تطورات الساحل الغربي في اليمن تطرح مستقبل عدن بالتوازي مع مستقبل مأرب / قطر تخلي المجال لتركيا بعد تراجع فرضية الوساطة لصالح محاولة ملء الفراغ / بري يدعو للتحقيق في الحرائق وتعيين مأموري الأحراش: الطائفية أخطر الحرائق
ألقى التصعيد السعودي المفاجئ على لبنان مزيداً من الضوء على أحداث اليمن، بعدما كشف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في تصريحات جديدة عن العلاقة بين التصعيد والموقف من حزب الله، وعلاقة الموقف من حزب الله بتطورات الحرب في اليمن، وفي الحالتين تحول تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي إلى مسألة هامشية اتخذت كذريعة لإطلاق الموقف التصعيدي ومدخلاً لتوقيت التصعيد، وبعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي فكك بهدوء الخطاب السعودي عن هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية، وقدم الحماية والحصانة لوزير الإعلام بوجه دعواته للاستقالة أو محاولات الضغط لإقالته، في ظل السقف الأميركي الذي يحكم الحراك السعودي لجهة منع انهيار الاستقرار سواء بالضغط لاستقالة الحكومة، أو الإقدام على خطوات تصعيدية إضافية من نوع ترحيل الرعايا أو وقف التحويلات المالية، تحول التصعيد السعودي إلى نوع من ربط النزاع مع لبنان قابله ربط نزاع من حزب الله، ليلتقيا عند استحقاق معارك مأرب، التي تتزايد المؤشرات على تقدم سيطرة الجيش واللجان والأنصار على زمام المبادرة العسكري والأمني والسياسي فيها، حيث الاجتماعات التي يجريها الأنصار مع شيوخ القبائل وحكام المديريات وقادة الشرطة المحلية تتقدم نحو فرص تسويات سياسية، تواكب تفاهمات ميدانية عسكرية لتحقيق انسحابات تشبه ما جرى في الساحل الغربي، على قاعدة التحسب لما بعد مأرب، بينما تتقدم الوحدات العسكرية لربط جبهتي الجنوب والغرب وتحكم الطوق حول المدينة، بينما فتحت الانسحابات من الساحل الغربي باب الاتهامات المتبادلة بين جماعة الإمارات والسعودية، حول إبرام صفقات مع الأنصار لضمان مستقبل ما بعد مأرب، وفي هذا السياق يجري الحديث عن مفاجأة تحميها الأيام القليلة المقبلة في عدن، ربما تسبق مشهد تحرير مأرب، وتخلط الأوراق السياسية والعسكرية في اليمن، وربما ما هو أبعد من اليمن.
على خلفية التصعيد السعودي على لبنان يصل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى بيروت بعدما عدلت قطر للمرة الثانية موعد زيارة وزير خارجيتها إلى بيروت، وفقاً لما وعد به أمير قطر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائهما على هامش قمة المناخ في غلاسكو، وقالت مصادر على صلة بزيارة الوزيرين التركي والقطري أن التنسيق قائم بينهما، وربما يكون الوزير القطري قد أخلى المجال للوزير التركي بعدما تبين صعوبة إطلاق مبادرة للوساطة بين السعودية ولبنان، يمكن لقطر أن تتولاها، وظهرت فرصة التقدم لملء الفراغ السعودي يمكن لتركيا أن تتولاها وتمولها قطر من دون أن تظهر كمنافس للسعودية وتتسبب بتوتير العلاقات معها.
داخلياً كان مشهد الحرائق التي التهمت آلاف الدونمات من الأحراج مؤلماً لكل اللبنانيين، وسط تساؤلات عن وجود أياد خفية وراء الحرائق، وتحدث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الحرائق داعياً الأجهزة الأمنية والقضائية للتحقيق وكشف الفاعلين، معتبراً أن أخطر الحرائق هي الطائفية والمذهبية، متسائلاً ألم يحن أوان تعيين مأموري الأحراش الفائزين بمباريات مجلس الخدمة المدنية من دون التوقف أمام الاعتبارات الطائفية؟
لليوم الثاني على التوالي، استمرّ لبنان في مكافحة خطر الحرائق التي طاولت مساحات خضراء شاسعة في مناطق جنوبية ومتنية فضلاً عن مناطق في عكار والبترون وسط مساعي فرق الإطفاء المتعدّدة للسيطرة على النيران، بخاصة في بيت مري، بعدما أكلت النيران الأخضر واليابس ووصلت إلى البيوت والأحياء السكنية، علماً أن الحرائق طاولت جبال البطم، طيرفلسيه، برج الشمالي، الخرايب، أرزون، زبقين، ياطر، دير قانون النهر، العزبة، سلعا، شحور، باريش، القصيبة، الزرارية، صير الغربية وغيرها.
وتابع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، عمليات إخماد الحرائق في عدد من المناطق، لا سيما في منطقة بيت مري حيث شاركت أكثر من 14 آلية للدفاع المدني من مراكز برج حمود، قرنة شهوان، بسابا، التحويطة، بحمدون، مزرعة يشوع، بعبدات، برمانا، ضهور الشوير، بصاليم وطريق الجديدة، وتتوجه الآن آليات إضافية من مراكز زحلة وبرج البراجنة ليرتفع عدد آليات الإطفاء إلى 19.
وأكد مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار «أننا نعمل بكل الإمكانات المتوافرة في أيدينا وبمؤازرة الجيش ونسعى لتكثيف الجهود لحماية الناس وأرزاقهم لأنّ رقعة الحريق كبيرة في بيت مري ولا أريد استباق التحقيقات ولكن يبدو أن حريق اليوم مفتعل».
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري، تعليقاً على الحرائق التي اندلعت ولا تزال في أكثر من منطقة لبنانية، إن توقيت الحرائق يطرح جملة من التساؤلات نضع الإجابة عليها برسم الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة التي يجب أن تسارع إلى إجراء تحقيقاتها وتحديد المسؤوليات والأسباب التي أدت إلى حصول هذه الكارثة، إذا لم نقل هذه الجريمة التي طاولت ليس البيئة فحسب، إنما أيضاً الإنسان في هذه المنطقة في تراثه وثقافته وذاكرته مع المقاومة وشهدائها الذين لهم مع كل شجرة قصة مجد وبطولة».
وأضاف: «ألم يحن الوقت للاقتناع أن تحصين الوطن وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الوطني وطبعاً ما تبقى من ثروة حرجية يكون بالإقرار بتعيين مأموري أحراج خارج القيد الطائفي؟ إن أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس».
ورأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أننا في أزمة على المستوى الوطني وهذه الأزمة لا تتحمّل مسؤوليتها المقاومة ولكنّها تتصدى لمواجهة أعبائها لأنها حريصة على كرامة شعبها وسيادة وطنها. وتابع رعد: «نحن لا نريد لهذه الأزمة أن تسقط بلدنا ولا أن تغيّر خيارات شعبنا ولا أن تنتهك كرامة أهلنا، ولذلك نقف إلى جانب شعبنا نتحدّى ونصمد ونُصبّر بعضنا البعض، ونفعل الذي لا يُفعل في مواجهة هذه الأزمات.
حكومياً لم يستجدّ أيّ مؤشر إيجابي على صعيد الملف الحكومي، علماً أن أوساطاً سياسية رجحت بروز بوادر حلحلة هذا الأسبوع قد تؤسس لعودة جلسات مجلس الوزراء، ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو في بيروت اليوم حيث سيبحث مع المعنيين في الملف الحكومي وملفات أخرى تتصل بمساعدة لبنان.
ويرفض الثنائي الشيعي تحميله مسؤولية تعطيل عمل الحكومة. وتقول مصادره لـ«البناء»: نحن أبدينا استعداداً للعودة إلى مجلس الوزراء إذا تمت معالجة الملف القضائي، بالتالي يجب على الحكومة أن تصحح المسار القضائي تمهيداً للعمل على إقرار خطة التعافي بما يخدم الشعب اللبناني فضلاً على إطلاق خطة الكهرباء، مشددة على أن اعتكاف الوزراء الشيعة لا يعطل إقرار القرارات المتصلة بعمل الوزارات المعنية كالطاقة والاقتصاد. ولفتت المصادر إلى أن ظروف زيارة رئيس مجلس النواب إلى بكركي لم تنضج بعد.
إلى ذلك قالت مصادر سياسية لـ«البناء» إن هناك اتصالات أميركية وفرنسية مع السعودية لوقف التصعيد ضد لبنان، ووقف إجراءاتها ضده، مشيرة إلى أن اتصالات أيضاً حصلت مع حزب الله من قبل الفرنسيين وأطراف محلية للتخفيف من الهجوم على الرياض، مضيفة لقد اتضح هذا الجو خلال إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم الخميس الماضي، والذي ترك خلال كلمته الباب مفتوحاً أمام المبادرات للحل، ومع ذلك قالت المصادر إن لا توجه حتى الساعة لاستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي وإن زيارة عين التينة لم تحمل أي توجه في هذا الإطار، مرجحة استمرار الأزمة لوقت طويل، مع إشارتها إلى أن تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق مع الوزراء والنواب في قضية انفجار مرفأ بيروت قد يغير في المعطيات إذا جرى تبني هذا الطرح.
وفي سياق متصل حضر يوم السبت ملف لبنان بين القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى يائيل لمبرت ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في باريس حيث بحثا إضافة إلى المستجدات الأخيرة في العلاقات اللبنانية- السعودية عدداً من القضايا الإقليمية. وتشير معلومات «البناء» نقلاً عن مصادر مطلعة إلى أن السعودية رفضت طلباً أميركياً لدعم لبنان وجيشه، وأنها لا تزال على موقفها متذرّعة بأسباب تتصل بحزب الله ونفوذه في مؤسسات البلد، مشيرة في الوقت عينه إلى أن موعد زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت لم يحدّد بعد.
وسأل البطريرك الماروني بشارة الراعي: «أيّ منطق يسمح بتجميد عمل الحكومة والإصلاحات والمفاوضات الدولية في هذه الظروف؟ كل ما يجري اليوم يتعارض تماماً مع النظام اللبناني بوجهه الدستوري والميثاقي والديمقراطي. ما لنا بحروب المنطقة وبمحاورها؟ ما لنا بصراعاتها وبلعبة أنظمتها؟ ما شأننا لنقرر مصير الشعوب الأخرى فيما نحن عاجزون عن تقرير مصيرنا، بل عن اتخاذ قرار إداري؟
إذا كان البعض يعتبر الحياد حلاً صعباً، فإنا نرى فيه الحل الوحيد لإنقاذ لبنان. لقد بات متعذراً إنقاذ الشراكة الوطنية من دون الحياد. وكلما تأخرنا في اعتماد هذا النظام تضررت هذه الشراكة ودخل لبنان في متاهات دستورية لا يستطيع أي طرف أن يحدد مداها. لا يحق لأي طرف أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين ويضرب علاقات لبنان مع العالم، ويعطل عمل الحكومة، ويشل دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد في المجتمع اللبناني. ولا يحق بالمقابل للمسؤولين، كل المسؤولين، أن يتفرّجوا على كلّ ذلك، ويرجو موافقة هذا الفريق وذاك. هذا هو فقدان الكرامة وهذا هو الذلّ بعينه».
وأكّد مبعوث الطاقة لوزارة الخارجية الأميركية، أموس هوكشتاين، أن لبنان يحتاج إلى حكومات خليجية لتكون داعمة له وإعطاء الدعم السياسي والمالي الذي يحتاجه لبنان في الوقت الحالي. وأرى أن الحاجة الفورية هي الحصول على الغاز الطبيعي، عبر ربط الشبكة من الأردن على طول الطريق إلى لبنان. أما الجزء التالي، فهو البحث عن حلول على المدى الطويل. ولهذا السبب نظرنا مرة أخرى في نزاع الحدود البحرية مع إسرائيل، لنرى ما إذا كان بإمكاننا الحصول على حل عملي، مؤكداً أنّه: «لكي تقنع الشركات العالمية بالاستثمار في لبنان نحن نحتاج إلى إصلاحات على الصعيد السياسي والاقتصادي. أعتقد أن الاستثمار قد يستغرق سنوات، ولكن علينا أن نبدأ في مكان ما». ودعا هوكشتاين «للحصول على قرار بشأن الحدود، ومعرفة كيف سيتم تطوير هذه الموارد، ومن ثم يمكننا ضمان الاستثمارات». مشيراً إلى أن «الغاز الطبيعي لن يخرج من الأرض في أي وقت قريب، وقد يستغرق الأمر بضع سنوات، لكنّ الاستثمارات الأولية التي يقوم بها بعض الناس تجلب بعض الاهتمام إلى هذه المنطقة لأول مرة منذ سنوات»، مؤكداً أن «على لبنان أن يستفيد من الغاز الطبيعي قبل أن ينخفض الطلب عليه».
وفيما تنتهي مهلة تسجيل اللبنانيين غير المقيمين للاقتراع في 20 الشهر الجاري ارتفع عدد اللبنانيين غير المقيمين المسجلين في دول الاغتراب للمشاركة في الانتخابات النيابية المرتقبة، إذ بلغ العدد 138.566 أمس عند قرابة الساعة الرابعة من بعد الظهر.
*********************************************
كل الحرائق دفعة واحدة في الدولة الفاشلة
منذ السبت الماضي ولبنان يحترق مجدداً. يحترق بالمعنى الحقيقي والمجازي سواء بسواء. و”على جاري العادة” الموسمية خصوصاً في التشرينين، اشتعلت المناطق اللبنانية من عكار إلى الجنوب وما بينهما خصوصا بيت مري عروس الصنوبر، بعشرات “المذابح” الحارقة التي لم تترك وراءها بقعة خضراء واحدة في اجتياح ناري خلف مساحات هائلة متفحمة. أعتى الحرائق اجتاحتأ بلدات عدة في قضاء صور ومن ثم بلدة بيت مري التي اجتاحها مع ألسنة اللهب كارثة الافتقار إلى سيارات الإطفاء إلى ان تأمنت نحو 19 سيارة بعد دق نفير الإنذارات بتهديد النيران الزاحفة من الاحراج إلى المنازل. وانتقلت ألسنة الاجتياح بعد ظهر أمس إلى المقلب الاخر من البقاع، فضرب حريق مخيف الاحراج المترامية بين باب مارع وعيتنيت في البقاع الغربي، فيما كانت عشرات الحرائق الأخرى تتسع في نطاق عكار منذ السبت.
الاستنفار الواسع للجيش والدفاع المدني وفرق الإطفاء والبلديات، بدا كأنه باللحم الحي كما دائما نظراً إلى ان “الدولة الفاشلة”، والممعنة كل يوم في إثبات فشلها، لا تقوى حتى على لملمة أزمة انعقاد مجلس الوزراء للتفرغ لإنقاذ ما تبقى من أشلاء البلاد، فكيف باستدراك إرث مزمن من الإهمال والفساد اللذين جعلا لبنان يواجه كل فترة اجتياحات نارية مخيفة كهذه باللحم الحي للجيش وفرق المتطوعين المفتقرين إلى أدنى الأدوات الحديثة والمتطورة كما إلى الطائرات المختصة بإخماد الحرائق؟
وفي أي حال فإن المشهد السياسي لم يكن أقل تفحّماً مما خلفته وراءها حرائق الغابات، اذ بدت كل من الازمة الحكومية والازمة الديبلوماسية المتدحرجة مع دول الخليج تتجهان نحو سقوف جديدة من التعقيد والمراوحة وسط جمود لافت ومستغرب للغاية لأي وساطات وتحركات حتى بين أهل السلطة أنفسهم بحثاً عن مخارج للازمة الحكومية على الأقل. وستتسم الأيام القليلة المقبلة بأهمية مفصلية بالنسبة إلى ملف المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار اذ ينتظر ان تبت هيئة محكمة التمييز بمسألة المرجع المؤهل للنظر في دعاوى مقاضاة الدولة وسط مخاوف وتوقعات بأن تنزع ملاحقة السياسيين من البيطار، كما تذهب بعض السيناريوات إلى الحديث عن مقايضة مدبّرة قد تطيح بالبيطار ثمناً لإحياء جلسات مجلس الوزراء.
بري: الدستور
وإذ بدا لافتاً خروج رئيس مجلس النواب #نبيه بري عن “صوم” كلامي منذ فترة اذ تناول موضوع الحرائق العابرة للطوائف والمناطق والمذاهب، برز في تعليقه قوله “إن أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس”.
وسارعت “النهار” إلى سؤاله أين رئيس المجلس من كل ما يحدث وما يؤخر التئام جلسات مجلس الوزراء حيث تتكدس الملفات على طاولته؟ فأجاب: “انا مع تطبيق القانون والدستور لا زيادة ولا نقصان. وأدعو الجميع إلى القراءة في كتاب واحد ومن دون السير على هذا المنوال فان البلد ومؤسساته تصبح مهددة”. واضاف “لو طبقنا الدستور وقام القضاء بواجباته ضمن القواعد الموضوعة لسارت امور المواطنين في الشكل المطلوب وانعكس هذا الأمر ايجاباً على الحكومة ومعاودة جلساتها وانطلقت عجلة المؤسسات”.
عظة نارية
وفيما تردد على نطاق واسع ان مشاورات جديدة قد تبدأ على خط بكركي – عين التينة استكمالاً للتفاهم الذي تحقق بينهما خلال زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي للرئيس بري قبل أسابيع قليلة، أطلق الراعي أمس مواقف نارية جديدة من الواقع المأزوم ولا سيما من ازمة العلاقات مع دول الخليج، اذ شدد على أن “حل هذه الأزمة بشجاعة وطنية، لا يمس كرامة لبنان، بل إن تعريض اللبنانيين للطرد والبطالة والفقر والعوز والعزلة العربية هو ما يمس الكرامة والسيادة والعنفوان. إن تحليق سعر الدولار إلى حد يعجز فيه المواطنون من شراء الحاجيات الأساسية، لاسيما عشية الأعياد المقبلة، هو ما يمس بالكرامة ويذلّ الناس. الكرامة ليست مرتبطة بالعناد إنما بالحكمة، وبطيب العلاقات مع كل الدول وبخاصة مع دول الخليج الشقيقة، ذلك أن دورها تجاه لبنان كان إيجابيا وموحدا وسلميا، لا سلبيا وتقسيميا وعسكريا”. واعتبر انه “لا يحق لأي طرف أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين ويضرب علاقات لبنان مع العالم، ويعطل عمل الحكومة، ويشل دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد في المجتمع اللبناني. ولا يحق بالمقابل للمسؤولين، كل المسؤولين، أن يتفرجوا على كل ذلك، ويرجوا موافقة هذا الفريق وذاك. هذا هو فقدان الكرامة وهذا هو الذل بعينه”. وسأل: “أي منطق يسمح بتجميد عمل الحكومة والإصلاحات والمفاوضات الدولية في هذه الظروف؟ كل ما يجري اليوم يتعارض تماما مع النظام اللبناني بوجهه الدستوري والميثاقي والديمقراطي. إن الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني تريد الخروج من أجواء الحرب والفتنة والصراع، والدخول في عالم السلام الشامل والدائم والتلاقي الحضاري. ما لنا بحروب المنطقة وبمحاورها؟ ما لنا بصراعاتها وبلعبة أنظمتها؟ ما شأننا لنقرر مصير الشعوب الأخرى فيما نحن عاجزون عن تقرير مصيرنا، بل عن اتخاذ قرار إداري؟”.
انتشار الحزب!
في غضون ذلك ظل الغموض والتستر الأمني الرسمي يحجب حقيقة إقامة حواجز مسلحة على طريق حدث بعلبك – كفردبيان، افيد انها لمسلحين من “#حزب الله” بلباس اسود وبكامل أسلحتهم كانوا نفذوا انتشاراً كثيفاً في جرود عيون السيمان ونصبوا حاجزاً على بعد كيلومتر واحد من حاجز الجيش اللبناني في الطريق القديم المفرق المؤدي إلى زحلة القادومية. وفي حين ذكر مختار كفردبيان وسيم مهنّا أنّ الصور هي لحفل افتتاح بئر مياه ارتوازية في خراج بلدة حدث- بعلبك. الا ان “وكالة الانباء المركزية” نقلت عن مصادر عليمة ان لا علاقة لافتتاح البئر، وهو تحديداً في منطقة طاريا وحضر الحفل رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين، بالانتشار العسكري ذلك ان مسؤولي “حزب الله” حينما يتنقلون يفعلون ذلك خفية من دون انتشار عسكري، وعزت ما جرى إلى مناورة صامتة اجراها الحزب على مدى ثلاثة ايام تُحاكي التطورات اللبنانية الاخيرة، لا سيما الامنية منها، حيث اقام معسكر تدريب لعناصره فككه صباح السبت. وكانت “إذاعَة لبنان الحرّ” اشارت إلى ان الحزب كثف انتشاره بالاليات العسكرية ليلا في جرود عيون السيمان والعاقورة، ونقلت عن مواطنين قولهم بِأَنَّ عناصر الحزب نصبوا كاميرات مراقبة في المكان وعمدوا إلى إيقاف بعض السيارات. ولم يصدر أي بيان عن الجيش او أي جهاز أمنى في هذا السياق.
في سياق متصل بالازمة الديبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية اكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مقابلة مع “فرانس 24” أن “حزب الله” يبذل قصارى جهده لعرقلة تحقيق انفجار مرفأ بيروت. واشار إلى إنّه “لا أزمة مع لبنان إنّما هناك أزمة في لبنان” مشددا على ان “الفساد السياسي والاقتصادي مستشرٍ ومستمر في لبنان”. ورأى بن فرحان أن “على الطبقة السياسية اللبنانية اتخاذ ما يلزم لتحرير لبنان من هيمنة حزب الله وهو يستخدم القوة العسكرية لفرض إرادته على الشعب اللبناني”. ولفت إلى ان ” نصرالله اعترف سابقاً بتلقيه دعماً من إيران وهذا مقلق بالنسبة لنا”.
*****************************************
“لعنة قرداحي” تابع… الكويت توقف “التحويلات الخيرية”!
الراعي “بصريح العبارة”: لا شراكة بلا حياد
بينما يواصل “حزب الله” رفع الصوت والسقوف في مواجهة السعودية ودول الخليج العربي معمّقاً أزمة لبنان الداخلية والخارجية تحت شعار سعيه إلى قلب موازين البلد، “من الحقارة إلى الاحترام ومن المغلوب إلى الغالب في المنطقة”، كما قال السيد هاشم صفي الدين، في معرض تحديده معالم “الكرامة الوطنية” التي يجب على البلد أن يقتدي بها، وإلا فإنّ “هذا الوطن لا يستحق الحياة” إذا كان مصيره يقف على دعم “دولة أو مملكة”… أعادت الرياض ترسيم الخطوط العريضة للأزمة اللبنانية بالتذكير بأنّ أمين عام “حزب الله” نفسه كان قد “اعترف بتلقيه الدعم من إيران”، مجددةً التشديد انطلاقاً من ذلك على أنّ طبيعة الأزمة اللبنانية الراهنة هي ناتجة عن “فرض حزب الله إرادته على الشعب اللبناني بالقوة العسكرية”، وفق ما لفت وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لـ”فرانس 24″، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ “تحرير لبنان من هيمنة حزب الله” هي مهمة ملقاة على عاتق “الطبقة السياسية اللبنانية” دون سواها.
وعلى الجبهة الوطنية الداخلية، تتعالى الأصوات السيادية الرافضة لسياسة تركيع لبنان وتخضيع أبنائه لأجندة التعطيل واستعداء العرب، وسط تصاعد ملحوظ لنبرة التحذير الكنسي من مغبة الاستمرار في تقويض أسس “العيش المشترك والميثاق والصيغة”… فغداة تأكيد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك على دعم مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي الإنقاذية للبنان، والتي ترتكز في جوهرها على “إعلان الحياد” برعاية أممية وتطبيق “القرارات الدولية واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف”، ذهب الراعي في خلاصة عظة الأحد أمس إلى حدّ “التوأمة” بين مفهومَي الحياد الوطني والشراكة الوطنية، محذراً “بصريح العبارة” من أنّ “إنقاذ الشراكة بات متعذراً من دون الحياد، وكلما تأخّرنا في اعتماد هذا النظام كلما تضررت الشراكة الوطنية ودخل لبنان في متاهات دستورية لا يستطيع أي طرف أن يحدد مداها”.
وإذ أسف لكون “المتعاطين العمل السياسي يمتهنون إفقار المواطنين ويتلكؤون عن معالجة الأزمة الحادة الناشبة مع دول الخليج”، لفت البطريرك الماروني في مواجهة شعارات الحفاظ على “الكرامة الوطنية” التي تُرفع لتبرير رفض استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، إلى أنّ “تعريض اللبنانيين للطرد والبطالة والفقر والعوز والعزلة العربية هو ما يمس بالكرامة والسيادة والعنفوان، وتحليق الدولار هو ما يمس بالكرامة ويذل الناس”، مشدداً على أنه “لا يحق لأي طرف أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين ويضرب علاقات لبنان مع العالم، ويعطل عمل الحكومة، ويشل دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد في المجتمع اللبناني”، في انتقاد واضح لأداء “حزب الله”، بالتوازي مع تنديده بالعجز الرئاسي والسياسي الرسمي إزاء هذا الأداء من خلال الإشارة إلى أنه “لا يحق للمسؤولين، كل المسؤولين، أن يتفرجوا على كل ذلك، ويرجوا موافقة هذا الفريق وذاك… فهذا هو فقدان الكرامة وهذا هو الذل بعينه”.
وتحت وطأة العجز الحكومي عن تطويق تداعيات الأزمة مع الخليج العربي، تتواصل مفاعيل “لعنة تصريحات قرداحي” الكارثية بالارتداد سلباً على لبنان وأبنائه، وجديدها تمحور خلال الساعات الأخيرة بما كشفته جريدة “الجريدة” الكويتية عن قرار اتخذته وزارة خارجية الكويت، ويقضي بوقف “جميع طلبات الجمعيات الخيرية الراغبة بإرجاء تحويلات مالية إلى بيروت”، موضحةً نقلاً عن مصادرها أنّ “هناك تخوفاً كويتياً” على مصير أموال التبرعات في ظل عدم الاستقرار السياسي والمالي في البلاد، و”من منطلق الحرص على عدم ضياع هذه الأموال ارتأت الجهات الحكومية ذات العلاقة وقف التحويلات حتى إشعار آخر”.
وفي الغضون، لا يزال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تفاؤله بنجاح محاولات تدوير الزوايا مع “حزب الله” لإعادة إنعاش مجلس الوزراء، لا سيما وأنّ مصادره عممت أمس أجواء إعلامية تفيد بإمكانية عودة الحكومة إلى الاجتماع خلال الأسبوع الجاري، مع تعويلها في هذا المجال على جهود تركية وقطرية سيبذلها موفدا أنقرة والدوحة في بيروت، لحث الأطراف اللبنانية على ضرورة الإسراع في حلحلة تعقيدات الأزمة الحكومية المستعصية.
وإلى الحصار السياسي الذي تفرضه الطبقة الحاكمة على البلد بسياساتها الهدامة لمصالح اللبنانيين في الوطن والمهجر، حاصرت نيران الأحراج الخريطة اللبنانية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، فأوقعتها تحت لهيب “زنار نار” متمدد إلتهم “الأخضر واليابس” وحاصر في بعض المناطق المنازل السكنية، وسط تقاطع المعلومات الأولية عند توجيه أصابع الاتهام إلى “جهات منتفعة” تقف وراء افتعال بعض من هذه الحرائق، عبر إشعال شرارتها الأولى لتتولى الرياح التشرينية مهمة توسيع رقعتها.
وأكدت مصادر ميدانية مواكبة لعمليات إطفاء الحرائق أنه بغض النظر عما ستؤول إليه نتائج التحقيقات الجارية لتحديد أسباب اندلاع الحرائق المتزامنة، وتبيان ما إذا كانت “بفعل فاعل”، فإنّ السلطة تبقى هي نفسها “المتهم الأول والأخير” بارتكاب هذه الجريمة البيئية، سواءً من خلال كونها مسؤولة عن “التغطية الموسمية لاندلاعها من دون أن تحرك ساكناً في سبيل وضع خطة طوارئ وطنية، ودعم الدفاع المدني ورفده بالتجهيزات اللازمة لمكافحة الحرائق”، أو من خلال “ما يُحكى عن ضلوع سماسرة نافذين في ارتكاب هذه الجريمة الحرجية لغايات لها أبعاد متصلة بمصالح عقارية في بعض الأماكن، وبمصالح ربحية تتعلق بتجارة الحطب في أماكن أخرى”.
*****************************************
“الجمهورية”: مقترحات للمّ الشمل الحكومي.. وترقّـب الحراك التركي – القطري
على وقع حرائق اجتاحت أحراج لبنان من الجنوب الى الشمال مروراً بالجبل خلال عطلة نهاية الاسبوع، ولا تزال مستمرة، تكاد كل الآمال المعلّقة على الحكومة تتبخّر، من فرملة الانهيار المالي وضبط سعر الدولار الذي عاود تحليقه، إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي تقود إلى نتائج عملية وتعيد وضع لبنان على طريق الإنقاذ، وما بينهما الاستقرار السياسي الذي يفسح في المجال أمام المعالجات الاقتصادية ويقود إلى الانتخابات النيابية وإعادة إنتاج السلطة، وبالتالي كل ذلك يتبخّر مبدئياً او انّ إنجازه سيتمّ بصعوبة، كالانتخابات النيابية التي دخلت في دهاليز الطعون والمراجعات، على وقع شلل حكومي وتسخين سياسي وانهيار مالي متواصل.
ويذكِّر الوضع الحالي بمرحلة الفراغ الحكومي مع رئيس مكلّف يعجز عن التأليف، وسط اشتباك سياسي وانهيار مالي، والفارق الوحيد يكمن في وجود حكومة شكلاً ولكن بصفة تصريف أعمال مضموناً، فلا تلتئم على الرغم من الكلام عن تجاوز العٍقد التي أدّت إلى تعليق جلساتها، والمتصلة بالربط بين انعقادها، وبين تنحية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وأضيف إلى هذه الأزمة، أزمة وزير الإعلام جورج قرداحي، الذي لم يتجاوب مع الدعوات لاستقالته لتكون مدخلاً لحلّ الأزمة مع السعودية ودول الخليج، وذلك على وقع انقسام حكومي بين مؤيّد للاستقالة ورافض لها.
ولا يبدو انّ الاتصالات قد نجحت في معالجة أزمة البيطار ولا أزمة قرداحي، خصوصاً انّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله قد أكّد في إطلالته الأخيرة تمسّكه بوزير الإعلام، ولا يستطيع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي كان تمنّى على قرداحي الاستقالة ان يجمع حكومته في حضوره، ما يعني انّ الشلل سيِّد الموقف حتى إشعار آخر.
ولم يكن أحد يتوقع ان تدخل الحكومة الوليدة في شيخوخة مبكرة على وقع فراغ وانهيار وانقسام وعزلة، كما انّ هذا الوضع قد يدفع الدول الخليجية إلى اتخاذ مزيد من الخطوات التصعيدية، طالما انّ لبنان لم يتبنَ استقالة قرداحي كخطوة حسن نية تجمِّد الخطوات التصعيدية وتعيد الوضع إلى ما قبل اندلاع هذه الأزمة، وبالتالي الوضع مفتوح على التصعيد مع الخارج والتصعيد في الداخل.
ومع معاودة الدولار تحليقه والارتفاع الجنوني في اسعار المحروقات والسلع، عادت المخاوف من انهيار الوضع الاجتماعي، الذي يصعب الرهان على تماسكه في ظلّ الوضع المالي الكارثي، خصوصاً انّ المآسي الاجتماعية تتفاقم من دون أن يكون هناك من أفق سياسي وحكومي، في اعتبار انّ الشلل من دون سقف، وما بين التصعيد السياسي والشلل الحكومي والانهيار المالي والغضب الشعبي، تزداد الضغوط على المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية.
ولا يبدو انّ كل المبادرات التي يتمّ العمل عليها قد فعلت فعلها، فيما يقف الخارج متفرجاً على أزمة مفتوحة على الأسوأ، فلا الرياض والعواصم الخليجية في وارد التراجع عن قرارها، بعدما تحمّلت من لبنان ما لا قدرة لدولة تحمّله من إساءات، ولا «حزب الله» في وارد القبول باستقالة قرداحي وفقاً لمواقفه المعلنة، ما يعني انّ الحكومة دخلت في تصريف مبكر للأعمال حتى لو لم تستقل رسمياً، وبالتالي في هذا الوضع لا يمكن توقّع سوى الأسوأ: الخارج منكفئ في ظل معرفته انّ وساطاته ستصطدم بالحائط المسدود، لا مبادرات داخلية، الشلل الحكومي على حاله، الانهيار المالي يتواصل، ولا حلول لأزمتي البيطار وقرداحي، والتصعيد سيّد الموقف، والناس متروكة لقدرها..
لمّ الشمل الحكومي
الى ذلك، تتواصل المساعي لإعادة لمّ شمل الحكومة المعطلة، فيما أكّدت مصادر مواكبة لهذه المساعي لـ«الجمهورية»، انّ هناك أقتراحات قيد البحث بين المعنيين للتوافق على مخرج يسمح بمعاودة اجتماعات مجلس الوزراء على قاعدة تدوير الزوايا في قضيتي المحقق العدلي القاضي طارق البيطار ووزير الإعلام جورج قرداحي. واشارت المصادر إلى أنّ من المتوقع ان تظهر نتائج محاولة ترميم مجلس الوزراء خلال الايام القليلة المقبلة.
التركي والقطري
في غضون ذلك، دعت اوساط سياسية مطلعة عبر «الجمهورية»، الى ترقّب زيارتي وزيري الخارجية التركي والقطري الى بيروت مطلع الاسبوع، لافتة إلى أنهّما قد تحملان مؤشراً إلى ما ستفرزه المرحلة المقبلة، ومرجحة ان يكون هناك ربط بين التحرك القطري والتركي، في ظل التحالف بين الدوحة وانقرة.
واعتبرت الاوساط انّه لا يمكن فصل مهمة الوزير القطري في بيروت عن لقائه مع وزير الخارجية الأميركي في واشنطن انتوني بلينكن، وما أدلى به من مواقف تعكس دعم الإدارة الأميركية للرئيس نجيب ميقاتي وحكومته.
وتوقعت الاوساط المطلعة ان تكون زيارة المسؤول القطري منسقة مع الأميركيين، خصوصاً انّه يأتي الى بيروت مباشرة من واشنطن.
اوغلو في بيروت اليوم
ويُنتظر ان يصل وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو مساء اليوم الى بيروت في زيارة رسمية قادماً من طهران التي أمضى فيها ساعات عدة لم تكن مقرّرة قبل تحديد موعد زيارته للبنان.
وقالت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ لقاءات اوغلو في طهران ستشمل نظيره الايراني حسين امير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين في مؤسسات أمنية وديبلوماسية، وستتناول التطورات الاخيرة في لبنان وسوريا والمصالح المشتركة بين البلدين، في ظل تعدّد الملفات المطروحة بين الجانبين والتي تتصدّر اولوياتهما، ومن بينها الوضع في سوريا خصوصاً ومشكلة الهجرة غير الشرعية للمواطنين الافغان العابرين عبر الاراضي الايرانية.
ومن المقرّر أن يبدأ اوغلو محادثاته غداً بلقاء مبكر مع رئيس الجمهورية ميشال عون ثم يلتقي تباعاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب.
وفد أميركي
وفي إطار الاهتمام الاميركي بالوضع المتدهور في لبنان، يصل الى بيروت هذا الاسبوع وفد من الكونغرس الاميركي يضمّ عدداً من النواب من اصل لبناني، في زيارة استطلاعية لاستقصاء المعلومات حول ما يجري في لبنان وانعكاسات ما يجري في المنطقة عليه.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الوفد شُكِّل عقب لقاءات عُقدت في واشنطن مع وفود حزبية ومسؤولين لبنانيين في الأيام القليلة الماضية، وتلبية لدعوات أُطلقت للوقوف على آخر التطورات التي تستدعي دعماً اميركياً مباشراً لإنقاذ اللبنانيين الغارقين في الأزمات الخانقة وخصوصاً الاقتصادية والنقدية والتهديدات الامنية الناجمة عن انتشار السلاح غير الشرعي في لبنان. وهي قضايا لم يعد لها اي حل عبر المؤسسات اللبنانية في ظل العجز الرسمي عن ادارة شؤون البلاد وتزايد المخاوف من وجود من يريد تعطيل المؤسسات الدستورية والادارية الرسمية والمخاطر التي تهدّد اللبنانيين في حياتهم اليومية.
الفيصل وخوجة
وعلى جبهة الأزمة الديبلوماسية مع السعودية وبعض دول الخليج لم يُسجّل امس اي تطور يشير الى توافر حل قريب لها، فيما بدأ بعض الاوساط يتوقع ان تطول هذه الأزمة الى مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية في حال لم يتمّ تأجيلها، أو إذا لم يحصل أي تطور في هذه العجالة يدفع الجانب الخليجي الى تغيير موقفه.
وفي هذا المجال، دعا وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في تصريح له امس الطبقة السياسية في لبنان إلى إنهاء «هيمنة» حزب الله، مؤكّداً أنّ الرياض لا تنوي التعامل مع الحكومة اللبنانية في الوقت الحاضر.
وقال بن فرحان: «اننا لا نرى أي فائدة من التواصل مع الحكومة اللبنانية في هذه المرحلة الزمنية». وأضاف: «نعتقد أنّ الطبقة السياسية في حاجة للنهوض واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير لبنان من هيمنة حزب الله وبالتبعية إيران من خلاله».
من جهته، اعتبر رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل، أنّ «ما يحدث في لبنان أمر مؤسف، والذي يدفع الثمن هو الشعب اللبناني، وكذلك أيضا الشيعة، فليس كل الشيعة هناك راغبين بسيطرة حزب الله»، لافتاً الى انّه «لو كانت لديّ وصفة استطيع وصفها ما تأخّرت عن تقديمها، لكن الأمر راجع للشعب اللبناني نفسه». واستشهد الفيصل بالانتفاضة اللبنانية قبل جائحة كورونا، معتبراً انّ «الهبّة التي قامت في لبنان قبل كورونا، ضد الأوضاع وضد حزب الله كانت دليلاً الى أنّ الشعب اللبناني كافة يرفض تلك الأوضاع».
والى ذلك، كشفَ السفير السعودي الأسبق في لبنان الدكتور عبد العزيز خوجة أنّه «تعرّض لـ3 محاولات اغتيال في لبنان أثناء عمله هناك»، موضحاً أنّه «لا يستطيع اتهام أي جهة مُحدّدة بهذه العمليات».
واشار في حديثٍ بتثه قناة «العربية» السعودية، إلى أنه «لم يتصور يوماً أن تُقطع العلاقات بين المملكة ولبنان، فالمملكة قدّمت المساعدة للبنان كدولة عربية شقيقة»، معتبراً أنّ اللبنانيين «طفح بهم الكيل من سيطرة حزب الله على لبنان». وكشف خوجة انّ قيمة المساعدات التي قدّمتها المملكة للبنان منذ العام 1990 بلغت أكثر من 72 مليار دولار.
مواقف
في جديد المواقف امس، اتهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قداس لمناسبة «يوم الفقير العالمي» المسؤولين السياسيين والمتعاطين العمل السياسي، بأنّهم «يتلكؤون عن معالجة الأزمة الحادة الناشبة مع دول الخليج. إنّ استنزاف الوقت يُدخلنا في أزمة استنزاف اقتصادية ومعيشية تصعب الحل، ما يضرّ بمصالح مئات ألوف اللبنانيين ومصالح التجار والصناعيين والمزارعين وقطاعات لبنانية أخرى». وشّدد على أنّ «حلّ هذه الأزمة بشجاعة وطنية، لا يمسّ كرامة لبنان، بل إن تعريض اللبنانيين للطرد والبطالة والفقر والعوز والعزلة العربية هو ما يمسّ بالكرامة والسيادة والعنفوان (…) الكرامة ليست مرتبطة بالعناد إنما بالحكمة، وبطيب العلاقات مع كل الدول وبخاصة مع دول الخليج الشقيقة، ذلك أنّ دورها تجاه لبنان كان إيجابيا وموحّدا وسلميا، لا سلبيا وتقسيميا وعسكريا». وأضاف: «لا يحق لأي طرف أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين ويضرب علاقات لبنان مع العالم، ويعطّل عمل الحكومة، ويشل دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد في المجتمع اللبناني».
وإذ سأل الراعي: «أي منطق يسمح بتجميد عمل الحكومة والإصلاحات والمفاوضات الدولية في هذه الظروف؟»، قال: «كل ما يجري اليوم يتعارض تماما مع النظام اللبناني بوجهه الدستوري والميثاقي والديموقراطي. إن الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني تريد الخروج من أجواء الحرب والفتنة والنزاع، والدخول في عالم السلام الشامل والدائم والتلاقي الحضاري. ما لنا بحروب المنطقة وبمحاورها؟ ما لنا بصراعاتها وبلعبة أنظمتها؟ ما شأننا لنقرر مصير الشعوب الأخرى فيما نحن عاجزون عن تقرير مصيرنا، بل عن اتخاذ قرار إداري؟». ورأى انّه «إذا كان البعض يعتبر الحياد حلا صعبا، فإنا نرى فيه الحل الوحيد لإنقاذ لبنان. لقد بات متعذراً إنقاذ الشراكة الوطنية من دون الحياد. وكلما تأخّرنا في اعتماد هذا النظام كلما تضرّرت هذه الشراكة ودخل لبنان في متاهات دستورية لا يستطيع أي طرف أن يحدّد مداها».
«حزب الله»
وفي موقف لافت قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش، خلال احتفال في بلدة عيتيت الجنوبية «اننا «لا نرغب ولا نريد الدخول في نزاع لا مع السعودي ولا مع الدول الخليجية، وحريصون على ان تبقى علاقات لبنان بأشقائه العرب مستقرة ومتينة، لكن ليس على حساب سيادتنا وكرامتنا». وقال: «في الأمس إتهم نواب أميركيون السعودية بذبح اليمنيين، وقالوا انّ حصارها المدمّر يجب أن ينتهي فورا، فهل تجرؤ السعودية على سحب سفيرها من واشنطن، وطرد سفير أميركا من الرياض والمطالبة باستقالة هؤلاء النواب من الكونغرس لانّهم صرّحوا بذلك؟ بالتأكيد لا تجرؤ على ذلك، ولكنها تفعل ذلك مع لبنان وتصعّد وتفتعل أزمة بوجه لبنان وتشن حربا عبثية على اللبنانيين، ويشاركها في حفل التصعيد بعض اللبنانيين المتسكعين على أبواب المملكة والسفارات ممن اعتادوا على الارتزاق من بعض الدول والجهات الخارجية». ورأى أنّ «الهدف الاساسي من التصعيد السعودي تطويق المقاومة وحزب الله وتغيير المعادلة السياسية الداخلية والتأسيس لواقع سياسي جديد يؤدي إلى إضعاف المقاومة وإدخال لبنان في دائرة الانصياع الكامل للإرادة السعودية». مشدّدا على أنّ «الحرب ضد المقاومة في لبنان فاشلة وخاسرة، وننصح الذين يحملون هدف إضعاف المقاومة أن ييأسوا».
وبدوره المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان قال في بيان أمس: «يبقى الخليج شريك تاريخ وحاضر ومستقبل، ويجب حل المشكلة بما يحفظ الخليج للبنان ولبنان للخليج دون مهزوم ومنتصر». وقال: «أشدّ مراتب الخيانة خيانة الناس بلقمة عيشها، وأشدّ أنواع الإستبداد استبداد قاض بملف يكاد يفجر البلد، وأسوأ أنواع الضياع ضياع سلطة بين زواريب الأمم».
عوده
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خلال قداس في كاتدرائية مار نيقولاوس في الأشرفية ان «بلدنا مجرح وواقع بين اللصوص، لكن المؤتمنين عليه لا يريدون إنقاذه، ولا يدعون أحدا ينقذه، لا من الداخل ولا من الخارج». واضاف: «الشعب مجرّح نفسا وجسدا، لم يعد يقوى على المواجهة، أثخنوه جراحا كي لا يعلي الصوت في ما بعد، لكن هذا الصوت يجب أن يعود ليدوي في يوم الإستحقاق الديموقراطي المقبل، وإلا فإن المجرّح سيتحول إلى ميت ولن يقيمه أحد، لأنه يكون قد أمات نفسه بنفسه، بحريته وإرادته». ورأى أنّ «على اللبنانيين أن لا يفوتوا الفرصة الذهبية الآتية: الانتخابات النيابية التي، إن أحسنوا استغلالها واختاروا من يمثلهم حقاً وبأفضل الطرق، يضعون أنفسهم على السكة الصحيحة التي ستوصل البلاد إلى الخلاص. دم جديد في المجلس النيابي ضروري لتغيير الحياة السياسية وتطوير الرؤية ووضع أسس جديدة لدولة عصرية حضارية متطورة».
مسلسل الحرائق
وفي هذه الاجواء تصدّرت الحرائق الاهتمامات الداخلية لما خلّفته من اضرار على ثروة لبنان الحرجية. وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، ان رئيس الجمهورية تتبع مسلسل هذه الحرائق المتنقلة وبقي على تواصل مع رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والبيئة، مطلعاً على الجهود المبذولة لإخماد الحرائق مقدّراً الجهود التي حالت دون المسّ بالممتلكات الخاصة والمنازل في المناطق التي حاصرتها النيران. وشدّد عون في اتصالاته على اهمية التثبت من الروايات التي تحدثت عن حرائق مفتعلة استناداً الى روايات مدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار وشهادات مواطنين مخاتير ورؤساء بلديات في مناطق الجنوب وبيت مري ومناطق مختلفة.
وكانت الحرائق تمدّدت على مدى يومين متنقّلة بين الجنوب وجبل لبنان والبقاع والشمال ملتهمة مساحات شاسعة من ثروة لبنان الحرجية ومساحاته الخضراء. وقد تجدّد الحريق مساء في بعض احراج «المونتيفردي» بسبب سرعة الرياح.
وكان قد أعلن عصراً إطفاء غالبية الحرائق في منطقة دير القلعة فيما توقفت مروحيات الجيش اللبناني عن التحليق في محيط الدير بسبب انعدام الرؤية ليلاً. فيما تابع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، عمليات إخماد الحرائق، وطلب من محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي وقائمقام المتن مارلين حداد وضع إمكانياتهما بتصرف عناصر الإطفاء. وأعطى تعليماته الى فوج إطفاء بيروت للتحرك ومؤازرة الدفاع المدني في عمليات الإطفاء لمحاصرة النيران والحؤول دون تمدّدها.
في صور
وفي صور، تمكنت فرق الاطفاء في الدفاع المدني و«جمعية كشافة الرسالة» في حركة «أمل»، من السيطرة على الحريق الذي اندلع صباحاً في خراج بلدتي قانا والرمادية، حيث أتت النيران على مساحات واسعة من اشجار الزيتون والعشب اليابس. كذلك، تمكّنت فرق الإطفاء في مركز الدوير من إخماد حريق اندلع بين بلدتي كوثرية الرز وأنصار، وآخر بين بلدتي صير الغربية وكفرصير،فيما أفيد عن تجدّد الحريق في وادٍ ما بين الزرارية والخرايب وكوثرية الرز في منطقة الزهراني.
أمّا شمالا، فاندلعت في عكار سلسلة حرائق في خراج عدد من البلدات ومنها فنيدق ومنجز والبيرة والشيخ محمد. وأخمد عناصر الدفاع المدني، بالتعاون مع الأهالي، حريقاً قرب مدرسة بقرصونا الرسمية في الضنية، قبل اتساعه وتمدده في اتجاه المناطق السكنية. واندلع حريق في بلدة آسيا البترونية اخمدته فرق الدفاع المدني.
أمّا في البقاع، فامتدت الحرائق نحو البقاع الغربي، حيث اشتعلت الاحراج في خراج بلدة عيتنيت الواقعة قرب بحيرة القرعون وفي خراج بلدة المزرعة. كذلك اندلع حريق كبير بين باب مارع وعيتنيت، في أشجار معمّرة، وامتد سريعا إلى القرى المجاورة.
برّي
وتعليقاً على الحرائق، ولاسيما منها تلك التي أتت على مساحات شاسعة من المناطق الحرجية في قرى قضاء صور وعلى ضفتي نهر الليطاني، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: «قبل اسابيع في أكروم وجرود عكار، وقبلها في الجبل وجرود الهرمل والشوف، واليوم يحط مسلسل الحرائق في أحراج الجنوب، وهي في زمانها وجغرافيتها وتوقيتها تطرح جملة من التساؤلات، نضع الإجابة عنها برسم الأجهزة الامنية والقضائية المختصة، التي يجب أن تسارع الى إجراء تحقيقاتها وتحديد المسؤوليات والأسباب التي أدّت الى حصول هذه الكارثة، اذا لم نقل هذه الجريمة، التي طاولت ليس البيئة فحسب، إنما أيضاً الانسان في هذه المنطقة في تراثه وثقافته وذاكرته مع المقاومة وشهدائها الذين لهم مع كل شجرة قصة مجد وبطولة». وأضاف: «في الوقت الذي تكاد ألسنة النيران تلتهم آخر ما تبقّى من مساحات خضراء في لبنان، من خلال حرائق عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، ألم يحن الوقت للاقتناع أنّ تحصين الوطن وحفظ ما تبقّى من ماء الوجه الوطني وطبعاً ما تبقّى من ثروة حرجية، يكون بالإقرار بتعيين مأموري أحراج خارج القيد الطائفي؟ إنّ أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس».
كورونا
صحياً أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 947 إصابة جديدة (947 محلية و0 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ شباط 2020 الى 652735 اصابة. كذلك سجل التقرير 5 حالات وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 8582 حالة.
*****************************************
حرائق لبنان تؤجج سجال بري ـ عون
نيران تلتهم مساحات شاسعة في الجنوب والشمال والجبل
وجّه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري انتقاداً لرئيس الجمهورية ميشال عون، من غير أن يسميه، على خلفية الحرائق التي اشتعلت في أكثر من منطقة في لبنان، وقضت على مساحات حرجية في الجنوب، والمتن في جبل لبنان، قائلاً إن «أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس».
وصوّب بري على الرئيس اللبناني و«التيار الوطني الحر» من باب «مأموري الأحراش» الذين اجتازوا امتحانات مجلس الخدمة المدنية، ورفضت الرئاسة في وقت سابق توقيع مرسوم تعيينهم في وظائفهم، مبررة بأن أعدادهم لا تراعي التوازن الطائفي في الإدارات اللبنانية.
واستذكر بري هذا الملف، إثر الحرائق التي اندلعت منذ بعد ظهر السبت في الجنوب، ولامست المنازل أمس (الأحد) في بيت مري في جبل لبنان. وفيما جرت السيطرة على حرائق الجنوب، استنفرت السلطات اللبنانية لمكافحة حرائق جبل لبنان، التي اندلعت في واحدة من أكبر المساحات الحرجية القريبة من بيروت في منطقة المتن؛ حيث أطلقت بلدية بيت مري الصرخة، معلنة أن النيران التهمت مساحات خضراء واقتربت من المنازل والأحياء السكنية، وطاولت أحراج بيت مري – المونتيفردي.
وتعليقاً على الحرائق التي اندلعت ولا تزال في أكثر من منطقة لبنانية، وخصوصاً تلك التي أتت على مساحة شاسعة من المناطق الحرجية في قرى قضاء صور وعلى ضفتي نهر الليطاني في جنوب لبنان، قال بري إنه بعد حرائق الشمال والبقاع والجبل «حطّ مسلسل الحرائق في أحراج الجنوب، وهي في زمانها وجغرافيتها وتوقيتها تطرح جملة من التساؤلات نضع الإجابة عليها برسم الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة التي يجب أن تسارع إلى إجراء تحقيقاتها وتحديد المسؤوليات والأسباب التي أدت إلى حصول هذه الكارثة، إذا لم نقل هذه الجريمة التي لم تطل البيئة فحسب، إنما أيضاً الإنسان في هذه المنطقة في تراثه وثقافته وذاكرته مع المقاومة وشهدائها الذين لهم مع كل شجرة قصة مجد وبطولة».
وسأل: «في الوقت الذي تكاد ألسنة النيران تلتهم آخر ما تبقى من مساحات خضراء في لبنان من خلال حرائق عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، ألم يحن الوقت للاقتناع بأن تحصين الوطن وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الوطني، وطبعاً ما تبقى من ثروة حرجية، يكون بالإقرار بتعيين مأموري أحراج خارج القيد الطائفي؟!». ورأى بري أن «أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس».
ووجّه بري الشكر «للجيش اللبناني وقوات اليونيفل والمجالس البلدية والأهالي ولمتطوعي الدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية والصليب الأحمر، وأولاً وأخيراً لرجال الدفاع المدني اللبناني، الذين يطفئون حرائق الوطن، والوطن وسلطته لم تنصفهم وتطفئ نيران انتظارهم بتطبيق قانون تثبيتهم».
وتابع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، عمليات إخماد الحرائق في عدد من المناطق، ولا سيما منطقة بيت مري، حيث شارك أكثر من 14 آلية للدفاع المدني في عمليات الإطفاء، وآزرتها طوافتان من القوات الجوية في الجيش اللبناني، كما جُهزت لهذه الغاية بركة اصطناعية لزيادة فعالية عملية الإطفاء.
وطلب مولوي من محافظ جبل لبنان، القاضي محمد مكاوي، وقائمقام المتن مارلين حداد، وضع إمكاناتهما بتصرف عناصر الإطفاء. وأعطى تعليماته إلى فوج إطفاء بيروت للتحرك ومؤازرة الدفاع المدني في عمليات الإطفاء لمحاصرة النيران والحؤول دون تمددها بشكل أوسع، وقد انطلقت 3 آليات من مركز الفوج لهذه الغاية.
من جهته، أكد مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار «إننا نعمل بكل الإمكانات المتوفرة في أيدينا، وبمؤازرة الجيش، ونسعى إلى تكثيف الجهود لحماية الناس وأرزاقهم، لأنّ رقعة الحريق كبيرة في بيت مري».
وكانت الحرائق في الجنوب طالت واحدة من أكبر المساحات الحرجية الواقعة في الجنوب، المعروفة باسم «محمية زبقين» جنوب مدينة صور، وأفادت وسائل إعلام لبنانية أمس بالسيطرة على كل النقاط التي اندلعت فيها الحرائق في الجنوب، فيما واصلت فرق جمعية الرسالة والهيئة الصحية والدفاع المدني وأهالي البلدات الجنوبية عملية التبريد. وبعد جهود مضنية، تكمنت فرق الدفاع المدني من إخماد حريق في سهل الميدنة بين بلدتي كفر رمان والجرمق، كما جرى إخماد عدة حرائق بين بلدتي شوكين وزبدين، وفي مرتفعات حي البياض في مدينة النبطية. كما أفيد باندلاع حرائق أخرى في أكثر من منطقة في الجنوب.
وفي الشمال، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن حريقاً اندلع في بلدة آسيا البترونية، وتوجهت فرق الدفاع المدني إلى المكان لمحاصرة النيران. ولاحقاً، ناشد أهالي البلدة الجيش إرسال طوافة عسكرية لإهماد الحريق الذي لامس المنازل السكنية. كما أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني عن أنه تم إخماد حرائق في الكورة وجبيل والشوف.
وفي عكار، اندلعت سلسلة حرائق في بلدات عكارية مختلفة، ففي بلدة فنيدق اندلع حريق دون خسائر مادية وبشرية، إذ اقتصر على أكوام من النفايات، كما شبّ حريق في بلدة منجز، التهم مساحة من الأعشاب اليابسة، وامتد بفعل الرياح ليطال أشجاراً حرجية وأخرى مثمرة مختلفة.
وأتى حريق في بلدة البيرة على مساحة من الأرض العشبية اليابسة، وامتد إلى أشجار حرجية وأخرى مثمرة، كما اندلع حريق في بلدة الشيخ محمد أتى على مساحة من كرم للعنب وأعشاب يابسة. وعمل عناصر الدفاع المدني، كل ضمن نطاقه، على تطويق الحريق وإخماده، ثم تبريده، خوفاً من تجدده بسبب سرعة الرياح.
*****************************************
أسبوع «فكفكة العقد» أو استمرار التآكل والإنهيار!
الراعي يربط الشراكة الوطنية بالحياد.. والرياض: عودة العلاقات بـإنهاء هيمنة الحزب
التآكل الذي يضرب الوضعين الحكومي والسياسي مستمر في ظل امتناع القوى السياسية عن المعالجات، وإصرار «الثنائي الشيعي» على أن يصدر عن وزير العدل بالتشاور مع مجلس القضاء الأعلى مرسوم بإقالة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، وتعيين بديل له، أو فصل قضية النواب والوزراء الحاليين والسابقين عن التحقيق العدلي إلى محكمة الرؤساء والوزراء والنواب التي شكلها المجلس النيابي، وعدم المس بوزير الإعلام جورج قرداحي، مع العلم أن كلا الأمرين غير ممكنين على النحو المتصور، مما يبقي الأزمة في دائرة المراوحة، ويرفع من منسوب الاحباط لدى المواطنين، مع الارتفاع الهستيري لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، وهو على مشارف الـ23 ألفاً، أي بارتفاع عشرة آلاف ليرة، منذ هبوطه إلى 13 ألفاً لدى إعلان مراسيم الحكومة في 10 أيلول الماضي.
وما زاد الطين بلة، تمادي افتعال الحرائق التي أتت على الأعشاب وأشجار الزيتون والسنديان في عموم المشاعات والمساحات اللبنانية من الجنوب إلى جبل لبنان والبقاع والشمال، من دون أن تتمكن الجهات المعنية من اخمادها أو حتى توقيف أي من المتورطين.
ولم ير الرئيس نبيه بري حلاً إلا بتطبيق الدستور والقانون، أما دون ذلك فعبثاً تحاول: «وما في شي بيمشي ونبقى نراوح في مكاننا».
وعليه، يبقى موضوع عودة جلسات الحكومة معلقاً بانتظار اشارة ما.
وتجري اتصالات، حسب النائب طوني فرنجية، لاستقالة الوزير قرداحي، لمعالجة الوضع، خلال الاسبوع الجاري، على ان تكون هناك ضمانات، ولا أحد من الناس أكبر من بلده… مشدداً على ان يكون لبنان بأطيب العلاقات مع الدول العربية، ولا سيما الخليجية.
ونقلت مصادر قريبة من التيار الوطني الحر، استياء رئيس الجمهورية ميشال عون من اصرار الثنائي الشيعي على تعطيل جلسات مجلس الوزراء، حتى الاستجابة لمطلبهم، بعزل المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار من مهمته وقالت: انه لا مبرر، لربط اجتماعات الحكومة، بهذه القضية او غيرها،لان هناك اولويات ضرورية وملحّة تتعلق بمعالجةالازمات الضاغطة، تتطلب اتخاذ قرارات سريعة في مجلس الوزراء، ولا يمكن تأخير البت بها.
واشارت المصادر الى ان عون يبذل قصارى جهده لانهاء تعليق جلسات الحكومة، ولكن المساعي لم تؤد بعد الى اي نتائج إيجابية، والمساعي متعثرة، ما يعني أن ازمة تعطيل الحكومة مستمرة، في حين يطرح اكثر من تساؤل بخصوص عن كيفية تخطي مشكلة المواقف الانحيازية لوزير الإعلام جورج قرداحي ضد المملكة في حال تم تجاوز عقدة القاضي البيطار؟
وترى المصادر المذكورة،ان هناك استياء واضحا في الاوساط القريبة من رئيس الجمهورية ،بسبب موقف حزب الله، من عرقلة اجتماعات الحكومة، وهي تعتبر انه كان بالامكان تجنب تعطيل عمل الحكومة، ومن جانب آخر الانكباب على بحث هادىء للمشاكل الاخرى.
ولا توفر المصادر المذكورة الرئيس بري من مسؤوليته بتعطيل جلسات الحكومة أيضا، بل تذهب إلى أبعد من ذلك بالقول، ان بري يسعى ليس لتجنيب النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر الملاحقة فقط، بل استهلاك ما تبقى من عمر العهد القصير هباء، واطاحة اي انجازات يمكن ان تحققها الحكومة الحالية.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» أن موقف البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي والذي يندرج في إطار الموقف المرتفع السقف سيكون له تردداته في الأيام المقبلة، على أنه من غير المستبعد ان يزور البطريرك الماروني القصر الجمهوري والبحث في الواقع الحاصل في البلاد.
ولفتت المصادر إلى أن العمل جار من أجل إخراج الحل السياسي ولذلك لا بد من ترقب ما تحمله الأيام المقبلة من تحركات داخلية فضلا عن تحركات خارجية تقودها بعض الدول.
واوضحت المصادر ان الخشية من امر غير سيناريو موافقة الوزير قرداحي على الاستقالة والعودة عنها لاسيما أن الوزير قرداحي كان قد اقتنع بهذا الأمر عند اندلاع الأزمة وعاد وتراجع عنه.
وفي موقف يحمل تدرجاً تصعيدياً، رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن الكرامة ليست مرتبطة بالعناد إنما بالحكمة، منتقداً مواقف الوزير جورج قرداحي، وعدم إقدامه على تقديم استقالته.
وفي موقف بالغ السقف العالي، قال الراعي: «لقد بات متعذراً انقاذ الشراكة الوطنية من دون الحياد».
عربياً، اكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ان المملكة لا تعتزم التعامل مع الحكومة اللبنانية حالياً، وسط خلاف عميق بين البلدين، مكرراً دعوة الطبقة السياسية إلى انهاء «هيمنة» حزب الله.
وقال وزير الخارجية لقناة فرانس 24 الفرنسية في مقابلة اذيعت السبت الماضي «لا نرى اي فائدة من التواصل مع الحكومة اللبنانية في هذه المرحلة الزمنية».
وأضاف «نعتقد ان الطبقة السياسية في حاجة للنهوض واتخاذ الاجراءات اللازمة لتحرير لبنان من هيمنة حزب الله وبالتبعية لايران من خلاله».
وفي سياق متصل، كشفَ السفير السعودي الأسبق لدى بيروت عبد العزيز خوجة أنه «تعرض لـ3 محاولات اغتيال في لبنان أثناء عمله هناك»، موضحاً أنه «لا يستطيع اتهام أي جهة مُحدّدة بهذه العمليات». وفي حديثٍ لقناة «العربية»، أشار السفير الأسبق إلى أنه «لم يتصور يوما أن تقطع العلاقات بين المملكة ولبنان، فالمملكة قدمت المساعدة للبنان كدولة عربية شقيقة»، معتبراً أن اللبنانيين «طفح بهم الكيل من سيطرة حزب الله على لبنان».وكشف خوجة ان قيمة المساعدات التي قدمتها المملكة للبنان منذ العام 1990، بلغت أكثر من 72 مليار دولار.
نيابياً، لم يعرف مصير الطعن، الذي يعتزم التيار الوطني الحر تقيمه ضد التعديلات على قانون الانتخاب المعمول به، لكن الواضح أن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ينتظر موافقة رئيس الجمهورية على نشره، وهذا مستبعد في الوقت القريب.
وفي موضوع تسجيل المغتربين لانتخابات 2022، ارتفع عدد المسجلين وقد بلغ 138 ألفاً و566.
وأبدى المجلس السياسي في التيّار الوطني الحر «بالغ القلق من إستمرار تعطيل مجلس الوزراء من دون أي سبب مقنع وشلّ الوضع الحكومي في موازاة التفشّي الدراماتيكي للأزمة الإقتصادية والإجتماعية». وقال: فالأولوية الإجتماعية تعلو، لذا بات واجباً إستدراك ما يحصل والتحلّي بحسّ عال من المسؤولية الوطنية والإنسانية. ويحذر التيّار من إستغلال الأزمة السياسية لتأزيم الوضع إقتصادياً ومالياً وأمنياً تحقيقاً لأجندات خارجية، ويدعو مجلس النواب الى سؤال الحكومة عن أسباب إمتناعها عن عقد مجلس الوزراء.
وكشفت مصادر بالتيار الوطني الحر،النقاب عن اجتماع عقده منتصف الاسبوع الماضي ، الكوادر والمسؤولين النقابيين بالتيار، تم خلاله ابلاغهم بالقرار الذي اتخذه رئيس التيار النائب جبران باسيل، بالامتناع عن خوض اي انتخابات نقابية مقبلة،في جميع النقابات من دون استثناء،مع التشديد عليهم،بأن من يخالف هذا القرار،ويعمد الى ترشيح نفسه،انما يتحمل مسؤولية مايترتب على ترشيحه من نتائج منفردا،وبالتالي،لايلزم التيار باي مفاعيل،اكانت سلبية ام إيجابية.
واعتبرت المصادر ان السبب الرئيسي لامتناع التيار عن خوض الانتخابات النقابية، انما يعود لسببين رئيسين، الأول، هو الخشية من انكشاف ضعف التأييد الذي بات يحظى به التيار في مختلف النقابات بعد تراجع شعبيته الملحوظ بفعل الممارسات الخاطئة التي انتهجها رئيسه والفشل الذريع للعهد، بالايفاء بوعوده، للبنانيين طوال السنوات الماضية، ومااوصل اليه البلاد من انهيار، والثاني الانقسام الحاد الذي يعصف بالتيار هو ماافرزته، عملية التصويت الالكتروني الاخيرة من نتائج، لمعرفة نسب تأييد منتسبي ومؤيدي التيار، للمرشحين المحتملين للانتخابات النيابية.
ولاحظت المصادر ان ماخلصت اليه هذه الخطوة، برغم محاولة اسباغ اسلوب الاختيار الديمقراطي عليها ظاهريا، الا انها ادت عمليا، الى الحديث عن تلاعب بالنتائج، لصالح المحسوبين على باسيل ،وظهور تصدعات داخل التيار، وتصعيد الخلافات بين المرشحين الفائزين فيها، وخصومهم التقليديين الخاسرين، كما حصل في جزين، بين المرشح الفائز الكترونيا،النائب السابق امل ابو زيد والنائب الحالي زياد اسود الذي تلاه، وفي جبيل بين الفائز النائب سيمون ابي رميا والمرشح الذي تلاه جان جبور علما ان رئيس الجمهورية ميشال عون يحبذ ترشيح مستشاره للشؤون الصحية النائب وليد خوري.
واشارت المصادر إلى ان تصرفات وممارسات وسياسات ، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ولا سيما عملية التصويت الالكتروني التمهيدي لاختيار مرشحي التيار في مختلف المناطق، ادت الى انقسام التيار الى ثلاثة اقسام، الاول مؤيد لباسيل، والثاني يدين بالولاء لرئيس الجمهورية ميشال عون دون غيره، والقسم الثالث، يوصف نفسه بالسيادي،الرافض للانصياع لسياسة الصمت المطبق على سياسات ومخالفات حزب الله بتجاوز القوانين والدستور.
الحرائق
فرض مشهد الحرائق نفسه لليوم الثاني على التوالي على المشهد العام في البلاد، من دون أن تتمكن فرق الانقاذ من السيطرة على النيران، المتنقلة من الجنوب إلى جبل لبنان، فالشمال، فضلاً عن البقاع الغربي، مع تجدد الحرائق جنوباً في بلدة بافليه – قضاء صور، وبلدة تول – قضاء النبطية.
وأجرى الرئيس نجيب ميقاتي لهذه الغاية، اتصالات مع وزير الداخلية بسام مولوي وقيادة الجيش لاستنفار كل الاجهزة المعنية للاسراع في اخمادها ومنع تمددها. كما اجرى اتصالات استباقية طلبًا للمساعدة من الدول المجاورة في حال اقتضت الحاجة.
وتابع مع وزير البيئة ناصر ياسين الموجود في وادي العزية في الجنوب الجهود المبذولة لاخماد الحريق الكبير الذي اندلع في البلدة. وفيما انتقل وزير الداخلية الى غرفة عمليات الدفاع المدني في فرن الشباك، تواصل وزير الزراعة عباس الحاج حسن مع قيادة الجيش ووزارة الداخلية وقوات الطوارىء العاملة في الجنوب ووزارة البيئة في إطار المساعدة السريعة على إخماد الحريق الكبير الذي تركز في منطقة صور في وادي العزية-زبقين والحنية وخراج مجدل زون وجب سويد.
وقال مولوي للصحافيين: «زرت برفقة محافظ جبل لبنان مركز الدفاع المدني، وتحادثنا مع المدير العام العميد ريمون خطار عن الحرائق التي نشبت في هذا الطقس المتقلب، وقد تابعنا عن كثب وضع الحرائق المنتشرة من عكار الى الكسليك والجديدة الى اقليم الخروب وصولا الى النبطية وصور. لقد بذل شباب الدفاع المدني جهدا كبيرا للسيطرة على معظم الحرائق خصوصا بالشمال والكسليك، لكن مع الاسف حريق الجديدة الذي كان بقرب مواد كيماوية ادى الى وفاة عامل مصري».
اضاف: «ولقد استطاع عناصر الدفاع المدني السيطرة على حرج صنوبر بين بلدتي علمان وجون في الاقليم، وتمت السيطرة على حريق في بيت مري، اما في الجنوب تعمل فرق الدفاع المدني على إخماد 6 حرائق».
وألمح الى أنه «قد يكون بعض هذه الحرائق مفتعلا، والبعض ناتجا عن تغير الطقس»، كاشفا ان «التحقيقات اللازمة بدأت، وخصوصا ان الحرائق تعرض المواطنين الى خطر داهم على حياتهم وممتلكاته».
وعلّق الرئيس بري على اندلاع الحرائق بالقول: في الوقت الذي تكاد السنة النيران تلتهم آخر ما تبقى من مساحات خضراء في لبنان من خلال حرائق عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق الم يحن الوقت للاقتناع إن تحصين الوطن وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الوطني وطبعاً ما تبقى من ثروة حرجية يكون بالاقرار بتعيين ماموري أحراج خارج القيد الطائفي؟ إن أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس.
ورأى بري ان الحرائق «في زمانها وجغرافيتها وتوقيتها تطرح جملة من التساؤلات نضع الاجابة عليها برسم الاحهزة الامنية والقضائية المختصة، التي يجب ان تسارع الى اجراء تحقيقاتها وتحديد المسؤليات والاسباب التي ادت لحصول هذه الكارثة، اذا لم نقل هذه الجريمة التي طاولت ليس البيئة فحسب انما ايضا الانسان في هذه المنطقة في تراثه وثقافته وذاكرته مع المقاومة وشهدائها الذين لهم مع كل شجرة قصة مجد وبطولة «.
زيارة»سريّة» إلى فرنسا:
في مجال آخر، أشارت معلومات موقع mtv الى أنّ مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم قام بزيارة قصيرة الى العاصمة الفرنسيّة باريس من دون أن يعلَن عنها أو عن اللقاءات التي عقدها فيها. وقد عاد ابراهيم من زيارته التي اتّسمت بطابعٍ سرّي مساء أول من أمس.
مناورة الحزب ام تدشين بئر؟
الى ذلك، انتشرت منذ الصباح صور على مواقع التواصل الاجتماعي لحواجز عسكرية على طريق حدث بعلبك – كفردبيان، افيد لاحقا ان مسلحين من حزب الله بلباس اسود وبكامل أسلحتهم نفذوا انتشارًا كثيفًا في جرود عيون السيمان ونصبوا حاجزا على بعد كيلومتر واحد من حاجز الجيش اللبناني في الطريق القديم المفرق المؤدي الى زحلة القادومية.
من جهتها أشارت إذاعَة لبنان الحرّ الى ان الحزب كان كثف من تواجده بالاليات العسكرية ليلا في جرود عيون السيمان والعاقورة، ونقلت عن مواطنين قولهم بِأَنَّ عناصر الحزب نصبوا كاميرات مراقبة في المكان وعمدوا الى إيقاف بعض السيارات.
وفي وقت لاحق، أوضح مختار بلدة كفردبيان وسيم مهنا في بيان، أن «الصور المتداولة عن أنها حواجز عسكرية لعناصر من حزب الله على طريق حدث بعلبك – كفردبيان، هي لحفل افتتاح بئر مياه إرتوازية في خراج حدث بعلبك».
الا ان مصادر عليمة افادت ان لا علاقة لافتتاح البئر وهو تحديدا في منطقة طاريا وقد حضر الحفل في التاسعة صباحا، رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين، بالانتشار العسكري ذلك ان مسؤولي حزب الله حينما يتنقلون يفعلون ذلك خفية من دون انتشار عسكري، عازية ما جرى الى مناورة صامتة اجراها الحزب على مدى ثلاثة ايام تُحاكي التطورات اللبنانية الاخيرة، لا سيما الامنية منها، حيث اقام معسكر تدريب لعناصره فككه صباح السبت.
معيشيا، وفيما يرتفع في شكل هستيري سعر صرف الدولار، الذي لامس الـ23 ألف ليرة لبنانية ، كشف عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، عن اجتماع عُقد في وزارة الطاقة والمياه برئاسة الوزير وليد فياض، بحث في كيفيّة تأمين الدولار وكيف سيتمّ توزيع نسبة الـ10 في المئة من الدولارات عند تأمينها لأكبر عدد ممكن من التجار. وطرح وزير الطاقة أن تُشترى هذه الدولارات تدريجاً وبكميّات مجزّأة وتوزّع على أكبر عدد ممكن من التجار، من أجل التخفيف من الضغط على سعر صرف الدولار. وعن إمكانية تسعير المحروقات بالدولار، اعتبر البراكس أنّه «غير قانونيّ ولكن تحرير استيراد البنزين مع الوقت سيحصل حكماً فهذا مسار اخذه مصرف لبنان وبدأ به ونحن ذاهبون باتجاه أن تصبح هذه الـ10 في المئة 20 و30 في المئة إلى حين الوصول الى 100 في المئة».
الكهرباء أشهر قليلة
وأعلن وزير الطاقة والمياه وليد فياض انه في أشهر قليلة ستزداد التغذية على شبكات الكهرباء إلى 10 ساعات يومياً، مؤكداً ان الخطط المتفق عليها ماشية، بما في ذلك توقيع عقد استجرار الكهرباء من الأردن… على أن يحصل الأردن على رسالة أميركي تعفي الأردن من مندرجات قانون قيصر السوري، كاشفاً عن تطيمنات أميركية على هذا الصعيد وآخرها ما جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وحول التمويل، قال فياض ان البنك الدولي سيتولى التمويل، بعد سنتين، وسيبدأ ولمدة طويلة باسترجاع امواله، عبر رفع تعرفة فاتورة الكهرباء، بعد توفير الكهرباء، على أن ترفع التعرفة مع زيادة التغذية بطريقة عادلة، معتبراً ان تكلفة المولدات الكهربائية أغلى من ذلك بكثير، متحفظا على اعطاء ارقام في ما خص سعر الكيلوواط الجديد.
وكشف ان وزير الكهرباء السوري ابلغ لبنان بتحقيق إصلاحات في خط الكهرباء السوري.
ونفى أن تكون هناك معيقات للاتفاق مع مصر بشأن الغاز، وقال: المسألة فنية لجهة اصلاح الخط بين سوريا ولبنان، على ان تتولى شركة مصرية عملية الاصلاح.
وقال ان تمويل اصلاح عطل الغاز سيكون من مصرف لبنان، على ان تعود الاموال اليه، حالما تصل من البنك الدولي.
واشار إلى ان ابرام الاتفاق بعد توقيع العقد مع الاردن قد يتطلب اجتماع مجلس الوزراء إلى جانب مجلس النواب بسبب وجود تمويل من البنك الدولي.
وكشف ان كمية مليون طن من الفيول سنوياً من العراق مستمرة، على ان يجري الالتزام بـ75 ألف طن من الفيول تساعد على وضع جدول اقصر مع كميات أكبر، على ان يتم تصدير ما يلزم من سلع لبنانية ومنتجات زراعية إلى العراق.
وبالنسبة للطاقة الشمسية كشف ان هناك 12 شركة قدمت عروضاً لتوليد الطاقة الشمسية بانتظار التمويل.
652735 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة 947 إصابة بفايروس كورونا خلال الـ24 ساعة الماضية، مع 5 حالات وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 652735 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباك 2020.
*****************************************
مجزرة التضخّم مستمرة… والأرقام الرسمية لا تعكس حقيقة الأسعار
عملية حذف الأصفار من العملة مقصلة مرعبة… عسى لا ندخل فيها
معطيات جيوسياسية إقليمية مقلقة تتحكّم بمفاتيح الاقتصاد وتشلّه – جاسم عجاقة
قد يتساءل البعض عن سبب استخدامنا لعبارة «مجزرة التضخّم» في عنوان هذا المقال وقد يرى فيه البعض مبالغة، إلا أن الحقيقة الاقتصادية أن التضخّم وصل إلى مستويات أصبحت معها تداعياتها تُشبه إلى حدٍ بعيد المجازر الجماعية التي تُقترف ضد الشعوب. مؤشر الأسعار على الاستهلاك (الرسمي) وصل إلى أعلى مستوياته مع بلوغه 567.65 نقطة في شهر آب الماضي، مع العلم أنه كان يبلغ 108.85 في شهر أيلول من العام 2019 أي قبل بدء الإحتجاجات الشعبية.
إلا أن هذه الأرقام وعلى الرغم من فظاعتها، لا تعكس الواقع الحقيقي نظرًا إلى أن الأسعار ارتفعت بعشرة أضعاف وليس بخمسة أضعاف ونصف كما تقول الأرقام الرسمية، وهو ما يضع علامة استفهام على دقة هذه الأرقام. فعلى سبيل المثال صفيحة البنزين ارتفعت من 25 ألف ليرة إلى أكثر من 300 ألف ليرة، وعبوة الذرة كانت بثلاثة آلاف ليرة وأصبحت بـ 32 ألف ليرة، وكيس الحليب كان بـ 20 ألف ليرة وأصبح بـ 156 ألف ليرة، ولوح الشوكولا كان بـ 500 ليرة وأصبح بـ 9500 ليرة لبنانية!
تداعيات كارثية على كل المستويات
التداعيات لهذا الارتفاع كارثية وأولها على صعيد الفقر. فالتقرير الأخير الذي أصدرته منظّمة الإسكوا، يشير إلى أن عدد العائلات القابعة تحت الفقر المُدقع (أقلّ من 1.9 دولار أميركي يوميًا للشخص الواحد) هو 500 ألف عائلة على إجمالي عائلات لبنان البالغة مليونا ومئتي وخمسين عائلة. في حين أن 900 ألف عائلة تقع تحت خطّ الفقر العام! وبمقارنة بسيطة بين الأرقام في العام 2019 والعام 2021، نرى أن نسبة الفقر المُدقع ارتفعت من 8.23% في العام 2019 إلى 40% في العام 2021، والفقر العام من 30% في العام 2019 إلى 72% في العام 2021، وهو ما يعني إضمحلال الطبقة الوسطى التي تُعتبر نواة الإقتصاد والمموّل الأول لمالية الدولة من باب الضرائب مع انخفاض هذه النسبة من 46% في العام 2019 إلى 22% في العام 2021. والملفت في الأمر أن هناك ثمانية آلاف شخص (على إجمالي الشعب اللبناني) انتقلوا من الطبقة الوسطى إلى الطبقة الغنية بفعل الاستفادة من الأزمة ومعظم هؤلاء يأتون من بيئة التجارة والأعمال الحرّة «المدعومة».
الإنجاز «التاريخي» الذي قامت به حكومة الرئيس حسان دياب بوقف دفع سندات اليوروبوندز ولاحقًا وقف دفع سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، كان الشرارة الأولى لإطلاق العنان للتضخّم. ويكفي النظر إلى البيانات التاريخية (أنظر إلى الرسم) لمعرفة أن مُجرّد الإعلان عن وقف دفع سندات اليوروبوندز دفع بالأسعار إلى مستويات هائلة ليصبح هذا الإعلان الصاعق الذي فجّر الأزمة وكسر التوازن المالي – النقدي الذي كان قائمًا.
ترجمة التضخم تمّت من خلال ارتفاع غير منطقي ولا عقلاني لأسعار السلع والبضائع حيث كان للعصابات والمافيات كلمتها الفصل في تسعير السلع والبضائع بالتكافل والتواطؤ مع أصحاب النفوذ. ودعم هذه المافيات تطبيقات على الإنترنت لم تجد الحكومة الداعي لتوقيفها إلى وقتنا هذا، مع العلم أنها – أي التطبيقات – مسيطرة على النشاط التجاري في البلد. ويسأل المراقب لماذا لا تقوم الحكومة بتوقيف التطبيقات؟ ويأتيك الجواب من المسؤولين السياسيين أن هناك استخداما لتقنيات لا مقدور للدولة اللبنانية عليها. في الواقع هذه الأجوبة بحدّ ذاتها هي إدانة للمسؤولين ولجهابذة المعلوماتية الذين أعطوا المسؤولين هذه الأجوبة، ويستشف منها «قبّة باط» لترك هذه التطبيقات تعمل على هواها!
الاحتكار والتهريب والتسعير العشوائي… كلها ممارسات قامت بها المافيات على حساب الشعب اللبناني وغرفت بيديها الاثنتين من أموال الشعب ومن المال العام من خلال الدعم الذي استمرّ على مدى عام ونيّف مع دعم للـ «كافيار» والـ «فياغرا»!!! إنها قمّة الاستهتار وقعر الحوكمة. نعم هذا أقل ما يمكن وصف هذه المرحلة به، وهي التي كانت لتكون أقلّ عبئًا على الشعب لو أن الحوكمة كانت موجودة ولو أن القضاء كان مستقلًا لكف يدّ المرتكبين الفاسدين. لكن التاريخ وحده كفيل بإدانة هذا الأداء وإنصاف أصحاب القرار.
ومن تداعيات التضخّم أيضاً زيادة هجرة الشباب اللبناني التي بدأت بشكل كبير، وما مؤشر طلب جوازات السفر إلا دليل واضح على تداعيات الوضع الحالي. ومن المتوقّع أن ترتفع نسبة الهجرة في الأعوام القادمة بحيث تُقدّر نسبة الهجرة بأكثر من 60% من فئة الشباب! وبحسب دراسة أعدتها جمعية سوليداريتيي، يُتوقّع أن يغادر لبنان بين عامي 2020 و2023، 10% من عدد السكان البلاد.
كلّ هذا في ظلّ عجز حكومي واضح!
مغامرة حذف الأصفار
مع انهيار العملة اللبنانية – أو بالأحرى ضرب العملة اللبنانية – تُطرح العديد من الخيارات أمام النظام اللبناني ومن بينها حذف أصفار من العملة، والذي إذا حصل سيكون سابقة في تاريخ الدولة اللبنانية.
المدافعون عن هذا الإجراء يقولون إن الهدف الأساسي من هذه العملية هو خلق صدمة نفسية إيجابية في الأسواق. وإذا كانت هذه الحجّة صحيحة، فإن الصدمة الإيجابية لا تتوافر إلا بشروط مُحدّدة، ولكنها تبقى تحت خطر إضافة خطأ جديدة إلى لائحة الأخطاء التراكمية التي قامت بها السلطة اللبنانية في السنتين الماضيتين إذا لم تترافق هذه الخطوة بما من شأنه أن يحيي الثقة في السوق المحلي والاستثمار الأجنبي.
الأبحاث العلمية تُثبت أن العملة الوطنية هي أكثر من وسيلة تبادل في الاقتصاد. فدورها لا يقتصر على التبادل التجاري فقط، بل تتمتّع أيضًا بأبعاد استراتيجية كتعزيز الهوية الوطنية وإعطاء اللون السياسي للحكومات. ويتأثر الرأي العام بمستوى قوّة العملة الوطنية حيث إن توقعات دائمة بانخفاض العملة تثير الرأي العام تجاه السلطة السياسية وتؤدّي – عادة ومنطقياً – إلى خسارتها في الانتخابات.
وتشير النظرية الاقتصادية إلى أن قيمة العملة الوطنية تتأثر بعدد كبير من العوامل، منها ما هو اقتصادي مثل السياسة الاقتصادية للحكومة، ومنها ما هو سياسي مثل سياسة الحكومة الداخلية والخارجية، ومنها ما هو نقدي مثل السياسة النقدية، ومنها ما هو مالي مثل عجز الموازنة ، ومنها ما هو قانوني مثل القوانين المرعية الإجراء.
ويأتي سوء هذه العوامل ليؤثّر بشكل مباشر في قيمة العملة التي قد تخسر من قيمتها مقابل العملات العالمية، مما يؤدّي إلى تداعيات على الصعيد الإجتماعي. أيضًا لهذا الانخفاض في قيمة العملة تداعيات نفسية على المواطن من ناحية شعوره بالإذلال. وكردّة فعل، يعمد المواطن إلى شراء العملة الأجنبية عبر التخلّص من العملة الوطنية، مما يخلق ضغطًا مضاعفاً على هذه العملة وتصبح السلطة السياسية رهينة الأسواق المالية. لذا يظهر حذف الأصفار من العملة الوطنية كإحدى الوسائل المتاحة أمام الحكومة (حذف الأصفار هو عمل سياسي بامتياز) لمنع اختراق العملات الأجنبية، وتهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي ودعم السياسة النقدية.
ويسمح حذف الأصفار من العملة، إذا ما تمّ بظروف ملائمة، بكسب مصداقية دولية، وجذب الاستثمارات الخارجية، والسيطرة على سوق القطع، وخفض الضغوطات التضخّمية، وزيادة الثقة بالنظام السياسي الحاكم، وتعزيز الهوية الوطنية.
لكّن فعّالية حذف الأصفار تبقى رهينة عدد من العوامل مثل الاستقرار الماكرو اقتصادي، وخفض التضخّم ثم ضبط الأسعار، واستقرار سعر صرف العملة الوطنية، ولجم الإنفاق الحكومي، والدعم الشعبي للحكومة في سياستها، والأهمّ الاندماج السلِس في الاقتصاد العالمي. وبالنتيجة فإن الدوّل التي قامت بحذف أصفار من عملتها من دون تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة ومفهومة من قبل الشعب والأسواق، لم تُعط المفعول المرتقب فحسب، بل أدّت إلى تدهور العملة من جديد بعد فترة وجيزة وبشكل دراماتيكي.
وبنظرة إلى التجارب العالمية في هذا المجال، نرى أنه ومنذ العام 1960، اضطرت الحكومات النامية في 71 حالة إلى إزالة عدد من الأصفار من عملاتها الوطنية. وخلال الستين سنة الماضية، قامت 20 دولة بحذف أصفار من عملاتها الوطنية (9 بلدان قامت بذلك مرتين ودولة قامت به ثلاث مرّات). وتم حذف الأصفار من العملات الوطنية 4 مرات في الأرجنتين، 5 مرات في يوغوسلافيا السابقة، 6 مرات في البرازيل، مرتين في بوليفيا، 3 مرات في أوكرانيا، روسيا، بولندا وبلجيكا، ومرة في تركيا، كوريا، وغانا. وأخر هذه العمليات هو حذف فنزويلا ستة أصفار من عملتها. وتبقى البرازيل البلد الأوّل في العالم من ناحية إزالة الأصفار، إذ إن عدد الأصفار التي قامت بإزالتها من عملتها هي 18 صفرًا!
وعليه، فإن سلبيات حذف الأصفار قد تكون كارثية كتأثير التضخم الناتج عن تدوير الأسعار، تكلفة القائمة (Menu cost)، التأثير النفسي للنقص في الأجور، عودة الأصفار المحذوفة بعد فترة وجيزة، تكاليف إعادة إصدار العملة الجديدة، مشاكل في تحديد الأسعار على الأمد القصير، تدهور العملة وظهور التضخم، فشل المشروع في حالة عدم دعمه من قبل الناس، انخفاض الصادرات نتيجة لارتفاع قيمة العملة الوطنية…
من هذا المُنطلق، نرى أن حذف أصفار من العملة اللبنانية (مثلا عشرة آلاف ليرة لبنانية قديمة = ليرة جديدة = نصف دولار أميركي) لن يكون فعالًا إلا إذا اقترن بخطّة اقتصادية واضحة وسياسات مكافحة التضخم وإجراءات تقشفية في الإنفاق العام والانتظام المالي للدولة كما ومحاولة التخلّص من العجز الطويل الأمد في الميزانية، ضمان استقلالية المصرف المركزي، إعادة رسملة البنوك، إقفال المصارف التي تعاني من مشاكل حادّة، إعادة هيكلة المؤسسات العامة… خطوات تأتي في سياق خطّة إصلاحية ضمن إطار التفاوض مع صندوق النقد الدولي وفي ظل إطار سياسي ثابت وواضح المعالم.
في الواقع اللبناني، نرى أن عملية حذف الأصفار في لبنان مصيرها الفشل، وسيئاتها أكثر من حسناتها، نظرًا إلى وجود عقوبات أميركية مرجّحة للازدياد، إضافة إلى مشكلة لبنان مع الخليج، وأيضًا في ظل وجود استحقاق مالي ضخم – عنيت الدين العام البالغ 97 مليار دولار أميركي – وهو ما يجعل من شبه المستحيل على لبنان تنفيذ عملية حذف أصفار بنجاح أو حتّى لجم تدهور الليرة اللبنانية، مما يعني أن الحلّ الوحيد الباقي أمام السلّطة السياسية هو تنفيذ إصلاحات صندوق النقد الدولي، والتي ما زالت إلى حينه لم تخط خطوة عملية واحدة إلى الأمام، وإنما تصاريح ووعود وتمنيات…
معطيات جيوسياسية غير مطمّئنة
المعطيات الجيوسياسية القائمة، وعلى رأسها إعادة ترسيم العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية الإقليمية، لا تبشر بالخير في ظلّ نشاط سياسي دولي – إقليمي غير مسبوق وتحوّلات في العلاقات الإقليمية بين الدول (مثل التقارب الإماراتي – السوري)، وفي ظلّ تبعية سياسية كبيرة للبنان لبعض الدول الأخرى. هذه التبعية تربط أي حلّ للأزمة المحلّية الحالية المتعدّدة الأبعاد (سياسية، اقتصادية، مالية، نقدية، اجتماعية) بالحلول الإقليمية. وكلّ أحاديث التراشق الداخلية للبعض على البعض الأخر، وتبرئة النفس من هول الواقعة الراهنة، عبث ولهو يلهي كل من المعنيين جمهوره لحرف النظر أو التكلم عن خطة أو سعي لمعالجة الأوضاع المعيشية التي تتردّى يومًا بعد يوم وتشمل كل المكوّنات.
لذا يبقى الحلّ المنطقي للأزمة الاقتصادية الحالية من خلال أكثرية نيابية ذات رؤية اقتصادية علمية ناجحة وموحدة. وأما في ظل وجود أكثرية تمتهن المماطلة وتمعن في إقرار وقوننة مبدأ المحاصصات، ولا رادع داخلي ولا دولي، فلبنان لا بد قادم على فترة صعبة جدًا على كل الأصعدة، ومن سيىء إلى أسوأ، وللأسف.
*****************************************
لبنان يحترق
لليوم الثاني على التوالي ، واصل لبنان مكافحة الحرائق التي تنقلت امس من منطقة الى منطقة مبتلعة مساحات شاسعة من احراجه ومساحاته الخضراء، وسط مساعي فرق الإطفاء المتعدّدة للسيطرة على النيران، خاصة في بيت مري بعد الحرائق الكبيرة في صور التي التهمت الاخضر واليابس في العديد من القرى، وأطلقت بلدية بيت مري الصرخة معلنة ان النيران أكلت الاخضر واليابس ووصلت الى البيوت والأحياء السكنية.
وقد تابع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، عمليات إخماد الحرائق في عدد من المناطق، لاسيما في منطقة بيت مري حيث شاركت أكثر من ١٤ آلية للدفاع المدني.
هذا وشاركت طوافتان من القوات الجوية في الجيش عناصر الدفاع المدني في اخماد النيران، وقد جُهزت لهذه الغاية بركة إصطناعية في دير القلعة لزيادة فعالية عملية الإطفاء.
من جهته، أكد مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار العمل بكل الإمكانات المتوفرة
كذلك افيد امس أن حريقا اندلع في بلدة آسيا البترونية، وتوجهت فرق الدفاع المدني إلى المكان لمحاصرة النيران، ولاحقا، ناشد أهالي البلدة الجيش إرسال طوافة عسكرية لإهماد الحريق الذي لامس المنازل السكنية.
بدورها، أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني أنه تم إخماد حرائق في بشمزين (الكورة) – بعقلين (الشوف) – فتري (جبيل).
اما في بيت مري، فتواصلت حتى ساعات الليل امس عمليات إطفاء الحريق الذي شب منذ اول أمس في أحراج بيت مري – المونتيفردي، بعدما كانت تمت السيطرة عليه ليلا، إلا أنه تجدد صباحا وبات يهدد المنازل،حيث اتت النيران على مساحة واسعة من أشجار الصنوبر، ويناشد الاهالي المعنيين التدخل خوفا من تمدد النيران الى الابنية السكنية. وفي صور، افيد أن فرق الاطفاء في الدفاع المدني، “جمعية كشافة الرسالة” في حركة “أمل”، تمكنت من السيطرة على الحريق الذي اندلع صباحا في خراج بلدتي قانا والرمادية في قضاء صور، حيث أتت النيران على مساحات واسعة من اشجار الزيتون والعشب اليابس،وتمت السيطرة على كل النقاط التي اندلعت فيها الحرائق في الجنوب، واشارت المعلومات الى أن عملية التبريد مستمرة . وبعد جهودٍ مضنية ايضا، تكمنت فرق الدفاع المدني من إخماد حريق في سهل الميدنة بين بلدتي كفررمان والجرمق، كما جرى إخماد عدة حرائق بين بلدتي شوكين وزبدين، وفي مرتفعات حي البياض في مدينة النبطية،كذلك، تمكّنت فرق الإطفاء من مركز الدوير من إخماد حريق اندلع بين بلدتي كوثرية الرز وأنصار فضلاً عن حريق آخر بين بلدتي صير الغربية وكفرصير.
وفي المقابل، أفيد عن تجدّد الحريق في وادٍ ما بين الزرارية والخرايب وكوثرية الرز في منطقة الزهراني، وهناك نداءات للاغاثة.
كما اندلعت في عكار سلسلة حرائق في بلدات عكارية مختلفة، ففي بلدة فنيدق اندلع حريق دون خسائر مادية وبشرية إذ اقتصر على أكوام من النفايات، كما شب حريق في بلدة منجز إلتهم مساحة من الأعشاب اليابسة وامتد بفعل الرياح ليطاول أشجارا حرجية وأخرى مثمرة مختلفة،وأتى حريق في بلدة البيرة على مساحة من الأرض العشبية اليابسة وامتد ليطاول أشجارا حرجية وأخرى مثمرة، كما اندلع حريق في بلدة الشيخ محمد أتى على مساحة من كرم للعنب وأعشاب يابسة،وعمل عناصر الدفاع المدني كل ضمن نطاقه على تطويق الحريق وإخماده ثم تبريده، خوفا من تجدده بسبب سرعة الرياح. كما امتدت الحرائق نحو البقاع الغربي حيث اشتعلت الاحراج في خراج بلدة عيتنيت الواقعة قرب بحيرة القرعون وفي خراج بلدة المزرع.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :