كتب رشيد حاطوم
في لحظة تُمسك فيها البلاد بأنفاسها بين حربٍ مُستعرة على الحدود وأزمة داخلية لا ترحم، خرج النائب سامي الجميّل بتصريح صادم يقول فيه:
"إذا ضربت إسرائيل لبنان بفتكر بعدها رح نقدر نعيش يومين متل الخلق."
كلامٌ لا يمكن وصفه إلا بأنه طعنة في صميم الوعي الوطني. فلبنان، الذي يدفن أبناءه ويُهجّر عائلاته تحت القصف، لا يحتاج إلى من يقدّم الضربة الإسرائيلية كفرصة للعيش “متل الخلق”، بل إلى من يرفع الصوت دفاعاً عنه، مهما كانت الخلافات السياسية قاسية ومتشعّبة.
إنّ الحدّ الأدنى من المسؤولية يفترض أن يتذكّر كل نائب أن موقعه ليس منبراً للتذاكي ولا للمراهنات السوداء، بل مساحة للدفاع عن بلدٍ جريحٍ لا يحتمل لغة المباهلة ولا التلاعب بمعاناة الناس. فالقذائف التي تسقط على الجنوب والبقاع لا تفرّق بين معارض وموالٍ، ولا تسأل عن لون سياسي أو حساب حزبي.
التصريح ليس سقطة لغوية، بل سقوط في ميزان الوطنية. لبنان لا يُرهن لعدوّ كي “نعيش يومين”، ولا يُقاس أمنه بنبرة تهكّم، ولا تُبنى الدولة على التعاطي مع العدوان كفرصة سياسية.
في لحظاتٍ كهذه، يصبح الفرق واضحاً بين من يخاف على الوطن ومن يخاف من الوطن. والأكيد أنّ الشعب يعرف جيداً كيف يُسقط التصريحات الفارغة… ويحفظ فقط من وقف معه عندما كان الخطر حقيقياً.
وفي النهاية، يبقى لبنان محمولاً على أكتاف أولئك الذين لم يترددوا لحظة في الدفاع عنه. شهداؤه الذين سقطوا على الحدود وفي القرى المحترقة، لم يسألوا عن حزبٍ ولا عن طائفة ولا عن مكسبٍ سياسي. سقطوا لأنهم آمنوا بأنّ هذا الوطن يستحق الحياة، وأنّ كرامته ليست مجالاً للمساومة ولا ورقةً في بازار التصريحات العابثة. دماؤهم ليست تفصيلاً عابراً، بل البوصلة الوحيدة التي تُذكّر كل مسؤول بأن الوطن لا يُبنى بالتهكّم… بل بالتضحية، وبمن قدّموا أرواحهم ليبقى لبنان واقفاً مهما اشتدّ العصف.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :