بعد أن عاد الأطفال إلى مدارسهم بعد غياب عامين دراسيين، توقع الأطباء أن تزيد معدلات إصابتهم بالفيروسات التي يتعرضون لها. فظروف الحجر والإجراءات الوقائية المتشددة بسبب انتشار الوباء وإقفال المدراس والحضانات، شكل حماية لهم من فيروس كورونا، وفي الوقت نفسه من باقي الفيروسات التي يمكن أن يتعرضوا لها. فقد لوحظ أن موسم الإنفلونزا الماضي الذي توقع الخبراء أن يكون صعباً في ظل انتشار الوباء لم يكن كذلك، بل بالعكس كانت حالات الإصابة بفيروس الإنفلونزا نادرة. أما في العام الحالي، فمن المتوقع أن يختلف الوضع بسبب إعادة فتح المدارس والحضانات وعودة الحياة الطبيعية ولو استمرت الإجراءات الوقائية بسبب انتشار الوباء. فيبدو واضحاً أن الأطفال الذين عادوا إلى مدارسهم بدأوا يتعرضون إلى الفيروسات التي تتشابه إلى حد كبير في أعراضها مع تلك المرافقة لفيروس كورونا. فما هي أكثر هذه الفيروسات خطورة؟ هذا ما يجيب عنه طبيب الأطفال الدكتور فيليب شديد هنا.
ما هي الفيروسات التي يتعرض لها الأطفال حالياً بشكل خاص بعد عودتهم إلى المدراس؟
من الواضح ان الأطفال بدأوا من اليوم وبعد مرور أسابيع قليلة على عودتهم إلى المدارس، يتعرضون للإصابة بفيروسات قد لا تكون جديدة فعلياً، بل لطالما كانت موجودة في مثل هذا الموسم، إلا أنهم كانوا محميين منها في العام الماضي بسبب ظروف الحجر وإقفال المدارس. بحسب شديد ثمة تشابه فعلاً بين مختلف الفيروسات التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال اليوم في المدارس. كما أن انتشار متحور دلتا في دول مختلفة يظهر أنه يصيب الأطفال بمعدل أكبر وأعراضه نفسها أيضاً، لكنه لا يعتبر خطيراً عليهم أيضاً.
وفيما تتعدد الفيروسات التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال حالياً، يعتبر أكثرها شيوعاً اليوم التهاب الأنف والبلعوم الفيروسي Rhynopharyngite فهو منتشر بنسبة عالية ومن المتوقع أن يزيد انتشاره أكثر بعد في الفترة المقبلة. لكن على الرغم من أنه من الالتهابات المزعجة بسبب أعراضها وكونه يدوم طويلاً خلال أسبوع إلى 3 أسابيع فلا يتعافى الطفل سريعاً، إلا أنه لا يعتبر خطيراً ولا يستدعي دخول المستشفى وبالتالي لا يدعو للقلق بما انه لا يتطور إلى مواضع أخرى في الجسم. إنما أصعب ما فيه للطفل والأهل أن السعال والرشح يمكن أن يدوماذ لأسابيع.
يعتبر هذا من الالتهابات الفيروسية التي يمكن أن يلتقطها الطفل في المدرسة من خلال النفس. أما الأعراض الناتجة منه فهي الألم في البلعوم والسعال وبصق البلغم أحياناً وسيلان الأنف. كما انه يسبب ارتفاعاً في الحرارة لا يكون كبيراً بشكل عام ويمكن أن تراوح الحرارة بين 38.5 و39 ونادراً ما تزيد عن هذا الحد.
أما بالنسبة إلى الإنفلونزا فيتوقع شديد أن نشهد على معدلات أعلى منها حالياً مع عودة الطلاب إلى المدارس وتتميز الإصابة برشح وارتفاع في الحرارة لكن يمكن أن تتطور الحالة أحياناً فتستدعي دخول المستشفى ويكون الطفل عرضة للمضاعفات. كما أن مستويات الحرارة تكون مرتفعة أكثر في هذه الحالة. وبالتالي يشدد شديد على أهمية إعطاء لقاح الإنفلونزا للأطفال للحد من خطورة الحالة، خصوصاً أن إصابتهم بالإنفلونزا مع الإصابة بفيروس كورونا، يمكن أن تشكلا خطراً عليهم. وفي الوقت نفسه يدعو شديد الأهل إلى الامتناع عن إرسال أطفالهم إلى المدارس عند ملاحظة أية أعراض كارتفاع الحرارة أو الرشح بما أن معدلات العدوى مرتفعة هنا.
هل هناك ما قد يميز بين هذه الفيروسات والإصابة بكورونا؟
كما يبدو واضحاً أن هذه الفيروسات تتشابه إلى حد كبير من حيث الأعراض، إذ يصعب تمييز فيروس كورونا عن باقي الفيروسات المنتشرة حالياً. من الممكن التمييز بينها على أساس الحدة، حيث أن أعراض فيروس كورونا تكون أكثر حدة حتى عند الأطفال مقارنة بالإنفلونزا وأيضاً بالتهاب البلعوم والأنف الفيروسي الذي لا يستدعي حتى مكوث الطفل في السرير. لكن صحيح أن حدة المرض يمكن أن تكون معياراً، لكن لا يمكن الاستناد إليه دائماً. ففي كل الحالات قد يكون فحص pcr هو الحل الوحيد بما أن الأعراض كلّها تتشابه. أما على سبيل الوقاية، فيجب أن يلتزم الأطفال باستخدام الكمامة تجنباً لالتقاط عدوى أي من الفيروسات التي تنتقل كلّها بالنفس ومنعاً أيضاً من نقل العدوى إلى الآخرين. فبهذه الطريقة ومع الحرص على تعقيم اليدين وغسلهما بشكل متكرر والالتزام بالتباعد الاجتماعي يمكن أن يخف الخطر في المدارس إلى حد ما.
نسخ الرابط :