف من الآخر تدفع الأقليات إلى طلب الحماية من الأقوياء. لكن مع رحيل ميشال عون ستكون هذه الحالة العونية أقرب إلى القوى التغييرية، في حال تشكلت لائحة معارضة قوية تحسن التعامل مع مختلف البيئات.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :