تُعتبر المحاشي من أكثر الأكلات التي تجمع حولها العائلة على مائدة مليئة بالدفء والحنين. هي ليست مجرد وجبة، بل طقس تراثي متوارث من الجدّات، يحمل في كل تفصيلة منه قصة بيت شرقي عامر بالمحبة.
تبدأ الرحلة باختيار الخضار المناسبة: الكوسا، الباذنجان، الفليفلة، ورق العنب، البطاطا، البندورة وحتى البصل أحياناً. تُغسل الخضار بعناية، ثم تُفرغ من الداخل باستخدام أداة مخصصة دون أن تُثقب الجوانب، فكل قطعة يجب أن تبقى سليمة لتحافظ على الحشوة داخلها.
في وعاء كبير، تُحضّر الحشوة التي تُعتبر سر نجاح الطبق. تتكوّن من الأرز المنقوع، واللحم المفروم، والبندورة المفرومة، والبصل الناعم، ورشة من النعناع اليابس والبهارات المشكلة، مع القرفة والفلفل الأسود، ولمسة من دبس البندورة أو معجون الطماطم الذي يمنح الطبق لوناً غنياً وطعماً متوازناً بين الحموضة والحلاوة. تُخلط المكونات جيداً حتى تتجانس، ثم تُعبأ الخضار بها برفق، دون ملئها بالكامل حتى لا يتمدد الأرز أثناء الطبخ ويفتحها.
بعد الانتهاء من الحشو، تُصفّ الخضار في قدر كبير بشكل دائري، ويمكن وضع شرائح بطاطا أو بصل في القاع حتى لا تلتصق الخضار بالطنجرة. يُسكب فوقها مزيج من عصير البندورة، والملح، والليمون، مع القليل من الزيت النباتي أو السمن، ويُغطى القدر بإحكام.
تُطهى المحاشي على نار متوسطة أولاً، ثم تُخفف الحرارة لتُترك على نار هادئة حتى تنضج تماماً، ويصبح الأرز طرياً متشبّعاً بنكهة الخضار والصوص الغني. ومع تصاعد رائحة البندورة الممزوجة بالتوابل، يبدأ الشعور بالدفء وكأن المائدة امتلأت بالعائلة قبل أن تُقدَّم.
يُقدّم الطبق ساخناً مع اللبن أو السلطة، ويمكن تزيينه بشرائح الليمون أو رشة من البقدونس الناعم. في النهاية، تبقى المحاشي أكلة لا تملّها القلوب، لأنها تجمع بين الطعم، والرائحة، والذكريات التي لا تُنسى
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي