اجتمع التغيّر المناخي والعدوان الإسرائيلي، على إلحاق نكبة بموسم الزيتون هذا العام، خصوصاً في قرى حاصبيا ومرجعيون وبنت جبيل في محافظة النبطية، بعد أن كانت من أهمّ مصادر الإنتاج على مستوى لبنان.
في بلدة مارون الرأس، لم يحتج الأهالي لأكثر من يوم واحد لتفقّد ما تبقّى من أشجار الزيتون، ضمن المهلة التي منحها الجيش اللبناني واليونيفيل، لقطاف الكروم القريبة من الحدود. ورغم أنّ المهلة كانت كافية للقطاف بسبب قلّة الثمار، إلا أنها لم تكفِ لأعمال التشحيل ورشّ المبيدات.
مصدر في وزارة الزراعة، أشار إلى أنّ التغيّر المناخي يأتي في المرتبة الأولى، كسبب لتراجع إنتاج الزيت والزيتون، يليه العدوان الإسرائيلي، الذي أحرق الأشجار أو جرفها أو اقتلعها. وتشير أرقام الوزارة، إلى تراجع كبير في نسب الإنتاج بين الموسم الحالي والمواسم السابقة، فقد كان المعدّل العام يصل إلى 77 ألف تنكة زيت، وتجاوز أحياناً 100 ألف تنكة، موزّعة بين بلدات حاصبيا (35 ألف تنكة)، وبلدات مرجعيون (17 ألف تنكة)، وبلدات بنت جبيل (10 آلاف تنكة)، بينما كانت بلدات قضاء النبطية، تنتج نحو 15 ألف تنكة.
بلغ إنتاج الزيت هذاا لموسم نحو 20٪ من الإنتاج العام المعتاد
بعد العدوان الأخير، بلغ الإنتاج لهذا الموسم كنِسب أوّلية نحو 20٪ من الإنتاج العام، إذ انخفض من 77 ألف تنكة إلى 14 ألفاً و500 تنكة، وقد يرتفع إلى 17 ألفاً، عندما تُنجز بلدات حاصبيا القطاف. وكانت البلدات الحدودية في قضاء مرجعيون، الأكثر تضرّراً، من الخيام إلى كفركلا والعديسة وحولا وميس الجبل وبليدا، حيث بلغ إنتاج القضاء كلّه بين 3 إلى 5 آلاف تنكة. أمّا إنتاج قضاء بنت جبيل، فانخفض إلى ألفَي تنكة، فيما بلغ إنتاج بلدات قضاء النبطية، بين 2500 و3500 تنكة. أمّا إنتاج قضاء حاصبيا، فلا يزال مفتوحاً، إذ لم تُنجز بعض بلداته المرتفعة القطاف بعد، ومن المرجّح أن يبلغ بين 7 و10 آلاف تنكة.
تراجع الإنتاج انعكس مباشرة على أسعار الزيت، فقد كان أعلى سعر للتنكة في السنة الماضية 120 دولاراً، إلّا أنه مع قلّة الكمّيات، قد يصل هذا الموسم إلى 180 دولاراً.
وكما هو الحال مع الزيتون، فقد تأثّر الغار أيضاً. للمرة الأولى منذ عامين، عاد أهالي عيتا الشعب، إلى ما تبقّى من أحراج الغار التي كانت تكسو معظم أنحاء البلدة. غير أنّ الموسم الثالث، على التوالي لم يُعَوِّض خسارة الموسمين السابقين.
تأثّر شجر الغار سلباً بالعدوان الإسرائيلي من جهة، وبالتغيّر المناخي من جهة أخرى، ما أدّى إلى إنتاجٍ لا يتجاوز ربع إنتاج المواسم الماضية.
على موقدٍ صغير، يغلي علي صالح، حَبّات الغار السوداء في «تنكة» صغيرة لاستخراج الزيت، هي كل ما تمكّن من جمعه هذا الموسم بعد عودته للإقامة في بلدته. في السابق، كان يُنتج برميلاً ضخماً من زيت الغار، يبيع جزءاً منه ويحوّل الجزء الآخر إلى صابون.
هذه الحرفة المتوارثة عن الأجداد شهدت انتشاراً واسعاً في السنوات الأخيرة، بعدما ارتفع ثمن منتجات الغار من زيتٍ وصابونٍ إلى أضعاف ثمن منتجات الزيتون، فتحوّل الغار إلى مصدر دخلٍ رئيسي، إلى جانب زراعة التبغ. إلا أنّ قلّة الإنتاج هذا العام أدّت إلى ارتفاع أسعاره بشكلٍ كبير.
وتتركّز المساحات الكثيفة من الغار، في أطراف عيتا الشعب، لناحية فلسطين المحتلة، من رامية في خلّة وردة، إلى الراهب والرندة، حتى نواحي رميش. وقد عزل الاحتلال الإسرائيلي تلك المناطق، مستهدفاً أي حركة فيها.
أمّا أشجار الغار، التي صمدت بين الركام ونجت من الاقتلاع والجرف والاحتراق، إلى جانب الأحراج في مناطق دبل والقوزح وحانين، فلم تكن مثمرة، نتيجة تراجع الأمطار وانعدام العناية بها لعامين متتاليين، فضلاً عن تأثير الغارات.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :