بلينكن يقدم جرعة دعم لميقاتي والحكومة… وانهيارات في جبهات الساحل اليمني
تساكن مع جمود الملف القضائي والأزمة مع السعودية… وقرداحي: قضية كرامة
حردان رئيساً لـ«القومي»: نسعى لتيار مدني… ونحتاج لكل طاقة حزبية… وسنبقى ضمانة الأمة
مع ارتفاع جديد في سعر صرف الدولار، يستمر الجمود السياسي والقضائي، والتسليم بالتساكن مع هذا الجمود في غياب فرص حلول قريبة، حيث الملف القضائي في انفجار مرفأ بيروت دخل في موت سريري مع الفوضى التي لحقت بتسمية القضاة المتقابلة للنظر بقضايا الرد المتبادلة، وبالمقابل الأزمة السعودية لا تنتظر زيارات موفدين ووزراء خارجية سيستقبلهم لبنان الأسبوع المقبل، وسط قناعة بأن الأزمة مفتوحة ولا يوجد بيد الموفدين خريطة طريق للحل، وليس أمام لبنان سوى الانتظار.
في هذا المناخ كان لافتاً كلام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وما حمله من جرعة دعم للحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي من بوابة الحديث عن تأمين الوقود، في إشارة علنية للتمسك ببقاء الحكومة، وتجاهل الموقف السعودي، والسعي لتأكيد التمايز عنه، أو رسم سقف للضغط السعودي هو الحفاظ على الحكومة وتشجيعها على معالجة التداعيات الاقتصادية، وهو ما ظهر في تفاؤل ميقاتي بالقدرة على استثمار مرحلة الجمود لإنجاز الملفات المتصلة بملفي الكهرباء والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بحيث يتحول الضغط السعودي على لبنان إلى واحدة من الأوراق الأميركية في ملفات المنطقة، كربط نزاع عنوانه مستقبل العلاقة بقوى المقاومة، تعقد مصادر متابعة للموقف الأميركي أنه سيشكل عنوان مرحلة ما بعد المفاوضات حول الملف النووي، بينما ترى مصادر في قوى المقاومة في المنطقة أن الصمود يشكل عنوان المرحلة، بانتظار التداعيات التي سيتركها المسار اليمني المتسارع الذي سجل أمس تطوراً كبيراً في جبهة الساحل، مع انسحاب القوى العسكرية المناوئة للجيش واللجان والأنصار من هذه الجبهة تخوفاً من تداعيات انتصارات جبهة مأرب، وارتدادها حصار لجبهة الساحل، ووفقاً للمصادر اليمنية فإن انهيارات جبهة الساحل قد تترك أثراً على تماسك جبهة عدن، في ضوء التناقضات التي تعصف بمكونات التحالفات الهشة التي تجمع الأطراف المناوئة لأنصار الله من جهة، ومرجعياتها المتناقضة السياسات في اليمن، كما تشير التناقضات بين توجهات كل من السعودية والإمارات، واحتمالات تبلور موقف للمجلس الانتقالي في عدن بدعم من الإمارات يتيح التوصل لتسوية تقوم على تحييد عدن، ما يعني قطع طرق الإمداد التي توفرها عدن لجبهات مأرب وتعز وشبوة، بينما تقول مصادر عسكرية يمنية باحتمال تواصل الانهيارات إلى عدن، وإتاحة فرصة قطاف معركة مأرب بدخول الأنصار إلى عدن أولاً، ما يعني حسماً سريعاً للحرب.
في قضية وزير الإعلام جورج قرداحي، جاءت زيارة قرداحي لرئيس مجلس النواب نبيه بري تتويجاً للموقف الداعم لقرداحي، بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وموقف رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، ليعلن قرداحي بعد لقاء بري أن تمسكه بعدم الاستقالة نابع من النظر إليها، كما نظر كثير من القيادات والأطراف بصفتها قضية كرامة وطنية، لا تمسك بمنصب.
الحزب السوري القومي الاجتماعي أكمل مساره التنظيمي بانتخاب المجلس الأعلى لرئيسه السابق النائب أسعد حردان رئيساً للحزب، بعدما انتخب الأمين سمير رفعت رئيساً للمجلس قبل أسبوعين، وقال حردان بعد انتخابه إن استهداف الحزب نابع من كونه الضمانة الرئيسية العابرة للمناطق والطوائف لمواجهة مخاطر مشروع التفتيت، إضافة للمساهمة المحورية للحزب في مشروع المقاومة على مدى عقود مستمرة، ودوره في الدفاع عن سورية إلى جانب جيشها وقوى المقاومة بوجه قوى الاحتلال والإرهاب، ومشروع الإسقاط والتقسيم، وأكد حردان ثبات الحزب على مواقفه وتمسكه بمبادئه ودوره، وحاجة الحزب لكل قومي اجتماعي للقيام بهذه المهمة، وفتح الباب لكل فرصة لحشد الطاقات داخل المؤسسات الحزبية لهذا الهدف، معلناً العزم على تأسيس تيار مدني لا طائفي يترجم إيمان الحزب بدولة لا يحتاج مواطنوها للعبور إليها للمرور عبر البوابة الطائفية.
وانتخب المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي في جلسة خاصة حضرها كل أعضاء المجلس، الأمين أسعد حردان رئيساً للحزب، مختتماً بذلك، استحقاقات الحزب.
وأكد حردان بعد انتخابه أن الحزب السوري القومي الاجتماعي، كان، ولا يزال، تلك الضمانة الأساسية التي تحمي مجتمعنا بكافة متحداته، وكل أمتنا، عبر عقيدته الموحدة الجامعة لكل أبناء شعبنا، وعبر أعضائه الذين يؤدون دورهم القومي في تحصين البلاد وحمايتها من كل الأخطار التي تحدق بها.
أضاف: ولأن الحزب يحمل هذا الهم القومي منذ تأسيسه، كان هدفاً مباشراً لكل أعداء الأمة السورية على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم. فاستهدفوه غير مرة في محاولات بائسة منهم لضربه أو حتى إضعافه. لهؤلاء نقول، سنواجه بكل قوانا أية محاولة تستهدف منع الحزب من القيام بدوره التاريخي وواجبه القومي. وفي هذه المواجهة نحن نحتاج إلى كل سوري قومي اجتماعي في الوطن وعبر الحدود ليضع إمكانياته بتصرف المؤسسة الحزبية التي ستبقى أبوابها مفتوحة أمام كل رفيق وأمين.
وتابع حردان: سيسعى الحزب بكل طاقاته إلى تأسيس تيار مدني – لا طائفي يجمع بين ثناياه المواطنين الذين يؤمنون بارتباطهم المباشر بالدولة دونما حاجة لوساطة المذهب أو الطائفة. فنحن، ومن خلال مبادئنا الإصلاحية، تقدمنا باقتراحات القوانين التي تذهب باتجاه ترسيخ الدولة المدنية العادلة الراعية لكل أبنائها.
ولا تزال مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم «شهيد حزب الله» ترخي بظلالها على المشهد السياسي في ظل تعثر الحلول للأزمات التي تعصف بلبنان على رغم بروز إشارات إيجابية مصدرها الدولة اللبنانية بدأت بمواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تلتها مرونة ظهرت بين سطور خطاب السيد نصرالله وتوجتها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي من عين التينة أمس برسائل إيجابية تجاه المملكة وربطه الاستقالة بضمانات من السعودية كان قرداحي أبلغها البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ليضع أمس ورقة استقالته في عهدة عين التينة فور تقديم الضمانات اللازمة.
وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال قرداحي: «لم أطرح موضوع الاستقالة مع برّي ويُصوّرون «قضية قرداحي» كأنها مشكلة لبنان الأساسيّة وتناسوا المصائب التي أوصلوا لبنان إليها». وتابع «إذا حصلنا على الضمانات التي أبلغتها للبطريرك الراعي فأنا حاضر ولستُ في وارد تحدّي أحد لا رئيس الحكومة ولا السعودية التي أحترم وأحبّ ونحن ندرس الموضوع و»منشوف التطورات وبس يكون في ضمانات أنا حاضر». وقال «مشكلة الحكومة ليست أنا وقبل نشر مقابلتي الحكومة لم تكن تجتمع ولا أعرف ما هو الحلّ واسألوا رئيس الحكومة». وختم «هناك ابتزاز وأعتقد أن السعودية ودول الخليج صدرها «أوسع من هيك» ولا نريد استفزاز أحد، وهناك مزايدات كثيرة من الداخل واستغلّوا قضيتي لتقديم براءة ذمة إلى الخليج».
وعكست أجواء عين التينة لـ»البناء» أن «الرئيس بري من موقعه السياسي يدرك عمق المأزق ولا يستسلم للواقع، وكونه صاحب المخارج للأزمات المستعصية، لم ولن يقصّر في السعي الدؤوب والدائم لإيجاد الحلول المناسبة للأزمات التي تواجه لبنان على كافة المستويات»، لافتة إلى أن «رئيس المجلس يحاول صناعة المناخ الإيجابي وتعميمه، لعلّه يرخي بثقله على المشهد الداخلي ويشق الطريق أمام وساطات وحلول توفيقية يجري العمل على إنجاحها». وأوضحت الأجواء أن «لا خريطة طريق متكاملة للحل لدى عين التينة في الملفات الثلاثة… الأزمة مع السعودية وقضية البيطار وأحداث الطيونة، بل طرح فصل هذه الملفات وقدّم مقترحاً لأزمة تنحي البيطار، وأن يأخذ القضاء مساره في كمين الطيونة، أما الحل مع السعودية فيحتاج إلى مناخ من التهدئة وتقدم مسارات الحوار في المنطقة لكي تنعكس إيجاباً على العلاقة بين الرياض وبيروت». وشددت الأجواء على أن «العودة إلى الالتزام بقواعد الدستور والقانون يشكّل الحل لأزمة القاضي البيطار».
وتشير مصادر مواكبة لمساعي الحلول لـ»البناء» إلى أن «الوسطاء الذين ينشطون على خط بيروت – الرياض، يعملون على تسوية تقضي بالحصول على تعهّدات طلبها لبنان من السعودية مقابل استقالة قرداحي، تتضمّن التراجع عن الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية التي اتّخذتها، وإعادة سفيرها إلى بيروت وعودة العلاقات إلى ما كنت عليه قبل الأزمة»، مضيفة: «قد تكون استقالة ميقاتي مقابل ثمن فك العزلة الدبلوماسية الاقتصادية المالية السعودية – الخليجية عن لبنان». إلا أن المملكة لم تصدر أي إشارات إيجابية بانتظار تبلور الوساطات، مع استبعاد مصادر دبلوماسية «حلحلة الأزمة لارتباطها بوضع المملكة في المنطقة وتحديداً في مأرب، فالرياض لن تقبض الثمن في لبنان بل بمكان يتّصل بأمنها القومي في اليمن».
ورجحت المصادر «إطالة أمد الأزمة مع السعودية التي لن تتراجع عن سقف مواقفها وشروطها في الوقت الراهن، بل ستتصلب أكثر وتُمعِن في إجراءاتها ضد لبنان لتجميع أوراق قوة لتعزيز موقعها التفاوضي في مسار الحوارات والمفاوضات الدائرة في المنطقة».
وأفادت مصادر مقربة من «حزب الله» بحسب قناة «أو تي في» بأن «كلام السيد حسن نصرالله، أراد به سحب أي ذريعة، من دول الخليج للتصعيد، وأنه حريص على اللبنانيين»، موضحة أن «التصعيد لا ينفع في هذه المرحلة». ونقلت القناة عن مصادر في بعبدا، أن «كلام السيد نصرالله فتح كوّة للتهدئة، والأهم كيف يترجم ذلك لحل الأزمة مع دول الخليج».
واللافت هو الحملة الإعلامية التي تشنها بعض وسائل الإعلام المحلية والشخصيات السياسية اللبنانية على حزب الله وعلى الحكومة والتسويق لإجراءات قد تلجأ إليها السعودية وبعض دول الخليج ضد لبنان، علماً أن السعودية لم تعلن رسمياً عن هذه الإجراءات وهذا ما قصده الوزير قرداحي بأن بعض الجهات الداخلية تصب الزيت على نار الأزمة لتقديم براءة ذمة وأوراق اعتمادها للسعودية ودول الخليج، ولم يصدر قرار رسمي من دولة الكويت بحسب المعلومات بوقف تأشيرات الدخول للبنانيين إلى الكويت.
على مسار مواز، أكدت مصادر ثنائي «أمل» و»حزب الله» لـ»البناء» أن «الحكومة ما زالت معلقة على أزمة البيطار التي لم يسجل أي حل عملي لها بانتظار المساعي التي يبذلها ميقاتي مع الثنائي»، موضحة أن «الرئيس بري يسعى جاهداً لفصل الملفات، أي تنحية البيطار عن ملاحقة الرؤساء والوزراء ووضعها في عهدة المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء، وإبقاء بقية الملف بعهدة المحقق العدلي الحالي، ومن ثم يضع الأخير قراره الظني ويحيله إلى المجلس العدلي وتنتهي مهمته، ما يمهد الطريق لعودة وزراء أمل وحزب الله والمردة إلى الحكومة، ويجري بحث قضية الأزمة الدبلوماسية مع السعودية. وفي حال عدم الاتفاق على حلها، تُكمل الحكومة عملها بشكل طبيعي في معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية».
واتهمت المصادر فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بتعطيل مبادرة البطريرك الراعي الذي أعلنها من عين التينة بالتوافق مع رئيس المجلس، وذلك بهدف الاستثمار فيها في الانتخابات.
وأكد مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف، خلال تكريم أقامه الحزب لمراسلي وسائل الإعلام اللبنانية ومديري المواقع الإلكترونية، في صور، إلى أنه «كان يمكن أن يقابل تصريح وزير الإعلام، بتصريح لوزير الإعلام في الدولة الموجه لها الكلام، وكذلك في ما يتعلق بالبيانات الرسمية، التي تصدر عن الحكومة، لا أن ننحو إلى منحى اسمه قطع العلاقات مع لبنان، وسحب السفراء وعقوبات اقتصادية، وعليه فإننا لا نعلم إلى ما ستؤول إليه الأمور في مستقبل الأيام». وأشار عفيف، إلى أنه «تم توجيه اتهامات لحزب الله على خلفية مواقف متعددة، على أن الحزب يقوم بدفع الوضع في البلد إلى حد قطع العلاقات مع العمق العربي، وهذا كذب صريح، وعليه، فإن القضية العربية الجامعة هي فلسطين، وحزب الله قريب من فلسطين، فالعروبة الحقيقة مقياسها فلسطين والشعب الفلسطيني ومقاومة الشعب الفلسطيني والشهداء والجرحى والأسرى من الفلسطينيين»، متسائلاً: «هل العرب هم فقط السعودية ودول الخليج، أليس هناك عرب آخرون في سورية والعراق واليمن وليبيا والجزائر، والأشقاء في المغرب العربي، فلماذا تخلق هذه الأزمة، وتفتعل فقط في ما يتعلق بالسعودية ودول الخليج».
في المقابل شدد البطريرك الراعي خلال زيارته دار الطائفة الدرزية في فردان حيث استقبله شيخ العقل سامي أبي المنى أن «شعبنا يفتقر والدولة تتحلل وكأنها من كرتون ونحن نحمل هذه المسؤولية لنسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل ودورنا مخاطبة ضمائر المسؤولين».
وبحسب معلومات «البناء» فقد أدركت القيادات الرسمية بأن الأزمة الحكومية ستطول، ما يستوجب ملء الفراغ باجتماعات للجان الوزارية لمعالجة القضايا الملحة وتحضير الملفات لكي تكون جاهزة ريثما تعود جلسات الحكومة. وبالفعل باشر الرئيس ميقاتي بتكثيف اجتماعات اللجان الوزارية والاجتماعات الجانبية، فاجتمع أمس مع كل من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن، وعرض معهما شؤون وزارتيهما. كما عقد اجتماعاً حكومياً – أممياً في السرايا الحكومية، خصص لبحث النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية، التي تم وضعها بالتعاون بين الحكومة اللبنانية مع المؤسسات الأممية بما فيها «اليونيسف» و»منظمة العمل الدولية» و»منظمة الأغذية العالمية»، كجزء من إطار التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار».
وفي المواقف الدولية أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن ميقاتي «لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام»، مشدداً على «أننا نعمل على توفير الوقود في لبنان، ونعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار».
وكان لافتاً البيان الصادر عن مكتب الأمم المتحدة في بيروت بعد زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر لبنان، وقال فيه إن «الحكومة اللبنانية تعيش في عالم خيالي وهذا لا يبشر بالخير». وأشار إلى أن «ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع»، مضيفاً «لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها».
وقال «أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان، ولا سيما الأطفال والنساء وعديمي الجنسية والأفراد الذين لا يحملون وثائق، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين أصلاً». وتابع «أن الأزمة المصنعة تدمر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلاً بعد جيل». وأضاف: «في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوماً بعد يوم، تضيع الحكومة وقتاً ثميناً في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها».
وفي غضون ذلك تقدمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية إلى الواجهة في ظل الارتفاع القياسي والتدريجي لسعر صرف الدولار الذي رفع بدوره مختلف السلع والخدمات، لا سيما المحروقات التي سجلت ارتفاعاً إضافياً ظهر خلال جدول التسعيرة الصادر عن وزارة الطاقة، فيما أفيد بأن وزارة الطاقة قد تضطر لإصدار أكثر من جدول أسعار أسبوعياً وربما يومياً لمواكبة تغير الأسعار ربطاً بتبدل سعر الصرف، ما يطرح سؤال: ماذا لو حلق سعر الصرف باتجاه الـ25 ألف ليرة أو 30 ألفاً أو أكثر؟ فأي سعر ستبلغه سعر صفيحة البنزين والمازوت والغاز؟ وكيف سيتمكن المواطنون من إكمال حياتهم وتأمين قوت يومهم والخدمات الأساسية والتنقل والانتقال إلى أعمالهم في ظل هذا الواقع؟ لا سيما أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء للتخفيف من وطأة الأزمات كإقرار البطاقة التمويلية على رغم إقرارها كقانون في المجلس النيابي ولا إقرار بدل نقل أو تحسين الرواتب للموظفين؟ وتوقعت مصادر اقتصادية ارتفاع اضافي بسعر الصرف وبالمواد الغذائية مع بدء التجار التسعير على سعر 24 ألف ليرة للدولار بحسب مصادر «البناء» بموازاة اتجاه مصرف لبنان لرفع الدعم كلياً عن أغلب الأدوية.
وعزا خبراء اقتصاديون سبب ارتفاع سعر الصرف إلى تعطيل عمل الحكومة والمناخ السياسي المتوتر بشكل عام، والأزمة الدبلوماسية مع السعودية ودول الخليج، وطلب مصرف لبنان من شركات استيراد النفط 10 في المئة بالدولار ما دفعهم للحصول عليها من السوق السوداء ومن الصرافين، إضافة إلى وجود تطبيقات إلكترونية تقوم بالتلاعب بالأسعار وفق مصالح من يتحكم بها للضغط السياسي في الصراع الداخلي. هذا إضافة إلى إعلان شركة الاستشارات المالية العالمية «لازارد» عن خطتها المالية للبنان وتتضمن إعادة هيكلة المصارف و»هيركات» على الودائع المصرفية، وطرح سعر صرف للدولار أعلى من السوق الموازية ما أحدث حالة من الهلع لدى التجار الذين اندفعوا لشراء الدولار قبل ارتفاع سعره.
على صعيد آخر، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون نائب رئيسة المفوضية الأوروبية السيد مارغاريتس سكيناس الذي استقبله في قصر بعبدا، أن لبنان الذي يتفهم الهواجس الاوروبية حيال الهجرة غير الشرعية إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي يأمل بأن يتفهم الاتحاد الهواجس اللبنانية على هذا الصعيد، لا سيما أنه يستضيف على أراضيه أكثر من مليون و500 ألف نازح سوري ونحو 500 ألف لاجئ فلسطيني، وقد تركت هذه الاستضافة تداعيات كثيرة على الاقتصاد اللبناني وزادت من تفاقم الأزمات المالية والاجتماعية والتربوية والصحية التي يواجهها. وأكد أن «لبنان الذي يتخذ التدابير الآيلة إلى منع الهجرة غير الشرعية من أراضيه، يأمل بأن يلقى معاملة بالمثل من دول العالم ولاسيما الدول الأوروبية، لأنه لم يعد في مقدوره تحمل المزيد من الأعباء التي ساهمت في تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية فيه»، لافتاً إلى أن «استمرار المجتمع الدولي في تجاهل الدعوات اللبنانية لتسهيل عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، بدأت تحدث شكوكاً بأن ثمة من يعمل لإبقائهم في لبنان، وهذا ما لا يمكن للبنانيين القبول به نظراً للتأثير السلبي الذي يحدثه في الوضع الديموغرافي المرتكز على التوازن بين مختلف المكونات اللبنانية».
**************************************
ميقاتي: المصارف غير قابلة للإصلاح
يبدو رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، غير مستعجل عودة مجلس الوزراء للانعقاد. أغلب القضايا الواردة على جدول الأعمال بلا معنى، كنقل الاعتمادات. أما الشغل الجدي في نظره، فهو السعي لإعادة الكهرباء، وإعداد خطّة إنقاذ مالي، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي. كل ذلك يمكن القيام به، أو على الأقل، التحضير له، خارج مجلس الوزراء.
لا يقول ميقاتي إنه لا يريد للحكومة أن تعود إلى طاولتها، سواء في قصر بعبدا، حيث رئيس الجمهورية ميشال عون يبدي الكثير من الودّ تجاهه، أو في السرايا التي يهجرها رئيسها يومياً بسبب نفاد المازوت من المولدات.
الكهرباء شغله الشاغل، لكنه يبدو متمسكاً بمشروعين لا ثالث لهما:
ــــ الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة؛
ــــ واقتراح المصرفيّة كارول عياط.
المشروع الأول يسير على قدمٍ وساق. القاهرة لم تحصل على إعفاء من عقوبات «قانون قيصر» الأميركي على سوريا، لكنها نالت من واشنطن «رسالة تطمين» تسمح لها ببدء ضخ الغاز إلى لبنان، بعد انتهاء عمليات الصيانة اللازمة في لبنان وسوريا. ومن المتوقع أن يُنجز هذا الأمر، بحسب رئاسة الحكومة، في غضون شهرين على الأكثر (ربما يمكن بدء التنفيذ قبل نهاية العام الجاري). أما الأردن، فلم يحصل بعد على «إعفاء أميركي» من العقوبات، لكي يبدأ بنقل التيار الكهربائي إلى لبنان عبر سوريا، فضلاً عن مشكلات تقنية لا تزال بحاجة إلى حلول.
المشروع الثاني قوامه اقتراح المصرفية المختصة في تمويل قطاعات الطاقة، كارول عياط، والذي تبنّاه رئيس الحكومة بعد إدخال تعديلات عليه. هذا الاقتراح ينصّ على تمليك مودعين من المحجوزة أموالهم في المصارف، شركةً تقيم معملَين لإنتاج الكهرباء. اقترحت عياط تحويل 4.8 مليارات دولار محتجزة (لولار) إلى 1.6 مليار دولار من الأموال الموجودة في مصرف لبنان كتوظيفات إلزامية (ما يُسمّى «احتياطي إلزامي»)، لإنشاء الشركة التي ستبيع الكهرباء إلى مؤسسة كهرباء لبنان، لمدة قد تصل إلى 20 عاماً، على أن تعود ملكية الشركة وممتلكاتها (معملَي الإنتاج) إلى الدولة بعد تلك المدة. وعلى مدى السنوات العشرين، سيتقاضى المودعون ــــ المساهمون أرباحاً تتيح لهم استعادة أموالهم المحتجزة في المصارف.
يرى معدّو الاقتراح وداعموه أنه يحلّ أزمة الكهرباء، كما يحلّ أزمة المودعين. يرفض ميقاتي القول إن خطة عياط ليست سوى حل لأزمة كبار المودعين، لافتاً إلى أنّ الاقتراح ينصّ على عدم مشاركة سياسيّين أو مساهمين في المصارف في المشروع، وأنّ النسبة الأكبر من الأسهم التي سيحقّ لأيّ مودع تملّكها هي 3 في المئة فقط. في عملية حسابية بسيطة، يمكن 34 مودعاً الاستحواذ على كامل المشروع. لا يكترث ميقاتي لذلك، إذ يؤكد أن «كل همّه» هو حل أزمة الكهرباء، و«سيكون الاكتتاب مفتوحاً لجميع المودعين. ولا يوجد حل آخر، لا أحد يقبل بإقراضنا، وكل المؤسسات الدولية وافقت على المشروع». لماذا لا تستدين الدولة من مصرف لبنان وتبني معامل للكهرباء، وخاصة أنها تريد مضاعفة أسعار الطاقة للمستهلكين، أو أن تستخدم مبلغ مليار و100 مليون دولار الذي حصلت عليه ضمن حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي؟ «لا يمكننا استخدام أموال الاحتياط الإلزامي إلا إذا انخفضت الودائع، وهذه الطريقة هي الأفضل لخفض الودائع واستخدام الاحتياطي، ويكون الجزء الأكبر من الأرباح للمودعين، على أن تعود الملكية في النهاية إلى الدولة». وماذا عن حقوق السحب الخاصة؟ «لا أريد أن يُقال إني ساهمت في تبديدها، فيما البلد بحاجة إلى كل دولار احتياط ولو كوسادة نضع عليها رأسنا. لكن ربما سنستخدم جزءاً من المبلغ للاستثمار في إنتاج الكهرباء، لأننا بحاجة إلى نحو مليارَي دولار لنتمكّن من إنتاج كامل حاجتنا وقت الذروة».
إلى جانب كبار المودعين، سيخفف هذا المشروع الضغوط عن المصارف التي أعلنت قبل أسابيع خطتها لإنقاذ نفسها على حساب المجتمع. لا يرى ميقاتي أن البنوك اللبنانية قابلة للإصلاح، «هي بحاجة إلى إعادة بناء». فبحسب الأرقام الموجودة بين يديه، ربما أربعة أو خمسة مصارف ستتمكّن من النجاة من الانهيار. خطة المصارف، إضافة إلى خطة شركة لازار (مستشار الدولة) المعدّلة، كما خطة مصرف لبنان والورقة التي أعدّها فريق عمل ميقاتي، سيحيلها رئيس الحكومة جميعها على فريق عمل آخر، يرفض الكشف عن أعضائه، من أجل الخروج بخطة تعافٍ جديدة، ستُعرض بطبيعة الحال على صندوق النقد الدولي. وفي نظر نائب طرابلس، المسؤولية تتوزع على أربعة أطراف: الدولة، مصرف لبنان، المصارف، والمودعون. لكن، في شتى الحالات، الفئة الأخيرة «غير مسؤولة أبداً عن الانهيار. الناس وضعوا أموالهم في المصارف، والمصارف وضعت الأموال في مصرف لبنان وحققت الأرباح، ومصرف لبنان أغراها لتفعل ذلك، وثبّت سعر الصرف الذي طالبت به الحكومات المتعاقبة، وموّل الدولة». خطة لازار التي سبق أن اعتمدتها حكومة الرئيس حسان دياب، يرى ميقاتي وجوب تعديلها، «إذ كيف يمكن مستشار الدولة أن يعدّ لها خطة من دون الحديث مع مصرف لبنان والمصارف؟». ولأجل ذلك، «جرى تواصل بين لازار ومصرف لبنان الذي زوّدها بالأرقام التي تحتاج إليها، فضلاً عن لقاءات بين الشركة وجمعية المصارف».
رئيس الحكومة (للمرة الثالثة) يحمّل المسؤولية الأكبر عن الانهيار للدولة «التي لم تقم بأي إصلاحات»، وتمسّكت بسياسة تثبيت سعر صرف الليرة. إلا أنه لا يعفي حاكم مصرف لبنان من مسؤولياته عن الانهيار أيضاً، لكن «قانون النقد والتسليف لا يتيح للحكومة إقالته، إلا في حال صدر بحقه قرار قضائي يشتبه في ارتكابه جرماً، أو... إذا قرر الاستقالة بنفسه». حتى ذلك الحين، لن يتمكّن سلامة من تحسين سعر صرف الليرة مقابل الدولار، بخلاف ما قيل عن وعد قطعه لرئيس الحكومة بأن يبقى الدولار تحت سقف 12 ألف ليرة.
لا يبدو أن على جدول أعمال رئيس الحكومة، قبل إجراء الانتخابات، سوى مشروع الكهرباء ووضع خطة للإنقاذ والتفاوض مع صندوق النقد الدولي. المفاوضات مع الأخير لن تنتج اتفاقاً على برنامج، بل اتفاقاً أولياً يبدو أقرب إلى إعلان نوايا. وبموازاة ذلك، ستعمل الحكومة على زيادة الأجور: في القطاع الخاص، لا يمكن أن تقلّ الزيادة عن مليونَي ليرة، على ألا تزيد على أربعة ملايين ليرة (أقل من 200 دولار). أما في القطاع العام، فستُقدّم «منحة شهرية» للموظفين، بناءً على الأرقام التي تعدها وزارة المال. في المقابل، سيرتفع الدولار الجمركي، «الذي يجب أن يكون مساوياً لسعر صرف منصة صيرفة». لكن يمكن البدء بزيادته إلى 10 آلاف ليرة. أما البطاقة التمويلية، فلن يبدأ العمل بها من دون تمويل!
وإضافة إلى الانهيار الذي لا تريد الحكومة مواجهته إلا بالحدّ الأدنى، ثمة ثلاث مسائل عالقة أمام «الدولة»:
ــــ مسألة التحقيق في انفجار المرفأ التي يقول ميقاتي خلف الأبواب المغلقة ما يقوله بشأنها علناً، لجهة رفضه التدخل في عمل القضاء. الجديد هو مطالبته التفتيش القضائي باستدعاء كل القضاة المعنيين ومساءلتهم لتحديد من خالف القانون منهم، واتخاذ إجراءات بحقه.
ــــ ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، التي وضع ميقاتي سقفاً لها هو الخط 23، مؤكداً أنه لن يوقّع على أي قرار يتنازل عن حق لبنان في مساحة 860 كيلومتراً مربعاً.
ــــ الأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان على خلفية تصريحات الوزير جورج قرداحي. في هذه القضية، ميقاتي يشجّع قرداحي على الاستقالة، وخاصة بعدما تبلّغ من دول عربية وغربية (الولايات المتحدة تحديداً) أن أي مسعى لحل الأزمة مع الرياض مشروط مسبقاً باستقالة قرداحي.
الحكومة لا تبدو أنها ستواجه الانهيار إلى درجة دخول مرحلة التعافي. أقصى الآمال التي يضعها رئيسها لها تتمثّل في أن يكفّ البلد عن السقوط، ويستقرّ في القاع، تمهيداً للإقلاع... بعد سنوات!
***************************************
الأزمة بلا أفق وتجديد الدعم الأميركي لميقاتي
ماذا حين يدلي مسؤول كبير في الأمم المتحدة بشهادة صادمة جديدة هي من أقسى الإدانات الدولية للسلطات ال#لبنانية، ولا يرفّ جفن مسؤول ولا تتراجع حمأة الحسابات الفئوية وتبقى الحكومة عالقة بين الشلل والمحاولات اليائسة لإحيائها؟ وماذا حين يثبت تكراراً ان الدولة اللبنانية يسيرها “أمر عمليات” من كان ينفي بالامس انه يهيمن على لبنان، فيما لم يترجم نفيه الا دفعاً لوزير الاعلام جورج قرداحي للتشبث بموقعه وعدم الاستقالة وإبقاء المواجهة مع الدول الخليجية مفتوحة على فصول تصعيدية جديدة؟
الواقع ان أسبوعاً آخر من دوامة التعطيل الحكومي ينقضي وسط استمرار قتامة الأفق، خصوصاً في ظلّ اشتداد وطأة الأزمات المالية والاقتصادية والخدماتية، وكان من أخر وجوهها في اليومين الأخيرين تحليق سعر الدولار في السوق السوداء ومن ثم التحاق أسعار المحروقات بهذا الارتفاع والتخوف من ارتفاعات مطردة في شتى أسعار السلع الاستهلاكية عند أبواب موسم الأعياد بما ينذر بمزيد من مآسي اللبنانيين. ولا يبدو ان الإنسداد الذي أصاب الواقع الحكومي مقبل في وقت قريب على أي انفراج، إذ بدا لافتاً لكثر من الأوساط المعنية تجاهل الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله في كلمته الأخيرة، وعلى نحو متعمد ومقصود، أي ذكر للواقع الحكومي ولا لرئيس الحكومة #نجيب ميقاتي في ما فسر ترجمة لحال جفاء متصاعدة بين الحزب وميقاتي على خلفية تمسك رئيس الحكومة باستقالة او اقالة قرداحي التي يرفضها الحزب ويمعن في الوقت نفسه في تعطيل مجلس الوزراء بسبب موقفه هذا، كما بسبب مطالبة الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
ولكن المضي في تعطيل الحكومة بدأ يثير أصداء لا تقف عند الساحة الداخلية، اذ شكلت اشادة وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن أمس بخطة الرئيس ميقاتي مؤشراً لافتاً جديداً لجهة الدعم الأميركي للحكومة التي كان رئيسها تبلغه من بلينكن الأسبوع الماضي خلال لقائه به في غلاسكو. ولكن تناول بلينكن الوضع اللبناني ولو باقتضاب أمس في مؤتمره الصحافي المشترك مع وزير الخارجية القطري اكتسب دلالات لجهة الردّ على تعطيل الحكومة الذي يضطلع “حزب الله” بدور أساسي شبه حصري بهذا التعطيل، كما لجهة تبادل وجهات النظر مع الجانب القطري في الملف اللبناني، علما ان وزير الخارجية القطري يزمع زيارة لبنان قريباً. وقد أكد بلينكن أن “رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام”، مشددًا على “أننا نعمل على توفير الوقود في لبنان ونعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار”.
اجتماع حكومي – اممي
في غضون ذلك وفيما يستمر الشلل الوزاري يمضي رئيس الحكومة في تكثيف عمل اللجان الوزارية والاجتماعات الجانبية، وقد عقد أمس اجتماع حكومي – أممي في السرايا الحكومية، خصص لبحث النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية، التي تم وضعها بالتعاون بين الحكومة اللبنانية مع المؤسسات الأممية بما فيها “اليونيسف” و”منظمة العمل الدولية” و”منظمة الاغذية العالمية”، كجزء من إطار التعافي والإصلاح واعادة الإعمار. واعلنت منسقة برنامج الامم المتحدة الانمائي في لبنان نجاة رشدي أثر اللقاء ان الاجتماع كان مهماً جداً في ما يخص اطلاق استراتيجية الحماية الإجتماعية، وكانت الحكومة اللبنانية قد طالبت الأمم المتحدة ان تساعد في اول نسخة لهذه الاستراتيجية، وتم امس تقديم النسخة الأولى “وهي جزء من اطار التعافي والإصلاح واعادة الإعمار التي عملنا عليها وتشارك فيها مجموعة من الجهات المانحة وممثلون من القطاع الخاص والمجتمع المدني تحت اشراف دولة رئيس الحكومة. وهذه بداية في ما يخص تفعيل هذه الإستراتيجية عمليا على أرض الواقع”.
ادانة جديدة
وبينما يسجل الدولار قفزات قياسية، صدر للمرة الثانية هذا الاسبوع، عن وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، جدول جديد لتركيب أسعار المحروقات، مسجلاً ارتفاعاً إضافياً طاول كل المشتقات النفطية. ووزع مكتب الامم المتحدة في بيروت، بيانا عن زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر لبنان، قال فيه: الحكومة اللبنانية تعيش في عالم خيالي وهذا لا يبشر بالخير. واشار إلى أن ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع”، مضيفا “لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها”. وقال ” أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان، ولا سيما الأطفال والنساء وعديمي الجنسية والأفراد الذين لا يحملون وثائق، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين أصلا”. وتابع “إن “الأزمة المصنعة” تدمر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلا بعد جيل”. وأضاف: “في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم، تضيع الحكومة وقتا ثمينا في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها”. وكان المسؤول الاممي اطلع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب امس على حصيلة زيارته للبنان التي استمرت 10 ايام.
إلى ذلك وغداة مواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي أكدت ان لا حل في المدى المنظور للأزمة الديبلوماسية بين لبنان والدول الخليجية، خصوصا انه عاد وصوّب على الرياض، كما رفض اقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، زار الاخير عين التينة، ليعلن بدوره انه ليس في صدد الاستقالة الا بعد تلقي ضمانات بأن خطوته ستحلّ الأزمة.
وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال قرداحي انه ناقش مع الرئيس برّي موضوع الإعلام لأن هناك قانوناً موجوداً في لجنة الإدارة والعدل “ولم أطرح موضوع الاستقالة ويُصوّرون “قضية قرداحي” كأنها مشكلة لبنان الأساسيّة وتناسوا المصائب التي أوصلوا لبنان إليها”. ولكنه استطرد “إذا حصلنا على الضمانات التي أبلغتها إلى البطريرك بشارة بطرس الراعي فأنا حاضر ولستُ في وارد تحدّي أحد لا رئيس الحكومة ولا السعودية التي أحترم وأحبّ ونحن ندرس الموضوع و”منشوف التطورات وبس يكون في ضمانات أنا حاضر”. وقال “مشكلة الحكومة ليست أنا وقبل نشر مقابلتي الحكومة لم تكن تجتمع ولا أعرف ما هو الحلّ واسألوا رئيس الحكومة”. واعتبر ان “هناك ابتزازاً وأعتقد أن السعودية ودول الخليج صدرها “أوسع من هيك” ولا نريد استفزاز أحد وهناك مزايدات كثيرة من الداخل واستغلّوا قضيتي لتقديم براءة ذمة إلى الخليج”.
البطريرك في فردان
إلى ذلك وبعد اسبوعين على جولته على الرؤساء بحثا عن حل للمأزق القضائي، زار البطريرك الماروني دار الطائفة الدرزية في فردان حيث قدم التهانىء إلى شيخ العقل سامي أبي المنى. ولفت الراعي بعد اللقاء إلى ان “شعبنا يفتقر والدولة تتحلل وكأنها من كرتون ونحن نحمل هذه المسؤولية لنسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل ودورنا مخاطبة ضمائر المسؤولين “. اضاف: “نأمل البدء مع شيخ العقل بفجر جديد لأننا أصبحنا في عالم جديد وضميرياً لا يمكننا أن نكون في موقع المتفرّج، نحن ليس لدينا مصالح الا مصالح شعبنا.، وكلنا نشعر بأننا غرباء في هذا البلد وأحيي الأخوة في طائفة الموحدين الدروز ونتوخّى عمل الخير والتعاون فيما بيننا رغم كل شيء”.
من جانبه، قال ابي المنى: “ما بين بكركي والموارنة والدروز عقد محبة وأخوة وعيش مشترك لا تنفصم عراه وقد بنيناه معاً ونستمر معاً ومع كل الطوائف في لبنان وشرائح المجتمع اللبناني. أضاف، يجب أن نحفظ لبنان الرسالة برموش العيون وبجهدنا المشترك وبتعاوننا مع بعضنا لنبني هذا الوطن ولبنان لولا الرسالة لا معنى له فهو رسالة في الوطنية والانفتاح والتنوع، وحريصون على الدور الذي تقوم به بكركي ونأمل أن نكون معاً من أجل لبنان الواحد الذي أصبح في وضع يرثى له ونحن مسؤولون عن خلق جو ايجابي في البلد ومهمتنا ليست سياسية لكن علينا أن نمهّد الطريق لخلق هذا الجو الإيجابي”.
********************************************
قرداحي “يعرج أمام مكرسحين”: أريد ضمانات
معاينة أممية لـ”جهنّم”: السلطة منفصمة عن الواقع!
“التقيتُ خلال زيارتي أشخاصاً يعتمدون على المنظمات الدولية وغير الحكومية للبقاء على قيد الحياة، وأطفالاً صغاراً حلمهم الوحيد أن يغادروا البلد في أقرب وقت ممكن، ونساء يتحمّلن العنف المنزلي ويقتطعن من وجباتهن لحماية أطفالهن، وشباباً في مقتبل الحياة لا آفاق لحياتهم”… صور مأسوية نقلها المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان اوليفيه دي شاتر وعكس من خلالها حجم الذلّ “المدقع” الذي يكابده اللبنانيون تحت قبضة سلطة فاقدة لحس المسؤولية، حكمت على شعبها بالموت فقراً وقهراً، وأتخمت جيوبها بالمال العام الحرام تاركةً الناس يتضوّرون جوعاً وعوزاً بعدما نهبت دولاراتهم ودمّرت ليرتهم.
بالجرم المشهود، وثّقت المعاينة الأممية لـ”جهنم” اللبنانية وقائع معيشية مدمية ومبكية في البلد، إلى درجة لم يجد أمامها المسؤول الأممي سوى الوقوف “مصدوماً ومذهولاً” إزاء إجرام الطبقة الحاكمة وإمعانها في إفقار اللبنانيين عن سابق تصور وتصميم، فخلص بعد زيارة ميدانية على مدى 10 أيام للبنان إلى تشخيص حالة “الانفصام عن الواقع على الأرض” التي تمرّ بها السلطة، مع ما يرافقها من عوارض “تقصير في المسؤولية على أعلى مستويات القيادة السياسية”.
وفي معرض تفنيد ارتكاباتها، كال دي شاتر الإهانات للسلطات اللبنانية التي “قامت بتدمير العملة الوطنية وعمّقت أوجه عدم المساواة وخرّبت حياة الناس وأفقرت الملايين”، مشدداً على أنّ “الحكومة اللبنانية خذلت شعبها وتسبّبت بتقاعسها عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان”، مع الإشارة إلى أنها “أزمة مصطنعة ستحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلاً بعد جيل”.
وإذ أخذ على الحكومة أنها “تضيّع وقتاً ثميناً في التهرّب من المساءلة”، عاب عليها في هذا المجال افتقارها إلى أي “خطة موثوق بها” وأنّ جل ما أطلعته عليه كان خططاً لا تعتمد إلا “على المانحين الدوليين والمنظمات غير الحكومية”، مبدياً “قلقاً عميقاً من أنّ الحكومة لا تأخذ محنة الناس على محمل الجد”، من دون أن ينسى في تقريره الإضاءة على ارتفاع منسوب القلق جراء “العلاقة المعقّدة بين الطبقة السياسية والقطاع المصرفي”، منبهاً في المقابل إلى أنّ “المجتمع الدولي لن يصدق التزامات الحكومة بالإصلاح إلا إذا التزمت بشكل جدي بمبدأ الشفافية”.
وعلى وقع الأجواء الحكومية السوداوية، خرج وزير الإعلام جورج قرداحي على اللبنانيين أمس مزهواً بالانقسام الداخلي الحاصل حيال مسألة استقالته من مجلس الوزراء، فبدا مستعظماً قدره وحجمه في المعادلة الوطنية على اعتبار أنّ الرأي الرافض للاستقالة ذو “أحجام أكبر بكثير” من الرأي المنادي بالاستقالة، في دلالة واضحة على كونه يتسلّح بغلبة كفة “حزب الله” في موازين القوى المحلية، معيداً في الوقت نفسه التأكيد على رفض تقديم استقالته باعتباره موقفاً نابعاً من “كرامة وعزة نفس وتمسك بسيادة البلد”.
وفي سياق محاولته التخفيف من هول تداعيات القطيعة الخليجية جراء تصريحاته “الحوثية” المستفزة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، سعى قرداحي إثر لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة إلى التنصّل من المسؤولية الناتجة عن الأضرار التي ألحقتها مواقفه باللبنانيين في الداخل والخارج، ولم يتوانَ في هذا السبيل عن الهروب إلى الأمام باتجاه مهاجمة أفرقاء في الداخل اتهمهم بممارسة “الابتزاز والمزايدة” في قضية استقالته بهدف “تقديم براءة ذمة للسعودية ودول الخليج”، بينما عاد ليضع نفسه في قفص الاتهام ذاته، بحسب مصادر سياسية، حين لجأ إلى المزايدة والابتزاز في تصريحه أمس، سواءً من خلال مزايدته في “حب واحترام السعودية” أو عبر محاولة ابتزازه السعوديين بطلب “ضمانات” لقاء تقديم استقالته.
وبهذا المعنى، أكد قرداحي أنّ أحداً لم يتكلم معه بعد عن ضمانات “لا في الداخل ولا في الخارج”، وأنه لا يزال ينتظر تقديمها إليه “وأنا حاضر”… ليخلص وفق تعبير المصادر إلى أنه “يعرج أمام مكرسحين” في إطار محاولة رفع مسؤولية الشلل الحكومي عن كاهله، انطلاقاً من تشديده على كون الحكومة مشلولة أصلاً “ولم تكن تجتمع قبل أزمة تصريحه” الداعم للحوثيين في مواجهة السعودية.
********************************************
مسؤول أممي: حكام لبنان يخذلون شعبهم وليس لديهم حس بالمسؤولية
وجه مسؤول أممي رفيع انتقادات حادة للسلطات اللبنانية، محذراً في ختام زيارته إلى لبنان من أن «صبر مجتمع المانحين بدأ ينفد مع الحكومة اللبنانية». واتهم المسؤولين اللبنانيين بأنهم يخذلون شعبهم وليس لديهم أي شعور بالمسؤولية.
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر، في بيان، في نهاية زيارته إلى لبنان، حيث التقى مسؤولين وتفقد عدداً من المناطق في الشمال والبقاع، أن الدولة في لبنان أصبحت «على شفير الانهيار»، معتبراً أن الحكومة «تخذل شعبها»، وسائلاً: «علام أنفق القادة السياسيون الموارد؟».
ولفت البيان إلى أن ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع، مؤكداً: «لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها بعدما كان ذات يوم منارة تسترشد بها المنطقة: مستويات عالية في التنمية البشرية وقدرات كبيرة».
ونقلت وكالة «رويترز» عن دي شوتر، قوله إن مسؤولي الحكومة اللبنانية ليس لديهم أي شعور بضرورة التحرك العاجل، أو العزم اللازم، لتحمل مسؤولياتهم إزاء أزمة اقتصادية أدت إلى «إفقار وحشي» للمواطنين.
وقال «أنا مندهش جداً من حقيقة أن هذه دولة في طريقها للفشل، إن لم تكن فشلت بالفعل، واحتياجات السكان لم تتم تلبيتها بعد». وأضاف: «يعيش المسؤولون في عالم خيالي… وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل البلاد».
وأوضح: «أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان…»، ورأى أن «الأزمة المصنعة» تدمر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلاً بعد جيل»، مضيفاً: «فيما يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوماً بعد يوم، تضيع الحكومة وقتاً ثميناً في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها».
واستطرد قائلاً: «أوجه عدم المساواة في لبنان عند مستويات غير مقبولة منذ أعوام. وحتى قبل الأزمة، كانت فئة أغنى 10 في المائة من السكان تحصل على دخل يزيد خمس مرات عن فئة أفقر 50 في المائة منهم. وهذا المستوى الصارخ من عدم المساواة يعززه نظام ضريبي يكافئ القطاع المصرفي، ويشجع التهرب الضريبي، ويركز الثروة في أيدي قلة. وفي الوقت نفسه، يتكبد السكان ضرائب تنازلية تصيب أكثر ما تصيب أشد الناس فقراً. إنها كارثة من صنع الإنسان، استغرق صنعها وقتاً طويلاً».
وأضاف دي شوتر: «في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوماً بعد يوم، تضيع الحكومة وقتاً ثميناً في التهرب من المساءلة، وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها»، لافتاً إلى أن «تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة تسبب بحالة بؤس شديد لدى السكان». وانتقد مقاربة الطبقة السياسية للأزمة واعتمادها على المساعدات، قائلاً: «مقلق كيف أن القيادة السياسية تبدو غير راغبة في تبيان العلاقة بين الإصلاح الضريبي، وتخفيف حدة الفقر، وتقلل من شأن ما يمكن أن تحققه أنظمة الحماية الاجتماعية من فوائد في إعادة بناء الاقتصاد، لا سيما في أوقات الأزمات. وللأسف، ما من خطة موثوقة لتخفيف حدة الفقر أعلمتني بها الحكومة إلا وتعتمد على المانحين الدوليين والمنظمات غير الحكومية».
ورأى دي شوتر أن الاعتماد على المعونة الدولية ليس مستداماً، وهو يضعف مؤسسات الدولة، مضيفاً: «معروف أن لبنان يتكبد مستويات عالية من الديون، لكن ارتفاع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا يؤدي بحد ذاته إلى أزمة ديون. السؤال المطروح هو علام أنفق القادة السياسيون الموارد. على مدى عقود، تجاهل لبنان الحاجة إلى سياسات اجتماعية… صدمت بانفصال المؤسسة السياسية عن واقع الذين يعيشون في فقر على الأرض. فالأطفال يجبرون على ترك المدرسة والعمل في ظروف غير آمنة، واللاجئون واللبنانيون في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة والكهرباء، وموظفو المدارس والمستشفيات العامة يغادرون البلد بعد أن طالهم الفقر».
ولفت إلى أن لبنان «يفتقر إلى نظام شامل للرعاية الاجتماعية كان من شأنه أن يخفف من آثار الأزمة التي ضربت معظم السكان من غير حماية»، مؤكداً: «يجب على الحكومة أن تعطي الأولوية لوضع حد أدنى من الحماية الاجتماعية الشاملة»، واعتبر أن «لبنان لديه فرصة لإعادة النظر في نموذجه الاقتصادي. ولن يؤدي الاستمرار في تحفيز نموذج فاشل قائم على الريعية وعدم المساواة والطائفية إلا إلى إغراق السكان أكثر في العوز. وإلى أن يتم اقتراح خطة موثوقة لتحويل الاقتصاد، ومعالجة عدم المساواة، وضمان العدالة الضريبية، والحؤول دون المزيد من المآزق السياسية، لن يأخذ المجتمع الدولي الإصلاحات على محمل الجد».
وعن القطاع المصرفي، قال «لا تزال العلاقة المعقدة بين الطبقة السياسية والقطاع المصرفي مقلقة للغاية. وعلى الحكومة أن تكون قدوة وأن تكشف علناً عن جميع الإيرادات والحصص والمصالح المالية، وأن تخصص الموارد لآليات المساءلة الحقيقية. ولن يصدق المجتمع الدولي التزامات الحكومة بالإصلاح إلا إذا التزمت بشكل جدي بمبدأ الشفافية».
وأعلن أن «صبر مجتمع المانحين بدأ ينفد مع الحكومة اللبنانية. بعد خسارة 240 مليون دولار أميركي نتيجة التلاعب بأسعار الصرف التعسفية، يجب أن يلمس المجتمع الدولي جدية الحكومة في تطبيق الشفافية والمساءلة. ومن شأن اعتماد نهج قائم على الحقوق أن يوجه جهودها على هذا المسار».
********************************************
الجمهورية”: واشنطن: خطة ميقاتي جيدة… ومخاوف من محاولات لتخريب الانتخابات
تتلاحق التطورات وتتنوع المواقف حيناً وتتناقض احياناً، ولكن الازمة ما تزال ترواح مكانها ربما انتظاراً لتبلور معطيات اقليمية ـ دولية معينة وفي وقت ليس ببعيد، حتى تنفرج او تنفجر تبعا لما ستكون عليه طبيعة هذه المعطيات سلبا او ايجاباً. ولكن حتى الآن تدل كل المؤشرات الى ان المجتمع الدولي يتمسك بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ويدعمها على رغم خطورة الازمات والملفات التي تتصدى لها، وذلك بغض النظر عن الازمة الناشئة بين لبنان والمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي وما تثيره من مضاعفات تفاقم حال الانهيار التي يعيشها سياسيا واقتصاديا وماليا ومعيشياً.
في موقف يعكس تمسّك الادارة الاميركية بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ودعمها في مواجهة معارضيها ودعوات البعض الى استقالتها، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي سيزور لبنان قريبا “أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام”. واضاف: “نعمل على توفير الوقود في لبنان، ونعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار”.
وفي غضون ذلك حضرأمس ملف لبنان بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي خلال غداء عمل بينهما في قصر الاليزيه على هامش المؤتمر الدولي حول ليبيا المنعقد في العاصمة الفرنسية.
استقالة مشروطة بضمانات
وعلى صعيد الازمة مع السعودية ودول الخليج لم يطرأ اي تطور بارز أمس سوى زيارة وزير الاعلام جورج قرداحي لرئيس مجلس النواب نبيه بري وما رافقها من كلام عن انه وضع استقالته في تصرفه، ليتبين لاحقاً عدم صحة هذا الامر.
ولكن قرداحي الذي أثارت تصريحات له قبيل توزيره الأزمة ديبلوماسية مع السعودية، أبدى بعد لقائه بري استعداده للاستقالة في حال توافرت “ضمانات” بعدما اتخذت دول خليجية إجراءات عدة بحق لبنان. وقال “لم يكلمنا أحد عن ضمانات لا في الداخل ولا في الخارج، فإذا قدمت الضمانات (…) أنا حاضر”، من دون أن يحدد طبيعة هذه الضمانات المطلوبة.
وأكد قرداحي “أنا لست متمسكاً بمنصب وزاري وأنا في موقعي لست في وارد ان أتحدى أحداً، لا رئيس الحكومة الذي أجله وأحترمه ولا المملكة العربية السعودية التي أحترمها”. وأضاف “نحن ندرس الموضوع ونرى التطورات وعندما تكون هناك ضمانات أنا حاضر”.
في هذه الاثناء حاول عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله، توضيح مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الاخيرة التي انتقد فيها حزب الله وحمله مسؤولية الازمة مع السعودية، فقال في حديث متلفز ان جنبلاط “وجه رسالته السياسية من منطلق الحرص الوطني بعدما لمس عجز الدولة اللبنانية والإصرار الموجود لدى فريق حزب الله وحلفائه في ما يتعلق بالأزمة مع دول الخليج”. وأضاف : هل يستطيع لبنان تحمل نتائج الدور الإقليمي للحزب؟ هذا الدور الذي يصب في محور معين يحمّل لبنان الكثير من الأعباء التي تزيد من عزلته في حين نحن بحاجة لفتح علاقاتنا مع الدول العربية لنقوم بالخطة الإصلاحية.” ولفت الى أنه “يجب أن نحترم عقول الجميع وأن نعود جميعا إلى المصلحة الوطنية إلّا إذا كان هناك نيّة لتغيير طبيعة النظام السياسي في لبنان ومع إحترامي لمسيرة قرداحي المهنية “بس مكبر حجرو كثير وهوي وكلنا خلينا نتواضع.”
مع الصندوق
من جهة ثانية وفيما تتواصل الاجتماعات الوزارية والحكومية تحضيرا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أبدى مصدر سياسي رفيع خشيته من التأخير في تسليم الأرقام النهائية والخطة الى الصندوق رغم ان الفريق الحكومي انجز الأرقام التي تسلمها من مصرف لبنان المركزي والمصارف. وقال المصدر لـ”الجمهورية”: “الخوف هو ان يكون هناك من يستمر في شراء الوقت لإمرار سياسات معينة ترتكز على بيع او خصخصة لمقدرات الدولة “، محذرا من”استفادة اكثر من فريق سياسي من الأوضاع الحالية لتخريب اجراء الانتخابات النيابية” وقال: “اذا كانت الانتخابات هذا الشهر، اي في الاوضاع التي نحن عليها اليوم، لا يمكن اجراؤها، فكيف اذا تطورت وساءت اكثر وهو ما سيحصل فعلا ومقدراً”.
ولم يقلل المصدر من “اهمية الجهود الجبارة التي يبذلها الرئيس نجيب ميقاتي لكنها تبقى جعجعة بلا طحين من دون توافق وقرار سياسي جامع لتنفيذ القرارات ولا سيما منها الإصلاحية”. وكشف المصدر ان ميقاتي كان يعول جدا على تغيير في الموقف الخليجي والسعودي خصوصا بعد تشكيله الحكومة، لكن الرسالة لم تتأخر ووصلته وتكرست في وضوح من خلال أزمة قرداحي، فهو يدرك جيدا ان المقصود حكومته وليس وزيرا بالتحديد، وعليه فإن الأمور باتت اكثر تعقيدا من اي وقت مضى لأن الحصار المُقَنّع سقط قناعه وأصبح عالمكشوف… فكيف ستستطيع الحكومة العمل في هذه الظروف. وختم : “حتى الفرملة اصبحت صعبة!!”.
“إفقار شرس”
الى ذلك، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر إن المسؤولين اللبنانيين ليس لديهم أي شعور بضرورة التحرك العاجل أو العزم اللازم لتحمل مسؤولياتهم إزاء أزمة اقتصادية أدت إلى “إفقار شرس” للمواطنين.
وقال دي شوتر لوكالة “رويترز” في ختام مهمة استمرت أسبوعين لدرس الفقر في لبنان “أنا مندهش جدا من حقيقة أن هذه دولة في طريقها للفشل، إن لم تكن فشلت بالفعل، واحتياجات السكان لم تتم تلبيتها بعد”. وأضاف “يعيشون في عالم خيالي… وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل البلاد”.
وقال دي شوتر “هذه خسارة هائلة للثروة… تكاد تكون غير مسبوقة”، وأشار إلى أن الخسائر في القطاع المصرفي اللبناني التي جرى تقديرها في خطة الحكومة لعام 2020 بحوالي 83 مليار دولار يجب أن يتحملها المساهمون في البنوك وكبار المودعين، وليس المواطنين العاديين. واضاف إنه سيوصي بدخول برامج الحماية الاجتماعية حيز التنفيذ الفوري بعد تعليقها لأشهر وكذلك بزيادة الحد الأدنى للأجور وبضريبة على الثروة لمكافحة معدلات انعدام المساواة التي تعد من بين الأعلى في العالم.
وأكد دي شورتر الذي سيُنشر تقريره النهائي في أوائل سنة 2022، إن البابا يوحنا بولس الثاني أشار ذات مرة إلى لبنان باعتباره “رسالة” للتعايش الطائفي، إلا أنه أصبح “جرس إنذار للعالم” حول تبعات “تحالف بالغ الضرر بين رجال الأعمال فاحشي الثراء والنخب السياسية”.
وقد التقى دي شوتر خلال زيارته للبنان رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتسعة وزراء. ولم يعلق مصدر رسمي في مكتب ميقاتي على تصريحاته لكنه أشار إلى أن ميقاتي عقد اجتماعا مثمرا هذا الأسبوع مع مسؤول آخر في الأمم المتحدة وهو المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي.
الحماية الاجتماعية
من جهة أخرى، أعلنت منسقة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان نجاة رشدي، “تقديم النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية”، التي وضعت بالتعاون بين الحكومة اللبنانية والمؤسسات الأممية”.
وعلى أثر اجتماع حكومي-أممي، ترأسه ميقاتي للبحث في هذه النسخة التي وضعت بالتعاون بين الحكومة اللبنانية والمؤسسات الأممية بما فيها “اليونيسف” قالت رشدي إن “الاجتماع كان مهما في إطلاق استراتيجية الحماية الاجتماعية، وكانت الحكومة اللبنانية قد طالبت الأمم المتحدة أن تساعد في أول نسخة لهذه الاستراتيجية، وتم اليوم تقديم النسخة الأولى التي وضعت بمشاركة من المؤسسات الأممية بما فيها اليونيسف”.
وأضافت أن “هذه الخطة هي جزء من إطار التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار التي عملنا عليها وتشارك فيها مجموعة من الجهات المانحة وممثلو القطاع الخاص والمجتمع المدني تحت إشراف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهذه بداية لتفعيل الاستراتيجية عمليا على أرض الواقع”.
من جهتها، قالت ممثلة اليونيسف يوكي موكيو: “إنه الوقت المناسب من أجل أن يكون للبنان استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية في ظل هذه الظروف الصعبة، والتي وبحسب رأينا، يجب أن تكون على خمس مراحل: المساعدة النقدية، الخدمة الاجتماعية، الوصول إلى الخدمات الأساسية، إدراج العمال ودمجهم، والمساهمة في دعم صندوق الضمان الاجتماعي”.
النزوح السوري
وعلى صعيد النزوح أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أمس أن لبنان لم يعد قادرا على تحمل الأعباء التي يرتبها استمرار النزوح السوري إلى لبنان.
وأبلغ عون الى نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس سكيناس، أن “لبنان لم يعد قادرا على تحمل الأعباء التي يرتّبها استمرار النزوح السوري الى لبنان”، بحسب موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية.
وطالب عون الاتحاد الأوروبي بالعمل على تسهيل عودة النازحين السوريين الى المناطق السورية الآمنة.
وكان سكيناس التقى ميقاتي وشكر للبنان “الجهود الكبيرة التي بُذِلَت لخفض عدد الرحلات الجوية إلى مينسك والالتزام الشامل بالإدارة المشتركة لتحديات اللاجئين في المنطقة”. وقال: “للاتحاد الأوروبي ولبنان علاقات عميقة وقوية، ولدينا الفهم نفسه للامور والكثير من المصالح الإستراتيجية المشتركة ونحن أصدقاء ثابتون ومخلصون للبنان، ونتمنى أن يتمكن هذا البلد من الخروج من الصعوبات التي يعاني منها وان يجد الطريق نحو الاستقرار ، ونحن سنساند لبنان كما فعلنا سابقا”.
اقتراع المغتربين
وعلى صعيد الاستحقاق النيابي أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيانٍ، أنه “في إطار مواكبة عملية تسجيل المغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية 2022 وقبل انتهاء مدة التسجيل في 20/11/2021، يهم الوزارة الإفادة بأنه سيتم فتح مكاتب بعض البعثات وتأمين حضور موظفين فيها بالأخص تلك التي تواجه ضغطاً في التسجيل، اليوم السبت وذلك لمساعدة المواطنين في عملية التسجيل للإنتخابات وللإجابة على استفساراتهم”.
الراعي وابي المنى
على صعيد آخر استقبل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى في دار الطائفة بفردان، أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في زيارة تهنئة بعد انتخابه شيخا للعقل، وقبيل خلوة بينهما قال الراعي: “إن لبنان لم يتألف اليوم، إنما عمره مئات السنوات. لقد حلق بالثقافة والرقي والاقتصاد، وبتلك المقولة الشهيرة بأن لبنان مستشفى وجامعة العرب والحرية، فهنا كانت الحياة الجميلة، ونحن نشعر اليوم بأننا غرباء. وأنتم أيضا كموحدين دروز، مع كل تاريخكم وتاريخنا، أصبحنا جميعا غرباء في الجبل اللبناني، فليس هذا هو الجبل. في لبنان نشعر كلنا بالغربة، أين هويتنا؟ وفي أي بلد نحن؟ وبأي عالم نعيش؟”.
من جهته، قال أبي المنى: “لبنان لولا الرسالة لا معنى له، فهو رسالة في العيش الواحد والتنوع والوطنية والانفتاح”. وأضاف: “مهمتنا كما أراها ليست سياسية حيث السياسة للسياسيين، لكن علينا تمهيد الطريق لخلق هذا الجو الإيجابي وان نلتقي دائما على الخير وتكون كلمتنا الطيبة التي تدعو إلى الخير والمحبة والوحدة، وعلى السياسيين ان يتلقفوا المبادرات، والاستفادة من الأجواء التي يجب خلقها وتعميمها على مستوى كل طائفة وعلى مستوى الوطن ككل”. وختم: “هناك تجاذبات وأمور يومية تشغل بالنا، اقتصادية وسياسية مختلفة، لكن المهم كيفية المحافظة على الرسالة، وألا تشغلنا تلك المشاكل عن الهم الأساسي، وهو البقاء على صيغة لبنان التي حصنها الطائف وعنوانها الوحدة الوطنية والمصلحة الوطنية والانفتاح على إخواننا والأشقاء في هذه المنطقة لكي لا تغلق الأبواب في وجهنا ووجه أبنائنا”
********************************************
مخارج على «همّة المساعي».. وزيارة برّي إلى بكركي مؤشر لعودة جلسات الحكومة
بلينكن يدعم خطة توفير الكهرباء.. وخبير أممي يحذر: لبنان على شفير الانهيار!
مَنْ يغطي الإرتفاع الهستيري في سعر صرف الدولار، الذي هزّ الـ23 ألف ليرة لبنانية لكل دولار واحد؟
وماذا يعني اكتمال المجلس المركزي ولجنة الرقابة على المصارف؟ لممارسة الرقابة على حركة العملات أم لتغطية الانهيارات؟
ومَنْ يتحمل تبعات الانهيارات المتلاحقة في الأسعار والرواتب المضمحلة للموظفين والاجراء في أعلى مراكز القطاع العام والخاص فضلا عن الصرف التعسفي؟
وفي غمرة هذه المحنة المتمادية، دوى صوت قوي في بيروت، تمثل بما خلص إليه الخبير في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة اوليفيه دي شوتر، بعد ان أمضى 12 يوما في لبنان (من 1 -12 ت2) اجتمع خلالها مع كل من الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي وثمانية وزراء وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، ومجتمع المانحين ومنظمات المجتمع المدني، ووكلات الأمم المتحدة والبلديات، فإلام خلص دي شوتر:
1 – ان ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق اوجه عدم المساواة، قد أغرق البلد في فقر مدقع.
2 – لبنان ليس دولة منهارة لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها.
3 – أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة النّاس وافقار الملايين.
4 – «الازمة المصنعة» تدمر حياة السكان، وتتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه النّاس جيلاً بعد جيل.
5 – في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم، تضيع الحكومة وقتاً ثميناً في التهرب من المساءلة، وتجعل اللاجئين كبش فداء لبقائها.
ونٌقل عن المسؤول الأممي قوله: الحكومة اللبنانية تعيش في عالم خيالي وهذا لا يبشر بالخير.
وكشفت مصادر سياسية بارزة عن مروحة اتصالات نشطت في اعقاب التصعيد التويتري، الذي جرى بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري منذ ايام، وتمحورت على احتواء التصعيد بداية، وتسريع الجهود لازالة معوقات واسباب تعليق جلسات مجلس الوزراء، لانه لم يعد مقبولا استمرار تعطيل اجتماعات الحكومة، لان الضرر يطال الجميع، في الوقت الذي يتطلب عقد اجتماعات متلاحقة للحكومة، لاتخاذ القرارات والإجراءات السريعة اللازمة، لمعالجة الأزمة المتعددة الاوجه والتخفيف من معاناة الناس اليومية.
واشارت المصادر الى ان تجاوب الرئاستين الاولى والثانية، مع المساعي المبذولة لاحتواء التصعيد، سهل انتقال المساعي للتركيز على معاودة جلسات مجلس الوزراء، باعتبار ان استمرار تعطيل الجلسات، سيتسبب بتفاعل الخلافات وتبادل الاتهامات والقاء مسؤولية التعطيل والضرر الناجم عنه لهذا الطرف أو ذاك والدوران في حلقة مفرغة من الضرر على الجميع . ولذلك، تركزت الاتصالات على المباشرة بنزع مسببات تعليق الجلسات، من دون اثارة حساسية أو استفزاز أي طرف، انطلاقا من نقطتين، الاولى التفاهم على معالجة هادئة وهادفة لعقدة مطالبة الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، بعد فشل كل محاولات اتخاذ اي اجراء حكومي بهذا الخصوص، لتعارضه مع القوانين التي ترعى العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية من ناحية، وبسبب اعتراضات سياسية ضمنية معروفة من ناحية اخرى، والثانية حل مشكلة تداعيات مواقف وزير الإعلام جورج قرداحي على العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
وتشير المصادر الى ان مساعي حل العقدتين، بدأت خارج الاعلام بين الرؤساء الثلاثة وحزب الله وبقية الاطراف،وقد تشهد الايام المقبلة بلورة تخريجة حل عقدة الثنائي الشيعي، اما بمعاودة احياء طرح فصل التحقيق العدلي مع الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين،عن الضباط والعسكريين والموظفين وحصر محاكمتهم بالمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب المنبثق عن المجلس النيابي، وأن كان دون هذا الطرح اعتراضات عديدة،او من خلال ترحيل التحقيق معهم باستعجال صدور القرار الظني، وقد يكون قبل آخر هذا العام، وعندها يمكنهم الدفاع عن انفسهم والاعتراض على التهم الموجهة اليهم ضمن الاطر القانونية.
أما بخصوص حل عقدة وزير الإعلام جورج قرداحي، فقد بدأت الاتصالات تأخذ مداها، بالزياره التي قام بها الاخير للرئيس بري بالامس. وبرغم التكتم حول ما دار فيها، وانكار وزير الإعلام انها تناولت موضوع استقالته، ولكن المصادر اشارت إلى ان النقاش، تناول انهاء هذه المشكلة، وتوقعت ان يتم تظهيرها، من خلال زيارة يقوم بها قرداحي لبكركي قريبا، كما كان مقترحا في الزيارة الاولى وتعثرت لاعتبارات وموانع عديدة.
ولم تستبعد المصادر ان تتبلور نتائج الاتصالات والمشاورات لحل هاتين العقدتين اواسط الاسبوع المقبل، وقد يتم الاعلان عنها كما تردد في الاوساط السياسية، من خلال زيارة يقوم بها بري الى بكركي لرد الزيارة للبطريرك الماروني بشارة الراعي، الا انه لم يتم تأكيد حصول هذه الزيارة بعد.
وتقاطعت مع هذه المصادر معلومات عن تخريجة يُعمَل عليها من أجل موضوع الوزير قرداحي وكذلك عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، واتت مواقف الأفرقاء المعنيين لتعكس إشارة عن ذلك مع العلم ان التوقيت لا يزال مبهما ومن هنا برز التأكيد على عمل اللجان الوزارية في تجهيزها الملفات لتكون حاضرة أمام الحكومة.
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن معالجة أو حل قضية الوزير قرداحي تخضع لثلاثة سيناريوهات وتقوم على تقديم استقالته طوعا أو اقالته أو سحب الثقة منه في مجلس النواب لكنها رأت أن الخيار الأول يبقى الأمثل إذ أن الخيارين الأولين ليسا مناسبين. وأعربت عن اعتقادها ان حركة الوزير قرداحي في اتجاه رئيس مجلس النواب يجدر التوقف عندها.
وذكرت مصادر مطلعة على حركة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لـ«اللوء» انه يقوم بمروحة واسعة من الاتصالات المحلية والخارجية، وانه سيقوم قريباً وربما الاسبوع المقبل بزيارة القاهرة للقاء كبار المسؤولين لمتابعة وساطة مصر وجامعة الدول العربية التي بدأها الامين العام المساعد حسام زكي قبل ايام. وربما تكون له زيارات لدول اخرى عربية وغير عربية، فيما يُرتقب وصول وزير خارجية قطر قريباً الى بيروت في إطار مسعى الامير لمعالجة الازمة مع المملكة.
واوضحت المصادر «ان الرئيس ميقاتي يراهن دوما على الإيجابيات ومنها الكلام الذي وُصِف بـالهاديء للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل يومين». واشارت الى ان الاتصالات التي قام والزيارات التي سيقوم بها قد تُنتج حلحلة ما، وبخاصة إحياء جلسات مجلس الوزراء.
لا أريد استفزاز المملكة
فقد زار قرداحي امس، الرئيس بري، وقال بعد اللقاء: تناقشتُ مع الرئيس برّي في موضوع الإعلام لأن هناك قانوناً موجوداً في لجنة الإدارة والعدل وتناقشنا في كيفية إخراجه من اللجنة وإرساله إلى اللجان المشتركة ثمّ إلى المجلس النيابي لإقراره لأننا بحاجة إلى قانون إعلام عصري في لبنان.
وقال : مشكلة الحكومة ليست أنا، وقبل نشر مقابلتي الحكومة لم تكن تجتمع، ولا أعرف ما هو الحلّ، واسألوا رئيس الحكومة.
وختم قائلاً: هناك ابتزاز وأعتقد أن السعودية ودول الخليج صدرها «أوسع من هيك»، ولا نريد استفزاز أحد وهناك مزايدات كثيرة من الداخل، واستغلّوا قضيتي لتقديم براءة ذمة الى الخليج.
وفي موقف جديد داعم للحكومة، قال وزير الخارجية الاميركية أنتوني بلينكن أن «رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي لديه خطة جيّدة للدفع بلبنان إلى الأمام».
وقال بلينكن: «نعمل على توفير الوقود في لبنان، كذلك، نعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار».
وجاء كلام بلينكن خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير خاجية قطر محمّد بن عبد الرحمن آل ثاني في واشنطن، مع الإشارة الي ان لبنان كان ينتظر ومايزال وصول الوزير القطري في إطار مساعي رأب الصدع مع دول الخليج.
وفود وعالم خيالي
الى ذلك استمرت الوفود الغربية بزيارة لبنان، حيث أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نائب رئيسة المفوضية الأوروبية مار غاريتيس سكيناس الذي يزور بيروت على رأس وفد للبحث في الآلية التي تقترحها المفوضية لوقف النزوح السوري واللبناني في اتجاه الإتحاد الأوروبي، «انّ لبنان لم يعد قادراً على تحمل الأعباء التي يرتّبها استمرار النزوح السوري الى لبنان، ويطالب الاتحاد الاوروبي بالعمل على تسهيل عودتهم الى المناطق السورية الآمنة. وقال: إن تجاهل المجتمع الدولي الدعوات اللبنانية لتسهيل عودة النازحين الى وطنهم بدأت تحدث شكوكاً بأن ثمة من يعمل لإبقائهم في لبنان وهذا ما لا يمكن القبول به».
وأشار عون إلى أن «لبنان الذي يتخذ التدابير الآيلة الى منع الهجرة غير الشرعية من أراضيه، يأمل أن يلقى معاملة بالمثل من دول العالم، ولاسيما من الدول الاوروبية».
ورد سكيناس قائلاً: سنواصل تقديم المساعدات الى لبنان في انتظار توافر الاسباب التي تمكن النازحين من العودة الى وطنهم.
ويبحث سكيناس ايضاً مناقشة الوضع على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا ودعم الاجراءات الاوروبية بحق بيلاروسيا، بسبب دفعها آلاف المهاجرين للعبور الى بولندا، وظلوا محتجزين على الحدود في ظروف قاسية، وجلّهم من العراقيين وخاصة الأكراد.
بعدها، انتقل الوفد الى عين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري. وزار الرئيس ميقاتي في السرايا، ووزع بيانا اوضح فيه هدف زيارته بالقول: ان لبنان من الدول الشريكة التي تضطلع بدور أساسي في مساعدة الاتحاد الأوروبي في وضع حد للاستغلال المجرد من المبادئ الذي يتعرض له الأشخاص من جانب نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو. حصلت على تأكيدات ممن التقيتهم في لبنان على استعدادهم للعمل معنا في هذا الشأن.
ويتعين علينا أن نبني، ونحن نبني في الواقع، تحالفاً عالمياً ضد استخدام البشر كبيادق سياسية. أود أن أشكر لبنان على الجهود الكبيرة التي بُذِلَت لخفض عدد الرحلات الجوية إلى مينسك والالتزام الشامل بالإدارة المشتركة لتحديات اللاجئين في المنطقة.
وعن رسالته للسلطات اللبنانية قال: للاتحاد الأوروبي ولبنان علاقات عميقة وقوية، ولدينا الفهم نفسه للامور والعديد من المصالح الإستراتيجية المشتركة ونحن أصدقاء ثابتون ومخلصون للبنان، ونتمنى أن يتمكن هذا البلد من الخروج من الصعوبات التي يعاني منها وان يجد الطريق نحو الاستقرار، ونحن سنساند لبنان كما فعلنا سابقا.
كما توجه الى الخارجية حيث استقبله الوزير عبدالله بوحبيب. وجرى بحث في موضوع النازحين السوريين في والجهود التي يقوم بها لبنان لمواجهة هذه الأزمة من النواحي الاقتصادية والصحية والاجتماعية.
وفي إطار التواصل بين المرجعيات الروحية، وفي ظل عدم توافر ظروف عقد قمة روحية، حطّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في دار الطائفة الدرزية في فردان حيث استقبله شيخ العقل سامي أبي المنى وقال على الاثر: شعبنا يفتقر والدولة تتحلل وكأنها من كرتون ونحن نحمل هذه المسؤولية لنسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل ودورنا مخاطبة ضمائر المسؤولين. اضاف: نأمل البدء مع شيخ العقل بفجر جديد لأننا أصبحنا في عالم جديد وضميرياً لا يمكننا أن نكون في موقع المتفرّج ، نحن ليس لدينا مصالح الا مصالح شعبنا.، وكلنا نشعر بأننا غرباء في هذا البلد وأحيي الأخوة في طائفة الموحدين الدروز ونتوخّى عمل الخير والتعاون فيما بيننا رغم كل شيء.
من جانبه، قال ابي المنى: ما بين بكركي والموارنة والدروز عقد محبة وأخوة وعيش مشترك لا تنفصم عراه وقد بنيناه معاً ونستمر معاً ومع كل الطوائف في لبنان وشرائح المجتمع اللبناني. أضاف، يجب أن نحفظ لبنان الرسالة برموش العيون وبجهدنا المشترك وبتعاوننا مع بعضنا لنبني هذا الوطن ولبنان لولا الرسالة لا معنى له فهو رسالة في الوطنية والانفتاح والتنوع، وحريصون على الدور الذي تقوم به بكركي ونأمل أن نكون معاً من أجل لبنان الواحد الذي أصبح في وضع يرثى له ونحن مسؤولون عن خلق جو ايجابي في البلد ومهمتنا ليست سياسية لكن علينا أن نمهّد الطريق لخلق هذا الجو الايجابي.
نيابياً، ما يزال التيار الوطني الحر يغمز من قناة التعديلات على قانون الانتخاب الذي نشر في الجريدة الرسمية لجهة الطعن وانتظار الانتخابات النيابية المقبلة لمشكلة تمثلت بالاعلان عن ان مهلة تسجيل المغتربين للاقتراع، تنتهي في غضون 8 أيام..
650655 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 959 إصابة جديدة بفايروس «كورونا» و5 وفيات، مما رفع العدد التراكمي للحالات المثبتة مخبرياً إلى 650655».
********************************************
البلد على كف عفريت في ظلّ إعادة ترسيم للعلاقات الديبلوماسية الإقليمية
الضغوطات على لبنان الى إرتفاع… والهدف ترسيم الحدود الجنوبية
فوضى أسعار والفقر إلى 80% في نهاية العام مع غياب كلّي للحكومة – المحلل السياسي
الفوضى على أشدّها سياسيًا، وقضائيًا، وإقتصاديًا، وماليًا، ونقديًا، ومعيشيًا! هذه الفوضى غير المُنظّمة تُلقي بظلالها على كل شيء حتى أصبح المواطن يعيش كابوسا كأنه في فيلم من إنتاج هوليوود وإخراج دولي وتنفيذ محلّي. فبعد أحداث الطيونة والتي ذهب ضحيّتها 7 ضحايا، إنتقل البلد إلى مرحلة جديدة عنوانها الفوضى فُقدت فيها سيادة القانون وزاد الفساد، والإحتكار، والسرقة، وإرتفاع الأسعار، وفقدان السلع، وتفقير الشعب. هذا الشعب الذي يأن تحت ضغوط لم يراها المواطن منذ منتصف القرن الماضي حتى في عزّ الحرب الأهلية. ويبقى الأكثر نفورًا هو التفلّت الحاصل في الدولار والذي تقف حكومة ميقاتي كما وقفت سابقتها مُتفرّجة على تطبيقات ترفع سعر دولارها من دون أن ترى في هذه التطبيقات أي مسّ لأمنها القوميّ وتفقير لشعبها!
إعادة ترسيم للعلاقات الديبلوماسية في الإقليم
تمرّ العلاقات بين الدول في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي في مرحلة إعادة رسم وتموضع للدول على الخارطة السياسية. وتشمل إعادة التموضع هذه إنتقال دول من خندق إلى خندق أخر في ظل حسابات جيوسياسية وجيو-إقتصادية مُعقدّة تلعب فيها الولايات المُتحدة الأميركية وروسيا دور المُقرّر والدول الإقليمية دور المنفّذ.
وبالنظر إلى التطور في العلاقات الإماراتية – السورية، يرى البعض في الموقف الإماراتي تجاه سوريا إنعطافًا مُلفتًا للموقف الخليجي من نظام الرئيس بشار الأسد. إلا أن البعض الأخر يرى في هذا الموقف خطوة مُتقدّمة لسحب سوريا إلى الخندق الأخر خصوصًا الرغبة الأميركية – الروسية المُشتركة بسحب النفوذ الإيراني من بلاد الشام. وبغض النظر عن حقيقة خلفيات التقارب الإماراتي – السوري، فإن تداعيات هذا التقارب ستظهر قريبًا بترجمة إقتصادية سيكون لها تداعيات كبيرة على الداخل السوري (خصوصًا إقتصاديًا) ولكن أيضًا على العلاقة السورية بالجوار.
يرى إقتصادي مُخضّرم أن فرضية تقارب سوري – خليجي تفرض تعقيدات في العلاقات الإقتصادية اللبنانية – السورية خصوصًا في ظل التوتر الحاصل بين لبنان ودول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. ويُضيف أن الضغط الأميركي المباشر على لبنان في ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي والذي لم يؤت بنتيجة ملموسة حتى الساعة، قد يتم إستكماله بضغط اقليمي على لبنان.
وفي جردة على العلاقات البينية بين الدول الإقليمية، نرى أن هناك تقاربا خليجيا – عراقيا (مع حكومة الكاظمي)، وتقارب خليجيا – سوريا (مع نظام الرئيس الأسد)، وتقاربا خليجيا – إسرائيليا من خلال التطبيع مع الدولة العبرية، وعلاقة إستراتيجية بين دول الخليج ومصر. في المقابل، اللُحمة الإيرانية – اليمنية (مع الحوثيين)، والدعم الإيراني للحشد الشعبي يبرزان مواجهة بين محورين الأول مدعوم من الولايات المُتحدة الأميركية والثاني من روسيا ومن الصين. ويُمكن إختصار هذه المواجهة بين المحورين على ثلاث جبهات: النفوذ في المنطقة، المصالح الإقتصادية، والقوة العسكرية.
وفي ظل هذه المواجهة التي إستفحلت عسكريًا في الأعوام المُنصرمة، وإقتصاديًا على جبهة العقوبات، وديبلوماسيًا على صعيد العزل السياسي، يقف لبنان مُنقسمًا عاموديًا بين هذين المحورين وهو ما خلق حالا من الفوضى طالت كل الأصعدة في لبنان وشلّت عمل المؤسسات الدستورية والإدارية للدولة اللبنانية. وبالتالي إحتدم الصراع في لبنان بين مكوناته لدرجة الإحتكاك المُسلّح في أحداث الطيونة والتي أظهرت إرتباط هذه المكونات بالمحورين بشكل عضوي تخطّى علاقة التأثير السياسي ليأخذ – أي التأثير – أبعادًا إقتصادية وحتى عسكرية.
هذا ويقول وزير سابق مُعارض أن المطلوب من لبنان هو التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وأن الموقف الأميركي الأخير الذي صدر عن مبعوث الطاقة لوزارة الخارجية الأميركية أموس هوكشتاين في مقابلة تلفزيونية على قناة CNBC أنّ «لبنان يحتاج إلى حكومات خليجية لتكون داعمة على المدى الطويل»، والموقف الإسرائيلي الذي أعلن على لسان مصدر أمني إسرائيلي لـ»الحدث»: «مستعدون لتقديم تنازلات في اتفاق الغاز مع لبنان، لكن لن نتنازل على حساب أمننا»، يُشكّلان محاولة واضحة من قبل المحور الأول لـ «دفع لبنان إلى الحضن الإسرائيلي».
فوضى في ظل غياب القرار الداخلي
كما يقول وزير سابق في حكومة حسان دياب في إحدى جلساته الخاصة: «فرحتم بالتخلّص من حكومتنا وبمجيء حكومة جديدة». هل يُمكنكم أن تقولوا لي ماذا فعلت هذه الحكومة الجديدة؟ لا شيء ولن تستطيع القيام بأي شيء! ميقاتي قَبِلَ التكليف بتشكيل الحكومة مع علمه المُسبق أن الحكومة لن تكون قادرة في أحسن الأحوال إلا الإشراف على الإنتخابات (إذا ما حصلت). إنها عملية غشّ قامت بها القوى السياسية تجاه المواطن وتجاه حكومة دياب لأنها تعلم أن لا كلمة للبنان في مصيره، بل سينتظر ما تُقرّره المفاوضات الإقليمية (-الدولية) ليتحدّد مصيره. ويُضيف «يُريدون رأس حزب الله، لكن عضمه قاسي».
هذا القول يتقاطع مع ما يعتقده بعض المُحللين السياسيين، الذين يقولون أن ما حصل مع الوزير قرداحي هو عملية مُدبرة من الأساس وإن حجّة التصعيد الخليجي مع لبنان كانت لتأتي من أي سبب أخر. إلا أن سقطة الوزير قرداحي أتت في الوقت المناسب خصوصًا في ظل إعادة ترسيم للعلاقات الديبلوماسية في الإقليم.
المواجهة القائمة بين القوى السياسية يُمكن إختصارها بمواجهة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وبين حزب الله والقوات اللبنانية. في المقابل تراجعت حدّة المواجهة بين كلٍ من الإشتراكي والأزرق مع البرتقالي. وتتمثل جبهات المواجهة على ملفات عديدة منها ملف تفجير مرفأ بيروت، وأحداث الطيونة، وملفّ الكهرباء، وملف الإصلاحات، والتعيينات… والنتيجة تعطيل لمجلس الوزراء!
التعطيل هذا خلق حالا من الفوضى الإقتصادية مع دولار فاق الثلاثة والعشرين ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد. هذا الإرتفاع إنعكس على أسعار المحروقات حيث قام أصحاب محطات برفع سعر صفيحة البنزين والمازوت وقارورة الغاز حتى قبل صدور جدول الأسعار عن وزارة الطاقة والمياه وهو ما يدلّ على فقدان سيادة القانون حيث أصبح أصحاب المحطات لا يخشون الملاحقة. كذلك الأمر بالنسبة للسوبرماركات التي تُسعر على أسعار دولار وصلت إلى حدود الـ 27 ألف ليرة للدولار الواحد في ظل غياب كّلي لوزارة الإقتصاد والتجارة. كل هذا إن دلّ على شيء، يدلّ على الفوضى التي تعتري النشاط الإقتصادي.
في هذا الوقت، تقف حكومة الرئيس ميقاتي مُتفرّجة أمام تطبيقات تُهدّد الأمن القومي اللبناني وتُعطي أسعار دولار غير عقلانية ولا تستوفي شروط اللعبة الإقتصادية. وكما قال أحد المحلّلين الإقتصاديين: «حكومة ميقاتي هي إمتداد لحكومة دياب». وبالتالي فإن توقعات هذا المحلّل تُشير إلى إرتفاع مُطرد في سعر دولار السوق السوداء وذلك بحكم التسريبات عن تحويل الودائع بالعملة الصعبة إلى الليرة اللبنانية، والطلب إلى مستوردي المحروقات بتأمين 10% من قيمة المشتريات بالدولار الأميركي.
عمليًا هذا الإرتفاع المُتوقّع سيدفع إلى إرتفاع في أسعار كل السلع والبضائع. لكن الأصعب بالنسبة للمواطن هو وضع العديد من السلع والبضائع الأساسية التي أصبحت في بورصة سعر دولار السوق السوداء وهو ما يضرب الأمن الإجتماعي الذي، وفي ظل غياب أي قدرات مالية للدولة اللبنانية، سيؤدّي حكما ً إلى إرتفاع مُطرد في الفقر. الجدير ذكره أنه وبحسب تقرير الإسكوا، هناك 500 ألف عائلة تعيش في حالة فقر مُدقع، ومليون عائلة (على إجمالي 1.25 مليون) تعيش تحت خط الفقر.
إذًا هي الفوضى بكل ما للكلمة من معنى! هذه الفوضى عبّر عنها المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر الذي قال في تصريح لـ «رويترز» ان «مسؤولي الحكومة اللبنانية ليس لديهم أي شعور بضرورة التحرك العاجل أو العزم اللازم لتحمل مسؤولياتهم إزاء أزمة اقتصادية أدت إلى إفقار وحشي للمواطنين». وأضاف : «أنا مندهش جدًا من حقيقة أن هذه دولة في طريقها للفشل، إن لم تكن فشلت بالفعل، واحتياجات السكان لم تتم تلبيتها بعد». وختم بالقول «يعيشون في عالم خيالي، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل البلاد».
********************************************
نصرالله قطع طريق الحل وقرداحي يريد ضمانات
الامم المتحدة «حكومة لبنان في عالم خيالي»
فيما يتنقل ملف لبنان المثقل بالازمات المتناسلة على طاولات دول القرار وقد حضر امس بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفرنسي ايمانويل ماكرون خلال غداء عمل اقامه في الاليزيه على هامش المؤتمر الدولي حول ليبيا، يتوالى التقريع الاممي للسلطات اللبنانية «التي تدمر العملة الوطنية وتدخل البلد القابع على شفير الانهيار في مأزق سياسي» فيما الحكومة « تعيش في عالم خيالي لا يبشر بالخير» على ما افاد مكتب الامم المتحدة في بيروت.
فغداة مواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي أكدت ان لا حل في المدى المنظور للازمة الديبلوماسية بين لبنان والدول الخليجية، خصوصا وانه عاد وصوّب على الرياض كما رفض اقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، زار الاخير عين التينة، ليعلن بدوره انه ليس في صدد الاستقالة الا بعد تلقي ضمانات بأن خطوته ستحلّ الازمة.
قرداحي والضمانات
وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال قرداحي: «لم أطرح موضوع الاستقالة مع برّي ويُصوّرون «قضية قرداحي» كأنها مشكلة لبنان الأساسيّة وتناسوا المصائب التي أوصلوا لبنان إليها». وتابع «إذا حصلنا على الضمانات التي أبلغتها للبطريرك الراعي فأنا حاضر ولستُ في وارد تحدّي أحد لا رئيس الحكومة ولا السعودية التي أحترم وأحبّ ونحن ندرس الموضوع و»منشوف التطورات وبس يكون في ضمانات أنا حاضر». وقال «مشكلة الحكومة ليست أنا وقبل نشر مقابلتي الحكومة لم تكن تجتمع ولا أعرف ما هو الحلّ واسألوا رئيس الحكومة». وختم «هناك ابتزاز وأعتقد أن السعودية ودول الخليج صدرها «أوسع من هيك» ولا نريد استفزاز أحد وهناك مزايدات كثيرة من الداخل واستغلّوا قضيتي لتقديم براءة ذمة الى الخليج».
اجتماعات جانبية
وسط هذه الاجواء، يستمر الشلل الوزاري في ظل تمسك الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي طارق البيطار، قبل احياء جلسات الحكومة. واستعاض رئيسها نجيب ميقاتي عن الجلسات، بلجان وزارية واجتماعات جانبية، فاجتمع امس مع كل من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، وزير الزراعة عباس الحاج حسن،وعرض معهما شؤون وزارتيهما. كما عقد اجتماع حكوميا – أمميا في السراي الحكومي ، خصص لبحث النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية، التي تم وضعها بالتعاون بين الحكومة اللبنانية مع المؤسسات الأممية بما فيها «اليونيسف» و»منظمة العمل الدولية» و»منظمة الاغذية العالمية»، كجزء من اطار التعافي والإصلاح واعادة الإعمار.
الراعي
الى ذلك وبعد اسبوعين على جولته على الرؤساء بحثا عن حل للمأزق القضائي، وفي ظل عدم توافر ظروف عقد قمة روحية، حطّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في دار الطائفة الدرزية في فردان حيث استقبله شيخ العقل سامي أبي المنى وقال على الاثر: شعبنا يفتقر والدولة تتحلل وكأنها من كرتون ونحن نحمل هذه المسؤولية لنسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل ودورنا مخاطبة ضمائر المسؤولين. اضاف: نأمل البدء مع شيخ العقل بفجر جديد لأننا أصبحنا في عالم جديد وضميرياً لا يمكننا أن نكون في موقع المتفرّج ، نحن ليس لدينا مصالح الا مصالح شعبنا.، وكلنا نشعر بأننا غرباء في هذا البلد وأحيي الأخوة في طائفة الموحدين الدروز ونتوخّى عمل الخير والتعاون فيما بيننا رغم كل شيء.
في عالم خيالي
في الاثناء، الوضع المعيشي يزداد صعوبة. وبينما يسجل الدولار قفزات قياسية، صدر للمرة الثانية هذا الاسبوع، عن وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، جدول جديد لتركيب أسعار المحروقات، مسجلاً ارتفاعاً إضافياً طاول المشتقات النفطية كافة. تعقيبا، وزع مكتب الامم المتحدة في بيروت، بيانا عن زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر لبنان، قال فيه: الحكومة اللبنانية تعيش في عالم خيالي وهذا لا يبشر بالخير. واشار الى أن ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع»، مضيفا «لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها».
وقال « أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان، لا سيما الأطفال والنساء وعديمي الجنسية والأفراد الذين لا يحملون وثائق، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين أصلا». وتابع «إن «الأزمة المصنعة» تدمر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلا بعد جيل». وأضاف: «في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم، تضيع الحكومة وقتا ثمينا في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها». وكان المسؤول الاممي اطلع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب على حصيلة زيارته للبنان التي استمرت ١٠ ايام.
الطحين
معيشيا ايضا، صدر عن تجمّع أصحاب المطاحن في لبنان بيان طالب « نظرا لتطورات الاسعار الخارجة عن ارادة الكافة والتي ادت الى ارتفاع كبير في كلفة الانتاج، بضرورة اعادة النظر في كلفة الطحن لتمكين المطاحن من العمل والاستمرار في تأمين الطحين للافران لانتاج الرغيف للمواطنين. ويهمّ التجمع ان يؤكد على التعاون الوثيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة لما فيه المصلحة العامة ومصلحة قطاع غذائي اساسي وهو قطاع المطاحن والافران».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :