ما كانت الحسناء ترفع سترها لو كان في هذا الجموع رجالا

ما كانت الحسناء ترفع سترها    لو كان في هذا الجموع رجالا

 

Telegram

 


إختراق الخيانة لبنية مجتمعنا من الجهات الأربع، تضعنا أمام معضلة ثقافية وفكرية قبل أن تكون معضلة أمنية وعسكرية ، لأنه لم تعد تتمثل الخيانة بفرد أو مجموعة أمنية صغيرة سرّية ، بل أصبحت الخيانة موقفا سياسيا نسمعه على المنابر ونراه على الشاشات وفي الساحات وفي كل الأمكنة حتى تلك التي تتنشق نسيم الوطنية والقومية .
لم تعد الخيانة حديث الأجهزة الأمنية ومجال عملها ، بل أصبحت  حديث المهرجانت والاجتماعات الموسّعة ومواجهة  مسؤولية المثقفين الوطنيين والقوميين وأبناء العقيد ةالتي تتناول حياة الأمة بأسرها والذين وجب عليهم أن يفردوا هذه الأيام جزء من تفكيرهم للإجابة على سؤال :
لماذا خرجت الخيانة من السرّية الى العلنية ؟ لماذا خرجت من المستور الى المكشوف ؟
هل لأنها معصية أراد أصحابها بأن لا يستتروا ، والمعصية لا توجب المحاسبة والعقاب ، أما لأنها حاصل أزمة في الفكر والثقافة أضاعت الهوية وأربكت الانتماء الى الوطن والأمة وأفسحت مجالا لاختراقات للقيم القومية ومنظومة القيم الأخلاقية الوطنية .
خرجنا من دفء الحصانة الوطنية والقومية الى صقيع الصباحات التالف لبذور المواسم ومواعيد الخير ، يوم قبلنا أن نكون غرباء في بلادنا ، لا نملك القرار ولا نعرف تحديد الاتجاهات .
احتضرنا يوم استسلمنا للأمر المفعول الآتي من التاريخ المنخور والوافد ألينا من خلف حصوننا الوطنية والقومية ، والمتسلل إلينا  كالنعس الذي لا ترده كل المنبهات الكيميائية .
يقول الشاعر بدر شاكر السياب :
إني لأعجب كيف يمكن أم يخون الخائنون 
أيخون إنسان بلاده ؟
إن خان معنى أن يكون ،
فكيف يمكن أن يكون 
الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام 
حتى الظلام هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق 
لأننا لم نعد ندرّس أولادنا في المدارس شعر بدر شاكر السياب وشعر غسان مطر وخليل حاوي وغيرهم من شعراء النهضة الوطنية والقومية ،هانت على الكثير من المواطنين الخيانة ، فخانوا وكأنهم يخوضون تجربة تُشبع نزاعاتهم الفردية ورغباتهم النفسية ، خانوا على العلن لذلك كان له في أربيل مؤتمر وفي لبنان شاشات ومهرجانات وإحتفالات تكريم لموتاهم ، وفي الأردن اتجاهات في السياسة والأدب وأهم مراكز السلطة . 
يخونون في المساء على المنابر ويعتذرون في الصباح من الناس وكأن المسألة متعلقة بأشخاصهم وليس بالنشاط الذي حضره مئات الأشخاص ، ومن الطبيعي أن يكون هناك جهة مسؤولة سمحت ، وأنّ الحديث عن امتعاض الحضور غير كاف للتبرير ، لأنه لو كان بين الحضور شرفاء كان الاحتفال انتهى قبل أن يبدأ أو كما قال الشاعر خليل مطران :
ما كانت الحسناء ترفع سترها        لو أن في هذا الجموع رجالا .
ليست القصة محصورة باحتفال وخطباء ولا باعتذارات أوالتنصل من فعل الخيانة ، وأبشع ما قرأت أن الخطباء قرؤوا ما انكتب لهم ، ولم يكن أحد منهم يدري مضمون كلمته . أنه عذر أقبح من ذنب ، لأنه يُضيف الى فعل الخيانة ، فعل الغباء ، نحن نعرف أن الخائن جاهل ، وقد يجاهر بخيانته فتلك وقاحة وقحة ، أما أن يزعم أنه لم يقرأ خطاب الخيانة فتلك حيونة ما بعدها حيونة .
نعم لو كان بين الجموع الحاضرة مهرجان الخيانة رجالا ما كانت الحسناء رفعت سترها عندما وصلها الخبر .
يجب أن ندرك أنه أصبح للخيانة تبريراتها منذ زار السادات تل أبيب ومنذ وقعّت مصر اتفاقيات كامب دايفد ومنذ وافق ياسر عرفات على اتفاقيات أوسلو ومدريد .
وأنها بدأت تأخذ أشكالا جديدة ، وآخرها مهرجان أربيل .
هم بدأوا بكامب دايفد ورسموا خطوات عملهم ، أما نحن فقد استسلمنا للأمر الواقع ولم نحاول أن نضع خطتنا المواجهة لخطتهم .
خانوا في لبنان لأنهم قرروا الانعزال عن المحيط القومي 
خانوا في الأردن لأن غايتهم السلطة ولو كانت على حساب القدس وفلسطين وكل البلاد .
خانوا في كردستان لأنه لم يصلهم الوجدان القومي ولم تصلهم عقيدة التفاعل بين أبناء المجتمع الواحد .
خانوا وخانوا وخانوا ، هم يخونون ونحن نتفرج .
علينا أن نعترف أن المشكلة في الفكر والثقافة وعقيدة الانتماء ، ولا يكون الحل إلا ببعث نهضة سورية قومية تضمن تحقيق مبادىء التفاعل  الموحدّة لأبناء المجتمع الواحد.
سامي سماحة 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram