حزب الله "متحمّس" لانتخابات أيار... هل حُسِم أمرها فعلاً؟!

حزب الله

 

Telegram

 

قد لا يكون أمرًا إيجابيًا أن يبقى الغموض مسيطرًا على الانتخابات النيابية قبل نحو ثلاثة أشهر فقط من موعدها المفترض، وبعد مرور نحو شهر على فتح باب الترشيحات إليها، في وقت كان يفترض، لو أنّ ظروف البلد عاديّة وطبيعيّة، أن تكون الحملات الانتخابية "في أوجها"، والتنافس "محمومًا" بين الأحزاب والقوى السياسية، بما فيها تلك "التغييرية" منها.

لكن، على عكس المأمول، يبدو المشهد مغايرًا تمامًا، وسط "سباق" نحو "المقاطعة" افتتحه رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري الذي ارتأى "تعليق" عمله السياسي في توقيت "ملتبس" عشيّة الانتخابات، ففتح "شهيّة" كثيرين ممّن لا يزالون يبحثون عن "مَخرَج" يتيح تأجيل الانتخابات، بل "تطييرها" إلى أجَلٍ غير مسمّى، إن قُدّر لهم ذلك، وهو ما فعلوه سابقًا أساسًا.

إلا أنّ "الخرق" الذي طرأ على المشهد الانتخابي تمثّل في ما بدا أنّه إطلاق "​حزب الله​" لحملته الانتخابية خلال عطلة نهاية الأسبوع، وقول نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم إنّ كلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ الانتخابات "حاصلة" في مواعيدها، وأنّ الحزب يعمل على التحضير للانتخابات منذ أربعة أشهر، ولو أنّه ارتأى تأجيل إعلان "شعار" الحملة و"عناوينها" إلى وقت لاحق.

وذهب قاسم أبعد من ذلك ليقول إنّ الحزب "متحمّس" للانتخابات، محاولاً بذلك "دحض" النظرية القائلة أنّه ممّن لا يريدون الانتخابات في ظلّ الظروف الحاليّة، فهل يؤشّر ذلك، فعلاً لا قولاً، إلى أنّ الانتخابات حاصلة فعلاً في أيار المقبل، أم أنّها مجرّد "مناورة كلامية" لا تقدّم ولا تؤخّر، وأنّ العبرة تبقى في "الخواتيم" التي "تُطبَخ" في الكواليس، والمتروك إلى اللحظات الأخيرة؟!

في المبدأ، قد يكون من الصعب "التسليم" بوجهة نظر محدّدة على حساب الأخرى، فكلّ "السيناريوهات" تبقى واردة، وبالتالي فإنّ إجراء الانتخابات وارد كما "تطييرها"، خصوصًا أنّ التجربة أثبتت عدم جواز "التسليم" بما تقوله القوى السياسية، وخصوصًا التقليدية منها، وما تتعهّده، لأنّها تبقى قادرة على "إخراج" نكثها بتعهّداتها، من دون أضرار على الإطلاق.

ولعلّ تجربة "التمديد" الشهير لبرلمان 2009 تكفي للتأكيد على هذا الموقف والرأي، إذ إنّ كلّ الأحزاب والقوى السياسية كانت تجزم أنّ التمديد غير مطروح، وأنّ أحدًا لا يفكّر به، وما أن أصبح "مشروع القانون" جاهزًا، حتى سارع كلّ النواب لإقراره، بذريعة "ظروف قاهرة" لم تكن "قاهرة" بشيء، وهي لا تشبه أبدًا ظروف 2005 مثلاً التي جرت فيها انتخابات على وقع انفجارات واغتيالات، أو ظروف اليوم في ضوء الأزمة الاقتصادية "القاتلة".
ولكن، في المقابل، أن يكون "حزب الله" قد أطلق "عدّة العمل" الانتخابية ليس تفصيلاً برأي كثيرين، خصوصًا أنّ الحزب يبقى بالنسبة إلى المتابعين "الطرف الأقوى" على الساحة، ما يعني أنّه إذا أراد إجراء الانتخابات فإنّها حاصلة حتمًا، وإذا لم ترغب فإنّ "فيتو" واحد منه كافٍ لتطييرها، ولو أنّ البعض يعتقد أنّه يقف في منطقة "الوسط" الرمادية، وأنّه "جاهز" لكلّ الاحتمالات، سواء جرت الانتخابات أم لا.

ويقول العارِفون إنّ ما يجعل "حزب الله" في حالة "عدم اكتراث" بهذا المعنى، إن جاز التعبير، أنّه "مطمئنّ" على واقعه السياسيّ والانتخابيّ، فهو يعتقد أنّه على المستوى الشخصيّ، سيعود إلى البرلمان بالحجم نفسه، ومن دون تغييرات تُذكَر، طالما أنّه سيخوض المنافسة وفق معايير "التحالف" مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأنّه مع حركة "أمل" لا يزالان "يحتكران" بشكل أو بآخر المناطق "الشيعية" التي حرص القانون الانتخابي على "حفظ خصوصيّتها".

لا يعني ذلك أنّ البيئة الحاضنة لـ"حزب الله" لم تتأثّر بالأزمات المتفاقمة اقتصاديًا وماليًا، ولم "تنفر" من الحزب نتيجة الأداء الذي رافق الكثير من محطّات الأعوام الماضية، بدءًا من طريقة تعاطيه مع الحراك الشعبي الذي تمّ "تخوينه"، وصولاً إلى "تعطيل" الحكومة ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء بسبب الاعتراض على محقق عدلي، إلا أنّه يعني أيضًا أنّ الحزب يعتقد أنّ الأمور لا تزال "تحت سيطرته"، إلى حدّ بعيد.

ولعلّ هذا الأمر بالتحديد سيأخذه الحزب بعين الاعتبار في صياغة شعار وعناوين حملته الانتخابية، ويقول العارفون بأدبيّاته إنّه لن يتردّد في "توظيف" الحملة لاستعادة الكثير من "المتردّدين"، ممّن يؤيّدون خطّ ​المقاومة​، لكنّهم وجدوا أنفسهم "بعيدين" نظريًا وعمليًا عن السياسات الداخلية التي اتبعها "حزب الله" في السنوات الأخيرة، ولذلك فإنّ مبدأ "المقاومة" لا شكّ سيتصدّر البرنامج الانتخابي للحزب.

بمعنى آخر، فإنّ الحزب سيسلّط الضوء في حملته الانتخابية على ما يعتبرها "مخططات ومؤامرة" تُحاك لاستهداف "المقاومة"، ولعلّه قد يستفيد من "الهجمة" المتصاعدة عليه في الفترة الأخيرة، وصولاً إلى "استحضار" موضوع نزع السلاح، عربيًا ودوليًا، والذي يرى كثيرون من الدائرين في فلك "الحزب" أنّه غير بريء، علمًا أنّ "سكوته" على ما تضمّنته الورقة الخليجية الأخيرة في هذا السياق لا يجب أن يُفهَم في غير سياقه.
ولعلّ المؤشّرات الأولى للعناوين الانتخابية ظهرت في حديث نائب الأمين العام لـ"حزب الله" التمهيدي للحملة الانتخابية، حيث كان الهجوم مصوَّبًا باتجاه "القوات اللبنانية" التي وصفها بـ"الحزب الإلغائي"، متحدّثًا عن تاريخها "المليء بالإجرام"، على حدّ تعبيره. وقد يكون "الحزب" بهذا الهجوم، يدخل المعركة وفق "الشروط" التي وضعها خصومه، ولا سيما بعدما بات واضحًا أنّ رئيس حزب "القوات" سمير جعجع هو من يقود الخطاب المناهض للحزب في الانتخابات، بوصفه "رجل السعودية الأول"، وهو ما تكرّس بعد "انكفاء" سعد الحريري.

وكان لافتًا في سياق متصل أنّ العلاقة بين "حزب الله" و"​التيار الوطني الحر​" عادت في اليومين الماضيين، إلى ما يشبه "سابق عهدها"، بعد طيّ صفحة "فكّ التحالف"، على لسان رئيس "التيار" الوزير السابق ​جبران باسيل​، الذي عاد ليتحدّث عن "تطوير التفاهم"، وهو ما بدا لكثيرين توطئة للتحالف في العديد من الدوائر المشتركة، في مواجهة المشروع "القواتي" الذي لا يبدو أنّ "تجاهله" أو "القفز فوقه" واقعيًا.

في النتيجة، بدأ العدّ العكسيّ للانتخابات، وبدأ معه التحضير "العمليّ" للمعارك المفترضة والمرتقبة في العديد من الدوائر، مع استحضار الكثير من العناوين الاستراتيجية "الخلافية" إلى الساحة. لكنّ الثابت والأكيد أنّ "التشكيك" بحصول الانتخابات يبقى ملازمًا للمسار، وهو ما ينبغي وضع حدّ له أولاً وقبل كلّ شيء، حتى يصحّ القول إنّ الانتخابات خرجت دائرة الخطر، وإنّ البلاد دخلت فعليًا في فلكها!

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram