رسالة خامسة إلى الأحزاب السياسية: كفى تنظيرا وباشروا الحلول

رسالة خامسة إلى الأحزاب السياسية: كفى تنظيرا وباشروا الحلول

 

Telegram

 

بقلم الدكتور زهير بشنق - الجامعة اللبنانية 
أطلّت علينا حكومة جديدة في وقت كان باب الحلول مقفلا في ظل انعدام الحوار بين النخب وتنصل الجميع من المسؤولية وانتظار عصا الخارج. وكان هناك عودة لحديث عن حلول مجتزأة للسلطة في لبنان ويبشر البعض  بعودة ثورة ١٧ تشرين التي ستجرف الجميع وكأنها كانت تغييرية في الأساس ولكنها في الحقيقة هبّة وفورة  وليست ثورة. 
فهناك استقطاب حاد لكافة مكونات ١٧ تشرين وهو انعكاس لمكونات لبنان وتدخلات الخارج والتمويل المتعدد 
الخيارات وجمعيات تقول انها نخبوية أو غير هادفة للربح وتبيّن الغش وعدمية بعضها وارتهانهم للدولار "الفريش"
 
إن موضوع حوار النخب المتعددة  السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي نتوجه إليها ونصوّب عليها هو ضروري جدًا ويمكن تحقيقه بإرادة وقرار داخلي واجتماعات مفتوحة لكل نوع منها على حدة. 
وينبغي على الحوار أن ينتج حلولا مستدامة بعد نقاش كل المعنيين في النخبة الواحدة واتفاقهم على الحل وهذا أكبر من مصلحة مادية آنية شخصية فهو معالجة في العمق لكل المشاكل والفشل الذي خلّفته وانتجته دولتنا العميقة القائمة على كارتل السياسة والأحزاب ضمنا 
وكارتل الدين والاوقاف ضمنا 
وكارتل المال والمصارف ضمنا 
وكارتل الاقتصاد والتجار ضمنا
وكارتل ملاك العقارات والإقطاع ضمنا
لان هؤلاء يحددون مصير ومآل الشعب وقد أوصلوه للجحيم
وهذا الحوار البناء الداخلي الهادئ والغير مكلف قد ينتج أوراق عمل وخارطة طريق وتخطيطًا متوسطًا أو طويل الأمد

إن التغيير في الأنظمة عبر التاريخ يكون اما من الاعلى وتفاهم النخب كحالة اسبانيا مثلا والتي كانت تحوي تعددا في داخل الدولة وتشبه وضعنا أو من القاعدة كالثورات الكوبية والبوليفية والروسية وغيرها الكثير ولكنها تفترض افكارا وقيما موحّدة او أيديولوجيا واحدة وهو ما لا يتوفر في لبنان

ولذا اقترح الآتي:

اولا: إن التغيير في الأنظمة من القاعدة مكلف جدًا مثل هدم البناء وتغيير أساسه للبدء من جديد وهو مكلف عمليًا لناحية الوقت وماديا وفي الارواح كثيرا لأنه يستتبع حمامات دم لتغيير التوجهات والايديولوجيات. 

اما التغيير او الانتقال الديمقراطي بتفاهم نخبوي فاشبههه بابقاء البناء كما هو وتغيير واجهته أو مجال الاستعمال وتكلفته على الشعب غير مرهقة كثيرا لكافة النواحي 
وهو ما ننادي به ونؤيده بشدة قبل فوات الأوان ويمكن تحقيقه داخليًا دون تدخل خارجي حيث تخرج نخب كل قطاع بحلول مستدامة حقيقية وليست ترقيعية بالية تستلزم إعادة النظر عند كل استحقاق

ثانيا: قامت الدولة اللبنانية رغم دراسة ايرفد وتحذيراتها الهامة وعن جهل او قصد باستقطاب الشباب من كل ارياف لبنان باتجاه المدن الكبرى وتغيير مسار التنمية الطبيعية الريفية نحو التمدين ومحاولة النهوض الصناعي، ولكن ذلك انتج احزمة من الفقر وبؤس حول المدن وبيوت الصفيح وآلاف من الخريجين الجامعيين الذين لم يجدوا عملا وفي احصاء عام ٢٠١٨ فلدينا ما يفوق ٣٠ الف خريج سنويا في حين لدينا ٥ الآف وظيفة متوفرة فقط في القطاعين العام والخاص والقطاع العام متخم اصلا ويمتنع التوظيف فيه منذ ٢٠١٧

وبالتالي فنحن نخرّج اجيالا من العاطلين عن العمل ينتظرون الفرص المتاحة خارج لبنان
وهذا استمر عقودا حيث نرسل افضل الادمغة إلى الخارج لعدم وجود فرص استثمارية جديدة حقيقية في لبنان 
وبالتالي فان جيش العاطلين هم وقود الاحزاب الذين يعدونهم بوظيفة وهمية لن يقدروا على حشو الموظفين  داخل الادارات 
وهذا يدفعنا باتجاه اصلاح النظام التعليمي والمهني فورا من جهة والدفع باتجاه دعم حقيقي لاسواق العمل النشطة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة

ثالثا: نص الطائف  على تحقيق اللامركزية الادارية وبالتالي تعزيز العمل البلدي
ونص قانون البلديات على امكانية انشاء مؤسسات اقتصادية للبلدية ولها كامل الصلاحيات وخاصة اذا اشركت الاغتراب بوضوح تام ودراسة ودون بيروقراطية 
لذلك يجب تعزيز الشراكة بين البلدية والشباب بدعم مشاريعهم والاستثمار فيها وان تكون صلة الوصل بين الاغتراب الذي يهدف للاستثمار المحلي وبين الشباب وتثبيتهم في مجتمعاتهم وبالتالي تعم الفائدة الجميع وذلك وفق شفافية مطلقة وتطبيق قانون الوصول للمعلومات وحق الاطلاع
وهذا ممكن تطبيقه فورًا ودون قوانين جديدة بل يلزمه مقاربات جديدة لدور البلديات واتحاداتها فقط وآن الاوان لكف يد الاحزاب عنها وعن موازناتها وعن المساعدات وتقديماتها الفارغة للمحازبين حصرا وعن طريق الاحزاب لصالح العمل التنموي الذي فصلناه آنفا ولننتقل الى العمل المؤسساتي بدل استنزاف اموال المكلفين لتبييض صفحة زعماء الاحزاب

رابعا: تعي الاحزاب وتراجع نفسها قبل انتخابات ٢٠٢٢ فليكن تنافس جميع الاحزاب باتجاه البرامج التي تضمن المستقبل والرقي والحلول المستدامة للشباب بدل الحشو الطائفي الآني البغيض الذي لا يسمن من جوع وسينتج وبالا عليها وعلى لبنان عاجلا وآجلا
أخيرا، لا يمكن الانتظار على حافة الانهيار دون مبادرات والقول ان الوضع العام لا يسمح فالتاريخ لن يرحم من يسرق الوقت لصالح العدم
مع مودتي
الدكتور زهير بشنق 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram