الحكومة بانتظار القرار الاتهامي لبيطار… ومجلس النواب ينظر بقانون الانتخاب مجدداً / اشتباك «توتر عالٍ» بين حركة أمل والتيار الوطني الحر عنوانه بيطار وجريصاتي / رعد: سقطت صدقية حملاتهم لدعم بيطار بتهربهم من المثول وظهرت عنصريتهم
تستعد الحكومة للتأقلم مع اعتبار شهر تشرين الثاني شهراً لإنهاء اللجان الوزارية تحضير ملفاتها، خصوصاً التفاوض مع صندوق الدولي، وإعداد البطاقة التمويلية، ريثما يكون المحقق العدلي القاضي طارق بيطار قد أصدر قراره الاتهامي، الذي تقول مصادر مجلس القضاء الأعلى إنها لا تجد مبرراً للدخول على مسار البحث في وجهة تحقيقاته وملاءمتها مع الدستور، طالما أنه أبلغ المعنيين أنه سينهي القرار الاتهامي قبل نهاية شهر تشرين الثاني، وعندها يصبح الملف بعهدة المجلس العدلي، وتنتهي مهمة المحقق العدلي، وتسقط طلباته التي سينظر بها المجلس العدلي، الذي سيبدأ بالنظر بالدفوع الشكلية للمتهمين الذين ترد أسماؤهم في القرار الاتهامي، خصوصاً الذين يطعنون بصلاحية المجلس العدلي بمحاكمتهم من رؤساء ووزراء.
شهر تشرين الثاني سيكون بالنسبة لمجلس النواب شهر قانون الانتخاب، حيث سينظر اليوم برد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقانون، مسجلاً الاعتراض على موعد الانتخابات والدائرة المخصصة للمغتربين، وقالت مصادر نيابية إن احتمال أن يدخل المجلس النيابي تعديلاً على القانون لجهة الدعوة لتضمين لوائح الشطب أسماء الناخبين الذي يتمون سن الواحدة والعشرين مع نهاية ولاية المجلس النيابي بمعزل عن موعد الانتخابات، لمنع استخدام حجة حق الذين يبلغون الواحدة والعشرين بين التاريخين للطعن لاحقاً بالقانون أمام المجلس الدستوري، بينما قالت المصادر إن الأرجح هو توافر الأكثرية اللازمة لإعادة تثبيت القانون وهي أكثرية خمسة وستين نائباً، وتوقعت المصادر تعرض القانون للطعن أمام المجلس الدستوري، مبدية الثقة من تحصينه من الإسقاط، خصوصاً إذا تم احتواء الاعتراض الخاص بالمهل، لأن الدائرة الخاصة بالمغتربين تشوبها نقاط ضعف دستورية وهذا أحد أسباب التخلي عنها لكونها تناقض النص الدستوري بضرورة مراعاة التوازن بين المناطق والطوائف في التمثيل النيابي، واعتماد منح غير المقيمين حقاً مساوياً للمقيمين في الانتخاب لنواب الدوائر التي ينتمي إليها الناخبون، لكن المصادر تقول إنه في أحسن الأحوال سيستهلك الطعن شهر تشرين الثاني، إذا انتهى من دون حاجة المجلس لإعادة النظر بالقانون، أما إذا انتهى برد القانون من المجلس الدستوري فهذا يعني أنه لن يكون هناك قانون انتخاب ناجز قبل بداية العام، ما سيعني طرح الحاجة لتمديد ولاية المجلس النيابي لشهر على الأقل لتأمين سريان المهل التي سيكون صعباً اختصارها أكثر.
السجال حول قانون الانتخابات ليس إلا فرعاً من أصل هو السجال الذي انفجر على خلفية الموقف من القاضي طارق بيطار بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، وشكل الوزير السابق سليم جريصاتي أحد عناوينه وأطرافه، وتبادل الطرفان اتهامات سقفها مرتفع، دفعت مصادر سياسية للتذكير بأن الخلاف بين حركة أمل والتيار الوطني الحر بات يشكل مصدر الخلل الرئيسي في الحديث عن أكثرية نيابية، وسط تفكك قوى الرابع عشر من آذار، وحالة التجاذب بين مكونات تحالفات حزب الله التي تشكل خلافاتها سبباً كافياً لعدم تمثيلها أكثرية نيابية على رغم امتلاك مجموعها للعدد الأكبر من النواب، ففي الشؤون التشريعية يبدو في أغلب القضايا أن التمسك بالقانون الحالي شكل نقطة لقاء بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ومثله الموقف من تعديل سن الانتخاب إلى الثامنة عشر سنة، والموقف من المحقق العدلي طارق بيطار، بينما تلتقي القوات مع أمل والمستقبل والاشتراكي في الموقف من الدائرة الاغترابية وموعد الانتخابات.
في خضم الحرب المستعرة بين المكونات السياسية، يبدو واضحاً أن لم شمل الحكومة لا يزال بعيداً، علماً أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يكثف اتصالاته مع المعنيين بهدف تليين مواقف القوى كافة ومعاودة عقد جلسات مجلس الوزراء، بخاصة أن لا مصلحة لأحد باستمرار الوضع على ما هو عليه.
وفي ظل هذا المشهد، فإن المسار القضائي يتقدم على ما عداه، فقضية استدعاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في ملف أحداث الطيونة من قبل المحكمة العسكرية لتقديم إفادته، قضائياً أمام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي تفاعلت في اليومين الماضيين، حيث رأى مكتب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أن إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بتكليف مديرية المخابرات للاستماع إلى رئيس حزب القوات اللبنانية هو موضوع متابعة من قبل السلطات المعنية لمعرفة ما إذا كان التكليف يرتب استجواباً في فرع المخابرات أم عند القاضي صاحب التكليف من دون أن يكون هناك أي تحديد لأي مهلة زمنية.
ويقول الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين لـ»البناء» يفترض أنه عندما يدعو القضاء أحد الأشخاص بصفة شاهد للإدلاء بإفادته أمامه أن يكون ذلك تم بناء على معلومات ومعطيات وإفادات مشتبه بهم أو مدعى عليهم أوجبت على القاضي من أجل إنارة التحقيق أن يستمع إلى هذا الشخص بصفة شاهد، أما إذا امتنع الشخص عن الحضور المطلوب بصفة شاهد فيكون أمام القاضي أحد احتمالات ثلاثة:
أن يصرف النظر عن الاستماع إلى شهادته في حال تبين له لاحقاً في ضوء مجريات التحقيق أنه لم يعد من لزوم للاستماع إلى إفادته وأنه يمكنه الاستغناء عنها.
أن يقرر فرض غرامة على الشاهد بسبب امتناعه عن الحضور بعد تبليغه أصولاً.
أن يقرر إحضار الشاهد بالقوة وبذلك يفترض أن يتم إحضار الشاهد بواسطة القوة العامة، علماً أنه لا يستطيع الشاهد أن يشترط على القاضي من أجل حضوره والاستماع إلى شهادته شروطاً معينة، من مثل أن يشترط على القاضي أن يستمع إلى شهود آخرين في القضية، وهذا الأمر يعود إلى تقدير القاضي وهو سيد الملف.
وشدد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، على أن «من كان لديه شرف يجب أن يعتذر إذا أخطأ، والمرتكب يعلم أنه أخطأ، لأنه اعترض على مسيرة قصدت تغيير قاض خرج عن سلوكيات الصدقية في التحقيق».
وأضاف: «اعترض على من خرجوا بالمسيرة، معتبراً أنهم باحتجاجهم على استنسابية هذا القاضي قد تطاولوا على القضاء».
وتابع: «أما استدعاؤه (سمير جعجع) لدى المحكمة العسكرية فيحق له أن يرفض المثول أمامها»، متسائلاً «أي صدقية لديك»؟ معتبراً أن «كلامه هراء، وهو تطاول على البلد وليس على سيدنا فقط، ويقومون بكل شيء كي يسترون عنصريتهم».
ولفت وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، في مقابلة تلفزيونية، إلى أن «الأحداث التي جرت الأسبوع الماضي انعكست سلباً على مسار الحكومة، وليُصدر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، القرار الظني «ويخلصنا» من هذا الموضوع»، لافتاً إلى أن «هناك صعوبة بانعقاد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع بسبب سفر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعه عدد من الوزراء إلى خارج لبنان.
إلى ذلك عادت حرب البيانات مجدداً بين التيار الوطني الحر وحركة أمل على خلفية أحداث الطيونة والمحقق العدلي طارق البيطار ورد رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب.
وإذ ثمّن التيار الوطني الحر مبادرة رئيس الجمهورية في ممارسة حقه الدستوري في رد التعديلات التي أدخلتها الأكثرية النيابية على قانون الانتخاب، فأسقطت منه البنود الإصلاحية الأساسية. وجدد التيّار الوطنيّ الحرّ إدانته «مشهدية الفتنة الميليشوية التي ظهرت في الطيونة بوجهيها الاستفزازي والإجرامي، والتي شهد اللبنانيون على تواطؤ وتناغم كتلتيها في مجلس النواب. ويؤكد التيّار في المقابل تمسكه بمشهدية تفاهم مار مخايل النقيض لثنائية تواطؤ الطيونة.
في المقابل قالت حركة أمل إن التيار الوطني الحر تيار يحاول استغلال تفاهم سياسي في مار مخايل لزرع الفتن والمس بالتحالف المتمثل بالثنائية الحقيقية بين حركة أمل وحزب الله، والذي تعمد بدماء الشهداء الذين سقطوا في الطيونة جنباً إلى جنب، ليجسدوا عمقه في مواجهة تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسة سليم جريصاتي والتي تحرك وتدير عمل القاضي طارق بيطار، وفي مواجهة منطق التعصب والانعزال الطائفي الذي يعيشه التيار وجمهوره، وهو الذي يعرف تماماً أننا لم نتحالف يوماً مع حزب القوات اللبنانية. واعتبرت حركة أمل أن «كل ما ورد في بيان التيار ورد الرئيس (رد الرئيس عون تعديلات قانون الانتخابات إلى المجلس) ما هو إلا تغطية وهروب.
وأشار الوزير السابق سليم جريصاتي في بيان من جهته رداً على «أمل» إلى أنه «إذا كانت سياسات حركة «أمل» وتموضعاتها الوطنية والإقليمية مبنية على مثل هذه الاتهامات الزائفة والمعزوفات المملة، فهنيئاً لها وأبواقها الإعلامية المواقف الفاشلة بانبهار. من الخفة والظلم والعيب والجرم اتهام المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار بأنه يتحرك بإملاء من «غرفة سوداء» بإدارتي وإشرافي. كاد المريب أن يقول خذوني يا إخوة. اتقوا الله وعودوا إلى ثوابت إمامنا المغيّب، فهو الركن أن خانتكم أركان».
انتخابياً، تتجه الأنظار إلى جلسة اللجان المشتركة، في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم غد الثلثاء، وذلك لدرس رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قانون الانتخاب. وكان قد وافق مجلس النواب الأسبوع الماضي، على بند تقريب موعد الانتخابات النيابية إلى 27 آذار المقبل.
وأشارت مصادر متابعة للملف، إلى أن هناك اتصالات تجرى من أجل إجراء الانتخابات في 15 أيار المقبل، معتبرة أن بمعزل عن التوقيت الذي لا يزال محل اختلاف، فإن التحضيرات للانتخابات على المستوى اللوجستي وغيره تفترض أن تكون الحكومة في حالة انعقاد، وهذا يعني أن على المعنيين اعتماد سياسة الفصل بين الملفات القضائية والحكومة لتمرير ما يمكن تمريره على المستوى الاقتصادي من جهة وعلى مستوى الانتخابات من جهة أخرى وإلا سيكون الاستحقاق الانتخابي أمام خطر عدم إجرائه.
وأشار وزير الخارجية إلى أن «هناك ضغطاً دولياً كبيراً على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وأنا شخصياً مع أن تبقى في شهر أيار من عام 2022، فمجلس النواب تنتهي ولايته في 21 أيار لذلك فإن الانتخابات ستجرى قبل هذا التاريخ».
وفي سياق رد الرئيس ميشال عون للقانون المتصل بالانتخابات، قال الخبير الدستوري عادل يمين لـ»البناء» إن هذا الرد أتى من ضمن الحق الدستوري العائد للرئيس بأن يعيد القانون لو رأى ذلك مناسباً للمجلس النيابي، وبذلك يصبح بحل من إصداره وذلك خلال المهلة المخصصة للإصدار، وهذا ما فعله الرئيس عون لأنه اعتبر أن القانون مخالف للدستور لأنه يحرم أعداداً كبيرة من الناخبين اللبنانيين الذين بعملية تقصير المهل لا يبلغون عمر الـ 21، كما أنه يحرم المنتشرين من حقوق مكتسبة أعطاهم إياها قانون 44/2017 بأن يكون لهم ممثلون في بلاد الانتشار، كما من شأنه أن يقصر مهلة التسجيل أمامهم في بلاد الاغتراب، فضلاً عن أنه يعقد عملية إجراء الانتخابات في 27 آذار حيث يكون الطقس عاصفاً ومثلجاً، كما هو محتمل وهذا من شأنه تقليل مشاركة الناس، وهذا يتناقض مع مبدأ الشعب مصدر السلطات وحق اللبنانيين بالانتخاب والانتقاص من مدى مشروعية العملية الانتخابية.
وأضاف يمين إذا أصر المجلس النيابي على القانون الذي رده الرئيس عون فيتعين عليه أن يؤمن تأييد الغالبية المطلقة من عدد الأعضاء في القراءة الثانية للقانون، أي 65 نائباً على الأقل مؤيدين للقانون، وليس فقط كحاضرين في الجلسة النيابية المخصصة للقراءة الثانية للقانون، وفي حال أقر البرلمان بالغالبية المطلقة من عدد أعضائه القانون بالقراءة الثانية وجب نشر هذا القانون، وإزاء ذلك يكون من حق الرئيس عون كما من حق عشرة نواب كما من حق رئيس البرلمان ورئيس الحكومة الطعن بالقانون خلال مهلة 15 يوماً من نشره أمام المجلس الدستوري، الذي سيكون أمامه الحق فور ورود طلب الطعن أمامه أن يقرر وقف تنفيذه إذا أراد عند ورود الطعن بصورة موقتة لحين البت بأساس الطعن، وهذا البت يفترض أن يبت في مهلة تقارب الشهر، وبنهايتها يكون من حق المجلس الدستوري إما رد المراجعة أو قبولها كلياً وإبطال القانون برمته، أي القانون التعديلي، وإما إبطال القانون بصورة جزئية في المواد التي يعتبرها غير دستورية.
إلى ذلك رأت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء»، أن مبررات مكون سياسي للاعتراض على التعديلات التي أقرها البرلمان على القانون هي في غير مكانها ويشوبها التباسات، فحتى إبراز الرئيس عون للأسباب التي دفعته إلى ردّ القانون دونها قطب مخفية كثيرة، مشيرة إلى أن هناك محاولات تجرى لمنع حصول الانتخابات في موعدها، لكن البرلمان سيقوم بواجباته كافة حيال رد القانون لجهة إعادة درسه وإقراره.
********************************
فرنسا تحذّر والراعي وعودة يرسمان الخط الأحمر
بعد ثلاثة ايام، يبدأ الأسبوع الثالث على ازمة حكومية لا يبدو ان ثمة مؤشرات عاجلة على نهايتها بعدما عاجلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في أول دربها، ولجمت اندفاعتها من خلال شرط قسري وضعه الثنائي الشيعي، وشلّ جلسات مجلس الوزراء، بإقصاء المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. واذا كانت دائرة التفاقم والتدهور زادت بوتيرة دراماتيكية بعد احداث الطيونة وعين الرمانة، وضاعفت أجواء الانسداد السياسي، فإن المضي في حملات الشحن والتوتير والهجمات الكلامية والاتهامية على ما برز في اليومين الأخيرين، وضع الحكومة أمام أمر واقع قهري وخطير، في ظل بدء ظهور مخاوف داخلية وخارجية على فراغ من نوع جديد، من شأنه ان يطيح الفرصة الوحيدة المتاحة أمام #لبنان للحصول على انعاش ودعم عاجلين، لئلا تنفلت بقايا الصمود النادرة المتبقية أمام الانهيارات التي تتربص باللبنانيين. ويبذل رئيس الحكومة محاولات كثيفة وجدية لاعادة احياء جلسات مجلس الوزراء من دون ان يتسبب بمشكلة مع الثنائي الشيعي، لكن اي نتائج حاسمة إيجابية لهذه الجهود لم تتبلور بعد، لا بل ان مضي “حزب الله” في حملاته التصعيدية ضد القاضي البيطار و”القوات اللبنانية” ورئيسها سمير جعجع، ترك انطباعات ثابتة بان الحزب ورّط نفسه في خانة لم يعد سهلاً عليه التراجع عنها خصوصا بعد تصاعد التداعيات المناهضة لهجماته والتي اتخذت بعداً وحجماً كبيرين ودقيقين للغاية في ظل المواقف البارزة والحاسمة التي أعلنها تباعاً البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة بما يملي التوقف عندها بإمعان. كما ان جانبا أخر طارئا من التوترات السياسية تصاعد في اليومين الأخيرين مع رد رئيس الجمهورية ميشال عون قانون التعديلات على قانون الانتخاب الذي اقرّه مجلس النواب في جلسته الأخيرة، وهو رد اثار تشنجاً واسعاً بين “التيار الوطني الحر” وقوى أخرى، ولا سيما بينه وبين حركة”امل”، وسيشهد الأسبوع الحالي تطورات متعاقبة في هذا الملف مع جلسة اللجان النيابية المشتركة غدا أولا، ومن ثم في الجلسة التشريعية التي سيعقدها المجلس لبت الخلاف وسط ترجيحات بان المجلس سيعاود تثبيت بند اقتراع المغتربين للـ 128 نائبا وعدم تخصيصهم بستة نواب. ولكن ثمة مشاورات واسعة حول إعادة البحث في بند تقديم موعد الانتخابات إلى 27 آذار وان المشاورات تتناول امكان التوافق العام على اعتماد منتصف أيار أي بعد انتهاء شهر رمضان موعداً للانتخابات.
موقف فرنسا
وقبل الخوض في المشهد الداخلي، بدا من الأهمية بمكان ان تظهر مجدداً معالم تشاؤم خارجية بدءا بباريس حيال الوضع في لبنان. اذ نقلت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين عن مصادر فرنسية رفيعة إعرابها عن رؤيتها التشاؤمية ازاء الاداء الحكومي اللبناني إلى الآن. وقالت ان الديبلوماسي الفرنسي بيار دوكان المنسق الفرنسي للمساعدات الدولية للبنان اكد للمسؤولين اللبنانيين خلال اجتماعاته بهم انهم لن يحصلوا على اي مساعدات طالما لم تبدأ الدولة اللبنانية في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. ورأت هذه المصادر ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لم تقم بعد بأي اصلاح، علما ان باريس داعمة لجهود ميقاتي، ولكن لبنان لا يزال على طريق الانزلاق وقد يشهد مزيداً من التدهور اذا بقيت الامور بطيئة والصعود والخروج من الازمة قد يكونان طويلين جدا في حين ان التدهور يمضي بسرعة. وكلما تفاقمت الازمة كلما زاد الانقسام بين اللبنانيين بما يفاقم المخاطر. وخلصت المصادر إلى ان المطلوب من المسؤولين اللبنانيين ان يكونوا مدركين للمصلحة العامة للشعب اللبناني وطالما يستمرون على اقتناعهم بان الخروج من الازمة ليس لمصلحتهم فلن يتحركوا. وباريس مدركة للتعقيدات والمصاعب التي يواجهها ميقاتي ولكنها تعول على دفع المسؤولين اللبنانيين إلى الاسراع في العمل بدءاً بالتفاوض مع صندوق النقد الذي يتيح للبلد ان يحصل على معونات لدعم الاصلاحات والا استمر الانهيار.
الراعي وعودة
أما على الصعيد الداخلي، فان المواقف التي أعلنها كل من البطريرك الراعي والمطران عودة بدت بمثابة رسم لخط احمر، ليس مسيحياً فحسب، بل وطنيا عاما، أمام الانجراف الخطير في التعامل مع ملف احداث الطيونة وعين الرمانة وتمظهر نيات واضحة للاقتصاص من فريق ومنطقة يعتبران مستهدفين بما جرى أساساً. وعبر البطريرك الراعي في عظة القاها مساء السبت في افتتاح مسيرة السينودس للأساقفة في الكنيسة المارونية عن موقفه قائلا “جميعُ المغامراتِ سَقطت في لبنان، ولو ظنَّ أصحابُها، في بعضِ مراحلِها، أنّها قابلةُ النجاح. إنّ الدولة بشرعيّتها ومؤسّساتها وقضائها مدعوّةٌ إلى حمايةِ شعبِها ومنعِ التعدّي عليه، إلى التصرّفِ بحكمةٍ وعدالةٍ وحياديّة، فلا تورِّطُ القضاءَ وتُعرِّضَ السلمَ الأهليَّ للخطر إذ أنَّ الظلمَ يولِّدُ القهرَ، والقهرُ يولِّدُ الانفجار. إنّ القضاءِ هو علاجُ الأحداثِ لا المسببّ لها. لا نَقْبلُ، ونحن المؤمنين بالعدالةِ، أن يَتحوّلَ من دافعَ عن كرامتِه وأمنِ بيئتِه لُقمةً سائغةً ومَكسرَ عصا. هؤلاء، مع غيرِهم، حافظوا على لبنانَ وقدّموا في سبيلِ وِحدتِه وسيادتِه ألوفَ الشهداء. نريد عدلًا في السويّةِ والرعيّة ولا ظلمًا في أي مكان “.
وبدوره اطلق المطران عودة مواقف حملت دلالات كبيرة اذ اعتبر “أن الخوف من دينونة العدالة ومحاولة التهرب من الإدلاء بالشهادة حرك الممسوسين بشياطين الفساد، وجعلهم يختارون ظلمة الحرب والشقاق والقتل والتهويل، واقتحام المناطق الآمنة، وترهيب أهلها وطلاب مدارسها واتهام المدافعين عن أنفسهم بأنهم المعتدون والقتلة، بدلا من أن يفرحوا بالحق وإرساء قواعد القضاء النزيه المستقل العادل”. وأضاف “كانوا ينادون بالحقيقة والعدالة، لكن ما إن لاحت بوادرها، حتى ارتاعوا وشمروا عن سواعدهم لوأدها قبل أن تظهر إلى العلن، وتطيح المسؤولين الفعليين عن خراب البلد وتفجيره وإحراقه وانهياره إقتصاديا وأمنيا وبيئيا وتربويا وصحيا وأخلاقيا. عندما بدأ النور يبزغ بصمت وخفر، فوجئنا بالظلمة تدهمه بضجة خطابية تارة، وأزيز مرعب طوراً، واختلاق ملفات أحياناً، ترهيب قمعي دائماً، ومحاولة النيل من كل من يتجرأ على الانتقاد أو الرفض أو المواجهة، بغية التذكير بأن الشيطان هو سيد هذا العالم. لكننا نذكرهم بأن المسيح طرده بصلبه وموته وقيامته”.
وأعلن ان “أهل بيروت لن يسكتوا ولن يتراجعوا عن مطالبتهم بالحقيقة ولن يقبلوا بأن تكون العدالة انتقائية. وعلى الجميع أن يكونوا تحت القانون وفي خدمة العدالة. وبدون عدالة لن تكون دولة”.
تصعيد الحزب
غير ان “حزب الله” صعّد حملاته على المحقق العدلي و”القوات اللبنانية ” وسط أجواء إعلامية بالغة العنف بين نواب ومسؤولين من الحزب و”القوات”. وفيما يتصل بموقفه من البيطار ذهب نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في هجومه على البيطار إلى اعتباره “مشكلة حقيقية في لبنان، ولم يعد مأموناً على العدالة وهو يستنسب ويسيِّس التحقيقات بطريقة مكشوفة ومفضوحة، وآخر ما سمعنا أن أهالي الضحايا أصبحوا يرتابون منه، وأنه بسببه كادت تحصل فتنة كبيرة في الطيونة، وفي المنطقة”. وقال “الأفضل أن يرحل من أجل أن يستقر الوضع ومن أجل أن يحصل الناس على عدالة موصوفة لمعرفة الحقائق”.
وأفادت معلومات ان عددا من أهالي عين الرمانة الذين تضرروا من الهجمة على منطقتهم سيتقدمون اليوم بدعوى قضائية جزائية ضد الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله بعدما اكملوا ملفا كاملا مدعما بالشهادات والأدلة والشرائط المصورة التي تثبت الهجوم المتعمد على عين الرمانة.
في غضون ذلك جددت الهيئة السياسية لـ”التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل هجومها على “القوات اللبنانية” وأخذت بجريرتها حركة “امل ” فهاجمت ما وصفته بـ “المشهدية الفتنوية الميليشوية التي ظهرت في الطيونة بوجهيها الإستفزازي والإجرامي، والتي شهد اللبنانيون على تواطؤ وتناغم كتلتيها في مجلس النواب. وأكدت في المقابل “تمسكها بمشهدية تفاهم مار مخايل النقيض لثنائية تواطؤ الطيونة”. وأشعل ذلك رداً عنيفاً لحركة “أمل” على “التيار” والعهد معتبرة ان “التيار الوطني الحر لم يعد يخجل في بياناته من العيوب والمصائب التي أدخل فيها البلاد خلال عهده وصولا إلى قعر جهنم. وبات هذا التيار في ظل البطالة والإرباك السياسي والشعبي الذي يعيشه، يحاول الهروب وخلق سيناريوات وهمية وفاشلة من عقله المريض للتغطية على واقعه، وعلى ما ارتكبه من جرائم سياسية ومعيشية بحق اللبنانيين.”.
****************************************
بعبدا – عين التينة: تراشق “فوق الطاولة” وتحاصص تحتها
“قطب مخفيّة” في تحقيقات الطيّونة والحكومة تنتظر “التخريجة”!
بخطوط حمر عريضة ارتسمت معالم التوازنات في قضية أحداث الطيونة، بعدما وضع “حزب الله” نفسه في جبهة مواجهة لجبهة مسيحية تتقدم صفوفها بكركي و”القوات اللبنانية”، لا سيما بعدما دخل البطريرك الماروني بشارة الراعي بقوة على خط هذه القضية مجاهراً برفض تحويل “مَن دافع عن كرامته وأمّن بيئته لقمة سائغة”، في إشارة إلى أهالي عين الرمانة، مقابل استمرار “حزب الله” بتسعير نيران القصف المركّز على “القوات” ورئيسها سمير جعجع، ليُسجّل نهاية الأسبوع رشقاً من المواقف النارية استهلها الشيخ نعيم قاسم بالتصويب على نظرية التآمر “القواتي” مع الخارج و”جماعة السفارات”، واختتمها النائب محمد رعد بوابل من الاتهامات المباشرة لجعجع مطالباً إياه بـ”الاعتذار” عن كلامه الأخير عبر شاشة “أم تي في” والذي “أخطأ فيه بحق سيّدنا وتطاول عليه”.
وإذ حذر رعد أنّ بين سطور تهديداته رسالة “ليشعر القاصي والداني أننا لسنا قاصرين لكننا نتصرف بحكمة”، بدت في الوقت عينه “رسالة” أخرى ساطعة في طرح “حزب الله” نوعاً من “المقايضة” بين السلم الأهلي والتحقيق العدلي في جريمة المرفأ لا سيما في ضوء تشديد قاسم بالفم الملآن على وجوب “أن يرحل القاضي طارق البيطار من أجل أن يستقر الوضع”. وأكدت مصادر مواكبة لمسار المستجدات الأخيرة على خط قضيتي تحقيقات الطيونة وتحقيقات المرفأ، أنّ “حزب الله” يضع ثقله في سبيل فرض توجهاته حيال القضيتين، بحيث سرّبت أوساط مقربة منه معطيات إعلامية تدعو إلى ترقب “قطب مخفية” في القضية الأولى تتماشى مع مضبطة اتهام “القوات”، بالتوازي مع إبقاء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مقيّدة رهن إنجاز “تخريجة قضائية” في القضية الثانية يتم العمل عليها بشكل يسترضي “حزب الله” ويوصله إلى تحقيق هدفه المركزي في “قبع” البيطار من منصبه.
وبُعيد إنهاء مديرية المخابرات في الجيش تحقيقاتها في أحداث الطيونة وإحالة الملف إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، نقلت الأوساط “ارتياح” قيادة “حزب الله” لنتائج تحقيقات المخابرات، متوقعةً أن “تتكشف وقائع جديدة في الفترة المقبلة مغايرة لما تم تداوله إعلامياً عن أحداث الطيونة، بما يعزّز نظرية “حزب الله” حيال مجريات هذه الأحداث ويضغط أكثر باتجاه تكريس طلب استدعاء رئيس “القوات” للاستماع إلى إفادته في القضية”، من دون أن تستبعد الأوساط نفسها أن يصار أيضاً إلى وضع بند إحالة القضية إلى المجلس العدلي على جدول أعمال مجلس الوزراء فور عودته للانعقاد.
وفي هذا السياق، تشير مصادر واسعة الاطلاع إلى أنّ رئيس الحكومة “على تواصل مستمر مع الثنائي الشيعي لتأمين أرضية تسووية مناسبة لاستئناف مجلس الوزراء جلساته”، موضحةً أنّ “التخريجة التي يتم العمل على إنضاجها تقوم على مبدأ فصل السلطات والمسارات بين العمل الحكومي وقضية تنحية المحقق العدلي في جريمة المرفأ، على أن يتم توليف صيغة محددة يطمئنّ لها “حزب الله” وتضمن له أن ينتهي المسار القضائي في هذه القضية إلى إلحاق القاضي البيطار بسلفه القاضي فادي صوان عبر قبول تنحيته عن القضية بدعوى الارتياب المشروع”.
وبالارتياب “المشهود”، يواصل العهد نهج الازداوجية بين الشعارات الإعلامية والممارسات الواقعية على أرض الواقع، وآخر مآثره تجلت في المرسوم رقم 8412 الذي قضى من خلاله رئيس الجمهورية ميشال عون بتعيين زوجة المتهم الموقوف على ذمة قضية انفجار المرفأ بتهم فساد، بدري ضاهر، باسكال إيليا، كمراقب أول في المجلس الأعلى للجمارك.
وإذا كانت موافقة رئيس الحكومة على المرسوم تحصيلاً حاصلاً بموجب سياسة المهادنة التي ينتهجها مع رئيس الجمهورية، فإنّ “التوقيع الشيعي الثالث” على المرسوم دحض كل مجريات التراشق الرئاسي والسياسي والإعلامي “فوق الطاولة” بين بعبدا وعين التينة، ليعيد ترسيخ التناغم الفاضح في عملية التحاصص “تحت الطاولة” بينهما.
وعلى هذا الأساس، بدا وزير المالية يوسف خليل المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، بتوقيعه على مرسوم تعيينات الجمارك كمن يمحي “بشخطة قلم” كل الحبر الذي سال في سوق الاتهامات الشعواء بين “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل” خلال الساعات الأخيرة، والتي بلغت حد اعتبار “التيار” أنّ “الحركة” متواطئة مع “القوات” في أحداث الطيونة ومتناغمة معها في مجلس النواب، قبل أن يشتعل فتيل ردود وردود مضادة بين الجانبين، انتهى إلى دخول المستشار الرئاسي سليم جريصاتي “على خط النار” بعدما حمّلته “أمل” مسؤولية دماء الطيونة من خلال “الغرفة السوداء التي يديرها وتحرّك القاضي البيطار”، فما كان منه إلا أن أعاد كرة “الارتياب” إلى ملعب “الحركة” معتبراً أنّ سياساتها تقوم على قاعدة “كاد المريب أن يقول خذوني”.
****************************************
لبنان: اشتباك سياسي يحاصر قانون الانتخاب ويهدد الاستحقاق النيابي
الحكومة أولى ضحايا «العاصفة الدموية» في الطيونة
محمد شقير
تتخوف مصادر سياسية بارزة من أن يتحول البرلمان إلى ساحة مفتوحة للاشتباك السياسي بدعوة رئيسه نبيه بري، اللجان النيابية المشتركة للاجتماع غداً (الثلاثاء)، للنظر في رد رئيس الجمهورية ميشال عون، لقانون التعديلات على قانون الانتخاب الذي أقرّته هيئته العامة في جلستها التشريعية الأسبوع الماضي وتبنى فيه حرفياً مضامين الاعتراضات التي سجّلها وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، على التعديلات في مداخلته الاعتراضية في الجلسة من دون أن يحظى بتأييد الغالبية النيابية باستثناء حليفه «حزب الله»، وإن كان تمايز عنه بتأييده إجراء الانتخابات النيابية في 27 مارس (آذار) 2022 في مقابل تناغمه معه بتخصيص دائرة انتخابية للمقيمين في بلاد الاغتراب لانتخاب 6 نواب، ما يرفع عدد أعضاء البرلمان إلى 134 نائباً.
وتلفت المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الخلاف حول التعديلات التي أقرتها الهيئة العامة بغالبيتها النيابية أوجد مواد مشتعلة ستطغى على اجتماع اللجان المشتركة بعد أن مهّد لها «التيار الوطني» بهجوم سياسي صاعق استهدف حركة «أمل» برئاسة بري، ما اضطرها إلى الرد عليه بهجوم مماثل غير مسبوق لم يقتصر على باسيل وإنما انسحب مباشرةً على الرئيس عون وفريقه السياسي بتركيزه على «الغرفة السوداء» التي يديرها الوزير السابق سليم جريصاتي من خلال المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
وتؤكد أن انعقاد اجتماع اللجان النيابية في ظل الأجواء المكهربة المسيطرة على الوضع السياسي العام والتي ستكون حاضرة بامتياز في مداخلات النواب حول التعديلات في ضوء امتناع عون عن التوقيع عليها، يتزامن هذه المرة مع استمرار تعطيل جلسات مجلس الوزراء على خلفية مطالبة «الثنائي الشيعي» بتنحية القاضي البيطار وكف يده عن مواصلة التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت، فيما لم يتوصل مجلس القضاء الأعلى إلى ابتداع تسوية لإعادة الروح إلى الحكومة المعطّلة في ضوء إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على عدم التدخُّل تقيُّداً منه بمبدأ الفصل بين السلطات.
وتنقل المصادر عن مصدر نيابي بارز قوله إن الحكومة الميقاتية هي من أولى ضحايا «العاصفة الدموية» التي أصابت منطقة الطيونة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتقول إن المحاولات جارية لإخراجها من دوامة التعطيل بعد أن كادت تتحول قبل بلوغها الشهر الأول من ولادتها إلى حكومة تصريف أعمال، وهذا ما دعت إليه كتلة «الوفاء للمقاومة» – «حزب الله» في اجتماعها الأخير بدعوة الوزراء إلى تفعيل إنتاجيتهم، لكن كيف ومتى وهذا ما بقي عالقاً؟
وترى -حسب المصدر النيابي- أن قول وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى باسم الثنائي إنه وزملاءه على استعداد لمعاودة حضور جلسات مجلس الوزراء في حال قرر ميقاتي توجيه الدعوة لاستئناف جلساته، لا يُصرف في مكان لأنه يدرك جيداً وسلفاً أنه لن يغامر بدعوته لئلا ينقل الاشتباك السياسي إلى داخل جلساته، وبالتالي لا يزال يلتزم بتدوير الزوايا لعله يدفع باتجاه إنقاذ حكومته من التعطيل، خصوصاً أنها تُعد من «أسرع» الحكومات في تاريخ لبنان التي تنصرف خلال مهلة زمنية قصيرة إلى تصريف الأعمال في الوقت الذي يأمل منها الجميع وبدعم دولي أن تعدّ ما التزمت به لجهة العمل على إنقاذ البلد وانتشاله من الانهيار بدلاً من أن يتدحرج نحو الانحدار.
وترى المصادر السياسية أن ارتفاع منسوب الاشتباكات السياسية والأمنية والقضائية في ظل الانكماش الاقتصادي والمعيشي الذي يحاصر اللبنانيين الذين لا يجدون من حلول لمشكلاتهم وأزماتهم المتراكمة، لم يكن قائماً لو أن الرئيس عون بادر منذ انتخابه رئيساً للجمهورية إلى التموضع في منتصف الطريق بين القوى السياسية بدلاً من أن يتصرف على أنه لا يزال في موقعه قبل انتخابه رئيساً لـ«التيار الوطني»، ما أفقده وبملء إرادته دوره التوفيقي الذي يتيح له الجمع بين اللبنانيين والتواصل معهم لئلا يبقى كما هو حاصل الآن بمنأى عن التواصل مع خصومه الذين هم في نفس الوقت على خلاف مع وريثه السياسي الذي نصّب نفسه رئيساً للظل بموافقة عمه والفريق السياسي المحيط به الذي لا يحرّك ساكناً ما لم يتلقّ الضوء الأخضر من باسيل.
وتؤكد أن عون هو من أوقع رئاسة الجمهورية في عزلة عن خصومه، وقرر أن يبتعد عنهم ولم يعد من همٍّ له سوى إعادة تعويم باسيل، وتسأل: لماذا لا يتدخل وأين تكمن مصلحته في ترك الأمور على غاربها؟ وتقول إن كل هذه الأزمات لا يمكن أن تتراكم لو أنه أخذ على عاتقه التصرف بحيادية بدلاً من أن يطلق يد صهره بعد أن منحه صلاحية مطلقة في تعطيل جلسات مجلس الوزراء سابقاً وأخيراً في تفويضه لتسمية وزرائه في الحكومة الميقاتية الذين أُخضعوا قبلها لامتحانات كشرط لدخولهم فيها.
وتلفت إلى أن عون يتحمل مسؤولية أولى في أخذ البلد إلى مزيد من التأزّم بعد أن هدم الجسور السياسية للتلاقي مع أبرز المكوّنات في البلد ما أدى إلى تحويل مبنى «التيار الوطني» في سنتر ميرنا شالوحي إلى غرفة عمليات تدير الشؤون السياسية والرئاسية في آن معاً.
لذلك فإن الاشتباك السياسي يحاصر اجتماع اللجان النيابية غداً في ظل غياب أي محاولة لتطويق جر البلد إلى أزمة مستعصية مع تنامي الشكوك بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ضوء إقحام البرلمان في انقسام أين منه الانقسامات السابقة وعدم الرهان على الضغط الدولي لإنجازها في موعدها بعد أن تبيّن للقاصي والداني أن إصرار الاتحاد الأوروبي على التلويح بفرض عقوبات على من اتهمه بعرقلة تشكيل الحكومة ولاحقاً بتعطيل الاستحقاق النيابي ما هو إلا قنبلة صوتية لا مفاعيل سياسية لها.
وفي هذا السياق، وفي غياب أي محاولة للوصول إلى تسوية لتفادي الاشتباك السياسي داخل اللجان النيابية، فإن عدم تشغيل المحركات حتى الساعة لإنقاذ الموقف يعني حكماً أن الاصطفاف السياسي داخل البرلمان الذي كان وراء إدخال التعديلات على قانون الانتخاب الذي لا يزال نافذاً، سيبقى على حاله ولن يبدّل في ميزان القوى للرهان على تفاهم يؤدي إلى تعديل في التعديلات المقترحة على القانون.
ويبقى السؤال بلسان المصادر السياسية عن السيناريو الذي يمكن أن يشهده اجتماع اللجان، وهل سينتهي إلى تأكيد المؤكد في الإبقاء عليها كما أقرتها الهيئة العامة في البرلمان في حال تقرر دعوتها لاجتماع يُعقد الخميس المقبل لعدم المساس بالمهل القانونية لإجراء الانتخابات في 27 مارس وبموافقة نصف عدد النواب زائد واحد، أي 65 نائباً؟ أم أن هناك مداخلات ليست مرئية ستفتح الباب أمام الوصول إلى تسوية بالتوافق على نسخة جديدة من التعديلات، وهذا يتطلب موافقة نصف عدد حضور الجلسة زائد واحد شرط أن يتأمن النصاب لانعقادها؟
إلا أن كل هذه التوقعات ما هي إلا تكهّنات -كما تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»- لما لديها من مخاوف من أن تشهد جلسة اللجان نقاشاً حاداً يمهّد لدخول «التيار الوطني» في معركة كسر عظم تتجاوز بري إلى الأكثرية النيابية، خصوصاً أن باسيل كان في غنى عن استدراج «أمل» إلى اشتباك صاروخي لو أنه يريد من وجهة نظر خصومه إجراء الانتخابات في موعدها بدلاً من أن يُشعل التحضير لجلسة اللجان بمواد مشتعلة لا يمكن أن تنتهي إلا بطغيان فريق على آخر فيما تقف الحكومة الميقاتية على الحياد بينما يسعى «حزب الله» إلى مراعاة باسيل وإنما من دون أي صخب سياسي يمكن أن يهز علاقته بحليفه الاستراتيجي الرئيس بري أو يهددها.
وعليه فإن باسيل اختار «أمل» ليصوّب نيرانه السياسية على بري بعد أن أدرك -كما تقول المصادر- أنه في حاجة إلى استحضار خصم للتحريض عليه في الشارع المسيحي كبديل عن «القوات» لتفادي الإحراج مسيحياً كونه يتعرض إلى «حرب إلغاء» من «حزب الله» وأيضاً عن تيار «المردة» في ضوء الخطوط الحمر التي رسمها له أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله ليس بتنويهه بدوره فحسب، وإنما بمنعه المساس به.
ويبقى السؤال: كيف سيكون عليه الإطار العام لقانون الانتخاب في حال أن الهيئة العامة في البرلمان تمسّكت بحرفية التعديلات؟ وهل يلجأ باسيل بعد أن يصبح القانون نافذاً إلى الطعن فيه؟ وما الضمانة من أن ينسحب الخلاف على المجلس الدستوري في حال انعقاده للنظر فيه أو تعذر اجتماعه لتفادي إقحامه في انقسام طائفي ومذهبي؟
****************************************
“الجمهورية”: أسبوع إنتخابي ـ قضائي بإمتياز.. ولا مجلس وزراء قبل تبلور الحلول للطيونة والمرفأ
الاسبوع الطالع نيابي ـ انتخابي وقضائي بامتياز، حيث يُتوقع ان يُحسم خلاله مصير قانون الانتخاب والانتخابات، موعداً واجراءً، وكذلك مصير المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، الذي يطلب «حزب الله» وحركة «أمل» تنحّيه، وما يمكن ان تؤول التحقيقات في هذه القضية، وكذلك قضية أحداث الطيونة والتحقيقات الجارية فيها امام القضاء العسكري. وكل ذلك يجري على وقع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية على كل المستويات، وتلويح الهيئات النقابية وحركات الاحتجاج الشعبي بموجات من التصعيد، بعدما بلغت الأسعار مستويات جنونية، شاملة كل مجالات حياة المواطنين، بعدما تسبب الارتفاع الكبير في اسعار المحروقات بمزيد من الجشع لدى التجار من دون حسيب او رقيب.
وسيشهد القصر الحكومي اسبوعاً حافلاً بالاجتماعات، في محاولة لاتخاذ اجراءات للتخفيف من وطأة الازمة المعيشية والحياتية، وسيكون منها اليوم اجتماعات ذات طابع اجتماعي لمعالجة قضايا النقل، لما له من تأثير على عمل الإدارات العامة وفي القطاع الخاص، وسيتمّ التركيز على اتخاذ اجراءات للحؤول دون حصول تظاهرات وتحركات في الشارع، حيث دُعي الى هذه الاجتماعات عدد من المسؤولين المعنيين في كل الهيئات النقابية والعمالية.
كما الاسبوع الماضي، لن ينعقد مجلس الوزراء هذا الاسبوع لسببين: الأول عدم توافر الحل بعد لقضية القاضي بيطار، وكذلك لقضية أحداث الطيونة، والثاني الجلسة النيابية العامة المنتظرة الخميس المقبل، وما يدور حولها من مواقف وردود فعل تتصل بمصير قانون الانتخاب وملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عليه. علماً انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما زال على تريثه في توجيه اي دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء قبل تبلور الحلول لهذه القضايا، لأنّه لا يريد إنعقادها في ظل الخلافات، ويعتبر إذا غاب اي فريق عنها سينعكس ذلك على عمل حكومته ومصيرها. لكن اوساطه تؤكّد أنّه ليس في وارد الاستقالة ولا الاعتكاف، وقد اعطى توجيهاته الى جميع الوزراء لكي يمارسوا اعمالهم ويعالجوا ملفاتهم لتكون جاهزة للبت في مجلس الوزراء عندما يعاود جلساته.
صامدة ومستمرة
وفي السياق نفسه، أكّدت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»، انّ «الحكومة صامدة ومستمرة على الرغم من توقف او تعليق انعقاد جلساتها أخيراً»، مشيرة الى «انّ القوى الحاضنة لها ليست في وارد اسقاطها، لأنّ لا مصلحة لهذه القوى ولا للبلد في ذلك».
واعتبرت المصادر، انّ الأزمة المستجدة حول المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت «مضبوطة في نهاية المطاف بإيقاع استمرارية الحكومة، مع الاشارة الى انّ معالجة هذه الأزمة ليست سياسية بل هي من شأن القضاء، على قاعدة الفصل بين السلطات التي لا تسمح للحكومة بإزاحة القاضي. واشارت إلى أنّ الاتصالات متواصلة لاستئناف جلسات مجلس الوزراء بعد إيجاد البيئة المناسبة لاستئنافها، استناداً الى مخرج قضائي «لا يموت معه الديب ولا يفنى الغنم»، موضحة انّ توقيت معاودة الجلسات هو سياسي ويحدّده رئيسا الجمهورية والحكومة، «وأياً يكن الأمر يجب أن لا يطول «نزوح» مجلس الوزراء اكثر من ذلك، علماً انّ اللجان الوزارية تنكّب على معالجة الأزمات المتفاقمة، بمشاركة حتى الوزراء الذين يمثلون «حزب الله» وحركة «أمل»، وهذا مؤشر الى انّ الجميع لا يريدون الذهاب بعيداً في التصعيد».
ولفتت المصادر إلى انّ ميقاتي «يؤدي دوراً إيجابياً في احتواء انعكاسات التوتر السياسي على الواقع الحكومي، وهو يحرص على بقاء العلاقة جيدة مع رئيس الجمهورية، متجاهلاً محاولات البعض تأليبه عليه. موضحة انّ ميقاتي أثبت عبر طريقة ادارته لمجلس الوزراء، احترامه لموقع رئيس الجمهورية من دون التنازل عن صلاحياته.
مجلس القضاء
وفي جديد قضية المحقق العدلي، علمت «الجمهورية» انّ مجلس القضاء الاعلى سيعقد الاجتماع الثالث له اليوم في مقره، في إطار اجتماعاته المفتوحة التي بدأها الثلثاء الماضي، بعد ان اكتملت هيكليته لاستئناف البحث في عدد من القضايا المطروحة، ولا سيما منها المواقف من قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار، بعدما لم يتمكن من التوصل الى الإجماع في توجيه الدعوة اليه للحضور أمامه وحيداً او مع عدد من القضاة، من بينهم القاضيان نسيب ايليا وناجي عيد اللذان رفضا طلب الردّ الذي تقدّم به وكلاء النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر.
وتأتي هذه الاجتماعات المفتوحة في وقت يقترب الموعد الذي حدّده البيطار للاستماع الى كل من النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وسط اعتقاد بإمكان اصدار مذكرتي توقيف في حقهما، على غرار المذكرة التي كان أصدرها في حق النائب علي حسن خليل.
وقالت مصادر حكومية قريبة من 8 آذار لـ» الجمهورية»: «انّ من يريد تحويل الحل الطبيعي لتجاوزات القاضي البيطار في ملف المرفأ الى معركة طاحنة فليعلم انّها ستطحنه هو اولاً».
حادثة الطيونة ومضاعفاتها
وفيما لم يُعرف بعد مصير استدعاء القضاء العسكري لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الى المحكمة العسكرية لسماع افادته في حادثة الطيونة، في ضوء أقوال بعض الموقوفين من محازبي «القوات»، ردّ أمس رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على مواقف جعجع الاخيرة، فشدّد على أنّ «من كان لديه شرف يجب أن يعتذر إذا أخطأ، والمرتكب يعلم أنّه أخطأ، لأنّه اعترض على مسيرة قصدت تغيير قاضٍ خرج عن سلوكيات الصدقية في التحقيق».
وقال رعد خلال احتفال بالمولد النبوي في بلدة تول الجنوبية: «إعترض (جعجع) على من خرجوا بالمسيرة معتبراً أنّهم باحتجاجهم على استنسابية هذا القاضي قد تطاولوا على القضاء، أما استدعاؤه لدى المحكمة العسكرية فيحق له ان يرفض المثول أمامها»، وسأله :»أي صدقية لديك؟»، واعتبر أنّ «كلامه هراء، وهو تطاول على البلد وليس على سيدنا فقط، ويقومون بكل شيء كي يستروا عنصريتهم». وختم رعد: «يجب أن تُقال الحقيقة بوضوح، إنكم بعد لم تنتفعوا ولا تقبلون بشراكة أحد في هذا البلد، وللأسف أنتم أسباب هذه الأزمة، وأنتم المحرّضون لأعدائنا ضدّنا، هذا ما يجب أن يُقال، وعلينا أن نوضح للناس هذه الحقيقة».
وفي سياق متصل، أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أنّ «القضاء هو علاج الأحداث لا المسببّ لها»، قائلاً: «لا نَقْبل، ونحن المؤمنين بالعدالة، أن يَتحوّلَ مَن دافعَ عن كرامتِه وأمنِ بيئتِه لُقمةً سائغةً ومَكسرَ عصا. هؤلاء، مع غيرِهم، حافظوا على لبنانَ وقدّموا في سبيلِ وِحدتِه وسيادتِه ألوفَ الشهداء. نريد عدلاً في السويّةِ والرعيّة ولا ظلماً في أي مكان».
وقال الراعي في عظته التي ألقاها في افتتاح مسيرة سينودوس الأساقفة على مستوى الكنيسة المارونيّة: «موقفُنا هذا هو دفاعٌ عن الحقيقةِ والمواطنين الآمِنين في جميع المناطق المتضرِّرة. ونتمنى أن يَحترمَ التحقيقُ مع الموقوفين حقوقَ الإنسانِ بعيداً عن الترهيبِ والترغيبِ وما شابَه. لا نريد تبرئةَ مذنِبٍ ولا اتّهامَ بريء. لذلك، لا بدّ من تركِ العدالةِ تأخذُ مجراها في أجواءَ طبيعيّةٍ ومُحايدَة ونزيهة. ونَحرِصُ على أن تَشمُلَ التحقيقات جميعَ الأطرافِ لا طرفاً واحدا كأنّه هو المسؤولُ عن الأحداث. إنّ الجميعَ تحتَ القانون حين يكون القانونُ فوق الجميع». وأضاف: «كان يجدرُ بالمسؤولين السياسيّين في الدولةِ والحكومةِ أن يَستدركوا أحداثَ عين الرمانة الأليمة، عِوضَ تركِها تَصل إلى المستوى المسلّح».
واعتبر الراعي انّ «أحداث الطيّونة عين الرمانة على خطورتها، لا يمكن أن تَحجبَ التحقيقَ في تفجير مرفأِ بيروت»، محذّراً «من محاولةِ إجراءِ مقايضةٍ بين تفجيرِ المرفأِ وأحداثِ الطيّونة عين الرمانة».
ومن جهته، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في عظة الأحد: «كانوا ينادون بالحقيقة والعدالة، لكن ما إن لاحت بوادرها حتى ارتاعوا وشَمّروا عن سواعدهم لِوأدها قبل أن تظهر إلى العلن، وتطيح المسؤولين الفعليين عن خراب البلد وتفجيره وإحراقه وانهياره إقتصادياً وأمنياً وبيئياً وتربوياً وصحياً وأخلاقياً. عندما بدأ النور يبزغ بصمت وخفر، فوجئنا بالظلمة تدهمه بضجة خطابية تارة، وأزيز مرعب طوراً، واختلاق ملفات أحياناً، وترهيب قمعي دائماً، ومحاولة النيل من كل من يتجرّأ على الانتقاد أو الرفض أو المواجهة، بغية التذكير بأنّ الشيطان هو سيّد هذا العالم، لكننا نذكّرهم بأنّ المسيح طرده بصلبه وموته وقيامته». واشار الى انّ «أهل بيروت لن يسكتوا ولن يتراجعوا عن مطالبتهم بالحقيقة، ولن يقبلوا بأن تكون العدالة انتقائية. وعلى الجميع أن يكونوا تحت القانون وفي خدمة العدالة. من دون عدالة لن تكون دولة».
العصف الطائفي
ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في تصريح، أنّ «المطلوب كف يد البيطار وعدم السقوط بالحمايات الطائفية، والعمل على انتشال لبنان من مذبحة الجوع والتدهور المعيشي والزمانة السياسية، لأنّ انسداد الأفق يعني انفجاراً كارثياً، ونحذّر بشدة من العصف الطائفي لأنّ الفتنة تحت الرماد والحرب الأهلية وراء الأبواب، ومهنة الشيطان تبدأ بالطائفية». وحذّر من تحوّل الإنتخابات النيابية «استفتاء على الطاحونة الأميركية- الإسرائيلية، لأنّ وضع لبنان اليوم سباق مع الموت، والكانتون ليس بديلاً من الوطن، والقمح ليس بديلاً من المقاومة، ومن يسرق الأمن في أي مكان بالبلد، عينه على سرقة الوطن وتقسيمه».
أسبوع تشريعي وانتخابي
وفي ظل الأجواء المحيطة بالمواقف المتشنجة من التحقيق العدلي وإجراءات المحقق بيطار والحملات المتبادلة بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، تتجّه الأنظار من اليوم الى التحضيرات الجارية للاسبوع التشريعي في عين التينة وساحة النجمة وقصرالاونيسكو، للبحث في الملاحظات التي حملها ردّ رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب الذي أُقرّ في جلسة الأسبوع الماضي، والتي من الممكن البت بها في الجلسة التشريعية الخميس المقبل، بعد ان تكون اللجان النيابية المشتركة قد بتت بها في جلستها غداً.
ومن المقرّر ان يحدّد اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي اليوم في عين التينة، جدول أعمال جلسة الخميس المقبل، والذي ستضاف ملاحظات عون على قانون الانتخاب.
ورجّحت مصادر نيابية عبر «الجمهورية»، ان يتمسك المجلس النيابي مجدداً بالتعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخاب وأقرّتها الأكثرية النيابية في جلسة الاسبوع الماضي، ولم تساند فيها أي كتلة «التيار الوطني الحر» في موقفه من بعض التعديلات، فظهر وحيداً في الجلسة قبل ان يردّ عون القانون استناداً الى الملاحظات عينها التي عبّر عنها رئيس التيار النائب جبران باسيل في نهاية الجلسة.
عون أو «التيار»
وقالت المصادر، انّ ردّ المجلس النيابي المرجح للملاحظات، سيقود نواب التيار الى المراجعة أمام المجلس الدستوري للأسباب عينها. ما لم يتقدّم عون شخصياً بمثل هذه المراجعة أمام المجلس.
وكانت الهيئة السياسية في «التيّار الوطنيّ الحرّ» قد رحّبت وقدّرت مبادرة رئيس الجمهورية الى ممارسة حقه الدستوري في ردّ التعديلات على قانون الإنتخاب، واتهمت ما سمّته «الأكثرية النيابية» بإسقاط البنود الإصلاحية الأساسية التي كانت في هذا القانون. وانتقدت «إلغاء الكوتا الإغترابية» التي تحدثت عنها المقاعد الستة المخصّصة للمنتشرين بإضافة «الدائرة 16» الى الدوائر الانتخابية العادية التي تحدث عنها القانون، ما أدّى إلى «حرمانهم من مكسب إستراتيجي ومن حق منحهم إيّاه القانون بأن يتمثلوا في البرلمان بنواب يمثلونهم مباشرةً في دول الإنتشار، وينقلون مطالبهم ويشرّعون لحاجاتهم». مع العلم «أنّ القانون في صيغته الأساسية يحفظ لهم حق الإقتراع في الدوائر الانتخابية الـ 15 داخل لبنان إذا أرادوا ذلك»، واضافت انّ «الصيغة التي أقرّتها الأكثرية النيابية لإلغاء هذا الحق وفق عبارة «إستثنائياً لمرة واحدة» هي فضيحة قائمة بذاتها، تناقض ما تمّ الترويج له زوراً في الداخل والخارج عن منح المغتربين حق الإقتراع لـ128 نائباً. فما الذي يوجب الاستثناء في العام 2022 ويحتّم العودة عنه في العام 2026؟».
الانتخابات في موعدها
وفي غضون، ذلك اكّدت مصادر مقرّبة من عين التينة لـ»الجمهورية»، انّها «حريصة كل الحرص على تأمين اجواء إجراء الانتخابات في وقتها وموعدها، وانّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يسمح بالهروب منها تحت اي ذريعة، وانّ ما يحصل ليس الّا افتعال مشكلات وأزمات لتطيير هذه الانتخابات. اما موضوع ربط قانون الانتخابات بمجزرة الطيونة وغيرها من الملفات فليس إلّا افتعال مشكلات يعلم اصحابها انّهم يكذبون».
بعبدا و»امل»
وفي هذه الاجواء، استغربت أوساط قصر بعبدا عبر «الجمهورية»، ما سمّته «التهجّم الذي دأبت عليه حركة «امل» على رئيس الجمهورية بمناسبة ومن دون مناسبة، وخصوصاً عندما يكون هناك نقاش مع «التيار الوطني الحر» في اي موضوع كان».
وإذ رفضت هذه الأوساط الردّ على مضمون البيانات التي صدرت في الساعات القليلة الماضية، وما طاولها من انتقادات، لفتت الى اهمية النظر في الملاحظات الأساسية والمبدئية التي تضمنها ردّ رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب والتعاطي معها بجدّية تامة، ليكون هناك مسار دستوري سليم، بعيداً من التعاطي باستخفاف مع القضايا الوطنية الكبرى والنظر فيها بما تستحقه من عناية واهتمام».
وكانت حركة «أمل» قالت في بيان، «إنّ التيار الوطني الحر يحاول استغلال تفاهم سياسي في مار مخايل لزرع الفتن والمس بالتحالف المتمثل بالثنائية الحقيقية بين حركة «أمل» و»حزب الله»، ليجسّدوا عمقه في مواجهة تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسة سليم جريصاتي».
مساعدة للموظفين
وفي ساحة النجمة، تجتمع اليوم لجنة المال والموازنة النيابية للبحث في ثلاثة اقتراحات قوانين، أبرزها اقتراح القانون الرامي الى إعطاء مساعدة اجتماعية لمدة سنة للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين، وتعديل قيمة تعويض النقل المؤقت، وإقتراح القانون الرامي الى استرداد الأموال النقدية والمحافظ المالية المحولة إلى الخارج بعد تاريخ 17/10/2019. وثالثها اقتراح القانون الرامي الى السماح للمكلّفين بضريبة الدخل على أساس الربح الحقيقي وعلى أساس الربح المقطوع بإجراء إعادة تقييم لمخزونهم.
****************************************
أسبوع إضافي لعطلة مجلس الوزراء .. ولغز البيطار رهن القرار الظني!
«المنازلة النيابية» الخميس وكنعان لمنحة سنة للقطاع العام .. واليونسيف: أطفال لبنان جائعون
يمكن اعتبار الأسبوع الطالع، والأخير من شهر ت1، بأنه أسبوع المنازلة النيابية بين بعبدا وعين التينة، أو بين التيار الوطني الحر وحركة «امل» التي لم تعد محصورة في قانون الانتخاب، بل تعدته إلى سائر شؤون وشجون الشأن العام، من التحقيقات إلى الإشكالات والاتهامات والانتظار بملفات عدّة على الكوع.
بالتزامن تمضي الحكومة في انتظار جهود مجلس القضاء الأعلى، الذي كلما اجتمع واجه حرجاً لجهة ما يتعين عليه فعله امام إصرار المحقق العدلي القاضي طارق بيطار في المضي بعناده و«التمترس» وراء عزمه على مواصلة ما بدأه من تحقيقات، لا سيما في ما خص سياسيين ووزراء سابقين ونواب، في وقت دخلت السياسة على تحقيقات احداث الطيونة.
ويتبادل حزب الله وفريقه، بالتكافل والتضامن مع حركة «امل» تبادل الاتهامات والدعاوى امام القضاء مع حزب «القوات اللبنانية» الذي تعرَّض رئيسه أمس لرد عنيف من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد، إذ اتهمه بالكذب والهراء، وعدم احترام طلب القضاء العسكري الاستماع إلى افادته في ما خصَّ ضحايا اشتباكات الشياح- عين الرمانة.
واستبعد مصدر وزاري عقد مجلس وزراء هذا الأسبوع، حتى لو تمّ التوصّل إلى اتفاق أو تسوية.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن عدم انعقاد مجلس الوزراء لفترة طويلة ستكون له تداعياته على عدة لعدة ولاسيما في الشق الحياتي للمواطنين ورأت أنه بات من الصعوبة بمكان تحديد موعد لعودة الجلسات الحكومية لأن المخارج غير واضحة والمواقف لا تزال على حالها من قضية القاضي البيطار.
ورأت المصادر ان حلول الاجتماعات الوزارية مكان الحكومة لا يمكن أن يشكل حلا في أي مرحلة معربة عن اعتقادها أن الأفكار التي تطرح لمعالجة أساس عودة هذه الجلسات لم تشق طريقها نحو التنفيذ.
واعتبرت أن الاتصالات لن تستكين من أجل وقف التعطيل الحكومي وانه عندما يحين الوقت فإن الحكومة ستنعقد بسحر ساحر خصوصا إذا تكثفت ضغوطات معينة.
وقالت إن انعقاد مجلس الوزراء من دون إيجاد حل سيدفع بالحكومة إلى انتكاسة جديدة ولذلك فإن العمل منصب على تأمين ظروف مؤاتية لانعقادها تجنبها كأس الشلل لكن لا أحد يمكنه معرفة الوقت المناسب لأنضاج هذه الظروف.وحسب مصادر معنية فإن عودة مجلس الوزراء مرتبطة، بحل ما بات يوصف بلغز البيطار، لجهة الخطوة التي سيقدم عليها، لا سيما في خصَّ القرار الظني، فإذا صدر تصبح المسألة، أمام وضع جديد ولا يبقى ما يُبرّر عدم عقد مجلس الوزراء.
ومع استمرار تعطيل جلسات الحكومة سترتفع صرخة الوجع مجدّدا هذا الاسبوع مع استمرار ارتفاع اسعار المحروقات ومعها بحمم الارتباط اسعار المواد الاستهلاكية والخبز وسواها من متطلبات الحد الادنى من معيشة المواطن، بينما الحكومة شبه مشلولة بسبب تعطل اعمال مجلس الوزراء ولو كان الرئيس نجيب ميقاتي استبدل الجلسات بإجتماعات للجان الوزارية المكلفة متابعة الشؤون العامة للتحضير لما يجب تنفيذه في حال إستئناف الجلسات التي يبدو انها ما زالت مستبعدة.
ونقلت بعض المعلومات عن مصادر الرئيس ميقاتي أن «الحكومة مستمرة، واجتماعاتها الوزارية تدرس كل الملفات في انتظار ان تفضي الاتصالات الى معاودة عقد جلسات مجلس الوزراء. مشيرة الى إن ميقاتي مستمر في اتصالاته وكل ما يقال عن استقالة او اعتكاف كلام هراء يراد منه البلبلة والتعمية على جهود الحكومة ورئيسها.
وذكرت مصادر مقربة من ميقاتي فإن المساعي لا تزال تُبذل على أكثر من خطّ وفي كل إتجاه توصلًا إلى قناعة مشتركة بضرورة الفصل بين ما حدث وترك العمل القضائي يأخذ مجراه الطبيعي والقانوني، وبين معاناة المواطنين التي تفرض على الجميع العودة إلى طاولة مجلس الوزراء وإستكمال ما كانت الحكومة قد بدأت بمعالجته من ملفات لا تحتمل التسويف أو التأجيل. وتركّز هذه الإتصالات على ضرورة إيجاد مخرج لائق قد يكون مقبولًا من الجميع.
وأعلن وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب ان الوزراء يعملون، وانه لم يكن سوى النظر، على نحو ما حصل، داعيا المحقق إلى إصدار القرار الظني، و«يخلصنا».
وأضاف انه سيتوجه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى مؤتمر المناخ في بريطانيا في 29 الجاري، مع وزير البيئة ناصر ياسين لمدة ثلاثة أيام.
وأكّد ان هناك ضغطاً قوياً لاجراء الانتخابات وهذا ما ألمسه من السفراء، مقترحاً ان يبقى موعد الانتخابات في 8 أيّار.
بيان «امل» والعلاقة بين الحليفين
وفي تطور بارز، اتهمت مصادر قيادية بالتيار الوطني الحر، حزب الله، بالوقوف مباشرة وراء البيان الذي صدر عن حركة «امل»، والموجه تحديدا ضد رئيس الجمهورية، لرفضه الموافقة على ايجاد المخرج الملائم لعزل القاضي بيطار في مجلس الوزراء، وسد كل الأبواب القانونية الأخرى أيضا،في موقف لافت ضد الحزب، الامر ألذي يؤشر الى تفاعل الخلاف نحو الأسوأ، خلال الايام المقبلة وزيادة التعقيدات والصعوبات التي تعترض معاودة جلسات مجلس الوزراء المعلقة، وتؤثر على مستقبل العلاقات بين الحليفين في المرحلة القصيرة التي تفصل عن موعد الانتخابات النيابية.
تفاعل الخلاف المتصاعد بين حزب الله والتيار الوطني الحر، على خلفية قضية تنحية القاضي طارق البيطار من مهمة التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، واتهام قريبين من الحزب،رئيس الجمهورية ميشال عون، بتعطيل كل المخارج لحل هذه المشكلة عمدا، لاحراج الحزب وابتزازه، انتخابيا بعدما فشلت كل المحاولات، لضمان المرحلة المقبلة للانتخابات الرئاسية لصالح رئيس التيار الوطني الحر، والردود السلبية والمواقف، التي صدرت عن بعض قياديي التيار، الذين يتهمون الحزب علانية، بانه من خلال تشبثه بعزل او تنحية القاضي بيطار، انما يستهدف افشال عهد الرئيس ميشال عون في سنته الاخيرة.
وقد زاد في تفاعل الخلاف، تداعيات حوادث الطيونة وعين الرمانة السياسية والشعبية، بعدما، ذهبت مصادر التيار الى تحميل حزب الله وحليفه الرئيس نبيه بري بالمسؤولية عن حدوثها، والتي صبت بمصلحة الخصم الاساسي للتيار، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دون منازع.
ولم تتوقف تداعيات المشكلة عند هذا الحد، بل زادت تازما، برفض الثنائي الشيعي، كل محاولات رئيس الجمهورية، معاودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء المعلقة، وتفاقمت الامور اكثر، بعدما رد الاخير قانون التعديلات على قانون الانتخابات الذي أقره المجلس النيابي مؤخرا.
ولكن يبدو ان القشة التي قسمت ظهر البعير، كانت بحفلة التراشق بالبيانات، التي استهلها التيار الوطني الحر بحملة ضد بري والرد بالبيان العالي السقف لحركة «امل» التي توجهت فيه مباشرة، الى رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، ومستشاره سليم جريصاتي، والاتهامات الموجهة اليهم بتحريك وتسييس التحقيقات بانفجار المرفأ، لمصالح واهداف سياسية.
نيابياً، تعقد هيئة مكتب مجلس النواب اليوم اجتماعاً لبحث جدول أعمال جلسة مجلس النواب الخميس المقبل، والاتجاه يتراوح بين الأخذ بالتعديلات الرئاسية، واما الإصرار على القانون ليصبح نافذاً بعد اقراره، مما يعرّض القانون النافذ للمراجعة امام المجلس الدستوري من قِبل التيار الوطني.
وعلى صعيد آخر، علمت «اللواء» ان هيئة مكتب المجلس النيابي ستعقد اجتماعاً اليوم برئاسة الرئيس نبيه بري للبحث في الموقف من القضايا المطروحة امام المجلس، ومنها رد رئيس الجمهورية ميشال عون قانون الانتخاب وطلبه اعادة النظر فيه. كما تعقد اللجان المشتركة جلسة غداً الثلاثاء للبحث في رد القانون تليها الخميس جلسة نيابية عامة للبحث في الرد وإتخاذ الموقف المناسب.
واكد نائب رئيس المجلس ايلي فرزلي لـ «اللواء» ان لا خوف على إجراء الانتخابات وهي ستجري في كل الاحوال، اما بالنسبة لموقف الكتل النيابية من رد القانون فهي رهن بالاتصات الجارية منذ يومين. و لاشيء واضحاً حتى الإن بالنسبة لتوجهات الكتل. ومن الآن حتى الثلاثاء تتظهر الامور اكثر.
كما استبعد عضو كتلة لبنان القوي النائب آلان عون ان تؤثر عملية الطعن على تعديلات قانون الانتخاب على التحضيرات الجارية للانتخابات التي ستجري في موعدها.
وعشية الجلسة، تقدّم رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى إعطاء مساعدة اجتماعية لمدة سنة للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين، وتعديل قيمة تعويض النقل اليومي الموقت، وهو موقع من 10 نواب من تكتل لبنان القوي بينهم النائب جبران باسيل.
ونص الاقتراح: إلى حين وضع قانون البطاقة التمويلية موضع التنفيذ الفعلي واستفادة العاملين في القطاع العام والمتقاعدين من احكامه، يعطى العاملون في الإدارات العامة مساعدة اجتماعية بنسبة مئوية من راتبهم الأساسي تحدد كما يلي:
– للقضاة وموظفي الفئة الأولى والضباط العاملين 25٪.
– لموظفي الفئة الثانية والضباط القادة 30٪.
– لموظفي الفئة الثالثة والضباط الأعوان 35٪.
– لموظفي الفئة الرابعة والرتباء 40٪.
– لموظفي الفئة الخامسة والأفراد 45٪.
تدفع شهرياً مع الرواتب لمدة سنة اعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون.
يستفيد المتقاعدون من نسبة 60٪ (ستوة بالمائة) من المساعدة كل بحسب الفئة الوظيفية التي تقاعد فيها.
عبر فتح اعتماد إضافي في موازنة 2021.
السجالات
في غضون ذلك، استمرت السجالات والمواقف السياسي ولو بوتيرة اخف، حول موضوعي طلب تنحية المحقق العدلي طارق البيطار وحادثة الطيونة المؤسفة.
وفي هذا السياق، أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد خلال رعايته حفل إطلاق مركز الفردوس للتنمية والإرشاد الزراعي في بلدة تول الجنوبية أن «من كان لديه شرف يجب أن يعتذر إذا أخطأ».
وقال رعد: «إن المرتكب يعلم أنه أخطأ، لأنه اعترض على مسيرة قصدت تغيير قاضي خرج عن سلوكيات الصدقية في التحقيق».
واضاف: لقد اعترض على من خرجوا، معتبراً أنهم باحتجاجهم على استنسابية هذا القاضي قد تطاولوا على القضاء، أما الإستدعاء لدى المحكمة العسكرية فهو يحق له ان يرفض المثول أمامها. متسائلا «أي صدقية لديك؟». معتبرا أن «كلامه (جعجع) هراء، وهو تطاول على البلد وليس على سيدنا فقط، ويقومون بكل شيء كي يسترون عنصريتهم».
وكرر المفتي الجعفري الممتار الشيخ احمد قبلان «ان المطلوب كف يد البيطار وعدم السقوط بالحمايات الطائفية، والعمل على انتشال لبنان من مذبحة الجوع والتدهور المعيشي والزمانة السياسية»، وقال: أن انسداد الأفق يعني انفجار كارثي، ونحذر بشدة من العصف الطائفي لأن الفتنة تحت الرماد والحرب الأهلية وراء الأبواب، ومهنة الشيطان تبدأ بالطائفية. فحذار أن تتحول الإنتخابات النيابية استفتاء على الطاحونة الأميركية الإسرائيلية.
بالمقابل، قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب القواتي بيار بو عاصي: أنه مع وحدة المعايير من قبل القضاء اللبناني، ومن الخطأ المنهجي الفكري ان تضع العدالة متهمين اثنين في كفتي الميزان، فهذا توازن طائفي او سياسي وليس عدالة» ومشدداً على انه «يجب ان يكون هناك مذنب في كفة والقانون في كفة أخرى كي تستقيم العدالة».
ورأى بو عاصي ان «حزب الله مرعوب من مسألة المرفأ» وقال: هو متورط في انفجار ٤ آب «لفوق دينيه» ودمر بيروت وقتل اكثر من 200 شخص والاف الجرحى وهو مأزوم».
وطمأن انه لن تعود عين الرمانة إلى العام ١٩٧٥، مشيراً إلى أن اهل الشياح وعين الرمانة يعيشون معاً، وفي عين الرمانة هناك أبنية بكاملها سكانها من الطائفة الشيعية الكريمة.
«امل» وجريصاتي
ورد الوزير السابق سليم جريصاتي على بيان حركة «امل» الذي صدر يوم السبت، وقال في بيان: اذا كانت سياسات حركة «أمل» وتموضعاتها الوطنية والإقليمية مبنية على مثل هذه الاتهامات الزائفة والمعزوفات المملة، فهنيئا لها وابواقها الإعلامية المواقف الفاشلة بإنبهار. من الخفة والظلم والعيب والجرم اتهام المحقق العدلي في انفجار المرفأ بأنه يتحرك بإملاء من «غرفة سوداء» بإدارتي واشرافي. كاد المريب أن يقول خذوني يا اخوة. اتقوا الله وعودوا إلى ثوابت إمامنا المغيّب، فهو الركن إن خانتكم أركان.
وردّ عضو المكتب السياسي لحركة أمل طلال حاطوم على جريصاتي وقال: مجدداً إذا لم تستحِ فإفعل ما شئت، حبذا لو يبهر جريصاتي اللبنانيين ويصارحهم كيف وبسحر ساحر وبين ليلة وضحاها وبين قاضٍ وقاضٍ، تحوّل هو من متهم أو مُقصّر أو مُدعى عليه في هذه القضية، الى حارس للحق والحقيقة والعدالة.
وكانت الحركة قد اصدرت امس الاول بيانا شديدة اللهجة ردا على بيان الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر، قالت فيه: يحاول التيار استغلال تفاهم سياسي في مار مخايل لزرع الفتن والمس بالتحالف المتمثل بالثنائية الحقيقية بين حركة أمل وحزب الله، والذي تعمد بدماء الشهداء الذين سقطوا في الطيونة جنبا الى جنب ليجسدوا عمقه في مواجهة تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسة سليم جريصاتي، والتي تحرك وتدير عمل القاضي طارق بيطار، وفي مواجهة منطق التعصب والإنعزال الطائفي الذي يعيشه التيار وجمهوره.
وكان بيان الهيئة التأسيسية للتيار قد كرر اتهامه للأكثرية النيابية بتطيير الاصلاحات في قانون الانتخابات واعاد التذكير بالبنود التي تم تعديلها او تعليقها والتي استند اليها الرئيس عون في رد القانون، وقال: إن تقديم موعد الإنتخاب الى 27 آذار يحمل تعدياً على صلاحيات السلطة التنفيذية التي أنيط بها تحديد موعد الإنتخاب بمرسوم عادي يصدر عن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية.
أضاف: يجدد التيّار الوطنيّ الحرّ إدانته مشهدية الفتنة الميليشوية التي ظهرت في الطيونة بوجهيها الإستفزازي والإجرامي، والتي شهد اللبنانيون على تواطؤ وتناغم كتلتيها في مجلس النواب. ويؤكد التيّار في المقابل تمسكه بمشهدية تفاهم مار مخايل النقيض لثنائية تواطؤ الطيونة. هذا التفاهم الضامن لمنع العودة الى خطوط التماس ومتاريس النار والدم.
وكأن قدر احداث الشياح- الطيونة الخميس في 14 الجاري، ان تستمر فصولاً، فلجأت بعض الجهات، إلى الردّ على شكوى ضحايا المواجهة في المنطقة إلى الادعاء على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بالكشف عن ان عددا من أهالي عين الرمانة الذين تضرروا سيتقدمون اليوم بشكوى جزائية ضد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، بوكالة ايلي محفوض وآخرين.
وكشفت منظمة «اليونيسيف» ان الأزمات غير المسبوقة في لبنان، أدّت إلى فقد العائلات التي كانت سابقا بوضع هش للغاية.
وحسب المنظمة فإن 3 من كل 10 أطفال يخلدون إلى النوم جائعين أو يتخطون وجبات الطعام.. موضحة ان المياه النظيفة لم تعد في متناول الجميع، ويتأثر نحو 2،8 مليون شخص بالنقص الكبير في المياه.
637819 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 507 إصابات جديدة بفايروس بكورونا و4 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 637819 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020..
****************************************
ضعف مؤسسات الدولة اللبنانية… كيف ضربت السياسة الإقتصاد؟
الإقتصاد في قبضة الحكومة … والمصالح الخاصة تمنع أيّ إصلاحات
من قبرشمون الى الطيونة… طريق التعطيل واحد والتداعيات كارثية – جاسم عجاقة
في العالم المعاصر يُعدّ الإستقرار السياسي شرطًا ضروريًا لتنمية الدولة والمجتمع، وهو ما يجعل منه واحد من أكثر الملفات حضورًا في الحياة السياسية في كل بلدان العالم، حيث تعمل القوى السياسية فيها على حل مشكلة الاستقرار الاجتماعي والسياسي من خلال المؤسسات الدستورية. وتنصّ النظرية الإقتصادية على أنه للحصول على مستوى مقبول من التنمية، يحتاج المرء إلى الاستقرار في جميع مجالات الحياة الاجتماعية بحكم أن التغييرات الإيجابية غير ممكنة في حالة زعزعة الاستقرار والتدهور.
ينص مفهوم الإستقرار على أنه مفهوم يعني الحزم والثبات، وقدرة النظام على العمل، كما وعدم تأثر هيكلة هذا النظام بالمتغيّرات الأخرى مع الحفاظ على توازنه. وتتعاطى العلوم السياسية مع الإستقرار على أن أنه غياب التهديد الحقيقي بالعنف غير المشروع أو وجود إمكانيات الدولة للقضاء عليه. ويقاس هذا الثبات – بحسب البعض – بعدة مؤشرات منها عمر الحكومات وهو ما يفرض وجود قدرات فنية تسمح لها بالتكيف الناجح مع الحقائق المتغيرة بحكم أن التغيرات الهيكلية في الأنظمة السياسية هي مصدر لعدم الثبات السياسي. ويُقاس الثبات أيضًا من خلال وجود نظام دستوري والذي يُعتبر عاملًا حاسمًا للاستقرار (في الدول الديمقراطية) من ناحية أنه يؤمن مشروعية للسلطة القائمة وبالتالي الإستقرار السياسي.
ويرى علم الإجتماع الإستقرار على أنه سلوك أو سمة اجتماعية يمكن استيعابها في الوضع الاجتماعي حيث يقيد أعضاء المجتمع أنفسهم بالمعايير الاجتماعية (أو ما يعرف بالقوانين) إذ أن أي انحراف عن هذه المعايير، يؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
ما هو أساسي في الاستقرار السياسي هو ضمان الإنتظام العام والذي يتجلى في الشرعية والدقة وكفاءة نشاط المؤسسات في ظل ثبات معايير وقيم الثقافة السياسية وأنواع السلوك المعتادة واستقرار العلاقات السياسية. فالسلطة تُمارس من خلال المؤسسات الدستورية بما في ذلك تشكيل الحكومات ومراقبتها واستبدالها إذا لزم الأمر، وقدرة الحكومة على صياغة وتنفيذ سياسات سليمة بشكل فعال، واحترام المواطنين والدولة للمؤسسات التي تحكم التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية فيما بينهم. وأثبتت التحاليل الميدانية أن النجاحات طالت المجتمعات التي يعلو فيها تطبيق القوانين (أي المعايير)، والعكس صحيح أي أن عدم إحترام القوانين يؤدّي إلى كلفة إقتصادية وإجتماعية باهظة على المجتمع. وبالتالي تأتي الحكومات لكي تقوم بعملية تنسيق والقيام بتعديل المعايير بحسب الحاجة بشكل مدروس، بالإضافة إلى برنامج واقعي قادر على الجمع بين الغايات والوسائل وهو ما يؤدّي حكمًا إلى التنمية.
عمليًا تتأثر درجة إحترام القوانين بديناميكية المصالح الاجتماعية لمكونات المجتمع والقدرة على ضمان تعاونهم في ظل خصوصيات في بعض الحالات (حالة لبنان)، بالإضافة إلى قواعد السلوك المشتركة التي قبلتها القوى السياسية في العملية السياسية كقاعدة. وهو ما يعني أن تشكيل النظام السياسي على أساس وجود المصالح المشتركة بين القوى السياسية المختلفة وبشرط ضرورة التعاون لغرض حمايتها.
وفي حال كانت هذه المصالح متناقضة ومتعارضة أو وصلت إلى نقطة لم يعد من الممكن الوصول إلى نقاط مُشتركة، يُصبح النظام في حال عدم ثبات أو إستقرار وبالتالي هناك إحتمالين:
الأول – الدكتاتورية: إستخدام العنف كقوة وحيدة للتكامل السياسي بهدف الحصول على النظام وهذا يعني فرض رأي مجموعة على المجتمع؛
الثاني – الديمقراطية: تعديل العقد التعاقدي بين مكونات المجتمع والإعتراف بوجود مصالح اجتماعية مختلفة وضرورة تنسيقها وفقًا لمشاكل التنمية الهامة.
ويُخبرنا التاريخ أن الحلول من النوع الأول هي حلول قصيرة العمر ولها طابع وهمي من خلال بث أيدولوجيات وأحلام لا تتوافق وتطلعات المجموعات التي تُكون المجتمع. في حين أن الحل الثاني هو من الحلول ذات الأمد البعيد وصلبة أكثر من ناحية إشراك الجميع في تحديد المعايير التي تُدير المجتمع.
لا يوجد تعريف واحد لمفهوم الحوكمة أو الجودة المؤسسية حيث أن البعض يراها في «القواعد وآليات التنفيذ والهيكليات» (تقرير البنك الدولي 2002) في حين يركز البعض الآخر بشكل أضيق على قضايا إدارة القطاع العام أي «الطريقة التي تمارس بها السلطة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية لبلد ما من أجل التنمية» (تقرير البنك الدولي 1992).
مؤشرات الحوكمة العالمية (Worldwide Governance Indicators) هي عبارة عن مشروع بحثي يهدف إلى تحسين الحوكمة في العالم من خلال إيجاد مؤشرات فعّالة وضمان قياسها بشكل منتظم وهو ما يسمح للمعنيين بتحسين أدائهم. ويقترح هذا المشروع عددا من المؤشرات لقياس هذه الحوكمة مقسومة إلى ستة مؤشرات مُركّبة تطال كل أبعاد الحوكمة:
الصوت والمساءلة: ويهدف هذا المؤشر إلى قياس مدى قدرة المواطن على المشاركة في إختيار حكومته، وكذلك حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، ووسائل الإعلام الحرة.
الإستقرار السياسي وغياب العنف / الإرهاب: يهدف هذا المؤشر إلى التقاط إشارات عن إحتمال زعزعة إستقرار الحكومة أو الإطاحة بها بوسائل غير دستورية أو عنيفة، بما في ذلك العنف والإرهاب بدوافع سياسية.
فعالية الحكومة: يهدف هذا المؤشر إلى قياس جودة الخدمة العامة ودرجة استقلاليتها عن الضغوط السياسية، وجودة صياغة السياسات وتنفيذها، ومصداقية التزام الحكومة بهذه السياسات.
الجودة التنظيمية: يهدف هذا المؤشر إلى قياس قدرة الحكومة على صياغة وتنفيذ سياسات وأنظمة سليمة تسمح بتنمية القطاع الخاص وتعزيزه.
سيادة القانون: يهدف هذا المؤشر إلى قياس مدى ثقة اللاعبين (شركات وأسر) في قواعد المجتمع والالتزام بها، ولا سيما جودة إنفاذ العقود وحقوق الملكية والشرطة والمحاكم، فضلاً عن احتمال ارتكاب الجريمة والعنف.
السيطرة على الفساد: وهو مؤشر يهدف إلى قياس مدى ممارسة السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة بما في ذلك الأشكال الصغيرة والكبيرة للفساد، وكذلك «الإستيلاء» على الدولة من قبل النخب والمصالح الخاصة.
هذه المؤشرات تُعطي صورة واضحة عن حال البلدان وبالتالي يُمكن تصنيفها بحسب ثباتها السياسي وهو ما له تأثير على الإستثمارات في الإقتصاد الذي يُصنّف على أنه عنصر أساسي من عناصر التنمية.
في لبنان هذه المؤشرات كلها في المنطقة الحمراء، وتدل البيانات التاريخية على أن لبنان بلد غير ثابت على كل المستويات حيث أنه يتواجد في المراتب الأخيرة بين أكثر من 180 دولة. والأصعب في هذه الأرقام هو التردي الحاصل في أربع مؤشرات أساسية هي الثبات السياسي، فعالية الحكومة، سيادة القانون، ومحاربة الفساد (أنظر إلى الرسم – المصدر البنك الدولي).
وبالتالي يُمكن القول أن التداعيات على الإقتصاد وعلى التنمية هي تداعيات سلبية حتمية. وهو ما نراه في المؤشرات المالية والنقدية والإقتصادية والمعيشية مع تضخّم فاق الـ 60% في شهر أيلول الماضي! وهذا إن دل على شيء يدل على أن لبنان ذاهب في إتجاه معاكس للتنمية مع ديناميكية فقر خطيرة ناتجة عن عدم الثبات الحكومي والذي كانت أخر مظاهره في أحداث الطيونة الأخيرة والتي بحسب التحاليل تُشير إلى إعتماد البعض على العنف لحل التناقض في المصالح.
في 30 حزيران 2019 حدث إطلاق نار خلال مرور موكب لأحد الوزراء في منطقة قبرشمون وهو ما أدّى إلى توتر أمني كانت من أهم تداعياته تعطيل حكومة الرئيس الحريري لأكثر من 40 يومًا في وقت أعطى الدستور حصرية القرار الإقتصادي للحكومات! خلال هذه الفترة بدأت التقارير المالية الدولية الصادرة عن وكالات التصنيف الإئتماني والمؤسسات المالية الدولية بالتدفق مُنذرة بإنهيار مالي كبير إذا لم يتمّ إتخاذ إجراءات سريعة. إلا أن الأحداث التي تتابعت أظهرت عجز الحكومة عن القيام بالإجراءات التصحيحية اللازمة وهو ما أوصل إلى كارثة لاحقًا مع سلسلة أخطاء تمّ إرتكابها.
وكأن اللبنانيين لم يتعلموا من أخطائهم، عادت لغة العنف إلى الشارع مع أحداث الطيونة والتي ذهب ضحيتها 7 قتلى أدخلت لبنان في شلل كامل شمل أيضًا الحكومة اللبنانية التي أصبحت عاجزة عن الإجتماع في وقت يجتاح فيه التضخمّ الإقتصاد اللبناني مع أرقام أكثر من صادمة إذ تُشير المعلومات إلى أن مؤشر الأسعار على الإستهلاك سجّل 61% في شهر أيلول الماضي وهو ما يُشير إلى أننا دخلنا مرحلة التضخمّ المفرط والذي من المُستبعد جدًا على الحكومة اللبنانية السيطرة عليه حتى لو قامت بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي. السبب يعود إلى الطبيعة التغلغلية للتضخم والتي أصبح المواطن يلمسها في إرتفاع أسعار كل السلع والبضائع حتى في ظل دولار سوق سوداء ثابت، وهو ما يدل على أن الدولة فقدت السيطرة على اللعبة الإقتصادية التي لم تعد تحت سيطرة القوانين مع إحتكار وتهريب بمستويات تتخطّى قدرة الإقتصاد على الصمود.
بالطبع هذا الأمر سيكون له تداعياته على العملة الوطنية التي أصبحت تتواجد بشكل نقدي (كاش) كبير في الماكينة الإقتصادية وبالتالي يُطرح السؤال عن الآلية التي ستعتمدها الحكومة والمصرف المركزي لسحب هذه الكميات من العملة في ظل فقدان كامل لسيادة القانون المالية!
المرحلة المقبلة هي مرحلة خطرة إذ سيكون الهروب إلى الأمام سيد الموقف مع إحتمال إعتماد الحكومة سياسة حذف الأصفار من العملة الوطنية وهو ما يُشكّل خطرا كبيرا في حال لم يتمّ الإلتزام بالإصلاحات المطلوبة. الجدير ذكره أن عدم تنفيذ الإصلاحات والتفلت من تطبيق القوانين تُعطي مفعولا سلبيا لعملية حذف الأصفار وهو ما نراه في العديد من البلدان على مثال البرازيل التي حذفت حتى الساعة أكثر من 18 صفر من عملتها من دون أي نتيجة إيجابية ملموسة على الأمد البعيد!
في الختام لا يسعنا القول إلا أن الثبات السياسي هو مفتاح للتنمية والرخاء الإقتصادي، وبالتالي وفي ظل الأوضاع السياسية الحالية لا يُمكن ضمان الخروج من الأزمة التي تعصف بلبنان والتي صنفها البنك الدولي على أنها من أقسى ثلاث أزمات إقتصادية عالمية على مر أكثر من 150 عامًا!
****************************************
الراعي: نرفض مقايضة تفجير المرفأ بأحداث الطيونة
حذر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظة ألقاها أمس في افتتاح مسيرة السنودوس للأساقفة في الكنيسة المارونية من من محاولةِ إجراءِ مقايضةٍ بين تفجيرِ المرفأِ وأحداثِ الطيّونة- عين الرمانة. فمواصلةَ التحقيق في تفجيرِ المرفأ يبقى عنوانَ العدالةِ التي بدونها لا طمأنينة».
وقال: «من المؤسف أنَّ مواقفَ بعضِ القوى تُهدِّدُ مصلحةَ لبنان ووِحدتَه، وتعطّل مسيرة الدولة ومؤسّساتها ودستورَها واستحقاقاتِها الديموقراطيّةَ وقضاءَها، ويحوِّرون دورَ لبنان وهُوِيّتَه ورسالتَه، ويَمنعونَ شعبَه من الحياةِ الطبيعيّة»، مضيفاً أنّ «جميع المغامراتِ سَقطت في لبنان، ولو ظنَّ أصحابُها، في بعضِ مراحلِها، أنّها قابلةُ النجاح. ليس لبنان مغامرةً، بل هو رهانٌ على السير معًا بإخلاص. وإذْ توافقْنا على السيرِ معًا في ظلٍّ نظامٍ ديموقراطيِّ، يَجدر بنا أن نمارسَ الديموقراطيّةَ باحترامِ استحقاقاتِها الانتخابيّة. لذا، إنَّ اللبنانيّين، التائقين إلى التغيير، يَتمسّكون بإجراِء الانتخاباتِ في مواعيدها ويَرفضون تأجيلَها تحت أيِّ ذريعةٍ كانت».
وتابع الراعي: «السير معًا يقتضي عدالةً تحمي الحقوق والواجبات بالمساواة بين المواطنين. والعدالة هي ضمانة النظام الديموقراطيّ. إنّ الدولة بشرعيّتها ومؤسّساتها وقضائها مدعوّةٌ إلى حمايةِ شعبِها ومنعِ التعدّي عليه، إلى التصرّفِ بحكمةٍ وعدالةٍ وحياديّة، فلا تورِّطُ القضاءَ وتُعرِّضَ السلمَ الأهليَّ للخطر إذ أنَّ الظلمَ يولِّدُ القهرَ، والقهرُ يولِّدُ الانفجار. إنّ القضاءِ هو علاجُ الأحداثِ لا المسببّ لها. لا نَقْبلُ، ونحن المؤمنين بالعدالةِ، أن يَتحوّلَ من دافعَ عن كرامتِه وأمنِ بيئتِه لُقمةً سائغةً ومَكسرَ عصا. هؤلاء، مع غيرِهم، حافظوا على لبنانَ وقدّموا في سبيلِ وِحدتِه وسيادتِه ألوفَ الشهداء. نريد عدلًا في السويّةِ والرعيّة ولا ظلمًا في أي مكان. ابتَعِدوا عن نيرانِ الفتنة. نحن لا نريد دولة سائبة. وحده «السير معًا» بروح المجمعيّة المسؤولة، والإصغاء المتبادل والتمييز المشترك يحفظ شرعيّة الدولة وسيادتها الداخليّة والخارجيّة».
وقال الراعي: «موقفُنا هذا هو دفاعٌ عن الحقيقةِ والمواطنين الآمِنين في جميع المناطق المتضرِّرة. ونتمنى أن يَحترمَ التحقيقُ مع الموقوفين حقوقَ الإنسانِ بعيدًا عن الترهيبِ والترغيبِ وما شابه. لا نريد تبرئةَ مذنِبٍ ولا اتّهامَ بريء. لذلك، لا بد من تركِ العدالةِ تأخذُ مجراها في أجواءَ طبيعيّةٍ ومحايدَةٍ ونزيهةٍ. ونَحرِصُ على أن تَشمُلَ التحقيقاتُ جميعَ الأطرافِ لا طرفًا واحدًا كأنّه هو المسؤولُ عن الأحداث. إنّ الجميعَ تحتَ القانون حين يكون القانونُ فوق الجميع»، مضيفاً أنّ «أحداث الطيّونةـــ عين الرمانة على خطورتها لا يمكن أن تَحجبَ التحقيقَ في تفجير مرفأِ بيروت. فلا يمكن أن ننسى أكبرَ تفجيرٍ غير نوويٍّ في التاريخ، ودمارَ بيروت، والضحايا التي تفوق المئتين، والمصابين الستةَ ألاف، ومئات العائلات المشرّدة. إنّنا نحذّر من محاولةِ إجراءِ مقايضةٍ بين تفجيرِ المرفأِ وأحداثِ الطيّونة- عين الرمانة. فمواصلةَ التحقيق في تفجيرِ المرفأ يبقى عنوانَ العدالةِ التي بدونها لا طمأنينة».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :